الرئيسية / حوارات ناصرية / جمال عبد الناصر و سامي الدروبي

جمال عبد الناصر و سامي الدروبي

 

ما أحب عبدالناصر شخصاً - سوى عبدالحكيم عامر - بمقدار ما أحب سامي الدروبي … ويليه دياللو تللي (الغاني: السكرتير العام الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية)

الاثنان اللاحقان في السوية كانا: خالد محي الدين (سمّى بكره عليه) وعبدالحميد السراج

هو لم يتعرف على الدروبي إلا بعد ٨ اذار ٦٣ .. هو - ومعه جمال الأتاسي وعبدالكريم زهور - رفضوا دعوة صلاح البيطار للعودة , في وزارته الثانية (مايو ٦٣) , الى تسلم حقائبهم (التربية والإعلام والاقتصاد) , احتجاجاً على تصرفات “القيادة” - بشقيها المدني والعسكري - المناوئة لعبدالناصر (أساساً تسريح الضباط الناصريين) , وأثر ذلك السلبي على ميثاق الوحدة الثلاثية , الصادر في ١٧ نيسان

اّثر الابتعاد عن أجواء أشطار البعث في مناصب دبلوماسية منذ ذلك العام .. واعتذر عن دعوة صلاح البيطار له ثانيةً في يناير ٦٦ لينضم لوزارته , قصيرة العمر

كان محبطاً من القيادة التقليدية ويرى في النيو- بعث محيطاً أكثر وعداً , ولو أقل نضجاً , منها … ومن هنا استطاع في ٦٦ ان ينسج علاقة جديدة بين عبدالناصر وبين أهل النيو , على خلفية فقدان عبدالناصر الثقة بالتقليديين

ما لا أفهمه كيف ان أوراق الدروبي عن عبدالناصر لم تظهر بعد , وبعلم ان قرينته - الراحلة حديثاً - مسيسة حتى النخاع ؟!!

الرجل كان مستودع أسراره , بمعنى الكلمة

د.كمال خلف الطويل

…………………………………………………………………………………………………………………………

الدروبي وعبد الناصر

كان مؤمناً بأفكار عبد الناصر وسافر إلى بلغراد ليستقبل عبد الناصر عند وصوله لها (اّب ٦٥- كمال)، وأغضب هذا حكومة سوريا في ظل وجود مشاكل مع عبد الناصر. لكن هذا القرب سيجعله موضع ثقة للسعي في إعادة العلاقات بين مصر وسوريا بعد الانفصال.

كان سامي مؤمناً بأفكار الوحدة وعمل أثناء الوحدة مستشاراً ثقافياً في القاهرة، وحزن بسبب الانفصال وارتجل كلمات أبكت عبد الناصر عند تعيينه سفيراً لسوريا (نيسان ٦٧- كمال) ، وكان حبه لمصر كبيراً وجاءت حرب أكتوبر 73 وهو سفير في إسبانيا فعمل على استصدار بيان من الخارجية الإسبانية يؤيد العرب، وعملت زوجته بالتمريض في أحد المستشفيات القاهرية أثناء نكسة 67.

في الكتاب تجد حديث قرينته إحسان البيات عن مواقف “الأخ سامي” كما كان يدعوه عبد الناصر معه. علاقة مقربة زادت بسبب عمل الدروبي سفيراً لسوريا في القاهرة، حتى إن عبد الناصر كان يهتم بالحالة الصحية لسامي بعد إصابته بمرض القلب، بل بعث إليه دواء يابانياً كان عبد الناصر يتناوله بسبب إصابته بنفس المرض.

تعرض سامي لفقد ابنته وهي طفلة، وكانت من الأزمات الكبيرة التي عاشها، وهاتفه عبد الناصر معزيا ودعاه للمكوث معه شهراً في الإسكندرية بعد تلك الأزمة.

……………………………………………………………………………………………………………………

سامي شرف

صباح الجمعة 14 أغسطس 1970 أبلغني الأخ محمد أحمد السكرتير الخاص للرئيس أن اطلب الرئيس في تليفون غرفة نومه فورا .. وطلب منى الرئيس أن أتصل بالسفير سامي الدروبى سفير سوريا في القاهرة لأبلغه بدعوة الرئيس له للإستجمام لمدة أسبوع هو وعائلته بالإسكندرية حيث سيلقاه الرئيس في جلسة خاصة

طلبت سامي الدروبى وأبلغته برغبة الرئيس ، وحضر فعلا للإسكندرية هو وعائلته فى إحدى سيارات رئاسة الجمهورية وكان قد أعد لهم جناح خاص في فندق فلسطين بالمنتزه ، وأبلغت الرئيس بأن السفير سامي الدروبى موجود بالإسكندرية وقد أعد له برنامج ترفيهي لحين لقاء الرئيس له , كما صاحبته منذ وصوله

حدد الرئيس موعدا للقاء السفير سامي الدروبى الذي كما ذكرت من قبل أنه كان يعتز به كشخص ويحترم رأيه ويقدره تقديرا عاليا فتوجهت بسيارتى الخاصة بدون سائق لأصطحبه من الفندق إلى إستراحة الرئيس بالمعمورة حيث إلتقاه الرئيس بترحاب فتذكرت فى هذه اللحظة كيف كان الرئيس يقول لى أن سامى الدروبى انسان مثقف واع ، ووحدوى أصيل شريف، لا يسعى إلى جاه أو سلطان أو منصب بل كان يسهم ـ وهو مريض ـ بكل قواه الفكرية والجثمانية بما يخدم القضية وبإعتباره جندى قومى عربى قبل أن يكون سفيرا وقبل أن يكون سوريا

بعد الترحيب به من قبل الرئيس الذى بادر وقال: ”يا سامى” فضحكنا ثلاثتنا فى نفس اللحظة ،لكونه سامى الدروبى ولكونى سامى شرف ، وكلانا يعلم أن الرئيس جمال يحبه بصدق

عاد الرئيس فقال: ”يا أخ سامى أنا الحقيقة أحببت أولا أن أرفه عنك من عناء العمل فى حر الصيف بالقاهرة، وثانيا أن نلتقى بعيدا عن الرسميات وعن جو القاهرة والأضواء لأنى أريد أن أحكى لك إنت بالذات أمور كثيرة لتكون أحد الشهود على ثورة 23 يوليو 1952 ولثقتى فيك ثقة لا حدود لها فأنا عايز أقعد معاك جلسة وإثنين أو أكثر لو إقتضى الأمر لأشرح لك بالتفصيل الكثير من القضايا والأسرار والمواقف العامة والخاصة

ثورة 23 يوليو 1952 … كيف ؟ ولماذا ؟ وأين نحن الآن ؟ وإلى أين ؟ مواقف الناس كلهم فردا فردا مسئولين وغير المسئولين … الخلافات وأسبابها ونتائجها ما قبل الثورة وما بعدها … التوازنات والظروف التى فرضت نفسها لإتخاذ قرارات مصيرية وقرارات قد تبدو غريبة أو غير متوقعة سواء بالنسبة لأحداث أو بالنسبة لأشخاص .. قضية الوحدة .. والإنفصال ، كيف ، ولماذا ، والمسئوليات … المؤسسة العسكرية والوضع العسكرى …العلاقات مع الغرب والعلاقات مع الشرق … التنظيم السياسى .. الإتحاد الأشتراكى وكيف سيكون شكل خريطة العمل السياسى فى السنوات الخمس القادمة حتى سنة 1975، وهل سنفتح العمل السياسى لتكون هناك تعددية سياسية وأحزاب …مؤمرات حزب البعث المتكررة منذ قيام الوحدة 1958 حتى الآن .. أربعة مؤامرات كبيرة غير النشاط الفردى وغير ما لم يكتشف (الإنفصال .. ما حدث أثناء مباحثات الوحدة الثلاثية ”الإشارة الملتقطة في دمشق”: (من علي السعدي في بغداد الى الملحق العسكري محمد المهداوي عن تسريح الضباط الناصريين- كمال في دمشق) … التآمر على ثورة ليبيا ”الإشارة الملتقطة بالشفرة من بغداد للوفد العراقى بطرابلس” …وأخيرا العملية الأخيرة: اكتشاف تنظيم للبعث العراقي- كمال) … كيف يعمل الرئيس وبمن ؟… التصور بالنسبة للنوايا المستقبلية وشكل الحكم … وأخيرا تصوره للمعركة العسكرية وبالتالى بعد ذلك للمعركة الأقتصادية … كانت تلك هى النقاط الرئيسية التى طرحها الرئيس جمال عبد الناصر على السفير سامى الدروبى لتكون محور النقاش والحوار والمناقشة

كنت أجلس على كرسى فى مواجهة الرئيس ، وكان الأخ سامى الدروبى يجلس بجوار الرئيس ، وبحكم العادة ركزت على متابعة إنفعالات الأخ سامى وتعبيرات وجهه وهو يستمع ـ وكان رحمه الله ـ يحسن الإستماع ، مقل فى كلام لا داعى له ، مستطردا ومستفيضا فى الكلام المفيد ، مرتب الذهن والتفكير ، صافى العقل هادىء ، متزن ، رزين ، حالم بعلم ، شاعرى … وكما رايت فقد بدأت الإنفعالات بابتسامة عريضة لأن الثقة تأكدت من خلال هذه العناوين ورؤس المواضيع التى طرحها الرئيس جمال ثم تدرجت الإنفعالات من فرح إلى دهشة إلى ذهول لدرجة أنى فى لحظة أحسست أنى سأقوم من مكانى لأهزّه لكى أطمئن أنه معنا

وعندما إنتهى الرئيس جمال عبدالناصر من إستعراض العناوين قال: ”إيه رأيك يا سامى ؟” فلم يرد سامى !! ضحك الرئيس وقال له إنت نمت ولّا سرحت , وهنا تنبه الأخ سامى وقال برقة متناهية: ”عفوا سيدى الرئيس أنا معك معك بقلبى وبروحى وبوجدانى وعقلى وبكل ما أملك لكن لا تؤاخذنى سيدى الرئيس لكى أكون أمينا وصريحا معك فإن أذناى لا تصدقان ما أسمع وهل أنا فى هذه المنزلة والدرجة من الثقة عندك بالدرحة التى تسمح أن أشارك فى هذه الأمور الجسيمة الخطيرة التى نعتبرها ملك عبدالناصر ، وعبدالناصر فقط ، الحقيقة سيدى الرئيس أنا على إستعداد لأن أقيم أمام باب هذه الإستراحة طوال الفترة اللى تراها وترتضيها حتى ننتهى من الإستماع إلى بحث هذه المسائل الحيوية والمصيرية خصوصا فى هذه الفترة العصيبة التى يمر بها عالمنا العربى والقطر المصرى بصفة خاصة

قال الرئيس جمال: ”لا .. أنا أحببت فقط أن أنقل إليك عناوين رئيسية لكي تفكر فيها لتكوّن نظرة شاملة حتى تكون المناقشة مثمرة ، ولكي لا نحرث في الماء كما يقولون ، ولكي لا نحكى فقط زي ما بتقولنا في سوريا … واستطرد الرئيس قائلا، عايزك تأخذ يومين راحة واستجمام في هدوء وبعدين أبعث لك سامي يجيبك لنبدأ حديثنا التفصيلي

بعد يومين وفى الصباح الباكر أبلغنى أحد أفراد السكرتارية الخاصة للرئيس أن اتصل بالرئيس فى غرفة نومه ، فأدرت قرص التليفون على رقم الرئيس الخاص ورد بعد أول جرس وقلت: ”صباح الخير يا فندم” ”صباح الخير يا أستاذ .. أنا قلقتك بدرى ؟” ”أبدا يافندم .. أوامر سيادتك” ”إزاى سامى الدروبى ؟ مستريح فى إقامته ومخصصين له عربية والا لأ ؟” ”أيوة يافندم … هو مستريح تماما مما جميعه لكنه قلق جدا نتيجة تفكيره فيما دار من حديث مع سيادتك وقال لى مساء أمس أن الرئيس ألقى على ضميرى وعلى عقلى تبعة ومسئولية خطيرة للغاية ، أرجو أن أكون موفقا فيما سأقوله وأتناقش فيه مع الرئيس”

”هو فاكر أن تحمل المسئولية ومصير أمة شىء هين أو بسيط أو يتقرر بالكلام بس. التعامل مع البشر لا يحتاج لزراير تدوس عليها فى ماكينة لتعطيك حاصل ضرب أو عملية طرح أو قسمة أو جمع التعامل مع البشر عملية غاية فى الصعوبة والتعقيد لأنك لن تستطيع أن ترضى كل الناس طول الوقت ، ولن تستطيع أن تحقق رغباتهم وطموحاتهم كلهم مرة واحدة. إنت فاكر كلام ديجول فى إحدى خطبه لما قال إن أى حاكم لهذا البلد لن يستطيع يرضى شعب يأكل مائة وخمسين نوع من الجبن. ثم إن الكمال لله ، ولن تستطيع قوة بشرية أن تعدل كل العدل أو تهيىء للمجتمع كله ما يريد ويحلم به … لابد أن تحدث أخطاء ولكن لابد أن نمر بمراحل التجربة والخطأ إذا اردنا أن نتقدم ، وإلا سنصاب بالجمود ونقف محلنا فى الوقت الذى يتقدم فيه العالم كل يوم خطوات وخطوات … شوف الصين بدأت تجربتها سنة 1949 والنهاردة وصلوا لإيه … أنهم يقومون بإنتاج الأبرة والصاروخ … وشوف عملوا إيه فى الزراعة … شوف عملوا إيه فى القضاء على العصافير اللى كانت تأكل القمح عندهم ولّا الذباب وغيرها … انهم يجربون ويضعوا أنفسهم على أول الطريق ثم يتقدموا ولا يتجمدوا وإلا ضاعوا فى زحام طفرة التقدم التى يلهث العالم كله جريا ورائها للحفظ على بقائهم … نهايته .. تجيب لى سامى الدروبى النهاردة الساعة 11 الصبح .. ثم استفسر بعد ذلك عن أخبار الداخل والخارج فعرضت عليه موجز سريع للموقف على جبهة القتال و أهم الأخبار العالمية والداخلية

فى تمام الحادية عشر دخلنا سامى الدروبى وأنا إستراحة المعمورة وقدته إلى المكان الذى يفضل الرئيس أن يقعد فيه فى هذا الوقت من النهار وبعد تقديم المرطبات والقهوة سمعت صوت الرئيس نازلا على الدرج من الدور العلوى إلى الصالة ، فنبهت الأخ سامى بإيماءة من رأسى بأن الرئيس فى طريقه إلى حيث نحن نجلس … وأقبل الرئيس بقامته المرفوعة مرتديا قميصا أبيض اللون بنصف كم وبنطلون رمادى وصندل من الجلد البنى .. دخل علينا مبتسما محييا قائلا: صباح الخير .. إنتم قاعدين فى المكان المضبوط والظاهر إنكم جايين مستعدين ومذاكرين كويس .. وضحك وضحكنا كلنا

رد الأخ سامى الدروبى: ”سيادة الرئيس .. أنا بأكرر الشكر بإسمى وبالنيابة عن حرمى على حسن وكرم الضيافة والترتيبات الكاملة والإمكانيات الموضوعة تحت تصرفنا وها الشىء كتير كتير قد لا تستاهله .. وتعبنا الأخ سامى شرف معنا ، لكنه هو معتاد على كدة كما نعلمه عنه وضحك … ضحك الرئيس ونظر إلىّ نظرة رضاء ، فهمت معناها من لمعان عينيه

بدأ الرئيس جمال عبدالناصر إعادة سرد رؤوس المواضيع التى سيتناولها النقاش بنفس الترتيب ويكاد يكون بنفس الألفاظ التى سبق أن عرضها فى الجلسة السابقة ، وقال لنبدأ بالنقطة الأولى: ثورة 23 يوليو 1952 لماذا ؟ وكيف ؟ أين نحن الآن ؟ إلى أين ؟

كان لابد من إحداث تغيير جذرى فى الخريطة الإجتماعية لمصر التى كانت قد وصلت إلى أقصى إنحدار لها سنة 1952 نتيجة لكون أن القضية الأساسية فى إحداث التغيير تتبلور حول قضايا عامة أساسية لدوافع وطنية بالدرجة الأولى وإلا لما تمكنا من الوصول إلى إجماع حول القرار وبالتالى إلى نجاح التنفيذ. ولو كنت طرحت منذ البداية قضية التحول الإجتماعى أو قضية الإنتماء القومى العربى لما قامت الثورة ولدار جدل كان سيستمر يمكن للآن ، ولحدثت إختلافات ولما نجحنا. لكن القضايا التى كانت مطروحة أساسا هى: الملك وحاشيته. الإستعمار الإنجليزى والوجود العسكرى الأجنبى على تراب الوطن. الفساد. الإقطاع، وسيطرة رأس المال على الحكم. الأحزاب … وهى كلها قضايا لا يختلف عليها إثنين لضرورة حسمها والقضاء عليها مهما كانت الأفكار والميول والإتجاهات لأى مصرى وطنى وكان هذا هو عنصر الضمان فى القدرة على التحرك لتحقيق الهدف

كانت التركيبة فى حقيقتها غريبة … كان فيه عناصر يمينية وعناصر يسارية … كان فيهم إخوان مسلمين كما كان هناك شيوعيين وناس لهم فكر باتجاهات معينة وآخرين لا يفكروا فى شىء الا حاجة واحدة فقط هو طرد الإنجليز من مصر وناس إنحصر إهتمامهم وتفكيرهم فى طرد الملك وتصفية الأحزاب السياسية … وناس كانت مؤتلفة معنا وهى تنفذ مخطط محدد يحقق أهداف تنظيمات كانوا مرتبطين بها وكان هدف هذه التنظيمات هو إحتواء الثورة والإستفادة بناتج التحرك لهذه التركيبة لتحقيق أهدافهم التى كانوا فى ذلك الوقت لا يستطيعون تحقيقها بمفردهم … والغريب أنه كانت هناك عناصر معروفة فى الجيش بأنها عناصر ”فاقدة” (وهى كلمة فى القاموس العسكرى وتعنى أن الشخص الفاقد لا يهمه ان يقوم بأى عمل أو تحرك دون أن يحسب الحسابات السليمة التى توصله الى بر الأمان ولكن يجازف بالمشاركة فى أى عمل ما دام هو مقتنع به بغض النظر عن النتائج والمكاسب أو الخسائر ومن ناحية أخرى هناك عناصر تعتبر فاقدة من زاوية أخرى وأعنى بها أنه شخص لا يكون سوى أو يكون سلوكه فيه بعض الشوائب ، يقامر أو يعاقر بعض الأعمال التى يرفضها المجتمع … الخ) وهذا ساعد لحد ما فى التعمية وتحقيق عنصر المفاجأة ..

إنتقل الرئيس بعد ذلك للحديث حول موقف الأفراد والأنتماءات الفكرية لكل منهم وبدا فى تحليل شخصية أعضاء مجلس قيادة الثورة ، وأهم عناصر الصف الثانى. كان يسرد ويتكلم عنهم فردا فردا دون أن ينسى أى منهم وكان فى حديثه يرتبهم وفق كل مجموعة مع بعضها مرتبة بالأقدمية وكأنه يقرأ من كتاب مفتوح أمامه وكانت عناصر تقييمه تتم على الوجه التالى: فلان … إسمه بالكامل .. تاريخ ميلاده ونشأته … اسرته وتركيبتها الأجتماعية … تفكيره … وبمن أو بماذا يتأثر . .. إنتماؤه الفكرى … إنتماؤه الطبقى … آماله وطموحاته … قدراته الحقيقية ومداها … مواقفه فى الأزمات … دوره فى القوات المسلحة … دوره فى الثورة … التغييرات التى طرأت على شخصيته بعد نجاح الثورة … إمكانياته بعد إتمام دوره … الأمل فى المستقبل وما يرجى أو لا يرجى منه … الأستنتاج. كان واضحا فى سرده وتحليله .. صادقا فى التقييم … لم يدخل إنطباعاته الشخصية فى هذا التقييم بالنسبة للجميع بدون إستثناء

كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة ولم نحس بمرور الوقت وكأنها دقائق مرت سريعا … تناولنا بعد ذلك طعام الغذاء العادى والذى كان عبارة عن أرز وفاصوليا خضراء وقطع من اللحم ثم الفاكهة

ملحوظة : تقييم الرئيس جمال عبد الناصر لأعضاء مجلس قيادة الثورة ورجال الصف الثانى مدون عندى بالتفصيل وهو محفوظ فى مكان أمين للوقت المناسب الذى أرى أنه بعد وفاتى حيث سيتولى أبنائى وضعه تحت تصرف المسئولين فى الدولة …

اضطرتني الظروف والأحداث آلتي توالت بعد هذا اللقاء الى العودة الى القاهرة ولم أحضر باقي الجلسات كما اني لم أحضر اللقاء الذي تم بين الرئيس جمال عبد الناصر والسيد دياللو تيللي. وللأسف فأن هذه اللقاءات من اللقاءات النادرة آلتي لم تسجل وقد حاول السفير سامي الدروبى وأنا أن ندون تفاصيل ما دار فى اللقاءات بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر لكن الأحداث والتطورات حالت دون إتمام هذه المهمة ودخلت أنا السجن ورحل الصديق سامى الدروبى إلى جوار ربه ، وقد حاولت وما زلت أحاول مع أبناء المرحوم سامى الدروبى أن يبحثوا فى أوراقه التى دون فيها هذه اللقاءات كما ذكر هو لى ذلك

عن admin

شاهد أيضاً

أصدقاء عبد الناصر يكتبون عنه.. السادات: انهارت على يديه أكبر إمبراطوريتين عرفهما العصر الحديث.. سامى شرف: اختار الانحياز الكامل للشعب العامل.. حسنين هيكل: كان حياة إنسانية زاخرة عاشت بين الناس

الإثنين، 15 يناير 2018 10:30 م كتب - محمود حسن   3 أشخاص كانوا …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *