الرئيسية / حوارات ناصرية / ذكرى مولد عبدالناصر والحاجة إلى العروبة!

ذكرى مولد عبدالناصر والحاجة إلى العروبة!

فوزية رشيد

هي الذكرى الـ«101» لمولد جمال عبدالناصر قبل يومين 15/1/2019. الذي لا يزال ذكره مستمرًا، وإشكاليا في الفكر العربي بما يخص أطروحاته الوحدوية والقومية العربية، التي أصبح الترويج الفكري في الأوساط العربية (مضادًا لها)! رغم أن كل الظروف العربية الرديئة التي تحيط بمنطقتنا لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه، إلا بعد تراجع هذا «الفكر الوحدوي العربي»، الذي هو أهم مقومات الأمن القومي العربي!

ورغم مرور ما يقارب النصف قرن على وفاة الزعيم الخالد «عبدالناصر» فإن (تشويه صورته) يتحوّل بين فترة وأخرى إلى ما يشبه «الحملة»، وخاصة من مثقفين عرب، لم يجيدوا قراءة الواقع العربي ومقوماته واحتياجاته الحقيقية، فسقطوا في بئر (الدعاية الاستعمارية العولمية) ضد كل ما يمثل رمزًا أو قدوة في الوطن العربي أو دعوة إلى توحيد العرب!

‭{‬ ومن مواجهة المخاطر المطلوبة برؤية عربية ذاتية ومستقلة عن أي تبعية للخارج وصولاً إلى (التحايل السياسي العربي) على الأوضاع العربية المتدهورة، وفقدان (الرؤية العربية الجامعة) لدى الكثير من القادة العرب، وصل «التشكيك» اليوم إلى كل ما يمثّل (السمة العربية الخاصة) ومقومات نهوضها! كأمة تريد البقاء بين الدول والتكتلات الكبرى، والتي تحافظ بقوة على سمات خصوصيتها من لغة وتاريخ ورموز وثقافة، ودين، إلى جانب الأخذ بكل أسباب الحياة العصرية (الصناعية والعلمية والعسكرية والتكنولوجية) لكي تبرز نفسها كقوى كبرى! أما العرب فعلى النقيض في كل ذلك!

‭{‬ «عبدالناصر» كان يدرك جيدًا، أن (بناء القوة العربية الذاتية) هي الأساس للتحرك نحو الدوائر الأخرى الأكثر اتساعًا، كالدائرة الإسلامية والدائرة الأممية! وكان يدرك أنه ما لم «تتوحد الرؤية العربية» وتتكتّل. واليوم الحاجة إلى الوحدة العربية أكثر من أي يوم مضى في ظل ظروف الشتات والتمزق والانقسام العربي، وخاصة أن «الوحدة» لها أشكالها المختلفة، مع الإبقاء على هيكلية النظم في كل دولة كمثال، كما في الاتحاد الأوروبي مثلاً، هذه (القوة الذاتية العربية) إن نهضت وتم الأخذ بأسبابها، ستبقى وحدها هي أنجع الحلول لإيقاف التدهور العربي الراهن!

‭{‬ ومقومات بناء هذه القوة، تبدأ بالعودة إلى «العروبة» كمفهوم جامع للهوية العربية، رغم تنوعات الفسيفساء العرقية والدينية والطائفية، التي تم تأجيجها في العقود الأخيرة، ليصل الحال إلى ما وصل إليه! وتبقى أطروحات «عبدالناصر» في ذلك صامدة، رغم كل التحولات الأيديولوجية والفكرية والقُطرية (بضم القاف) التي تلعب اليوم بشكل أو بآخر (دور الفكر المضاد لكل ما يمثّل الهويّة العربية)! وقد شجعت المفاهيم الخاطئة لمفهوم «العولمة» التي تم ترويجها في الدول والقوى الاستعمارية الكبرى، وتبنّاها العرب (عميانيا) في ترسيخ كل الأسس (الطاردة) لتلك الهوية!

فلم تعد (اللغة العربية) تحتل ذات المكانة الراسخة، ولا (الانتماء القومي) يأخذ مكانه اللائق به كمنطلق للنهوض العربي، وبدأ التشكيك حتى في (الدين والإسلام) لتحلّ محله فوضى المعتقدات واللا دينية! وحتى (التاريخ العربي وحضاراته القديمة وما بعدها) يتم نزع الرسم العربي منه لصالح قيم وحضارة غربية، تعمل على طمس كل ما هو حضاري عربي وتأثيره على (المسار التاريخي البشري) في كل العصور!

‭{‬ سيبقى عبدالناصر حاضرًا لأن الوجدان العربي الذي حرك فيه حلمه العربي، لا يزال ساريًا في هذا الوجدان أيضًا، رغم كل التهويمات والاختلاطات الفكرية! والنهوض العربي، له أسس وعوامل، تبدأ بالحفاظ على كل ما يمثل الهوّية كأمة فاعلة بين الأمم، إلى جانب الأخذ بالأسباب المعروفة من علم وصناعة وتنمية وتكامل عربي، يجمع ولا يفرّق! وذلك كله يحتاج إلى رؤية عربية صحيحة لفهم الذات واستيعاب التحديات والتهديدات، مثلما يحتاج إلى (إرادة سياسية عربية) قادرة على التحدي والمواجهة للمخاطر، بدلا من سياسة (التحايل) عليها للبقاء على الكراسي، فيما الشعوب تتراجع والأوطان تدمّر، والمخططات تزداد ضراوة، والكراسي نفسها مهددة! ونبقى بحاجة دائمة إلى فهم سرّ تشبّث غالبية شعوبنا برمزية عبدالناصر وأحلامه وفكره، ومراجعة ذلك بشكل علمي وموضوعي، لفهم أيضا سر قوة هذا الزعيم، وسرّ استمرار العودة إليه وإلى كلماته، كلما ازداد الوضع العربي تدهورًا! ألا يدعو ذلك إلى التأمل مثلا!؟!

عن admin

شاهد أيضاً

رؤية ” جمال عبد الناصر” للحكم بنص كلماته

١٣ مارس ٢٠١٧ · لماذا يكره سماسرة بيع الوطن “جمال عبد الناصر”؟ رؤية ” جمال …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *