
معركة شدوان
على الطيرى
في يوم 22 يناير 1970، سطرت جزيرة شدوان سطورًا جديدة في كتاب البطولات، عندما شهدت تلاحم الشعب المصري مع رجال قواته المسلحة، أثناء حرب الاستنزاف؛ لدحر العدوان الغاشم على الجزيرة، وبعد ملحمة بطولية، تمكنت القوات المسلحة من الانتصار على العدو الإسرائيلي، وإجباره على الانسحاب من الجزيرة.
“بعد قتال مرير دام 36 ساعة.. اضطر العدو للانسحاب من شدوان”، هكذا كان مانشيت جريدة الأهرام في اليوم التالي لمعركة شدوان، ليؤكد انسحاب العدو من الجزيرة، وتم نشر صور التقطها صحفي أمريكي، جسد الأعمال البطولية للجنود المصريين على الجزيرة.
وأكد الصحفي الأمريكي “جاي بوشينسكي”، الذى كان مصاحبا للقوات الإسرائيلية، وهو مراسل لإذاعة “وستنجهاوس” وجريدة “شيكاغو نيوز”، في برقية بعث بها إلى وكالة أنباء “يونايتد برس” ونشرتها جريدة الأهرام: “رغم أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الجزيرة قصفا مركزا لعدة ساعات، قبل محاولة إنزال القوات الإسرائيلية، فقد قاومت القوة المصرية مقاومة باسلة، ولم تجعل الأمر سهلا للمهاجمين، ولما تمكنت القوات الإسرائيلية من النزول على الطرف الشمالي الشرقي للجزيرة، بدأت في محاولة لتثبيط عزيمة القوات المصرية، بأن أذاعت نداءات متكررة بالميكروفون تدعو القوة المصرية للاستسلام، وأنه لا فائدة من المقاومة، وكان رد المصريين على هذا النداء بقذائف مركزة من المدافع، تنصب فوق الجنود الإسرائيليين من كل جانب”.
وأكد الصحفي الأمريكي في برقيته، أنه شاهد بطولات من الجنود المصريين لن ينساها، من بينها جندي مصري يقفز من خندق، ويحصد بمدفعه الرشاش قوة من الإسرائيليين، وظل يضرب إلى أن نفذت آخر طلقة معه، ثم استشهد بعد أن قتل عددًا كبيرًا من الجنود الإسرائيليين، وأصاب العشرات منهم بجراح”.
ويتابع، أن القوات الإسرائيلية التى كانت تتلقى مساعدة مستمرة من طائرات الهليكوبتر، لم تكن تتقدم إلا ببطء شديد للغاية، تحت وطأة المقاومة المصرية، ولم يكن أى موقع مصري يتوقف عن الضرب إلا عندما ينتهي ما عنده من ذخيرة.

ويوضح الصحفي الأمريكي، أنه حينما انتهت ذخيرة أحد المواقع، وكان به جنديان، آسرهما الإسرائيليون، ثم طلبوا من أحدهما أن يذهب إلى مبنى صغير قرب فنار الجزيرة؛ ليقنع من فيه بالسلم، ثم عاد الجندي المصري ليقول لهم، إنه وجد المبنى خاليا، وعلى الفور توجه إلى المبنى ضابط إسرائيلي ومعه عدد من الجنود؛ لاحتلال المبنى، وما كادوا يدخلون إلى المبنى، حتى فوجئوا بالنيران تنهال عليهم من مدفع رشاش، يحمله ضابط مصري، وقد قتل في هذه العملية الضابط الإسرائيلي، وبعض الجنود الذين كانوا معه، أما الضابط المصري الشجاع فقد أصيب بعد أن تكاثر عليه جنود العدو.

ويحكي الصحفي الأمريكي، أنه في موقع آخر، خرج جنديان متظاهرين بالتسليم، وحين تقدمت قوة إسرائيلية للقبض عليهما، فوجئت بجندي مصري ثالث يبرز فجأة من الموقع بمدفعه الرشاش، فيقتل 5 جنود، ويصيب عددًا من الإسرائيليين”.
وأردف في برقيته، أن الخسائر كانت مرتفعة بين الجانبين؛ نظرا للقتال العنيف الذى شهدته الجزيرة، فقد بلغت خسائر العدو 50 فردًا بين قتيل وجريح، بينما استشهد وأصيب نحو 80 من رجال القوات المسلحة المصرية، بالإضافة إلى بعض المدنيين الذين كانوا يديرون الفنار؛ لإرشاد السفن.
وقال بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية آنذاك، “إن القوات المسلحة المصرية تعتبر معركة جزيرة شدوان والتى دامت 36 ساعة متصلة في قتال متلاحم، رمزا للصلابة والجرأة والفداء الذى وصل في هذه الجزيرة إلى أقصى حد”.



مجلة الوعي العربي