سليمان بسطاوى سليمان - حوار:يحيى تادرس
قمت بالتسجيل مع عدد من طباخى وسفرجية الملكين فاروق وفؤاد إلى جانب مكوجى الملكة نازلى واكتشفت العالم الآخر السحرى للأمراء والنبلاء ـ وتابع المشاهدون تلك الحلقات بشغف فمن منا عمل وعايش وتحدث ورأى كل هؤلاء ولكن بقى سؤال: وماذا عن عبدالناصر؟ لابد أن هناك من اقترب منه وعايشه ولا أقصد السياسيين المهمين أو كُتاب المذكرات «وما أكثرها» ولكن البسطاء.. وعثرت على طباخ عبدالناصر.
بالطبع لم يكن حوارنا عن صينية البطاطس أو الحمام المحشى ولكن عن انطباعاته ورؤيته الخاصة البسيطة عن لحظات لا تنسى فى حياة الزعيم.
وكم كان الرجل وهو يحكى فخورا غاية الفخر وهو يستعرض ذكرياته وصوره التى تجمعهما.
كان يرافقه فى معظم سفرياته ويشاهد الملوك والرؤساء الذين نجحوا فى تغيير بعض مشاهد التاريخ.
كان ثائرا حين ذكرنا له بعض ما يردده أعداء المرحلة الناصرية وكاد يفسد التسجيل.
إن عبدالناصر بالنسبة له هو البطل والجبل والشهامة والرجولة التامة.
فإن كنت تنوى أن تصاب فى مقتل فاقترب منه وانتقد، وبالطبع لم يعد له خطورة فقد توفى منذ عامين.
من زاوية شديدة الاقتراب وربما الحميمية يتحدث طباخ عبدالناصر.. من النوبة يجيء بعد التعلية الثانية لخزان أسوان يعمل ـ كما يقول ـ فى طفولته أعمالا شاقة بعد أن لم يكمل دراسته بالكّتاب «يتركه بعد سبع سنوات عجاف» ويجيء إلى مصر «حلم كل أبناء الجنوب فمصر بالنسبة لهم هى العمل والأمل، وفى ذهنه كان يفكر كأمل غامض أن يلتحق بالعمل فى السراى الملكية.
حاشية لابد منها:
إن مجرد وجود قريب أو بلديات بالقصر فهذا يعنى فرصة أوفرصاً لأقاربه ثم بلدياته.
وفى إبهار قصر عابدين الفسيح ـوفى مطابخ لا تشهد ـ هذا إذا سمح لك بالدخول ـ سوى الوجوه السمراء ـ ولن تسمع الحديث بالرطان (لهجة حامية تتأثر باليونانية والقبطية والعربية).
وذات مناسبة ربما عيد جلوس أو ميلاد كانوا.. يحتاجون إلى مساعدى سفرجية (مرمطونات على ما أعتقد) مؤقتين ويرشحه (رئيس سفرجية الملك) وهو منصب لو تعلمون غاية فى الأهمية والخطورة لأنه يشهد الملك فى وجباته وربما أيضا يتبادل الأحاديث عن الشوربة أو الحمام أو حتى الحلوى، وربما عن أحوال الرعية (كانت الرعية تعانى من الفقر والجهل والمرض) وماذا تتذكر عن الملك؟
فى الليل ـ خصوصا فى رمضان ـ كان يجيء الشعب وكان يفتح أبواب القصر لأبناء عابدين ويقدم لهم صوانى مليئة بالشربات (الأحمر من فضلك) والحلويات الشرقية ثم الشيكولاتة أو الملبس).
وكان السفرجية يرتدون القفاطين الملونة»
هل حضرت مناسبات مهمة
الفرح بتاع الملكة فريدة وموسيقى (الجيش والبوليس..)
ـ وإيه تاني
ـ فى عيد العمال كان بيعمل إفطار كبير لهم
ـ كانت الناس بتحبه
ـ فى الأول كانت الناس بتحبه وكان ليه ألقاب كتير:
ـ ملك الصعيد
والعامل الأول والفلاح الأول
ـ وطبعا كنت بتنزل م السراية وتشوف أحوال الناس/ الرعية
كان لم السبارس منتشراً فى القاهرة وفى الصعيد الجوانى كان صيد العقارب.
