الرئيسية / حوارات ناصرية / ذات يوم 10 مارس 1969.. مليون شخص يشيعون عبدالمنعم رياض.. وعبدالناصر: «شاركت فى الجنازة والعزاء وقت تحرير الأرض»

ذات يوم 10 مارس 1969.. مليون شخص يشيعون عبدالمنعم رياض.. وعبدالناصر: «شاركت فى الجنازة والعزاء وقت تحرير الأرض»

سعيد الشحات يكتب:الأحد، 10 مارس 2019 10:00 ص

جمال عبد الناصر وعبد المنعم رياض

عاشت مصر ليلة حزينة كئيبة بعد إذاعة نعى رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر
لقائد الجيش الفريق عبدالمنعم رياض يوم 9 مارس 1969.. يتذكر الكاتب
الصحفى محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع - الحرب المستحيلة حرب
الاستنزاف»: «فى المكاتب والبيوت، فى الأتوبيسات والشوارع، فى القرى
والمدن اهتز المصريون جميعا».

كان يوم 10 مارس، مثل هذا اليوم 1969 هو موعد الجنازة من جامع عمر مكرم
والصلاة على جثمانه فى جامع جركس، وشارك مئات الآلاف يتقدمهم عبدالناصر..
يتذكر الإعلامى والكاتب صلاح زكى أحمد فى «ناصر والفريق عبدالمنعم رياض»
على مدونته الإلكترونية «فى البلكونة»: «فى حوالى الساعة العاشرة صباحا
كنت واحدا من نحو مليون مواطن فى ميدان التحرير.. وصلت من مدينتى
«الزقازيق» عند ساعات الصباح الباكر، غير أننى لم أستطع الدخول إلى
المسجد، وأدركت من كثافة الحراسة وحشود الأمن المركزى ووجود شعراوى جمعة
وزير الداخلية القوى وسط مئات من أركان وزارته، أن الرئيس عبدالناصر
سيحضر، وعند اقتراب صلاة الظهر حدث ما كنت أتوقعه.

سارت الجنازة على وقع موسيقى عسكرية مؤثرة ومهيبة، يضفى إليها جلال
الموقف وبسالة الجنود على خط الجبهة فى منطقة القناة أبعادا إنسانية لا
يمكن وصفها ولا يدركها إلا من عايشها وكابد لحظاتها وعاش أيامها.. المشهد
الجليل كما تجسد فى تلك اللحظات النادرة بدا فى هتافات وصلت إلى عنان
السماء تعلن التصميم على خوض الحرب أيا كانت التضحيات.. ما إن تحرك
الموكب المهيب الذى لم تر عينى مثيلا له إلا عند وداع ناصر حتى ذابت
الحشود العسكرية من قوات الجيش والأمن المركزى والحرس الجمهورى بين مئات
الآلاف، فلم تعد عربة المدفع التى تحمل الجثمان الطاهر دون أى حراسة،
كذلك كان وضع الرئيس فقد ذاب وسط الجماهير.. كنت على بعد أمتار منه، وفى
مقدورى أن آراه وأحدد مشارع الحزن العميق على محياه.. كان موقفا رهيبا
ومشهدا لا يغادر مخيلتى مهما تقادم الزمن وتسارعت السنون.. رأيت يومها
عجبا.. أحاطت الجماهير بـ«ناصر» ووصلت بينه وبين الجثمان وحافظت حتى على
مقتضيات الضيافة، فقد أبقت من جاء معزيا من شخصيات عربية وأجنبية بالقرب
من الرئيس.. مشهد بلغ من العظمة ما يندر تكراره».

يذكر محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع» أنه كان فى لقاء بوزير الدفاع
السورى مصطفى طلاس بمكتبه فى دمشق، فوجد صورة رياض فى برواز على مكتبه،
وسأله عن السبب، فأجاب: «هناك سببان، أحدهما موضوعى والآخر شخصى، أما
الموضوعى فهو أن استشهاد رياض لم يكن واقعة مصرية، هو واقعة عربية، ففى
حالة البلبلة والانهزامية واليأس التى حاولت إسرائيل فرضها علينا بعد
1967 كان رياض شعاعا مضيئا فى الظلام، هذا عسكرى محترف، ومتبحر فى العلم
العسكرى، يتابع القتال من الخندق الأمامى وهو يعرف مسبقا أنه فى بؤرة
الخطر، أقصى درجات الخطر.. مثل هذا السلوك لا يفعله إلا شخص مؤمن بجنوده
وضباطه، مؤمن بجيشه، ببلده، بعروبته وبأن إرادة النصر يجب أن تبدأ من
الرأس».

يضيف طلاس: «أما السبب الشخصى، فهو أننى شاركت فى الجنازة.. وصلت إلى
القاهرة متوقعا أن تكون جنازة عسكرية تقليدية أعود بعدها فى المساء إلى
دمشق.. فى القاهرة وجدت أن الرئيس عبدالناصر قرر أن تصبح جنازة عسكرية
وشعبية معا، أنه هو نفسه فى المقدمة، ومع أننى عشت فى القاهرة من قبل إلا
أننى فى ذلك اليوم فوجئت بأن شوارع القاهرة وميادينها اتسعت فجأة لكى تضم
مئات الآلاف من المصريين خرجوا بعفوية يشاركون فى الجنازة.. فى إحدى
النقاط ذاب عبدالناصر من بيننا وسط الناس وهم جميعا يتدفقون إليه، كل
واحد حريص على الاقتراب منه ليقول له: البقية فى حياتك يا ريس، ولا يهمك
يا ريس، الثأر يا ريس، معاك ثلاثين مليون عبدالمنعم رياض يا ريس «إشارة
إلى عدد سكان مصر وقتئذ».. تطلعت حولى فوجدت أن طاقم الحراسة الخاص
بالرئيس عبدالناصر ذاب هو الآخر وسط الناس، تطلعت من جديد فوجدت رؤساء
أركان حرب القادمين من الدول العربية للمشاركة تحولوا إلى مواطنين يغمرهم
الانفعال.. مددت كلتا يدى يمينا وشمالا لهم، فلتتشابك أيدينا معا لتصبح
طاقم حراسة للرئيس، نحيط بالرئيس، نحمى الرئيس.

فى المساء ذهبنا إلى الرئيس نستأذنه فى العودة إلى بلادنا، لأقول له:
سيادة الرئيس.. هذا التفاعل الذى شاهدناه اليوم من الشعب المصرى هو أكبر
عزاء لك فى استشهاد رياض، قاطعنى قائلا: لا يا طلاس، أنا ذهبت إلى
الجنازة لمشاركة الناس وليس لتقبل العزاء فى رياض، العزاء الوحيد عندى
وعند رياض وعند كل العسكريين المصريين هو تحرير الأرض، كل الأرض، لا
أتكلم هنا عن سيناء فأمرها محسوم، أتكلم عن القدس قبل الجولان، هى القدس
يا طلاس، قالها بوجه من الجرانيت وعينين من النيران».

عن admin

شاهد أيضاً

ثورة جمال عبد الناصر الثانية..بقلم: د. هدى جمال عبد الناصر

مما لاشك فيه أن نجاح مؤامرة انفصال سوريا عن مصر فى 28 سبتمبر 1961، كان …

تعليق واحد

  1. فؤاد نجيب يوسف

    ماذا كانت أهمية عبد المنعم رياض لمصر ولعبد الناصر
    كان عبد الناصر لا يعتمد على محد فوزي وزير الحربية الذي كان رئيس الأركان أثناء المعركة وهو المسئول الأول عن النكسة!!! كان محمد فوزي مفروض على عبد الناصر من الروس !!! لذلك وضع عبد الناصر له عبد المنعم رياض الرجل العسكري الأمين والوطني الأصيل المخلص الذي كان عمليا يلغى فوزي وآثاره الضارة !!! قتل عبد المنعم رياض بدانة واحدة أطلقت من القوات الإسرائيلية عبر القنال حيث لم يصاب ولا واحد من الخبراء الروس ولا العسكريين المصريين المفروض انهم كانوا حوله ساعة إطلاق الدانة، وذلك لأسباب مجهولة … ولذلك كان هناك اشتباه في أن دانة المدفعية كانت بتدبير مشترك مع الروس للتخلص من الرجل الذي واقف على قلب محمد فوزي عميلهم الأول؛
    بعد عبد المنعم رياض مر الجيش بل مصر كلها بمرحلة غاية في القاسوة تعتبر أسوء ما مرت به مصر خلال ست سنوات الحرب منذ عام 1967 … ظلت القوات المسلحة بلا قيادة حقيقية حتى شهر سبتمبر حين اكتشف عبد الناصر البطل محمد أحمد صادق الرجل الذي قاد العمل كرئيس للأركان بدلا من عبد المنعم رياض، ثم تحمل المسئولية كلها إلى أن تحقق النصر بالأسلوب الذي رسمه عبد الناصر عام 1973 …صحيح عزله السادات في عام 1972 وتوقع عليه السجن ثم توقف التنفيذ …. ورغم ذلك فمعركة 1973 كانت من تخطيط عبد الناصر مع عبد المنعم رياض الخطة التي أكملها الفريق صادق مع القيادات العسكرية موضع ثقة عبد الناصر في ذلك الوقت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *