الرئيسية / كتاب الوعي العربي / في ذكري رحيل الأستاذ .. شهادة هيكل الأخيرة.” بالفيديو”

في ذكري رحيل الأستاذ .. شهادة هيكل الأخيرة.” بالفيديو”

صنعاء نيوز - بقلم : عمرو صابح
بقلم : عمرو صابح
فى 17 فبراير 2016 ، توفى الأستاذ ” محمد حسنين هيكل ” أشهر كاتب صحفى ومحلل سياسي عربى فى تاريخنا الحديث ، ورغم إعجابى الشديد بكتابات الأستاذ هيكل وأراءه ، وحزنى على رحيله المادى عن عالمنا ، إلا أن موته المعنوى والأدبى بالنسبة لى ، حدث يوم 3 يناير 2014 .
فى يوم 3 يناير 2014 خلال حوارا تليفزيونى للأستاذ هيكل مع الإعلامية ” لميس الحديدى” على شاشة فضائية ” سي بي سي “، تحدث الأستاذ هيكل للمرة الأولى عن اجتماع جرى فى استراحة القناطر الخيرية ، جمع بينه وبين الرئيس الراحل السادات والسيدة حرمه بعد ثلاثة أشهر من تولى السادات حكم مصر .
وكما روى الأستاذ هيكل فى حديثه ، فإن السادات فى هذا الاجتماع ، صرح بأنه ينوى التخلى عن سياسات سلفه الرئيس عبد الناصر ، وقال أنه سيتوجه لأمريكا التى ستخرج منتصرة من الحرب الباردة ، وان سياساته سترتكز على حلول مصر محل إسرائيل والسعودية فى خدمة المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط ، ولذلك لابد من التصالح مع تنظيم الإخوان المسلمين لوضع الإسلام فى حالة عداء ضد الشيوعية ،وقد استعان السادات فى خطته للصلح مع الإخوان بعثمان أحمد عثمان ، وبمرشد الإخوان الخفى وقتها “عبد المجيد حلمى” ، وصيغت بنود الصفقة فى إطار أن يحارب الإخوان مع نظام السادات ضد الناصريين والشيوعيين فى الداخل لخدمة بقاء نظام السادات، وضد الشيوعية فى الخارج لخدمة مصالح أمريكا ، فى إطار رؤية السادات لتحويل مصر لأهم بلد لأمريكا فى الشرق الأوسط ، ومقابل ذلك يمنح السادات جماعة الإخوان المسلمين حرية كاملة فى الحركة والعمل السياسي فى مصر.
وبنص كلام الأستاذ هيكل فقد قال الرئيس السادات:
“لقد ناكف جمال عبد الناصر الأمريكان زيادة عن اللزوم ، وعلينا تقديم حسن النية لأمريكا لكى نحل محل إسرائيل ونجعل أمريكا غير محتاجة لها”.
كانت تلك هى المرة الأولى التى يعترف فيها الأستاذ هيكل بنوايا السادات فى تحويل سياسات مصر لاتجاه معاكس تماماً لسياسات الرئيس عبد الناصر، كما ان تلك النوايا كانت حسب شهادته بعد شهرين أو ثلاثة من تولى السادات الرئاسة أى فى ديسمبر 1970 أو يناير 1971 ، قبل انقلاب مايو 1971 بأربع أو خمسة أشهر.
انقلاب مايو 1971 الذى ظل الأستاذ هيكل يفخر حتى رحيله بكونه مهندسه ، ليس ذلك فقط ، بل ان الأستاذ هيكل كان على علم بنوايا السادات فى استخدام الإخوان المسلمين لمحاربة الناصريين والشيوعيين فى الداخل ، وتطويع سياسات مصر داخلياً وخارجياً لخدمة الإستراتيجية الأمريكية.
قبل هذا الحوار التليفزيونى، روج الأستاذ هيكل فى كل كتبه وحواراته ولقاءاته الصحفية ، لرواية مفادها أنه لم يكن يعلم بنوايا السادات قبل نهايات عام 1973، وبدايات عام 1974 ، وان خلافه مع السادات حدث بسبب الطريقة التى أدار بها السادات سياسياً حرب أكتوبر 1973 ، فأي هيكل نصدق؟!!
إن تلك الشهادة التى وان جاءت متأخرة إلا أنها صادمة، لأنها تؤكد دور الأستاذ هيكل فى كل ما جرى فى مصر منذ انقلاب مايو 1971.
ما فائدة تدبيج الأستاذ هيكل لعشرات الكتب وآلاف المقالات و اللقاءات والحوارات للدفاع عن عهد وشخصية “جمال عبد الناصر” ، إذا كان الأستاذ هيكل من مؤسسي النظام الذى هدم عهده وخاض عملية اغتيال معنوى لشخصيته ؟!!
لماذا لم يخرج الأستاذ هيكل من السلطة عقب علمه بتلك الخطط المستقبلية للسادات؟
وهى خطط نفذها السادات بالفعل.
لو خرج الأستاذ من دائرة السلطة عقب علمه بنوايا السادات ، كان سيصبح متسقاً مع أراءه ، ولكنه خاض معركة الانقلاب على سياسات عبد الناصر مع السادات طوال الفترة من 28 ديسمبر 1970 حتى قرر السادات إخراجه من الأهرام فى بدايات 1974 ، عندما استنفذ أغراضه منه ، ولم يعد بحاجة إليه.
فى كتبه حاسب الأستاذ هيكل الجميع على أخطائهم ، ولكنه لم يحاسب نفسه أبداً ، واعترافه هذا أدانه تاريخياً وسياسياً ، فقد شارك عن علم ووعى كامل ومعرفة بكل ما هو قادم .
أخفق أقطاب ما أصطلح على تسميتهم بمجموعة مايو فى التصدى لانقلاب السادات رغم تكشف نواياه لهم ، ولكنهم لم يشاركوا السادات فى الخطوات التى أتخذها فيما بعد لتفكيك الثورة ،ولم يزرعوا فى رأسه أفكار من نوعية تحييد أمريكا ، والمعركة المحدودة لتحريك الموقف ،ولم يروجوا لها فى مقالاتهم وأحاديثهم ، ولم يدافعوا عن كل القوى اليمينية فى مصر ومصالحها مثلما فعل الأستاذ هيكل .
للأسف كل من كانوا حول الرئيس عبد الناصر كانوا أصغر منه ، وهذا لا يدينهم بمفردهم ، ولكنه يدين جمال عبد الناصر أيضاً ، الذى بنى نظامه برجال أصغر من طموحات النظام ، وأضعف من تحديات العصر .
كانت تلك الشهادة للأستاذ هيكل هى بمثابة شهادة وفاته بالنسبة لى ، لأنها أكدت الظلال الكثيفة من الشكوك حول الأدوار السياسية التى لعبها، ومن الذى استفاد منها حتى وصلنا للمتاهة الحالية التى تبدو بلا نهاية.
رحم الله الأستاذ هيكل ، وغفر له.
رابط فيديو

عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

2 تعليقان

  1. الفيديو غير متاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *