بتاريخ :الثلاثاء 23 يوليو 2019
كتبت / غادة محمد عبد الرحمن
لقد اعتدنا ومنذ نعومة أظافرنا علي اعتبار يوم الثالث والعشرين من يوليو من كل عام يوماً للاحتفاء بالكرامة والعزة والكبرياء والعدالة والوحدة والتضامن العربي , وكأن هذا اليوم هو عيداً قومياً لكل هذه المعاني النفيسة والمبادئ القيمة , وذلك علي الرغم من كل الحملات الضارية والهادفة إلي الإساءة لثورة يوليو المجيدة وقائدها العظيم , فمنذ عام 1952م والي يومنا هذا ولم يكفوا أعداء الثورة من إقطاعيين ورأسماليين واستعماريين ومتأسلمين عن محاولاتهم المغرضة لتشويه الثورة العظيمة وإظهارها كانقلاب عسكري غاشم علي الملكية الراقية والتي كان ينعم رعاياها بالحرية والديمقراطية والحياة المرفهة , وكذلك اتهام زعيمها الخالد جمال عبد الناصر بالدكتاتورية والغطرسة ووصف تجربته العظيمة والتي شهد لها العدو قبل الصديق بالتجربة الفاشلة والتي لم تجني الشعوب منها سوي الهزائم والانهيارات , وإظهار مبادئه النبيلة والتي أفنى حياته في الدفاع عنها علي إنها مجرد شعارات هدامة ومدمرة
بهذه الأباطيل هوجمت الثورة الفريدة والتي جاءت بمبادئها الستة لتخرج الوطن من ظلمات الاحتلال والظلم والاستبداد إلي نور الحرية والعدل والمساواة , حيث نادى الأحرار بالقضاء علي كل من الاستعمار والإقطاع وإنهاء سيطرة رأس المال علي الحكم وإقامة جيش وطني قوي وكذلك إقامة عدالة اجتماعية وحياة ديمقراطية سليمة , وقد كان حيث تم تطهير الأرض من دنس احتلال غاشم دام لعشرات السنين ارتكب خلالهن أبشع الجرائم وأفظع الأفعال , وحُررت البلاد من قيود ملك فاسد ونظام مستبد عانى الشعب في ظله من مرارة الظلم والقهر , وعادت الحقوق لأصحابها والمتمثلين في الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري بعد زمن طويل من الفقر والحفاء والحرمان من ابسط مقومات الحياة بينما كانت القلة القليلة من أتباع القصر والمحسوبين عليه يسيطرون علي ثروات الوطن وخيرات البلاد ناعمين في حياة الرفاهية والثراء
وقد كان ذلك مقدمة منطقية لبناء وطن عظيم ومتكامل الأركان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية , حيث تحولت مصر وبفضل ثورة يوليو العظيمة من دولة خاضعة وتابعة للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تعاني من الضعف والفقر حيث كان اكبر مشاريعها القومية هو مكافحة الحفاء إلي دولة مستقلة ذات سيادة وقرار سياسي نابع من إرادتها الشعبية وثقل سياسي لا يستهان به دولياً , هذا بالإضافة إلي القوة الاقتصادية الملفتة حيث جعلت من السد العالي والمعروف دولياً بمشروع القرن إحدى المشروعات القومية لمصر الثورة , فقد كان الفرق شاسعاً بين ما كانت عليه أوضاع مصر قبل الثورة وما آلت إليه ذات الأوضاع في مصر الثورة , ومن ثم تتضح جلياً التغيرات الجذرية العظيمة التي أحدثتها الثورة البيضاء في البلاد خلال فترة وجيزة وما حققته من معجزة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني
هذا ولم يقف فيضان الثورة عند الحدود المصرية بل تدفقت الأمواج الثائرة لتفتح طريق الحرية أمام كل الشعوب التواقة إليها والتي ترزح تحت نيران الاحتلال والظلم والاستبداد , حيث تحولت ثورة يوليو إلي النبراس الذي يسير علي هديه الباحثين عن الحرية وأصبح زعيمها المعلم الملهم لكل ثائر نبيل , ولكل هذا ورغم كل المحاولات اليائسة للنيل من الثورة وتشويه قائدها أصبحت ثورة الثالث والعشرين من يوليو الثورة النموذج في كل زمان ومكان , وكان ومازال وسيظل زعيمها خالداً كخلود نهر النيل وشامخاً كشموخ نخل العراق وعروبياً كعروبة ارض فلسطين وصامداً كصمود مدينة دمشق
مجلة الوعي العربي