الرئيسية / كتب و دراسات / تحميل كتاب .. حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة

تحميل كتاب .. حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة

امريكا..إسرائيل..إيران..شراكة إستراتيجية

أحمد البهائي
قال الكاتب تريتا بارسي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكينز في كتابه “التحالف الغادر، أسرار التعاملات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة ” ( إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل )، مدلالا على ذلك بعدم لجوء الطرفين إلى استخدام أو تطبيق ما يعلنه خلال تصريحاته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس .
فكلاهما أتفقا على تقسيم الكعكة فمذاقها مختلف يسيل لها اللعاب فهما يتظاهرا علناً بالعداء وسراً يتفقا بالولاء فما تقدمه امريكا واسرائيل لايران يفوق التوقعات بداية بالسلع التموينية مروراً بالمعمرة حتي الاستراتجية منها، ناهيك عن الصفقات العسكرية ، فلا تعجب اذا علمت ان أجهزة الطرد المركزي للمفاعلات النووية الايرانية آتية عن طريق اسرائيل فالقادة العرب في ثبات عميق ! ، فمن مصلحة امريكا وايران واسرائيل ان تبقي المنطقة في توتر مستمر ، حتى يتسنى لهم تحقيق الحلم الكبير ، يكا لا يخلو يوما لا نسمع فيه تهديدا ووعيدا من قبل اسرائيل وامريكا، وما يقابله من تهديدات معاكسة من قبل ايران ضدهما ، ولكن ما هو إلا مشهد من المشاهد التكتيكية على مسرح الاهداف الاستراتيجية،التى يشخصها الواقع ويكتب نصها المصالح المتبادلة بينهم، ويخرجها الضعف والخذلان والصمت العربي الرهيب .
فقد قامت الولايات المتحدة الامريكية الحليف الاستراتيجي بتقديم العراق على طبق من الذهب لايران كعربون محبة لعقد الصفقة الكبيرة ،فالصفقة مازالت في طريقها وليس لها حدود ، فإيران هي الشريك الاكبر بعد اسرائيل مع امريكا وخير دليل على ذلك ما حدث في ثمانينات القرن الماضي دوّت فضيحة كبرى عرفت وقتها بفضيحة ” إيران جيت ” حيث كُشف للعالم أجمع أن سيلاً من الأسلحة وقطع الغيار كانت تشحن من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران أثناء الحرب العراقية الإيرانية ،كذلك ما يحدث الان مع دول الخليج من ابتزاز، فهم مجبرون سنويا على شراء اسلحة من امريكا وحلفائها بعشرات المليارات تحت حجة توازن القوى في المنطقة ومواجهة ايران النووية ، والنهاية تكدس الاسلحة ومصيرها الصدأ والتخزين في باطن الارض .
فطهران تربطها علاقات سرية حميمة مع تل ابيب التي تبدو ملتهبة على السطح ودافئة خلف الستار في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات والخطابات والتصريحات النارية بينهم ،
والتدليل على ذلك تعالوا أنا واياكم نستعرض بعض ما افُصح عنه حتى الان وهو الفليل :
* فهناك تقرير لصحيفة جيروسليم بوست الاسرائيلية في 17-07-1998 نشر فيه بالدلائل انه بين اعوام (1980 ، 1990 ) وبموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية قامت عدة شركات إسرا ئيلية ببيع معدات عسكرية للوقاية من الحرائق لايران .
* كذلك نشرت صحيفة هاآرتس في 20-07-1988 مقالا مؤكدا فيه أن إسرائيل قد حافظت على علاقات صناعية عسكرية مع إيران ، حيث قدمت لايران اقنعة مضادة للغازات السامة من قبل شركة شالون للصناعات الكيماوية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية ، ايضا تجهيز إيران بكاشفات للغازات من قبل شركة إيلبت تستعمل لغرض الكشف عن عوامل الأسلحة الكيماوية ، وتجهيزها بأنظمة للسيطرة على الحرائق في الدبابات .
* وكذلك نشرت صحيفة هاآرتس في 20-01-1999 مقالاً بعنوان إسرائيل تعترف ببيعها تكنولوجيا الأسلحة الكيماوية لإيران موضحا فيه بالدلائل قيام عدد من الشركات والتجار الاسرائيليين ببيع مواد ومعدات وتكنولوجيا لبرنامج إيران للأسلحة الكيمياوية وصناعة الغازات السامة وخصوصًا غاز السارين وغاز الخردل وذلك بين الأعوام 1992, 1994 .
* ايضا نشرت صحيفة هاآرتس في شهر سبتمبر 1998 مقالا موضحا فيه بالبيانات حجم المعلومات عن التعاون التسليحي بين إيران وإسرائيل ذلك بمباركة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في الأعوام 1990 إلى 1994، حيث زودت إيران ب 30 صاروخًا من نوع أرض جو ، 22 عربة مزودة بمعدات خاصة بالحرب الكيمياوية ، وكان مصدر تلك العربات هو القوات الجوية الإسرائيلية ، كذلك بيع لايران 150 طنًا من مادة كلوريد التايونيل التي تدخل في صناعة غاز الخردل أحد الأسلحة الكيماوية ، كذلك عقداً موقعاً مع ايران لبناء مصنع لإنتاج العديد من الأسلحة الكيماوية، إضافة لمصنع لإنتاج أغلفة القنابل التي تستعمل لتلك الأسلحة .
* كذلك تقرير نشرته صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” الإسرائيلية، موثقا
بالادلة استناد إلى خبر نشرته وكالة (بلومبرج) الاقتصادية بتورط شركة (ألوت) الإسرائيلية العاملة في مجال التقنيات التكنولوجية والاتصالات بتزويد إيران بمعدات استخباراتية لتعقب شبكات الانترنت واتصالات الهواتف الخلوية في إيران وخارجها وذلك كله كان بعلم وزارة الدفاع الإسرائيلية حيث اكد العديد من الخبراء كيف مكنت تلك المعدات الإسرائيلية النظام الإيراني من قمع وتعذيب العديد من النشطاء السياسيين والمدونين، بعد رصد نشاطهم على شبكة الإنترنت وعبر الاتصالات الهاتفية .
*كذلك ماكشفته الصحف الامريكية والاسرائيلية عن وجود صفقات تجارية بين مجموعة اسرائيلية للنقل البحري التي تتخذ مقرا لها في سنغافورة ( “عوفر براذرز” وفرعها “تانكر باسيفيك” ) وايران ،وبيعها سفينة صهريجا في يوليو 2010 الى شركة خطوط الشحن البحري الايرانية،وكشفت ان ما لا يقل عن 13 ناقلة نفط تابعة لمجموعة نفسها رست في مرافئ ايرانية خلال السنوات العشر الاخيرة.
*كذلك نقلت جريدة الوطن السعودية عن مصادر إسرائيلية رسمية قولها إن200 يهودي إيراني هاجروا إلى إسرائيل في العام2008 مقارنة بـ65 في 2006 منوهة إلى أن إجمالي عدد اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلى إسرائيل منذ عام 1948 وصل إلى 77833 شخصا حتى عام 2008 ،ذلك كله في إطار حملة سرية للغاية نفذتها الوكالة اليهودية بالتعاون مع منظمة الصداقة الدولية المسيحية اليهودية وبعلم الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تصدر يهودها إلى إسرائيل لدعم الدولة اليهودية في صراعها الديموغرافي مع الفلسطينيين .
وتأكيدا على ذلك عدم قيام المجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية باي رد فعل حقيقي سوى الشجب والادانة على ما يحدث في سوريا من مجازر يومية على يد النظام الذي يدعمه وتسانده بقوة الجمهورية الاسلامية الايرانية وأذنابها في المنطقة مثل حزب الله وبعض المرتزقة ،فاحداث سوريا استثمرت بدهاء لبقاء التوتر على اشده واعلان وصوله الى حافة الهاوية والترويج ان هناك حرب اهلية ومذهبية في سوريا كل ذلك من اجل اكمال المخطط والصفقة الكبرى واخضاع المنطقة للنفوذ الاسرائيلي الايراني ولفت الانظار عن القضية الحقيقية وتهميشها وهى القضية الفلسطينية وامتداد الاستيطان الاسرائيلي ليلتهم الضفة الغربية بما فيها القدس بأكملها .
فالحل في سوريا سوف يكون على شاكلة ما حدث في العراق، حلا بعد اتمام ما اتفق عليه بين الاطراف في شكل تسوية تأتي في إطار العلاقات السرية بين اللاعبين المستفيدين من الوضع في المنطقة وهم حسب الترتيب امريكا اسرائيل ايران يليهم روسيا تركيا وهذا ما يحزننا ويبكينا.. وكل تقسيمة واحنا طيبين.
امريكا اشد حرصا على بقاء نظام ولاية الفقية ، فبإنتهاء ولاية الفقية او إيران الملالي لا يصبح لأمريكا مكان في منطقة الخليج العربي ، البيت الابيض سواء كان ساكنه ديمقراطيا او جمهوريا ، فسياسته وأجندته تجاه الشرق الاوسط ودول الخليج واحدة لم ولن تتغير ، عنوانها العريض بقاء وتغذية النزاعات وعدم الإستقرار الأمني في تلك المنطقة ، للأسف نحن مازلنا لم نجيد قراءة فكر صانع القرار بالبيت الابيض الامريكي ، والذي احد اساليبه سياسة ” الدبلوماسك ” التي برع فيها منذ زمن ، في فرض اوراقه ، فامريكا تعلن علنا عداءها لايران الدولة الإسلامية، وفي نفس الوقت تمنحها خفية شرطي برتبة جنرال في المنطقة له حق ان يفعل ما يريد ، وخير دليل تواجدها في العراق وسورية ولبنان واليمن وسيطرتها الكاملة على مياه الخليج ، فهى تستخدم إيران ورقة ضغط وفزاعة ناجعة لإبتزاز دول المنطقة ، لتفرض عليهم فرضا ان للقضاء عليها أي إيران لابد من شراكة فعلية مع دول حليفة في المنطقة(إسرائيل)، بينما إيران هى الشريك الاستراتيجي المهم مع امريكا واسرائيل على مستوى كل الصعد ومنذ القدم ، وخير دليل المسرحية الهزلية الامريكية الإسرائيلية الإيرانية في خليج عدن ، والتصريحات الامريكية الاخيرة حول إختبار إيران المزيد من الصواريخ الباليستية الموجهة ، وموقف ترمب من إعادة النظر في إتفاقية لوزان النووية ، وما حدث مؤخرا من تفجير لناقلات البترول في البحر الاحمر وخليج عدن ،والمشهد الكوميدي الهزلي إسقاط طائرة الإستطلاع الاميركية في مضيق هرمز، وكيف بررها السمسار ترمب من احتمال ان يكون حقد إطلاق الصاروخ عليها بالخطأ ، فحسب الإتفاقات السرية ان تكون إيران شريك إستراتيجي في المنطقة واحد اضلاع المثلث الكبير في الشرق الاوسط الجديد(امريكا -اسرائيل-ايران) ، فالمنطقة منذ سنوات وهي في نزاعات وعدم استقرار امني ، فامريكا تتظاهر دائما بأنها في شراكة دائمة وكاملة مع دول الخليج ، ولكن من يشاهد ارض الواقع يرى عكس ذلك تماما ، فأمريكا هي دائما وأبدا من يزرع خوف دول الخليج من سلوكيات إيران العدائية ومحاولتها المستمرة في زعزعة إستقرار امن المنطقة الذي هو في حقيقته يتم تحت أعين الولايات المتحدة وبمساعدتها وبمباركة منها ، ليأتي طلب دول الخليج والملح دوما من البيت الابيض المساعدة في الوقف معها ضد إيران وبناء قدراتها الدفاعية لمواجهة المد الإيراني ، لتضع دول الخليج في خيار واحد وليس له بديل ، حتي يتحقق الطلب الخليجي ، ألا وهو الدخول في منظومة دفاعية تأخذ شكل شراكة دفاعية مشتركة او إستراتيجية مع أمريكا والدول الحليفة في المنطقة والمقصود هنا بالحليفة هي إسرائيل ، تلك هي سياسة الدبلوماسك ، حيث تريد من خلالها من دول الخليج الرضوخ لمتطلباتها ، لتحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير ، فالمنظومة حاضرة وقائمة على الارض ويمكن ان تتمدد طالما رأسها في اسرائيل ، وهي ترحب بالشريك والممول الجديد الذي طال إنتظاره ، تلك المنظومة التي بدأت بأسم حيتس أو آرو ، هو نظام دفاعي مظاد للصواريخ البالستية ، لتدخل المنظومة في مرحلتها الاخيرة بنظام مقلاع داوود الدفاعي الجديد لاعتراض الصواريخ طويلة وقصيرة المدى ، ومن يتابع الأحداث مؤخرا ، كان يعلم أنه لم يعد إلا خطوة واحدة ليتحقق هذا الحلم الكبير وتكون إسرائيل رسميا ، هي واجهة تلك الشراكة الدفاعية المشتركة مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية ، وهنا يكتمل الهدف الاستراتيجي شراكة خليجية كاملة مع اسرائيل تبدأ عسكريا ، لتأخذ باقي مراحلها الأمنية والإقتصادية والسياسية ،وهنا يأتي السؤال ،هل تذكر العرب كيف سقطت الاندلس ؟، ما نخشاه ان يتكرر نفس السناريو ،ولكن هذه المرة لو وقع سوف تكون واقعته اشد قسوة .

واخيرا دعوني اختمها بما أكده الصحفي ” نادر كريمي ” الخبير في الشؤون الإيرانية الإسرائيلية، المعتقل في أحد السجون الإيرانية، حيث بيَّن في حوار له مع احدى القنوات العربية ، أن طهران ترتبط بعلاقة سرية حميمة مع إسرائيل، وذلك من واقع الادلة ومقابلات يقول إنه تمكن من إجرائها مع عناصر من الموساد ومع المخابرات الإيرانية “الاطلاعات”، مؤكداً أن الحرب بين طهران وتل أبيب لا تتجاوز الحرب الكلامية، قائلاً: “إن الحرب الكلامية والعنتريات التي تخوضها طهران ضد تل أبيب أوهمت المسلمين أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألد أو على أقل تقدير أحد ألد أعداء إسرائيل وأهم حماة الفلسطينيين أو أحد أهم حماتهم في العالم “.

حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة

تريتا بارسي
سياسة

رابط التحميل في الأسفل
d8a7d984d8aad8add8a7d984d981-d8a7d984d8bad8a7d8afd8b1

نبذة عن الكتاب

واشنطن ــ الوطن

“التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية”. هذا ليس عنوانا لمقال لأحد المهووسين بنظرية المؤامرة من العرب، وهوبالتأكيد ليس بحثا وتقريرا لمن يحب أن يسميهم البعض “الوهابيين” وأن يتّهمهم بذلك، لمجرد عرضه للعلاقة بين إسرائيل وإيران وأمريكا وللمصالح المتبادلة بينهم وللعلاقات الخفيّة.

انه قنبلة الكتب لهذا الموسم والكتاب الأكثر أهمية على الإطلاق من حيث الموضوع وطبيعة المعلومات الواردة فيه والأسرار التي يكشف بعضها للمرة الأولى وأيضا في توقيت وسياق الأحداث المتسارعه في الشرق الأوسط ووسط الأزمة النووية الإيرانية مع الولايات المتّحدة.

الكاتب هو”تريتا بارسي” أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة “جون هوبكينز”، ولد في إيران ونشأ في السويد وحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية ثم على شهادة ماجستير ثانية في الاقتصاد من جامعة “ستكوهولم” لينال فيما بعد شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة “جون هوبكينز” في رسالة عن العلاقات الإيرانية-الإسرائيلية.

وتأتي أهمية هذا الكتاب من خلال كم المعلومات الدقيقة والتي يكشف عن بعضها للمرة الأولى، إضافة إلى كشف الكاتب لطبيعة العلاقات والاتصالات التي تجري بين هذه البلدان (إسرائيل- إيران – أمريكا) خلف الكواليس شارحا الآليات وطرق الاتصال والتواصل فيما بينهم في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات والخطابات والسجالات الإعلامية الشعبوية والموجّهة.

كما يكتسب الكتاب أهميته من خلال المصداقية التي يتمتّع بها الخبير في السياسة الخارجية الأمريكية “تريتا بارسي”. فعدا عن كونه أستاذا أكاديميا، يرأس “بارسي” المجلس القومي الإيرانى-الأمريكي، وله العديد من الكتابات حول الشرق الأوسط، وهوخبير في السياسة الخارجية الأمريكية، وهوالكاتب الأمريكي الوحيد تقريبا الذي استطاع الوصول إلى صنّاع القرار (على مستوى متعدد) في البلدان الثلاث أمريكا، إسرائيل وإيران.

يستند الكتاب إلى أكثر من 130 مقابلة مع مسؤولين رسميين إسرائيليين، إيرانيين وأمريكيين رفيعي المستوى ومن أصحاب صنّاع القرار في بلدانهم. إضافة إلى العديد من الوثاق والتحليلات والمعلومات المعتبرة والخاصة.

ويعالج “تريتا بارسي” في هذا الكتاب العلاقة الثلاثية بين كل من إسرائيل، إيران وأمريكا لينفذ من خلالها إلى شرح الآلية التي تتواصل من خلالها حكومات الدول الثلاث وتصل من خلال الصفقات السريّة والتعاملات غير العلنية إلى تحقيق مصالحها على الرغم من الخطاب الإعلامي الاستهلاكي للعداء الظاهر فيما بينها.

اللعبة السياسية التي تتّبعها هذه الأطراف الثلاث، ويعرض بارسي في تفسير العلاقة الثلاثية لوجهتي نظر متداخلتين في فحصه للموقف بينهم:

أولا:

الاختلاف بين الخطاب الاستهلاكي العام والشعبوي (أي ما يسمى الأيديولوجيا هنا)، وبين المحادثات والاتفاقات السريّة التي يجريها الأطراف الثلاث غالبا مع بعضهم البعض (أي ما يمكن تسميه الجيو-استراتيجيا هنا).

ثانيا:

يشير إلى الاختلافات في التصورات والتوجهات استنادا إلى المعطيات الجيو-ستراتيجية التي تعود إلى زمن معين ووقت معين.

ليكون الناتج محصلة في النهاية لوجهات النظر المتعارضة بين “الأيديولوجية” و”الجيو-ستراتيجية”، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المحرّك الأساسي للأحداث يكمن في العامل “الجيو-ستراتيجي” وليس “الأيديولوجي” الذي يعتبر مجرّد وسيلة ورافعة.

بمعنى ابسط، يعتقد بارسي أنّ العلاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني – الأمريكي تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي والجيو-استراتيجي وليس على الأيديولوجيا والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية…الخ.

وفي إطار المشهد الثلاثي لهذه الدول، تعتمد إسرائيل في نظرتها إلى إيران على “عقيدة الطرف” الذي يكون بعيدا عن المحور، فيما تعتمد إيران على المحافظة على قوّة الاعتماد على “العصر السابق” والتاريخ حين كانت الهيمنة “الطبيعية” لإيران تمتد لتطال الجيران القريبين منها.

وبين هذا وذاك يأتي دور اللاعب الأمريكي الذي يتلاعب بهذا المشهد ويتم التلاعب به أيضا خلال مسيرته للوصول إلى أهدافه الخاصّة والمتغيّرة تباعا.

واستنادا إلى الكتاب،

وعلى عكس التفكير السائد، فإن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي بقدر ما هونزاع استراتيجي قابل للحل. يشرح الكتاب هذه المقولة ويكشف الكثير من التعاملات الإيرانية – الإسرائيلية السريّة التي تجري خلف الكواليس والتي لم يتم كشفها من قبل. كما يؤّكد الكتاب في سياقه التحليلي إلى أنّ أحداً من الطرفين (إسرائيل وإيران) لم يستخدم ويطبّق خطاباته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس.

وفقا لبارسي، فإنّ إيران الثيوقراطية ليست “خصما لا عقلانيا” للولايات المتّحدة وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام وأفغانستان بقيادة الطالبان. فطهران تعمد إلى تقليد “اللاعقلانيين” من خلال الشعارات والخطابات الاستهلاكية وذلك كرافعة سياسية وتموضع ديبلوماسي فقط. فهي تستخدم التصريحات الاستفزازية ولكنها لا تتصرف بناءاً عليها بأسلوب متهور وأرعن من شانه أن يزعزع نظامها. وعليه فيمكن توقع تحركات إيران وهي ضمن هذا المنظور “لا تشكّل “خطرا لا يمكن احتواؤه” عبر الطرق التقليدية الدبلوماسية.

وإذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية والدعائية بين إيران وإسرائيل، فإننا سنرى تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من المحاور بحيث أننا سنجد أنّ ما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما.

كلتا الدولتين تميلان إلى تقديم أنفسهما على أنّهما متفوقتين على جيرانهم العرب (superior). إذ ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في الغرب والجنوب اقل منهم شأنا من الناحية الثقافية والتاريخية وفي مستوى دوني. ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم وتمدّنهم ولولاه لما كان لهم شأن يذكر.

في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقين على العرب بدليل أنّهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة، ويقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي “إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهوليس بالشيء الكبير” في إشارة إلى استهزائه بقدرتهم على فعل شي حيال الأمور.

ويشير الكتاب إلى أننا إذا ما أمعنّا النظر في الوضع الجيو-سياسي الذي تعيشه كل من إيران وإسرائيل ضمن المحيط العربي، سنلاحظ أنهما يلتقيان أيضا حاليا في نظرية “لا حرب، لا سلام”. الإسرائيليون لا يستطيعون إجبار أنفسهم على عقد سلام دائم مع من يظنون أنهم اقل منهم شأنا ولا يريدون أيضا خوض حروب طالما أنّ الوضع لصالحهم، لذلك فان نظرية “لا حرب، لا سلام” هي السائدة في المنظور الإسرائيلي. في المقابل، فقد توصّل الإيرانيون إلى هذا المفهوم من قبل، واعتبروا أنّ “العرب يريدون النيل منّا”.

استنادا إلى “بارسي”،

فإن السلام بين إسرائيل والعرب يضرب مصالح إيران الإستراتيجية في العمق في هذه المنطقة ويبعد الأطراف العربية عنها ولاسيما سوريا، مما يؤدي إلى عزلها استراتيجيا. ليس هذا فقط، بل إنّ التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة سيؤدي إلى زيادة النفوذ الأمريكي والقوات العسكرية وهوأمر لا تحبّذه طهران.

ويؤكّد الكاتب في هذا السياق أنّ أحد أسباب “انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000” هوأنّ إسرائيل أرادت تقويض التأثير والفعالية الإيرانية في عملية السلام من خلال تجريد حزب الله من شرعيته كمنظمة مقاومة بعد أن يكون الانسحاب الإسرائيلي قد تمّ من لبنان.

ويكشف الكتاب من ضمن ما يكشف ايضا من وثائق ومعلومات سرية جدا وموثقة فيه، أنّ المسؤولين الرسميين الإيرانيين وجدوا أنّ الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأمريكية تكمن في تقديم مساعدة أكبر وأهم لها في غزو العراق العام 2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه, مقابل ما ستطلبه إيران منها, على أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين وتنتهي مخاوف الطرفين.

وبينما كان الأمريكيون يغزون العراق في نيسان من العام 2003, كانت إيران تعمل على إعداد “اقتراح” جريء ومتكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون أساسا لعقد “صفقة كبيرة” مع الأمريكيين عند التفاوض عليه في حل النزاع الأمريكي-الإيراني.

تمّ إرسال العرض الإيراني والوثيقة السريّة إلى واشنطن.

لقد عرض الاقتراح الإيراني السرّي مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة على “الصفقة الكبرى” وهويتناول عددا من المواضيع منها: برنامجها النووي, سياستها تجاه إسرائيل, ومحاربة القاعدة. كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة أمريكية-إيرانية بالتوازي للتفاوض على “خارطة طريق” بخصوص ثلاث مواضيع: “أسلحة الدمار الشامل”, “الإرهاب والأمن الإقليمي”, “التعاون الاقتصادي”.

وفقا لـ”بارسي”, فإنّ هذه الورقة هي مجرّد ملخّص لعرض تفاوضي إيراني أكثر تفصيلا كان قد علم به في العام 2003 عبر وسيط سويسري (تيم غولدمان) نقله إلى وزارة الخارجية الأمريكية بعد تلقّيه من السفارة السويسرية أواخر نيسان / أوائل أيار من العام 2003.

هذا وتضمّنت الوثيقة السريّة الإيرانية لعام 2003 والتي مرّت بمراحل عديدة منذ 11 أيلول 2001 ما يلي:[1]

1- عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لـ (تحقيق الأمن والاستقرار, إنشاء مؤسسات ديمقراطية, وحكومة غير دينية).

2- عرض إيران (شفافية كاملة) لتوفير الاطمئنان والتأكيد بأنّها لا تطوّر أسلحة دمار شامل, والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل ودون قيود.

3- عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضدّ المدنيين الإسرائيليين داخل حدود إسرائيل العام 1967.

4- التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.

5- قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمّة بيروت عام 2002, وما يسمى “طرح الدولتين” والتي تنص على إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية وسلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى ما بعد حدود 1967.

المفاجأة الكبرى في هذا العرض

كانت تتمثل باستعداد إيران تقديم اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية!! لقد سبّب ذلك إحراجا كبيرا لجماعة المحافظين الجدد والصقور الذين كانوا يناورون على مسألة “تدمير إيران لإسرائيل” و”محوها عن الخريطة”.

ينقل “بارسي” في كتابه أنّ الإدارة الأمريكية المتمثلة بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد كانا وراء تعطيل هذا الاقتراح ورفضه على اعتبار “أننا (أي الإدارة الأمريكية) نرفض التحدّث إلى محور الشر”. بل إن هذه الإدارة قامت بتوبيخ الوسيط السويسري الذي قام بنقل الرسالة.

ويشير الكتاب أيضا إلى أنّ إيران حاولت مرّات عديدة التقرب من الولايات المتّحدة لكن إسرائيل كانت تعطّل هذه المساعي دوما خوفا من أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة.

ومن المفارقات الذي يذكرها الكاتب أيضا أنّ اللوبي الإسرائيلي في أمريكا كان من أوائل الذي نصحوا الإدارة الأمريكية في بداية الثمانينيات بأن لا تأخذ التصريحات والشعارات الإيرانية المرفوعة بعين الاعتبار لأنها ظاهرة صوتية لا تأثير لها في السياسة الإيرانية.

ما استطاع “تريتا بارسي” تحقيقه في هذا الكتاب في قالب علمي وبحثي دقيق ومهم

 

رابط التحميل

http://elw3yalarabi.org/elw3y/wp-content/uploads/2019/06/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%AF%D8%B1.pdf

 

عن admin

شاهد أيضاً

تحميل كتاب دفاع عن الشعب - دفاع د.عصمت سيف الدولة عن انتفاضة يناير 1977 ” دفاع ممتد “

دفاع عن الشعب: كان هذا هو العنوان الذى اختاره الدكتور/عصمت سيف الدولة، عليه رحمة الله، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *