احمد علي حسن
الفرق بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي
صندوق النقد: أنشاء صندوق النقد الدولى خصيصا لسد العجز في الموازنة العامة للدول التى تعانى ميزانيتها عجزاً، وعندما يمنح الصندوق القرض لإحدى الدول فإنه يضع شروطاً إقتصادية، وعلى الدولة أن تلتزم بتلك الشروط حتى يتم منحها ذلك القرض، كما تتابع بعثات الصندوق إلتزام الدولة بتنفيذ تلك الشروط .. والفائدة على قروض صندوق النقد الدولى متدنية
البنك الدولي: أنشا البنك الدولى لمساعدة الدول النامية في تحقيق زيادة فى معدلات النمو الاقتصادي، وهو يمنح قروضه للدول المختلفة لتنفيذ مشروعات تنموية .. وهو كما صندوق النقد الدولى يتدخل فى السياسات الإقتصادية التى تطلب تلك القروض ، ويضع شروطاً إقتصادية للموافقة على تمويل أى مشروع …….. والفائدة على قروض البنك الدولى أعلى من تلك التى يمنحها صندوق النقد الدولى.
.. لم يكتسب كلا من البنك الدولى أو صندوق النقد الدولى سمعتيهما السيئة لدى الدول النامية من فراغ .. وهناك خمسة محطات رئيسية لعلاقة مصر بكلا من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى .. واحدة تخص البنك الدولى، وأربعة تخص صندوق النقد الدولى.
وتوضح تلك المحطات الخمسة الأسباب التى أدت لتلك السمعة التى تلاحق كلاً من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ليس لدى المصريون وحدهم، ولكن أيضاً لدى جماهير ومواطنين الدول النامية التى تضطر للإقتراض من أحدهما.
1955
أول علاقة مصر بالبنك الدولى كانت فى عام 1955، ففى نوفمبر عام 1955 بدأت المفاوضات المصرية مع البنك الدولى وممثلى الحكومة الامريكية والبريطانية من أجل المساهمة فى تمويل مشروع السد العالى، وأعلن البنك الدولى فى ديسمبر 1955 موافقته على تمويل مشروع السد العالى، بالإشتراك مع حكومتى إنجلترا وأمريكا، وأن البنك سيقوم بدفع نصف العملات الصعبة، بينما تقوم حكومتا لندن وواشنطن بدفع النصف الآخر.
إلا أن البنك الدولى وضع شروطاً لذلك التمويل وهى: أحقية البنك الدولى فى مراجعة ميزانية مصر، وأن تتعهد مصر بعدم إبرام أى اتفاقات مالية أو الحصول على أى قروض دون موافقة البنك الدولى، وأن تتعهد مصر بتركيز تنميتها على مشروع السد العالى فقط، وأن تقوم مصر بتخصيص ثلث دخلها لمدة عشر سنوات لهذا الغرض وحده.
وإعتبرت مصر أن تلك الشروط شروطاً مجحفة، وتدخلاً فى سياستها الإقتصادية، ورفضت مصر تلك الشروط، وتم إلغاء القرض بسبب الرفض المصرى.
وباقى القصة معروف حول لجوء مصر للمعسكر الشرقى “الإشتراكى” لتمويل مشروع السد العالى، والإستعانة بالخبرات الروسية فى عملية التنفيذ.
1977
بدأت مصر التفاوض مع الصندوق عام 1977، للحصول علي قرض بقيمة: 185.7 مليون دولار، وذلك من أجل حل مشكلة الديون الخارجية المتأخرة ووقف زيادة التضخم، وبررت الحكومة لجوئها للإجراءات الإقتصادية التى فرضها الصندوق على مصر بأنها ضرورية وحاسمة للنهوض بالاقتصاد المصري.
وتلخصت تلك الإجراءات “شروط صندوق النقد الدولى” فى زيادة أسعار بعض السلع الأساسية، وفى مقدمتها الخبز والسكر والأرز والوقود … وهى الإجراات التى أدت لإندلاع إنتفاضة يناير 1977، والتى عُرفت بإنتفاضة 18 و19 يناير، مما أدى لتراجع الرئيس: محمد أنور السادات فى تلك الإجراءات بزيادة الأسعار .. رغم أنه وجهاز الإعلام الرسمى شنوا حملة ضارية ضد تلك المظاهرات الشعبية.
1991
فى فترة حكم الرئيس: محمد حسنى مبارك، وفى خلال حكومة الدكتور: عاطف عبيد، والذي اقترض وقتها 375.2 مليون دولار، وكان أيضاً لسد العجز فى الموازنة العامة.
وتلخصت شروط صندوق النقد الدولى فى إلتزام مصر بتحرير سعر صرف العملات الأجنبية، وفى مقدمتها الدولار، وتعديل القوانين المنظمة للإقتصاد لفتح المجال أمام مشاركة أكبر واساسية للقطاع الخاص، وتقليص دور القطاع العام وتراجعه …… ويلاحظ أن عام 1991 هو العام الذى بدات فيه الإجراءات العملية لبيع وتفكيك القطاع العام.
1996
طلبت مصر الاقتراض مرة آخر من الصندوق في عام 1996، للحصول علي قرض بقيمة 434.4 مليون دولار، ولكن لم تقم بسحب قيمة القرض واعتبر لاغياً، ولكنه شكل ختم المرور للاقتصاد المصري وقتها، وسمح لمصر بإلغاء 50% من ديونها المستحقة لدي الدول الأعضاء في نادي باريس الاقتصادية، وهي مجموعة غير رسمية تضم 19 دولة من أغني دول العالم وتقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون وتخفيف عبئها علي البلدان المدينة.
…….. تقدم الدكتور كما الجنزوى “أثناء حكم مبارك” مرة ثانية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، ولكن مجلس الشعب المصرى رفض الموافقة على ذلك القرض.
…….. خلال فترة تولي الإخوان للحكم فى مصر سنة 2012، تفاوضوا للحصول علي قرض بقيمة 4.7 مليار دولار، وقد قوبل برفض شعبي للاقتراض من الصندوق، كما قام الإعلام بحملة ضارية ضد ذلك القرض ……. لاحظ أن نفس الإعلاميين سوف يرحبون بالقرض الذى سيقدمه الصندوق فى 2018، وبنفس الشروط التى كان يتم يتفاوض عليها مع حكومة الإخوان عليها !!.
2018
فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى تطلب مصر الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى وترفع القيمة التى كانت تتفاوض عليها حكومة الإخوان من 4.7 مليار دولار إلى 12 مليار دولار !! .. لنفس السبب وهو محاولة سد جزء من العجز فى الموازنة، وزيادة رصيد الإحتياطى النقدى من العملة الأجنبية.
وتلخصت شروط صندوق النقد الدولى فى إلتزام مصر بتعويم سعر صرف العملات الأجنبية، وفى مقدمتها الدولار، ورفع الدعم بشكل كامل على جميع السلع، وفى مقدمتها المواد البترولية، والخدمات كالكهرباء والغاز والمواصلات وخلافه، وتقليص الجهاز الإدارى للدولة …….. وهى الإجراءات الإقتصادية العنيفة التى أدت لزيادة نسبة التضخم، وإنكماش السوق، مع تدنى سعر صرف الجنية المصرى لأقل من 40% من قيمته قبل التعويم …… وهى الإجراءات التى تسوقها الحكومة والإعلام التابع لها بإعتبارها إصلاحاً إقتصادياً، لا كشروط فرضها ويتابع تنفيذها صندوق النقد الدولى للحصول على القرض!!.
مجلة الوعي العربي