الرئيسية / أخــبار / دراسة من 40 جزء : الجنرال السيسى .. وسرقة القرن -بقلم / عبد الخالق فاروق

دراسة من 40 جزء : الجنرال السيسى .. وسرقة القرن -بقلم / عبد الخالق فاروق

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
العاصمة الإدارية نموذجا (1-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**”.
تمتلك الجيوش عادة مساحات واسعة من أراضى الدولة – أى دولة – لأغراض الدفاع عن الأمن القومى وحماية الحدود الجيو- سياسية لها ، وتتفاوت هذه المساحات من دولة إلى أخرى ، وفقا لعدة أعتبارات منها حجم وطبيعة التهديدات وإتجاهاتها ، وكذا مصادر الخطر المختلفة ، ، بالإضافة بالطبع إلى عوامل أخرى مثل حجم هذا الجيش من حيث عدده وتشكيلاته ، وطبيعة تسليحه ومعداته ، وكذلك حجم مساحة الدولة نفسها .
وتحتاج الجيوش الكبيرة إلى مساحات أكبر ، لأغراض مثل تنوع وتعدد مخازن الأسلحة ، ومراكز التدريب ، ومقرات القيادة والسيطرة ، ومناطق تعسكر القوات ، ومناطق المناورات والرماية ، وغيرها من الأغراض .
وتبلغ مساحة مصر السياسية والجغرافية حوالى مليون كيلو متر مربع ، أى ما يعادل تريليون متر مربع ، وهى بلا شك مساحة هائلة ، متنوعة التضاريس ، وإن كان يغلب عليها الأراضى الصحرواية المنبسطة والمكشوفة . ومن الناحية النظرية والعملية – وليس الدستورية والقانونية - يمتلك الجيش المصرى واقعيا حوالى 90% إلى 95% من أراضى مصر المترامية الأطراف ، تحت ذريعة ” الأمن القومى ” و” أحتياجات الدفاع عن البلاد ” .
والحقيقة أنه إذا حاولنا تتبع مسار العلاقة بين الجيش المصرى بكل هيئاته وفروعه ، وأراضى الدولة نجدها قد مرت بمرحلتين مختلفتين ومتمايزتين :
الأولى : هى الفترة التى تمتد منذ نشأة هذا الجيش فى عهد محمد على باشا (1805 – 1841) ثم أمتدت حتى حرب أكتوبر عام 1973 ، وقد تميزت بالسيطرة الرمزية لهذا الجيش عل أراضى مصر ، مدفوعا بأعتبارات دفاعية غالبا ، وباستثناء الجفالك والإقطاعيات التى كان يمنحها محمد على باشا ومن بعده أحفاده لبعض الأشخاص والأمراء كمقابل لخدماتهم وولائهم للخديوى ، فلم تكن هناك دوافع تجارية بالمعنى المتعارف عليه حاليا .
الثانية : تلك التى بدأت بعد عام 1974 وإنتهاج رئيس الدولة أنور السادات ما أطلق عليه ” سياسة الانفتاح الاقتصادى ” فأنطلقت وزحفت كل ثعابين ووحوش الكون من جحورها لنهم كل ما تصله أنيابها ومخابلها وأسنانها من ثروات مصر ومقدراتها ، وفى هذا الطوفان أنجرف الجيش كمؤسسة وجنرالات وقادة ليحصلوا بدورهم على حصتهم من الغنيمة والثروة ، وهنا يمكننا أن نميز بين فترتين مختلفتين من حيث النوع ومن حيث الكمية ، الأولى التى أمتدت من عام 1974 حتى العام 2013 ، والثانية التى أنطلقت بعد تولى الجنرال عبد الفتاح السيسى وشلته الحكم بعد إنقلاب يونيو عام 2013 .حيث أنفتحت الشهية لعمليات نهب منظمة ، وإستنزاف غير مسبوق ، وفساد لم تشهد مصر له مثيلا من قبل .
****.
ومنذ أن تولى الجنرال عبد الفتاح السيسى منصب رئيس الجمهورية فى يونيه عام 2014 ، بعد أنتفاضة الثلاثين من يونيه عام 2013 ، وخلع الرئيس الأخوانى ( محمد مرسى ) ، قام الجنرال السيسى بإصدار مجموعة كبيرة جدا من التشريعات والقوانين ، بعد أن جمع فى يديه سلطتى التنفيذ والتشريع ، فى غياب مجلس النواب ، الذى نص عليه الدستور الجديد لمصر الصادر عام 2014 .
وكان من أبرز قرارات وإجراءات الرئيس الجديد ، ثلاثة هى :
الأول : إصدار قرارات بإنشاء عدد من الحسابات والصناديق الخاصة ، بالمخالفة للمطالب الشعبية التى رافقت ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، التى طالبت بتصفية هذه الظاهرة المالية الشاذة ، والتى شكلت أحد ركائز دولة الفساد الممنهج والمقنن طوال الأربعة عقود السابقة ، وكان من أبرز هذه الصناديق والحسابات الخاصة صندوق ” تحيا مصر ” ، الذى تجمع فيه عشرات المليارات من الجنيهات فى صورة تبرعات من الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الإعتباريين ، وبعض الرسوم والجبايات التى تجمع من المصريين فى صور شتى ، وذلك خارج نطاق المالية العامة ، وخارج نطاق الرقابة المالية والشعبية ، سواء من حيث حجم الأموال التى جرى جمعها ، أو أوجه التصرف فيها ، بما يمثل إستمرارا للسياسات الضارة والفاسدة التى ظلت السمة المميزة للعقود الأربعة السابقة على ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، حيث تركزت عشرات المليارات من الجنيهات ومن العملات الأجنبية الأخرى ، لدى عدد كبير من الصناديق التابعة لبعض وزارات القوى فى النظام السياسى والإدارى المصرى ( الدفاع – الداخلية – الخارجية –رئاسة الجمهورية – هيئة المجتمعات العمرانية – وزارة الإسكان – هيئة التنمية الزراعية .. إلخ ) .
الثانى : إصدار قرارات ومراسيم بقوانين تجاوز عددها أربعمائة قرار بقانون ، خلال الفترة الممتدة من يونيه 2014 حتى مارس 2016 ، التى جمع فيها بين سلطتى التنفيذ والتشريع وقبل أنتخاب وإنعقاد أولى إجتماعات المجلس النيابى الجديد فى مارس عام 2016 . وقد شملت هذه القوانين كافة جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والإدارية ، مثل قوانين الاستثمار ، وقوانين الخدمة المدنية ، وقوانين المناقصات والمزايدات الذى جرت عليه ثمانى تعديلات منذ أصداره عام 1989 بهدف تسهيل عمليات الإسناد بالأمر المباشر منها القوانين ( أرقام (5) لسنة 2005 ، و (148) لسنة 2006 ، و( 191) لسنة 2008 و (14) لسنة 2009) ، ثم القرار الجمهورى بالقانون رقم ( 82) لسنة 2013 ، والقرار الجمهورى بالقانون رقم (48) لسنة 2014 ) ، وقانون التصالح مع رموز وقيادات نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، وغيرها من القوانين . كما كان من بينها القرار الجمهورى بقانون رقم (57) لسنة 2016 ، والصادر فى 8 فبراير ، أى قبل إنعقاد أولى جلسات مجلس النواب الجديد بأقل من شهر واحد ..!!!
( أنظر الجدول المرفق بالمقال )


الثالث : التركيز والتوسع فى الإستيلاء على أراضى الدولة ، وتحويل جزء كبير من الأراضى المخصصة لأغراض الدفاع ، إلى مشروعات استثمارية وعقارية ، دون أن تستفيد منها الخزانة العامة للدولة ، وضمها إلى شركات تشرف عليها وتديرها جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، أو شركات خاصة تابعة للجيش .وكان من اللافت للنظر ، كثرة القرارات الجمهورية ، والقرارات التنفيذية المتعلقة بإستخدامات هذه الأراضى ، وخصوصا تلك التى كانت فى حوذة القوات المسلحة لأغراض الدفاع ، ثم أخلتها الوحدات العسكرية ، فأنتفى عنها الغرض العسكرى والأمنى ، وتحولت فجاءة إلى مجالات للاستثمار والربح لصالح المؤسسة العسكرية وجنرالاتها ، بدلا من أن تكون مصدرا للثروة والقيمة المضافة للمجتمع وللخزانة العامة للدولة ، تغطى جانبا كبيرا من أحتياجات الشعب فى التعليم والصحة وغيرها من الحاجات الأساسية .وزاد عليها نزع ملكية أراضى وعقارات وجزر نيلية وبحرية وضمها للقوات المسلحة ، وقد أصبح من الصعب حصر عدد هذه القرارات التى أصدرها الجنرال السيسى منذ أن تولى الحكم بسبب كثرتها طوال السنوات الثمانى الماضية من حكمه ( يونيه 2014- يونيه 2022 ) ، ولكننا سوف نعرض بعضا منها على سبيل الاستئأنس بها ، والتعرف على إتجاهاتها من النفع العام إلى النفع الخاص .

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن .. الاستيلاء على أراضي الدولة (٢-١٠ )
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
. وفقا لتقدر البنك الدولى فأن 90% إلى 95% من مساحة أراضى مصر مملوكة لوزارة الدفاع .وقد بدأ الزحف العسكرى على الأراضى كثروة وليس كإستخدام عسكرى فقط على النحو التالى : 1-صدر القرار الجمهورى بقانون رقم (38) لسنة 1977 الذى يقضى بوجوب حصول الوكالات السياحية الحصول على تصريح من وزارة الدفاع للعمل فى المناطق الحدودية والسواحل . 2-ثم القرار الجمهورى بقانون رقم (143) لسنة 1981 بشأن إنشاء هيئة التعمير والتنمية الزراعية ، وقد وسع من صلاحيات وزارة الدفاع ليشمل جميع الأراضى الصحراوية والتى تكاد تشمل 90% إلى 95% من مساحة مصر . 3-وبعده القرار الجمهورى بقانون رقم (531) لسنة 1981 بإنشاء جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة بشأن التصرف فى الأراضى والعقارات التى تخليها القوات المسلحة وتخصيص عائدها من أجل إنشاء مدن ومناطق عسكرية بديلة ، وقعه الرئيس السادات قبل مقتله بأسبوع واحد (29/9/1981). 4-فى عام 1988 جرى توسيع السلطة العسكرية على أراضى الدولة رسميا بإصدار رئاسة مجلس الوزراء مرسوما يلزم الوزارات المختلفة بالحصول على تصريح من وزارة الدفاع للعمل فى المناطق التى تعتبر ذات أهمية عسكرية ( قرار رقم 933 لسنة 1983) . 5-ثم صدر القانون رقم (7) لسنة 1991 بشأن أملاك الدولة الخاصة أكد على هذه الصلاحية للجيش . 6-القانون رقم (5) لسنة 1996 الذى منح صلاحيات للرئيس مبارك – وأى رئيس – فى التحكم بالأراضى وصلاحيته فى منحها للمستثمرين مجانا ، أو مقابل إيجار رمزى ( وهذه غالبا التى بمقتضاها منح مبارك ومن بعده السيسى أراضى لملوك وأمراء ومشايخ خليجيين لأراضى فى مناطق استراتيجية مثل حاكم البحرين وأولاد الشيخ زايد ورأس الحكمة وربما راس جميلة لاحقا) . . 7-ثم صدر القرار الجمهورى رقم (244) لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون السابق ومنح الجيش صلاحيات أوسع (10/5/1990) . 8- القرار الجمهورى بقانون رقم (152) لسنة 2001 الذى يحدد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية فى المناطق الصحراوية ، ومنها توسعت سلطة الجيش على أراضى مصر كلها وأصبح الجيش صاحب الولاية القانونية على أراضى الدولة كلها وكان هذا بمثابة تفاحة أدم أو ثغرة أبليس لكل التصرفات اللاحقة في نهب أراضي الدولة المصرية . 9-وبعدها القرار الجمهورى رقم (153) لسنة 2001 بإنشاء المركز الوطنى لتخطيط إستخدامات أراضى الدولة . 10-قرار جمهورى رقم (44) لسنة 2014 صادر فى 29/11/2014 بتحديد منطقة شاسعة جنوب حلايب وشلاتين كمنطقة عسكرية ( من أجل البحث عن الذهب والمعادن الثمينة ) . ثم بدأت مرحلة جديدة وخطيرة أصبح فيها نهب المال العام المتمثل فى أراضى الدولة سمة مميزة لفترة حكم الجنرال عبد الفتاح السيسى كما نظهرها كالتالى : 11-بعدها صدر القرار الجمهورى بقانون رقم (198) لسنة 2014 بضم شركة الوادى الجديد للموارد المعدنية والطفلة الزيتية ( واديكو ) التى للجيش حصة معتبرة فيها ، كما فيها حصص لصالح شركة جنوب الوادى القابضة للبترول ( 65% ) وبتروجيت (25% ) وشركة النيل لتسويق البترول (5% ) وهيئة النيل للثروة المعدنية المصرية والشركات الثلاثة لها صلات وثيقة بالجيش إلى كونسرتيوم تجارى يقوم بتصدير المعادن من منطقة شلاتين فى جنوب مصر(50). 12- القرار الجمهورى بقانون رقم (444) لسنة 2014 بشأن تطوير المناجم بمعرفة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية (51) . 13-القرار الجمهورى بقانون رقم (446) لسنة 2015 الصادر فى نوفمبر بتعديل اختصاصات جهازمشروعات أراضى القوات المسلحة المنشىء بالقرار الجمهورى بقانون رقم (531) لسنة 1981 ، من إستخدام أصولها كحصة من رأس المال فى تكوين مشاريع مشتركة مع شركات محلية وأجنبية ( وهكذا تمكنوا من إنشاء الشركة اللقيطة المسمى شركة العاصمة الإدارية عام 2016 بالقرار الجمهورى بقانون رقم (57) لسنة 2016 فى فبراير). 14-بتاريخ 8 فبراير عام 2016 أصدر الجنرال السيسى قرارا جمهوريا رقم (57) لسنة 2016 بتخصيص مساحة 166645 فدانا ( ما يعادل 700 مليون متر مربع ) لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وهيئة أراضى القوات المسلحة ، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لبناء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد السكنى . .
15-القرار الجمهورى رقم (233) لسنة 2016 بتحديد (21) طريقا قوميا بأعتبارها مناطق إستراتيجية ذات أهمية عسكرية ، ومنح الجيش وهيئاته الحق الحصرى فى الإمتياز التجارى على طول هذه الطرق وبعمق أثنان كيلو متر .
16- فى يوليو عام 2016 صدر قرار جمهورى بتشكيل لجنة برئاسة المهندس إبراهيم محلب لحصر أملاك الأوقاف وبحث سبل إستغلالها اقتصاديا ( جريدة الشروق بتاريخ 14/7/2016) ، وكذلك جرى إبرام بروتوكول تعاون بين وزارة الأوقاف ووزارة الانتاج الحربى فى يونيو 2018 لمساعدتها على تنمية استثماراتها وأصولها ورفع كفاءتها وتدريب موظفيها .
17- بتاريخ 15/6/2016 أصدر الجنرال السيسى القرار الجمهورى رقم (272) بالموافقة على تخصيص قطعة أرض من أراضى الدولة مساحتها ( 1284638 ) متر مربع بالعين السخنة لصالح الجيش بمحافظة السويس .
18-بتاريخ 15/6/2016 أصدر الجنرال السيسى قرارا بالموافقة على إعادة تخصيص مساحة 3.17 كيلو متر مربع نقلا من أراضى مملوكة للقوات المسلحة وأراضى وزارة الإسكان والمرافق لصالح وزارة الدفاع .
19-بتاريخ 15/6/2016 صدر القرار الجمهورى رقم (234) بإعادة تخصيص مساحة (244 فدانا ) من أراضى الدولة بأول طريق القاهرة – الفيوم الصحراوى لإستخدامها كمعسكرات للأمن المركزى التابع لوزارة الداخلية .
20-فى أغسطس 2016 صدر قرار جمهورى بتخصيص مساحة 107.55 فدانا ( ما يعادل 451710 متر مربع )غرب بورسعيد لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة .
21- وفى عام 2016 منح ملك البحرين حمد آل خليفة قطعة أرض بمنطقة شرم الشيخ ومعاملته معاملة المصريين فى التملك .
22- بتاريخ 12/7/ 2016أصدر الجنرال السيسى القرار الجمهورى رقم (313) ، بتخصيص مساحة 6174.17 فدانا ( أى ما يعادل 25.9 مليون متر مربع ) لصالح القوات المسلحة .
23- فى أغسطس عام 2016 صدر قرار جمهورى بإقتطاع مساحات شاسعة من العين السخنة من أجل إستخدامها كمزارع سمكية .
24-القرار الجمهورى بقانون رقم (77) لسنة 2017 بتحويل 60 ألف فدان من الأراضى الصالحة للزراعة فى الحزام الأخضر بمدينة السادس من أكتوبر إلى مدينة الشيخ محمد بن زايد ، وتحويلها إلى منتجعات سكنية وعقارية عالية القيمة فى المناطق المجاورة لمحور روض الفرج الذى يربط وسط القاهرة بالضواحى النائية والطرق السريعة.
25-القرار الجمهورى بقانون رقم (101) لسنة 2017 الصادر فى 21 فبراير بتخصيص 14 ألف و596 فدانا غرب وصلة الضبعة فى محيط مجمع الضبعة النووى على الساحل الشمالى( ما يعادل 61.3 مليون متر مربع ) لصالح القوات المسلحة.
.
26-بتاريخ 2/3/2017 صدر القرار الجمهورى رقم (85) لسنة 2017 بالموافقة على تخصيص 1351 فدانا ( ما يعادل 5.7 مليون متر مربع ) شرق النيل لصالح القوات المسلحة لمشروعات الاستصلاح السمكى .
27-ثم صدر القرار الجمهورى رقم (86) لسنة 2017 بتخصيص (1141254 ) فدانا من أراضى شرق العوينات لصالح القوات المسلحة .
28-بتاريخ 27/7/2017 صدر القرار الجمهورى بإعادة تخصيص 360 فدانا بمحافظة مرسى مطروح لصالح القوات المسلحة .
29-فى أغسطس عام 2017 أصدر القرار الجمهورى بتخصيص ثلاث قطع أرض لأمير الكويت مساحتها 164 فدانا ومعاملته معاملة المصريين فى التملك .
30-وأصدر قرارا بتخصيص قطعتى أرض لمواطن سعودى يسمى ( محمود محمد بن ناصر الصالح ) بمحافظة الجيزة ومعاملته معاملة المصريين فى التملك .
31- القرار الجمهورى رقم (378) لسنة 2019 ، والقرار الجمهورى رقم (380) لسنة 2019 بإعادة تخصيص 47 جزيرة من الأراضي المملوكة للدولة والتابعة لمحافظة البحر الأحمر، لصالح القوات المسلحة كأراضٍ استراتيجية ذات أهمية عسكرية. ونصت المادة الثانية منه على إيداع نسخة من القرار بمأمورية الشهر العقاري المختص بحوافظ بالأبعاد والمساحات للجزر)53).
32- وبتاريخ 13/9/2020 أصدر القرار الجمهورى رقم (548) حيث نص القرار فى مادته الأولى على ( إزالة صفة النفع العام على مساحة 116.9 فدان ( تعادل 491254 متر مربع الكائنة ناحية محافظة الأسكندرية ) ، وفى المادة الثانية نص على ( تخصص قطعة الأرض المبينة فى المادة الأولى لصالح القوات المسلحة ) ، وفى المادة الثالثة نص على أن ( يودع هذا القرار فى مكتب الشهر العقارى المختص بغير رسوم ويترتب على هذا الإيداع آثار الشهر القانونية ) . ( أنظر الوثيقة رقم … ) ، بما يكشف عن مقدار الجشع والنهم الذى يتحلى به القائمون على إدارة موارد الدولة – وخصوصا الأراضى والعقارات – وهكذا وبجرة قلم وضع الجيش ورئيس الجمهورية الحالى يده بهذا القرار على حوالى نصف مليون متر مربع ، من أجل إستخدامها فى أغراض خاصة واستثمارية لقيادات هذه المؤسسة ودون أن تستفيد الخزانة العامة للدولة جنيها واحدا ..!!؟
.
33- وإستمرت سياسة الجنرال السيسى فى نهب الأراضى ووضع اليد على مئات قطع الأراضى الهامة ، والعقارات التاريخية ، والجزر النيلية التى تلمظ عليها منذ سنوات ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 كبار رجال الأعمال المصريين والإماراتيين والخلايجة مثل جزيرة القرصاية وجزيرة الوراق ، وجزيرة دهب وعشرات غيرها .
34- وفي عام 2021 صدر عدة قرارات جمهورية متعلقة بالأراضي ، أما بإعادة تخصيص أراضي أو بنزع صفة النفع العام عن بعض الأراضي أو بغيرها من التصرفات ، ونقدم هنا بعض تلك القرارات .القرار الجمهوري رقم (528 ) لسنة 2021 بإزالة صفة النفع العام على بعض قطع الأراضى في بعض المحافظات . والقرار الجمهوري رقم (529) لسنة 2021 بإعادة تخصيص مساحة 100.5 فدانا تقريبا ناحية الساحل الشمالي الغربي بمحافظة مرسى مطروح . والقرار الجمهوري رقم (530) لسنة 2021 بإعادة تخصيص قطعتي أرض من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة بمنطقتي رابعة وبئر العبد ، والقرار الجمهوري رقم (531) لسنة 2021 بتخصيص مساحة من الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة بمحافظتي السويس والإسماعيلية . والقرارالجمهوري رقم (532) لسنة 2021 بتخصيص مساحة من الأرض المملوكة للدولة ملكية حاصة ناحية أدفو بمحافظة أسوان لإستخدامها لإقامة مسجد . والقرار الجمهوري رقم (533) لسنة 2021 بتعديل المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم (466) لسنة 2020 .
وقد زاد الطين بله ، أنه وتحت ضغط الشيخ محمد بن زايد فى أثناء زيارته للجنرال السيسى فى شرم الشيخ والاجتماع مع رئيس وزراء إسرائيل ” بينت ” ، فى مارس عام 2022 ، وافق الجنرال السيسى على التفريط فى أحد أسس السياسة المصرية فى حماية أراضى سيناء ، فأصدر القرار الجمهورى رقم ( 128) لسنة 2022 ، بإستثناء مدينة شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي بمحافظة جنـوب سيناء، مـن الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، الصادر بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012.والذى كان يحظر تملك الأجانب لأراضى فى سيناء ، فما هو مضمون وأحكام هذا القرار الجمهوري الجديد ؟ .
.
*

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
قرار جمهوري يفتح باب جهنم على سيناء وأراضي مصر (3-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
. جاءت مواد القرار الجمهورى رقم ( 128) لسنة 2022 ، القاضي بإستثناء مدينة شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي بمحافظة جنـوب سيناء، مـن الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، - الصادر بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012- والذى كان يحظر تملك الأجانب لأراضى فى سيناء ، المنشور فى الجريدة الرسمية علي النحو التالي: )المادة الأولى( : تستثنى مدينتا شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي بمحافظة جنـوب سيناء، طبقا للوحات المساحية وكشوف الإحـداثيات المرافقـة لهـذا القـرار، مـن الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء المشار إليه، مـع الالتزام بالأحكام الواردة بهذا القرار. (المادة الثانية( : يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية في المناطق الخاضعة لأحكـام هـذا القرار للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية وللأشخاص الاعتباريـة المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين. ومع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة، يكون التصرف من قبل جهـات الولايـة في الأراضي أو العقارات المبنية المملوكة للدولة ملكية خاصة بالمناطق المشار إليهـا للأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، بنظام حق الانتفاع بحيث لا يزيد إجمالي مدة حق الانتفاع على 75 سنة، مع أحقية المتصرف إليه في تملك المنشآت التـي يقيمهـا على الأرض المنتفع بها طوال مدة الانتفاع، ويجوز التصرف بـالبيع فـي المنـشأت المبنية دون الأراضي المقامة عليها، وذلك كله وفقا للعقود النموذجية المؤمنة المرافقة لهذا القرار. وفي جميع الأحوال لا يجوز تملك أو تخصيص الأراضي أو العقارات أو الوحدات بغرض الإقامة أو منح حق الانتفاع أو إجراء أي تصرفات بها عقاريـة أو عينيـة سـواء للمصريين أو الأجانب إلا بعد الحصول على موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة دون غيرها، ويقع باطلاً بطلانا مطلقا أي عقد يبرم على خـلاف ذلـك ولكـل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها. *.
)المادة الثالثة( : تستمر جهات الولاية في النظر في طلبات التملك أو الانتفاع لواضعى اليد قبـل تاريخ العمل بأحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيـرة سـيناء المـشار إليـه، للأراضي التي قاموا بالبناء عليها أو استصلاحها واستزراعها، بعد موافقـة وزارتـي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة والجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، وذلـك وفق أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 48 لسنة 2017 المشار إليه.
)المادة الرابعة( : يجب أن يتخذ مشروع الاستثمار أو التنمية لغير المـصريين، فـي المنـاطق الخاضعة لأحكام هذا القرار، شكل شركة مساهمة مصرية.
ولا ينفذ في مواجهة الكافة أي تغيير في أسماء المؤسسين أو نسب الشركاء أو حصصهم أو تعديل بعض مواد العقود أو النظام الأساسي أو شكل الـشركات أو طـرح الأوراق المالية والاكتتاب العام والخاص إلا بعد الحصول على موافقات وزارة الدفاع ، ووزارة الداخلية والمخابرات العامة ، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، أو الهيئة العامـة للرقابة المالية بحسب الأحوال.
ويخضع تداول الأوراق المالية المقيدة بالبورصة للشركات المشار إليها بهذه المادة لأحكام قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية المشار إليهما.
(المادة الخامسة) : يُحيل الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء كافة الطلبات المتعلقة بالأراضـي والعقارات والمشروعات والشركات في نطاق المناطق الخاضعة لأحكام هـذا القـرار بحالتها إلى محافظة جنوب سيناء أو جهات الولاية أو الاختصاص أو الهيئـة العامـة للاستثمار والمناطق الحرة أو الهيئة العامة للرقابة المالية بحسب الأحوال وتتولى جهات الولاية الإشراف ومتابعة الالتزام بالأحكام المنصوص عليها بهذا القرار بالتنسيق مع الجهات المعنية المشار إليها.
وتخضع لأحكام هذا القرار الشركات التي يقتـصر ممارسـتها لنـشاطها فـى شبه جزيرة سيناء على المناطق الخاضعة لأحكام هذا القرار، شريطة تعديل أنظمتهـا الأساسية أو عقود تأسيسها وفقا للقوانين المنظمة لذلك، بعد موافقة وزارتـى الـدفاع الداخلية والمخابرات العامة دون غيرها.
)المادة السادسة( : يلغي قرار رئيس الجمهورية رقم 28 لسنة 2021 المشار إليه، كما يلغى كـل حكم يخالف أحكام هذا القرار.
)المادة السابعة) : ينشر هذا القرار ومذكرته الإيضاحية واللوحات المساحية وكشوف الإحـداثيات وأنماط العقود النموذجية المرافقة له في الجريدة الرسمية، ويعمل بـه اعتبـارا مـن تاريخ 1/4/2022 .


38- في ظل ظروف الحرب والإبادة التي تمارسها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة منذ الثامن من أكتوبر / تشرين أول 2023 ، وفي ظل التصريحات المعلنة من كبار المسئولين في الحكومة العنصرية النازية في الكيان الإسرائيلي بدءا من رئيس الوزراء ” بنيامين نتنياهو ” مرورا ببعض وزرائه العنصريين (وزير ما يسمى الأمن القومي ، ووزير المالية بن غافير وسموتريش ) ، وكبار القادة والجنرالات بضرورة تهجير سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أما إلى سيناء المصرية ، أو ما أسموه التهجير الطوعي للدول الأوربية التي تشاركهم هذه الرؤية مثل كندا وأستراليا والولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية . فوجىء المصريون بإصدار الجنرال عبد الفتاح السيسي - حاكم مصر بالإغتصاب والسطو – بالإستيلاء على أراضي جديدة في صحراء سيناء لصالح شركة (جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة ) ، وفقا للقرارين الجمهوريين رقمي ( 457) لسنة 2023 و(458) لسنة 2023 في منطقتي ” رابعة ” في وسط سيناء ، و” بئر العبد في شمال سيناء بمساحة إجمالية قدرها (87361.49 فدانا ) أي ما يعادل 366.9 مليون متر مربع .تحت مسمى ( أغراض الاستصلاح والإستزراع ) ، وطبقا للقانون رقم (7) لسنة 1991 بشأن أملاك الدولة الخاصة الذي يسمح بالتصرف بالبيع والشراء والتأجير لهذه الممتلكات . ( راجع الجريدة الرسمية ، السنة 66 ، العدد (41 مكرر ه ) بتاريخ 18/10/2023 ) .
وتتوزيع هذه المساحات على النحو التالي :
1-مساحة (10539.99 فدانا ) أي ما يعادل 44.2 مليون متر مربع .
2-مساحة (15526.57 فدانا ) أي ما يعادل 65.2 مليون متر مربع .
3-مساحة (5678.44 فدانا ) أي ما يعادل 23.9 مليون متر مربع .
4-مساحة (33867.27 فدانا ) أي ما يعادل 142.2 مليون متر مربع .
5-مساحة (3763.39 فدانا ) أي ما يعادل 15.8 مليون متر مربع .
6-مساحة (11330.74 فدانا ) أي ما يعادل 47.6 مليون متر مربع .
7-مساحة ( 6655.09 فدانا ) أي ما يعادل 28.0 مليون متر مربع .
وذلك نقلا من الأراضي المخصصة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب القرار الجمهوري رقم (341) لسنة 2014 . كما ألغى القرار الجمهوري رقم (530) لسنة 2021 .الذي كان قد تضمن إعادة تخصيص قطعتي أرض من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة بمنطقتي رابعة وبئر العبد .
يودع هذا القرار في مكتب الشهر العقاري المختص بدون رسوم ويترتب على ذلك الإيداع آثار الشهر القانونية .


وهكذا فتح الجنرال عبد الفتاح السيسي ورئيس وزرائه الباب على مصراعية ليس فقط للسمسار الإماراتى والخليجى فى شراء أراضى حيوية فى سيناء خصوصا في مدينتي شرم الشيخ ودهب بل أنه كان يمهد بهذا القرار الجمهوري لعمليات البيع اللاحقة لمنطقة ” راس جميلة ” البالغ مساحتها 860 الف فدان ( ما يعادل 3612 مليون متر مربع ) ما يعادل 6.1% من مساحة أرض سيناء ، وبها ثاني أطول شاطىء في المنطقة بعد خليج نعمة . ويكفيه أن يصدر قرار جمهوري جديد بضم هذه الأرض إلى القوات المسلحة تماما كما فعل في أرض ” راس الحكمة ” بالقرار الجمهوري رقم (55) لسنة 2023 تمهيدا لبيعها لمستثمر اماراتي . وبهذا يستخدم الجنرال عبد الفتاح السيسي ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي القوات المسلحة كغطاء ومحلل لعمليات استيلاد وبيع لأراضي الدولة الحيوية للمستثمرين الأجانب ، بالنظر لإعتقاده بصعوبة تصدي سكان وشعب مصر للمؤسسة العسكرية التي يزج بأسمها في أبشع عمليات بيع وتصرف في أراضي مصر .
والخطير في الأمر أن هؤلاء السماسرة الخليجيين وخصوصا الإماراتيين والبحرنيين وبحكم تحالفهم وتعاونهم الخطير مع إسرائيل من ناحية والحركة الصهيونية العالمية قد يلجأوا في مرحلة لاحقة إلى إعادة بيعها لأطراف قد يكونوا إسرائيليين متجنسين بجنسيات أوروبية أو أمريكية ، أو غيرها ، ومن شأن تدخل السلطات المصرية بمنع مثل تلك الصفقات على أراضى سيناء ، أو راس الحكمة أن تجد مصر نفسها محكومة بأحكام ومنازعات تحكيم دولية فوق طاقة مصر وقدرتها المالية ، كما حدث من قبل فى قضية ” جورج سياج ” الشهيرة التى كلفت الخزانة العامة المصرية تعويضا بعشرات الملايين من الدولارات .
ومثلما تنازل الرجل عام 2016 عن الجزيرتين الاستراتيجيتين المصريتين فى البحر الأحمر وهما تيران وصنافير فكل الأحتمالات قائمة بشأن بيع بعض تلك الجزر إلى سماسرة إماراتيين وسعوديين وخلايجة . كما جرى في بيع أراضي راس الحكمة بالساحل الشمالي عام 2024 ومساحتها 170.6 مليون متر مربع لشركة أماراتية .
وكما يجري الأن التمهيد لبيع منطقة ( راس جميلة ) لمستثمرين سعوديين في المنطقة الاستراتيجية في شرم الشيخ البالغ مساحتها 860 الف فدان ( ما يعادل 3612 مليون متر مربع ) ما يعادل 6.1% من مساحة أرض سيناء ) ، وبها ثاني أطول شاطىء في المنطقة بعد خليج نعمة .

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
الإستيلاء على الجزر والعقارات الحكومية وخطورة إستخدام الجيش كمحلل ( 4-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
.
-وفى يناير عام 2022 توغل الجنرال السيسى أكثر فأصدر القرار الجمهورى رقم (18) لسنة 2022، بالموافقة على تخصيص عدد 36 جزيرة نيلية، بالإضافة إلى جزيرة بحرية واحدة على ساحل البحر المتوسط لصالح القوات المسلحة.وينص القرار على أن يودع نصه وحوافظه بالأبعاد والمساحات التفصيلية لتلك الجزر بمكتب الشهر العقارى المختص بغير رسوم، ويترتب على هذا الإيداع آثار الشهر القانونية.

  • واستند القرار إلى قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، والقانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الاراضى الصحراوية، والقانون رقم 102 لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية، والقانون رقم 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة.
    كما استند القرار إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1383 لسنة 2005 بشأن حماية نهر النيل وشواطئه، وصدر استنادا إلى موافقة مجلس الوزراء، وبناء على ما عرضه المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة .
    وتبين من الأوراق المرفقة بالقرار أن وزير الري بتوجيهات من الجنرال السيسي قد أعد مشروعا لنقل تبعية العديد من الجزر إلى القوات المسلحة حماية لها من مختلف التهديدات ا
    وهذه الجزر التى كانت محلا لمعارك شعبية واسعة قبل ثورة يناير عام 2011 ، ضد محاولات وضع الدولة يدها عليها وطرد سكانها تمهيدا لتحويلها إلى منتجعات فاخرة وملاعب جولف لكبار رجال المال والأعمال المصريين والعرب والأجانب ، هى :
    ١- القرصاية- ٢- منيل شيحة -٣- المعصرة -٤- البدرشين -٥- الطرفاية - ٦- المسطحات - ٧- المرازيق ٨- الشوبك الشرقي - ٩- الودي -١٠- البرغوثي -١١- الشيخ أبو زيد - ١٢- أبو داؤود-١٣- الطرافة ١ -١٤- الطرافة ٢ - ١٥- أبو صالح - ١٦- صراوة - ١٧- سيالة شارونة -١٨- الشيخ فضل -١٩- كدوان -٢٠- زاوية سلطان البحرية -٢١- السرو خور زعفران -٢٢- الشيخ تمي - ٢٣- السايح -٢٤- هلال الكاب -٢٥- سقوا -٢٦- منيحة - ٢٧- العرب -٢٨- الرقبة بللولة -٢٩- أم شلباية -٣٠- المصادفة -٣١- المندرة ١-٣٢- نجع الدير 33- العبساوية شرق -٣٤- نجع شرف ٣ - ٣٥- هدار رشيد ١ -٣٦- هدار رشيد ٢ -٣٧- جزيرة غيرة بالبحر المتوسط مواجهة لشركة الأمل بمطروح .
    **.
    وفى يناير عام 2022 أيضا أصدر السيسى خمسة قرارات أضافية نشرتها الجريدة الرسمية لضم أراضى تابعة لبعض المحافظات إلى زمام املاك القوات المسلحة وهى : القرار رقم( 15 ) لسنة 2022 بتخصيص مساحة 3778 فدانا من الأراضي المملوكة ملكية خاصة بمنطقة بحيرة قارون بمحافظة الفيوم لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لاستخدامها لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لاستخدامها في إقامة مجمع لاستخراج وإنتاج الأملاح، والقرار رقم( 16 ) لسنة 2022 بتخصيص قطعة أرض بمساحة 10500 متر مربع لصالح القوات المسلحة ، والقرار رقم( 20 ) لسنة 2022 بإزالة صفة النفع العام لقطعتي الأرض المبينتين فيما بعد بمحافظة كفر الشيخ لصالح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.والقرار ( رقم 19 ) لسنة 2022 بإعادة تخصيص المساحات المبنية فيما بعد ناحية محافظة البحر الأحمر من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لصالح الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى لاستخدامها فى إقامة محطات خدمة وتموين سيارات وفقا للقوانين والقواعد الحكومية.والقرار رقم (17 ) لسنة 2022 بإنهاء تخصيص قطعة الأرض البالغة مساحتها 2.35 فدان تقريبا تعادل 9906 مترا مربعا الكائنة بناحية دار السلام بقسم المعادى بمحافظة القاهرة لتكون ضمن الأملاك الخاصة بالقوات المسلحة .
    *. وإستمرارا لنفس النهج أصدر رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى القرار رقم( 1125 ) لسنة 2022، بنزع ملكية العقار رقم 21 شارع إبراهيم اللقاني بمصر الجديدة في محافظة القاهرة ( المعروف بعمارة جروبى ) ، واعتباره من أعمال المنفعة العامة.ونص القرار في مادته الثانية على: «يستولى بطريق التنفيذ المباشر على كامل أرض ومباني العقار».وهو من العقارات المميزة تاريخيا وأثريا . وبرغم الهيمنة المطلقة لمؤسسة الجيش على معظم مناحى الحياة الاقتصادية فى البلاد بعد عام 2014 ، فأن الأداء السىء للقطاعات التى هيمنت عليها قيادات تلك المؤسسة قد دفع البعض إلى الصراخ علنا ، وعلى مرأى من العالم ، طالبين بتعديل هذا الوضع الشاذ . **.
    وبتاريخ 17 يناير 2024 أصدر السيسي القرار الجمهوري رقم (13) الذي يقضي بإزالة صفة النفع العام عن أملاك الدولة العامة لثلاثة عشرة مبنى وأراضي تابعة لبعض الوزارات والهيئات الموجود بمنطقة وسط القاهرة الحيوية والبالغ مساحتها الاجمالية 121008.55 متر مربع . وهى العقارات التالية :
    1-أرض ومبنى وزارة العدل والأمانة العامة لوزارة المالية ميدان لاظوغلي عابدين – محافظة القاهرة بمساحة 14648.39 متر مربع .
    2-أرض ومبنى مقر وزارة التجارة والصناعة (14) ش عبد القادر حمزة – جاردن سيتي – محافظة القاهرة بمساحة 2024.12 متر مربع .
    3-أرض ومبنى مقر وزارة الخارجية شارع 26 يوليو كورنيش النيل – ماسبيرو – محافظة القاهرة بمساحة 35542 متر مربع .
    4-أرض ومبنى الوحدات الإدارية لوزارة التنمية المحلية 2و3و5 شارع البرجاس – جاردن سيتي – محافظة القاهرة بإجمالي مساحة 1458.45 متر مربع والمنقسمة إلى 6 وحدات كالتالي :
  • وحدة بالدور الأرضي بالعقار رقم (2) بمساحة 150 متر مربع .
    -وحدة بالدور الأرضي بالعقار رقم (3) بمساحة 180 متر مربع .
    -عدد (2) وحدة بالدور الرابع بالعقار رقم (5) بمساحة 558.95 متر مربع .
    -عدد (2) وحدة بالدور الخامس بالعقار رقم (5) بمساحة 475.77 متر مربع .
    -مدخل خاص بوحدات العقار رقم (5) بمساحة 93.73 متر مربع .
    5- أرض ومبنى مقر وزارة السياحة والآثار – 3 شارع العادل أبو بكر – الزمالك بمحافظة القاهرة بمساحة 1356.6 متر مربع .
    6- أرض ومبنى مقر وزارة النقل كورنيش النيل – القصر العيني – محافظة القاهرة بمساحة 6047.25 متر مربع .
    7-أرض ومباني مقر وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الكائن 13 شارع الفلكي متفرع من شارع إسماعيل اباظة – قسم السيدة زينب محافظة القاهرة بمساحة 20991.55 متر مربع .
    8-أرض ومباني مقر وزارة الانتاج الحربي والهيئة القومية للانتاج الحربي شاملا مبنى مقر مديرية المساحة ( الهيئة المصرية العامة للمساحة ) – الكائن شارع إسماعيل اباظة – أمام ضريح سعد زغلول – شياخة خيرت قسم السيدة زينب – محافظة القاهرة بمساحة 8403.04 متر مربع .
    9-أرض ومباني مقر وزارة التموين والتجارة الداخلية – الكائن 99 شارع القصر العيني – قسم السيدة زينب -محافظة القاهرة بمساحة 10575.86 متر مربع .
    10-أرض ومباني مقر وزارة الصحة والسكان – الكائن شارع مجلس الشعب أمام مجلس النواب – قسم السيدة زينب – محافظة القاهرة ، بمساحة 8649.73 متر مربع .
    11-أرض ومباني مقر وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والهيئة العامة للتخطيط العمراني – الكائن 1 شارع إسماعيل أباظة – متفرع من شارع القصر العيني – قسم السيدة زينب – محافظة القاهرة ، بمساحة 9318.99 متر مربع .
    12-أرض ومباني مقر وزارة التضامن الاجتماعي المبنى القديم – الكائن بشارع الشيخ ريحان – أمام مجلس الشيوخ ( مجلس الشورى سابقا ) عابدين – محافظة القاهرة ، بمساحة 1218.37 متر مربع .
    13-أرض ومبنى مثر مبادرة التجارة الخضراء التابع لوزارة التجارة والصناعة – الكائن بشارع القصر العيني أمام البنك الزراعي المصري – عابدين – محافظة القاهرة ، بمساحة 774.20 متر مربع .
    .
    فماذا يعني هذاه القرارات ربطا بالقرارات السابقة المتعلقة بسيناء ودور الشيخ محمد بن زايد حاكم دويلة الإمارات وحاكم البحرين حمد بن خليفة ؟
    الأول : أن نقل تبعية هذه المساحات الضخمة من أراضي سيناء من هيئة اقتصادية عامة من هيئات الدولة هي هيئة التعمير ومشروعات التنمية الزراعية إلى أحدى شركات الجيش هى خطوة أولى لها ما بعدها .
    الثانية : أن خضوع هذه الأراضي لشركة من شركات الجيش وطبقا للقانون رقم (7) لسنة 1991 الذى فتح أبواب جهنم على بيع أصول الدولة من خلال تحويلها من ملكية الدولة العامة إلى ملكية الدولة الخاصة يعني أنه من الممكن أن تقوم شركة الجيش هذه – وقد قامت بذلك بالفعل من قبل ومنها أراضي عاصمة السيسي الإدارية وتجمع الشيخ محمد بن زايد البالغ مساحتها 900 مليون متر مربع – بالتصرف بالبيع والتأجير وغيرها من التصرفات في هذه الأراضي سواء لمستثمرين خلايجة وعلى رأسهم سماسرة الإمارات والبحرين أو لمستثمرين وسماسرة أجانب ، الذين من المتصور إعادة بيعها لمستثمرين أخرين قد يكونوا أمريكيين أو إسرائيليين ذوى الجنسيات المزدوجة .
    الثالثة : أن خضوع هذه الأصول العامة والأراضي لقانون ملكية الدولة الخاصة رقم (٧) لسنة 1991 ، ووجود ما يسمى الصندوق السيادي المصري ( اللقيط ) الذى تنقل إليه معظم الأصول وممتلكات الدولة المصرية تمهيدا لبيعها وليس لأحد معقب على تصرفات الجنرال السيسي الذى يمتلك وحده تقريبا القرار الأول والأخير في عمليات التصرف في هذه الممتلكات وفقا لنص قانون هذا الصندوق ( رقم 177 لسنة 2018 المعدل بالقانون رقم ( 197) لسنة 2020 ) .
    أذن نحن بصدد الخطوة قبل الأخيرة لبيع هذه الأراضي في سيناء إلى من ؟
    لا نعرف على وجه الدقة وإن كنا نرجح أنها سوف تباع في المرحلة الأولي لسماسرة أماراتيين من أمثال ( محمد العبار ) والبحرين ، ثم في المرحلة الثانية سوف تباع إلى مستثمرين أجانب ربما منهم مزدوجي الجنسية من إسرائيليين وغير إسرائليين .
    . وفي الثالث والعشرين من فبراير / شباط عام 2024 أصدر الجنرال عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم (55) الذي يقضي بتخصيص قطعة أرض من أملاك الدولة الخاصة بمساحة 170.8 مليون متر مربع ناحية محافظة مطروح في إقامة مدينة رأس الحكمة الجديدة وذلك نقلا من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة ( لصالح دويلة الإمارات ) ( الجريدة الرسمية العدد 8 مكرر بتاريخ 23 فبراير 2024 ) . مع وجود تفكير جدي في بيع أرض ” راس الجميلة ” الاستراتيجية على الطرف الجنوبي من خليج العقبة للمملكة السعودية المقابل لجزيرتي تيران وصنافير البالغ مساحتها 860 الف فدان ( ما يعادل 3612 مليون متر مربع ) ما يعادل 6.1% من مساحة أرض سيناء . نكون بصدد جريمة وطنية كبرى لا تسقط بالتقادم . .**

الجنرال السيسي وسرقة القرن
العاصمة الإدارية .. نموذج للنهب الواسع لثروات الدولة (5-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
. وتكشف قضية العاصمة الإدارية الجديدة ، وما جرى فيها عن ذلك النمط المافيوى فى إدارة الموارد المتاحة للدولة وخصوصًا ما تعلق منها بالأراضى . فمنذ أن برز على سطح الحياة السياسية والاقتصادية فى مصر عام 2014، ما ُسمى إنشاء عاصمة إدارية جديدة، وظهور الجنرال السيسى، أمام كاميرات التليفزيون بصحبة المستثمر الإماراتى “محمد العبار” المتعاون مع إسرائيل والمتبرع لها بكميات كبيرة من الأموال ، بصحبة لفيف من الوزراء والمسئولين ، والشيخ محمد آل مكتوم رئيس وزراء دولة الإمارات وحاكم إمارة دبى، والحديث لم ينقطع يومًا حول هذا المشروع، ومدى أولوياته فى العمل التنموى المصرى، خصوصًا بعد أن أعلن على الملأ أن هذه العاصمة الجديدة سوف تتكلف مبدئيًا 45 مليار دولار (أى ما يعادل 810 مليارات جنيه مصرى وفقًا لأسعار الصرف بعد قرارات تغريق الجنيه فى الثالث من نوفمبر 2016 المعادل 16.5 جنيه في المتوسط للدولار الواحد ) ، وبحلول عام 2024 كانت تكاليف بناء وتشييد معظم مرافق ومباني هذه المدينة من أعلى برج وأكبر مسجد وأكبر كنيسة .. الخ قد قارب 1.5 إلى 2.0 تريليون جنيه مصري ، جزء كبير منها بالنقد الأجنبي وكان في هذا جزء من أزمة الدولار والعملات الأجنبية . وقد أصدر الجنرال السيسى القرار الجمهورى بقانون رقم ( 57) لسنة 2016 ، وقد تضمن القرار ثلاثة مواد فقط ، تعد من أخطر المواد الكاشفة عن جوهر وعمق الفساد الذى ترعاه السلطة الجديدة للجنرال عبد الفتاح السيسى ، حيث نصت المادة الأولى من القانون على ( إعتبار الأراضى الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس ، البالغ مساحتها 166645 فدانا شرق الطريق الدائرى الإقليمى (17571 فدانا ) غرب الطريق الدائرى الإقليمى ، والمبينة الحدود والإحداثيات بالخريطة المرفقة المخصصة لصالح جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة ، واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ، من مناطق أقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا لأحكام القانونيين رقمى (59) لسنة 1979 و (7) لسنة 1991 ) . القرار الجمهورى بقانون رقم (57) لسنة 2016 الجريدة الرسمية ، العدد (5) مكرر بتاريخ 8 فبراير 2016 كما نصت المادة الثانية من القانون على أن ( تؤسس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ، وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة شركة مساهمة مصرية تتولى تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة ، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ، وتكون قيمة الأرض المشار إليها فى المادة السابقة من حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى رأسمالها ، بعد تقدير قيمتها بالاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية) . ونصت المادة الثالثة على نشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية والعمل بمقتضاه . أي أن 700 مليون متر مربع زادت بعد ذلك إلى 966 مليون متر مربع طبقا لما ذكره اللواء خالد عباس رئيس هذه الشركة بتاريخ 28/5/2023 بقناة صدى البلد الفضائية ، قد أصبحت في حوزة هذه الشركة دون أن تسدد جنيها واحدا للخزانة العامة للدولة وللشعب المصري ، وأنما تحولت إلى غنيمة في يد هذه الشركة والقائمون عليها لا يعرف عنها أحدا شيئا من أجهزة الدولة الرقابية والمحاسبية . وكانت هذه هي الكذبة الأولى أو السقطة الأولى للجنرال والمتحلقين حوله . *.
ويومًا بعد يوم، أخذت الأصوات ترتفع، ودائرة الرفض تتسع بين المواطنين والخبراء الاقتصاديين، حول جدوى وأولوية هذا المشروع ، خصوصًا بعد أن انسحبت منه الشركات العالمية واحدة بعد الأخرى، بداية بالشركة الإماراتية ( العبار ) ومن بعدها الشركة الصينية “CSCEC”، فبدا بوضوح أن المخطط الموضوع بأن تتولى هذه الشركات العقارية الكبرى تمويل هذا المشروع، ومن خلال مبيعاتها تتحصل على تكاليفها ومصروفاتها وأرباحها لم يتحقق، وأن المشروع فى النهاية قد وقع على عاتق شركات مقاولات مصرية ، والشركة اللقيطة التي أنشأها القرار الجمهوري رقم (57) لسنة 2016 المسماه ” شركة العاصمة الإدارية الجديدة التابعة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، سوف تحصل على مستحقاتها أولاً بأول من الخزينة العامة ، أو من الحاجزين لوحداتها من الأفراد ، أو مؤسسات الأعمال بأية صورة من الصور، وهنا وقع المحظور، فاضطر كبار المسئولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية إلى التصريح عدة مرات فى الأسابيع الأخيرة من شهرى سبتمبر وأكتوبر عام 2017، بأن هذه العاصمة لا تمول من الموازنة العامة للدولة، وإنما من مصادر أخرى، فى محاولة لطمأنة الرأى العام المصرى، الذى ارتفعت أصواته مطالبة باستثمار هذه الأموال فى بناء المصانع وتشغيل المصانع المتوقفة وهكذا.
وكانت هذه هي السقطة الثانية أو الكذبة الثانية كما سوف نعرض بعد قليل


وعلينا هنا أن نلاحظ الحقائق التالية :
أولا : أن مساحة الأرض المخصصة للعاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى قد بلغت 166645 فدانا ، أى ما يعادل 700 مليون متر مربع زادت بعد ذلك لتصل إلى 966 مليون متر مربع بحلول عام 2022 .
ثانيا : فإذا قدرنا أن المساحة المخصصة للمبانى والمنشأت الإدارية العامة والخاصة ، والفيلات والقصور والوحدات السكنية والعقارية تعادل 10% فقط من هذه المساحة ، والباقى عبارة عن طرق وحدائق ومنافع عامة ، يكون لدينا حوالى 70.0 مليون متر مربع إلى ٩٠ مليون متر مربع . أما إذا كانت المساحة المخصصة للمبانى هى 20% ، يكون لدينا 140 مليون متر مربع إلى ١٨٠ مليون متر مربع .
ثالثا : وإذا قدرنا أن حصة الخزينة العامة للدولة من سعر بيع متر الأراضى فى العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى هو ألف جنيه فقط لا غير بأعتبارها أراضى أنتفى عنها الاستخدام العسكرى والأمنى ، يكون الحصيلة تترواح بين 70.0 مليار جنيه إلى 140 مليار جنيه في الحالة الأولى و ٩٠ مليار جنيه إلى ١٨٠ مليار جنيه في الحالة الثانية ضاعت على الخزانة العامة للدولة ، كان من الممكن أن تستخدم في سد جزء كبير من عجز الموازنة العامة للدولة وتحسين منشأت التعليم وتجهيزات المستشفيات والوحدات الصحية العامة .
رابعا : فإذا كان القرار الجمهورى المذكور قد نص على أن تكون هذه المساحات هى بمثابة حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى الشركة المساهمة ، فأن النتيجة هى أن أراضى الدولة بقيمة 280.0 مليار جنيه عبارة عن قيمة ( 70 مليون متر مربع مضروبة في سعر بيع المتر المربع خام إلى المقاولين وقدرة أربعة آلاف جنيه ) ، إلى ضعف هذا المبلغ (560.0 مليار جنيه ) في حال قيام الشركة اللقيطة ( شركة العاصمة الإدارية الجديدة ) بالبناء وبيع الوحدات السكنية لعملائها المباشرين وفقا للأسعار التي أعلنتها عام 2018 ، عن أسعار المتر المربع فى العاصمة الإدارية تتراوح بين أربعة آلاف للأرض الخام ، إلى أحدى عشرة ألف جنيه كمبانى فى صورة شقق ووحدات سكنية ، أو 28.0 ألف جنيه للمتر المربع في حال بناء قصور وفيلات فاخرة ( وفقا لأسعار عام 2018 ) .
*.
وهكذا نستطيع أن نقدر أن هذه الشركة اللقيطة قد دخلت فى رأسمالها قيمة هذه الأراضي التي لم تدفع فيها جنيها واحدا ، قد قامت بتقسيم الأراضى وبيعها ، وتحقيق إيرادات وأرباح ، ستكون من نصيب جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة وجهاز الخدمة الوطنية وشركاءه الصغار مثل هيئة المجتمعات العمرانية وهيئة تخطيط أراضي القوات المسلحة ، دون أن تدخل منه جنيها واحدا فى الخزانة العامة للدولة المصرية ، وأنما فى حسابات وصناديق هذه الجهات التابعة للقوات المسلحة ، وهذا فساد مروع وغير مسبوق .
وبهذا حرمت الخزانة العامة للدولة من حصتها كلها أو بعضها من ذلك التدفق المالي ، وأستأثرت تلك الشركة اللقيطة بهذه الأراضي (700 مليون متر زادت بعد ذلك بعدة سنوات لتقارب 966 مليون متر مربع ) ، والمقدر قيمتها بأسعار السوق المباعة إلى كبار المقاولين وشركات المقاولات ( هشام طلعت مصطفى – حسين صبور – شركة العاصمة - وعشرات غيرها ) بما يتراوح بين تريليون إلى 1.5 تريليون جنيه مصري ذهبت إلى جيوب المقاولين والمضاربين على الأراضي والعقارات والقصور والفيلات ومن بينهم هذا الشركة اللقيطة .
وبالقطع لم تقتطع حصة الحكومة من الضرائب العامة بالنظر لكون شركات ومؤسسات القوات المسلحة معفاة بالقوانين والقرارات من الضرائب والرسوم الجمركية وغيرها .
أضف إلى ذلك أن هذه الأموال الضخمة التي استثمرت في هذا المشروع وأضاعت فرصة توجيهها لصالح التنمية الجادة المخططة ، فأنها ايضا قد سحبت من الرصيد المالي المتاح لدى أبناء الطبقات العليا والمتوسطة في المجتمع في اصول عقارية بينما يوجد فائض ضخم من الشقق والعقارات أحصاها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017 بحوالي 12.5 مليون وحدة سكنية شاغرة ومغلقة ، وهو ما كان يمكن ان يوجه في مشروعات تضيف لأصول الدولة الإنتاجية بدلا من تلك التي أضاعتها سياسات الخصخصة وبيع الأصول الانتاجية والشركات طوال ثلاثين عاما سابقة .
وهذه كانت السقطة الثالثة لهذا المشروع


.

الجنرال السيسي وسرقة القرن ….وصف العاصمة
الإدارية الجديدة .. ولمن ؟ (6-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
.
يكشف المخطط المعلن عنه رسميا بالنسبة لمشروع هذه المدينة الجديدة ، عن طبيعة توجهات حكم الجنرال السيسى وتحيزاته الاجتماعية ، ونمط سياساته ، فى ظل أزمة اقتصادية خانقة ومركبة يعيشها الغالبية الساحقة من الشعب المصرى منذ أكثر من أربعين عاما أو يزيد .
فإذا أخذنا بالوصف الوارد فى الإعلانات المروجة رسميا لهذا المشروع نجد الأتى :
١) تقع العاصمة الإدارية الجديدة على حدود مدينة بدر في المنطقة الواقعة بين طريقي القاهرة السويس ، والقاهرة العين السخنة، مباشرةً بعد القاهرة الجديدة ، ومدينة المستقبل ومدينتي.
ويعتبر موقع العاصمة الادارية الجديدة من أهم ما يميزها حيث تبعد حوالي 60 كم عن العين السخنة والسويس وعن مناطق وسط القاهرة ، ويعتبر طريق السويس المؤدي إلى طريق (جندالي 2) ، هو الطريق الأساسي المؤدي إلى العاصمة الجديدة لحين الانتهاء من الطريق الأساسي ، وهو طريق محمد بن زايد .
٢) تبلغ مساحة العاصمة الإدارية الجديدة 168 ألف فدان أي ما يعادل مساحة مدينة سنغافورة ( ما يساوى 705.6 مليون متر مربع ) ، وتنقسم العاصمة الجديدة إلى عدة أحياء هى : حي حكومي، وحي دبلوماسي، وحي سكني، وحي المال والأعمال .
وتحتوي العاصمة الجديدة على حديقة مركزية كبيرة تسمى “كابيتال بارك” تبلغ مساحاتها أكثر من 1000 فدان ( أى ما يساوى 4.2 مليون متر مربع ) ، وطولها أكثر من 10 كم – أي ما يعادل مساحة الحديقة المركزية بنيويورك مرتين ونصف. وتم بناء النموذج الأول فقط على مساحة حوالى 7 أفدنة ، وتحتوى العاصمة على نهر أخضر بطول 35 كيلو متر مرتبط بجميع أحياء وجامعات المدينة ليحاكى نهر النيل بمدينة القاهرة ، ويعتبر النهر أكبر محور أخضر فى العالم كما تقول الدعاية الحكومية للمشروع ، يحتوى على حدائق مركزية وترفيهية بدخول مجانى على مساحة 5 آلاف فدان.
٣) وتضم المدينة أول مركز سيطرة وتحكم أمني وخدمات السلامة العامة عن طريق 6 آلاف كاميرا في المدينة و سيتم ربط مشروع العاصمة الجديدة بخط سكة حديد جديد مع كافة شبكات سكك الحديد في الجمهورية ، كما سيتم ربط مشروع القطار الكهربائي بمدينة العاشر من رمضان وبلبيس عن طريق القطار الكهربائي .
٤) وسوف يتم إنشاء مطار دولي بالعاصمة الإدارية على مساحة 16 كم، كما تحتوي المدينة على عدة خدمات أخرى مثل: مركز للمؤتمرات – مدينة طبية – مدينة رياضية – مدينة للمعارض.
ومن المشروعات الخدمية في العاصمة الإدارية الجديدة:
1-مسجد الفتاح العليم (هو واحد من أكبر المساجد حول العالم) ، يقع المسجد على الطريق الدائري الأوسط ويسع المسجد 17 ألف شخص ، وتبلغ المساحة الإجمالية للمسجد 106 فدان ( ما يعادل 445.2 ألف متر مربع ) ، وطوله 3150 متر، ويبلغ عدد المآذن 4 على الطراز الفاطمي بطول 95 متر (31 طابق) ، ويبلغ عدد القباب 21 قبة .
2- أول جامعة أجنبية في العاصمة الجديدة ، حيث صدر قرار جمهوري بإنشاء مؤسسة جامعية بالعاصمة الجديدة باسم “الجامعات الكندية في مصر” .وهي الفرع الدولي لجامعة جزيرة الأمير إدوارد الكندية ، وتحتوي الجامعة على عدة خدمات مثل: ملاعب لكرة القدم ، وكرة السلة والتنس على الطراز الأوروبي على مساحة 30 فدان.
وعن مستويات وأنواع العقارات بهذا المشروع فهو يضم :
أولا: الحي السكني منطقة خاصة بالفيلات وآخرى بالتاون هاوس، ومن المقرر أن يتم بهما إقامة 4000 فيلا ومنزل مقسمين على مرحلتين ، الأولى: مساحتها 10 ألاف فدان وستضم: 190 فيلا ، و71 تاون هاوس للبيع ، و الثانية: ومساحتها 15 ألف فدان وستضم 139 فيلا، 50 تاون هاوس.
ثانياً: يضم حي المال والأعمال مشروع أبراج العاصمة الجديدة الذي يضم 20 برج سكني وإداري وتجاري وخدمي ، وتضم المنطقة أعلى برج في إفريقيا بارتفاع 385 متر، وتبلغ إجمالي مساحة المشروع حوالي 195 فدان.
وتتكون كل عمارة من بدروم ودور أرضي و7 أدوار متكررة ، كل دور مساحته 580 متر، و تتراوح مساحات الوحدات من 130 متر مربع إلى 180 متر مربع، و تتميز الشقق في العاصمة بحسن التوزيع الداخلي حيث تضم كل شقة ريسيبشن، و3 غرف نوم، و2 حمام، ومطبخ، وغرفة نوم بحمام مستقل، وشرفات.
وعن أسعار هذه الشقق يبدأ سعر المتر للشقق في العاصمة الادارية الجديدة من 4500 جنيه( أى بمتوسط يترواح بين 585.0 ألف جنيه إلى 675.0 ألف جنيه ) . وقد تغيرت هذه الأسعار بعد عام من بداية تنفيذ المشروع فأصبح سعر المتر المربع مبانى يترواح بين 11.0 ألف جنيه للشقق ، و28.0 ألف جنيه للفيلات ، ومن ثم أصبج سعر الشقة الصغيرة يتجاوز المليون جنيه فأكثر ، والفيلات والقصور تتراوح بين 15.0 مليون إلى 30.0 مليون جنيه .
وقد طرحت الشركة ووزارة الإسكان في المرحلة الأولى للمشروع 3 ألاف فدان للمطورين والعقاريين والمستثمرين بعد الانتهاء من تأسيس الخدمات والمرافق الأساسية بهما، وسوف يتراوح سعر المتر في تلك الأراضي ما بين 3500 جنيه إلى 5000 جنيه.
وتتولى إدارة المشروع شركة مساهمة برأسمال يقدر ب 6 مليارات جنيه، وتتكون الشركة من مجموعة من الإدارات الأساسية هي: جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ، وهيئة المجتمعات العمرانية ، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة .
ويتكون مجلس إدارة الشركة من 13 عضو، 3 من الأعضاء من ممثلي هيئة المجتمعات العمرانية ، و5 أعضاء ممثلين للقوات المسلحة ، و5 من ذوي الخبرة في مجال العقارات ، وتشترك أربعة شركات مقاولات كبرى على تنفيذ المشروع هم :طلعت مصطفى - المقاولون العرب – أبناء علام – كونكورد – تحالف أوراسكوم إلى جانب شركة بتروجيت للمقاولات – شركة وادى النيل – تحالف مصرى أسبانى – شركة “CSCEC” الصينية وهى الشركة التى تم تصنيفها أفضل شركة بين 250 شركة مقاولات عالمية( ملحوظة : أنسحبت الشركة الصينية من المشروع ومن بعدها التحالف الإسبانى ) .
و تخطط وزراة الإسكان لإقامة 25ألف وحدة سكنية في الحي السكني.وتتراوح مساحات الوحدات السكنية في الحي السكني ما بين 100 متر مربع إلى 180 متر مربع .
.
ثالثا : أما الحي الحكومي فيتكون من 18 مبنى وزاري، ومبنى لمؤسسة الرئاسة، ومبنى البرلمان ، ومبنى لمجلس الوزراء ، وتبلغ تكلفة ترفيق أراضي الحي الحكومي والسكني 10 مليار جنيه، هذا بخلاف نفس المبنى الرئاسي زمبني لإجتماعات الحكومة فى مدينة العلمين الجارى إنشائها فى نمط من الانفاق السفيه لم ترى مصر مثيلا له ، إلا فى عهد الخديوى إسماعيل والذى أنتهى بإفلاس مصر وأحتلالها .
وقد زاد درجة الفجر والفحش والفساد حينما أعلن الجنرال السيسي وفي إجتماع عام بتاريخ 6/7/2022 على الهواء بأن شركة العاصمة الإدارية الجديدة سوف تؤجر المباني الحكومية بقيمة أربعة مليارات جنيه سنويا تسددها وزارة المالية المصرية ..!
وهنا نحن بصدد سرقة علنية ودون مواربة أو خجل لعدة أعتبارات :
الأول : أن كل هذه المباني الحكومية جهزتها وأنفقت عليها الحكومة المصرية سواء من خلال الباب السادس (الاستثمارات ) الوارد في الموازنة العامة للدولة ، أو من خلال فائض أموال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهي هيئة اقتصادية حكومية ، أو من خلال مبيعات الأراضي التي هي أراضي للدولة المغتصبة التي لم يسدد عنها جنيها واحدا للخزانة العامة .
الثاني : أن الجنرال السيسي قد قام بمصادرة المباني الحكومية الرسمية القائمة في قلب القاهرة ( المالية – الأجهزة المركزية بمدينة نصر وغيرها والمقدرة بعشرات المليارات من الجنيها ت) وصدر قرارات بتحويلها إلى زمام أملاك ما يسمى الصندوق السيادي المصري الذي يشرف عليه ويديرممتلكاته فعليا الجنرال السيسي وفقا للقانون رقم (177) لسنة 2018 والمعدل بالقانون (197) لسنة 2020 ، والذي لا معقب عليه في التصرفات بالبيع أو التأجير أو غيرها .


أذن نحن إزاء سرقة مزدوجة دون مواربة أو مدارة وهذه هي الكذبة الثالثة أو السقطة الثالثة .


شروط حجز شقق العاصمة الادارية الجديدة؟
تم طرح كراسة شروط شقق العاصمة الادارية الجديدة باستمارة بيانات فقط بدون شروط لتكون متاحة لمن يستطيع سداد ثمن الوحدة السكنية، بالإضافة إلى كل من لديه وحدات فى مشروع دار مصر أو سكن مصر، و تم تحديد أسعار المتر بأنها لن تزيد عن 9 الاف جنيه لوحدات تتراوح مساحاتها بين 120 متر و180 متر، ولكن لم يتم الإعلان عن السعر النهائى للمتر فى الوحدات السكنية من قبل لجنة التسعير فى وزارة الإسكان التى تقوم بدراسة موقف السوق بعد الارتفاعات في أسعار مواد البناء.
وتم الإعلان عن ميعاد حجز شقق العاصمة الادارية الجديدة على أن يكون في مارس 2018، وهو مقتصر على الشركات وليس الأفراد؛ حيث لا تقل المساحة المطروحة عن 20 فدان وسوف يتم نقل مقرات الوزرات الآتية إلى العاصمة الجديدة: الصحة والإسكان والتعليم العالي والتربية والتعليم والتموين والإنتاج الحربي والأوقاف والعدل، بالإضافة إلى مبنى البرلمان ومبنى مجلس الوزراء إلى جانب مبنى رئاسة الجمهورية. ومن المخطط انتقالها بدايةً من منتصف عام 2020.لكنها انتقلت فعلا بداية من مطلع عام 2024 .
والأن .. من يمول هذا المشروع ؟ وما هى مخاطره الاقتصادية ؟
.


.

الجنرال السيسي وسرقة القرن .. من يمول العاصمة الإدارية (7-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**.
بعد أن تحدث رئيس الجمهورية أمام أحد المؤتمرات الشبابية والندوات التثقيفية للقوات المسلحة الكثيرة التى يحضرها ( طوال عامى 2017 و 2018) ، وأقسم بالله ، وكررها عدة مرات بأن الموازنة العامة للدولة لا تدفع جنيها واحدا فى تمويل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة .
ثم ظهر المهندس علاء عبد العزيز نائب وزير الإسكان فى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى محمد على خير فى برنامجه (المصرى أفندى ) على شاشة فضائية ” القاهرة والناس ” يوم الأحد الموافق 22/10/2017 ، ليقول بوضوح أن تمويل العاصمة الإدارية الجديدة ليست من الموازنة العامة للدولة ، وأنما من أموال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة .
وهنا أصبح النقاش أكثر أنضباطا وإن كان جزئيا ، ويكشف ما سبق أن أكدنا عليه أكثر من مرة .. فما هى الحقيقة أذن ؟ وهل تعد أموال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من الأموال العامة ومن المصادر الحكومية أم لا ؟
**.
أولا : حقيقة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
إنشئت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا للقانون رقم (59) لسنة 1979 ، كهيئة اقتصادية عامة ، ونصت المادة (33) من قانونها على أن مصادر أيراداتها ثلاثة هى :
1-ما يخصص لها من الموازنة العامة للدولة ( وهى عدة مليارات سنوية عادة ) .
2- مصادرها الذاتية وأهمها على الإطلاق مبيعات الأراضى بعد أن أصبحت مهيمنة على معظم الأراضى الصحراوية فى البلاد عدا تلك الموضوعة تحت سيطرة القوات المسلحة والشرطة والآثار( وهى أيضا مبالغ تقدر بالمليارات سنويا ).
3- التبرعات والمنح التى تحصل عليها الهيئة
وهذه المبالغ الضخمة لا تدخل إلى الخزانة العامة ، وأنما توضع فى صناديق وحسابات خاصة يديرها الوزير المختص – وزير الإسكان – ومجلس إدارة يعينه هو وفقا لما يترأى له .وقد حرصت الهيئة منذ ذلك التاريخ ، وخصوصا بعد أن تولى منصب وزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان عام 1993 وأستمر فيه حتى أواخر عام 2005 ، على التصرف فى أموال هذه الهيئة بعيدا عن أية رقابة ، وبطريقة غير تنموية يشوبها الكثير من الشك والريبة ، ويقدر حجم الفائض المتاح لدى هذه الهيئة بثمانية مليارات من الجنيهات على الأقل في بداية
مشروع العاصمة الإدارية ، ولم تقدم أية جهة رقابية بيانات تفصيلية حول موجودات هذه الهيئة ، وقد أعلن المهندس علاء عبد العزيز نائب وزير الإسكان فى اللقاء المشار إليه أن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية تضم 485 فيلا فاخرة ، ( تتكلف فى المتوسط 1500 مليون جنيه ) أي بمتوسط تكلفة 3.2 مليون جنيه ، علاوة على مد المدينة بكافة المرافق من المياه والكهرباء والطرق وغيرها ، فمن أين يأتوا بالأموال المطلوبة ؟
ووفقا للبيان الإحصائي للهيئات الاقتصادية عن مشروع موازنة العام المالي 2022/2023 لقد بلغت مخصصات الاستثمارات لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لعام 2021/2022 مبلغ 58.0 مليار جنيه ، قفزت في العام التالي 2022/2023 إلى 102.3 مليار جنيه . معظمها إتجه إلى استكمال منشأت عاصمة السيسي الإدارية الجديدة ( ص 66) .
. ثانيا : موارد من الموازنة العامة للدولة إذا توقفنا عند الإعتمادات المالية الواردة فى الباب السادس ( الاستثمارات ) بالموازنة العامة للدولة ، نجدها قد تزايدات خلال السنوات التي أعقبت الإعلان عن العاصمة الإدارية ومشروعات السيسي من كباري وطرق ( أنظر الجدول رقم 2 المرفق ) . لقد زادت المخصصات الواردة فى الموازنة المصرية من أجل الاستثمارات من 52.8 مليار جنيه عام 2013/2014 حينما تولى الجنرال السيسى الحكم ، إلى 61.8 مليار جنيه فى العام التالى 2014/2015 ، ثم إلى 69.3 مليار عام 2015/2016 ، ثم إلى 109.1 مليار جنيه فى عام 2016/2017 ، ثم إلى 109.7 مليار جنيه عام 2017/2018 ، ثم إلى 143.3 مليار جنيه عام 2018/2019 ، ثم إلى 191.6 مليار جنيه عام 2019/2020 . ثم إلى 249.4 مليار جنيه فى موازنة عام 2020/2021 . وبحلول عام 2022/2023 كان هذا البند قد تجاوز 376.4 مليار جنيه .. فأين ذهبت هذه الأموال ؟ هذا طبعا بخلاف ما تنفقه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في ترفيق العاصمة الإدارية البائسة بمليارات الجنيهات من فائض حساباتها . وكان من الممكن القول ان زيادة الانفاق الاستثمارى فى أى مجتمع هو عمل مفيد طبعا ، لولا أن هذا الاستثمار قد توزع بصورة ضارة وغير مفيدة على المدى القصير والمدى المتوسط والمدى الطويل .. كيف ؟ .
وتتوزع هذه الاستثمارات بين ، الأصول الثابتة التى تشكل فى المتوسط ما بين 72% إلى 94% من إجمالى الاستثمارات ، وأهمها المبانى السكنية ، والمبانى غير السكنية ، والتشييدات ، والعدد والأدوات.
وكذلك الأصول غير المنتجة ، ومنها شراء الأراضى وإستصلاح أراضى ، وتشكل فى المتوسط بين 1.2% إلى 4.7% من إجمالى الاستثمارات فى الموازنة .
تعالوا نتأمل توزيعات هذه الأموال أين أنفقت ؟
أ‌- الجزء الأكبر منها ذهب إلى التشييدات ( طرق وكبارى ومثيلتها ، حيث زادت من 20.1 مليار جنيه عام 2013/2014 ، إلى 20.3 مليار فى العام التالى (2014/2015) ، ثم إلى 29.2 مليار جنيه عام حيث2015/2016 ، ثم إلى 39.2 مليار جنيه عام 2016/2017 ، ثم إلى 47.0 مليار جنيه عام 2017/2018 ، ثم إلى 53.4 مليار جنيه عام 2018/2019 . ثم إلى 64.0 مليار جنيه عان 2019/2020 ، ثم إلى 87.0 مليارا عام 2020/2021 ، إلى 167.6 مليار جنيه عام 2021/2022 وأخيرا بلغت 165.3 مليار جنيه عام 2022/2023 ، فهل هذا كان مفيدا للتنمية فى هذه المرحلة الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى ( بناء أكثر من 870 كوبري منها 744 كوبري في القاهرة وحدها ) .
ب‌-بعدها يأتى المبانى غير السكنية ، حيث زاد المخصص لها من 5.3 مليار عام 2013/2014 إلى 8.5 مليار فى العام التالى 2014/2015 ، ثم إلى 10.0 مليار عام 2015/2016 ، ثم إلى 19.5 مليار جنيه عام 2016/2017 ، ثم إلى 21.0 مليار عام 2017/2018 ، ثم إلى 25.3 مليار جنيه عام 2018/2019 ، واستمرت في الزيادة حتى قاربت 67.9 مليار جنيه في عام 2022/2023 .. فأى عقل تخطيطى هذا ؟
ت‌-بعدها تأتى المبانى السكنية ، التى زادت خلال نفس الفترة من 2.4 مليار إلى 5.3 مليار جنيه ، ثم إلى 4.4 مليار جنيه ، ثم إلى 61.4 مليار جنيه عام 2016/2017 ، ثم إلى 33.9 مليار جنيه عام 2017/2018 ، ثم انخفضت إلى 19.5 مليار جنيه عام 2018/2019 ، وأخذت تزداد عاما بعد أخر حتى بلغت 34.6 مليار جنيه عام 2022/2023 ، نريد أن نعرف ما هى هذه المبانى السكنية التى انفق عليها هذه المبالغ الضخمة ، فى الوقت الذى يرى الجميع أن الوحدات السكنية التى تبنيها بعض المؤسسات الحكومية والأمنية تباع بمبالغ كبيرة جدا تحقق أرباحا ومكاسب لمن أنشأوها ..!!
وذلك على الرغم من أن نتائج التعداد العام للسكان والإسكان الذي قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017 أظهر نتيجة خطيرة وذات دلالة هامة وهي وجود 12.5 مليون وحدة سكنية شاغرة ومغلقة في مصر .. أي أن السوق المصري به فائض من الوحدات السكنية .. فلماذا أذن هذا الإفراط في بناء هذه الوحدات أما أنه رغبة في المضاربة على الأراضي والعقارات وإهدار المال العام والقروض التي كبلت مصر بألف قيد لعشرات السنين القادمة ؟؟!!
ث‌-أما التجهيزات ( ولا نعرف بالضبط نوع هذه التجهيزات ) فقد زادت بدورها من 1.6 ملبار جنيه ، إلى 1.9 مليار ، ثم إلى 1.9 مليار فى السنة التالية ، ثم إلى 2.9 مليار جنيه عام 2016/2017 ، ثم إلى 3.3 مليار جنيه عام 2017/2018 ، ثم إلى 2.9 مليار جنيه فى العام 2018/2019 . واستمرت في الزيادة حتى بلغت 20.1 مليار جنيه في عام 2022/ 2023 أى أكثر من 58.0 مليار جنيه أنفقوا على بند التجهيزات خلال ست سنوات فقط ؟
ج‌- أما الآلات والمعدات فقد زاد المخصص المالى لها من 6.6 مليار جنيه عام 2013/2014 ، إلى 6.0 مليار فى السنة التالية ، ثم إلى 7.2 مليار عام 2015/2016 ، ثم إلى 12.3 مليار جنيه فى العام 2016/2017 ، ثم إلى 17.7 مليار جنيه فى العام 2017/2018 ، وإلى 14.5 مليار جنيه عام 2018/2019 ، واستمر في الزيادة حتى بلغ 42.1 مليار جنيه عام 2022/2023 .
ح‌- والغريب فى الأمر ، هو زيادة مخصص بند يسمى ( أبحاث ودراسات للمشروعات الاستثمارية ) ، وكان هذا البند قد تزايد فى عهد حسنى مبارك وزمرته ، لأنه كان بمثابة الباب الخلفي لسبوبة المكاتب الاستشارية والهندسية التى يديرها بعض كبار المسئولين وأبنائهم والوزراء من أمثال محمود محيى الدين ، ورفعت المحجوب ، وزياد بهاء الدين وعشرات غيرهم ، فإذا بنا يزيد هذا المخصص بعد ثورة يناير من 1.9 مليار جنيه عام 2010/2011 ، إلى بلغ 12.8 مليار جنيه عام 2022/2023 .. طبعا المكاتب الإستشارية نعرفها وحصة بعض الجهات الهندسية التابعة للجيش نعرفها وكلها تحمل على تكاليف المشروعات سواء كانت طرق وكبارى أو غيرها …!!
أما النوع الثالث من الاستثمارات فهى الأصول غير مالية أخرى ، وتتمثل فى الدفعات المقدمة والبعثات ، والأبحاث والدراسات للمشروعات الاستثمارية ، وقد أنخفض نصيبها فى الاستثمارات من 25% عام 2013/2014 ، إلى 18.6% عام 2018/2019 . إلى أن بلغ 6.3% عام 2022/2023 من إجمالي الاستثمارات العامة ، وأخطر ما فيها بند ( الأبحاث والدراسات للمشروعات الاستثمارية ) التى تذهب عادة إلى المكاتب الاستشارية التى يملكها وزراء وأبناء مسئولين كبار . أى أن جزء كبيرا من الاستثمارات الواردة فى الموازنة العامة خلال هذه السنوات التي تولى فيها الجنرال السيسي الحكم قد ذهبت مباشرة إلى مشروعات العاصمة الإدارية ، هذا بالإضافة إلى ما سيعزز به موازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، ومن ثم فأن الحديث حول أن هذا المشروع لا يمول من أموال الموازنة العامة للدولة يفتقر إلى الصدق . وهذه هي السقطة والكذبة الكبرى . .
***


.

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
العاصمة الإدارية نموذجا للإنحرف في الأولويات (8-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
.
ومن جانب أخر ، فأن قرار رئيس الجمهورية رقم (57) لسنة 2016 ، يعنى نقل أصول من أراضى الدولة المصرية والمجتمع المصرى ككل إلى القوات المسلحة عبر واجهة الشركة المساهمة الجديدة تلك ،
، والذى قدرنا حجم المساحة التى سوف تقام عليها المبانى من شقق وفيلات وقصور تتراوح بين 10% إلى 20% من تلك المساحة الكلية ( البالغة 700 مليون متر مربع زيدت بعد ذلك إلى 966 مليون متر مربع ) أى بين 70 مليون إلى 140 مليون متر مربع ، أو 90 مليون متر مربع إلى 180 مليون متر مربع ، فلو قدرنا حصة الخزينة العامة الدولة من سعر المتر المربع الواحد بألف جنيه فقط ، يكون لدينا حصيلة قدرها يتراوح بين 70.0 مليار إلى 140.0 مليار جنيه ، أو 90 مليار جنيه إلى 180 مليار جنيه ، أما إذا كانت حصة الخزانة العامة من سعر هذه الأراضى هو ألفى جنيه للمتر المربع الواحد يكون حصة الخزانة العامة يتراوح بين 140 مليار إلى 280.0 مليار جنيه ، أو 180 مليار جنيه إلى 360 مليار جنيه .
وهذا لم يحدث على الإطلاق .
لقد ضاعت هذه الأموال على الدولة المصرية والخزينة العامة بما كان يمكن أن يصلح التعليم أو الصحة أو يخفض من عجز الموازنة العامة للدولة .
وتظل مبيعات العقارات فى هذه العاصمة الإدارية هى مكسب صافى للجيش وجنرالاته ، ومن خلال الشركات العقارية العاملة فى هذا المشروع ، والتى لا تقل عن تريليوني جنيه ، لم تدخل منها للخزانة العامة جنيها واحدا. وهي استيلاء عيني مباشر من أصول وأموال المجتمع المصري والدولة المصرية لصالح فئات محددة تتمثل في قيادات هذه الشركة والجيش من ناحية وكبار المقاولين والمضاربين على الأراضي وشركاتهم من ناحية ثانية .
وهل بعد ذلك نتحدث عن أن مصر بلد فقير ؟
*. وينطلق جزء كبير من مشروعات الجنرال السيسى من مدرك سياسى كامن يحمل مفهومين بهما الكثير من الالتباس، أولهما أقرب إلى مفهوم الفراعنة المصريين؛ حيث كثير من منجزات الفراعنة وتخليدهم يرتبط بالمشروعات البنائية والتشييد، سواء كانت معابد أم مقابر أم أهرامات، ولذا شاهدنا تكرارًا لمقولات من قبيل، إن العاصمة الإدارية الجديدة، ستضم أكبر مسجد فى مصر، وأضخم كنيسة فيها، وأطول برج ..وهكذا كثير من كلمات التضخيم والتبجيل. ومن ناحية أخرى فإن الرجل يحمل مفهومًا مغلوطًا – كسلفه تمامًا – لمعنى “المشروع القومى” والنهضوى للرئيس، فى محاولة غير موفقة لما أُطلق عليه فى التاريخ المصرى الحديث، مشروع محمد على ، أو المشروع القومى لجمال عبد الناصر، وهكذا رأينا الرئيس الأسبق (حسنى مبارك)، يكرر طلبه إلى الأمريكيين فى بداية حكمه عام 1981، وفى زياراته الأولى للعاصمة الأمريكية، بأهمية مساعدته ببناء مشروع قومى، مثلما بنى الروس السد العالى لجمال عبد الناصر، وحينما لم يجد ما يفيد لدى الأمريكيين فى هذا المجال، أخذ يردد فى خطاباته العامة، وبصورة مثيرة للسخرية :” أليس مشروع مترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى مشروعًا قوميًا”..!. ولم يدرك الرجل – ربما بفعل تواضع ثقافته السياسية وانعدام تجربته الوطنية – أن المشروع القومى الحقيقى لجمال عبد الناصر لم يكن هو بناء السد العالى برغم أهميته، بقدر ما كان تعبير السد العالى عن مرحلة عريضة فى تاريخ النهضة التعليمية المجانية ، والصحية والصناعية والزراعية ، وكهربة الريف فى مصر، والتحيز للفقراء، ، وإعادة توزيع الثروات والدخول بين مختلف الطبقات الاجتماعية، وهو ما عبر عنه شعار “تذويب الفوارق بين الطبقات”. وكان التأميم والحراسات والنظام الضريبى فى الكثير من الحالات هو المدخل والوسائل لتحقيق هذه الغايات. .
وبالمقابل فإذا جاز لنا أن نصف سياسات الرئيس أنور السادات (1971-1981) بالمشروع القومى، بحكم عمق تأثيراته فى حاضر ومستقبل مصر والمنطقة العربية كلها، وربما العالم، فهى استعادة هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مصر والمنطقة العربية ، والتحالف معها لمطاردة النفوذ الروسى، وإقامة الصلح والاستسلام لإسرائيل، والخروج من العباءة العربية، والتحيز لاستعادة طبقة رجال المال والأعمال بالتعاون مع الغرب والدول العربية النفطية، وهدم ما أسماه اشتراكية الفقر على حد تعبيره، ومعاداة مفهوم العدالة الاجتماعية باعتباره من ميراث الحقد الطبقى للفترة الناصرية والأفكار الاشتراكية الهدامة.
وقد سار على نهجه خلفه الرئيس الأسبق حسنى مبارك طوال فترة حكمه (1981-2011)، وأضاف إليه عمليات نهب وتهريب للأموال وتشكيل كتلة عصابية أقرب إلى سلوك المافيا فى نهب وتهريب الأموال.
أما الجنرال السيسى فإن ما يمكن أن نطلق عليه مشروعه القومى، هو أقرب إلى مفهوم مقاول “هدم وردم”، أو بمعنى آخر التوسع فى الإنشاءات، التى تتكلف مئات المليارات من الجنيهات مثل مد خمسة آلاف كيلومتر من الطرق (علما بأن مصر قد مدت طرقًا منذ عام 1975 حتى عام 2011 بأكثر من 25 ألف كيلو طرق)، وحفر تفريعة جديدة للممر الملاحى لقناة السويس (بطول 37 كيلو متر بتكلفة 35 مليار جنيه فى عام واحد)، بخلاف ستة أنفاق تحت الممر الملاحى لقناة السويس (بتكلفة 25 مليار جنيه)، والشروع فيما أسماه العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 45 مليار دولار (أى حوالى 810 مليار جنيه) زادت تكلفتها فيما بعد إلى أكثر من تريليون ونصف التريليون جنيه مصري خلال عدة سنوات، وبعض المشروعات الأخرى مثل مدن العلمين الجديدة، وعدة آلاف من الوحدات سكنية بأسعار ربحية بنظام التمليك غالبًا، وهيمنة القوات المسلحة على الاقتصاد المصرى.
حتى أن المشروع أو الفكرة الصحيحة للتوسع فى الرقعة الزراعية (ما أُطلق عليه المليون ونصف المليون فدان)، حوله إلى مشروع استثمارى تديره شركة خاصة بمفهوم وآليات السوق والبيع والشراء، وليس بمفهوم التنمية وإعادة التوزيع الديموجرافى للسكان وامتصاص البطالة بين الفقراء والشباب.
ومن ثم وطوال السنوات العشرة الأولى من حكم الجنرال السيسى ( 2014-2024) ، أهمل الرجل الملفات الإستراتيجية فى إدارة الحياة المصرية، وأهمها ملفى التعليم والصحة، تلك المنظومتان اللتان انهارتا تمامًا وأصابهما الفساد طوال الأربعين عامًا الماضية، ولم يتردد فى التصريح علنًا – ودون خجل – بأن التعليم يحتاج إلى جهد كبير وثلاثة عشر عامًا ومئات المليارت من الجنيهات، وكذلك الصحة، وكأن مسئوليته كرئيس للجمهورية أقسم على رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة، لا تلزمه بإجراء واقتحام تلك الملفات الخطيرة منذ اللحظة الأولى لتوليه مسئوليته الرئاسية.
وكذلك فقد أهمل مراجعة ملف الخصخصة وما جرى فيها من عمليات نهب، وأهمل تنشيط شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، وبدلاً من ذلك بدأ فى طرح شركات ناجحة فى قطاع البترول (إنبى – بتروجيت) ، وكذلك بنوك عامة جديدة (بنك القاهرة)، للبورصة والخصخصة، لنبدأ دورة جديدة من السياسات الخطيرة والضارة على مستقبل هذا البلد.
كما ذهب إلى ما لم يجرؤ أن ذهب إليه الرؤساء السابقون، سواء بالتوقيع على اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولى عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار على شرائح ربع سنوية، ومن قبله قرض البنك الدولى عام 2015 بقيمة 3.0 مليارات دولار، ووضع بالتالى الاقتصاد المصرى تحت الوصاية الدولية لمدة ثلاث سنوات كاملة، والتنفيذ الأكثر من حرفى لأوامر الصندوق والبنك الدولى وموظفيهما، مثل تعويم (تغريق) الجنيه المصرى، وزيادة أسعار المنتجات البترولية والكهرباء، وتخفيض عدد موظفى الجهاز الحكومى، مما أشعل نار التضخم وارتفاع الأسعار غير المسبوقة فى بيوت عشرات الملايين من المصريين الفقراء ومتوسطى الدخول.
وبالمقابل ، ذهب فى مسار خطير للاقتراض من الداخل ومن الخارج بصورة غير مسبوقة فى تاريخ البلاد، فقفز الدين الخارجى من 46.0 مليار دولار فى بدايه حكمه (يوليو 2014)، إلى 157.7 مليار دولار فى مارس عام 2022 ، ثم إلى 168 مليار دولار في نهاية عام 2023 .
أما الدين الداخلى فقد زاد بدوره من 1.8 تريليون جنيه إلى 4.4 تريليون جنيه فى ديسمبر من عام 2019 ، و تجاوز 5.5 تريليون جنيه فى نهاية عام 2021 ، وصولا إلى ما يقارب 8.0 تريليون جنيه مصري بنهاية عام 2023 .
والحقيقة أن الجنرال السيسى لم يعر اهتمامًا جادًا بالأساس الفلسفى، الذى يقوم عليه النشاط الاقتصادى فى مصر، وأوصلها إلى ما وصلت إليه من مأزق، ونقصد به “اقتصاد السوق” الفوضوى الذى ساد فى مصر منذ عام 1974، تحت شعار تشجيع الاستثمار والمستثمرين، وجذب الاستثمار والمستثمرين، ومن هنا ظلت الدائرة الشريرة مستمرة دون أمل أو ضوء فى نهاية النفق. كما لم يحظَ مفهوم التخطيط التنموى، وإعادة توزيع الأدوار بين قطاعات النشاط الاقتصادى (القطاع العام – القطاع الخاص – القطاع التعاونى)،

الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
بعض الإضرار المترتبة على مشروع عاصمة السيسي الإدارية (9-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
*.
ترتب على الإندفاع غير الحصيف فى تنفيذ هذا المشروع وغيره من مشروعات الطرق والكباري (885 كوبري ) خلال خمس سنوات أن زادت أسعار مواد البناء بصورة فظيعة ، حيث زاد سعر طن الأسمنت فى مصر من 230 جنيها للطن عام 2003 ، إلى 530 جنيها للطن فى نوفمبر عام 2013 ، ثم قفز فى 30/9/2017 إلى 730 جنيها للطن ، وفى ( عام 2018 ) قارب 800 جنيه للطن وها هو في مارس 2024 يصل إلى 2337 جنيها للطن .
أما طن حديد التسليح فقد قفز قفزة فظيعة من 5700 جنيه للطن فى نوفمبر عام 2013 ، إلى 11900 جنيه للطن فى 30/9/2017 ، ثم وصل إلى 49014.2 جنيها / للطن ( الاستثماري ) في مارس 2024 . أما حديد عز فقد بلغ في مارس 2024 إلى 50719 جنيها .
وإذا تعمقنا فى الأسباب وراء ذلك نجدها كالتالى:
1-زيادة الطلب الهائل على الأسمنت والحديد وبقية مواد البناء بسبب التوسع غير المحسوب وغير المبرر فى وقت متزامن فيما يسمى مشروعات السيسى الكبرى مثل العاصمة الإدارية ، والطرق والكبارى ومشروعات الإسكان التى غالبيتها لمن لديه قدرات مالية كبيرة .
2-زيادة أسعار مستلزمات الانتاج خصوصا الطاقة ( الكهرباء - المواد البترولية والغاز ) بسبب إحتساب بعضها بالأسعار العالمية
3-سيطرة الشركات الأجنبية على أكثر من 75% من انتاج الأسمنت فى مصر ، ورغبتها فى زيادة وتعظيم أرباحها ، فلم يعد لها منافس من القطاع العام الذى جرى تدميره وبيعه قطعة بعد قطعة وشركة وراء شركة للأجانب .
وبالقطع كان من الممكن تجنب تلك الأثار الضارة على مجمل هياكل الانتاج والأسعار فى البلاد لو توافر تخطيط للانتاج ورقابة أو دراسات للجدوى - لا أقول تحكم حتى لا يغضب عبدة وثن اقتصاد السوق وآليات العرض والطلب - ، فالفوضى هى قرين الفساد والتربح المغالى فيه من رجال المال والأعمال وسماسرة الأراضى .
**”“.
العاصمة الإدارية الجديدة وظاهرة المنتجعات السكنية الفاخرة
لم يكن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ، وسياسات الجنرال عبد الفتاح السيسى فى مجال الأراضى ، التى بدت واضحة وضوح الشمس منذ أن تولى الحكم رسميا فى يونيه عام 2014 ، سوى إمتداد أكثر وضوحا وكثافة وعمقا للسياسات التى جرت طوال الأربعين عاما السابقة عليها (1980-2010) .
وتكشف دراستنا التي نشرناها في كتاب ” عشش وقصور ” الصادر عام 2017 عن مركز الإستقلال حول إنفاق المصريين على المنتجعات السكنية الفاخرة Compounds منذ عام 1980 حتى عام 2010 ، حقيقة الثروات التى تراكمت لدى فئات محدودة من المضاربين وسماسرة الأراضى والمقاولين ، بالتعاون والتحالف مع رجال الحكم والإدارة وجنرالات المؤسستين العسكرية والأمنية ، وقد أدى استخدام الأراضي المملوكة للدولة وتخصيصها بطرق لا تخلو كثيراً من فساد إلى توزيع جديد للثروات و الدخول؛ وساهمت في تعزيز دور وثقل جماعات السماسرة ، والمضاربة والمقاولين ( من أمثال آل سايورس وطلعت مصطفى و حسين صبور وعشرات غيرهم ) داخل بنية المجتمع.
لقد بلغ حجم ما أنفقه المصريين على تلك الوحدات السكنية الفاخرة والشاليهات الساحلية خلال الفترة الممتدة من عام 1980حتى عام 2011 حوالى 415.0 مليار جنيه على أقل تقدير ووفقا لأسعار تلك السنوات المتعاقبة ، أما الفترة الحالية التى تولى فيها الجنرال السيسى الحكم ، فأن الأسعار المطروحة بها تلك الوحدات وخصوصا فى عاصمته الإدارية سوف تقفز بالرقم إلى خمسة أضعاف الرقم الأول ، سوف تذهب أرباحها إلى المقاولين والسماسرة والشركة اللقيطة التى أنشأها الجنرال السيسى بالقرار الجمهورى رقم (57) لسنة 2016 ، التابعة لجهاز الخدمة الوطنية للجيش .


لقد شكلت الأراضى والمضاربة عليها أحد المصادر الكبرى لتحقيق الثروة والثراء فى مصر منذ مطلع التسعينات من القرن العشرين ، سواء كان ذلك من خلال الحصول على تخصيصات للأراضى بمئات الأفدنة من هيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزير الزراعة ، أو بملايين الأمتار فى الأراضى التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزير الإسكان والتعمير .ولعبت المجاملات والوساطات وشبكات المصالح الفاسدة ، وقوة نفوذ بعض الشخصيات الموجودة فى الحكم ، وفى الدائرة الرئاسية ذاتها دورا فى عمليات الفساد الواسعة النطاق .
والحقيقة فأن من أوائل من دخلوا في هذا المجال منذ منتصف الثمانينات ، كان علاء مبارك النجل الأكبر للرئيس حسنى مبارك ، ووفقا للرواية الشهيرة التى رواها وزير الإسكان الأسبق المهندس حسب الله الكفراوى ، فقد فوجىء الرجل يوما بنجل الرئيس مبارك يدخل عليه مكتبه فى الوزارة طالبا منه الموافقة على الحصول على ألف فدان فى منطقة تقع بمدينة السادس من أكتوبر ، وكان عدم إستجابة الوزير للطلب سببا فى خروجه من التشكيل الوزارى فى أول تعديل وزاري جرى ، وأتى بالدكتور محمد إبراهيم سليمان وزيرا للإسكان والتعمير والمرافق ، بعد أن جرى ضم وزارة التعمير والمرافق إلى وزارته ليصبح هو والجيش المسيطران الأعظم على مساحات شاسعة من الأراضى المصرية
وقد حرصت الهيئة منذ ذلك التاريخ، وخصوصًا بعد أن تولى منصب وزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان عام 1993 واستمر فيه حتى أواخر عام 2005، على التصرف فى أموال هذه الهيئة بعيدًا عن أية رقابة، وبطريقة غير تنموية يشوبها الكثير من الشك والريبة، ويُقدر حجم الفائض المتاح لدى هذه الهيئة بثمانية مليارات من الجنيهات سنويًا بأسعار هذه الفترة ، ولم تقدم أية جهة رقابية بيانات تفصيلية حول موجودات هذه الهيئة، وقد أعلن المهندس علاء عبد العزيز نائب وزير الإسكان فى اللقاء المشار إليه أن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية تضم 485 فيلا فاخرة، (تتكلف فى المتوسط 1500 مليون جنيه)، علاوة على مد المدينة بكافة المرافق من المياه والكهرباء والطرق وغيرها، فمن أين يأتون بالأموال المطلوبة؟


وقد أنتبه الجنرال عبد الفتاح السيسى بمجرد توليه منصبه كرئيس للجمهورية فى يونيه عام 2014 ، ومجموعة الجنرالات المصاحبه له إلى هذا المصدر الهائل للثروة فى مصر ، وبدلا من إستخدامها لتصحيح تلك الأوضاع الشاذة ، وإسترداد أموال الدولة من مغتصبى هذه الأراضى الذين هم من كبار رجال المال والأعمال وكبار جنرالات الجيش والمؤسسة الأمنية ، ورجال الحكم والإدارة ، والقضاة والدبلوماسيين وكبار قادة الحزب الوطني الحاكم وقتئذ ، حرص على أن يحصل لمؤسسة الجيش على حصتها من هذه الغنيمة الكبرى ، فأصدر عشرات القرارات الجمهورية بالإستيلاء على هذه الأراضى – كما عرضنا فى الحلقات السابقة – والضغط المحسوب على بعض ناهبى أراضى الدولة للحصول منهم على بعض المستحقات المالية .
لقد صدم الرأى العام بعد ثورة عام 2011 بكشف مئات قضايا الفساد ونهب الأراضى ، وذلك دون أن يمس جوهر عمليات الفساد ، التى شاركت فيها هذه المرة مؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة .
لقد جاء الأن من يستولى على الأراضى بمئات الآلاف من الأفدنة دون أن يسدد جنيها واحدا للخزانة العامة ؟؟!!


وتستند التصرفات الراهنة للجنرال عبد الفتاح السيسى إلى مفهوم مغلوط لمصطلح ( أراضى القوات المسلحة ) ، حيث يقتصر هذا المفهوم على معنى واحد ووحيد ، وهو الأراضى التى تستخدم فى الأغراض العسكرية فقط مثل أقامة المعسكرات ، ومراكز التدريب ، ومخازن الإسلحة والمعدات العسكرية ، والمناطق التى تجرى فيها المناورات والتدريب العسكرى ، ودونها تصبح أراضى الدولة بالمعنى القانونى للدولة ، وحقوق الخزانة العامة عليها مطلقة ، حتى تلك الأراضى التى تضع القوات المسلحة يدها عليها للأغراض العسكرية ، حينما تتحول لأغراض أخرى غير عسكرية ، مثل أقامة مساكن مدنية ، أو نوادى ، أو فنادق ، أوغيرها تتحول فورا إلى أراضى للدولة ، ولا يحق لقيادة الجيش الإستفادة منها ماليا ، كما هو الحال فى أراضى العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد ( 700 مليون متر مربع إلى 900 مليون متر مربع ) ، أو مساكن معسكر مصطفى كامل فى مدينة الإسكندرية ، وغيرهما كثير جدا .
وبالمقابل فأن قيمة هذه الأراضى ومن خلال هذه الشركة اللقيطة قد أنتقلت إلى صناديق وحسابات خاصة دون أن تتكلف جنيهًا واحدًا، وزاد عليها فى هذا القرار أن عائد بيع أو استثمارات العاصمة الإدارية الجديدة يعود إلى خزانة هذه الشركة المساهمة ومن يقف ورائها ، وليس إلى خزانة العامة للدولة.
فإذا أستبعدنا أموال المعونة العسكرية الأمريكية – وأحيانا العربية – والتى تقدر بحوالى 900 مليون دولار إلى 1.3 مليار دولار سنويا منذ عام 1980 حتى عام 2022 . يذهب بعضها لشراء معدات حربية أمريكية وقطع غيار وذخيرة وغيرها. وحاولنا الأن تقدير حجم الأصول المملوكة للقوات المسلحة – من غير المعدات والأصول العسكرية – وكذا حجم نشاطها الاقتصادى والمالى ، فينبغى تقسيمها إلى سبعة أنواع هى :
أولا : الأصول المملوكة من الأراضى والشركات والمعدات المستخدمة فى أغراض النشاط الاقتصادى ، والمزارع والنوادى والفنادق والمستشفيات والمزارع السمكية وغيرها.ولعل أهمها على الإطلاق هى الأراضى حيث تقدر مساحة الأراضى المسيطر عليها من الجيش بأكثر من 750 مليار متر مربع ( 75% من مساحة مصر على الأقل إلى 90% ) بدواعى مقتضيات الدفاع عن البلاد .
وقبل عام 1980 ، لم يكن ينظر إلى تلك الأراضى بأعتبارها مجالا للاستثمار والربح ، من جانب القيادة العامة للقوات المسلحة ، ولكن السنوات اللاحقة وخصوصا بعد عام 1992 ، بدأ الاستثمار فى الأراضى عموما والمضاربة عليها تصبح واحدة من مخزون الثروة لدى نظام الحكم وأبناءه ، وبدأت عمليات التجارة والتربح منها تأخذ طابعا هائلا ، خصوصا فى عهد وزير الإسكان والمرافق د. محمد إبراهيم سليمان (1993-2005) ، وبعدها بدأ تورط الجيش وقياداته وجهاز الخدمة الوطنية التابع له فى استثمار جزء ليس بقليل مما تحت أيديه ، فتحولت الكثير من المواقع العسكرية إلى مجال للاستثمار العقارى ، وجرى إخلاء الكثير منها الموجود داخل المدن الكبرى أو فى حوافى وضواحى تلك المدن .
ثانيا : حجم النشاط الاقتصادى المدر للإيرادات ومن ثم الأرباح ، مثل المنتجات الزراعية والغذائية ، والنشاط العقارى ، ومنتجات الأسمنت ومواد البناء ، ومنتجات الأسماك وغيرها من المنتجات .
ثالثا : واردات تستورد من الخارج بزعم إستخدامها فى أغراض الدفاع ، أو مستلزمات التشغيل فى المصانع والمنشأت التابعة للجيش ، ولا يسدد عنها رسوم جمركية أو ضريبية ، ويعاد بيع بعضها فى السوق المحلية مثل السيارات وبعض قطع الغيار .
رابعا :الموارد المالية الموجودة فى حسابات وصناديق خاصة وحسابات بالبنوك فى الداخل أو الخارج تدر عوائد مالية ضخمة سنويا .
خامسا : المشروعات المشتركة مع مستثمرين عرب أو أجانب سواء فى مجال البترول والثروة المعدنية والذهب ، أو فى مجالات أخرى ، لا يعرف عنها الشعب المصرى أو أجهزته الرقابية أية معلومات بشأنها .
سادسا : التجارة فى المعدات الحربية والسلاح مع الداخل والخارج .
سابعا : ما تحصل عليه القوات المسلحة من الموازنة العامة للدولة والتى بلغت في موازنة عام 2020 / 2021 أكثر من 50.0 مليار جنيه علاوة على ما تحصل عليه من دعم عسكرى أمريكى، والمقدر بحوالى 1300 مليون دولار سنويًا (أى ما يعادل 23.4 مليار جنيه مصرى وفقًا لأسعار الصرف السائدة عام 2017)، وإذا أضفنا إليها مخصصات وزارة الداخلية والجهات التابعة لها عام 2020/2021 المقدر بحوالى 65.0 مليار جنيه .
على أية حال .. إذا حاولنا تقدير حجم النشاط الاقتصادى للمؤسسة العسكرية والأمنية ( شاملة وزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة ) فأننا نصل إلى النتائج التالية :
1-يقدر حجم هذه الأصول غير الحربية المملوكة لهاتين المؤسستين العسكريتين عام 2021 بأكثر من ثلاثة إلى خمسة تريليون جنيه . دون أن تشمل التغيرات الدورية فى أسعار الأراضى الخاضعة لسيطرة الجيش .
2-أما حجم النشاط السنوى للمصانع والمنشأت التابعة لهاتين المؤسستين فيقدر سنويا بأكثر من 800 مليار جنيه عام 2021 ( تتمثل فى الشركات والمصانع التى تمتلكها القوات المسلحة ، وجهاز الخدمة الوطنية ، ونسب مساهمة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى المشروعات الإنشائية التى تشرف عليها أو تتولى هى بنفسها أقامتها ، وهذا النشاط يدر عوائد وأرباحًا سنوية تزيد عن180 مليار جنيه، لا تدفع عنها ضرائب، توضع كلها فى صناديق وحسابات خاصة خارج الموازنة العامة للدولة، وخارج نطاق المشروعية المالية والرقابة المحاسبية.
وبالتالى فإن نصيب هذه المؤسسة من الدخل القومى المصرى يزيد عن2.0 تريليون جنيه، وهو يعادل حوالى 30% إلى35% من الدخل القومى للبلاد عام 2021.
ووفقًا للتصريح العلنى الذى أبداه اللواء حسن الروينى عام 2013 وسط جمع من الشخصيات العامة والوزراء والذى كان قائدًا للمنطقة العسكرية المركزية وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، قبل تولى الفريق السيسى منصب وزير الدفاع عام 2012 ، صرح قائلا إن القوات المسلحة المصرية كانت تمتلك عشية تولى الفريق عبد الفتاح السيسى منصب وزير الدفاع فى أواخر عام 2012 ، حوالى 100 مليار جنيه مصرى، علاوة على 28 مليار دولار فى صناديق وحسابات خاصة تابعة لها لا تعرف عنها الأجهزة الأخرى بالدولة المصرية شيئًا .
وسوف نعود لتناول هذا الموضوع بالتفصيل في الحلقات القادمة إنشاء الله .
.

ملحوظة جوهرية : بدءا من هذه الحلقة العاشرة سوف تجدون تغييرا في الترقيم بسبب زيادة حلقات جديدة تحتوي حقائق واسرار خطيرة حول عمليات النهب وأليات سرقة القرن ليشمل علاقة العرجاني بالجنرال السيسي وكارثة الصندوق السيادي المصري وغيرها من الحقائق .
. الجنرال السيسى .. وسرقة القرن التلاعب بقانون المناقصات والمزايدات (10-٢٠)

بقلم / عبد الخالق فاروق الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية .
في كلمته أثناء افتتاح مصنع أسمنت بني سويف بتاريخ 15/8/2018 تطرق الجنرال عبد الفتاح السيسي للآليات القانونية المُنظمة لإجراءات تعاقد الدولة لتنفيذ المشروعات الجديدة ، وتحدث عما أسماه الطريقة التقليدية لإدارة القطاع العام ، وهاجمها كثيرا، ودعا إلى التخلي عن هذه الطريقة (أي التخلى عن التمسك بقانون المناقصات والمزايدات كأسلوب عمل في تعاقدات الدولة وأجهزتها المختلفة عند طرح مشروعات استثمارية) .وأرجع ضعف قطاع الاستثمار إلى البنية القانونية، التي تلزم الجميع باتباع إجراءات قانونية محددة لدرء شبهات الفساد، ولاختيار أفضل عرض من الناحية الفنية والتكلفة المالية أيضا.
كما تباهى الجنرال السيسي بقدرته على التفاوض وعبقريته في تقليل وقت تنفيذ المشروع المذكور ، وألقى بكل اللوم على الإطار القانوني المنظم للإجراءات معتبرًا أن هذا النظام نظام تقليدي ، وأننا يجب أن نعتمد على المهارات الشخصية والفردية في التفاوض داعيًا ضمنًا إلى مخالفة القانون، وغاب عن الرئيس أن القوانين التي يشير إليها وُضعت بالأساس لمواجهة الفساد وتحجيم دوره، وأن الأسباب الحقيقية وراء “البيروقراطية” السائدة هي نقص الكفاءة في كتابة مناقصات بشروط محكمة تلبي طموحات الدولة، بالإضافة إلى قلة خبرة وتدريب الكوادر الوظيفية المسؤولة عن تنفيذ القانون.
. وهكذا جرت إدارة موارد الدولة وثرواتها فى ضوء رؤية جديدة تماما تقوم على فكرة نسف وتجاوز القوانين خاصة قانون المناقصات والمزايدات ، عكس الفترة التى سادت فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، والتى كانت تقوم على فكرة إيجاد ثغرات فى القوانين تسمح بالتلاعب والفساد . ففى سبتمبر عام 2013، أصدر الرئيس عدلي منصور تعديلات على المادة الأولى من قانون المزايدات والمناقصات بالقرار الجمهورى بقانون رقم ( 82) لسنة 2013، استثنى فيه الأجهزة ذات الموازنات الخاصة ، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية من تطبيق القانون، إذا كانت هناك نصوص خاصة في القوانين أو القرارات الصادرة بإنشائها أو بتنظيمها أو في لوائحها الصادرة بناءً على تلك القوانين والقرارات. وقد جاء هذا التعديل ليتعارض مع إرادة المشرع السابقة، حيث كان الحرص في المادة الأولى قبل التعديل على سريان القانون على كافة الهيئات المخاطبة به دون أي استثناء فكان النص كالتالى ” يعمل بأحكام القانون المرفق في شأن تنظيم المناقصات والمزايدات، وتسري أحكامه على وحدات الجهاز الإداري للدولة - من وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة - وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة، خدمية كانت أو اقتصادية. “. وهذا ما نقرؤه في مذكرته الإيضاحية حيث جاء حرفيا: “(…) كما تسري أحكامه على الهيئات العامة ويشمل ذلك الهيئات القومية ، ولا يعتد بأي نص خاص في القوانين أو القرارات الخاصة بإنشاء تلك الهيئات (…)” . ويوضح ذلك بجلاء أن نية المشرع اتجهت منذ البداية إلى إخضاع جميع الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية ووحدات الإدارة المحلية لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات. كما طال التعديل كذلك المادة (7 ) من القانون التي تجيز الإسناد المباشر لمشاريع اقتصادية دون إتباع إجراءات المزايدات والمناقصات في الحالات العاجلة التي لا تحتمل اتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة، حيث تم رفع قيمة هذا الإسناد لتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 50 ضعفا وفقا لمستوى السلطة المختصة كالتالى: 1-بالنسبة لرؤساء الهيئات والمصالح: في حالات شراء المنقولات أو تلقي الخدمات أوالدراسات الاستشارية ، أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ارتفع الحد الأقصى إلى 500 ألف جنيه ، بعد أن كان 50 ألف فقط ، وأصبحت مليون جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال بعد أن كانت 100 ألف ، وبالتالي تضاعف المبلغ 10 أضعاف. 2-بالنسبة للوزراء والمحافظين: في حال شراء المنقولات أو تلقي الخدمات ، أوالدراسات الاستشارية ، أوالأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ارتفع السقف إلى 5 ملايين جنيه بدلاً من 100 ألف أي 50 ضعفا ، وزادت بقيمة 33 ضعفا بالنسبة لمقاولات الأعمال فأصبحت 10 مليون جنيه بعد أن كانت 300 ألف. وأضاف التعديل بندًا جديدًا على المادة المذكورة حيث أضاف الفقرة (ج ) التي أعطت الوزير المختص بالصحة والسكان الحق في التعاقد المباشر دون الخضوع لأحكام القانون بالنسبة للأمصال واللقاحات والعقاقير الطبية ذات الطبيعة الاستراتيجية وألبان الأطفال، وذلك وفقاً للضوابط والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية، ودون أي وضع سقف مالي لهذه التعاقدات.( ولعل هذا ما سهل لوزيرة الصحة الفاسدة السابقة عمليات الفساد والاختلاس المالي ) . .
في يونيو 2014، صدر قانون آخر هو القانون رقم (48) لسنة 2014 بتعديل نص المادة( 38 ) من القانون المشار إليه ، والتي تسمح للجهات التي ينطبق عليها القانون التعاقدَ فيما بينها بالأمر المباشر. وسمح التعديل بسريان حكمها على الهيئة العربية للتصنيع ، وهي هيئة ذات طبيعة عسكرية تتبع رئاسة الجمهورية ووزير الدفاع- بحيث أصبح من حقّ الجهات الحكومية التعاقد بالأمر المباشر مع الهيئة لتنفيذ الأعمال ، وأصبح للهيئة كذلك الحق في إجراء المناقصات والمزايدات بديلا عن أيا من الجهات المخاطبة بالقانون من وحدات الجهاز الإداري للدولة - وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة وكذلك وحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، سواء كانت خدمية أو اقتصادية.
ومن شأن هذا الأمر أن يولد وضعًا شاذاً للهيئة، بحيث استثناها من ضرورة الالتزام بقواعد القانون الإجرائية واتباع المناقصات والمزايدات في تعاقداتها المختلفة ، كما أنه أبقى على نظامها الخاص المنصوص عليه في القانون رقم( 150 ) لسنة 1976 بشأن حصانات وامتيازات الهيئة العربية للتصنيع ، والذي يعطي الهيئة امتيازات عدة، كما يعفيها من كافة الضوابط المنصوص عليها في القوانين المختلفة ويغل يد الأجهزة الرقابية، ورجال السلطة العامة عن الإشراف عليها وذلك طبقا لنص المادة 2 من القانون المشار إليه . إلا أنه في الوقت نفسه منح الهيئة الحق في أن تحل محل أي من الجهات المخاطبة بالقانون، ما يعني أن حلول الهيئة سيكون معفيا من اشتراطات قانون المناقصات والمزايدات، ما يسمح لها بالتعاقد عن أي من الجهات المخاطبة بأحكام القانون، لكن دون الالتزام بقواعده.
. يتضح من عرضنا السابق أن نظام الجنرال السيسى يجنح إلى إلقاء عبء فشله في الملفات المختلفة، على التشريعات القانونية. فدائما ما يرى النظام أن المشكلة في القانون وليس في منفذيه، وأن أسباب انتشار الجريمة هو قصور في مواد العقاب. وها هو يستعيد النظرة ذاتها فيما يتعلق بملفات التنمية الاقتصادية، حيث يتعامل النظام الحالي مع كل الإجراءات التي تساهم في الحد من الفساد، باعتبارها عوائق لعجلة التنمية، مستبعدًا قصور العنصر البشري، وغياب الكفاءة في اختيار الوظائف العليا. وفيما منح تعديل قوانين العقوبات النظام هامشا واسعا للتحكم في حريات الناس، فإن من شأن استكمال التعديل على قانون المناقصات والمزايدات في اتجاه اعتماد مبدأ التعاقد المباشر، أن يشكل خطوة نحو تكريس وتجذير الفساد، بل نحو منحه حماية قانونية. *.
ولعل هذا يفسر جانبا من المظاهر التي يراها ويعيشها المصريون طوال السنوات العشر الماضية من إستمرار أعمال الطرق وأشغالاته دون توقف ، حيث يولد العطاء من بطن عطاء سابق طالما أن هناك إهدارا لقانون المناقصات والمزايدات الحكومية ، مما فتح الباب واسعا ج
دا لأكبر عمليات فساد وغسل أموال من خلال العطاءات المباشرة في الطرق والكباري ، فيما يمكن أن نطلق عليه في النظرية الاقتصادية الحديثة ( غسيل الأموال الفاسدة من خلال الطرق والكباري ) ، وهو ما ينبغي أن يفتح تحقيقات واسعة وجدية في المستقبل لمراجعة كل عملية من عمليات الردم والبناء التي جرت في هذا العهد الغشوم .
وسوف تكتشفون أكثر حجم الجريمة حينما نتعرض لما يسمى الصندوق السيادي المصري في الحلقات القادمة .

ملحوظة جوهرية : بدءا من هذه الحلقة العاشرة سوف تجدون تغييرا في الترقيم بسبب زيادة حلقات جديدة تحتوي حقائق واسرار خطيرة حول عمليات النهب وأليات سرقة القرن ليشمل علاقة العرجاني بالجنرال السيسي وكارثة الصندوق السيادي المصري وغيرها من الحقائق .
. الجنرال السيسى .. وسرقة القرن التلاعب بقانون المناقصات والمزايدات (10-٢٠) بقلم / عبد الخالق فاروق الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية .
في كلمته أثناء افتتاح مصنع أسمنت بني سويف بتاريخ 15/8/2018 تطرق الجنرال عبد الفتاح السيسي للآليات القانونية المُنظمة لإجراءات تعاقد الدولة لتنفيذ المشروعات الجديدة ، وتحدث عما أسماه الطريقة التقليدية لإدارة القطاع العام ، وهاجمها كثيرا، ودعا إلى التخلي عن هذه الطريقة (أي التخلى عن التمسك بقانون المناقصات والمزايدات كأسلوب عمل في تعاقدات الدولة وأجهزتها المختلفة عند طرح مشروعات استثمارية) .وأرجع ضعف قطاع الاستثمار إلى البنية القانونية، التي تلزم الجميع باتباع إجراءات قانونية محددة لدرء شبهات الفساد، ولاختيار أفضل عرض من الناحية الفنية والتكلفة المالية أيضا.
كما تباهى الجنرال السيسي بقدرته على التفاوض وعبقريته في تقليل وقت تنفيذ المشروع المذكور ، وألقى بكل اللوم على الإطار القانوني المنظم للإجراءات معتبرًا أن هذا النظام نظام تقليدي ، وأننا يجب أن نعتمد على المهارات الشخصية والفردية في التفاوض داعيًا ضمنًا إلى مخالفة القانون، وغاب عن الرئيس أن القوانين التي يشير إليها وُضعت بالأساس لمواجهة الفساد وتحجيم دوره، وأن الأسباب الحقيقية وراء “البيروقراطية” السائدة هي نقص الكفاءة في كتابة مناقصات بشروط محكمة تلبي طموحات الدولة، بالإضافة إلى قلة خبرة وتدريب الكوادر الوظيفية المسؤولة عن تنفيذ القانون.
. وهكذا جرت إدارة موارد الدولة وثرواتها فى ضوء رؤية جديدة تماما تقوم على فكرة نسف وتجاوز القوانين خاصة قانون المناقصات والمزايدات ، عكس الفترة التى سادت فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، والتى كانت تقوم على فكرة إيجاد ثغرات فى القوانين تسمح بالتلاعب والفساد . ففى سبتمبر عام 2013، أصدر الرئيس عدلي منصور تعديلات على المادة الأولى من قانون المزايدات والمناقصات بالقرار الجمهورى بقانون رقم ( 82) لسنة 2013، استثنى فيه الأجهزة ذات الموازنات الخاصة ، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية من تطبيق القانون، إذا كانت هناك نصوص خاصة في القوانين أو القرارات الصادرة بإنشائها أو بتنظيمها أو في لوائحها الصادرة بناءً على تلك القوانين والقرارات. وقد جاء هذا التعديل ليتعارض مع إرادة المشرع السابقة، حيث كان الحرص في المادة الأولى قبل التعديل على سريان القانون على كافة الهيئات المخاطبة به دون أي استثناء فكان النص كالتالى ” يعمل بأحكام القانون المرفق في شأن تنظيم المناقصات والمزايدات، وتسري أحكامه على وحدات الجهاز الإداري للدولة - من وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة - وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة، خدمية كانت أو اقتصادية. “. وهذا ما نقرؤه في مذكرته الإيضاحية حيث جاء حرفيا: “(…) كما تسري أحكامه على الهيئات العامة ويشمل ذلك الهيئات القومية ، ولا يعتد بأي نص خاص في القوانين أو القرارات الخاصة بإنشاء تلك الهيئات (…)” . ويوضح ذلك بجلاء أن نية المشرع اتجهت منذ البداية إلى إخضاع جميع الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية ووحدات الإدارة المحلية لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات. كما طال التعديل كذلك المادة (7 ) من القانون التي تجيز الإسناد المباشر لمشاريع اقتصادية دون إتباع إجراءات المزايدات والمناقصات في الحالات العاجلة التي لا تحتمل اتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة، حيث تم رفع قيمة هذا الإسناد لتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 50 ضعفا وفقا لمستوى السلطة المختصة كالتالى: 1-بالنسبة لرؤساء الهيئات والمصالح: في حالات شراء المنقولات أو تلقي الخدمات أوالدراسات الاستشارية ، أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ارتفع الحد الأقصى إلى 500 ألف جنيه ، بعد أن كان 50 ألف فقط ، وأصبحت مليون جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال بعد أن كانت 100 ألف ، وبالتالي تضاعف المبلغ 10 أضعاف. 2-بالنسبة للوزراء والمحافظين: في حال شراء المنقولات أو تلقي الخدمات ، أوالدراسات الاستشارية ، أوالأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ارتفع السقف إلى 5 ملايين جنيه بدلاً من 100 ألف أي 50 ضعفا ، وزادت بقيمة 33 ضعفا بالنسبة لمقاولات الأعمال فأصبحت 10 مليون جنيه بعد أن كانت 300 ألف. وأضاف التعديل بندًا جديدًا على المادة المذكورة حيث أضاف الفقرة (ج ) التي أعطت الوزير المختص بالصحة والسكان الحق في التعاقد المباشر دون الخضوع لأحكام القانون بالنسبة للأمصال واللقاحات والعقاقير الطبية ذات الطبيعة الاستراتيجية وألبان الأطفال، وذلك وفقاً للضوابط والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية، ودون أي وضع سقف مالي لهذه التعاقدات.( ولعل هذا ما سهل لوزيرة الصحة الفاسدة السابقة عمليات الفساد والاختلاس المالي ) . .
في يونيو 2014، صدر قانون آخر هو القانون رقم (48) لسنة 2014 بتعديل نص المادة( 38 ) من القانون المشار إليه ، والتي تسمح للجهات التي ينطبق عليها القانون التعاقدَ فيما بينها بالأمر المباشر. وسمح التعديل بسريان حكمها على الهيئة العربية للتصنيع ، وهي هيئة ذات طبيعة عسكرية تتبع رئاسة الجمهورية ووزير الدفاع- بحيث أصبح من حقّ الجهات الحكومية التعاقد بالأمر المباشر مع الهيئة لتنفيذ الأعمال ، وأصبح للهيئة كذلك الحق في إجراء المناقصات والمزايدات بديلا عن أيا من الجهات المخاطبة بالقانون من وحدات الجهاز الإداري للدولة - وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة وكذلك وحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، سواء كانت خدمية أو اقتصادية.
ومن شأن هذا الأمر أن يولد وضعًا شاذاً للهيئة، بحيث استثناها من ضرورة الالتزام بقواعد القانون الإجرائية واتباع المناقصات والمزايدات في تعاقداتها المختلفة ، كما أنه أبقى على نظامها الخاص المنصوص عليه في القانون رقم( 150 ) لسنة 1976 بشأن حصانات وامتيازات الهيئة العربية للتصنيع ، والذي يعطي الهيئة امتيازات عدة، كما يعفيها من كافة الضوابط المنصوص عليها في القوانين المختلفة ويغل يد الأجهزة الرقابية، ورجال السلطة العامة عن الإشراف عليها وذلك طبقا لنص المادة 2 من القانون المشار إليه . إلا أنه في الوقت نفسه منح الهيئة الحق في أن تحل محل أي من الجهات المخاطبة بالقانون، ما يعني أن حلول الهيئة سيكون معفيا من اشتراطات قانون المناقصات والمزايدات، ما يسمح لها بالتعاقد عن أي من الجهات المخاطبة بأحكام القانون، لكن دون الالتزام بقواعده.
. يتضح من عرضنا السابق أن نظام الجنرال السيسى يجنح إلى إلقاء عبء فشله في الملفات المختلفة، على التشريعات القانونية. فدائما ما يرى النظام أن المشكلة في القانون وليس في منفذيه، وأن أسباب انتشار الجريمة هو قصور في مواد العقاب. وها هو يستعيد النظرة ذاتها فيما يتعلق بملفات التنمية الاقتصادية، حيث يتعامل النظام الحالي مع كل الإجراءات التي تساهم في الحد من الفساد، باعتبارها عوائق لعجلة التنمية، مستبعدًا قصور العنصر البشري، وغياب الكفاءة في اختيار الوظائف العليا. وفيما منح تعديل قوانين العقوبات النظام هامشا واسعا للتحكم في حريات الناس، فإن من شأن استكمال التعديل على قانون المناقصات والمزايدات في اتجاه اعتماد مبدأ التعاقد المباشر، أن يشكل خطوة نحو تكريس وتجذير الفساد، بل نحو منحه حماية قانونية. *.
ولعل هذا يفسر جانبا من المظاهر التي يراها ويعيشها المصريون طوال السنوات العشر الماضية من إستمرار أعمال الطرق وأشغالاته دون توقف ، حيث يولد العطاء من بطن عطاء سابق طالما أن هناك إهدارا لقانون المناقصات والمزايدات الحكومية ، مما فتح الباب واسعا ج
دا لأكبر عمليات فساد وغسل أموال من خلال العطاءات المباشرة في الطرق والكباري ، فيما يمكن أن نطلق عليه في النظرية الاقتصادية الحديثة ( غسيل الأموال الفاسدة من خلال الطرق والكباري ) ، وهو ما ينبغي أن يفتح تحقيقات واسعة وجدية في المستقبل لمراجعة كل عملية من عمليات الردم والبناء التي جرت في هذا العهد الغشوم .
وسوف تكتشفون أكثر حجم الجريمة حينما نتعرض لما يسمى الصندوق السيادي المصري في الحلقات القادمة .

الجنرال السيسي وسرقة القرن
عناصر ومكونات سرقة القرن (11-٢٠)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**.
صدر القرار الجمهوري رقم (57) لسنة 2016 بتاريخ 8 فبراير قبل إنعقاد أولى جلسات مجلس النواب الجديد بعدة أيام قليلة إي لم تكن هناك حالة ضرورة تستدعي إصدار هذا القرار بقانون ، وأنما كانت الرغبة في إختطاف ” المصلحة ” .
ونصت مادته الأولى كما سبق وأشرنا في الحلقة الخامسة من هذه السلسلة على :
( إعتبار الأراضى الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس ، البالغ مساحتها 166645 فدانا شرق الطريق الدائرى الإقليمى (17571 فدانا ) غرب الطريق الدائرى الإقليمى ، المخصصة لصالح جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة ، واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ، من مناطق أقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا لأحكام القانونيين رقمى (59) لسنة 1979 و (7) لسنة 1991 ) .
كما نصت المادة الثانية من القرار الجمهوري بقانون على أن ( تؤسس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ، وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة شركة مساهمة مصرية تتولى تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة ، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ، وتكون قيمة الأرض المشار إليها فى المادة السابقة من حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى رأسمالها ، بعد تقدير قيمتها بالاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية) .
وهنا جوهر ومفهوم سرقة القرن ، حينما يخرج شخص مستخدما سلطته ومنصبه أصول وأموال الدولة من زمام المشروعية المالية المتمثلة في الإطار القانوني والنظامي لإدارة الموارد المالية للدولة المصرية إلى زمام غير نظامي ، وغير خاضع للرقابة والمحاسبة القانونية المناطة إلى أجهزة الرقابة المنصوص عليها دستوريا ، التي تبدأ من المجلس التشريعي ( مجلس النواب ) نزولا إلى أجهزة الرقابة المالية وأهمها الجهاز المركزي للمحاسبات ، وهيئة الرقابة الإدارية .
***.
وهكذا هو الحال في تصرفات الجنرال السيسي منذ أعتلى منصبه في يونيه عام 2014 ، حيث استمرأ وتمادى في أخراج كميات مالية وأصول عينية من الإدارة القانونية للدولة وأجهزتها إلى صناديق لقيطة ليس عليها أية رقابة إبتدأ مما يسمى ” صندوق تحيا مصر ” و الصناديق والحسابات الخاصة في هيئة قناة السويس والصندوق السيادى المصري الذي سوف نكتشف بعد قليل أنه سرداب خطيرفي بيع أصول وأموال الدولة بعيدا عن أية رقابة ، إنتهاء بمشروع عاصمته الإدارية ، والشركة اللقيطة التي تحتجز مئات المليارات من الجنيهات بعيدا عن الرقابة والمحاسبة ، وبعيدا عن المحاسبة الضريبية .
**.
حتى نتعرف على الحجم الحقيقي لسرقة القرن ، والمتمثل فيما وراء إنشاء تلك الشركة اللقيطة المسماة شركة ” العاصمة الإدارية الجديدة ” عام 2016 ، ينبغي أن نحدد عناصر ومكونات هذا المسروق من أموال الدولة المصرية والمجتمع المصري .
نستطيع أن نحدد عناصر ومكونات الأصول المسروقة على النحو الأتي :
1-قيمة الأراضي المستولى عليها بالقرار الجمهوري رقم (57) لسنة 2016 ومساحتها 700 مليون متر مربع ، وتوسعاتها في السنوات اللاحقة إلى 966 مليون متر مربع .
2-قيمة إيرادات وأرباح النشاط العقاري والمباني التي تقوم بها شركة العاصمة الإدارية نفسها .
3-قيمة إيجار المباني الحكومية في عاصمة السيسي الإدارية ( وقدرها 4.0 مليارات جنيه سنويا ) .
4-قيمة المباني الحكومية القديمة في العاصمة القاهرة والتي إنتقلت ملكيتها لذلك الصندوق اللقيط المسمى ” الصندوق السيادي المصري ” بالقانون رقم (177) لسنة 2018 المعدل بالقانون رقم (197) لسنة 2020 ، الذي يقع تحت الإشراف المباشر والمطلق للجنرال عبد الفتاح السيسي والتي تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات .
5-قيمة الضرائب والرسوم التي لا تؤديها شركة العاصمة الإدارية من أرباحها ومبيعاتها بأعتبارها تابعة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للجيش .
6-طرح جزئي أو كلي لشركة العاصمة الإدارية الجديدة في البورصة المصرية والبورصات العالمية كما صرح الجنرال السيسي بتاريخ 14/8/2021 وبتاريخ 6/7/2022 ) واللواء خالد عباس رئيس هذه الشركة بتاريخ 28/5/2023 .
.
ونظرا للغموض وطابع السرية المحاطين بالمشروع في كثير من جوانبه المالية فقد قمنا بالحسابات الاقتصادية اللازمة للتعرف على قيمة هذه الأصول والأموال التي حرم منها الشعب المصري والخزينة العامة للدولة وذهبت في دهاليز الحسابات والصناديق الخاصة لهذه الشركة اللقيطة والتي لا تخضع لأي نوع من الرقابة والمحاسبة . وسوف نتوقف بالشرح والعرض على كل عنصر من عناصر الأصول المسروقة من وراء هذا المشروع الأحتيالي .
أولا : قيمة الأراضي والمباني
أرض عاصمة السيسي الإدارية وتجمع الشيخ محمد بن زايد والبالغ مساحتها الأولية وفقا للقرار الجمهوري (57) لسنة 2016 حوالي 700 مليون متر مربع ، زيدت بعد ذلك لتصل إلى 966 مليون متر مربع ، تتكون من عنصريين :
العنصر الأول : تلك المساحات التي عرضتها شركة العاصمة الإدارية للبيع والاستثمار لكبار المقاولين وشركات المقاولات المصرية والعربية والأجنبية ، والتي يمكن أن نطلق عليها ( الأرض الخام ) ، والتي بلغ سعرها في المتوسط عام 2018 حوالي أربعة آلاف جنيه / للمتر الواحد . هكذا أشترت شركة هشام طلعت مصطفي وشركة نجيب ساويرس وشركة حسين صبور وبقية الشركات ونقدرها بما نسبته 75% من إجمالي المساحة (966 مليون متر × 75% = 724.5 مليون متر مربع ) .
العنصر الثاني : تلك المساحات التي أستأثرت بها شركة العاصمة الإدارية لنفسها حتى تقوم بإنشاء المباني بكافة أنواعها ( وحدات وشقق سكنية فوق المتوسطة – الفيلات – والقصور الفارهة – منشآت ترفيه .. الخ ) ، وكلفت بها شركات مقاولات خاصة مصرية أو عربية أو أجنبية ، ثم عرضتها للبيع للبنوك والأفراد والشركات وغيرها . ونقدر هذه المساحة بما نسبته 25% من إجمالي مساحة المشروع ككل ( 966 مليون متر مربع × 25% = 241.5 مليون متر مربع ) .


وهنا لدينا إفترضين أساسيين :
الأول : أن يكون بناء المباني والمنشآت من عمارات سكنية ( شقق ) أو فيلات وقصور تقام على 10% من هذه المساحات فقط والباقي عبارة عن خدمات وطرق ومتنزهات وغيرها .
الثاني : أن يكون بناء المباني والمنشآت من عمارات سكنية ( شقق ) أو فيلات وقصور تقام على 20% من هذه المساحات فقط والباقي عبارة عن خدمات وطرق ومتنزهات وغيرها .
فلنرى معا كيف نستخلص حجم الأموال التي حرمت منها الخزانة العامة للدولة وذهبت إلى جيوب المقاولين وسماسرة الأراضي والعقارات ، أو إلى الصناديق والحسابات الخاصة بالشركة اللقيطة وشركائها الصغار مثل هيئة المجتمعات العمرانية وهيئة أراضي القوات المسلحة .


أولا : قيمة الأراضي المباعة للمقاولين والمستثمرين وشركاتهم
وفقا للمعادلات الرياضية المستخدمة كالتالي :
1-قيمة الأرض التي استحوذ عليها المقاولين وشركاتهم تمثل( 75% ) من أصل نسبة ال (10% ) من المساحة الكلية للمشروع لإقامة الوحدات السكنية ( شقق ) أو فيلات وقصور =
[ ( 966 مليون متر × 75% ) × ( 10% ) × 4000 جنيه )] = 289.8 مليار جنيه ………………………………………………….(1)
2-أو إذا كانت نسبة المساحات المخصصة للمباني والمنشآت 20% فتكون مبيعات الأرض الخام على النحو التالي : [(966 مليون متر × 75% ) × (20% ) × 4000 جنيه للمتر المربع ] = 579.6 مليار جنيه مصري …………………………………………………..(2)


ثانيا : قيمة الأراضي التي استولت عليها شركة العاصمة الإدارية لنفسها لإقامة مبانيها ومنشآتها عليها
1- قيمة الأرض بإفتراض البناء على 10% فقط =
( 966 مليون متر مربع × 25% ) × (10% ) × 4000 جنيه = 96.6 مليار جنيه ………….(3)
2- أو قيمة الأرض بأفتراض البناء على 20% فقط =
( 966 مليون متر مربع × 25% ) × (20% ) × 4000 جنيه = 193.2 مليار جنيه ………..(4)
إذن القيمة الإجمالية للآراضي التي باعتها شركة العاصمة أو أستولت عليها لنفسها تتراوح بين :
( 289.8 مليار جنيه + 96.6 مليار جنيه ) = 386.4 مليار جنيه ………………………..(5)
أو ( 579.6 مليار جنيه + 193.2 مليار جنيه ) = 772.8 مليار جنيه ……………………(6)
وهذه أول الأصول المسروقة من الخزانة العامة للدولة ومن الشعب المصري لصالح هذه الشركة .ذهبت إلى حسابات هذه الشركة ومن ورائها من جهاز الخدمة الوطنية والجنرالات المرتبطين بسياسات السيسي الذي لايخضع لأية رقابة أو محاسبة أو للمحاسبة الضريبية .
****.
ثالثا : قيمة الإيرادات والأرباح التي تحققها الشركة من مبانيها ومنشآتها وقصورها
أعلنت الشركة في عام 2018 عن أسعار بيعها للشقق والفيلات والقصور التي سوف تعرضها على الجمهور وقد تراوحت بين : 11 ألف جنيه للمتر المربع تشطيب في حالة الشقق ، و28 ألف جنيه للمتر المربع تشطيب في حالة الفيلات والقصور ، وقد زيدت هذه الأسعار في السنوات اللاحقة ، لكننا لسهولة الحساب سوف نلتزم بتلك الأسعار المعلنة عام 2018 .
وهنا لدينا سيناريوهان أو إحتمالان :
السيناريو الأول : أن تقام مباني العاصمة الإدارية على 10% فقط من الأراضي

  • على أفتراض أن شركة عاصمة السيسي سوف تقوم بالبناء بنسب 50% للعمارات والشقق ، و50% الأخرى للفيلات والقصور ( وإن كنا نميل بحكم دراسة سلوك ونمط تحيزات الجنرال السيسي والمحيطين به أن الغالبية سوف تكون لصالح بناء الفيلات والقصور الفاخرة ) .
    1- تكون الحصيلة = ( المساحة المخصصة للبناء من حصة شركة العاصمة وقدرها 24.2 مليون متر مربع × 50% للشقق ) × 11.0 ألف جنيه للمتر المربع تشطيب = 132.9 مليار جنيه …………………(7)
    2- مضافا إليها = ( المساحة المخصصة للشركة وقدرها 24.2 مليون متر مربع × 50% ) × 28.0 ألف جنيه للمتر المربع = 338.2 مليار ………………………………………………….(😎
    إي أن إجمالي مبيعات (إيرادات ) شركة العاصمة من الشقق والفيلات والقصور = (7 ) + (😎 = 471.1مليار جنيه ………………………………………………………………..(9)
    فإذا قدرنا أن معدل أرباح هذا النشاط العقاري الرأسمالي هو 25% من إجمالي الإيرادات أو المبيعات وهي نسبة متواضعة جدا في مثل هذا النشاط يكون لدينا صافي أرباح قدرها 117.8 مليار جنيه لم تسدد عنها ضرائب وفقا للقوانين والقرارات التي تعفي الشركات التابعة للجيش من أية ضرائب أو رسوم ..!!؟؟
    .
    السيناريو الثاني : أن يكون المشروع مقام على 20% فقط من مساحة 966 مليون متر مربع .
  • أي المعادلة [ ( 966 مليون متر × 20% ) ( 25% للشركة )] = 48.3 مليون متر مربع .
  • تقوم الشركة بالبناء على هذه المساحة بنسبة 50% للشقق والوحدات السكنية ( عمارات ) و50% الثانية للفيلات والقصور .
  • تكون الحصيلة = ( 48.3 مليون متر مربع × 50% ) × 11.0 ألف جنيه للمتر المربع = 265.7 مليار جنيه .(10)
  • يضاف إليها = ( 48.3 مليون متر مربع × 50% ) × 28.0 ألف جنيه للمتر المربع = 676.2 مليارجنيه .. (11)
    أي أن إجمالي مبيعات وإيرادات شركة العاصمة وفقا لأسعار عام 2018 المعلنة =(10) + (11) .
    = 941.9 مليار جنيه …………………………..(11)
    فإذا قدرنا معدل أرباح هذا النشاط يعادل 25% فقط – وهي نسبة متواضعة جدا في مثل هذا النشاط العقاري الفاخر يكون لدينا 235.5 مليار جنيه أرباح صافية لم تسدد عنها ضرائب طبقا للقوانين والقرارات التي تعفي الشركات التابعة للجيش من الضرائب والرسوم .
    ****.
    وفي المحصلة النهائية فأن قيمة الأراضي التي أستولي عليها الجنرال عبد الفتاح السيسي والجنرالات المحيطون به لصالح مشروع العاصمة الإدارية مضافا إليها حجم الأرباح المقدرة من مبيعات هذه الشركة من الشقق والفيلات والقصور تقدر كالتالي :
    قيمة الأرض الخام المباعة للمقاولين وشركاتهم + قيمة الأرض التي إستحوذت عليها شركة العاصمة الإدارية دون أن تسدد قيمتها للخزانة العامة للدولة + قيمة الأرباح التي حققتها هذه الشركة من إيراداتها ومبيعاتها من الشقق والفيلات والقصور ( بأسعار عام 2018 ) كالتالي :
    1-قيمة مبيعات الأرض الخام للمقاولين تتراوح بين 289.8 مليار جنيه إلى 579.6 مليار جنيه .
    2-قيمة الأرض التي إستحوذت عليها شركة العاصمة الإدارية تتراوح بين 96.6 مليار جنيه إلى 193.2 مليار جنيه .
    3-قيمة الأرباح المقدرة لشركة العاصمة الإدارية بنسبة 25% فقط من إيرادات النشاط ( المبيعات ) تتراوح بين 117.8 مليار جنيه إلى 235.5 مليار جنيه التي لم تسدد عنها ضرائب .
    وبالتالي يصبح إجمالي ما تم سرقته من الشعب المصري لصالح هذه الشركة اللقيطة ومن يقف ورائها في موضوع الأراضي والمباني فقط يتراوح بين 504.2 مليار جنيه إلى 1008.3 مليار جنيه .
    هذه الأموال ذهبت إلى حسابات ودهاليز هذه الشركة اللقيطة لا تسدد عنها ضرائب أو رسوم للخزانة العامة للدولة ولا نعرف على وجه الدقة ما هو نصيب هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهيئة أراضي القوات المسلحة من هذه الأرباح وبيع هذه الأصول من الأراضي والعقارات .

ثانيا : قيمة إيجار الشركة للمباني الحكومية في الحي الحكومي
أعلن الجنرال عبد الفتاح السيسي في أكثر من لقاء من لقاءاته العامة الواسعة سواء بتاريخ 14/8/2021 أو بتاريخ 6/7/2022 عن رغبة شركة العاصمة الإدارية اللقيطة في تأجير مباني الوزارات والأجهزة الحكومية بالحي الحكومي بنظام حق الانتفاع بقيمة أربعة مليارات جنيه سنويا .
وكرر الرجل مقولته الشهيرة ( بأن الموازنة الحكومية لم تدفع جنيها واحدا في بناء العاصمة الإدارية ) وهو ما سبق أن شرحنا في الحلقات السابقة كذب هذا الإدعاء جملة وتفصيليا .
أذن يضاف هذا المبلغ إلى قيمة الأصول والأموال المسروقة من الشعب المصري في أكبر عملية أحتيال في تاريخ مصر الحديث .


ثالثا : الإستيلاء على المباني والمقرات الحكومية القديمة في المدن الرئيسية
التي جرى ضمها إلى ما يسمى الصندوق السيادي المصري الذي يأتمر مباشرة من الجنرال السيسي ويقدر بعشرات المليارات من الجنيهات ( مثل مباني مجمع التحرير ، وزارة المالية في عدة مناطق حيوية بالقاهرة ، وزارة العدل بلاظوغلي – وزارة الداخلية بلاظوغلي ، مباني الأجهزة المركزية الكبرى في مدينة نصر مثل التنظيم والإدارة ، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، وزارة التربية والتعليم بشارع القصر العيني وغيرها عشرات من المباني الحكومية ) ذات القيمة المعمارية العالية من ناحية والقيمة المالية الهائلة من ناحية أخرى . والتي نقدرها بأكثر من 300 مليار جنيه إلى 400 مليار جنيه .
وحصيلة مبيعات هذه المباني الحكومية سوف تدرج في الحسابات والصناديق الخاصة لهذا الصندوق السيادي اللقيط ولن يدخل منه جنيها واحدا للخزانة العامة للدولة ، بما يعد نهبا وسطوا على الأصول والأموال العامة .ومن ثم حرمان الخزانة العامة للدولة من مبيعات الصندوق السيادي المصري .
. خامسا : وأخيرا طرح جزئي أو كلي لأصول وممتلكات شركة العاصمة الإدارية اللقيطة للبيع في البوصات وفقا لتصريحات الجنرال السيسي بتاريخ 14/8/2021 فأن شركة العاصمة الإدارية سوف تطرح – سواء جزئيا أو كليا - في البورصة المصرية وربما في البورصات العالمية ، وقد قدر الجنرال السيسي أصول هذه الشركة اللقيطة بما يتعدى ثلاثة إلى أربعة تريليون جنيه ، بخلاف ما تمتلكه من أموال سائلة في البنوك قدرها 40.0 مليار جنيه عام 2021 سوف تزيد إلى 100.0 مليار جنيه خلال عامين ( حديثه بتاريخ 14/8/2021 و 6/7/2022 ) وغالبا سوف تكون للخليجيين وخصوصا الأماراتيين والسعوديين حصة معتبرة من هذه الطروحات في الورصة المصرية ، والتي من المؤكد أنها سوف يعاد بيعها إلى أطراف أجنبية كما عودتنا سماسرة الإمارات في كثير من الحالات وغالبا إلى أمريكيين ويهود مزدوجي الحنسية . كما أشار الرجل في الحديث المشار إليه أن حصيلة هذه المبيعات سوف توضع في صندوق وحساب خاص ، بعيدا بالطبع عن الخزانة العامة للدولة ، وبعيدا عن أعين الأجهزة الرقابية والمحاسبية وخصوصا الجهاز المركزي للمحاسبات . *.
والحقيقة أن ما جرى ويجري فيما يسمى مشروع ” العاصمة الإدارية الجديدة ” للجنرال عبد الفتاح السيسي ومجموعة الجنرالات المحيطين به تمثل خروجا مطلقا عن كل أسس المشروعية المالية المتعارف عليها والمنصوص عليها في الدستور والقوانين المصرية ، وكذا في كل دول العالم التي تحترم دستورها وقوانينها .
وإذا صدق الجنرال السيسي فيما صرح به بتاريخ 6/7/2022 و بتاريخ 14/8/2021 بأن قيمة أصول العاصمة الإدارية تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة تريليون جنيه ( بما يعادل بين ٦0 مليار دولار إلى 80 مليار دولار بسعر الصرف السائد حاليا 50 جنيه للدولار ) ، سوف تعرض للتداول الجزئي أو الكلي في البورصة المصرية والبورصات العالمية ، وأن حصيلة البيع سوف توضع في صندوق خاص ، وقد يتطور الأمر إلى درجة رهن أصول هذه الشركة لدى الدائنين الخليجيين والأجانب ، أو عن طريق قانون التوريق المزمع إصداره والعمل به . ولن يكون مصيرها أفضل كثيرا من الشركة المصرية للاتصالات التي كانت تعد أكبر شركة مصرية من حيث قيمة الأصول (33.0 مليار جنيه ) ، أو رأسمالها (17.6 مليار دولار ) وجرى بيعها قطعة وراء قطعة وشريحة وراء شريحة ولم يتحسن الوضع الاقتصادي والمالي للدولة المصرية .
أذن نحن إزاء كارثة وطنية وعملية سرقة ونهب غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد .


.

عرض بيع شركة العاصمة الإدارية ؟ (12-٢٠)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**.
يحتاج تحليل الموقف الذي عرضه الجنرال السيسي بتاريخ 14/8/2021 و بتاريخ 6/7/2022 بشأن عرض شركة العاصمة الإدارية جزئيا أو كليا في البورصة المصرية وفي البورصات العالمية إلى وقفه خاصة وتحليل مستفيض .
كما أن التوضيح والتصريحات التي أعلنها اللواء خالد عباس رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة بتاريخ 28/5/2023 ،عبر قناة ” صدى البلد ” حيث عرض الرجل بعض التفاصيل المتعلقة بالعاصمة الإدارية الجديدة وقال : إنه “من المستبعد أن يتم بيع شركة العاصمة الإدارية نظرا لأن حجمها كبير ” وأن “طرح نسبة قد يكون أكبر من حجم البورصة ” ، وأكد أنه من الممكن مستقبلا طرح بعض الشركات المنبثقة من الشركة الأم، مؤكدا أن هذه الشركات متخصصة في قطاعات بعينها مثل إدارة المباني أو المرافق.
وقال عباس أن شركة العاصمة الإدارية مملوكة لثلاث جهات هي جهاز أراضي القوات المسلحة ، وجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان.
وأضاف أن رأس مال الشركة يبلغ 20 مليار جنيه ( ملاحظة من الباحث : أنها لم تسدد منها جنيها واحدا وأنما كانت تمثل حصتها المقدرة من الأراضي التي أستحوذت عليها هذه الشركة بموجب القرار الجمهوري رقم (57) لسنة 2016 ) ، ولدينا مخطط لمضاعفة رأس مال الشركة قريبا، وهي مقامة على مساحة 230 ألف فدان ( ما يعادل 966 مليون متر مربع ) ؛ بعد زيادة 60 ألف فدان جديدة، مؤكدا أن مساحة المرحلة الأولى منها هي 40 ألف فدان؛ بعد زيادة حدودها حتى محور 30 يونيو الواصل إلى مدينة الجلالة.
وأضاف عباس أن أصول شركة العاصمة على الأرض في المرحلة الأولى؛ وصلت لـ 300 مليار جنيه، والهدف أن تكون شركة العاصمة الجديدة الأكبر في الشرق الأوسط. وأكد أن قيمة الحي الحكومي حاليا تصل لـ 80 مليار جنيه، مشيرا إلى أن هناك 25 ألف وحدة فى الحي السكنى الأول بالعاصمة الإدارية تم بيعها بالكامل.
من جهة أخرى، نفى رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة، معلومات متداولة مفادها أن عمليات البيع في العاصمة ستتم بعد الانتهاء من تنفيذها بالكامل.
وقال عباس تجري عمليات بيع حاليا في العاصمة الإدارية) .
إلى هنا إنتهى كلام اللواء خالد عباس رئيس تلك الشركة اللقيطة .
***.
وفي وقت سابق، طلب عضو لجنة الرقابة على الصكوك السيادية(السيد الصيفي) ، طرح أسهم شركة العاصمة الإدارية للبيع في الأسواق العالمية، وقال إن قيمتها السوقية تبلغ 800 مليار دولار، وذلك حسبما نشر في حسابه على “فيسبوك”.
فما هو مخاطر المرحلة القادمة ؟
تكمن المخاطر المصاحبة لسلوك الجنرال عبد الفتاح السيسي ومجموعة الجنرالات المصاحبين له وأخرهم اللواء خالد عباس المعين رئيسا للشركة اللقيطة في الأتي :
1- يجري حاليا ما سبق أن قامت به حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك – وخصوصا حكومة أحمد نظيف – من تقطيع وتجزئة الكيانات والشركات الكبيرة مثل شركة مصر للطيران وشركات التأمين التجاري ( مصر والشرق والأهلية وإعادة التأمين ) وغيرها من الشركات التي جرى خصخصتها وبيعها قطعة وراء قطعة ، وشركة وراء شركة ، وهو ما يجري حاليا بالنسبة لشركة العاصمة الإدارية اللقيطة ، فنظرا لحجمها الضخم الذي يترواح بين ثلاثة إلى أربعة تريليون جنيه مصري ( بما يعادل 60 إلى 80 مليار دولار أمريكي ) قد يصعب بيعها قطعة واحدة ، كما قد يصعب أن تجد لها مشتريا خليجيا أو أجنبيا واحدا ، لذا يكون من الملائم من أجل إتمام عمليات البيع أن تجزأ الشركة والكيان الضخم إلى قطع أصغر حجما ، وشركة وراء شركة تماما كما أفصح اللواء خالد عباس رئيس الشركة المعين من قبل الجنرال عبد الفتاح السيسي .
2- أن مسلسل البيع الذي بدأه الجنرال عبد الفتاح السيسي من جزيرتي تيران وصنافير ، وأمتد إلى الشركات العامة والبنوك ، وأراضي الوطن مثل سيدى عبد الرحمن ، ومن بعده أرض راس الحكمة في الساحل الشمالي بمحافظة مرسى مطروح ، وبعده راس جميلة في شرم الشيخ تحت يافطة الاستثمار وتشجيع المستثمرين وخصوصا الخلايجة وتحديدا الإماراتيين والسعوديين يكشف عن أبعاد خطيرة جدا جدا على أمن مصر القومي في الحاضر وفي المستقبل . فمن يملك الأرض يملك التصرف فيها ، وسوق المشترين في الخارج مزدحم بكل من هب ودب وخصوصا اليهود المتجنسين بالجنسيات الغربية والأمريكية ، وتصبح حواف حدودنا الغربية والشرقية وربما الجنوبية في المستقبل مشغولة بمن لا نعرف ولائهم ولا إنتمائهم .
3-أن الأراضي التي أستولى عليها الجنرال السيسي ومجموعة الجنرالات المرافقين له دون أن يسددوا للدولة المصرية وللخزانة العامة وللموازنة العامة جنيها واحدا والتي تقارب حاليا أكثر من 100 مليار متر مربع (منها 966 مليون متر مربع لعاصمته الإدارية ، و170.6 مليون متر لأراضي راس الحكمة ، وحوالي مليون متر مربع في راس جميلة ، وبالإضافة إلى جوانب 21 طريق من الطرق الحيوية لمصر لعمق ثلاثة كيلومترات يمينا ويسارا ، وألف كيلو متر مربع معروضة من جانبه للمشاركة في مشروع نيوم السعودي ، وغيرها من الأراضي والجزر النهرية والبحرية التي سبق وعرضنا بعضها في الحلقات الخمسة الأولي من هذه الدراسة المطولة ، والتي يجري نقلها إلى القوات المسلحة في البداية ( كمحلل ) ثم يتم نقل ملكيتها وبيعها إلى مستثمرين هم أقرب إلى سماسرة ومضاربين على الأراضي والعقارات لا يمكن وصفها سوى بأنها عمليات أحتيال بقدر ما هي إساءة إلى جيش مصر وتاريخه .
4- ومن المؤكد والمعلوم بالضرورة أن حصيلة بيع أسهم شركة العاصمة الإدارية اللقيطة تلك سوف لن تذهب إلى الخزانة العامة للدولة للتخفيف من حدة العجز في الموازنة العامة للدولة أو تعديل الميزان المختل في قطاع التعليم أو الصحة ، وأنما سيكون مصيره هو الحسابات والصناديق الخاصة التابعة لجهاز الخدمة الوطنية وشركات الجيش المعفاة من الضرائب والرسوم والتي لاتخضع للرقابة والمحاسبة بما يمثل أكبر سرقة في تاريخ الدولة المصرية وخزائنها العينية والمالية . في نفس الوقت الذي تعرض فيه وزارة المالية بتاريخ مايو 2023 بيع أذون خزانة بقيمة 46 مليار جنيه بفائدة 23.8% ، لتحمل مزيدا من الديون المحلية والأجنبية على مصر وشعبها .
**. والحقيقة أنه لا يمكن أن تكتمل صورة سرقة القرن دون التطرق بالعرض والتحليل لدور إبراهيم العرجاني وشركاته في هذه العمليات الخفية وسمسرة الدم .. فلنتوقف قليلا عند هذه الظاهرة ، ومن بعدها نتوقف عند ظاهرة شركات الأمن الخاصة وتوسعاتها وتوظيفها السياسي في عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي ؟ . .*


الجنرال السيسي وسرقة القرن
العرجاني .. الباب الخلفي للفساد الرئاسي (13-٢٠)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
. أعتاد الجنرالات والكولونيلات الفاسدين في أمريكا اللاتينية وفي قارة أفريقيا سواء جاءوا بإنقلابات عسكرية أو بانتخابات مشكوك في نزاهتها في الكثير من الأحيان ، أن يقوموا إلى جانب أعمالهم الرسمية ، بتنظيم شبكة معاملات مالية واقتصادية غير قانونية ، تتخفى أحيانا وراء الأبناء والأقارب ، أو بإستخدام وسائل الابتزاز وممارسة الضغوط وإستعمال السلطة الممنوحة لهم معنويا أو ماديا . ومن أقرب هذه التجارب لنا والتي مازالت حية في أذهاننا وتجاربنا ، تجربة نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك ( علاء وجمال ) وبعض أقرباءه وأصدقاءه الأقربين مثل حسين سالم مدير أعماله الخفي ، وبعض رجال الأعمال المقربين للرجل وأسرته . وكذا تجربة العقيد معمر القذافي وأبناءه سيف والمعتصم وعائشة وآخرين ، وبالمثل تجربة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ونجليه قصي وعدي ، والرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح وأنجاله أحمد وخالد وصلاح و صخر ومدين وزيدان علاوة على بناته العشرة . قس على ذلك تجارب كثير من الزعماء والقادة والرؤساء الأفارقة وفي أمريكا اللاتينية وخصوصا العسكريين منهم مثل الجنرال ” مانويل نوريجا ” في بنما وشبكات تجارة المخدرات . .
الأن نحن بصدد تجربة جديدة وحزينة ، أختلط فيها المال والسمسرة مع الحروب والدم في سيناء وغزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء خصوصا في حرب الإبادة الإجرامية التي قامت بها إسرائيل وجيشها ضد سكان غزة منذ الثامن من أكتوبر / تشرين أول عام 2023 حتي لحظة كتابة هذه السطور (22 /4/2024 ) .
وتمثل حالة السيد إبراهيم العرجاني المولود في سيناء عام 1971 ، نموذجا فريدا يحتاج إلى الفحص والتحليل بدقة سواء على مستوى الشخص وتاريخه ، أو على مستوى أنشطته الاقتصادية والمالية التي برزت فجاءة وخلال سنوات قليلة لا تتجاوز عشر سنوات .
فهذا الشخص الذي ظل مطاردا وشقيقه من السلطات المصرية في سيناء لسنوات طويلة ، بتهم تهريب المخدرات ، وأغتيال بعض أفراد وضباط الشرطة المصرية ، وقيادة تمرد محدود بين أبناء أحدى القبائل في سيناء ( قبيلة الترابين ) . فجاءة يظهر كرجل أعمال كبير محاط بالحراسات ويصاحب الجنرال السيسي الرئيس المعلن لمصر ويشارك أبنه محمود السيسي الضابط في المخابرات العامة المصرية في بعض الأنشطة التجارية والأمنية الخفية
فمن هو إبراهيم العرجاني ؟ وما علاقته بالجنرال السيسي وأبنه وقيادات الجيش والشرطة ؟


وتعتمد بيانات ومعلومات هذا الجزء من بحثنا حول العرجاني على عدة مصادر صحفية مصرية وعربية وأجنبية منشورة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر : جريدة اليوم السابع القريبة من الأجهزة الأمنية المصرية ، ومجلة فورين بوليسي الأمريكية المرموقة ، ومجلة التايمز البريطانية ، وجريدة العربي الجديد اللندنية ، وموقع البوابة نيوز القريب من السلطات الأمنية المصرية والإماراتية ، وجريدة الدستور المصرية ، وموقع الموقف المصري .
.
فعقب انسحاب إسرائيل من سيناء بعد عام 1979 ، تعرض بدو سيناء للتهميش بسبب تصورات أمنية سابقة عن تعاون بعضهم مع الاحتلال رغم دور كثير منهم في محاربته بشهادة المخابرات العامة المصرية، وتزايد هذا التهميش، وصاحبه قمع شديد واعتقالات عقب الهجمات التي وقعت في طابا ودهب وشرم الشيخ بين عامي 2004 و2005، بسبب اتهام الأمن لبعضهم بمساعدة المنفذين ، وجرى القبض على العشرات من الناشطين في شبه جزيرة سيناء ، كما وقعت عدة مناوشات بين الجيش والبدو أشهرها عام 2008.التي قتل فيها أحمد العرجاني شقيق إبراهيم العرجاني وأثنين أخرين وتركت جثثهم بالقرب من مستودع للقمامة ، وتقول المصادر الشرطية إن الرجال الثلاثة كانوا مسلحين وتم إطلاق النار عليهم، بعد أن رفضوا التوقف عند نقطة تفتيش قرب الحدود مع إسرائيل.
وعلى أثرها قام مئات من البدو فور العثور على الجثث الثلاث وبمساعدة جنود إسرائيليين كانوا يرشدونهم من الجهة الأخرى للحدود ، بمحاصرة عدة مراكز شرطة في شمال سيناء واحتجاز رجال الشرطة داخلها. وفرضوا طوقاً حول نقطة شرطة (المدفونة ) بالقرب من الحدود مع إسرائيل ، واحتجزوا 11 من رجال الشرطة كانوا داخلها. وحاصروا كذلك نقطة شرطة (وادي الأزارق ) واختطفوا أربعين من رجال الشرطة كانوا يعملون فيها ثم أطلقوا سراحهم بعد 24 ساعة .
ويقول بشير العرجانى وهو شقيق أحد القتلى الثلاثة “غير معقول ما فعلوه بالجثث”. ويضيف “أن الشرطة لا تتصرف بهذه الطريقة إلا فى سيناء، أنهم يعاملوننا كأننا محتلون أو كأننا اغتصبنا أرضهم”. واعترف ضابط من الشرطة بواقعة ترك الجثث بجوار مستودع القمامة، ولكنه لم يفسر أسباب هذا التصرف.
وقد جرت أعتقالات بين أهالي البدو وكان السبب المعلن للاعتقالات هو احتجاز البدو عدداً من ضباط وجنود الشرطة في بعض المراكز الشرطية ، ومحاصرة من فيها ، وبعد مفاوضات لاحقاً، أفرجت الشرطة عن قرابة 63 من بدو سيناء في 13 يوليو 2010، لتخفيف الاحتقان بينهم وبين الشرطة، كان من أبرزهم إبراهيم العرجاني، أشهر مهرب عبر الحدود والأنفاق، وزميله (سالم أبو لافي ) والناشط السياسي مسعد أبو فجر.
مع استمرار شكوى البدو من القمع والتهميش والفقر الشديد وعدم اهتمام الحكومة المصرية بهم، وتركيز الاستثمارات السياحية بمناطق جنوب سيناء، دون شمالها، بدأوا بالعمل في تهريب البضائع والسلع والمخدرات. كان إبراهيم العرجاني و(سالم لافي) أحد أبرز من لعبوا أدواراً في التهريب بسيناء، وتجارة الأنفاق التي ازدهرت قبل ثورة يناير عام 2011 وبعدها وساعد على ذلك انهيار الأمن هناك، واستمرت حتى 2014. ثم توقفت بعد حملة الأمن المصري على الأنفاق وإغراقها وتشييد سور حديدي عميق.
وقد أشارت صحيفة اليوم السابع شبه الحكومية إلى سبب آخر لاعتقالهم حينئذ، مؤكدة في تقرير نشرته بتاريخ الثاني من ديسمبر 2008 أن الأسباب الحقيقية ترجع إلى كشفهم في لقاء مع لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب ، أسرار العلاقة بين الأمن والبدو. وذكرت إن العرجاني و(سالم أبولافي) كشفا للجنة معلومات تحرج قيادات الشرطة تندرج ضمن “أسرار الشغل” بينهم وبين قيادات الأمن، والتي لا يجب البوح بها، ومنها تعاون الطرفين في عمليات التهريب والسلاح.
كان هذا اعترافاً شبه رسمي بدور (العرجاني ) و( لافي ) في التعاون مع الأمن المصري قبل ثورة يناير 2011 في التهريب، وهو الدور الذي استمر وتعاظم مع الجيش والمخابرات عقب انتفاضة عام 2013 ضد حكم تنظيم الأخوان ، وانتهي الأمر بالعرجاني لاحقاً إلى تدشين تعاون رسمي مع الجيش وتولي الجانب الاقتصادي والتمويلي في سيناء، بجانب تمويل مليشيات قبلية لمحاربة تنظيم الدولة الإرهابي ، الذي حاول اغتياله ونسف منزله. بينما تولي (سالم لافي ) قيادة مليشيا أبناء القبائل، الذين دربهم الجيش ومولهم العرجاني، لقتال تنظيم الدولة، وقد قتل لافي بتاريخ 10 مايو 2017، وجرى تجسيد شخصيته في مسلسل الاختيار في رمضان 2020 كصديق لضباط الجيش.
في ذلك الحين نشرت مجلة فورين بوليسي المرموقة بتاريخ 23 أغسطس 2013 تقريراً ساخراً بعنوان ” إذا كنت تبحث عن الحشيش في القاهرة فاتصل بالشرطة؟ “، لتدلل فيه عن تورط قوات الأمن بسيناء في تجارة المخدرات والتواطؤ مع المهربين.
وبسبب فشله في القضاء على تنظيم ولاية سيناء، إتجه النظام المصري نحو إعادة إنتاج واستنساخ نموذج الصحوات العراقية سيئة السمعة، التي أنشأها الاحتلال الأمريكي لمعاونته في قتال تنظيم الدولة الإرهابي والمقاومة العراقية هناك ، وأتبعت القوات الأمنية معادلة تقوم على “زراعة المخدرات مقابل محاربة المسلحين”، لجذب اتحاد قبائل سيناء، الذين يرأسه إبراهيم العرجاني.
وقد حصل المتعاونون على امتيازات منها زراعة المخدرات دون اعتراض الجيش والشرطة، وتوسعوا فيها، وتردد تقديمهم رشاوى لقادة السلطة؛ للتغاضي عنهم بدعوى أنهم معاونون للدولة، كما يقول المصدر السيناوي.
أما إبراهيم جمعة العرجاني
فقد ولد في منطقة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء عام 1971، والده جمعة العرجاني ووالدته صبيحة الشاعر من قطاع غزة ، وعمه الحاج سليم هو من الزعماء ذوي الفضل في سيناء ، وهو أبرز أفراد قبيلة الترابين.
نشأ في خان يونس مع والدته ، وأثناء الانتفاضة الثانية عام 2000، انتقل إلى الشيخ زويد، حيث درس وحصل على دبلوم التجارة ، ويقول أحد مشايخ سيناء لجريدة ( العربي الجديد ) التي تصدر من لندن في 25 يونيو 2021، إن “أساس المال الذي يملكه اليوم، يعود إلى عمله في تهريب المخدرات عبر الحدود بين مصر والأراضي المحتلة. وكذلك من خلال عمله في تهريب البشر خصوصاً الأفارقة من سيناء لإسرائيل، ومن شبه الجزيرة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق خلال السنوات العشر قبل الثورة .
وقبل ثورة يناير 2011، لعب العرجاني أدواراً سرية، بالتعاون مع جنرالات في الجيش والشرطة، في تحصيل أرباح ضخمة من التهريب في سيناء للبشر والمخدرات والسلع، وكذا عبر الأنفاق مع غزة. وبعد الثورة ثم انقلاب 2013 وهدم الأنفاق، تحول تعاون الطرفين إلى ترتيبات رسمية معلنة عبر شركات تستهدف تحقيق مكاسب مالية ضخمة من وراء مشاريع تقام في غزة وتوفر مصدر للمعلومات للأجهزة الإستخبارية المصرية ، لكن لا يزال ناشطون في سيناء يتهمونه بتجارة المخدرات. بحسب مصدر سيناوي، كان العرجاني من أكثر المستفيدين من غزة سواء في مرحلة التهريب عبر الأنفاق، أو بعدما أسس شركات منها “أبناء سيناء” بالتعاون مع قادة بارزين في الجيش المصري.
وقد اشتهر العرجاني في كل من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة على السواء بسبب أدواره كوسيط للدولة المصرية وتحديداً الجيش والمخابرات الحربية التي يقودها اللواء عبد الفتاح السيسي في العديد من الملفات. فالعرجاني الذي كان معتقلاً لدى الأمن المصري حتى 13 يوليو 2010، بتهمة احتجاز ضباط وجنود على حدود مصر الشرقية خلال فترة الصراع بين البدو والشرطة، ودوره في تهريب بضائع وسلاح، عبر الأنفاق. تحول بين يوم وليلة، عقب أحداث 30 يونيو 2013 إلى حليف للجيش والنظام. كما شكل ومول قوات من أبناء القبائل، دربها وسلحها الجيش، لمحاربة مجموعة ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة، كما تولى دور “مقاول غزة” المصري كواجهة لشركات العسكر، وبات العرجاني يلعب دوراً حيوياً في ملف إعمار غزة بعد كل إعتداء إسرائيلي على القطاع ، ومكنته علاقاته بشخصيات بارزة قبل ثورة يناير عام 2011 وبعدها مباشرة مثل مدير المخابرات الحربية اللواء عبد الفتاح السيسي من القفز إلى مسرح الحياة الاقتصادية والاجتماعية بأضوائها ومساخرها .
وبعد انقلابه في يونيه عام 2013 ، حرص الجنرال عبد الفتاح السيسي على لقاء العرجاني ضمن مجموعة من أفراد قبائل سيناء في 13 مايو من ذات العام، وظهر في صورة نشرتها وسائل الإعلام وهو يبحث معه ملفات شبه الجزيرة، ثم التقاه مرة أخرى في 15 يوليو 2021 خلال اجتماعه مع رجال أعمال، وعينه سفيراً من سفراء مبادرة حياة كريمة، بحضور رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
وهو يتولى حالياً رئاسة مجلس إدارة قائمة طويلة من ستة عشرة شركة منها : شركة أبناء سيناء، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة سيناء للخير والتنمية الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار وثلاثة عشرة شركة أخرى سوف نعرضها بعد قليل .
وفي يناير 2022، أصدر الجنرال عبد الفتاح السيسي قرارًا بتعيين إبراهيم العرجاني، عضوًا بمجلس إدارة الجهاز الوطني لتعمير شبه جزيرة سيناء والتي تعتبر هيئة عامة اقتصادية تتبع رئاسة مجلس الوزراء.[3] فأضفى عليه إطارا رسميا وحكوميا سهلت له نشاطه التجاري فيما بعد .
وبعدها بشهور قليلة في 29 نوفمبر 2022، أصدرت جلوبال أوتو بياناً ببدء عملها كوكيل رسمي في السوق المصري للعلامة التجارية بي إم دبليو والإنجليزية ميني كوپر. [2]
كما يترأس إبراهيم العرجاني (نيابة عن مجموعة العرجاني) مجلس ادارة شركة جلوبال أوتو للسيارات، وهي شراكة مصرية خليجية (يمثل الجانب المصري مجموعة العرجاني والصافي، وشركتي محمد يوسف ناغي للسيارات (السعودية) وأولاد علي غانم (الكويت).
ويعد إبراهيم العرجاني صديق وشريك للعميد محمود السيسي نجل الجنرال السيسي، والضابط بالمخابرات العامة، ويحصلان معاً على إتاوات على كل شاحنة تدخل من سيناء إلى غزة”. كما “يحصلون على إتاوات من عمليات التهريب، والآن يستعدان للاستفادة من بقرة حلوب” تسمي إعمار غزة”، بحسب المصدر السيناوي [4]
لهذا أرسلت المخابرات الحربية المصرية أحدى شركات العرجاني ” شركة أبناء سيناء” إلى غزة لرفع أنقاض العدوان الإسرائيلي في مايو 2021 ، والاستعداد لخطة الإعمار التي تربطها القاهرة وواشنطن وتل أبيب وعواصم عربية بـ “التهدئة” ووقف المقاومة ضد إسرائيل. وأعلن الجنرال عبد الفتاح السيسي عقب وقف إطلاق النار في غزة نهاية مايو عام 2021 عن خطة للإعمار بقيمة 500 مليون دولار ستنفذها شركات العرجاني بالتنسيق مع المخابرات المصرية.
وضمن دوره كمقاول غزة، أسس العرجاني في 21 ديسمبر 2021 شركة “هلا” للخدمات السياحية لتولي عملية نقل أهالي القطاع حصرياً، عبر أتوبيسات وتأشيرات مقابل مبالغ مالية ضخمة، تصل إلى 1200 دولار للفرد الواحد. زادت أثناء محرقة وحرب الإبادة الإسرائيلية ضد سكان غزة منذ أكتوبر 2023 إلى خمسة آلاف دولار وأحيانا عشرة آلاف دولار للفرد الواحد .
وعقب تولي العميد محمود السيسي دوراً بارزا في جهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تقنين هذا التعاون بشكل رسمي عبر شركات يديرها العرجاني “لكنها واجهة للجيش والمخابرات”، حسبما يقول المصدر السيناوي. وبحكم رئاسته أيضا قبيلة ترابين البدوية و”رابطة زعماء القبائل في شمال سيناء”، المعروفة بتعاونها مع الاستخبارات المصرية في حربها ضد الجماعات الإرهابية في شبه الجزيرة ، مول العرجاني ما أصبح يطلق عليه “صحوات سيناء” لقتال فرع تنظيم الدولة الإرهابي.
ويرتدي مقاتلو القبائل، أحياناً زي الجيش المصري ويحملون رشاشات حديثة وأسلحة نارية أخرى، يعملون على مداهمة مخابئ تنظيم الدولة وأماكن التجمع باستخدام شاحنات صغيرة أعطاها لهم الجيش، وسيارات بيك أب بمدافع رشاشة. وتضع القوات القبلية المشاركة في العمليات ملصقات على هذه السيارات مكتوباً عليها “كتائب الشهيد سالم أبو لافي”، وهو مؤسس المجموعات القتالية في اتحاد قبائل سيناء والذي قتل في أبريل 2017. وبحسب صحيفة المونيتور الأمريكية 11 ديسمبر 2021.بدأت مليشيات القبائل تطارد خبراء المتفجرات في تنظيم الدولة الإرهابي من أجل أضعافه ويحرمه من أسلوب البقاء الأخير، وهو زرع المتفجرات على الطرق لقتل الجيش والشرطة.
وللحديث بقية ..
.**

الجنرال السيسي وسرقة القرن
العرجاني .. الباب الخلفي للفساد الرئاسي (14- ٢٠)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
. سعى الجنرال السيسي للعب بورقة غزة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإثبات أهميته كحليف وتخفيف ضغوط اتهام القاهرة بانتهاك حقوق الإنسان. وبعد طرحه فكرة إعمار القطاع، تولى العرجاني دور “مقاول غزة” ليدير بيزنس الجيش هناك بجانب سيناء. وعقب حصوله على ضوء أخضر من جهاز المخابرات العامة، أصبحت شركتا العرجاني: 1- “مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار”. 2- “أبناء سيناء للتشييد والبناء” . تحتكر كل ما يتعلق بغزة، من بضائع وتشييد ونقل السكان. ضمن دوره في الوساطة من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وقوات الاحتلال بعد معركة سيف القدس عام 2021 ، كما أوعز نظام السيسي للعرجاني بإرسال معدات شركته إلى القطاع. ويقول ” تسفي يسرائيل ” المحلل السياسي لصحيفة هآرتس إن المستفيد الرئيسي من خطة إعادة الإعمار هي شركة أبناء سيناء، لمالكها رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، الذي يترأس أيضا قبيلة الترابين البدوية. وأوضح في تحليل نشره 27 نوفمبر 2021 أن “العرجاني، الذي يمتلك أكبر شركات المقاولات في مصر، يتلقى الأوامر من الاستخبارات المصرية فيما يخص حركة البضائع إلى غزة ، ويوقع اتفاقيات مع مقاولي البناء هناك “كي لا تتلوث أيدي القاهرة الرسمية بالتعاون الاقتصادي المباشر مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس”، على حد قول الكاتب الإسرائيلي. وأنه “بهذه الطريقة، يمكن لمصر أيضاً الاستفادة من تمويل السعودية والإمارات اللتين لا تريدان حاليا أي اتصال مباشر مع حماس، على الرغم من استعدادهما لمساعدة القاهرة في الحفاظ على احتكارها للسيطرة على غزة”. ويفرض العرجاني مبالغ مالية كبيرة على البضائع الواردة إلى القطاع، يضطر التجار إلى دفعها لتسهيل مرور بضائعهم، في ظل التشديد الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد لغزة. وكشف أحد القائمين على شركة شاحنات يستخدمها العرجاني لنقل البضائع، لصحيفة “العربي الجديد” 25 اللندنية بتاريخ يونيو 2020 أن “كل شاحنة تمر من سيناء يأخذ مقابلها 11 ألف دولار أميركي”. ويدخل يوميا ما لا يقل عن 100 شاحنة إلى غزة من معبر رفح ، وبالتالي يكون العائد اليومي حوالي 1.1 مليون دولار أى حوالى 330 مليون دولار سنويا . وقد نشرت الجريدة الرسمية يوم 7 نوفمبر 2023، القرار رقم( 234 ) لسنة 2023، والذي ينص على تعيين إبراهيم جمعة العرجاني عضواً بالجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، التايع لوزارة الدفاع المصرية.وكان رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، قد أصدار قرارا جمهوريا في يناير 2022، بإضافة إبراهيم العرجاني لمجلس إدارة هذا الجهاز، قبل أن يعاد تشكيله بقرار من وزير الدفاع. . . وتماما كما فعل الجنرال السيسي مع قاتل ثوار يناير البلطجي الأشهر ” صبري نخنوخ ” حينما أصدر قرارا جمهوريا بتاريخ 16/5/2018 بالعفو عنه من حكم قضائي بسجنة المؤبد ثم بعد فترة قصيرة جرى تعيينه مدير تنفيذيا لأحدى أهم شركات الأمن الخاصة التابعة للمخابرات الحربية وهي شركة ” فالكون ” بتاريخ 23/10/ 2023 . وفي 7 فبراير 2022 احتفل إبراهيم العرجاني بزفاف نجله (عصام العرجاني ) على الآنسة شيرين البايض بوجود مئات الفنانين والنجوم ورجال الأعمال ونخب إعلامية وحكومية مصرية وعربية وممثلي القبائل في سيناء وغير سيناء ، وكان من بين الحاضرين عمرو دياب الذي أحيا الحفل ، وأحمد السقا ، وأحمد أبو هشيمة ، وفيفي عبده ، وروجينا ، و البلطجي الأشهر صبري نخنوخ. .
وفي سبتمبر 2022، أعلن النادي المصري عن تعاقده مع مجموعة العرجاني لتحصل على حق رعاية الفريق الأول للكرة بالنادي المصري اعتبارًا من الموسم الكروي المقبل 2023/2022 ولمدة ثلاثة مواسم.
وفي 19 يناير 2023، أعلن النادي الأهلي عن توقيع عقد مع راع جديد على قميص ناديه خلال بطولة كأس العالم للأندية 2023.وفي مساء نفس اليوم أقام النادي حفلاً ضخماً بمناسبة توقيع التحالف الاستراتيجي بين الأهلي ومؤسسة العرجاني گروب.
سيشمل التحالف بين الطرفين العديد من المحاور أبرزها، المجال السياحي وسيصبح أساس التعاون بين الأهلي متمثلا في شركة الأهلي ‏للسياحة ومؤسسة العرجاني في سفر مشجعي النادي لمساندة الفريق ببطولة كأس العالم للأندية.


إمبراطورية العرجاني وشركاءه المخفيين من العسكر :
وفقا للإعلانات الترويجية المنشورة عن مجموعة شركات هذا الشخص المشكوك في مدى دقتها وصحتها فقد تأسست مجموعة “العرجاني جروب عام 2011” Organi Group ، ولم يبلغ من العمر 37 عاما لتكون الشركة الام لمجموعه الشركات التي تعمل في مجالات البناء والعقارات والخرسانة الجاهزة والتصدير والتجارة والنقل والضيافة والسياحة والصيانة والصيرفة عبر ستة عشرة شركة على النحو التالي :
1-شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات : أقدم شركات العرجاني، تعمل في مجال المقاولات، كان له حضور واسع في مشروع إعادة إعمار غزة قبل الحرب، تتحكم بشكل مباشر في مرور البضائع والشاحنات من وإلي غزة عبر معبر رفح. وتنشط الشركة في مجال إدارة المحاجر بالشراكة مع شركات الجيش في سيناء حيث تدير عدد من محاجر مثل محجر جبل عتاقة بمحافظة السويس ، ووادى أم ثميلة ، والمغارة بجبل الحلال بمحافظة شمال سيناء.
2-شركة أبناء سيناء للتشييد والبناء : التي تكاد تنفرد بالعمل في قطاع غزة والبحر الأحمر والمناطق التي يحرص الجيش وقياداته على التواجد فيها .
3-شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية : اشتهرت في الآونة الأخيرة مع الحرب على غزة، تتحكم الشركة في حركة عبور الأفراد من غزة وإليها وتعمل في بيزنس التنسيقات الأمنية مع المخابرات الحربية حيث بلغ سعر خروج الفرد من القطاع أثناء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد سكان غزة بين خمسة آلاف دولار إلى عشرة آلاف دولار ، بحسب بلومبيرج والجارديان وغيرها من المصادر ، ومن ثم تحصل الشركة على ملايين الدولارات من خلال التنسيق الأمني، ولديها فروع في القاهرة وغزة .
4-شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار: تأسست في يونيو 2014 بعد تكليف من الجنرال السيسي ، يملك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة 51% من أسهمها، وتوزعت 49% الباقية على مساهمين مدنيين . وقد تم تعيين إبراهيم العرجاني رئيسا لمجلس إدارتها، ويردد العرجاني بأنها شراكة بين مواطني سيناء والجيش ، وأن أسهمها طرحت على أبناء سيناء بسعر السهم 10 جنيه، لكنها ما زالت لغزا كبيرا فهي عبارة عن مقاول رئيسي في كل مشروعات سيناء وكذلك في القاهرة في مشروعات مثل سيتي كلوب. كما أنها كانت بمثابة مقاول في مشروعات إعادة إعمار غزة قبل حرب الإبادة الحالية عام 2023 .
5- شركة نيوم للتطوير العقاري: تعمل أيضا في استصلاح الأراضي الزراعية، لديها مشروعات زراعية في وادي النطرون ضمن مشروع المليون ونصف فدان التابع للجيش، ولديها أيضا مشروعات عقارية في الساحل بالشراكة مع شركة أرابيلا للتطوير العقاري، كما فازت موخرا بعقد إدارة وتشغيل هايبر ماركت سبينز في التجمع الخامس.
6- شركة إيتوس للخدمات الأمنية : تعمل في مجال خدمات أمنية وحراسة تقدم خدمات التأمين للأحداث الرياضية والترفيهية، لديها عقد تأمين مع النادي الأهلي ، تقوم بتأمين مباريات المنتخب والنوادي المصرية، قامت بتأمين الكثير من المنشآت في مصر، تفوز بالعقود عبر تشغيلها لعدد واسع من القيادات الأمنية السابقة، على سبيل المثال اللواء توفيق بدير مدير أمن نادي الزمالك السابق، وكذلك مدير أمن جامعة القاهرة، وحاليا يعمل مع إيتوس كمدير لأمن قلعة محمد علي، كما تقوم الشركة بتأمين استاد القاهرة وحفلات دار الأوبرا المصرية والقائمة تطول..
7- شركة إيجي ميكس للخراسانة الجاهزة . تعمل في مشروعات كثير تابعة للجيش والدولة ، تضاعف أعمال وأرباح هذه الشركة عدة مرات بسبب مشروعات البنية التحتية اللي تقوم بها الدولة.ويشرف عليها الجيش وجهاز الخدمة الوطنية .
8- شركة العرجاني للتطوير: تعمل في مجال التطوير العقاري، بحسب ما هو منشور لها مشروعات كبيرة في قطاع السياحة في البحر الأحمر، مثل فندق رويال جراند شرم الشيخ ، فندق ذا بالاس بورت غالب ، والباتروس بلازا المملوك لرجل الأعمال كامل أبو علي الرئيس التنفيذي لمجموعة الباتروس بلازا .
9- شركة بي جروب: شركة متخصصة في التسويق وتنظيم الحفلات والمؤتمرات، نظمت مهرجان العلمين ومؤتمرات شباب العالم، وغيرها من الأحداث التسويقية تقوم بالتسويق لمشروعات حياة كريمة وغيرها. شاركت في الدورة الرمضانية ، غير معروف بالضبط هل هي مملوكة للعرجاني مباشرة؟ أم شراكة مع شخصيات أخرى من خلف الستار ؟
10-شركة نيوم للصرافة : شركة صرافة نشأت في 2020 بترخيص من البنك المركزي تعمل في مجال تحويل وتغيير الأموال ، وقد تكون وسيلة لإخراج الأموال للخارج .
11- شركة حدائق : ظهرت عام 2022 في مشروع تطوير حديقة الحيوان بالقاهرة ، ستحصل الشركة بعد نهاية حق انتفاع الشركة الإماراتية وورلد وايد للاستشارات على حق تشغيل الحديقة ورئيس الشركة هو محمد كمال الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة استادات التي أنشأت أندية سيتي كلوب، والمملوكة بشكل مباشر لجهاز المخابرات العامة.
12- شركة كادينس للطاقة : شركة متخصصة في المنتجات الكيماوية، تأسست عام 2023 قبل شهر واحد من توقيعها على عقد للشراكة مع القابضة للصناعات الكيماوية بحضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لإنشاء مصنع لإنتاج حبيبات الكلور، الذي كان ضمن إستراتيجية الدولة لتوفير العملة الصعبة من إستيراد هذه المنتجات والمنتجات الشبيهة، رئيس الشركة هو أحد قيادات قطاع البترول سابقا في مصر وهو محمد إبراهيم شيمي.
13- مؤسسة سيناء للخير .
بالإضافة إلى هذه الشركات فأن إبراهيم العرجاني شريك في عدد من المشاريع والشركات الأخرى أهمها شركة The ARC وهي شركة عقارية بدأت تظهر بشكل أكبر خلال السنوات الأخيرة ، وكذلك شراكة مع مجموعة الغانم الكويتية ، ومجموعة الصافي (صهر شقيق الرئيس السيسي) ” صافي ” الذي ينتسب صاحبها بصلة قرابة ونسب مع المستشار أحمد السيسي الشقيق الأكبر للجنرال عبد الفتاح السيسي . ويحصل بمقتضاها على عقود إنشاءات بمليارات الجنيهات .وعلى توكيل بي إم دبليو في مصر، التي أعيد افتتاح مصنعها السنة الماضية بعد توقفه لسنوات.
ومن هنا يأتي السؤال الخطير ما سر هذا الصعود السريع؟ وهل هذه أموال إبراهيم العرجاني؟ والأهم هل النفوذ في هذا البيزنس مع وجود ميليشيا تحمل السلاح تابعة له بدعم من دولة السيسي في سيناء ألا يشكل خطرا على سيناء مستقبلا ( تجربة ميليشيا الدعم السريع في السودان ) ؟
وألا يشكل خطرا على الشعب المصري وقواه الوطنية مع شركة صبري نخنوخ ؟

وسرقة القرن
العرجاني والصافي .. شراكات الفساد الرئاسي (15-٢٠)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
***.
تناولت بعض المواقع الإخبارية المصرية والعربية حكاية السيد (صافي وهبه ) صهر المستشار أحمد السيسي الشقيق الأكبر للجنرال عبد الفتاح السيسي ، ونظرا لأهمية هذا الموضوع وإرتباطه بموضوع سرقة القرن ، وجدنا من المناسب أعادة تناول هذا الموضوع مع الإحتفاظ بحق موقع ( الموقف – المصري والصحفي ناجي عباس ) .


مجموعة الصافي هي مجموعة مساهمة مصرية تأسست عام 1985، وكانت تعمل في التوكيلات التجارية، وتحديداً الهواتف المحمولة والاستيراد من الصين، كما آلاف من المجموعات التجارية، وكانت قيمتها حتى عام 2018 تتراوح بين خمسين إلى ستين مليون دولار فقط لا غير.
في السادس عشر من اكتوبر 2016 - أصدر رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل قرارا بتشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة تمويل الإرهاب، برئاسة المستشار أحمد سعيد السيسي نائب رئيس محكمة النقض والشقيق الأكبر للجنرال عبد الفتاح السيسي - خريج كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر – والذي عمل منتدبا في قطر لعشر سنوات - وحينها ثار جدل كبير حول صلاحيات المستشار شقيق الرئيس من خلال هذا المنصب وتساؤلات حول مطاطية وعمومية أسباب تمتع هذه الوحدة باختصاصات واسعة في الرقابة على الحسابات البنكية للأشخاص والشركات والكيانات التي تدور حولها شبهات غسل الأموال، أو دعم الإرهاب، أو تلقي الأموال من جهات أجنبية، وترفع أعمالها للنيابة العامة، وخاصة وأن بإمكان تلك الوحدة التوصية بالتحفظ على الحسابات المصرفية وتجميدها وقيل حينها داخل الاوساط الصحفية ان هناك رجل أعمال مول حملة اعلامية كبرى لتلميع سيادة المستشار وتصويره باعتباره أهم شخصية قضائية تستحق ذلك المنصب !؟
وبالبحث تبين أن صاحب تلك الحملة هو رجل الأعمال (صافي وهبة ) .
والحقيقة أنه لايمكن تفسير وفهم هذا التعيين ألا في إطار السياق العام الذي سمح للجنرال عبد الفتاح السيسي بتعيين أبنه ( محمود ) في موقع القيادي المتنفذ في جهاز المخابرات العامة ، وأبنه الثاني ( مصطفى ) في موقع مؤثر في هيئة الرقابة الإدارية ، وها هو يعين شقيقه في منصب غاية في الحساسية والخطورة حيث رقابة عمليات غسل الأموال وخروجها ودخولها من المنافذ المصرفية والبنكية ..!!
ووصل الأمر إلى حد أن قام بالايعاز بتعديل القانون في شهر سبتمبر عام ٢٠٢٣ بما يسمح لشقيقه بالاستمرار في هذا المنصب برغم بلوغه سن التقاعد بما يخالف الاعراف القانونية وهو ما أطلق عليه البعض من باب السخرية ( قانون احمد السيسي ) .
.
وفي عام 2017 بدأت مجموعة صافي وهبة في تنويع اعمالها واهتماماتها تتجاوز الهواتف المحمولة والمنتجات البلاستيكية من الصين، حدث ذلك بالتزامن مع تسرب أنباء عن تقارب ملحوظ وغير مفهوم بين ( صافي وهبة ) ووزير التربية والتعليم القادم من أمريكا الدكتور طارق شوقي، وأنباء أخرى عن قرب خطوبة محمد صافي وهبة نجل رجل الأعمال (صافى وهبه ) على (هاجر ) كريمة المستشار احمد السيسي المعينة في سبتمبر 2014، معاونة بالنيابة الإدارية، رغم أن تقديرها كان مقبولا حسبما تردد حينها.
وبالفعل في أغسطس 2018، عُقد قران محمد صافي وهبه ، على الأنسة هاجر احمد السيسي، ابنة المستشار أحمد السيسي .وفي نفس العام 2018 حصلت مجموعة صافي وهبة على حق التوريد الحصري على صفقة التابلت للمدراس المصرية في مشروع وزير التربية والتعليم وقتئذ سىء الذكر ( د. طارق شوقي) ، واُعلن حينها أنه قد رسى عليها العطاء رغم عدم معرفة أي أنباء عن أية مناقصات بهذا الخصوص ، ولا عن الشركات التي ” قد تكون نافست على الصفقة، والتي بلغت قيمتها 500 مليون دولار حسب ما أعلن حينها طارق شوقي بنفسه والتي كانت ممولة بقرض من البنك الدولي تحت مسمى ” برنامج تطوير التعليم في مصر ” .
وفي العام التالي مباشرة في أغسطس 2019، تم تعيين رئيس مجلس إدارة مجموعة صافي وهبة بقرار من وزير الصناعة رئيساً للجانب المصري في مجلس الأعمال المصري الكويتي.
ثم تتوالى الانباء عن توسع صافي وهبة فى أعماله ، ففي 2020، ظهر فجأة أسم صافي وهبة مرة أخرى كرئيس لمجلس إدارة شركة النيل لحلج الأقطان، التي خصخصتها الحكومة من قبل وصدر حكم من الإدارية العليا ببطلان عقد الخصخصة ، ورغم ذلك ظل (صافي وهبة ) رئيساً لمجلس إدارة النيل لحلج الأقطان .
وفي نفس العام 2020 ، جرى الاستحواذ على 93% من شركة النيل لحلج الأقطان خلال عرض شراء إجباري للأسهم من البورصة بقيمة 50 جنيه فقط للسهم، بالرغم من أن سعره في 2016 أثناء المفاوضات على حل أزمة الخصخصة كان تقييمه يقارب 100 جنيه.
وفي عام 2022 دخلت مجموعة الصافي التي يرأسها الصافي وهبة - رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري الكويتي جنباً إلى جنب مع مجموعة العرجاني، المملوكة لإبراهيم العرجاني أحد قيادات بعض ميليشيات القبائل فى سيناء التابعة للمخابرات الحربية المصرية والشريك للعميد محمود السيسى نجل الرئيس عبد الفتاح السيسى ، في شراكة غير مفهومة مع مجموعة الغانم الكويتية، التي كانت الوكيل الحصري لسيارات بي إم دبليو في مصر، وأعيد فتح مصنع التجميع الخاص بالسيارات بعد توقفه قرابة خمس سنوات.
. . ولفتت هذه الشراكة نظر العامة، وصدرت تعليمات شفوية لرؤساء تحرير الصحف ووسائل الاعلام بتلميع ابراهيم العرجاني- رجل المقاولات الشهير في سيناء، والمتهم في قضية خطف عناصر من الشرطة قبل ثورة يناير 2011، والمقرب للنظام الحاكم وتحديداً نجل الرئيس محمود السيسي - وفي نفس العام أسست مجموعة العرجاني ومجموعة صافي وهبة من جانب، وعدد من المستثمرين المحليين والاجانب شركة للتطوير العقاري اسمها The ARC ، وبدأت في بناء مشاريع في العاصمة الإدارية كأولى مشاريع الشركة بتكلفة 30 مليار جنيه. وفي بداية العام 2023 ظهر(صافي وهبة ) مرة ثالثة في صفقة أثارت الكثير من اللغط حينما استحوذت شركته على 53% من حصة الشركة العربية للفنادق المالكة لفندق هيلتون رمسيس في صفقة بحوالي 4 مليار جنيه فقط - رغم تقييمه بحسب سعر الصرف حينها بلغ 9.6 مليار جنيه - ووجود عرض في ذلك الوقت من مجموعة الكواري القطرية بشراء فندق هيلتون رمسيس في القاهرة مقابل 320 مليون دولار(ما يعادل 9.9 مليار جنيه وفقا لسعر الصرف 31 جنيها للدولار ) ، كما اشترت الصافي وهبة في نفس الوقت حصة صناديق سيادية عربية، مثل الصندوق السيادي الكويتي وهيئة الاستثمار الليبية مع العلم أن العربية للفنادق تمتلك فنادق أخرى غير هيلتون رمسيس. كما يمتلك صافي وهبه صاحب مجموعة (الصافي جروب ) شركه الاستيراد و التصدير التي تمتلك فروع موبينيل ، و توكيل Apple ، و شاومي ‏و أكبر مستورد للاعلاف و القمح و الزيوت ، ‏و رئيس شركه النيل للاقطان ‏و رئيس مجلس التعاون المصري الكويتي . بالتزامن مع ذلك أعلنت مجموعة سوديك العقارية الكبرى، والمملوكة حالياً لمجموعة الدار العقارية الإماراتية عن مشروع جديد في الساحل الشمالي بالمشاركة مع مجموعة صافي وهبة وأحد أطرافها المرتبطة ( والتي قد تعني أحد شركات إبراهيم العرجاني ) لإنشاء وتطوير مشروع سكني سياحي على قطعتي أرض بمساحة 440 فدانا ( ما يعادل 1.84 مليون متر مربع في الساحل الشمالي ) بإيرادات متوقعة حوالي 80 مليار جنيه على مدار 11 سنة ، حصة سوديك (73%) ومجموعة الصافي (بنسبة 27%) من الإيرادات مقابل الاراضي التي تملكها مجموعة الصافي وهبة والتي سيقوم عليها المشروع . والسؤال أين وحدة غسيل الاموال من مليارات مجموعة صافي وهبة هذه ؟ وهي التي كانت قبل سنوات قليلة شركة متواضعة للغاية ؟؟؟ وهل الصفقات السابقة كلها والتي تمت خلال 5 سنوات فقط وحولت مجموعة صافي وهبة إلى هذا العملاق المالي وبأكثر مما أنجزته منذ تاريخ تأسيسها في منتصف الثمانينات . . .

الجنرال السيسي … والمحسوبية والوساطة والحنث بالقسم الدستوري (16-25)
بقلم / عبد الخالق فاروق
**.
أنشئت وحدة مكافحة غسل الأموال وفقا للقانون رقم (80) لسنة 2002 ، وقد نصت المادة الثالثة من القانون على أن ( تنشأ بالبنك المركزي المصري وحدة مستقلة ذات طابع خاص لمكافحة غسل الأموال تمثل فيها الجهات المعنية ، وتتولى الإختصاصات المنصوص عليها في القانون ، ويلحق بها عدد كاف من الخبراء والمتخصصين في المجالات المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون ، وتزود بمن يلزم من العاملين المؤهلين والمدربين ) .
ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على ( ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل الوحدة ونظام إداراتها ، وبنظام العمل والعاملين فيها ، دون التقيد بالنظم والقواعد المعمول بها في الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام ) .
وقد منح القانون صلاحيات واسعة جدا لهذه الوحدة ، بهدف تحسين أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الموجودة لدى كافة المؤسسات المالية العاملة في مصر حتى تحول دون استغلالها في غسل الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية أو في تمويل الأنشطة الإرهابية. وتتولى الوحدة تلقي وتحليل وتوزيع الإخطارات التي ترد إليها من المؤسسات المالية إلى الجهات المختصة.
ويمتد عمل الوحدة إلى التوصية بالتحفظ على الحسابات المصرفية أو تجميدها، بالنسبة للأشخاص أو الجهات التى يثبت تورطها فى غسل الأموال، أو تتوافر لدى الوحدة أدلة على دعمها أو تمويلها للإرهاب، وترسل توصيتها إلى النيابة العامة، التى ترفع لها الوحدة كل نتائج أعمالها.
وتستند وحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب فى عملها إلى تتبُّع النشاطات المشكوك فيها، وتُعد تلك الأنشطة كل سلوك ينطوى على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها، أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أوالتلاعب فى قيمتها، إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه، أو تغيير حقيقته، أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك، أو عرقلة التوصل إلى شخص مـن ارتكـب الجريمة المتحصل منها المال.
******.
وتختص الوحدة بتلقي تقارير المعاملات المشبوهة من المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية، والقيام بأعمال التحري والفحص، بالتعاون مع جهات أخرى (مثل هيئة الرقابة الإدارية وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية)، ثم إبلاغ النيابة العامة حال قيام دلائل على ارتكاب جريمة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو جريمة أخرى، والتنسيق مع الجهات القضائية وأية جهة مختصة أخرى في شأن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتعقب أو تجميد الأموال أو عائداتها أو الحجز عليها، والتنسيق مع الجهات المختصة في الدول الأجنبية فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وتبادل المعلومات والبيانات والإحصائيات اللازمة. وفي مايو 2014، أضيف لها اختصاص مكافحة تمويل الإرهاب.
*.
إلى هنا ويبدو واضحا مدى قوة وصلاحيات هذه الوحدة والقوة التي يستحوذ عليها رئيس مجلس أمناء هذه الوحدة والعاملين معه . فهي جهاز رقابى لها صلاحيات واسعة فى ما يتعلق باختصاصاتها التى يأتى على رأسها الرقابة على الحسابات البنكية للأشخاص والشركات والكيانات التى تدور حولها شبهات غسيل الأموال، أو دعم الإرهاب، أو تلقى الأموال من جهات أجنبية.


ونظرا لأن القانون لم ينص على كيفية تكوين وتشكيل هذه الوحدة ، وتركها لسلطة رئيس الجمهورية فقد سارع الرئيس الأسبق حسني مبارك بإصدار القرار الجمهوري رقم (164) لسنة 2002 ، الذى يتضمن فى المادة الثانية منه تشكيل مجلس أمناء للوحدة يضم خمسة أعضاء، ثلاثة بحكم وظائفهم واثنين من أهل الخبرة.
فالقرار الجمهوري رقم (164) في صيغته الأولى كان ينص على تعيين مساعد وزير العدل رئيسا للوحدة يختاره وزير العدل ، ويضم مجلس أمناء الوحدة -إلى جانب الرئيس- ممثلًا عن النيابة العامة يختاره النائب العام، ونائبًا لمحافظ البنك المركزي يختاره المحافظ، إضافة إلى نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، ورئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء، وممثل اتحاد بنوك مصر، وخبير اقتصادي يختاره رئيس الوزراء إلى جانب المدير التنفيذي للوحدة. .
.
بيد أنه وبعد تعيين المستشار سرى صيام رئيس الوحدة الأسبق رئيسا لمحكمة النقض ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى عام 2009 ، أصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارا جمهوريا برقم (243) لسنة 2009 بتعديل القرارالجمهوري ( 164) لسنة 2002 ، بحيث ينص على أن : ( تتشكل للوحدة مجلس أمناء برئاسة أحد رجال القضاء بدرجة نائب رئيس محكمة النقض أو ما يعادلها أو رئيسا بمحكمة الاستئناف. وعضوية كل من : ….. ).
وفي السنوات التي أعقبت ثورة يناير عام 2011 تناوب على رئاسة الوحدة المستشار علاء مرسي نائب رئيس محكمة النقض بالقرار رقم (1102) لسنة 2012 ، ثم أعقبه المستشار عادل السعيد ، وكان وقتئذ يشغل منصب النائب العام المساعد ورئيس مكتب الكسب غير المشروع ، ونظرا لوجود تضارب في المصالح فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء ” شريف إسماعيل ” القرار رقم (2647) في 16 أكتوبر / تشرين أول 2016 بتشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، برئاسة المستشار «أحمد سعيد حسين خليل السيسي»، شقيق الرئيس «عبد الفتاح السيسي ” ، لمدة عامين قابلة للتجديد لمرة واحدة .
.
ومن هنا تذكر المصريون في أول ظهور للجنرال عبد الفتاح السيسي كمرشح رئاسي عام 2014 ، تحدث عن وظائف أبنائه فالأبن الأكبر ( محمود ) يعمل في المخابرات العامة ، وأبنه الثاني ( مصطفى ) يعمل في الرقابة الإدارية والأبن الثالث ( حسن ) يعمل في قطاع البترول الغني جدا في مرتباته ومكافآته ومزاياه المالية والعينية ، وعندما لمح في عيون المذيعين تساؤلات حول دور الواسطة والمحسوبية ، رد بحزم وصرامة بأنه يكره الواسطة والمحسوبية.
وفي لقاء آخر قال جملته الشهيرة “أنا موتي وسمي الواسطة”.
تماما كما أقسم على فراغ ثلاجة منزله لمدة عشر سنوات ألا من المياه .
وكما أقسم على أن جزيرتي تيران وصنافير بأنهما ليستا مصريتان .
لكن مع توالي سنوات رئاسة السيسي، بدأ المصريون يتهامسون حول انتشار وسيطرة عائلة السيسي في جهات ومناصب حكومية مهمة ونافذة ، ومع تصاعد الاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية، تحول الهمس إلى ضجيج حول دور نجله الأكبر محمود في المخابرات العامة وسيطرته على الأجهزة الأمنية، وبالتالي سيطرته على الحياة السياسية في مصر التي تدار عبر تلك الأجهزة.
لكن ليس محمود وحده هو من يتحدث عنه المصريون حاليا، فهناك شقيق الجنرال السيسي المستشار أحمد السيسي الذي يقول مراقبون إنه تعبير عن استنساخ الرئيس لتجربة تصعيد نجله محمود في المخابرات ونجله مصطفى في الرقابة الإدارية، حيث يطبقها أيضا في القضاء مما هدد استقلاليته.


وتكشف قضية تعيين المستشار أحمد سعيد خليل السيسي الشقيق الأكبر للجنرال عبد الفتاح السيسي في رئاسة وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي المصري في أكتوبرعام 2016 ، ثم تعديل القانون رقم (80) لسنة 2002 لضمان إستمرار الرجل في منصبه برغم تجاوزه سن التقاعد ، بما يشي بإستخفاف الجنرال السيسي بالقوانين التي أقسم على إحترامها في بداية تسلمه منصبه كرئيس للجمهورية طوال السنوات العشر الماضية .
فوفقا لقانون «غسل الأموال» كان يحدد مدة رئاسة الوحدة بعامين فقط، إلا أن المستشار أحمد خليل السيسي استمر في رئاسة الوحدة ، وجرى التجديد له في سبتمبر 2018، بقرار أصدره رئيس الوزراء بتشكيل المجلس برئاسة المستشار أحمد السيسي لمدة عامين آخرين.
وفي يونيو 2019، صدّق الجنرال السيسي على تعديل للقانون يتضمن زيادة مدة رئاسة وعضوية مجلس الأمناء لتكون «سنتان ويجوز تجديدها لمدة أو لمدد أخرى».
وبموجب هذا التعديل، استمر المستشار أحمد السيسي في رئاسة مجلس الأمناء لمدة ثالثة بدأت في 2020 وتنتهي في شهر سبتمبر 2022 .
وقد سبق كل قرار من قرارات رئيس الوزراء هذه، قرارات أخرى من وزير العدل بندبه ندبًا كليًا (العمل كل الوقت) من وظيفته كرئيس لإحدى دوائر المواد التجارية والاقتصادية والضريبية بمحكمة النقض للعمل بالوحدة.
وقبل أسابيع قليلة من انتهاء فترة ومدة رئاسة المستشار أحمد السيسي لمجلس أمناء هذه الوحدة الخطيرة والممسكة برقابة التحركات المالية دخولا إلى مصر وخروجا منها حدث ما لم يكن يصدقه أحدا في النظم التي يحترم القائمون عليها القانون والدستور .
فقد أوعز الجنرال السيسي لمندوبيه في مجلس النواب وهم الغالبية الكاسحة الماحقة – الذي جرى أختيار أعضاءه على عين وتقارير أجهزة المخابرات والأمن منذ عام 2016 – بتقديم تعديل تشريعي يسمح بالإبقاء على شقيقه المستشار أحمد سعيد حسين خليل السيسي، رئيسًا لوحدة «مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» بالبنك المركزي بلا نهاية فيما أطلق عليه في الأوساط القضائية ولدى الرأي العام المصري ” بقانون أحمد السيسي ” ؟؟ .
وبحسب القانون القديم ، فقد كان من المقرر أن تنتهي فترة المستشار أحمد السيسي الحالية في 19 سبتمبر 2022. ولأن المستشار السيسي سيصل إلى سن التقاعد (70 عامًا) وبالتالي إحالته للمعاش من عمله القضائي كنائب لرئيس محكمة النقض في يونيو 2023، سيكون صعبًا وفقًا للقانون القديم أن يستكمل مدة جديدة تبدأ في سبتمبر كرئيس للوحدة أو التجديد له مددًا أخرى. لكن هذا تغير مع التعديلات الجديدة.
غيّرت التعديلات الجديدة بالقانون رقم (154) لسنة 2022 من شروط تولي رئاسة الوحدة: فأصبح الشرط هو أن يكون من «أحد الخبرات القضائية» لمدة لا تقل عن 15 عامًا في محاكم النقض أو الاستئناف، بعد أن كانت تشترط فيما سبق أن يكون «أحد رجال القضاء» من محكمة النقض فقط. ويفتح هذا الباب أمام مد تعيين المستشار أحمد السيسي حتى بعد خروجه إلى المعاش باعتباره من أصحاب الخبرة القضائية في محكمة النقض. كذلك لم تحدد التعديلات آلية اختيار رئيس الوحدة بعد أن كانت في القانون القديم مسؤولية وزير العدل.
يثير هذا تساؤلات عن أسباب إزالة العقبات ليستمر شقيق الرئيس على رأس الوحدة إلى أجل غير مسمى، وما يعنيه هذا فيما يخص أسلوب الحكم وإدارة الدولة الآن.
ووفقا لما يقوله أحد المستشارين فأنه قبل التعديل الأخير للقانون كان على رئيس الوزراء في 18 سبتمبر 2022 أن يصدر قراره المعتاد بإعادة تشكيل مجلس أمناء الوحدة ليكون عامين بالنسبة للأعضاء، وتسعة أشهر فقط بالنسبة للمستشار السيسي حتى بلوغه سن التقاعد 30 يونيو 2023. وبعدها كان من المنتظر تسمية رئيس جديد ليكمل فترة العامين من أول يوليو 2023 حتى سبتمبر 2024. لكن بموجب التعديلات الأخيرة بالقانون السفاح رقم (154) لسنة 2022 ، يكون لرئيس الجمهورية، بدلًا من رئيس الوزراء، أن يواصل إصدار قرارات بإعادة تشكيل مجلس أمناء الوحدة برئاسة شقيقه المستشار أحمد السيسي كل عامين دون حد أقصى.
اللافت أن التعديلات لم تتضمن تحديد الآلية الجديدة لاختيار رئيس الوحدة. قبلها، كان مجلس القضاء الأعلى يرشح قاضيًا من رؤساء دوائر النقض لوزير العدل، وإذا وافق الأخير على الترشيح يرسل الاسم لرئيس الوزراء لتعيينه، ومع التعديلات الجديدة، لم يعد الاختيار قاصرًا على قضاة محكمة النقض.
ألغت التعديلات الجديدة طريقة الترشيح هذه، ولم توضح طريقة ترشيح جديدة. فقط منحت الحق لرئيس الجمهورية أن يختار رئيس الوحدة من بين القضاة الحاليين أو السابقين من محاكم النقض أو الاستئناف بشرط أن يكون لدية خبرة قضائية مدتها 15 عامًا، وهو ما ينطبق بالفعل على أكثر من 250 قاضيًا بالنقض، وحوالي 1200 قاضٍ بالاستئناف، إلى جانب مئات القضاة الذين أحيلوا للتقاعد من المحكمتين.
لم يتمكن ثلاثة نواب من أعضاء لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب من تفسير ضبابية طريقة الترشيح الجديدة أو الجهة التي ستتولى هذا بعد نزع هذه الصلاحية من مجلس القضاء الأعلى. واتفق ثلاثتهم، والذين تحدثوا إلى موقع «مدى مصر» بشكل منفصل مشترطين عدم الكشف عن أسمائهم، أن التعديلات مُررت داخل اللجنة التشريعية والجلسة العامة دون إجراء أية نقاشات أو استفسارات بشأن الهدف منها.
إلى جانب هذه التعديلات، تضمن مشروع القانون الذي تسلمه مجلس النواب من الحكومة عدة تعديلات أخرى. لكن تركزت مناقشات النواب داخل اللجنة المشتركة (جمعت اللجنة التشريعية وعدد من أعضاء اللجنة الاقتصادية، والذين ناقشوا التعديلات بعد ساعات من تسلمها بحضور وزير العدل وممثلين عن الوحدة وعن البنك المركزي) بشكل أساسي على تعديل بعينه اعتبره بعض النواب «اعتداءً على قرينة البراءة» وإطلاقًا لـ «يد السلطة في مصادرة أموال الأبرياء بالمخالفة للدستور” .ويرى كثيرون أن عمل الوحدة انصب منذ تولى المستشار أحمد السيسي منصبه كرئيس لمجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على تتبع أموال المعارضة المصرية وتجميدها، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، وكما جرى في حالات السفير عاصم مرزوق والدكتور حسن نافعة والحقوقي جمال عيد وأخرون وهو ما يعني أن السيسي أصبح مسيطرا على المزيد من الأموال الخاصة عبر شقيقه.
في المعتاد، تكون جريمة «غسل الأموال» مقترنة بجريمة أصلية (مثل الاتجار في المخدرات أو السلاح أو الآثار أو الرشوة أو تمويل الإرهاب أو غيرها). وصدور حكم بالبراءة في الجريمة الأصلية يعني بالتبعية براءة من تهم غسل الأموال، بما يمنع السلطة من مصادرتها. لكن التعديل المذكور اقترح الفصل بين الجريمتين. وبالتالي لا يشترط صدور حكم إدانة في الجريمة الأصلية طالما توافرت للجهات الأمنية «أدلة» على أن الأموال ناتجة عن أفعال من شأنها الإضرار بـ«أمن البلاد» أو «المصالح الاقتصادية للمجتمع» أو «إفساد الحياة السياسية فى البلاد» أو «تعريض الوحدة الوطنية للخطر»، لتقضي المحكمة المختصة في ضوئها بمصادرة الأموال أو الأصول الناتجة عنها.
وبررت الحكومة هذا الاقتراح بأنه استجابة لتوصيات مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (MENAFATF) التي أصدرت تقريرًا في مايو 2021 عن مدى فاعلية الإجراءات التي تتخذها مصر لمواجهة الجريمتين.
وفي مواجهة الاعتراضات، قال وزير العدل خلال إحدى جلسات المناقشة داخل مجلس النواب : (إن التعديلات تهدف لسد ثغرة قانونية تسمح بمصادرة الأموال عندما يحصل المتهم على براءة بسبب خطأ في الإجراءات أو انتهاء مدة الطعن على المخالفة وانقضاء الدعوى الجنائية ). واعتبر الوزير أن هذا ليس «بدعة»، وأنه يماثل قوانين عدد من الدول العربية والعالمية، لافتًا إلى أن الحكومة بحاجة إلى إصدار هذه التعديلات من الناحية السياسية والأمنية والاقتصادية. وانتهت المناقشات إلى موافقة مجلس النواب في مايو 2022 على مشروع القانون كما جاء من الحكومة بشكل مبدئ ..
في المقابل، واجه المقترح اعتراضات شديدة من عدد من النوابن منهم النائب محمد بدراوي، عضو لجنة الخطة والموازنة، قال لـ«مدى مصر» إن التعديل كان من شأنه أن يحوّل الوحدة إلى كيان يشبه «المدعي الاشتراكي» الذي أنشأ في عهد الرئيس محمد أنور السادات وألغي في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، والذي امتلك سلطة التحفظ على الأموال التي يعتقد أنها استُخدمت في جريمة غسل أموال قبل صدور حكم الإدانة، وذلك حتى تنتهي التحقيقات التي كانت تستغرق سنوات طويلة. بالنسبة لبدراوي، يمثل المقترح «رسالة تطفيش» للمستثمرين ورجال الأعمال.
لكن، وبشكل مفاجئ، أعلنت الحكومة في أوائل يوليو تراجعها عن هذا التعديل. وأعلن رئيس مجلس النواب في الجلسة نفسها موافقة المجلس بشكل نهائي على تعديلات القانون أهمها المواد الخاصة بطريقة اختيار رئيس الوحدة وشروطها.


أما العنصر الثاني من عائلة الرئيس الذي تلقى ترقية استثنائية خلال الفترة الأخيرة، فهو عضو النيابة العامة عبد الرحمن أحمد السيسي نجل شقيق الرئيس عبد الفتاح السيسي ، حيث جرى تعيينه في نيابة أمن الدولة العليا طوارئ، رغم أنه ما زال حديث عهد في السلك القضائي. وجرى تعيين عبد الرحمن في دفعة 2015 قضائية، في حين جرت العادة داخل القضاء على ضرورة مرور 8 سنوات على الأقل قبل الحصول على مرتبة رئيس نيابة.
واعتبرت المصادر أن تعيين المستشار حمادة الصاوي لنجل شقيق رئيس الجمهورية، جاء ردا لجميل تعيينه نائبا عاما، متجاوزا العديد من الأسماء الأكثر شهرة في الساحة القضائية.
ويتيح التعيين في نيابة أمن الدولة العليا الحصول على امتيازات مالية ومهنية مضاعفة عن النيابات الأخرى، والتعامل مع قضايا ذات طابع سياسي تؤمن حظوة لدى الأجهزة السيادية.
أما هاجر أحمد سعيد حسين خليل السيسي، فجرى تعيينها عام 2014 معاونة جديدة في النيابة الإدارية، وسط اعتراضات على كونها حاصلة -كما ردد الغاضبون وقتها- على تقدير مقبول، في حين كان شرط الحصول على تقدير جيد أساسيا في التعيين.
هكذا هو الجنرال عبد الفتاح السيسي دون لف أو دوران … ودون برقع الرحمة والحنو …!!!!

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن ..
شركات الأمن الخاصة .. الميلشيات الجاهزة للعمل (17-30)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**.
لايمكن تناول شركات الأمن الخاصة التي بدأت منذ عام 1970 ، دون أن نربطها مباشرة بالتطور الجديد الذي صاحب ظهور الجنرال عبد الفتاح السيسي على مسرح الحياة السياسية والأمنية في مصر منذ عام 2013 ، وتصريحه الشهير والفاجر في المؤتمر المنعقد بتاريخ 2/10/2023 أمام كبار رجال دولته ووسائل الإعلام قائلا على سبيل الدعابة المحمولة على جد ( في الصبح كنت مجتمع مع المجلس الأعلى للقضاء وقلت لهم .. تصوروا أني أقدر أخرب البلد دي بأثنين مليار جنيه فقط من خلال استخدام مائة ألف شخص ظروفهم يعني .. ونعطي لكل فرد ألف جنيه وبيكتا ( …. ) وشريط ترامادول ) . وهو ما جرى تطبيقه حرفيا من خلال استخدام آلاف هؤلاء البلطجية والمأجورين لمنع المواطنيين الراغبين في تحرير توكيلات قانونية في مقرات الشهر العقاري والتوثيق في جميع أنحاء البلاد للمرشح الرئاسي احمد طنطاوي مستخدمين العنف تارة والتعطيل تارة أخرى ، وكنت وزوجتي شاهدين عليها بل وكدنا أن نكون ضحايا لها . في مسرحية فيها من التراجيديا بقدر ما فيها من الكوميديا السوداء .
وهنا تأتي حكاية المجرمين إبراهيم العرجاني وصبري نخنوخ .


بدأت فكرة إنشاء شركات خاصة للأمن والحراسة عام 1970 حينما تأسست شركة كير سيرفيس Care Service كأول شركة للأمن والحراسة فى ذلك العام ، وبدأت عملها فى مجالات محدودة مثل النظافة والحراسة للمبانى والمنشأت العامة أو الخاصة والمنشأت الدبلوماسية والقنصلية ، وعمليات نقل أموال فيما بين البنوك ، ولكن لم يكن هناك قانون ينظم عمل هذه الشركات سوى القانون 78 لسنة 1970 وكان الهدف منها فى البداية تخفيف أعباء ومهام الحراسة لهذه المنشأت عن جهاز الأمن الرسمى أو الحكومى المتمثل فى وزارة الداخلية خصوصا وأن البلاد تمر بظروف حرب وتستعد لخوض تحرير سيناء من الإحتلال الإسرائيلى الذى جرى فى يونيه عام 1967 .
وبعد عام 1980 ، وبدإية أنخراط المؤسسة العسكرية والأمنية فى أنشطة البيزنس والأعمال الاقتصادية ، ومع دخول مصر ما سمى عصر ” السلام ” ، وإعلان الرئيس السادات عن حرب اكتوبر بأعتبارها ” أخر الحروب ” ، وما جرته هذه المسيرة من مطالبات أمريكية بتخفيض عديد القوات المسلحة المصرية بحجة ضرورة تفرغ مصر لعمليات البناء والتنمية ، وما صاحبها فعليا من سياسة جديدة فى نظام تقاعد ضباط الجيش عند رتب معينة وأعمار شابة محددة . بدا من الضرورى خلق قنوات توظيف بديلة ، سواء كانت طبقا للمادة (15) من دستور عام 1971 بأولوية المحاربين القدامى فى شغل الوظائف المدنية ، أو بالتوسع فى شركات الأمن الخاصة وتشغيل القادة والضباط المتقاعدين فى إدارة هذه المؤسسات الأمنية الجديدة .
وهكذا أخذت هذه الشركات فى الزيادة عاما بعد أخر حتى قاربت عام 2010 حوالي 200 شركة فى هذا المجال ؛ وبعد ثورة 25 يناير عام 2011 إنضمت شركات أضافية حتى بلغ عددها 500 شركة ، منها 50 شركة فقط سجلت لدى وزارة الداخلية ، وبلغت القوة الإجمالية لهذه الشركات ما بين 70 ألف شخص إلى 120 ألف شخص
ومن بين هذه الشركات يوجد 10 شركات كبرى تستحوذ على النصيب الأكبر فى هذا السوق الذى قدر عام 2014 بحوالى 5.0 مليارات جنيه ، ومن المقدر أنه قد تضاعف قيمتة عام 2022 إلى ما يزيد على 15.0 مليار جنيه بسبب أرتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة .ومعظمها تصب لدى ضباط الجيش والشرطة المتقاعدين .
.
من بين أبرز هذه الشركات تأتى :
1- شركة كير سيرفيس Care Service .
2- وشركة كوين سيرفيس Queen Service أو تسمى شركة النصر للخدمات والصيانة التى كان يترأسها اللواء وصفى محمود عرفة .
3- وشركة فايروول للأمن والحراسة Fire Wall Security Consulting .
4- ومجموعة فالكون الدولية Falcon International Group, , ( التي إنتقلت إداراتها في عهد الجنرال السيسي إلى أحد أكبر رموز البلطجة وقتل ثوار يناير المدعو صبري نخنوخ ).
5- وشركة الماسة للأمن والخدمات .
6- الشركة الأفريقية للتأمين والحراسة .
7- شركة GAS المتعددة الجنسيات التى كان يترأسها اللواء سامح سيف اليزل قبل وفاته عام 2020 ، وهى لديها 6 آلاف عنصر ، وتتبع للمخابرات الحربية .
8- وشركة تواصل للعلاقات العامة والإعلام تابعة للمخابرات الحربية .
وكان الجنرال عبد الفتاح السيسى قد أصدر قرارا جمهوريا رقم (86) لسنة 2015 ، يسمح فيه لوزارتى الدفاع والداخلية بتأسيس شركات أمن خاصة ، كما جرى تعديل هذا القرار الجمهورى بالقرار رقم (126) لسنة 2015 بتعديل أحكام قانون شركات الحراسات الخاصة .
وتعد مجموعة ( فالكون جروب الدولية ) Falcon Group International المستفيد الأول من توسع سوق قطاع الأمن الخاص ، وهى التى تأسست عام 2006 ويبلغ عدد العاملين فيها حوالى 12 ألف شخص عام 2014 ، وتعد واجهة للمخابرات الحربية ، وتسيطر على جزء كبير من الإعلام بعد عام 2016 ، ويبلغ حجم أعمالها حوالى 2.0 مليار جنيه إى ما يعادل 45% من هذا السوق فى ذلك العام . بينما أعلنت الشركة عام 2015 أنها تستحوذ على 54% من السوق . ومن المقدر أن حجم أعمال هذه الشركة قد زاد ليبلغ حوالي 15.0 مليار جنيه بحلول عام 2023 .
وهذه الشركة هى ثمرة تعاون بين البنك التجارى الدولى CIB ( الذى هو بدوره مشروع مشترك بين البنك الأهلى المصرى المملوك للحكومة المصرية حتى عام 2006 ، وبنك تشيس منهاتن الأمريكى ، وقد ضم فى عضوية مجلس إدارته عام 2008 رجل الأعمال نجيب ساويرس ، وهذه الشركة واجهة للمخابرات الحربية وهى توفر الأمن لحوالى 26 بنكا ، وكذلك للبعثات الدبلوماسية والسفارات ، ولديها أكثر من 1250 منشأة ، كما تقوم بالتفتيش على عدادات الكهرباء والحواجز الإليكترونية لمترو الأنفاق .وفى عام 2023 تم نقل جزء من إدارة هذه الشركة الأمنية القابضة إلى شخص يدعى ” صبرى نخنوخ ” الذى كان واحدا من المتهمين أثناء ثورة يناير عام 2011 بممارسة البلطجة والقتل لعدد كبير من الشباب والفتيات المشاركين فى أحداث ومظاهرات هذه الثورة ، وقد قضى القضاء المصري بسجنه المؤبد عام 2012 ، لكن الجنرال عبد الفتاح السيسي بوصفه رئيسا للجمهورية قد أصدر عفوا رئاسيا عنه وجرى إطلاق سراحه من السجن ليصبح بعد ذلك واحدا من المتقلدين لأحد المناصب الأمنية الحساسة .
أما شركة كير سيرفيس فأن نسبتها من السوق حوالي 30% ، كما بلغت قيمة نشاطها عام 2014 ، حوالى 500 مليون جنيه ، ووكان يترأس مجلس إداراتها اللواء عادل عمارة من قيادات جهاز المخابرات الحربية . ويعمل فى هذه الشركة حوالى 35 ألف عامل وموظف .
أما شركة كوين سيرفيس فقد حصلت وحدها على عقود بمئات الملايين من الدولارات ويعمل بها حوالى 20 ألف بينهم حوالى 5 آلاف إلى 7500 من منتسبى ومجندى الجيش .
والمتأمل لهذه الظاهرة ، وخصوصا بعد أن تبين فى أعقاب ثورة يناير عام 2011 وجود جماعات شبه منظمة من البلطجية والقتلة تديرها مباشرة إدارة متخصصة فى جهاز مباحث أمن الدولة ظلوا يستخدمون فى أثناء الجولات الانتخابية من أجل التزوير فى النتائج أحيانا ، وفى ترهيب وتخويف الناخبين أحيانا أخرى ، ثم فى عمليات الترويع والقتل التى جرت فى أثناء مظاهرات وأعتصامات الثوار والمحتجين فى الميادين العامة بالمدن وخصوصا فى ميدان التحرير بالقاهرة أثناء الثورة بحيث نستطيع أن نتنبأ بأن نظاما عسكريا استبداديا مثل نظام الجنرال عبد الفتاح السيسى واللواء عباس كامل ، لن يتورعا عن إستخدام العاملين فى هذه الشركات الأمنية الخاصة وقت الشدة والضرورة كميليشيات قتل خارج نطاق القانون ، وبعيدا عن المؤسسات العسكرية والأمنية النظامية .
. سابعا : ممتلكات المؤسسة الشرطية حرصت المؤسسة الشرطة ( وزارة الداخلية ) بدورها أثناء حكم الرئيس حسنى مبارك أن تنشأ لنفسها مؤسساتها الإقتصادية ، أسوة بالقوات المسلحة . فنشطت بداية فى مجال المنشأت الصحية والمستشفيات ، ثم توسعت لإنشاء فنادق ومخابز ، ومزارع للمواشى ، وغيرها ، وقد ساعدها فى ذلك الفائض المالى الضخم الذى تحقق لها من خلال إنشاء عشرات من الصناديق والحسابات الخاصة ، التى تستقطع مواردها من فرض الرسوم على خدماتها الكثيرة التى تقدمها للمواطنيين مثل خدمات المرور واستخراج وتجديد رخص قيادة السيارات ، واستخراج البطاقات الشخصية من السجل المدنى التابع لها ، وعشرات الخدمات ، وقد قدرت أحدى الباحثات ” دينا راشد ” عدد هذه الصناديق والحسابات الخاصة التى تملكها وزارة الداخلية بحوالى 174 صندوقا وحسابا حاصا إنشئت على أساس القانونين رقم (88) لسنة 200 و (95) لسنة 2000 ، ويبلغ مجموع ما فيهم حوالى 15.0 مليار جنيه مصرى . وإن كنا نظن أن هذا الرقم ضئيل جدا بالنسبة للحجم الحقيقى لما تملكه هذه الوزارة من موارد وإمكانيات . ووفقا للدراسة التى قمنا بها فى كتابنا ( كيف نهبت مصر 1974- 2022 ) ، فأن هذه الصناديق تكاد تبتلع عشرات المليارات من الجنيهات ومن العملات الأجنبية سنويا . .


.
*

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
اتحاد القبائل العربية” خطوة نحو لبننة مصر(18-30)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
. وبتاريخ الأربعاء الثامن من شهر مايو / آيار 2024 حدث التطور الأكثر خطورة على مستقبل الوضع السياسي والأمني في مصر فقد أعلن عن تأسيس ما يسمى ” اتحاد القبائل العربية ” تحت قيادة المدعو ابراهيم العرجاني . ووسط هالة أعلامية كبرى ، ومواكب صاخبة تضم عشرات السيارات ذات الدفع الرباعي وحراسات ضخمة من قوات الشرطة والجيش برز هذا الرجل كالفاتح الأكبر . ومع الأخذ بعين الإعتبار تاريخ هذا الرجل المحاط بالكثير من الشبهات والشكوك ، ووسط مذابح الدم وحرب الإبادة الجارية التي يمارسها جيش الإحتلال الصهيوني ضد شعب غزة طوال سبعة شهور سابقة يقطع البث التليفزيوني تحت عنوان عاجل، لتذيع هذه القنوات التابعة للحكومة المصرية والصحف المملوكة للجهات الأمنية وجهاز المخابرات العامة المصرية خبراً عن بيان “اتحاد القبائل العربية”، محذراً إسرائيل من اجتياح رفح، ومطالباً بتدخّل مجلس الأمن الدولي لوضع حدّ للعدوان الإسرائيلي على غزة وتضامنه مع الشعب الفلسطيني، ومطالباً جامعة الدول العربية بعقد جلسة عاجلة لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته على الأمن القومي العربي ( طبعا جعجعة فارغة فلم يتحرك هذا الكيان المشبوه والمذبحة جارية ضد شعب غزة البطل) .كما أولته الصحف عناية كبيرة، كما كان من اللافت أن قناة “العربية” التابعة للسعودية والإمارات قد اهتمّت بنشره. أمر مريب أن يلعب ذلك الاتحاد، الذي لم يمض سوى أيام على إعلان تأسيسه، دور الدولة، في بيان لا يصدر بتلك اللهجة إلا من حكومات، فيدين ويستنكر ويطالب بالتصعيد، نيابة عن مصر وحكومتها وجيشها ووزارة دفاعها، حتى إن بيان وزارة الخارجية المصرية الذي يحذّر إسرائيل من اجتياح رفح نُشر بعده لا قبله، ولم يحظ بالزخم نفسه، والملاحظ أنه أضعف في نبرته من نبرة بيان الاتحاد الذي كتبه مصطفى بكري، المتحدث الإعلامي للاتحاد. . “اتحاد القبائل العربية” كيان يضم خمسة كيانات قبلية، من الصعيد والسلوم ومطروح والبحر الأحمر، تحت رئاسة إبراهيم العرجاني، طريد العدالة سابقاً وشريك الحكومة حالياً، ورجل الأعمال المصري الأكثر نفوذاً، والذي يمتد نفوذه إلى خارج الحدود المصرية، وبحسب مصطفى بكري، المتحدث الإعلامي للاتحاد ورجل كل الأنظمة المشبوهه وغير الوطنية في مصر، فقد أعلن أنه جمعية أهلية يمكن اعتبارها فصيلاً من فصائل القوات المسلحة، وهو ما أعاد وأنكر أنه قاله في برنامج عمرو أديب، وقد فعلها بكل وقاحة رغم أن تصريحه مسجّل بالفيديو. والتشكيل هو بالتأكيد تشكيل مسلح، فإبراهيم العرجاني هو رئيس أول كيان قبلي يظهر في مصر تحت مسمى “اتحاد قبائل سيناء”، بهدف المشاركة مع الجيش في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، والذي عُرف باسم تنظيم “ولاية سيناء” الإرهابي . ولكن كيانات قبلية أخرى ظهرت إلى جانب “اتحاد قبائل سيناء”، تضمّ أبناء قبيلتي السواركة والرميلات الذين شاركوا الجيش والشرطة في الحرب ضد تنظيم “ولاية سيناء” (كما قبيلة العبابدة في الصحراء الشرقية) وملاحقة المنقبين عن الذهب في تلك المنطقة. وهذا البيان الذي ينوب عن الدولة، أو يتخطى اختصاصه المعلن كجمعية أهلية، هو أول الغيث لخطورة أن يعبّر تشكيل مسلح غير الدولة عن رأيه في السياسة، حتى لو كانت اللعبة في بدايتها برعاية الدولة، فهكذا بدأ حميدتي الانفصالي في السودان وقوات فاجنر في روسيا، حتى لو كان توقيت إعلان اتحاد القبائل العربية وتعيين مصطفى بكري تحديداً (المعروف بدوره المشبوه بوجهه المتلوّن مع الأنظمة كلها) متحدثاً رسمياً له، فما الذي يعنيه أن تلعب ميليشا مسلحة دور الدولة في الدفاع عن سيادتها؟ .
تأتي الخطورة أيضاً من علاقات العرجاني التي تتخطى الحدود المصرية، إذ يملك سلطة على المعابر المصرية مع غزة، بالتنسيق مع السلطات المصرية، عبر شركة “هلا” التي، بحسب تحقيقات صحفي لجريدة التايمز البريطانية والغارديان وسكاي نيوز، جنت 88 مليون دولار منذ بداية آذار/مارس الماضي 2024 ، مقابل إجلاء ما يزيد عن 20 ألف شخص من النازحين من غزة، بجانب عشرات الشهادات والتقارير المتواترة من فلسطينيين عالقين في غزة، عن التنسيق للخروج من القطاع عبر معبر رفح بدفع متوسط 5 آلاف دولار لشركة “هلا”، ما رفع تقديرات لما حصلت عليه الشركة مقابل خروج آلاف الفلسطينيين إلى 180 مليون دولار، وكلها تقارير لم تكلف الحكومة المصرية نفسها عناء الرد عليها، رغم تواتر الإثباتات والشهادات.
وتكشف بدايات نشاط العرجاني الجديد في عالم الأعمال مع تأسيس شركة “أبناء سيناء”، واقتطاع جزء هام من كعكة إعادة إعمار غزة عام 2014، حيث احتكرت شركته عمليات نقل مواد البناء بالتنسيق مع جهاز المخابرات الحربية الذي يشرف عليه مباشرة الجنرال السيسي وذراعه الأيمن اللواء عباس كامل .
وتضم مجموعة “السبع جبال”، شركات: “أبناء سيناء للمقاولات العامة”، و”أبناء سيناء للتشييد والبناء”، و”مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار”، و”هلا للاستشارات والخدمات السياحية”، و”إيتوس للخدمات الأمنية” التي تعاقدت مع اتحاد الكرة المصري لتأمين الفعاليات الرياضية، وغيرها من الشركات.
وفي كانون الثاني/ يناير 2022، تغيّر اسم المجموعة لتصبح “العرجاني جروب”، وقرّر السيسي تعيينه عضواً في هيئة تنمية سيناء كممثل للشركات والمستثمرين.
كما لفتت صفحة الموقف المصري، النظر إلى حضور العرجاني، الواضح منذ عام 2023، في ليبيا، عبر عدد من الشركات التابعة له، وحصول تلك الشركات على عقود إنشاء أكثر من 11 جسراً في درنة وبنغازي وأجدابيا، في عقود وقعت مع بلقاسم حفتر، الابن الثاني لخليفة بن قاسم حفتر، والمسؤول عن صندوق إعادة إعمار درنة بتمويل إماراتي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2024، ظهر إبراهيم العرجاني مرة أخرى إلى جانب وزير النقل المصري الأسبق هاني ضاحي، في درنة، للتوقيع على عقود لتأسيس كباري ضمن خطة إعمار المدينة التي تسيطر عليها أطراف مقرّبة من حفتر، وتشارك فيها بدور كبير شركة (جلوبال كاونتركاتنج ) الإماراتية، والغريب أن العرجاني قريب الصلة أيضاً من حكومة طرابلس، واستطاع الحصول على مشاريع لعقود غرب ليبيا.
.
بالطبع يحدث ذلك – حتى الآن- تحت أعين ورقابة جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية ، لكن شتان بين مؤسسات الدولة القادرة على رؤية مصالح طويلة المدى للدولة وبين رجل أعمال ومهرب يملك ميليشيا مسلحة في سيناء، ومن الخطورة بمكان أن يسمح له بتكوين علاقات خارجية مع ميليشيات وأجهزة عسكرية وشبه عسكرية خارج الدولة، ولنا فيما حدث مع حميدتي في السودان ودعم الإمارات المباشر له عبرة وعظة.
وربما تكشف رسالة التعزية التي وجهها صبري نخنوخ بصفته رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة ” فالكون ” للأمن الخاصة إلى الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني في وفاة أبنه في مطلع شهر مايو 2024 عن جانب أخر من الصورة التي بدأت تتشكل في تحالف ميليشيات في المنطقة العربية بمعرفة ومساندة كل من محمد بن زايد آل نهيان وأشقائه في الإمارات ، والجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر وميليشيات في السودان وفي ليبيا تتحطم على صخرتها في المستقبل المنظور كيانات الدول العربية واحدة بعد أخرى وخصوصا مصر والسودان وليبيا .


وهنا قد يكون من المناسب عرض قصة المدعو صبري نخنوخ الذي حصل على عفو رئاسي من الجنرال عبد الفتاح السيسي بتاريخ 16/5/2018 بعد أن كان قد صدر ضده حكم بالسجن المؤبد عام 2012 ، أمضى منها ست سنوات فقط ، بما يؤكد أن صلة التشابه بين الحالتين يحكمها قائد واحد وعقل واحد يكمن في خلف المشهد الظاهر وهو الجنرال عبد الفتاح السيسي ومعاونه اللواء عباس كامل .
فهذا الشخص الذي مارس البلطجة لسنوات طويلة محتميا بالسلطة السياسية للحزب الوطني الحاكم ورجاله في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وأجهزة أمنه ، وعرف عنه منذ سنوات طويلة إدارته لشبكات واسعة من البلطجية والسوابق ومعتادي الإجرام تمتد عبر محافظات مصر كلها وتستخدم غالبا أثناء الانتخابات التشريعية والنقابية وغيرها ضد معارضي النظام والحزب الحاكم ، وذلك كله مقابل مبالغ مالية ضخمة .
وقد كشفت أحداث ثورة يناير عام 2011 جسامة وخطورة هذا الدور الإجرامي نظرا لما ترتب عليه من قتلى بالمئات من الشباب والفتيات المشاركين في أحداث هذه الثورة ، على عكس المشاجرات والمنازعات التي كانت تجري من قبل أثناء الانتخابات التي غالبا ما كانت تنتهي ببعض الإصابات والجروح دون قتلى بالمعنى الحرفي للكلمة .
كانت قوات الأمن قد ألقت القبض على صبري حنا نخنوخ في 23 أغسطس 2012، داخل فيلته بمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية، وبصحبته عدد كبير من الخارجين عن القانون، وبحوزتهم كمية من الأسلحة متنوعة وحيوانات مفترسة ، وبعد حبسه احتياطيا أحالته نيابة غرب الإسكندرية إلى المحاكمة الجنائية في أول سبتمبر 2012 بتهمة حيازة الأسلحة وتعاطي المخدرات. ولم تقدمه النيابة العامة بتهم المشاركة بالبلطجة وقتل الشباب الثوار أثناء ثورة يناير عام 2011
وفي 9مايو 2013 أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية حكما بإدانتة وقضت بمعاقبتة بالسجن المؤبد وتغريمه 10 آلاف جنيه عن تهم إحراز السلاح الآلي والأسلحة النارية، والسجن المشدد 3 سنوات وتغريمه 10 آلاف جنيه عن حيازة وتعاطي المخدرات، التزاما بالقانون 6 لسنة 2012 الذى صدر بتعديل بعض أحكام قانون الأسلحة والذخائر، والذي كان يمنع القاضي من استخدام قواعد الرأفة المبينة في المادة 17 من قانون الأسلحة والذخائر، في جرائم حيازة الأسلحة النارية، ويلزم القاضي بتوقيع أقسى عقوبة على المتهم.
وفي 3 نوفمبر 2014 أصدرت محكمة النقض حكما باتا غير قابل للطعن بتأييد عقوبة السجن المؤبد لنخنوخ وغرامة 10 آلاف جنيه، وبذلك بات حكم النقض نهائي وبات.
وبعد صدور حكم النقض ؛ أصدرت المحكمة الدستورية العليا في 6 فبراير 2016 حكما بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض، باعتباره مناقضا لحكمها بعدم دستورية القانون 6 لسنة 2012.الذي عوقب نخنوخ على أساسه بالسجن المؤبد.وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها إن ذلك القانون “يقيد السلطة التقديرية للقاضي، ويحرمه من إمكانية تفريد العقوبة التي هي جوهر العمل القضائي”.
أي أن المحكمة الدستورية لم تتعرض لقضية صبري نخنوخ من قريب أو بعيد فهذا ليس من إختصاصها ، وأنما إنحسر دورها في مراجعة نص القانون الجنائي الذي حوكم وفقا له هذا الشخص .
وخلال شهر أبريل الماضي 2018 ؛ أحيلت القضية لدائرة بمحكمة جنايات الإسكندرية لإعادة نظرها من جديد، لكن وقبل النظر في القضية صدر بتاريخ 16/5/2018 قرار الجنرال عبد الفتاح السيسي بالعفو الرئاسي عنه وعن أخرين .
ولم تكد تمضى عدة سنوات قليلة ( نوفمبر 2023) ألا وفوجىء الرأي العام في مصر والعالم العربي بتعيين هذا الشخص رئيسا لمجلس إدارة والعضو المنتدب لواحدة من أكبر شركات الأمن الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والتي يعمل بها أكثر من 12 ألف موظف وعامل وضابط أمن وجيش سابق ..!!
وتردد أن صبري نخنوخ قد إشترى هذه الشركة ، وهو ما لايمكن تصديقه لضخامة هذه الشركة التي بلغ حجم نشاطها عام 2014 حوالي 2.2 مليار جنيه من ناحية والأدوار الحساسة التي تؤديها في حراسة مواقع دبلوماسية وبنوك وغيرها من ناحية أخرى .
وهكذا إذا ربطنا بين الوقائع الأربعة التالية نستطيع أن نصل إلى نتيجة خطيرة لايمكن أن تمر مرور الكرام على القوى الوطنية المصرية وهي :
الأول : مظاهر الإحتفاء الإعلامي والمواكب شبه الرسمية المحاط بها إبراهيم العرجاني ونشاطه الاقتصادي والمالي المشبوه وصلاته وعلاقاته شبه المعلنة مع كبار قيادات الجيش والمؤسسة الأمنية والإستخبارية المصرية .
الثاني : العفو الرئاسي الذي حظى به البلطجي والقاتل صبري نخنوخ من الجنرال السيسي مباشرة ، وتعيينه في إدارة هذه الشركة الأمنية الخاصة الكبرى والتابعة للمخابرات الحربية في شهر نوفمبر 2023 .
الثالث : تصريحات الجنرال السيسي في المؤتمر المنعقد بتاريخ 2/10/2023 وأمام كبار رجال دولتة ووسائل الإعلام قائلا على سبيل الدعابة المحمولة على جد : ( في الصباح كنت مجتمعا مع القضاة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وقلت لهم .. تصوروا أني أقدر أخرب البلد دي بملياري جنيه فقط من خلال استخدام مائة ألف شخص ظروفهم يعني .. ونعطي لكل فرد ألف جنيه وبيكتا ( … ) وشريط ترامادول ) .
الرابع : وهو ما جرى تطبيقه حرفيا من خلال استخدام آلاف هؤلاء البلطجية والمأجورين أمام المقار المختارة لمكاتب التوثيق والشهر العقاري وعددها 157 مكتبا من بين 575 مكتبا في البلاد ، لمنع المواطنيين الراغبين في تحرير توكيلات قانونية في مقرات الشهر العقاري والتوثيق طوال شهر سبتمبر 2023 ضد المرشح الرئاسي المحتمل الصحفي أحمد طنطاوي مستخدمين العنف تارة ، والتعطيل تارة أخرى في مسرحية فيها من التراجيديا بقدر ما فيها من الكوميديا السوداء .
وهنا يمكن تفسير ظاهرة المجرمين إبراهيم العرجاني وصبري نخنوخ .
وهنا يتساءل البعض إذا كنا نتجه نحو التجربة السودانية، من خلال تحليل الوثيقة المنشورة على موقع اتحاد القبائل العربية، مثل تحالف القبائل العربية الذي نشأ في دارفور في مطلع الألفية الثانية، والجميع يعرف الدور الذي قامت به تلك القبائل في حرب دارفور، والتي انتهت الآن بما يُسمى ميليشيات الدعم السريع في السودان؟
كما تحتوي وثيقة الإتحاد هذا على تعريفات وأهداف وأطر تنظيمية مثيرة للقلق وغير واضحة. على سبيل المثال، في التعريف يُذكر أن “الاتحاد العربي للقبائل في البلاد العربية هو مؤسسة مدنية مستقلة غير حكومية وغير ربحية، لا تنتمي إلى أي حزب سياسي أو مذهب ديني”، دون الإعلان عن مكان وتحت أي قانون ورقم تسجيل هذه المؤسسة، وفي أي بلد؟
ويشير البعض إلى أن أساس تكوين هذا الاتحاد كان غريباً، إذ يتحدث عن أن فكرة إنشاء هذا الكيان تعود إلى (الإقرار بأن القبيلة والعائلة هما أساس المجتمع، ووجودهما يسبق وجود الدولة ذاتها)، وهو مفهوم عرقي بامتياز، يعيد المجتمعات إلى مراحل ما قبل وجود الدول الحديثة القائمة على مفهوم المواطنة.
وعن تشكيله الغريب، فهو يضم في عضويته دولاً عربية تكون عضواً في الأمانة العامة، ما يعني أننا أمام منظمة إقليمية أو دولية وليست مؤسسة غير حكومية، وهو ما يجب أن يكون إنشاؤها موجباً لاتفاقية دولية متعدّدة الأطراف، وفقاً لاتفاقية باريس للمعاهدات، وهذا أمر غير واضح”
وأخيراً، “عن دور هذا الكيان المنطلق من أهدافه المعلنة في الوثيقة عن دورها لمعاونة ومساندة الحكومات العربية على حفظ النظام والاستقرار ومقاومة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وهنا نكون أمام تنظيم إقليمي منشأ بقرار من إحدى الدول الأعضاء به .
هل نحن أمام تنظيم إقليمي عربي يتجاوز الحكومات العربية ذاتها، ويمكنه استخدامه في صراعاتها وخلافاتها القائمة والمستقبلية؟ هل نحن أمام محاولة تأسيس تجمعات على أساس عرقي تنتهي بتحويلها إلى أحزاب سياسية تحكم من خلالها وبها أنظمة الحكم في المنطقة العربية؟
.*. *

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
توفير الغطاء القانوني للتهرب من مسئولية الفساد
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
الحلقة ( ١٩-٣٠)
. حرص الجنرال عبد الفتاح السيسي منذ أن تولى الحكم في يونيه عام 2014 ، على تقديم إشارات لاتخطئها العين الخبيرة عن إضفاء حمايته ورعايته للفاسدين من أهل الحكم والإدارة ورجال المال والأعمال المرتبطين بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك . ولم تكن الجنازة العسكرية التي حظى بها الرئيس المخلوع بتاريخ 26/2/2020 وبعد تسع سنوات من الثورة عليه وخلعه من الحكم وحدها مؤشرا – وإن كان خطيرا وذو مغزى ومعنى – على إتجاهات الرجل ومسار سياساته وتوجهاته ، بل أنه قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، فقد أستعان الرجل مرة أخرى برجالات نظام حسني مبارك في تولى وزارات هامة مثل وزير التموين والمالية وقيادات البنوك والبنك المركزي ، كما حظى كبار رجال المال والأعمال المرتبطين بنظام مبارك وأبنائه بمكانه متقدمة في المشهد الرئاسي والظهور اللصيق بجوار الجنرال السيسي في كل مناسبة من المناسبات من أمثال محمد أبو العينين ، وهشام طلعت مصطفى وأخرين . كما لم يكتفي الرجل بذلك بل انه ذهب إلى ما هو أبعد من خلال إصدار قوانين تحت عنوان ” التصالح ” لتوفير مظلة من الحماية القانونية ومن أهمها القانون رقم (16) المُعَدِّل لقانون الإجراءات الجنائية، الذي صدر في سنة ٢٠١٥ ، والذي أجاز لأول مرةٍ فى التاريخ المُعاصر ما ظل محظوراً دستورياً .. وهو إجازةُ التسوية الودية والصلح مع مُرتكبى جنايات الاعتداء على مصالح الدولة المنصوص عليها فى قانون العقوبات وهي (جرائم اختلاس الأموال العامة والخاصة والاستيلاء عليها بغير حق/ جريمة الغدر أو طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً من غراماتٍ وضرائب/ جرائم محاولة التربح من أعمال الوظيفة والإخلال بتوزيع السلع/ جرائم إحداث الضرر بالأموال والمصالح عمدًا بالإهمال/ جرائم الإخلال بتنفيذ بعض العقود الإدارية وعقد المقاولة/ جريمة استخدام العمال سُخرةً/ جريمة تخريب الأموال الثابتة والمنقولة ) . أما كيف يتم هذا الصلح رغم وجود أحكامٍ قضائيةٍ تُدينُ السادة اللصوص الهاربين فتلك أُمُ الكوارث، إذ يتم بواسطة لجنةٍ من (الخبراء) يختارهم رئيس الوزراء، وتُحَرِرُ اللجنةُ مَحضراً يُوقعه أطرافُه (ومن بينهم بالطبع مُحامى السيد اللص الهارب) ويُعتبرُ اعتمادُ المَحضَرِ مِن مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم .. ويصبح لهذا المَحضَرِ قوةُ السَنَد التنفيذى .. ويُخطِرُ مجلسُ الوزراء النائبَ العامَ سواء كانت الدعوى قيد التحقيق أو المحاكمة، فتنقضى الدعوى الجنائية وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين طالما لم تصبح باتةً بحُكمٍ نهائىٍ من محكمة النقض.أى أن هذا القانون يُقَلِّصُ اختصاص القضاء الجنائى الأصيل ( أقرأ مقال المهندس يحيى حسين عبد الهادي على صفحته في الفيسبوك ) . ولذلك ظهر في عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي كثير من قضايا فساد بعض الوزراء وكبار المسئولين في المناصب المختلفة التي كشف عنها جهاز الرقابة الإدارية أو لجان تقصي حقائق بمجلس النواب ( وزير التموين وربيب رجل الأعمال أحمد الوكيل د.خالد حنفي ) دون أن يقترب أبدا من قضايا فساد أكبر وشخصيات أعلى سواء لوجود نصوص قانونية تحظر على هذا الجهاز الإقتراب من بعض المؤسسات الحافلة بالفساد مثل رئاسة الجمهورية أو شركات الجيش وصناديقهما الخاصة . على أية حال .. لم يتوقف الفساد عند هذا الحد المختفي أحيانا والظاهر أحيانا أخرى ، بل أننا عشنا ما لم نسمع عنه أو نقرأه عيانا بيانا ، حينما نشرت بعض المصادر الصحفية عن مصيبة تلقي كبار المسئولين بدءا من رئيس الوزراء والوزراء لمرتبات ومكافآت مالية ضخمة مقابل شغلهم لمناصب في بعض البنوك والمؤسسات التابعة لدولة الإمارات المتحدة ، مثل تعيين رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي في منصب عضو مجلس إدارة في بنك أبو ظبي الإسلامي وبموافقة رئيس وزراء الجنرال السيسي المهندس مصطفى مدبولي ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تبين أن رئيس الوزراء نفسه ( مصطفى مدبولي ) قد تم تعيينه عضو مجلس إدارة في المصرف العربي الدولي ، وكذلك وزير الاتصالات ( عمرو طلعت ) عضوا في مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي الدولي وكما يشير الصحفي المجتهد محمد بصل في جريدة الشروق فأنه على ما يبدو أن تقليد تعيين الوزراء ، و رؤساء هيئات حكوميه و عموميه كأعضاء في مجالس إدارات بعض البنوك قد توسع ليشمل شركات القطاع الخاص و التي تكون اكثر سخاء في مكافآتها .وهي كلها موصوفة بتعارض المصالح و مخالفة القوانين و اللوائح المصرية و قواعد الشفافية العالمية ، ناهيك عن كونها إهانة للدولة المصرية . ولم نكن لنعلم عن هذا المصائب والفضائح والمفاسد لولا إلتزام بنك أبو ظبي الإسلامي بقواعد الشفافيه التى يجب ان يتبعها البنك نظرا لانه مدرج في البورصه. وبرغم الانتقادات التي وجهت لهذا التقليد الذي هو أقرب إلى شراء الولاءات أكثر من كونه حاجة لخبرة نادرة حيث يبدوا انه لزيادة دخل الوزراء على حساب شبهة شراء ولائهم و هو ما يفسد مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والوظيفية ، و يتعارض مع فكرة الادارة الرشيدة والدولة الحديثة. و نجد أيضا تعيين وزراء الكهرباء ( محمد شاكر ) ، والنقل ( كامل الوزيرى) و التخطيط (هالة السعيد) و الاسكان (عاصم الجزار) و التجارة (سمير) و التعاون الدولي (رانيا المشاط) في مجلس ادارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. و لايوجد رقم معلن في ميزانية الهيئة عن مكافآت اعضاء مجلس الادارة بالمخالفة لقواعد الحوكمة والشفافية. ناهيك عن مناصب أخرى مثل ترأس وزيرة التخطيط (هالة السعيد) لمجلس ادارة الصندوق السيادي المصري و هو ما يشوبه تعارض مع منصبها التنفيذي وهنا تسأل الصحفي ( محمد بصل ) فعلى سبيل المثال اذا فشل الصندوق فى اتمام اطروحات الشركات طبقا للجدول الزمنى المعلن هل ستقوم الوزيرة برفد نفسها؟ . و لايوجد بالطبع بيان بمكافآت ومرتبات وبدلات التمثيل وبدلات اللجان لأعضاء مجلس ادارة الصندوق السيادي هذا سواء على موقعه أو أرقام في الحسابات الختامية . وبالقطع لم يكن ذلك ليحدث دون الحصول عل موافقة الجنرال السيسي شخصيا ، ولربما تكشف الأيام والشهور والسنوات القادمة إن الجنرال نفسه كان يشغل منصبا في أحدى تلك المؤسسات الإماراتية أو الدولية بأعتباره خبيرا يأخذ برأيه ومشورته في القضايا الدولية والأمنية المعقدة ..!! ولعل هذا كان واحدا من أسباب تراجع مركز مصر في عهد الجنرال السيسي في مؤشر الشفافيه و الفساد العالمي من المركز 88 عام 2015 إلى المركز 130 عام 2022 بدرجة ( (https://m.facebook.com/story.php… 😊 100002015774994&mibextid=Nif5oz) .
ولذلك لم يكن غريبا أن أكتشف أثناء تصفحي التقرير الربع سنوي الصادر عن وزارة التجارة والصناعة المصرية حول (اتجاهات الاستثمار في مصر منذ عام ١٩٧٠ حتى سبتمبر ٢٠٢٣ ) وجود استثمارات لجزر كايمان بقيمة اثنين مليار وتسعمائة مليون دولار، وأخرى بأسم جزر العذراء البريطانية بقيمة مليار وسبعمائة مليون دولار أي ما مجموعهما أربعة مليار وستمائة مليون دولار .
ولما كان من المعروف اقتصاديا وقانونيا وسياسيا ودوليا أن جزر العذراء وجزر كايمان هما من أكبر وأخطر الملاذات الأمنة للصوص الشعوب وناهبي الأموال وعمليات غسل الأموال مثل دبي تماما ، وبالقطع لا تسجل هنا أسماء اصحاب هذه الاستثمارات فمعنى ذلك أن مصر كانت في عهد مبارك وفي عهد السيسي وكرا للأموال الحرام وعمليات غسل الأموال .. والخشية أن يسارع أصحاب هذه الأموال إلى إخراجها بعد أن كشفنا عن هذه الحقيقة . فنريد أن نعرف الحقيقة ؟
وأين كان المستشار أحمد السيسي ووحدته في مكافحة غسل الأموال من هذه الأموال الحرام طوال السنوات التي تولى فيها هذا المنصب الحساس منذ أكتوبر عام 2016 حتي يومنا في يونيه 2024 ؟

هذه هي الحلقة العشرون من دراستي ( الجنرال السيسي .. وسرقة القرن ) حيث ما يسمى الصندوق السيادي المصري .وهي قراءة تحليلية اقتصادية وقانونية وسياسية لواحد من أدوات نهب مصر وبيع مقدرتها .
***.
الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
المخاطر الاستراتيجية لإنشاء الصندوق السيادى لمصر (20 -36 ) بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
**. منذ أن طويت الحقبة التجارية فى الاقتصاد الأوربى ، أو ما عرف بالفترة الماركينتيلية Mercantilism التى أمتدت من مطلع القرن الخامس عشر حتى نهاية القرن السابع عشر ، ودخلت أوروبا إلى العصر الرأسمالى الحديث القائم على الميكنة والتجميع الصناعى الكبير manufacturing ، لم تعد قضية تراكم الفوائض المالية المتمثلة فى الذهب والفضة ، تمثل ركيزة الثروة والنفوذ فى الدول والمجتمعات الأوروبية ، بقدر ما أصبحت دورة الانتاج والتشغيل والاستثمار هى مقياس القوة ومناط النفوذ فى العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية . لقد تميزت المرحلة الميركنتيلية ( التجارية ) بسمات مميزة هى : الأولى : أن التوسع فى الانتاج قد أستدعى بالضرورة وصاحبه اقتحام الدول لأسواق الشعوب الأقل انتاجا فى آسيا وأفريقيا والأمريكيتين ، ولهذا لم يكن غريبا أن تتكون الإمبراطوريات الإستعمارية الأوربية من الدول الساحلية الأساسية فى القارة العجوز ( البرتغال – أسبانيا – فرنسا – انجلترا – إيطاليا ) . الثانية : أن هذا الفائض فى الانتاج والتوسع فى الكشوفات الجغرافية والغزو الاستعمارى قد أديا إلى تحقيق فوائض مالية ضخمة تمثلت فى المعادن الثمينة وخصوصا الذهب والفضة ، اللتين أمتلأت بهما خزائن الملوك والنبلاء والتجار الأوربيين ، فشكلت بذلك ركيزة أساسية من ركائز القوة والنفوذ ومقياسا للثراء فى العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية فى ذلك الوقت (1). ****.
ومع إنتقال بعض تلك الإمبراطوريات الاستعمارية التقليدية إلى النموذج الرأسمالى الصناعى الحديث بدءا من القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن العشرين ، حدث التحول الهائل فى المفاهيم الاقتصادية وآليات العمل الاقتصادى ، فلم يعد الفائض والثروات من الذهب والفضة والمعادن الثمينة مقياسا للقوة وتعبيرا عن النمو ، وأنما أصبح النمو والقوة تتمثل فى قدرة هذه الدولة أو تلك ، وهذا المجتمع أو ذاك على توظيف فوائضه وإعادة إستثمارها فى توسيع الطاقة الانتاجية الصناعية ، وهكذا أنتقل مفهوم الثراء من تكديس المال فى الخزائن إلى إعادة الاستثمار وتوسيع دورة الانتاج والتشغيل ، فيما عرف بالانتقال من التراكم المالى Financial Accumulation إلى التراكم الرأسمالى الحديث Capital Accumulation .
وبقدر هذا التوسع الذاتى للنماذج الرأسمالية الصناعية الحديثة ، على المستوى الأفقى ( زيادة خطوط الانتاج والمصانع والطاقة الانتاجية ) ، وعلى المستوى الرأسى ( التطوير التكنولوجى المكثف والمتسارع ) ، بقدر السيطرة الاقتصادية والسياسية عبر تجاوز الحدود الجيو- سياسية ، من خلال الأشكال الجديدة للإستنزاف ونهب ثروات الشعوب الأقل تطورا المتجسدة فى الشركات عابرة القومية ، أو ما أطلق عليها أستاذنا د. محمد دويدار المتعدية الجنسية Cross – national Enterprises(2) .
وهكذا لم تعرف النظم الرأسمالية الحديثة فكرة تخزين الفوائض المالية ، بالمعنى القديم ، إلا مع النظم الريعية النفطية منذ مطلع عقد الثلاثينات من القرن العشرين ، حينما جرى إكتشاف النفط بكميات كبيرة ، فى ظل بنية إجتماعية وسياسية قائمة على القبيلة والعائلة ، وفى ظل علاقات داخلية شديدة التخلف والرجعية (3) .
***.
ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه الحالة السيالة ، قد أستدعت من الدول الاستعمارية وشركاتها النفطية الكبرى ، العمل على تحويل تلك المناطق الجغرافية الشاسعة فى الصحراء العربية إلى كيانات جيو- سياسية ، فأنشأت دول وإمارات ومشيخات مثل السعودية والكويت وأبو ظبى والبحرين وسلطنة عمان و قطر وغيرها ، وتحولت بذلك الإقطاعيات العائلية ( مثل عائلة الصباح ، وآل نهيان ، وآل سعود ، وآل ثان ، وآل خليفة ، وآل سعيد .. الخ ) إلى دول وفقا للشكل الحديث للدول ، وإن ظلت على علاقاتها وبنيتها الاجتماعية والسياسية شديدة الرجعية والتخلف .
وخلال الفترة الأولى من تجربة هذه الدول / المشيخات ، التى أمتدت من ثلاثينيات القرن العشرين حتى عشية حرب السادس من أكتوبر عام 1973 ، لم تكن الفوائض المالية من الضخامة بحيث تزيد عن أحتياجات التحديث المتواضع للمجتمع ( مدارس – مستشفيات – إدارة حكومية ) ، وحسابات مصرفية وخزائن مملؤوة للحكام وعائلاتهم ، ومقتضيات شراء الولاءات للقبائل المتناثرة داخل حدودهم الجديدة ، فلم يستدع الأمر إنشاء صناديق سيادية ، ووسائط مالية دولية كبرى ، ولم يكن هناك مسافة بعيدة بين الجيب الشخصى للملك أو الأمير أو الشيخ ، وبين ميزانية الدولة فكليهما تحت طوع وأمر الملك / الشيخ .
**. حرب أكتوبر عام 1973 والفوائض المالية الهائلة : بإندلاع حرب السادس من أكتوبر عام 1973 ، أنتقل مركز الثقل المالى والسياسى لصالح الدول المنتجة للنفط عموما ، والدول العربية خصوصا ، لقد زاد سعر برميل النفط من أقل من ثلاثة دولارات عشية الحرب إلى 5.18 دولار فى أواخر نوفمبر عام 1973، ثم أخذ فى التزايد يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر حتى سبتمبر عام 1980 ، وهكذا زادت إيرادات الدول العربية الثمانية أعضاء منظمة أوبك من حوالى 5.2 مليار دولار عام 1972، إلى 124.0 مليار دولار عام 1979 (4) ، فدولة مثل السعودية زادت إيراداتها وبعد زيادة الأسعار الأولى أثناء حرب أكتوبر من 5.1 مليار دولار فى نهاية عام 1973 ، إلى 54.2 مليار دولار عام 1979 ، وكذلك الكويت من 1.9 مليار دولار إلى 13.3 مليار دولار ، وبالمثل الامارات من 900 مليون دولار إلى 9.7 مليار دولار خلال نفس الفترة وهكذا لبقية الدولة / المشيخات الخليجية والدول العربية الأخرى المنتجة للنفط مثل الجزائر وليبيا والعراق . .
وبهذا الكنز الهائل أو كما عبر وزير الخزانة الأمريكية فى ذلك الحين ” وليم سيمون ” فأنهم لم يكونوا سوى غفراء على هذا الكنز النفطى لا أكثر ولا أقل ” these people do not Owen the oil they only sit on it
وهنا أسقط فى يد تلك الدول / المشيخات ، فقد كانت الثروة الجديدة أكبر كثيرا حتى من أحتياجاتها من كافة الإستخدامات المشروعة ( كالتنمية والتحديث ) ، وغير المشروعة ( السرقات العائلية ، والتبديد والإنفاق السفيه ، وتوزيعات الغنائم ، وشراء الولاءات القبائلية والعشائرية بل وحتى الدولية )، فلجأت تحت مشورة الخبراء الغربيين - وجلهم تقريبا أمريكيين وبريطانيين - إلى أنشاء صناديق ، أطلق عليها فيما بعد زورا وبهتانا ” صناديق سيادية “
Sovereignty Funds ، توضع فيها تلك الفوائض المالية ، ويتولى الخبراء القائمون عليها – وجلهم أمريكيون وبريطانيون كما أشرنا - إعادة إستثمارها وتوظيفها فى الخارج ، وتكوين محافظ مالية ضخمة مكونة من أسهم شركات ، وسندات وأذون خزانة على تلك الحكومات الغربية وخصوصا الأمريكية والبريطانية ، وإيداعات مصرفية فى تلك الدول الغربية أيضا ، وأصبحوا بالتالى فريسة ولعبة فى عمليات إبتزاز غربى من جهة ، ومرهونة بالإنهيارات المتعددة فى أسواق المال الغربية ولعبة البورصات ، والأزمات العاصفة التى مرت بها تلك الاقتصادات الغربية بصورة مستمرة .
***.
ومع كل أزمة من الأزمات التى مر بها الاقتصاد الرأسمالى العالمى وتقلص الفترات البينية لتلك الأزمات أو الدورات فى المتوسط من عشر سنوات ، إلى أقل من خمس سنوات ، مثل الأزمات العاصفة التى تكررت على مدار السنوات ( 1971، 1973 ، 1982 ، 1987 ، 1989 ، 1994 ، 1997 ، 1999 ، 2000 ، 2001 ، 2002 ، 2003 ، 2008 ) ، وسواء كانت هذه الأزمات العاصفة شاملة للاقتصاد الرأسمالى العالمى ككل ، أو أزمات لبعض مكوناته الإقليمية الهامة ( مثل جنوب شرق آسيا عام 1997 ) ، أو المكسيك عام 1994 ، أو الأزمة الروسية الكبرى عام 1999، أو الأرجنتين عام 2000 ، أو البرازيل عام 2003 ، أو فى غيرها (5). فقد كانت الصناديق ” السيادية ” العربية تخسر مئات المليارات ، وكان أصحاب الأموال العرب يخسرون بدورهم .
لقد خسر العالم من جراء الأزمة العاصفة عام 2008 فى أسابيعها الثمانية الأولى ، ما يتجاوز خمسة عشرة تريليون دولار، منها حوالى تريليون دولار لأصحاب فوائض النفط العربى فى الخليج ، وما زال الحبل على الجرار
صحيح أن بعض تلك الأموال ” العربية ” قد ساهمت فى إقراض وتمويل مشروعات تنموية فى بعض الدول العربية وغير العربية من خلال إنشاء صناديق للتنمية وأبرزها الصندوق الكويتى ، وصندوق أبو ظبى ، والصندوق العراقى – قبل تدمير العراق بحروب صدام حسين المتتالية –بيد أن الغالبية الساحقة من تلك الأموال ” العربية ” قد ذهبت إلى الأسياد الغربيين فيما عرف فى الأدبيات الاقتصادية الغربية إعادة التدوير Recycling
أذن من الناحية الشكلية كانت هذه الدول العربية / المشيخات ، لديها فوائضSurplus مالية يجرى توظيفها فى قنوات إستثمارية فى الخارج ، بصرف النظر عن الملابسات والملاحظات والمخاطر المحيطة بها ، بما فى ذلك إحتمالات التجميد وفقا للقوانين الأمريكية مثل قانون صلاحيات الرئيس أثناء الحرب أو الطوارىء الصادر عام 1977 ، والذى جرى إستخدامه فعلا ضد ليبيا والعراق وغيرها من الدول (6) .
**.
وهنا ينبغي أن يستحضرنا نموذجان متناقضان في تاريخ هذا النوع من التجارب ، الأول الصندوق السيادي الورسي الذي أطلق عليه ” لجنة أملاك الدولة ” في مطلع التسعينات من القرن الماضي في عهد الرئيس الروسي المخمور ” بوريس يلتسن ” والعصابة الصهيونية التي أحاطت به ، ومجموعات المافيا الروسية بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، والذي جرى عزل مديره الشريف ” الدكتور فلاديمير بوليفانوف ” بعد ستة أشهر فقط من تعيينه تحت ضغط الأمريكان من ناحية وعصابات المافيا الروسية التي أحاطت بالرجل وحكمه وخربت روسيا تماما ، وأوصلت البلاد إلى الكارثة والخراب ، حتى برزت قيادة الرئيس ” فلاديمير بوتين ” أواخر عام 1999 وبداية عام 2000 فأنقذ البلاد من حالة ضياع وخراب لم تشهده روسيا في تاريخها من قبل .
وعلى النقيض من هذا تجربة صندوق الثروة السيادي النرويجي الذي تأسس منذ مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي مع بواكير ظهور الثروة النفطية والغازية في بحار النرويج ، ويضم حاليا ( عام 2022) محفظة تقدر بحوالي 1.4 تريليون دولار ( يعادل 15.2 تريليون كرونة نرويجية ) وهو أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم ، وقد استثمر الصندوق في نحو 850 شركة صينية بقيمة نحو 42 مليار دولار بحلول نهاية العام 2022 ، كما يستثمر 1.4 مليار دولار في 76 شركة إسرائيلية حتى مطلع عام 2024 .
فتعالوا تأملوا صندوق السيسي السيادي ؟
..

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
المخاطر الاستراتيجية للصندوق السيادى لمصر (21-36)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية.
. يعرف صندوق الثروة السيادية أو الصناديق السيادية Sovereign Wealth Fund بأنه صندوق مملوك من قبل دولة ما ، وغالبا تمتلك هذه الصناديق فوائض مالية مكونة من أصول متنوعة مثل الأراضي، أو الأسهم، أو السندات أو الأوراق المالية بأنواعها ، ومن الممكن وصف هذه الصناديق بأنها كيانات تدير فوائض دولة من أجل الاستثمار. وعادة ما يتم إنشاء صناديق الثروة السيادية عندما يكون لدى الحكومات فائض في الميزانية ولديها ديون دولية قليلة أو معدومة. ليس من الممكن أو المرغوب دائمًا الاحتفاظ بهذه السيولة الزائدة كأموال أو توجيهها إلى الاستهلاك الفوري. هذا هو الحال بشكل خاص عندما تعتمد الأمة على صادرات المواد الخام مثل النفط أو النحاس أو الماس، في مثل هذه البلدان، يرجع السبب الرئيسي لإنشاء صندوق الثروة السيادية إلى خصائص إيرادات الموارد والتقلب الشديد في أسعارها ، وعدم القدرة على التنبؤ بالاستخراج لمواد الخام، واستنفاد الموارد. ويعتقد البعض أن صناديق الثروة السيادية بشكلها ونظامها الحديث قائمة منذ فترة طويلة ، ولكن منذ عام 1974، زاد عدد صناديق الثروة السيادية بشكل كبير حيث يوجد حاليا أكثر من 170 صندوق سيادي حول العالم، أكثر من 50% منها تمول من عائدات النفط، وتم تأسيس أكثر من 60 صندوق سيادي حول العالم خلال العشر سنوات الأخيرة ، أكثر من 20 صندوق منها في أفريقيا فقط. فماذا عن ما يسمى الصندوق السيادى لمصر ؟ . وفقا لما عرضناه فى السطور السابقة ، هل يمكن وصف ما يسمى الصندوق الذي جرى إنشائه فى مصر بعد عام 2018 بأنه صندوق سيادى ؟ الحقيقة .. كلا وذلك لعدة أسباب هى : السبب الأول:أن مصر كدولة لا تمتلك فوائض مالية كما هو الحال فى دول الخليج العربى والدول النفطية عموما. السبب الثانى: أن الأصول الاقتصادية التى تملكها الدولة المصرية مثل الأراضى والشركات العامة والمرافق العامة هى إصول للانتاج والخدمات وليست فوائض مالية بالمعنى الاقتصادى للكلمة . السبب الثالث: أن قراءة دقيقة للقانون الصادر بإنشاء ما يسمى الصندوق السيادى لمصر رقم (177) لسنة 2018 وتعديلاته بالقانون رقم (197) لسنة 2020 ، والنظام الأساسى لهذا الصندوق الصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (555) لسنة 2019 ، يؤكدان بما لا يدع مجالا للشك أننا بصدد أكبر عملية خداع إستراتيجى للشعب المصرى ، حيث نحن بصدد إستكمال لبرنامج بيع الأصول العامة ، والإقتراض بضمانها لشركات ومؤسسات وأفراد من الأجانب ومن العرب على وجه التحديد ، ولعل النموذج الأقرب لهذا الصندوق المصري هو ( لجنة أملاك الدولة ) في روسيا في عهد الرئيس المخمور بوريس يلتسن والذي أدى لخراب روسيا وهيمنة المافيا اليهودية الروسية على مقدرات البلاد طوال عقد التسعينات حتى أنقذها الرئيس ” فلاديمير بوتين ” بدءا من عام 2000 . السبب الرابع :هو أن السياق الذى تدار به الشئون الاقتصادية والمالية المصرية منذ عام 1974، تكشف درجة إستمراء القائمين على الحكم والإدارة لفكرة الصناديق والحسابات الخاصة ، التى تخرج كميات مالية واقتصادية من الإدارة المالية المنظمة خصوصا الموازنة العامة للدولة ، نظرا لضعف الرقابة على مثل تلك الصناديق والحسابات الخاصة ، هكذا فعل الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى بداية حكمه ( حساب تبرعات سداد ديون مصر ) ، وكذا رئيس الجمهورية الحالى الجنرال عبد الفتاح السيسى ( صندوق تحيا مصر ) وعشرات الصنديق والشركات التابعة للجيش .. ولم يكن طرح فكرة الصندوق الراهن جديدة ، خاصة بعد أن بدا أن برنامج الخصخصة وبيع الأصول والممتلكات العامة الذى بدأ منذ عام 1992 ، يكاد يكون قد توقف عمليا بعد الأزمة الاقتصادية العاصفة التى حدثت فى الاقتصاد العالمى عام 2008 ، وهو ما دفع نظام الرئيس مبارك ولجنة سياسات الحزب الوطنى الحاكم - وقتئذ - إلى طرح فكرة قانون ” الصكوك الشعبية فى ديسمبر عام 2008 (7) . ومع التصدى الواسع النطاق للفكرة ، جرى تداول فكرة أخرى على إستحياء وهى فكرة إنشاء صندوق كوعاء يجمع بداخله كل الشركات والأصول الحكومية بحجة إدارة أفضل لها ، والإلتفاف على المعارضة الشعبية الواسعة لإستمرار برنامج الخصخصة وبيع الأصول والشركات العامة التى أودت فى النهاية إلى إهدار ما يقارب 150 إلى 200 مليار جنيه بسبب بيع 194 شركة من الشركات العامة خلال تلك المرحلة بأبخس الأثمان . الأن .. توافر ظرف جديد لتطبيق فكرة كان قد رفضها القطاع الأوسع من الشعب المصرى ، والمتمثل فى وجود رئيس مندفع ، يحمل برنامج وأجندة غير معروفة الأبعاد ، بدأها عام 2016 ، بالتنازل عن جزء من الأراضى المصرية ( جزيرتى تيران وصنافير ) مقابل وعود بمساعدات اقتصادية من المملكة السعودية قدرها 25 مليار دولار، وذهب فيها إلى المدى الذى لم يسبقه فيه حاكم مصرى سابق ، وهو الإطاحة بأحكام قضائية من أعلى المحاكم المصرية ، وضرب المؤسسات القضائية بعضها ببعض ( محاكم الأمور المستعجلة غير المختصة ثم المحكمة الدستورية العليا ) ، وكذلك خلق صراع بين القضاء ومجلس نواب مصطنع أمنيا ، مما هدد أحد أهم أركان الدولة الحديثة ، وذلك من أجل تنفيذ ما وعد به حكام المملكة السعودية . فما هى الأحكام والنصوص القانونية التى أتى بها القانون رقم (177) لسنة 2018 ؟ وتعديلاته بالقانون رقم (197) لسنة 2020 ؟ (😎 . تضمن القانون رقم (177) لسنة 2018 عشرين مادة ، بعضها إجرائى وتنظيمى وبعضها الأخر موضوعى يضع أسس وقواعد خطيرة لإدارة الأصول المصرية المملوكة للدولة المتبقية من أكبر عملية بيع وإهدار للثروة الانتاجية المصرية ، و يبلغ عدد هذه المواد الخطيرة ثلاثة عشرة مادة هى المواد ( 3-5-6-7-8-9-12-13-14-15-16-18-19) على النحو التالي : 1- فقد نصت المادة الأولى من القانون على أن يكون للصندوق موازنة مستقلة ، ويعد الصندوق قوائم مالية سنوية وربع سنوية ، على أن يتم ترحيل الفائض من عام إلى أخر، بما يعنى أنه خارج الموازنة العامة للدولة تماما . 2- وفقا للمادة (3) : وبعد الديباجة المعتادة فى مثل تلك القوانين التى صدرت منذ عام 1974 وتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى ، حيث الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو ( المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله … الخ ) لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة ، وله فى سبيل ذلك التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة . أى أن الأهداف المحددة من إنشاء هذا الصندوق هى : أ-المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة . ب-إدارة الأموال والأصول الثابتة والمنقولة التى سيتم نقلها إليه . ج-إستغلالها الإستغلال الأمثل وفقا للمعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها . د-من أجل الأجيال القادمة . ه‌- وبالتعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات الماليةالمختلفة . 3- أما المادة (5) : فقد حددت رأسمال الصندوق المرخص بمائتى مليار جنيه ، بينما رأسماله المصدر خمسة مليارات جنيه ، أما رأس المال المسدد فهو مليار جنيه فقط تسددها الخزانة العامة للدولة عند التأسيس ، ويسدد الباقى وفقا لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال ثلاث سنوات . وهنا يثور التساؤل ما هو المقابل الذى ستحصل عليه الخزانة العامة للدولة مقابل تسدديها المليار جنيه الأولى من رأسمال الصندوق المصدر ؟ لا يقدم لنا القانون ولا النظام الأساسى للصندوق الذى صدر به قرار من رئيس مجلس الوزراء ( رقم 555 لسنة 2019 ) أية إجابة حول هذا الموضوع ، خصوصا أن الصندوق كما سوف نرى قد تحرر تماما من القيود والقواعد الحكومية ، وأصبح شخصية مستقلة تماما عن الموازنة العامة والخزانة العامة للدولة .. أي أنه جرى لطش مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة لصالح هذا الصندوق المستقل الذي ستكون مهمته الحقيقية والحصرية بيع أو تأجير ممتلكات الدولة المصرية !! وبرغم ما ورد فى الفقرة الثانية لهذه المادة من حكم جواز زيادة رأسمال الصندوق نقدا أو عينا وفقا للضوابط الواردة فى النظام الأساسى ، نكتشف بمراجعة النظام الأساسى الذى صدر بقرار رئيس الوزراء المشار إليه ، عدم وجود لتلك الضوابط المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذا القانون . بل أن الفقرة الثالثة من هذه المادة قد نصت على ( أن أموال هذا الصندوق من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ) ، مما يفتح الباب للتصرف فيها بالبيع والشراء وكافة التصرفات بعيدا عن السلطة التشريعية ( مجلس النواب ) وبعيدا عن بقية أجهزة الدولة ورقابتها ، أكتفاء بجمعية عمومية مكونة من 12 شخصا يعينهم الجنرال السيسي أو يوافق على تعيينهم مع منحهم المزايا المالية والعينية الضخمة كما سوف نرى. 4- وجاءت المادة (9) لتحدد موارد الصندوق على النحو التالى : أ- رأسمال الصندوق . ب-الأصول التى تنتقل ملكيتها للصندوق ( وهي في الحقيقة كل أصول الدولة المصرية كما سوف نرى ) . ج-العائد من استثمار أمواله وإستغلال أصوله . د-القروض والتسهيلات التى يحصل عليها ، وحصيلة إصدار السندات والأدوات المالية الأخرى . ه-الموارد الأخرى التى يقرها مجلس الإدارة . وهنا مناط وجوهر العملية كلها ، فنحن إزاء صندوق سوف توضع فيه كل الأصول المتبقية للدولة المصرية ( من أراضى – شركات – مشروعات وغيرها ) بهدف جعلها محل الرهن والضمان من أجل الحصول على مزيد من القروض الأجنبية والمحلية وكذلك بيع هذه الأصول لمن يرغب في الشراء . 5- وفى المادة (6) : منحت رئيس الجمهورية حقا مطلقا فى ( نقل ملكية أى من الأصول غير المستغلةالمملوكة ملكية خاصة للدولة ، أو لأى من الجهات التابعة إلى الصندوق بعد عرض رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص ، أو أى من الصناديق التى يؤسسها والمملوكة له بالكامل ، أما بالنسبة للأصول المستغلة فيكون العرض من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص بالاتفاق مع وزير المالية وبالتنسيق مع الوزير المعنى ) . أى أن هذه المادة في صيغتها الأولى قبل التعديل اللاحق قد ميزت من حيث الشكل بين الأصول غير المستغلة ( مثل الأراضى المملوكة للشركات أو الجهات الحكومية المختلفة ، أو المبانى غير المستغلة ، أو أى أصل أو معدات غير مستغلة .. الخ ) ، والأصول المستغلة ، والفارق بين النوعين شكلية ، حيث الكل سوف يجرى نقل ملكيته إلى الصندوق ( الأم ) ، أو الصناديق الفرعية التى سوف ينشأها الصندوق ، أو الشركات المنشأة حديثا ، والفارق بين الحالتين هى أن الأولى ( غير المستغلة ) لا تحتاج سوى إلى العرض من رئيس الوزراء ووزير التخطيط ( الوزير المختص ) على رئيس الجمهورية ليصدر القرار بنقلها ، بينما الأصول من النوع الثانى ( المستغلة ) ، يضاف إلى رئيس الوزراء ووزير التخطيط ، الاتفاق – وليس الموافقة - لكل من وزير المالية والتسيق مع الوزير المعنى ( أى الذى يتبعه هذا الأصل سواء كان شركة أو أراضى أو أوراق مالية أو غيرها ) ، وهكذا سوف يجرى تسريب الأصول المتبقية المملوكة للدولة والمجتمع المصرى إلى أطار قانونى وتنظيمى جديد ، فى شراكة مع المؤسسات والبنوك والشركات الأجنبية ، وتكرار تجربة القانون رقم (203) لسنة 1991 ، المسمى قانون قطاع الأعمال العام الذى جرى فى ظله أكبر وأخطر عملية لنهب وإهدار الأصول الانتاجية المملوكة للدولة والمجتمع المصرى ، والتى أضاعت على الدولة المصرية ما يربوا على 150 إلى 200 مليار جنيه بأسعار ما قبل العشرية السوداء . ومن ناحية أخرى ، فأن تعبير الأصول غير المستغلة هو تعبير مطاط ، يحمل فى داخله الكثير من إمكانيات التلاعب بقيمة الأصل أثناء عملية نقل ملكيته إلى الصندوق ( الأم ) أو الصناديق الفرعية أو الشركات التى سوف تنشأ بالتعاون والمشاركة مع المؤسسات الأجنبية والعربية . كما نصت الفقرة الثانية من المادة (6) ، على أن يتم قيد هذه الأصول المنقولة فى دفتر الصندوق بالقيمة السوقية وفقا لقواعد وإجراءات التقييم التى يحددها النظام الأساسى ، وبما لا يتعارض مع الآليات والأحكام المنصوص عليها فى المادة الثامنة . .***
الحلقة القادمة يوم السبت القادم .. مع تكرار الرجاء بالمشاركة بالتعليق ولو بكلمة وإرسالها إلى اصدقائكم ووضعها على صفحاتكم حتى أطمئن أن ما اقوم به ونشره له فائدة ويفيد الشعب المصري واعرف أيضا إلى أي مدى يحظى بأهتمامكم .. أو أضطر للتوقف عن النشر.


هوامش
(7) أنظر للكاتب مقال قانون الخصخصة الجديد والصكوك الشعبية ، جريدة البديل ، بتاريخ 7/12/2008 .
(😎 الجريدة الرسمية ، العدد (33 مكرر) بتاريخ 18/8/2018 .


.
.
*

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
المخاطر الاستراتيجية للصندوق السيادى لمصر ( ٢٢-٣٦ )
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
***.
وبالرجوع إلى النظام الأساسى الذى صدر به قرار رئيس الوزراء رقم ( 555) لسنة 2019 ( الجريدة الرسمية ، العدد 9 تابع بتاريخ 28/2/2019 ) ، والذى أشتمل على 48 مادة ، لم نجد على الإطلاق تلك القواعد وإجراءات التقييم للقيمة السوقية لتلك الأصول ، مما يفتح الباب للكثير من علامات الاستفهام حول من سيقوم بالتقييم ، وعلى أى أسس اقتصادية وعلمية ، خصوصا وأن تجربة الخصخصة الإجرامية التى جرت فى مصر طوال ستة عشرة عاما ( 1992- 2008 ) ، والتى أدانتها المحاكم المصرية والقضاء المصرى ، مازالت ماثلة فى الأذهان . كما لم نجد أثرا لتلك القواعد وإجراءات التقييم للقيمة السوقية لتلك الأصول في التعديل اللاحق بقرار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي رقم (1938) لسنة 2022 .
1- وتكشف المادة (😎 من القانون عن جوهر ومناط الغرض من هذا الصندوق فقد نصت على أن ( التصرف فى الأصول المملوكة للصندوق أو الصناديق الفرعية المملوكة للصندوق ( الأم ) بالكامل سوف تتم بأحد الصور التالية :
أ-البيع .
ب-أو التأجير المنتهى بالتملك .
ج-أو الترخيص بالانتفاع .
د-أو المشاركة كحصة عينية .
وذلك كله وفقا للقيمة السوقية ، وبما لا يقل عن التقييم الذى يتم على أساس متوسط القيمة المحددة بموجب ثلاثة تقارير من مقيميين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية ( التى يعين رئيسها من قبل رئيس الجمهورية الجنرال السيسي ) والبنك المركزى المصرى ( الذى يعين محافظها ونوابه من قبل رئيس الجمهورية الجنرال السيسي أيضا ) .
والحقيقة أن هذه التقارير ومن هذه الجهات تحديدا ، لا يمكن الارتكان إليها فى تحديد متوسط القيمة السوقية للأصل محل التصرف بالبيع أو التأجير أو غيرها من التصرفات التى من شأنها إهدار تلك الأصول بالبيع أو بجعلها ضمانة للقروض الهائلة التى يستهدف النظام ورئيس الجمهورية الحصول عليها ، خاصة فى ظل سيطرة جماعات مصالح فاسدة من جميع الأنواع والاتجاهات والتحالفات الدولية ( وفي مقدمتها طبعا دويلة الإمارات والمملكة السعودية ) .
2- وهذا ما تكشفه بوضوح وجلاء نص المادة (7) من القانون التى نصت على أن هذا الصندوق سوف يقوم بالأنشطة التالية :
أ-المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو زيادة رؤوس أموالها ( أقتباسا للمادة الثالثة من القانون سىء الصيت المسمى قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ) لصاحبه وطباخ السم كله د. عاطف عبيد ) .
ب_الاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة أو غير المقيدة بأسواق الأوراق المالية ، وأدوات الدين وغيرها داخل مصر وخارجها .
ج- الإقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين .
د-شراء وبيع وتأجير وإستئجار وإستغلال الأصول الثابتة ( كالأراضى ) والمنقولة والانتفاع بها .
ه‌- إقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير .
وهنا بيت القصيد من هذه العملية كلها ، أن يكون هذا الصندوق منصة للإقتراض ، وبضمان هذه الأصول الضخمة التى سوف يجرى بيعها تدريجيا والتى قدروها في البداية بحوالى مائتى مليار جنيه ، أما تسديدا للديون التى أغرقنا فيها هذا الرئيس وجماعته ، أو تحقيقا لإيرادات لتغطية العجز فى الموازنة ببيع هذه الأصول للسماسرة العرب أو الأجانب .
3- أما المادة (12) فقد أقرت مبدأ فى غاية الخطورة يأتى فى سياق كل حرف من حروف هذا القانون الخطير حيث نصت على ( أن يدير الصندوق أمواله وأصوله بذاته ، كما له أن يعهد بإدارتها كلها أو بعضها إلى شركات ومؤسسات متخصصة فى إدارة الأصول ) .
وهنا مكمن أضافى للخطر ، فمثل تلك المؤسسات والشركات المتخصصة فى إدارة الأصول لا توجد سوى لدى الشركات والمؤسسات والبنوك الغربية وخصوصا الأمريكية والبريطانية ، برغم أن تلك الصناديق ومنها صناديق التحوط – التى كان يدير أحداها د . محمد العريان – لم تنجح فى إنقاذ الاقتصاد الأمريكى خصوصا والغربى عموما من الكارثة التى حلت به فى الأزمة العاصفة عام 2008 ، والتى ما زالت أثارها وتداعياتها قائمة حتى يومنا .
*. 4- وعلى نفس المنوال الخطير والمدمر جاءت المادة (13) ، حيث نصت على أن ( للصندوق ( الأم ) تأسيس صناديق فرعية بمفرده أو بمشاركة مع الصناديق المصرية والعربية والأجنبية النظيرة ، والمصارف والمؤسسات المالية والشركات المصرية والأجنبية ، أو أى منها دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية) . وبرغم إحالة المادة إلى النظام الأساسى لوضع الضوابط ، فأننا وبالرجوع إلى قرار رئيس الوزراء بشأن النظام الأساسى رقم (555) لسنة 2019 ، لم نعثر على أية إشارة لتلك الضوابط والمعايير والقواعد ، بل على العكس تماما ، جاء فيها التأكيد على أن كل هذه العمليات الكبرى من بيع وتأجير وإنتفاع وإقتراض سوف تتم بعيدا عن القواعد والنظم الحكومية ، مما يزيد من ظلال الشك والقلق على مصير تلك الأصول وطريقة التصرف فيها بعيدا عن أية رقابة حقيقية كما جرى فى برنامج الخصخصة خلال الفترة السيئة الصيت ( 1992- 2008 ) . 5- ولهذا جاءت المادة (14) التى نصت على أن ( الصندوق والصناديق الفرعية التى يؤسسها أو يشارك فى تأسيسها من أشخاص القانون الخاص أيا كانت نسبةمساهمة الدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فيها ، ولا يتقيد أى منها بالقواعد والنظم الحكومية ) . والحقيقة فأن هذا الإصرار على أبعاد أى نوع من الرقابة بما فيها رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على هذا الصندوق والصناديق الفرعية التابعة ، برغم إمتلاكه لأصول الدولة المصرية وأراضيها غالبا ، يضع ألف علامة إستفهام حول نوايا القائمين على هذا الأمر والدوافع الحقيقية لإنشاء هذا الصندوق ، تماما كما هو حالة صندوق ( تحيا مصر ) ، الذى لا يعرف عنه المواطن المصرى والرأى العام والمتخصصين فى الاقتصاد المصرى ، حجم إيراداته وحجم نفقاته ومدى الجدوى من تلك النفقات وغيرها . .
6- وقد زادت المادة (19) فنصت على ( إعفاء كافة المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له بالكامل من جميع الضرائب والرسوم وما فى حكمها ) ، وإن كانت قد أبقت على الرسوم والضرائب على معاملات الصناديق الفرعية التى يساهم فيها الصندوق ( الأم ) ، كما أبقت على الضرائب والرسوم على توزيعات الأرباح الناتجة عن معاملات الصندوق ( الأم ) أو الصناديق والشركات الفرعية .
وقد عرفت المادة (30) من النظام الأساسى الصادر بها قرار رئيس الوزراء رقم (555) لسنة 2019 المعاملات البينية بأنها ( جميع التعاملات والتصرفات القانونية التى تتم بين الصندوق والكيانات المملوكة له بالكامل ، سواء أتخذت هذه الكيانات شكل صناديق فرعية أو شركات متمتعة بالجنسية المصرية أو جنسية أية دولة أجنبية أخرى ).
كما ذكرت الفقرة الثانية من المادة (30) من النظام الأساسى ( أن هذا الإعفاء من الرسوم والضرائب سوف يتم طبقا للضوابط التى يصدر بها قرار من وزير المالية بالتشاور مع الوزير المختص ( أى وزير التخطيط ) ، ويندرج تحت إطار المعاملات البينية على سبيل المثال التعاملات التالية :
أ-عمليات البيع والشراء والاستغلال والانتفاع .
ب-عمليات الإيجار والاستئجار .
ج-عمليات الإقراض والإقتراض .
وهنا مناط جديد للضرر ، خصوصا إذا عرفنا أن هذه التعاملات من الضخامة المالية والاقتصادية من ناحية ، وكذا فأن إنتقال ملكية هذه الأصول والشركات وغيرها إلى هذا الصندوق قد حرم الخزينة العامة من مصادر للدخل والإيرادات السيادية متمثلة فى الرسوم والضرائب بكافة أنواعها التى كانت تدفعها قبل أنتقال ملكيتها إلى هذا الصندوق ، أى مزيد من الخلل فى الموازنة العامة للدولة . كما أن أعفاء الشركات والصناديق التى يشارك فيها الأجانب سواء كانوا عربا أو عجما يعنى نقل جزء من الثروة المصرية لصالح هؤلاء على حساب الشعب المصرى والخزينة العامة المصرية .
.
وقبل أن يجف حبر هذا القرار جرى تعديل جديد للنظام الأساسى الذى صدر به قرار رئيس الوزراء رقم ( 555) لسنة 2019 ( الجريدة الرسمية ، العدد 9 تابع بتاريخ 28/2/2019 ) بقرار رئيس الوزراء رقم (1938) لسنة 2022 . فما الذي يحمله التعديل الجديد ؟


.

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
الخطوة قبل الأخيرة فى هيمنة السيسي على كافة أصول وأملاك الدولة ( ٢٤- ٣٦)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
. وفى 26 ديسمبر من عام 2019 ، خطى الجنرال السيسى وحكومته من السماسرة والبورصجية خطوة جديدة وخطيرة فى الإستحواذ على كافة أصول ومقدرات الدولة المصرية وصلاحية بيع كل تلك الأصول دون رقابة أو معقب من أية جهة في الدولة المصرية . فقد تجسدت وتوحدت الدولة المصرية وأجهزتها كافة في شخص الجنرال السيسي ، وذلك بإدخال تعديلات جديدة على القانون رقم (177) لسنة 2018 بالقانون رقم (197) لسنة 2020 بهدف تحصين قرارات رئيس الجمهورية وعقود صندوق مصر السيادى ، بما يجعل من المستحيل على أى طرف أو شخص طبيعى أو معنوى الطعن على التصرفات المالية التى يقوم بها هذا الصندوق والقائمين عليه . وقد شملت التعديلات الجديدة على القانون الأصلي خمسة مواد هي ( الأولى والثانية والثالثة والثامنة والحادية عشرة والتاسعة عشر) مع إضافة مادتين جديدتين وخطيرتين هما المادة (6 مكرر ) والمادة (6 مكرر أ ) . فما هو مضمون هذه التعديلات وما هي المخاطر المصاحبة لهم؟ **.
أولا المادة الأولى المعدلة : أقتصر التعديل على تغيير أسم ” صندوق مصر ” إلى ” صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية ” وهو تغيير شكلي تماما لا يغير من جوهر ووظائف هذا الصندوق اللقيط .
ثانيا المادة الثانية المعدلة : فقد أضافت عبارة تبدو بسيطة ولكنها ذات دلالات خطيرة في توسيع دور هذا الصندوق وهذه العبارة هي ( ويجوز لمجلس الإدارة أن ينشىء له فروعا أو مكاتب داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها ) .
ثالثا المادة الثالثة المعدلة : فقد أضافت على أصل المادة التي كانت تنص بعد الدياجة المعتادة في مثل هذه القوانين منذ انفتاح عام 1974 والمساهمة في التنمية المستدامة على ( أن الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو ( المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله … الخ ) لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة ، وله فى سبيل ذلك التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة . أى أن الأهداف المحددة من إنشاء هذا الصندوق هى :
أ-المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة .
ب-إدارة الأموال والأصول الثابتة والمنقولة التى سيتم نقلها إليه .
ج-إستغلالها الإستغلال الأمثل وفقا للمعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها .
د-من أجل الأجيال القادمة .
ه‌- وبالتعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات الماليةالمختلفة .
لكنه أضاف في التعديل الجديد العبارة والكلمات التالية : ( وذلك من خلال إدارة أمواله وأصوله أو أموال الجهات والكيانات والشركات المملوكة للدولة أو التابعة لها ، أو التي تساهم فيها التي يعهد إلى الصندوق بإداراتها وفقا للضوابط المنصوص عليها في النظام الأساسي . وتحقيق الإستغلال الأمثل لتلك الأموال والأصول وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية ، وذلك لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة ، وللصندوق في سبيل ذلك التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة ) .
والفارق بين النصين كما هو واضح هو شمول هذا الصندوق لأموال وأصول كل الجهات والكيانات والشركات المملوكة للدولة أو التابعة لها ، وكذلك التي تساهم فيها الدولة والتي يعهد إلى الصندوق بإداراتها ) . فالصندوق قد أصبح مهيمنا هيمنة مطلقة على كافة أصول الدولة إينما كانت وتتبع لأى وزارة ، أو مصلحة حكومية.دون إستثناء ، وهكذا وضع الجنرال السيسي يديه من خلال هيمنتة على هذا الصندوق على كل مقدرات الدولة وأصولها يتصرف فيها دون مراجعة من وزراء أو مجلس وزراء أو أية جهات رقابية أو برلمانية أو تشريعية كما سوف يتبين بعد قليل .


رابعا : أضافة المادة (6 مكرر ) التي نصت على ( يودع قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول المنصوص عليها بالمادة (6) من القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر مكتب الشهر العقاري المختص، بغير رسوم، ويترتب على هذا الإيداع آثار الشهر القانونية. ومع عدم الإخلال بحق التقاضي لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل القرار، يكون الطعن في قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول أو الإجراءات التي اتخذت بناء على هذا القرار من الجهة المالكة للأصل أو الصندوق المنقول له الملكية دون غيرهما، ولا ترفع الدعاوي ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استنادا لتلك العقود أو التصرفات إلا من أطراف التعاقد دون غيرهم، وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة أحد أطراف التعاقد أو التصرف في إحدى الجرائم المنصوص عليها في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان العقد أو التصرف قد تم إبرامه بناء على تلك الجريمة.
ومعنى ذلك :
1- أن قرارات رئيس الجمهورية الجنرال السيسى سوف تصبح من الأن فصاعدا لها قوة الإشهار القانونى فى نقل وبيع والتصرف فى اصول الدولة دون رقيب أو حسيب ) .
2- حظر الطعن فى قرارات رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول أو بيعها ، وحصرها فقط في الجهة المالكة للأصل أو الصندوق المنقول له الملكية دون غيرهما، ولا ترفع الدعاوي ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استنادا لتلك العقود أو التصرفات إلا من أطراف التعاقد دون غيرهم، وهذا من أخطر ما جاء فى هذا القانون ولم يسبق له أن جرى طوال الخمسين عاما الماضية.
**.
خامسا المادة (6 مكرر أ ) : فقد استكملت هذه المادة اللقيطة ما سبقها من المادة (6 مكرر ) فنصت على ( مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية الباتة ، تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الطعون أو الدعاوي المتعلقة بالمنازعات المنصوص عليها في المادة (6 مكررا) من هذا القانون المقامة من غير الأطراف المذكورين فيها، عدا الحالة المستثناة في الفقرة الثانية من المادة (6 مكررا) المشار إليها.
وهكذا إلزام الجنرال السيسي من خلال هذا النص النشاذ المحاكم بعدم قبول دعاوى الإبطال أو الإلغاء من طرف ثالث ، مثل النقابات أو العاملين فى تلك المنشأت أو الشخصيات العامة ، أو أى صاحب مصلحة فى إلغاء هذه التصرفات الضارة بالقدرات والموارد المصرية المملوكة للمجتمع المصرى فى مجموعه .
وهكذا حصن رئيس الجمهورية قراراته – بالمخالفة لنصوص الدستور المصرى وكل الدساتير فى الدول المتحضرة – من دعاوى الإلغاء ورغبة أطراف وطنية فى حماية الموارد والقدرات والأصول المملوكة للدولة والمجتمع المصرى .


سادسا تعديل المادة (😎 : كان نص المادة الأصلي هو : ( يكون التصرف فى الأصول المملوكة للصندوق أو الصناديق الفرعية المملوكة للصندوق ( الأم ) بالكامل سوف تتم بأحد الصور التالية :
أ-البيع .
ب-أو التأجير المنتهى بالتملك .
ج-أو الترخيص بالانتفاع .
د-أو المشاركة كحصة عينية .
وذلك كله وفقا للقيمة السوقية ، وبما لا يقل عن التقييم الذى يتم على أساس متوسط القيمة المحددة بموجب ثلاثة تقارير من مقيميين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى ) .
فأستبدله بالنص التالي : ( يكون التصرف في الأصول المملوكة للصندوق أو الصناديق المملوكة بالكامل – بدلا من كلمة الصناديق الفرعية - سوف تتم بأحد الصور التالية : أ-البيع . ب-أو التأجير المنتهى بالتملك . ج-أو الترخيص بالانتفاع . د-أو المشاركة كحصة عينية . وذلك كله وفقا للقيمة السوقية ، وبما لا يقل عن التقييم الذى يتم على أساس متوسط القيمة المحددة بموجب ثلاثة تقارير من مقيميين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى ) .
وأضاف الفقرة الخطيرة التالية : ( ولمجلس إدارة الصندوق أن يعهد بإجراءات التقييم إلى واحد أو أكثر من بيوت الخبرة العالمية ، المصرية أو الأجنبية ، وذلك كله وفقا للضوابط التي يضعها مجلس الإدارة ) .
وهكذا أصبحت بيوت الخبرة الأجنبية أو حتى المصرية المرتبطة بالأجانب ( مثل بيكر أند ماكينزى فى القاهرة ) حاضرة بقوة القانون هذه المرة ، وليس مجرد رأى إستشارى قد نأتى بها أو لا نأتى بها ، وقد عرفنا ما قامت به بيوت الخبرة الأجنبية منذ تطبيق برنامج الخصخصة وبيع الأصول المملوكة للدولة منذ عام 1992 ، ومقدار الخراب ونهب المال العام الذى شاركت فيه ، وبهذا تصبح الأصول المصرية التى فى حوذة هذا الصندوق ( اللقيط ) خاضعة لقوى وأطراف أجنبية ودولية محاطة بالكثير من الشكوك وبعلاقاتها المريبة بدوائر المال والأعمال الأجنبية والصهيونية .أي أن التعديل الجديد قد منح مجلس الإدارة المكون من عشرة أشخاص يعينهم الجنرال السيسي ويملك أعفائهم ، الحق في أن يعهد بإجراءات التقييم إلى جهات أجنبية وبيوت خبرة عالمية متحررا بذلك من المقيميين المحليين المعتمدين من هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي المصري .
وهكذا وبنص القانون - وليس بأوامر وقرارات إدارية يمكن الطعن عليها - أصبح اللجوء إلى المؤسسات الدولية وبيوت الخبرة الأجنبية والمكاتب الإستشارية الأجنبية هى صاحبة الولاية فى التقييم وتقدير الأصول ) .


سابعا : تعديل المادة (11) التي كانت تنص على : ( يتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقبا حسابات، أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات والآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزي المصري أو الهيئة العامة للرقابة المالية وفق معايير المراجعة المصرية. ويقوم مراقبا الحسابات بمراجعة القوائم المالية السنوية وربع السنوية، وتعرض القوائم المالية السنوية ، وتقرير مراقب الحسابات ، وتقرير سنوي تفصيلي عن نشاط الصندوق وخطته للعام التالي على الجمعية العمومية للصندوق تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية. ويجب أن يتضمن التقرير السنوي للصندوق وخطته للعام التالي الموضوعات والبيانات التي ينص عليها نظامه الأساسي )
كما أدخل أضافة جديدة فى غاية الخبث والدهاء على هذه المادة ، فبعد أن اسندت المادة مراجعة حسابات الصندوق لمراقبي حسابات أحدهما من الجهاز المركزى للمحاسبات ، والأخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزى أو الهيئة العامة للرقابة المالية ( ورؤساء هذا الجهات تخضع لسلطة رئيس الجمهورية خصوصا بعد تجربة العصف بالمستشار هشام جنينة وسجنه خمس سنوات فى تهم محل شك كبير ) ، نصت الفقرة على أن تعرض حسابات الصندوق وخطتها على الجمعية العمومية خلال ثلاثة أشهر من إنتهاء السنة المالية ، وعلى رئيس الجمهورية ، ثم اضاف وعلى رئيس مجلس النواب ، دون أن يقول بالعرض على مجلس النواب ذاته ، وهنا ليس هناك إلزام بأن يقوم رئيس مجلس النواب ، بعرض هذه التقارير الحسابية على الجهاز الرقابى والتشريعى الأول ، فترك أمر العرض متروكا بحرية إلى رئيس المجلس فقط ؟؟ وأخرجها بالتالى من صلاحيات مجلس النواب .


ثامنا تعديل المادة (19) : التي كانت تنص على ( تعفى المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له بالكامل من جميع الضرائب والرسوم وما في حكمهما، ولا تسري هذه الإعفاءات على توزيعات الأرباح، ويحدد النظام الأساسي للصندوق ضوابط تطبيق ذلك. ولا تسري الإعفاءات المشار إليها في الفقرة الأولى على الصناديق الفرعية والشركات التي يساهم فيها الصندوق.
وترد الضريبة على القيمة المضافة التي تسدد من الصناديق الفرعية أو الشركات التي يسهم فيها الصندوق بنسبة تزيد على خمسين في المائة من رأسمالها، في حدود نسبة مشاركته فيها في أي من تلك الصناديق أو الشركات.
وذلك كله دون الإخلال بأي إعفاءات منصوص عليها في أي قانون آخر( التعديل الأخير بموجب القانون 197 لسنة 2020 ) .
وهذا يعني :
1-أن هذا القانون ( اللقيط ) لم يكتفي بإعفاء معاملات هذا الصندوق والكيانات المملوكة له مثل الشركات والصناديق الفرعية من جميع الضرائب والرسوم – بما يحرم الخزينة العامة من بعض مصادر إيرادتها – فيزداد العجز في الموازنة العامة للدولة ويقف من يقول أننا فقراء .. وأجيبلكم منين ..!!
2-أنما ذهب إلى ما هو أبعد حيث نص التعديل في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على ( أن ترد الضريبة على القيمة المضافة التي تسدد من الصناديق الفرعية ،أوالشركات التي يساهم فيها الصندوق بنسبة تزيد على50% من رأسمالها ، في حدود نسبة مشاركته فيها ،وذلك كله دون الإخلال بأي إعفاءات منصوص عليها في أي قانون آخر.
هكذا بوضوح تام نحن إزاء أخطر وأكبر عملية تلاعب قانونية ، ودستورية من أجل بيع وتهريب الأصول المصرية المملوكة للدولة والتى بناها الشعب المصرى طوال سبعين عاما سابقة ، فالمشترى حاضر ، والبائع متلهف على البيع غير العادل وما أخفى كان أعظم ؟؟
أنها أكبر سرقة لثروات وأصول شعب في التاريخ .


..

الجنرال السيسي .. وسرقة القرن
ممتلكات الصندوق السيادي ومصيرها ( ٢٥-٣٦)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير فى الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية
. بعد أن أستعرضنا المخاطر المحيطة بأصول ومقدرات الدولة المصرية والمجتمع المصري بنصوص قانون إنشاء هذا الصندوق أبن الجنرال عبد الفتاح السيسي - دون أم - ولائحته التنفيذية ( بقرار رئيس الوزراء رقم (555) لسنة 2019 وتعديلاته بالقرار رقم (1938) لسنة 2022 ) ، ننتقل الأن إلى تناول جانب أخر من جوانب ” سرقة القرن ” . والتعرف على الحجم المقدر أو الحقيقي لما يحتويه وسوف يحتويه هذا الصندوق وكيفية التصرف فيها ، وهو تقريبا كل ما بقى لمصر كدولة وشعب من ثروات ومقدرات عينية كانت أو مالية واقتصادية. ووفقا للبيانات والمعلومات الرسمية المنشورة – وهي قليلة وشحيحة جدا – عن هذا الصندوق تقتصر على جوانب الترويج والإعلان عنه بهدف جذب المشترين – أو ما يسمونهم المستثمرين - في مزايدة علنية مفتوحة ، فأن رأسمال هذه الصندوق السيادي المرخص به بدأ وفقا لنص المادة الخامسة من قانون إنشاءه بقيمة 200 مليار جنيه مصري ، بينما رأسماله المصدر 5 مليارات جنيه مصري ، يسدد منه مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس ويسدد الباقي وفقا لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس ، ويجوز زيادة رأسمال الصندوق نقدا أو عينا وفقا للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي ، وتعد أموال رأسمال الصندوق من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة (1) . وقد بلغ رأس مال الصندوق المرخص به في الربع الأول من عام 2021 حوالي 12.7 مليار دولار أمريكي( ما يعادل 249.3 مليار جنيه مصري وفقا لسعر الصرف السائد وقتئذ وهو 19.63 جنيها للدولار الأمريكي )، وأصول تُقدر بحوالي 637 مليون دولار أمريكي ( ما يعادل 12.5 مليار جنيه مصري وفقا لسعر الصرف ذاته ) ، واحتل صندوق مصر السيادي المركز رقم 48 من بين 100 صندوق سيادي عالمي في في ذلك التاريخ بحسب مؤسسة «جي وورلد» لتحليل الاستثمارات وفقًا لرأس المال المرخص به. وإنضم الصندوق السيادي إلى قائمة أكبر 50 صندوق سيادي عالميا، باحتلاله المرتبة 47 عالميا والـ12 عربيا، وذلك وفقا للتحديث الأخير لصناديق الثروة السيادية الذي نشره معهد صندوق الثروة السيادية في مارس عام 2023 (2) . وبتاريخ 17 / 9 / 2022 أعلنت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، موافقة الجمعية العمومية للصندوق ( أثنتا عشر شخصا ) مضاعفة رأس المال المرخص به لصندوق الثروة السيادي المصري، إلى 400 مليار جنيه (ما يعادل 20.38 مليار دولاربسعر صرف 19.63 جنيه للدولار الواحد )، بدلا من 200 مليار جنيه (10.19 مليار دولار بنفس سعر الصرف). وقالت الوزيرة التي تشغل منصب المدير غير التنفيذي للصندوق إلى جانب منصبها كوزيرة للتخطيط – وهي بالمناسبة أبنة أحد الضباط الأحرار الرائد حلمي السعيد والذي شغل مناصب هامة وحساسة في عهد الزعيم جمال عبد الناصر - (إن الحكومة المصرية ستعمل على رفع رأس المال إلى تريليون جنيه ( ما يعادل 50.94 مليار دولار بنفس سعر الصرف خلال خمسة أعوام على أقصى تقدير) (3) . ****.
محفظة صندوق مصر السيادي
وبعد عامين من تأسيس هذا الصندوق السيادي ، نقل الجنرال السيسي 7 أصول لملكيتة ، ضمت أرض ومبنى مجمع التحرير، والمقر الإداري لوزارة الداخلية بلاظوغلي ، وأرض الحزب الوطني المنحل، وأرض حديقة الأندلس بمدينة طنطا ، وأرض ومباني المدينة الاستكشافية، ومبنى القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن أرض ومباني ملحق معهد ناصر الطبي .وأضاف في 13/3/2023 قرارا جمهوريا جديدا “بنقل ملكية أسهم شركة مصر للتأمين لصندوق مصر السيادي” (4).
وتوالى طرح مشروعات نقل ملكية كثير من الممتلكات الحكومية إلى هذا الصندوق السيادي وإلى الصناديق الفرعية التي إنشأت لتسهيل عمليات نقل المنشأت الصحية والأثرية والمالية وغيرها إلى هذه الصناديق تمهيدا لعمليات البيع للمستثمرين والسماسرة العرب والأجانب . ومنها تجهيز نقل وطرح طرح محطات الكهرباء المقامة مع شركة “سيمنس” بالبورصة (5) . وكذلك التجهيز لطرح شركتي ” صافي ” للمياه المعدنية ، و ” الوطنية للبترول ” في البورصة(6) وكذلك طرح القرية الكونية لإنشاء مجموعة مدارس خاصة وأجنبية بالتعاون مع الصندوق السيادي وشركة ” موبيكا “(7) .
كما طرح مبنى مجمع التحرير الضخم والتاريخي بعد ضمه إلى الصندوق اللقيط لتلقى عروض أستقر في النهاية على تحالف ثلاثي من القطاع الخاص ودويلة الإمارات وشركة أمريكية في ديسمبر / كانون أول عام 2021 ، وفوز تحالف أمريكي / إماراتي بتأهيل وتطوير هذا المجمع بمنطقة وسط البلد، بعد تقدمه بعرض مالي وفني بإجمالي استثمارات أكثر من 3.5 مليار جنيه (113 مليون دولار) لتطوير المبنى ليكون متعدد الاستخدامات وتحويله لفندق عالمي (فندقي- تجاري- إداري- ثقافي) (😎 .
***.
وبتاريخ 24 يناير 2024 أصدر الجنرال عبد الفتاح السيسي القرارالجمهوري رقم (13) قضى فيه بنقل ملكية 13 مبنى لوزارة وجهة حكومية بوسط العاصمة القاهرة إلى ملكية صندوق مصر السيادي، أبرزها المقرات الرئيسية لوزارات الخارجية، والعدل، والتعليم، والصحة، والنقل، والمالية، وذلك بعد انتقالها للعمل في العاصمة الإدارية الجديدة. وبزوال صفة النفع العـام عـن هذه الأراضي والعقارات من أملاك الدولة العامة، ونقلها لملكية الصندوق السيادي المصري، بموجب قرار الجنرال عبدالفتاح السيسي أصبحت جاهزة للطرح والبيع للمستثمرين والسماسرة من الداخل ومن الخارج وخصوصا الإماراتيين والسعوديين ،وبداية لطرحها على القطاع الخاص لبيعها وزيادة العائد منها(9) .
ووفقًا لتصريحات الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، فإنه من المقرر إجراء مخطط عام لمنطقة وسط البلد بغرض الاستغلال الأمثل للمباني الحكومية التي نُقلت ملكيتها للصندوق، بغرض الاستغلال الأمثل لها للحصول على عائد مستدام، وإنشاء العديد من المشروعات الخدمية(10) .
ووفقا لنائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، المهندس فتح الله فوزي، فإن نقل ملكية 13 وزارة وجهة حكومية بمنطقة وسط البلد إلى صندوق مصر السيادي، يهدف إلى استغلال هذه الأصول من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص لإنشاء مشروعات متعددة الاستخدام تدر عائدا لموازنة الدولة، وتحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري .
وطرح صندوق مصر السيادي عددا من الأصول الحكومية التي نُقلت إليه على القطاع الخاص، ونجح في إجراء شراكات لتحويل مبنى وزارة الداخلية إلى فندق ومركز تعليمي، وأرض القرية الكونية إلى مجمع مدارس، وتم الاستقرار على تحالف لإنشاء فندق عالمي بأرض مبنى الحزب الوطني، وفقًا لتصريحات تليفزيونية للرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان.( ملاحظة هامة : كل هذه الأراضي والمباني ومبيعاتها المملوكة للصندوق السيادي للسيسي لم ولن يدخل منها جنيها واحدا في الخزانة العامة للدولة وأنما يحتفظ بها في حسابات خاصة بالصندوق لايعلم عنها أي جهاز رقابي في البلاد أي شىء ) .
وأشار البعض أن صندوق مصر السيادي له تجربة سابقة في طرح الفنادق الحكومية للشراكة مع القطاع الخاص لزيادة العوائد منها وتقديم خدمات على أعلى مستوى للسياح، لافتًا إلى صفقة استحواذ مجموعة طلعت مصطفى القابضة على حصة 51% من شركة “ليجاسي” الحكومية المالكة لـ7 فنادق تاريخية، مما يسهم في تحقيق عوائد دولارية للدولة، سواء من خلال الاكتتاب في زيادة رأس مال شركة ليجاسي أو الإيرادات المنتظرة من الشركة.
**. ثم قامت مجموعة طلعت مصطفى القابضة بتمكين الصندوق السيادي الإماراتي وذراعه القابضة (شركة ADQ القابضة) من الاستحوذ على حصة 40.5% بشركته التابعة “آيكون”، التي تملك بصورة مباشرة وغير مباشرة مجموعة من الفنادق الفاخرة والتاريخية في القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ ومرسى علم ، والأقصر وأسوان، مقابل زيادة رأس المال بقيمة 882.5 مليون دولار، لتصبح أضخم صفقة بقطاع السياحة خلال عام 2024 (11) . وأضاف مصطفى بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن المرحلة الثانية لنقل هذه الأصول لصندوق مصر السيادي، هي إجراء دراسات متخصصة لكل أصل تتضمن تحديد النشاط المناسب لكل أصل، ودراسة جدوى مبدئية لجذب شركات من القطاع الخاص، مطالبًا بضرورة الإسراع في استغلال هذه الأصول لزيادة موارد الدولة الدولارية، وتحقيق استفادة اقتصادية منها. أما ” أيمن سليمان ” الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي فقد صرح ، فإنه من المقرر إجراء مخطط عام لمنطقة وسط البلد بغرض الاستغلال الأمثل للمباني الحكومية التي نُقلت ملكيتها للصندوق، بغرض الاستغلال الأمثل لها للحصول على عائد مستدام، وإنشاء العديد من المشروعات الخدمية. .
ممتلكات واستثمارات الصندوق السيادي المصري :
ويشارك الصندوق وفقا للتصريحات الرسمية لوزيرة التخطيط والرئيسه غير التنفيذية ( الشكلية ) في مشروعات الهيدروجين الأخضر داخل مصر، كما يمتلك مجمع التحرير، وأرض الحزب الوطني السابق، والقرية الكونية، وأرض وزارة الداخلية بالقاهرة.
وكذلك يمتلك حصص في ثلاثة محطات كهرباء داخل مصر من إنشاء شركة سيمنز الألمانية هي البرلس، العاصمة الإدارية الجديدة، وبني سويف. كما يمتلك حصص في شركات الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، والوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية ( الصافي ) . كما يُساهم الصندوق بنسبة 12% من رأس مال الشركة الوطنية المصرية لصناعة السكك الحديدية.وكذلك يمتلك 100% من أسهم شركة مصر القابضة للتأمين ، و 49% من صيدليات العزبي.
ووفقا لتصريحات الوزيرة غير الموثقة وغير المناقشة في أوساط الخبراء والاقتصاديين الوطنيين فأن الصندوق قد قام بتنفيذ 16 مشروعًا خلال 3 سنوات بإجمالي استثمارات 48 مليار جنيه (1.5 مليار دولار) في قطاعات متنوعة مثل قطاعات التصنيع الزراعي ، والخدمات المالية ، والخدمات الرقمية، والصناعات المختلفة. كما يعتزم الاستثمار في إنشاء 2600 غرفة فندقية بمنطقة وسط البلد خلال الفترة المقبلة، وتطوير 15 ألف متر مساحات ومناطق خضراء بالمنطقة، وفقًا لتقرير صندوق مصر السيادي لمجلس النواب المنزوع الصلاحية في الرقابة وإبداء الرأي في أعمال وتصرفات هذا الصندوق والمسئولين عنه .
فجميع من يشرف على الصندوق هو مجلس إدارة بالإضافة إلى جمعية عامة غالبية أعضائهما من القطاع الخاص والبوصجية كما سنعرض بعد قليل .
.
ويضاف إلى ذلك هذه الأصول التي يمتلكها أو يديرها الصندوق
1-مجمع التحرير:
بُني المجمع في عام ١٩٥١ بموجب قرار ملكي ليمثل أول مبنى إداري يضم مكاتب حكومية تحت اسم “مجمع المصالح الحكومية”، المعروف اختصاراً بـاسم مجمع التحرير. يتألف المجمع من ١٤ طابق على مساحة 58 ألف متر مربع ويضم ١,٣٥٦ حجرة. ويتولى التحالف الأمريكي الفائز الذي يضم ثلاثة من كبريات الشركات العالمية الخبيرة وهم ( مجموعة جلوبال فينتشرز) و( مجموعة أوكسفورد كابيتال ) و( شركة العتيبة للاستثمار) مقابل 113 مليون دولار فقط لتحويل مجمع التحرير ليصبح مجمع متعدد الأغراض والاستخدامات ( فنادق -
2-أراضي الحزب الوطني الديموقراطي
تمتد أرض الحزب الوطني الديمقراطي (السابق) على مساحة ١٦,٦١٢ متر مربع وتقع في منطقة وسط المدينة على ضفاف النيل وعلى مقربة من العديد من الشركات والمناطق الترفيهية.
وكانت قطعة الأرض مقر للحزب الوطني الديمقراطي (السابق)، وتعد قطعة الأرض الأخيرة الشاغرة بإطلالة على نهر النيل بمنطقة وسط البلد.
3-المقر السابق لوزارة الداخلية
يقع المقر السابق لوزارة الداخلية في وسط المدينة بحي اللاظوغلي ويعد جزءا من القاهرة الخديوية.ويتألف المقر من ١٠ مبان منفصلة بأحجام وارتفاعات مختلفة وبمساحة إجمالية تصل إلى ٤١,٩٥٠ متر مربع، ويتميز إثنين منهما بطابع معماري مميز حيث الأسقف المرتفعة والمداخل الواسعة والمساحات الفسيحة.
4-القرية الكونية
تقع القرية الكونية على مقربة من مدينة ٦ أكتوبر وحدائق الأهرام حيث الموقع المثالي لبناء مجمع تعليمي على مساحة إجمالية تصل إلى 679 ألف متر مربع.وسيتم تطوير الأرض لتصبح مشروع متعدد الأغراض يخدم عددا من القطاعات من بينها التعليم، والضيافة، والتجزئة، والترفيه.
يتولى صندوق مصر السيادي بالاشتراك مع القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا) وجيمس للتعليم، إقامة أربع مدارس أجنبية وخاصة بمصروفات كبيرة في المنطقة الجنوبية، لتبدأ هذه المدارس في تقديم خدماتها للجمهور في عام ٢٠٢٣.
5-المدينة العلمية الاستكشافية
تقع المدينة العلمية الاستكشافية في مدينة ٦ أكتوبر على مقربة من المدينة التعليمية وبالقرب من جامعة النيل وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وتبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع . وتعد هذه المدينة بيئة متكاملة ومجمعا علميا وتكنولوجيا ضخما يسمح بتحويل التعليم إلى تجربة شخصية للزائر في عالم العلم والتكنولوجيا.
6-ملحق معهد ناصر
يقع ملحق معهد ناصر على قطعة أرض متميزة تمتد لمساحة 13.7 ألف متر مربع في أغاخان على ضفاف النيل بجوار مستشفى معهد ناصر. وكان قد تم تصميم المبنى في الأساس على مساحة ٢٣,٨٠٠ متر مربع لاستقبال المرضى ومرافقيهم من الخارج لإمضاء فترة للنقاهة والتأهيل الطبي قبل العودة للحياة اليومية الاعتيادية.ولكن بعد التغيرات الكبيرة التي شهدتها السياسة المصرية منذ عام 2014 ، جرى إستبدال هذه الفكرة بالبحث عن مستثمر أو سمسار لبيع هذه الأرض التي كانت مخصصة لنقاهة المرضى ومرافقيهم .
7-حديقة الاندلس (حديقة الحيوان السابقة بطنطا)
تأسست الحديقة عام ١٩٥٦ في مركز المدينة في شارع البحر على مساحة إجمالية تصل إلى ٢٥,٠٣٥ متر مربع. يسعى الصندوق إلى التعاون مع مستثمرين محليين لتحويل الحديقة لمشروع متكامل متعدد العناصر من بينها أنشطة رياضية وأنشطة ترفيهية مع الاحتفاظ بالعنصر الرئيسي وهو الحديقة العامة والحفاظ على أشجارها التي تميز معالمها التاريخية.
8-منطقة باب العرب
تشغل منطقة باب العزب الجزء السفلي من قلعة صلاح الدين الأيوبي المقابل لميدان الرميلة ومدرسة ومسجد السلطان حسن ومسجد الرفاعي وتبلغ مساحتها 70 ألف متر مربع . وكان باب العزب لمئات السنين المدخل الرئيسي للقلعة إلى أن قام محمد علي بإنشاء الباب الجديد المقابل لمنطقة الحطابة حالياً. يدرس صندوق مصر السيادي بالشراكة مع شركة بدايات مصر تحويل منطقة باب العزب بقلعة صلاح الدين الأيوبي إلى أول منطقة إبداع بالتعاون مع المستثمرين
أو هكذا يعلنون حتى يجدون مشترين لهذا الموقع والمكان . (12) .


.

عن admin

شاهد أيضاً

العرب في زمن اعادة تشكيل النظام العالمي - بقلم: د.كمال خلف الطويل

ليس من قبيل المبالغة القول أننا والعالم وسط انعطافات مؤثّرة في مسارات وتدافعات القوى الكونية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *