الرئيسية / حوارات ناصرية / في ذكرى رحيل العروبة

في ذكرى رحيل العروبة

إن الخائفين لا يصنعون الحرية، والمترددون لن تقوى إيديهم المرتعشة على البناء

جمال عبد الناصر

في مثل هذا اليوم رحل عنا آخر من كان ينادي بالوحدة العربية. لنعود إلى أقليمية تُنتزع الهويةالعربية أمام مرآى العالم من كرامتها وُتختزل بقبائل ودويلات.

سقطت الشمس في بحر هائج لتسكت الكلمات، وتتعثرالخطوات نحو المجهول. هذا هو حال الواقع العربي المتردي الذي نعيشه يضيف انهزاما آخر إلى نفوسنا لنبكي أطلال طليلة وأمجاد صلاح الدين.

رحل جمال عبد الناصر، ورحلت معه أحلام الكثيرين في توحد كلمتنا بالمحافل الدولية. وفي غياب شخصية عربية مسؤولة قادرة على القرار السليم، عبد الناصر ترك فراغ وطني صادق وإرادة حرة في مواجهة جحافل الظلم والاستبداد. لم يترك إرثاً سلطوياً لأهل بيته،ولم يكنز أطيان وممتلكات يصعب على ورثته حصرها. ترك مبادىء مشى فيها على خطاه الكثير ومن جيل الشباب تحديدا رغم أنهم لم يعاصروه. إن ما تركه من إرث أعمق بكثير مما يحاول البعض النيل من منجزاته، وأثمن بكثير مما يجمعه السلطويون لعائلتهم بعد الرحيل. عمق الفكر الناصري يرجع إلى أيدولوجية وبرنامج سياسي متكامل يبني صرحاً متماسكاً ومشروعاً وطنيا يهدف إلى الوحدة، لهذا استمر الحزب الناصري ينادي بضرورة تحقيق النهج الوحدوي.


لن أرثيك ناصرنا، إنما أرثي ضعفنا وهزيمتنا أمام هذا التيار الجارف ليقتصّ من ضعفنا، وخرس جماعي بات هو السيد فينا.

أوطان تباع بالمزاد العلني، وزعامات تُشترى بدم الشعوب لتملك حق جمع النفايات في شوارعنا. فكيف لا نفتقد إلى من زرع فينا حب وطن كبير يمتد من الماء إلى الماء.

لم تكن يوما آخر الأنبياء ومعذرة شاعرنا، إنما قتلناك واغتلنا النخوة فينا.
شعوباً تفرق ولا تسد، وما أُخذ بالقوة لا ُيسترد، إنما هو تنازل أكبر بالخنوع والاستسلام لحملات الشر والطغيان.
لا نبكيك.. إنما نبكي ركبان الفضيحة في تاريخ وصلت فتوحاته إلى أقاصي الأرض، ليسود ظلام الاستسلام متذللاً تحت أقدام امبراطورية الويلات في العراق،وخنوع لأخطبوط استفحل شره بفلسطين.

لو عاصرتَ زمن الانهزامات الجماعية وانتكاسة الهمة العربية ،لما استنجدت بالنساء والأطفال. إنما وقفت جداراً يعزل زحف احتلال القرن لأرض عشتار وبلاد اللبن والعسل.

برحيله تلاشت من قاموس مفردات تحمل مبادىء طالما نادى بها وعمل على تحقيقها. وبهزال قوتنا وسقم نفوسنا نستغيث بزوغ فجر يعلن عودة إشراقة عهد لتاريخ الحرية ويروي دروب الوحدة بالعدل ومشاركة الجميع لخدمة الوطن الواحد الكبير.
سوسن البرغوتي

 

عن admin

شاهد أيضاً

في الذكرى 49 لغياب القائد المعلم جمال عبد الناصر

كتب خالد المعلم في الذكرى 49 لغياب القائد المعلم جمال عبد الناصر نستذكر إحدى أهم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *