![]() |
زيارة الرئيس جمال عبد الناصر
ـ 1 ـ
زيارة الرئيس جمال عبد الناصر
- 1 -
عدت من الجزائر بعد حضور اجتماعات المؤتمر القومى العربى فى الفترة من 5 حتى 11ابريل2005 ، وكانت إقامتى هناك فى فندق الأوراسى على قمة الجبل وكانت المرة العاشرة التى أزور فيها الجزائر هذا البلد العربى الثائر الأصيل ، منها خمسة مرات أثناء مرحلة الكفاح المسلح والقتال ضد الاستعمار بهدف إمداد الأحرار بما كان مفروضا وواجبا على مصر الثورة أن تقدمه من عون ودعم ليتحقق لشعب عربى شقيق استعادة حريته واستقلاله الذى هو أحد ثوابت ثورة عبد الناصر التى تمثلت فى الحرية والاشتراكية والوحدة .
والحديث عما دار فى هذا المؤتمر ليس مكانه الان . دخلت غرفة مكتبى بعد غياب حوالى الأسبوع وما أن جلست حتى ظهر أمامى الرئيس جمال عبد الناصر ، أو هكذا تخيلت ، وبادرنى بقوله :
إزيك يا سامى ؟
إسمع اللى حا أقوله لك . . فقاطعته قائلا :
هو سيادتك معايا فعلا واللى أنا شايفه يا افندم صحيح ؟ جيت إزاى ؟ انت فين ؟ . .
أسئلة كثيرة انطلقت من لسانى وأنا غير مصدق . .
رد بهدوئه المعتاد :
يا سامى ما تضيعش وقت . . إسمع اللى حا أقوله واستوعبه كويس . . يا سامى . . فاكر لما سيبتكم يوم 28سبتمبر 70 وكانت مصر مستعدة لتحرير الأرض العربية المحتلة . . ومتوازيا مع ذلك كانت مصر قد حققت معدل نمو فاق ال 6% سنويا . . وكان لدينا فائض تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار . . وكانت آخر مراحل بناء السد العالى قد انتهت . . وكانت المقاومة الفلسطينية قد حققت انتصارا على القوى الرجعية بما يشكل إضافة للقدرة على تحرير الأرض العربية المختلة انطلاقا من مبدا ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وانه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف . . فاكر طبعا ما حدث فى الخرطوم . . فاكر يا سامى أننا كنا على وشك تحقيق التوازن فى القوى فى المجال النووي بحلول سنة 1971 .
وكان فيه اجماع عربى فى قمة سبتمبر 70 بهدف تحقيق أمل الأمة العربية فى تحرير الأرض .
فاكر يا سامى كل الاستعدادات والترتيبات على صعيد السياسة الداخلية كانت تحقق الهدف الذى ناقشناه فى اجتماعات اللجنة التنفيذية العليا فى أغسطس1967 لنصل إلى تعددية حزبية كاملة سنة1975 ، بدءا بتطبيق مبادىء بيان 30مارس1968 لإحداث التغيير ليس فى البناء السياسى بل بتفعيل ارادة التغيير فى الأشخاص . .
فاكر يا سامى لما طلبت منك انك تجهز لى الدور الحادى عشر فى مبنى الاتحاد الاشتراكى لأقيم فيه تاركا رئاسة الدولة من أجل أن أشارك فى عملية التغيير الشامل بدءا منى انا ومعى الصف الأول كله ليتولى الصف الثانى المسئولية .. . فاكر الحديث اللى دار بينى وبينك انت ومحمد فائق فى مكتبى حول وجوب تولى الصف الثانى المسئولية من الآن . .
سيبتكم ولم تكن هناك أزمات تموينية من أى نوع بل كان لدينا فائض فى جميع المواد الأساسية والوقود يكفى لمدة لا تقل عن ستة شهور . . فاكر قصة رغيف العيش وما أثير حوله فى مجلس الوزراء وتهديدى للوزراء المعنيين بأنه إن لم يتم تحسينه ليكون رغيف عيش يؤكل فسوف ابدلهم بآخرين يحسنون الشعور بأحاسيس ونبض الفقير . . كان رغيف العيش بقرش تعريفة . . وانبوبة البوتاجاز بعشرين قرش ، وعلبة السجائر بخمسة قروش ، ولتر البنزين بثلاثة قروش ، وساندوتش الفول والطعمية بقرش صاغ ، وزجاجة المياه الغازية بقرش صاغ أو تلاتة تعريفة ، وكيلو الرز بقرشين صاغ ، والبطيخة بقرشين . .كان كيلو اللحم البتلو ب 35 قرش و كان الجمبرى يوزع مجانا لمن يشترى السمك . . كانت فاتورة استهلاك الكهرباء والتليفونات بقروش وتذكرة الأوتوبيس او الترامواى والمترو بقروش . .
وكان الجنيه يساوى ثلاثة دولارات ونصف واربعة عشر ريال سعودى . . ماكانش فيه بطالة . . ولم تكن هناك أزمة تعيينات او وسائط أو رشاوى ، وكل شاب كان واثق انه سيعمل وفق مبدا تكافوء الفرص التعليمية ، ولم تكن هناك أزمة إسكان ، أو أزمة مهور أو زواج عرفى بالملايين . . ما كانش فيه اموال! مهربة خارج البلاد . . كان فيه مرجعية دينية اسلامية قوية ومحترمة تؤثر وتتأثر بالمحيط الإسلامى متمثلة فى الأزهر الشريف وجامعته . .
سيبت لكم قطاع عام قادر على سد احتياجات البلاد فى جميع مناحى الحياة وإن شابت التجربة بعض العيوب او المشاكل لكنها كانت كلها قابلة للحل وكانت المشكلة الرئيسية فى بعض نواحى الإدارة أو فى أننا كنا نطبق تجربة اشتراكية بدون اشتراكيين ولكن كانت هذه المشاكل تعالج مع استكمال المسيرة التنموية ، وما فيش تجربة إنسانية ليس بها أخطاء والمهم هو التصحيح وقبول النقد وممارسة النقد الذاتى .
إن حقيقة مشكلة مصر منذ الأيام الأولى لقيام ثورة 23يوليو52 هى التنمية ، وهى بناء المجتمع السليم الذى ينتفى فيه اغتراب الفرد ويختفى منه التسلط سواء الملك أو الإقطاعى أو الرأسمالى المحتكر الذى كان يستغل الشريحة الكبرى من المواطنين ويفرض على العامل أكثر من خمسين ساعة عمل أسبوعيا مقابل أجر لا يتجاوز جنيهين لا يكفيانه هو وأسرته .
و كان القرار هو طريق الحرية السياسية والحرية الاقتصادية ، و لقد ذهبنا إلى عدد من قادة الرأى من مختلف الطبقات والعقائد وقلنا لهم : ضعوا للبلد دستورا يصون مقدسا ته ، و كانت لجنة وضع الدستور ومن أجل ضمان الحياة الاقتصادية فى المستقبل ذهبنا إلى أكبر الأساتذة فى مختلف نواحى الخبرة وقلنا لهم : نظموا للبلد رخاؤه واضمنوا لقمة العيش لكل فرد فيه ، وكان مجلس الإنتاج تلك حدودنا لم نتعدها إزالة الصخور والعقبات من الطريق مهما يكن الثمن واجبنا . والعمل المستقبل من كل نواحيه مفتوح لكل ذوى الرأى والخبرة فرض لازم عليهم وليس لنا أن مستأثر به دونهم ، بل إن مهمتنا تقتضى أن نسعى لجمعهم من أجل مستقبل مصر . . مصر القوية المتحررة .
وجاء فى دستور 1956 من مقدمة نصت على الثورة مسئولة عن تحقيق عدالة اجتماعية وأن التضامن الاجتماعى أساس المجتمع وان مصر دولة عربية وان السيادة للأمة ، وجاءت مجموعة من المواد ترسم المعالم الاقتصادية للمجتمع الجديد وهى :
المادة السابعة : " ينظم الاقتصاد القومى وفقا لخطط مرسومة تراعى فيها مبادئ العدالة الاجتماعية وتهدف إلى تنمية الإنتاج ورفع مستوى المعيشة . "
المادة الثامنة : " النشاط الاقتصادى الخاص حر على ألا يضر بمصلحة المجتمع أو يخل بأمن الناس أو يعتدى على حريتهم وكرامتهم . "
المادة التاسعة : يستخدم رأس المال فى خدمة الاقتصاد القومى ، ولا يجوز أن يتعارض فى طرق استخدامه مع الخير العام للشعب . "
المادة العاشرة : يكفل القانون التوافق بين النشاط الاقتصادى العام والنشاط الاقتصادى الخاص تحقيقا للأهداف الاجتماعية ورخاء الشعب . "
المادة الحادية عشر : الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية ، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقا للقانون . "
المادة السابعة عشر : تعمل الدولة على أن تيسر للمواطنين جميعا مستوى لائقا من المعيشة ، أساسه تهيئة الغذاء والسكن والخدمات الصحية والثقافية والاجتماعية . " المادة الثانية والعشرين : " العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة . "
والعناصر التى تضمنتها المادة السابعة عشر هى نفس العناصر التى بدأ الفكر التنموى يتجه إليها فى الستينات
وفى أعقاب الوحدة ، صدر فى دمشق فى الخامس من مارس 1958 الدستور المؤقت وتضمن نفس المبادئ مع شىء من إعادة الترتيب حيث تقدمت المادة السابعة لتصبح المادة الرابعة بينما تقدمت المادة الحادية عشر إلى الترتيب الخامس ، وأصبحت المادة 22 هى المادة رقم 6 .
وأصبح بعد ذلك يتردد ، وما زال حتى اليوم ـ أن ثورة يوليو52 بما أتت به من اشتراكية ومن تغليب للاعتبارات الاجتماعية على القواعد الاقتصادية السليمة اعترضت مسيرة ناجحة للاقتصاد المصرى وقضت على مبادرات فردية كان يمكن أن تقود البلاد إلى نهضة اقتصادية تجنبنا ما نعانيه الآن من مآزق اقتصادية . هذه الآراء تتذرع أيضا بأننا نعود مضطرين إلى السيرة السابقة على عهد الثورة ، وبأن تجارب يقال أنها مشابهة لما انتهجته فى الستينات ، قد انتهت إلى الفشل .
ولعل خير دليل على فساد هذه المقولات مجموعة مقالات كتبها أحد الاقتصاديين البارزين ثم جمعها فى كتاب طبع فى بداية الخمسينات وهو الدكتور محمد على رفعت الذى كان من غلاة المتحمسين لنظام السوق إلى درجة تجعل صندوق النقد الدولى يتوارى خجلا ، وهى تظهر أن ما يطلق عليه حاليا " النداء الجديد " هو نداء شديد القدم . قد يكون من المناسب أن نقتبس بعض العبارات التى كتبها الدكتور محمد رفعت وهى تلخص آراؤه تحت عنوان " الأوضاع الاقتصادية عشية الثورة " ، فأوضح بجلاء ما يلى :
أولا : فساد السياسات الاقتصادية ، وتدهور الأوضاع ، وتزايد العجز . ثانيا : قصور مدخرات الأفراد واتجاه معظمها للمضاربات العقارية . ثالثا : نقص الاستثمارات الأجنبية على المستوى العالمى نتيجة لما خلفته الحرب العالمية ، والمطالبة بضمانات ومحفزات له بعد زوال الامتيازات الأجنبية سنة 1937 .
رابعا : لم يتضح أو يرد مصطلح التنمية إلا بعد قيام ثورة يوليو 52 وتوجيهها الاهتمام إلى هذه القضية التى أصبحت الشغل الشاغل لكل الدول التى حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية والتى خصصت لها الأمم المتحدة نشاطا قائما بذاته من خلال برنامج التنمية وعددا من الدراسات لمتطلبات تنمية اقتصاديات الدول المتخلفة
كما قدم الدكتور عبد المنعم القيسونى ـ وزير الاقتصاد وهو من الاقتصاديين المؤمنين أيضا بما يسمى النظام الليبرالى ، فى بيانه أمام مجلس الأمة فى 27 أغسطس1957 وجاء فيه ما يلى :
" وبمراجعة تاريخ مصر الاقتصادى فى السنوات الماضية ، نجد أن معدل زيادة السكان كان دائما يلاحق النمو فى الإنتاج القومى ويمتصه ، وأنه كان ثمة ثلاث فرص تهيأ فيها الاقتصاد المصرى للنهوض والوصول إلى درجة التقدم المستمر لولا سوء الأداة الحكومية وفساد النظام السياسى . كانت الفرصة الأولى فى مستهل هذا القرن عندما أنشئ خزان أسوان ، وحدث ما يمكن تسميته بالثورة الزراعية الأولى ، وزادت رؤوس الأموال فى مصر ، ولكن الفرصة ضاعت بسبب المضاربة وسوء التقدير فضلا عن العوامل الخارجية مما أحدث أزمة شديدة سنة 1907 .
وكانت الفرصة الثانية فى العقد الثالث من هذا القرن بعد أن تجمعت أرصدة خارجية فى فترة الحرب العالمية الأولى ، ثم زاد الطلب على القطن وارتفعت أسعاره وحدث توسع فى الخدمات العامة وارتفع مستوى الدخل الفردى ارتفاعا ملموسا وبمعدل أكثر من معدل زيادة السكان ، ولكن الزيادة فى الثروة كانت سيئة التوزيع وتجمعت فى أيد قليلة وكان النفوذ الأجنبى هو المستفيد فرهن الأراضى الزراعية وتمكن من الاقتصاد القومى ، ثمن جاءت الأزمة العالمية فعجزت البلاد عن مجابهتها وضاعت الفرصة الثانية للنمو .
أما الفرصة الثالثة فكانت بعد الحرب العالمية الثانية التى نقص الاستهلاك خلالها نقصا كبيرا وادخرت البلاد أرصدة أجنبية ، ثم ارتفعت أسعار القطن بفعل عوامل سياسية خارجية فزادت الصادرات زيادة كبيرة ، وكان يمكن لحكومة رشيدة أن تفيد من هذه الفرصة لكى تثبت أقدام الاقتصاد القومى وتوجهه وجهة التنمية المطردة ، ولكن الأرصدة بعثرت وتمت مضاربات فردية فى أقوات الناس وثروات الشعب وتصارعت الأهواء والصراعات السياسية الداخلية ما بين الملك والاحتلال البريطانى والأحزاب ا فضاعت الفرصة الثالثة .
والمعنى الذى يستشف من بيان الدكتور القيسونى هو أن الفرص تقاس بما يتجمع لدى الدولة من موارد مالية ، وهو الرأى الذى ساد بين الاقتصاديين لفترة طويلة ، والذى جعل الالتجاء إلى التمويل الأجنبى ضرورة يفرضها نقص رؤوس الأموال المحلية .
كان الرأى السائد بين الاقتصاديين التقليديين والأكاديميين يتلخص فى الآتى :
أولا : الاستعمار أضر باقتصاديات المستعمرات والاستقلال السياسى يمكنها من تحرير تلك الاقتصاديات من التبعية .
ثانيا : التخصص فى المواد الأولية المترتب على ذلك أدى إلى انخفاض الدخل ومن ثم فإن التصنيع هو السبيل لرفع الدخل وكسر احتكار الدول الصناعية .
ثالثا : انخفاض الدخل والسياسات الفاسدة تنقص المدخرات . إذن هناك حاجة لتجميع المدخرات والحكومة تلعب دورا محفزا ولكن ليس بديلا للاستثمار الخاص .
رابعا : وبسبب محدودية المدخرات وندرة رجال الأعمال ( المنظمين ) يجوز للحكومة أن تسهم فى النشاط الاقتصادى ولكن بعيدا عن الروتين الحكومى ، وعلى أن تتخلص منه فى أقرب فرصة لتعيده إلى مكانه الأصيل وهو القطاع الخاص .
وخامسا : ونظرا لأن البدء من دخل منخفض يجعل المدخرات المحلية متواضعة فهناك ضرورة للاعتماد على رأس المال الأجنبى .
ولم يوضح أحد من هؤلاء السادة كيف أن رأس المال الأجنبى الذى تمتلكه الدول الغنية ( الاستعمارية) يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها من أداة سيطرة إلى أداة بناء صرح الاقتصاد المتحرر !
وكانت التجربة العملية التى خضناها بثورة 23يولو1952 موضحة للحقائق بالبيان العملى وليس بالاستدلال النظرى .
ووفقا للمنهج الذى حددناه ، جرى من البداية إصدار عدد من القرارات استهدفت القضاء على الإقطاع والاحتكار ، وكان فى مقدمتها قانون الإصلاح الزراعى وتنظيم الإيجارات التى أنهت تسلط الملاك على المنتجين والمستأجرين فى الريف والمدينة ، وحدّت بالتالى من المبالغة فى التكالب على الملكية العقارية وما يترتب على ذلك من عزوف المدخرات الخاصة عن الدخول فى مجالات الإنتاج المثمر ، وبخاصة الصناعى وتحمل مخاطره .
