انه الفجر ؛ مؤذن بني مرة يصدح بذكر الله
فهيمة حماد تتلوى من الم المخاض؛ والبوسطجي الطيب الدمث يزرع الدار خطوات القلق والترقب ؛ انه مولوده الاول…
لكن قلق البوسطجي لم يدم طويلاً
ولد ابنه البكر ، طفل الصعيد العربي ذات الطِيبْ ؛ طفل سوف يغير وجه ووجهة الكنانة وامتها ؛
طفل سوف يؤوب بعد حين الى صعيده ليزرع العدالة والمساواة في ترع عمال التراحيل وغياطهم
ولد جمال عبدالناصر في الخامس عشر من يناير ١٩١٨ ، ليصبح هذا التاريخ إيذانا لفجر طال انتظاره والصبر على ما عداه
غير ان فرحة البوسطجي عبدالناصر حسين لم تكتمل ؛ حتى اذا ما أتم جمال عامه التاسع، غادرت الام اولادها الى رحاب الله، ليبدأ العود بالتصلب، ولتغزو الرجولة المبكرة معقل الطفولة البكر
كان الطفل الاستثنائي يطبع في ذهنه ووجدانه كل ما يدور من حوله
وكانت أذناه تستمع كل طلعة فجر لأصوات السياط تلهب ظهور وأجناب الفلاحين المقهورين؛
ولأنينهم المتمادي قسرا وجورا لا حاد له ؛ وحده الأذان كان يضمد جراح المعذبين ، ليختلط صوت المؤذن بصوت الوجع الصارخ حيناً ،والصامت اكثر الأحيان
وبين البينين ندهة ناي حزين تتسلل عبر النسيم ، لتحجب بعضا من الم، وكثيرا من إباءٍ وشمم
هذي بيئة البوسطجي ومولوده الذكر ؛ ذكر سرعان ما بات جدعاً، يزرع الرجولة الممزوجة بالطمي على ضفاف الترع الحزينة
ثم ليهدي الله البوسطجي الى مدرسة ابناء الذوات الحربية ؛ حيث النياشين الفارهة الفارغة؛ نجوم لا تحمي ولا تذود ، لا عن أعراض ولا عن حدود ؛ مليكها يرطن الإنكليزية ويرتع في ترف وبذخ وحياة بهيميةبوهيمية
لكن القدر لهذا الخليع كان بالمرصاد
ليبات خليعا وليصحو مخلوعا
حفنة من ابناء الترع وصعيدها ثاروا على عتمة الليل ، ليبزغ فجر جديد ، كان شمسه ولسوف يبقى:
جمال عبدالناصر
من لبنان: فيصل بدير
مونتريال / ١٥ كانون الثاني ٢٠١٩
مجلة الوعي العربي