![]() |
سـنوات وأيام مع جمال عبدالناصر
عبدالناصر ... 28 سبتمبر 1970 الوداع يا جمال يا حبيب الملايين ، الوداع فقد سميناه بطلا فى النصر وفى الهزيمة بقلم ســامى شــرف - 1 -
إنتهى النقل
يحى الشاعر
وزير شئون رئاسة الجمهورية الأسبق
سكرتير الرئيس للمعلومات
ففى 28 سبتمبر يبرق فى خيالنا الرجل الذى ظل يسند الحيط المنهارة فى عواصم الأمة العربية حتى رحل تحت ركامها ، والذى كان يعيد صياغة الحقائق الخالدة فى معنى العروبة حتى هزمه الموت قبل الآوان.
لقد أحببنا أخطاؤه كما أحببنا آراؤه وقراراته .
لقد سميناه بطلا فى النصر وفى الهزيمة .
وكلما زادت الأنظمة السوداء فى تلك الأيام حقدا على جمال عيد الناصر كنا نزداد إيمانا به وكلما زاد الحقد الأمريكى فى تلك الأيام عليه كنا نمنحه ثقة أكبر وندرك كم كان الرجل خطرا على المشروع الإستعمارى برمته ، ولذلك فعندما هزمته وهزمتنا معه الآلة الحربية الأمريكية الإسرائيلية لم نلق عليه عبء الهزيمة بل بايعناه على النصر المقبل . ولو عاد عبد الناصر إلى أمته فلن يعرفها ولكنه سوف يعرفنا نحن ويدل علينا نحن الذين لا نقبل بمزيد من المضاربة على مصير الأمة .
لقد كانت جنازة جمال عبدالناصر جنازة شعبية بمعنى الكلمة . إمتلأت شوارع القاهرة وبيروت ودمشق وطرابلس وبنغازى والخرطوم وبغداد وتونسوالجزائر وغيرها من العواصم ليلة تشييع الجنازة بملايين البشر ينشدون نشيد واحد ، لا يعرف أحد كيف إنتشر ولا من الذى ألفه أو لحنه وكان إنتشاره كالنار :
الوداع يا جمال يا حبيب الملايين ، الوداع .
ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنسن ، الوداع .
إنت عايش فى قلوبنا يا جمال الملايين ، الوداع .
إنت ثورة ، إنت جمرة نذكرك طول السنين ، الوداع .
*وسارت الجنازات الشعبية فى كل العواصم والمدن والقرى فى جميع أنحاء الوطن العربى من البحر إلى البحر ،وكانت جماهيرها تردد :
إبكى ، إبكى يا عروبة على اللى بناكى طوبة طوبة .
ياجمال يا إبن مصر مين حايخطب يوم النصر .
روح يا شاب قول لأبوك ميت مليون بيودعوك .
*وقد إشترك فى تشييع الجنازة ثلاثون رئيس دولة . ومائة وفد يرأس أغلبها إما رؤساء وزاراء أو وزراء للخارجية علاوةعلى رؤساء الأحزاب وحركات التحرير فى العالم كله بدون إستثناء ، وأعلن الحداد الرسمى 4.يوما.
*615 حالة إغماء وآلاف الإصابات ووفيات وإنتحارات فى مصر والعالم العربى .
*الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون كان يستعد لدخول كابينة القيادة فى حاملة الطائرات " ساراتوجا " عندما علم بالنبأ و قرر إلغاء مناورات الأسطول السادس الأمريكى فى البحر الأبيض قائلا : لا داعى الآن لهذه المناورة كلها.. ثم صرح بعد ذلك بقوله :
" كان ناصر قائدا عاطفيا قادر على الرؤية داخل قلوب شعبه ، وقد سبب موته المفاجىء نار الأسى ومظاهر الحزن التى لم يشهد العالم لها مثيلا . لقد خلق ناصر لنفسه أعداء ألداء ، وأصدقاء أوفياء وقلة ممن كانوا حياديين تجاهه ..".
*زعماءالعالم يصفون وفاته بأنها خسارة كبيرة لواحد من أكبر الزعماء هيبة .
*شيخ الأزهر : عبدالناصر حى بيننا بقيمه الرفيعة ومثله العليا .
*البابا كيرلس يقول : " جمال لم يمت ، وسيظل تاريخنا مرتبط بإسمه ".
جولدا مائير تقول : " من الذى أطلق هذه النكتة السخيفة ؟! .. ثم خرجت لتشارك الشعب الإسرائيلى فرحته بالخلاص من أعدى أعداء إسرائيل .
فى عمان تسمرت الدبابات فى أماكنها وخرج رجال المقاومة الفلسطينية ينادونه ويصرخون عليه: " وينك يا أبو خالد ؟! "
حافظ الأسد وزير الدفاع السورى قال وهو يبكى : " كنا نتصرف كالأطفال .. وكنا نخطىء .. وكنا نعرف أنه هناك من يصحح ما نفعله ويرد آثاره . "
*حاكم الشارقة يصاب بإنهيار عصبى أثناء توجهه لتشييع الجنازة .
*يوثانت : العالم فقد شخصية بارزة وخسارته لا تقدر .
*إنديرا غاندى : أنه رمز طالما ناضلنا ونناضل له . وتؤبنه فى البرلمان .
*الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبى : عاش لكل العرب والشعوب المحبة للسلام .
* حاكم قطر : علينا وفاء لذكراه أن نجمع شملنا ونوحد صفوفنا .
طالب ليبى يصاب بالعمى من فرط بكاؤه وطالب آخر يحرق نفسه وهو يردد إسمه.
وشاب ليبى آخر يحطم جهاز التليفزيون حتى لا يرى موكب الجنازة .
مواطن مصرى يموت أثناء المشاركة فى مسيرة
عددضحايا مدينة بيروت 16 شخص فى أعقاب الوفاة . وصلوات مشتركة فى المساجد والكنائس.
لأول مرة تتشح النساء فى ليبيا بالسواد .
ناظر مدرسة بالإسكندرية يتوفى وهو يرثى عبدالناصر .
2. ألف ليبى يعبرون الحدود المصرية للإشتراك فى تشييع الجنازة .
مسيرتان يتقدم كل منها نميرى وعبدالسلام جلود تسيران فى إتجاه مقر الإتحاد الإشتراكى .
صلاة مشتركة فى المساجد والكنائس فى مصر والعالم العربى ( صلاة الغائب ) .
جنازات ضخمة فى الأراضى المحتلة .
المذيعون والمذيعات ـ وكانوا مصريون وعرب من جميع أنحاء الوطن العربى ـ يبكون أثناء وصف مظاهر الوداع والجنازة .
مواكب صامتة فى عواصم أوروبية وآسيوية وإفريقية .
المحاكم المصرية توقف جلساتها خمسة دقائق حدادا وتسجل الحدث فى محاضر الجلسات ( سابقة لم تحدث من قبل ) .
نادى القضاة المصريين يصدر عددا خاصا من مجلة القضاة عن عبدالناصر " دائرة الفكر القانونى المعاصر ".
البنوك تتوقف لمدة خمسة دقائق عن التعامل حدادا .
الأندية الرياضية تغلق أبوابها لمدة أسبوع حدادا .
أغلب برقيات العزاء قالت قد أكبر أنصاره وسيبقى رمزا للنضال والسلام . "
الآلاف يتوافدون رجالا ونساء وشبابا وطوائف ونقابات مهنية وعمالية وفلاحين لزيارة ضريح عبدالناصر ليل نهار .
تماثيل أقيمت لعبدالناصر فى جميع أنحاء الوطن العربى .
تسمية عبدالناصر لشلرع يمتد من بيروت إلى دمشق وحتى عمان فى الأردن .
الكاتب الأمريكى سالزبرجر يؤلف كتابه " آخر العمالقة ".
أم كلثوم تلغى موسمها الغنائى حدادا على رحيل عبدالناصر .
بعد الأربعين أم كلثوم تغنى " رسالة إلى عبدالناصر " ( نزار قبانى ) .
محمد عبدالوهاب يؤلف الملحمة الموسيقية " ناصر البطل " .
أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب يتقدمان مسيرة الفنانين والموسيقيين إلى ضريح عبدالناصر .
أم كلثوم تقترح تسمية السد العالى بإسم " ناصر " .
* فريد الأطرش يزور ضريحه ويضع باقة من الزهور .
إحتجاج إسرائيلى على بعض الدول الغربية التى نكست أعلامها فى القدس حداداعلى عبدالناصر.
بورقيبة يطلق إسم عبدالناصر على أكبر شارع فى تونس .
إطلاق إسم عبدالناصر على أكبر شوارع طرابلس الغرب / ليبيا
صورة عبدالناصر على غلاف مجلة " تايم " كبرى المجلات الأمريكية .
سيكوتورى يطلق إسم عبدالناصر على جامعة كوناكرى .
إعتقالات فى الجولان بعد إشتباكات عنيفة مع الجنود الإسرائيليين .
سويسرا تطلب رسميا نوتة نشيد الوداع الذى أنشدته الجماهير تلقائيا .
5.. صحفى عالمى إشتركوا فى تغطية وداعه .
وزير الدفاع الهندى : عبدالناصر تجسيد لكرامة الإنسان .
عملات ذهبية وفضية تحمل صورة عبدالناصر .
السفارات تلغى حفلاتها مشاركة منها فى الحداد وتنكس أعلامها .
الغرفة التجارية تعلن غلق جميع المحلات العامة ثلاثة أيام حدادا .
مساجد القاهرة مفتوحة بصفة دائمة للقادمين للقاهرة للتعزية .
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة طارئة لتأبينه وتطوى أعلامها .
سرادقات بأقاليم السودان لتقبل العزاء ثلاثة أيام .
إطلاق إسمه على شوارع فى يوغوسلافيا وبلغاريا .
ثوار فيتنام ينكسون أعلامهم حدادا .
بعض صحف بريطانيا تطالب بتصحيح الأخطاء التى إرتكبها الغرب فى حق عبد الناصر .
*وهنا لابد أن أسجل إقتراحات طرحت فى تلك الفترة ولم تنفذ حتى اليوم منها :
تمثال بإرتفاع 3. متر فى منطقة السد العالى ـ تمثال فى ميدان الحرية ـ ميدان حول الضريح ـ متاحف ـ لجان التراث ـ مسميات ـ مراكز دراسات والكثير من الإقتراحات التى حوتاه ونشرتها الصحف الصادرة فى تلك الفترة .
وأختم هذه الفقرة بالرثاء الذى كتبته فى جريدة الأهرام للزعيم والمعلم والقائد تحت عنوان :
" وكأنك كنت تعرف !! "
" يا قائد هذه الأمة ومحرك طاقاتها .. فى حياتك وبعد حياتك ..
يا أستاذى ومعلمى ..
وأستاذ هذذا الجيل ومعلمه ..
يا أمل هذه الأمة .. فى حضورك .. وفى غيابك ..
ماذا أقول وقد جاء يوم لم تعد فيه بيننا ؟! ..
ماذا أقول وقد مر هذا اليوم وجاءت بعده أيام .. وصوتك لا يتردد إلا فى الوعى من بعيد .. وأوامرك وتوجيهاتك وآراؤك ..ما لها قد توقفت عند آخر جملة قلتها وأنت فى سيارتك إلى المطار ..فى الرحلة الأخيرة ؟!
لم تعد هناك فى غرفتك المطلة علينا .. والضوء فيها ساهر معك .. ومع أوراقك ..
لم تعد هناك فى مكتبك حيث أكداس المسئولية تدخل عليك .. لتخرج وقد وجدت حلولا ..
كنا كلنا نتوقف عند الحدود .. حتى تأخذ بأيدينا إلى الحلول ..
ومع ذلك فعندما مضيت لم تأخذ بأيدينا معك .. وإنما ما زلنا أحياء .. أصحاء .. وأنتهناك فى خلدك بعيد عنا .. وكنا نتصور أن أنفاسنا ستتوقف معك .. وان نبض العروق سيكف عندما لا تكون ..
نحن الذين كنا مع العبء عليك .. يتضاعف .. ويتضاعف .. وأنت تقبل على التحمل غير عابىء ..بالألم يطحن الجسم .. والأجل ..
حتى جاء ذلك اليوم ! ..
وكأنك كنت تعرف ! ..فقد عملت لكل شىء حسابا !!..
ولم يكن فينا من أعد له عدته .. ولكنك وحدك كنت تستعد لمجيئه ..
وكنت تعرف أن غيابك عنا سيعصف بنا .. وأن هذا العصف سيخلق عند أعدائنا المطامع .. فصغت الأمر كله .. ليكون الأمر سدا فى وجه كل طامع .. وكأنك كنت بيننا يوم غبت عنا !..
هذا الجيل الذى لقنته ..هذه الصفوف التى دعمتها ورتبت خطوها فى تراص .. هذا النظام الذى شيدته ..حلقة ..حلقة .. كل منها تسلم الأخرى .. وتضمن لها السلامة ..
هل تذكر .. هل تذكر يوم صغت الدستور المؤقت .. عندما جئت عند تلك الفقرات التى تتحدث عما سيحل بالذين يبقون من بعدك .. كنت تدقق التعبير وتختار الكلمات .. وكأنك ترى بعين الغيب كل الذى يحدث .. وكنا نكره هذه الفقرات .. لا نطيل عنها نقاشا .. ولكنك كنت تزيدها إصرارا ..
ثم كان ..
وهذا الجيل كله .. وقد تفتحت عيناه على صيحة الحرية التى أطلقتها له يوم ظهرت عليهم لأول مرة .. هذه الاصيحة ما زالت ترن فى آذانهم ..
" إرفع رأسك يا أخى .. فقد مضى عهد الإستعباد .. "
ولم يمض عهد الإستعباد وحده .. وانت تعرف من الذى أجبره على أن يمضى .. وآمنوا بك يا عبدالناصر .. يا جمال ..
آمنوا بك يوم خرجت عليهم بصوتك المبحوح .. قد ألم بحنجرتك البرد .. واخذت خطاك فى عربتك العارية .. إلى رحاب الأزهر ..فى ذلك اليوم .. يوم الجمعة .. يوم ألقيت خطابك ترد به على العدوان المهيب .. ونسى الناس السماء المفتوحة فوقهم إلا من طائرات الأعداء ..
ونسيها هى الأخرى الناس ..
وقادهم صوتك المبحوح وهويصل إليهم من الإذاعة التى أقيمت فى مكتبك .. نستبدل بها الإذاعة التى عطلها الأعداء ذلك اليوم ..
ومن يومها يا عبدالناصر .. يا جمال .. عرفت كل هذه الجماهير .. أن صوتك سيقودهم إلى النصر دائما حتى ولو كان مبحوحا ..
ومن يومها يا عبدالناصر ..يا جمال ..أصبحت كلماتك .. وآراؤك ومبادئك غذاء كل روح تدب على هذه الأرض .. تريد لها التحرر .. والرخاء .. والكرامة .. !
ومن يومها يا عبدالناصر .. يا جمال .. أصبح الناصريون بالملايين .. وإتسعت الدائرة من حولك .. فى مصر .. وفى غير مصر ..
ولكن العبء زاد عليك .. ومضيت تحمله بالجسد الواهن .. دون أن تنبس حتى بالآنية ! ..
حتى مضت حياتك .. وأسترحت .. ومضيت .. !
فإذا بهذه الملايين التى ناصرتك حبا .. هى التى حفظت عهدك ذكرى .. وإيمانا .. ووفاء ..
فإذا بهذه المبادىء التى تركتها .. تصبح دستورا يظلل كل خطو من بعدك .. ويفسح أمامه الطريق .. وإذا بكل ما شيدت .. ونظمت ..وأقمت .. هو الحارس .. يصون المجد الذى أوصلت أمتك إليه ..
وستعيش أمتك من بعدك يا عبدالناصر .. يا جمال .. تركتها.. أروع .. وأعظم .. وأمجد .. من اليوم الذى إستقبلتها فيه ..
وستمضى فى طريقها إلى أكثر من هذا المجد .. ومن هذه الروعة .. والعظمة ..لأنها ستمضى على هديك .. وهدى مبادئك ..
أما أنت يا عبدالناصر .. يا جمال ..
يا قائد هذه الأمة .. ومحرك طاقاتها ..
يا أستاذى ومعلمى ..
يا كل الأمل فى حضورك ..وفى غيابك ..
لتكن فى رعاية الله .. ورحمته ..قرير العين .. راضيا بما قدمت .. سعيدا بما أنجزت ..
يا من كنت تعرف .. عندما كنا لا نعرف .!!
جنديك المخلص للأبد
سامى شرف
........."
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
You are my today's
Web guest
Thank you for your visit
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.
This web site is maintained by
ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US