|
|
|
|
قاذفة اليوشين مصرية تقصف أهداف إسرائيلية شرق القناة خلال حرب الاستنزاف يافا - الدستور - رامي منصور
بمرور اربعة عقود على حرب الاستنزاف المصرية - الإسرائيلية ، كشف بحث جديد عن مشاركة طيارين سوفييت في مواجهات جوية مع سلاح الجو الإسرائيلي فوق صحراء سيناء ، وعن تواجد وحدات سوفياتية كاملة فوق الأراضي المصرية مهدت لنجاح الجيش المصري في عبور قناة السويس في حرب العام 1973 تحت حماية المضادات السوفياتية. ففي بحث صدر في كتاب “عملية القوقاز” للأكاديمي من جامعة “هارفارد” الأميركية ، ديما أدمسكي ، اعتمد فيه على الأرشيف الإسرائيلي والسوفياتي ، كشف النقاب عن تمكن الجيش الإسرائيلي من إسقاط 5 طائرات سوفياتية قادها طيارون روس في كمين جوي ، بعدما تمكنت الإستخبارات الإسرائيلية من إكتشاف مشاركة فاعلة للطيارين الروس في الحرب. ونقل موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني أمس عن الباحث أدمسكي قوله إن “قوات الجيش السوفياتي أرسلت إلى مصر بدون علاقة بحرب الإستنزاف ، وإنما في إطار الصراع بين القطبين (الأميركي والسوفياتي) ، فقد أراد الاتحاد السوفياتي إقامة قواعد عسكرية لتمكنه من نشر دائم لوحدات عسكرية من سلاح الجو في مقابل قوات الأسطول السادس الأميركي في الشرق الأوسط”. عتبة منزل عبد الناصر ويكشف الأرشيف الإسرائيلي حسب أدمسكي أن القيادة الإسرائيلية أرادت أن تصل بالمعارك إلى “عتبة باب منزل عبد الناصر” ، في إشارة إلى عملية قامت بها القوات الخاصة الاسرائيلية في عمق الأراضي المصرية يوم 22 يناير - كانون الثاني 1970 عندما أحتلت القوات الخاصة جزيرة شدوان المصرية ليومين ، فيما قام سلاح الجو الإسرائيلي بضرب قواعد عسكرية وجوية مصرية في عمق الأراضي المصرية على مقربة من القاهرة ، دون مقاومة جوية ، هدفت لزرع الخوف بين المصريين وتهديد القيادة المصرية. وذكر التقرير في موقع “يديعوت” إن نائب رئيسة الحكومة حينذاك ، يغئال ألون ، أراد من العمليات الجوية في عمق الأراضي المصرية إيصال الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى مرحلة “يقلق فيها على منصبه ويوقف الاستنزاف ، لأننا لسنا مهيئين للإستنزاف” ، حسب تعبر ألون. ويضيف التقرير أن الهجمات الجوية الإسرائيلية لم تكن الدافع الوحيد والرئيس لطلب مصر مساعدة السوفييت ، بل ساهمت في تعجيلها. فحسب التأريخ الإسرائيلي للحرب الذي نشر أمس فإن أحد الأسباب الرئيسة كان شعور عبد الناصر بأن بقاءه في منصبه بات مهددا لذلك حذر السوفييت إنه في حال عدم الإستجاب لمطالبه وتوفير “جدار واق” من سلاح الجو الإسرائيلي فسيضطر للإستقالة وتسليم الحكم لرئيس مؤيد لأميركا. وحسب الباحث أدمسكي فإن الحقيقة تختلف عن التأريخ الإسرائيلي لمجريات الحرب ، فقد توصل في بحثه إلى أن المساعدات العسكرية من الاتحاد السوفياتي لمصر أقرت قبل تلك الهجمات الجوية بنصف عام ، وكان الدافع لها إعادة الهيبة لمصر في أعقاب “النكسة” في العام 1967 ، على إعتبار أن مصر حليفة إستراتيجية للإتحاد السوفياتي ، إضافة إلى الرغبة السوفياتية بالمحافظة على الأهداف الإستراتيجية في مصر ، والإعتقاد السوفياتي بأن تواجد قواته في الأراضي المصرية سيؤدي إلى “فتور في القتال”. عملية القوقاز ويضيف أدمسكي ، أن الاتحاد السوفياتي قرر تطوير نظام الدفاع الجوي المصري في عملية سرية شملت تزويد مصر بنظام دفاع جوي جديد مكون من بطاريات صواريخ من نوع SA3 لمواجهة الطلعات الجوية الاسرائيلية على مستوى منخفض وتشغليه مباشرة من قبل خبراء روس. وأردف أدمسكي أن السوفييت أطلقوا على العملية إسم “عملية القوقاز” التي غيرت قواعد الحرب بنظره ، إذ أن الصواريخ الروسية المذكورة كانت حديثة جداً لم تملكها حتى جيوش حلف وارسو. وقال أدمسكي إن وضع المضادات الجوية كان بمثابة التغيير الإستراتيجي ليجد سلاح الجو الإسرائيلي نفسه للمرة الأولى في مواجهة مضادات سوفياتية حديثة وخبراء روس تمكنوا من إصابة الطائرات الإسرائيلية ، فيما استبعدت التقديرات في القيادة الإسرائيلية وجود نظام دفاع سوفياتي مستقل عن الجيش المصري ويشغله جنود وخبراء روس. وحسب أدمسكي كان يوم 18 أبريل - نيسان من العام 1970 يوماً فاجأ القيادة الإسرائيلية ، عندما تمكنت الإستخبارات الإسرائيلية من رصد اتصالات بين طيارين في طائرات “ميج” يتحدثون فيها باللغة الروسية. كما رصدت الإستخبارات الإسرائيلية محاولات نقل مضادات أرض - جو صوب قناة السويس. ويؤكد أدمسكي أن تلك المضادات أستطاعت إسقاط طائرات إسرائيلية من نوع “فانتوم” وهو ما أدخل القيادة الإسرائيلية في محنة ، حسب التقرير ، ووضعها في مواجهة قوات دولة عظمى مثل الإتحاد السوفياتي. ويقتبس أدمسكي تصريحات لرئيسة الوزراء الاسرائيلي انذاك ، غولدا مائير ، خلال محادثة مع كبار الضباط في الجيش الاسرائيلي حول إمكان إسقاط الطائرات السوفياتية وما هو الرد السوفياتي المتوقع ، وقالت: “لنفترض أنه في مواجهة بين طائرات ميج 21 مع طيار روسي وبيننا تمكنا من إيقاع الطيار الروسي ، فلن أكون مسرورة في ذلك اليوم ، إنه الإتحاد السوفياتي ، إنه غوي (غير يهودي) كبير. أنا لا أخاف بشكل فلسفي أو نفسي من غير اليهود ، لكنه غوي كبير ، فهو ليس مصر أو سوريا. لن أكون مسرورة في اليوم الذي سنسقط فيه الروسي”. مواجهة مع السوفييت على الرغم من مخاوفها ، اتخذت القيادة الاسرائيلية قراراً “دراماتيكيا” وهو “مواجهة الدب الروسي” ، وحسب أدمسكي تقرر الشروع الفوري بتنفيذ كمين جوي للطائرات السوفياتية. ويروي أدمسكي أن “رئيس هيئة الأركان حاييم بارليف وصف المنطق وراء القرار بأنه تصعيد من أجل خفض التصعيد ، فقد أعتقد أنه في حال عدم التصعيد أمام السوفييت فإنهم سيستمرون في دحرجة نظام الصواريخ قدماً حتى نفقد القدرة على وقفهم”. وفي مواجهة جوية يوم 30 يوليو - تموز من العام نفسه بمشاركة كبار “أبطال إسقاط الطائرات” في سلاح الجو الإسرائيلي توزعوا على 8 طائرات “ميراج” وأربع طائرات “فانتوم” في عملية سميّت بـ”ريمون “20 (رمان )20 ، تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من إسقاط 5 طائرات سوفياتية ، كانت بمثابة ضربة للهيبة السوفياتية ، إلا أن السوفييت قرروا عدم الرد تحسباً لتدخل الولايات المتحدة في المعركة. وعلى الرغم من نجاح العملية الإسرائيلية ، إستمر السوفييت في محاولات دفع المضادات الجوية نحو قناة السويس وتمكنوا من إسقاط طائرات إسرائيلية تعرضت لهم ، وفقدت إسرائيل في تلك المواجهات “أفضل طياريها” ، كما جاء في التقرير. ويشير أدمسكي أن السوفييت ومصر أجروا “مناورة إستخبارية ناجحة” مكنتهم من وضع المضادات على خط القناة ليتمكن الجيش المصري في معركة مقبلة من عبور القناة تحت حماية المضادات. وحسب أدمسكي كانت المناورة الناجحة بقيادة سوفياتية وهي بمثابة الإنجاز الكبير الذي سيؤثر لاحقاً على حرب العام 1973 عندما تمكن الجيش المصري من عبور القناة بصورة مفاجأة بحماية المضادات السوفياتية المتطورة. |
الرئيسية / تقارير وملفات / خمسة عقود على حرب الاستنزاف : الاسرائيليون أرادوا نقل الحرب الى عتبة بيت جمال عبدالناصر والسوفييت زودوا المصريين بنظام دفاع جوي فاجأ الاسرائيليين
مجلة الوعي العربي