{ نوصل بقى للزعيم عبدالناصر؟
}} لو تسمح لى يا هانم (سامية الأتربي)
أحب أقول جمال ولا عبدالناصر بس من غير ألقاب.
عمرك شفتى لقب بيوصف بنى آدم؟
{ طيب إزاى وصلت لعبدالناصر؟
{ فى الأول كانوا كلهم فى منشية البكري
}} كلهم مين؟
{ مجلس قيادة الثورة
}} فاكرهم
{ عبدالحكيم عامر وحسن إبراهيم وحسين الشافعى وصلاح وجمال سالم وخالد محيى الدين وكمال الدين حسين دول اللى فاكرهم ومجلس قيادة الثورة اتنقل بعد كده للزمالك.
الناس كانت مرحبة بالثورة
}} طبعا وكانت بتهتف من قلبها والثورة وأنا قالولى ما تمشيش عايزينك.
(عايزيني) أنا مين عشان يعوزني.
المهم رحت معاه منشية البكري
متهيأ لى نبتدى الكلام عن عبدالناصر
كان له هيبة ونظرة عين ترعب وتخوف أى حد وأى ملك أو زعيم ييجيى من بره كان يخاف من نظرته.
كان طيب مع أولاده.
ومع كل الناس لكن كان بيعبد ولاده يلعب معاهم يصورهم بكاميرا سينما صغيرة.
{ كان بيلاقى وقت فاضى لده كله؟
}} بيدبر لهم وقت فاضي
{ وغير ولاده
}} كان فيه مكتب لجوابات الناس العادية وكان بيدى أوامر إن كل الجوابات بتاعة الناس الغلابة توصل له اللى محتاج معونة واللى محتاج معاش واللى له طلب. أى حد
{ صفاته؟
}}كان بيتابع أحداث العالم ويقرا الجرايد والمجلات
{ ما كانش بينام
}} تقريبا لا وكنت كل نصف ساعة أقدم له فنجان ينسون أو قرفة
{ وآكله
}} أبسط أكل ممكن تتصوريه بالليل مثلا عيش ناشف وجبنة وأحيانا فردة حمامة ولا عسل وبانيه و2 بيضة مقلي
{ ألا إنت قعدت معاه كام سنة
}} 20 سنة
{ كان بيسمع الإذاعة؟
}} كل إذاعات العالم وكان بيقابل الناس المقربين له ينقلوا له الأخبار
{ زى مين؟
}} مجلس قيادة الثورة ومصطفى وعلى أمين
{ سافرت معاه
}} يوغوسلافيا 3 مرات واليونان والسعودية
{ أيام ما تنساهاش
}} سوريا أيام الوحدة.. يااااااه لما تشوفى ولا تسمعى اللى أنا شفته وسمعته هتافات وناس تسد عين الشمس.. دول شالوه بالعربية بتاعته.
{ يوم تاني
}} أيام.. افتكر يوم السد… ياااه على ده يوم وعلى اللى حصل.. حرب وضرب وفى الأيام ما انساش خطبته فى الأزهر وعايز أقول لك حاجة لفتت نظرى فى العشرين سنة معاه ما كانش فيه حاجة اسمها مسلم ومسيحي.. كل مصرى ومليون مصري.
{ ويوم التنحي
}} قلبى وقف.. حسيت إنى مت والخطاب ده ما حصلش ولا الهزيمة حصلت لكن لما الشعب صمم أنه يرجع عشان يصلح اللى انكسر ويبنى اللى اتهد.. ساعتها حبيته أكتر لأنه اعترف وشال المسئولية كلها على دماغه.
طوال الـ 24 ساعة كان بيقابل ناس ويقرأ تقارير ويغير قيادات فى الجيش ويحط خطط.
{ ولما اتوفي؟
وهنا يبكى عم سليمان يهتز جسده ويرفع يده لعدم استكمال الحديث وينهض ويغادر المكان وهو يتمتم ما كناش مصدقين إن الجبل ده كله يقع فى لحظة زينا.
> ختام لابد منه
بعد وفاة عبدالناصر جاءته عروض كثيرة لعمل عند عدد من الملوك والرؤساء لكنه رفض حين تذكر جمال كرئيس وكشخصية لا تتكرر تربى هو عنده.
مجلة الوعي العربي