أما بالنسبة لرأس المال الأجنبى فقد بادرنا ـ بعد أسبوع واحد من قيامها ـ وفى يوم 30 يوليو1952 ، بالاستجابة لنصائح الاقتصاديين الذين كانوا يرون أن قانون الشركات المساهمة (138لسنة1947) لا يشجع المستثمرين الأجانب لأنه يحرمهم غالبية الملكية فأصدرت المرسوم بقانون رقم 130 لسنة1952 بتعديل المادة السادسة من ذلك القانون وكانت تنص على ألا تزيد نسبة رأس المال الأجنبى فى الشركات المساهمة عن 49% فأصبحت تنص على أنه يجب تخصيص 49% لى الأقل من أسهم الشركات المساهمة للمصريين عند التأسيس أو زيادة رأس المال ، ويجوز زيادة النسبة بقرار من وزير التجارة والصناعة بالنسبة للشركات ذات الصبغة القومية ، وإذا لم تستوف النسبة فى مدة لا تقل عن شهر فى حالة الاكتتاب العام جاز تأسيس الشركة دون استيفاء النسبة .
وكان الهدف من هذا التعديل اجتذاب رأس المال الأجنبى للمساهمة فى التنمية الإنتاجية فى الميادين التى تتكلف الكثير وتتطلب الخبرة وتنطوى على عناصر المخاطرة ، كما هو الشأن مثلا فى حالة الثروة المعدنية ، وذلك مع المحافظة على سيادة الدولة والمصلحة القومية العليا .
على أن أهم خطوة فى هذا الشأن كانت إصدار القانون رقم 156لسنة 1953 فى 2إبريل ستة 1953 والذى حدد أسلوب معاملة رأس المال الأجنبى حيث حدد القنوات الشرعية التى يرد من خلالها ـ سواء نقدا أم عينا أو فى شكل حقوق معنوية ـ وحدد شروط تحويل الأرباح بما لا يتجاوز 10% بالعملة الأصلية ، وأجاز تجاوز هذه النسبة فى حدود ما يحققه الاستثمار من عملة أجنبية ، وأجاز إعادة تحويل رأس المال الأجنبى بعد خمس سنوات بما لا يتجاوز خمس القيمة المسجل بها .
وحددت المادة الثانية شروط الانتفاع بهذا القانون أن يوجه رأس المال الأجنبى إلى الاستثمار فى مشروعات التنمية الاقتصادية ( الصناعة ـ الزراعة ـ القوى المحركة ـ النقل ـ السياحة ) وذلك بعد العرض على لجنة خاصة تشكلت فى وزارة التجارة والصناعة ويمثل فيها وزارة المالية والاقتصاد والمجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى والبنك المركزى ، على أن تبت فى الطلب المقدم لها خلال ثلاثة شهور من تاريخ تقديمه ، ويعتمد وزير التجارة والصناعة قراراتها .
ونفس الخطوات اتخذت حيال الضرائب غير المباشرة والرسوم الجمركية وصدرت قوانين وقرارات خلال سنوات 52 و53 بما يحقق الحماية للصناعة المحلية التى كان يقوم بها القطاع الخاص والاهتمام بالإنتاج من أجل التصدير .
( القوانين 325/52 19و 324/1953 و430/1953 و26/1954 و155/1955 ) .
لقد كانت مساهمة رأس المال الأجنبى خلال الأعوام 54و55و56 مذهلة فلقد دخل مجالين اثنين فقط هما صناعة الأحذية والسياحة . وخلال هذه السنوات أيضا استثمر 440ألف جنيه فقط أى أنه بعد هذه القوانين التشجيعية لم يستثمر من رأس المال الأجنبى فى مصر إلا أقل من نصف مليون جنيه .
استعان مجلس الإنتاج بأكبر بيوت للخبرة لعمل مسح شامل لمصر بهدف وضع خطة صناعية تفصيلية للمشروعات الإنتاجية اللازمة للنهوض بالاقتصاد ووضع الخبراء الخطة ووسائل الحصول على الطاقة من كهربة خزان أسوان كما وضعوا مشروعات للنقل واستغلال الثروات المعدنية وبدا تنفيذ خطة العمل الصناعى وأعلن عن الاكتتاب للمساهمة فى الشركات الجديدة بدعم من الحكومة وهى المساهم الأول ، وقامت عدة مشروعات خدمية حيوية لعل أهمها توليد الكهرباء من خزان أسوان ـ ذلك المشروع الذى كان واجب تنفيذه منذ سنة 1912 ـ بقرار مجلس الثورة فى نوفمبر 1952 وبدأ العمل فيه بواسطة شركة فرنسية فى أغسطس سنة 1953 ثم بدأ إنشاء مصنع سماد أسوان ومعمل تكرير بترول بالإسكندرية وتوسيع معامل التكرير ومد خط أنابيب من السويس للقاهرة وبدا فى الوقت ذاته التصنيع الحربى وبناء الترسانة البحرية وكهربة خط سكك حديد حلوان وحرمت الدولة القمار وأصدرت القوانين العمالية وقانون التعاون وأنشئت الوحدات المجمعة فى القرى لتكون مجمعا لوحدات علاجية صحية وبيطرية وزراعية وتعليمية .
وبنيت مدرسة كل ثلاثة أيام ، وأقيم مجلس أعلى لرعاية الفنون وآخر للعلوم وثالث للشباب كما! أنشئت لجنة الطاقة النووية للأغراض السلمية .
وبدأت خطوات تقريب الفوارق بين الطبقات فخفضا إيجارات المساكن أكثر من مرة وأقيمت المساكن الشعبية التى يستطيع المواطن فعلا أن يسكنها لا أن يتفرج عليها ويتحسر لأنه لا يستطيع أن يقترب منها لا أن يسكنها أو يتملكها . وتم شق كورنيش النيل بطول القاهرة كلها . وفى عام 1957 بعث مشروع التصنيع الثقيل وقامت به شركة ديماج الألمانية ـ بذلت أمريكا وإسرائيل جهودهما لعدم إتمام التعاقد مع ألمانيا حتى لا تتوجه مصر نحو التصنيع الثقيل ـ وفى يوليو1959 افتتحنا مصنع الحديد والصلب فى حلوان وصرحت بقولى :
" إن إقامة صناعة الحديد والصلب فى بلدنا كانت دائما حلما نعتقد أنه بعيد المنال ، واليوم حققنا هذا الحلم " .
وفى العام 1954 بدأت الثورة بتمصير الاقتصاد ووضع لبنات قيام صناعة مصرية وكان تمصير شركة " جريشام " للتأمين على الحياة هو نقطة البداية التى أعقبها صدور أمر عسكرى فى نوفمبر 1956 بفرض الحراسة على المؤسسات البريطانية والفرنسية الدولتين المعتديتين بعد أن جمدت بريطانيا الأرصدة المصرية لديها ، والتى بلغت 1500 مؤسسة من بينها بنوك وشركات للتأمين وشركات البترول ثم أنشئت المؤسسة الاقتصادية بعد ذلك .
وفى 14يناير 1957 صد ر قانون ينص على أن لا يقوم بأعمال البنوك وشركات التأمين وفروعها إلا شركات يملك المصريون جميع أسهمها ويكون المسئولون فيها مصريين على أن ينفذ القانون خلال خمس سنوات وسبب ذلك أنه تبين أن البنوك الأجنبية فى مصر كان لا يزيد رأسمالها على الخمسة ملايين ونصف جنيه فى حين أنها تتحكم فى أكثر من مائة مليون جنيه من جملة الودائع فى البنوك التجارية وهى حوالى 195 مليون جنيه وأن البنوك الإنجليزية والفرنسية لا يزيد رأسمالها المستثمر فى مصر على المليون ونصف المليون جنيه بينما ودائع المصريين فيها تقترب من مائة مليون جنيه .
وكان فى مصر 135 شركة تأمين منها 123 شركة أجنبية ومعظمها فروع لشركات ك! بيرة فى الخارج وكانت أصولها فى مصر 20 مليون جنيه من مجموع أصول شركات التأمين وهى 38 مليونا . وفى عام 1957 تم تمصير تسعة بنوك هى باركليز والكريدى ليونيه والعقارى المصرى والبنك الشرقى ويونيون والعثمانى والرهونات والأراضى والخصم الأهلى بباريس و16 شركة تأمين و40 شركة كانت تتحكم فى شرايين الاقتصاد .
وفى 14 يناير أيضا صدر قانونان الأول يقصر مزاولة أعمال الوكالة التجارية على المصريين والثانى بإنشاء مجلس التخطيط الأعلى ولجنة التخطيط القومى ، وبعدها صدر قرار جمهورى بوجوب استخدام اللغة العربية فى جميع العقود والسجلات والمحاضر وفرض غرامة على من يخالف القرار .
والذين يتحدثون عن العجز فى الميزان التجارى الذى أحدثته الثورة بعد أن كان هناك فائض يغالطون معتمدين على أن أحدا لن يبحث وراء أكاذيبهم فيعود إلى الخمسينات وقبل قيام الثورة . والحقيقة أن العجز فى الميزان التجارى 1951 بلغ 39 مليون جنيه بالضبط ، وبلغ عام 1952 حوالى 73 مليون جنيه بسبب انتكاس سوق القطن ، وفى عام 1953 بلغ العجز 37 مليون جنيه بسبب الحد من استيراد الكماليات وفتح أسواق للمنتجات المصرية ، ثم انخفض العجز عام 1954 إلى 20 مليون جنيه وهكذا .
ويقول المؤرخ عبد الرحمن الرافعى فى مؤلفه " ثورة يوليو52 " أنه حين تسلمت الثورة خزانة الحكومة وجدت عجزا بالميزانية 25 مليون جنيه واحتياطيا هبط من 75 مليون إلى 16 مليون جنيه نقدا وفى أعقاب حريق القاهرة فى 26يناير 1952 تم تهريب 126 مليون جنيه وكانت خزانة الحكومة المصرية مدينة للبنك الأهلى بنحو خمسة ملايين جنيه .
فى بداية الثورة كان تعداد مصر حوالى 20 مليون نسمة ونسبة الزيادة السكانية بمعدل 8ر2 % سنويا وكان الاقتصاد يعتمد أساسا على الزراعة ـ حوالى 6ملايين فدان ـ تكفى احتياجات الغذاء فى إطار نمط الاستهلاك فى ذلك الوقت فى مستو معيشى منخفض والمحصول الرئيسى هو القطن يصدر أكثر من 80% منه للخارج والباقى يستخدم فى صناعات مبتدئة تنتج المنسوجات التى تستهلك محليا .
وبالنسبة للصناعة فقد كانت هناك بعض مصانع للغزل والنسيج ومصانع للسكر ومعاصر زيوت ومصنعان للأسمنت ومصتنع لسماد الفوسفات وآخر للسماد الآزوتى . وثلاثة مصانع صغيرة لإنتاج حديد التسليح من الخردة وبعض المصانع اليدوية والحرفية .
وفى عام 1952 كانت نسبة الإنتاج الصناعى إلى الإنتاج القومى أقل من 10 % وكانت مصر تعتمد على الاستيراد لمعظم احتياجاتها من الخارج من السلع المصنعة ـ القلم الرصاص والورق والسماد والثلاجة والراديو . . الخ حتى المنسوجات القطنية أو الصوفية كانت تستورد .
كانت فرص العمل محدودة ومتوسط الأجور قروش ، والبطالة بين خريجى الجامعة رغم عددهم المحدود ، لكل هذه الأسباب كان التصنيع عنصرا أساسيا لتقف التنمية على قدمين .
وفى خلال شهور ستة من منتصف سنة 1956 شكلت لجان متخصصة لوضع خطة صناعية ومشروع قانون التنظيم الصناعى .
فاكر لما كلفت عزيز صدقى للقيام بهذه المهمة التاريخية الخطيرة . وشكلت اللجان من خبراء مصريين من الذين برزت كفايتهم فى مجلسى الإنتاج والخدمات من قبل كما ضمت أيضا جميع الكفاءات العلمية والاقتصادية والفنية ورجال القانون ، وعملت ليل نهار وفى نهاية المدة المحددة كان قد تم إعداد مشروع برنامج السنوات الخمس للصناعة ومشروع التنظيم الصناعى ، وكانت الخطة طموحة جدا بمقاييس ذلك الوقت وكان قانون التنظيم الصناعى يعنى تحولا كبيرا فى سياسة الدولة إذ ينص لأول مرة على أن تتدخل الحكومة فى الصناعة .
وعندما عرض عزيز نتائج أعمال اللجان علىّ ، لم أوافق على مشروع القانون ولا على الخطة وطلبت أن يطرح ما استقرت عليه اللجان لنقاش ودراسة أكثر توسعا وتم ذلك فعلا . ولقد عارض اتحاد الصناعات الممثل للرأسمالية الكبيرة فى ذلك الوقت وفى مذكرة مكتوبة تدخل الدولة فى الصناعة ، وعارض رؤساء شركات الغزل ـ وهم من كبار الرأسماليين أيضا ـ أن تتضمن الخطة إنشاء مصانع جديدة للغزل والنسيج بحجة أن الموجود منها يكفى احتياجات البلاد وزيادة ، وكان لمنطق هؤلاء ما يبرره ألا وهى النظرة الضيقة لمصالحهم الخاصة .
وبعد فترة من الدراسات والمناقشات الواسعة طلبت للمرة الثانية من عزيز صدقى الاستعداد لشرح الخطة الخمسية للصناعة أمام مجلس الوزراء ولم أشأ أن أدلى برأى مسبق، بل سمحت للجميع بإبداء رأيه فبعضهم أيد والبعض عارض ، وعلى مدى أربعة ساعات دار نقاش حى طويل حاد كان عزيز صدقى خلالها يقنع ويشرح الخطة مشروعا مشروعا ومصنعا مصنعا ، وكانت معظم المعارضة تتجه إلى أن الخطة طموحة أكثر من اللازم أو أنها مجرد حلم غير قابل للتنفيذ وكان التساؤل يدور حول : كيف يمكن للدولة أن تدبر 250 مليون جنيه هى قيمة تكلفة مشروعات السنوات الخمس للصناعة .
وبعد حوار طويل وواسع من المناقشة خارج مجلس الوزراء وداخله تم وضع الخطة وإقرارها وكلفت عزيز أن يعقد مؤتمرا صحفيا بعد انتهاء مجلس الوزراء ليعلن فيه لأول مرة عن تصنيع مصر وفق خطة متكاملة تشرف عليها الدولة .
إن الذين يتحدثون عن الخير العميم الذى شهدته البلاد قبل الثورة يريدون أن يتناسوا حقائق التاريخ ، فبعد أن كنا نستورد تقريبا كل شىء أصبحنا نعتمد على أنفسنا وننتج معظم ما نحتاجه . أقيمت مصانع الحديد والصلب والألومنيوم والترسانات البحرية والسيارات واللوارى والإطارات والأسمنت والأسمدة والغزل والنسيج . . الخ . ولولا هذه القاعدة الإنتاجية الضخمة التى أقامتها الثورة وإتاحة فرص العمل للملايين من أبناء الشعب لما أمكن تحقيق العدالة الاجتماعية التى كانت هدفا رئيسيا لثورة يوليو52 .
وصدرت التشريعات العمالية لتعيد للعامل حقه بتحديد ساعات العمل والحد الأدنى للأجور والتأمين الصحى والتأمين الاجتماعى وإتاحة الفرص للتعليم للغالبية العظمى من أفراد الشعب الذين كانوا محرومين من هذا الحق قبل الثورة .
لا يمكن الحديث عن ثورة يوليو و الصناعة دون الحديث عن القطاع العام الذى بدأ بتمصير بعض المصالح الأجنبية بعد تأميم قناة السويس ، ثم قامت الدولة منذ عام 1960 بإجراء بعض التأميمات ثم صدرت القوانين الأساسية التى عرفت باسم القوانين الاشتراكية فى يوليو سنة 1961 .
بهذه الإجراءات تكون القطاع العام وبدأ ينمو بمكون أساسى الشركات المؤممة ثم قامت الدولة بإقامة مشروعات وشركات تقيمها بأموالها تنفيذا لبرامج التصنيع المتتالية .
إن الجزء الذى يمثل ما أمم من أصول بالنسبة إلى القطاع العام اليوم لا يمثل أكثر من 15 % أو 20 % بل إنه ليس حتى فى هذه الشركات آلة واحدة مما كان قائما وقت التأميم لأن عمليات التجديد والإحلال والتوسع المستمرة طورت هذه المصانع إلى ما هى عليه اليوم فمثلا بالنسبة لشركة غزل المحلة أو كفر الدوار للغزل أو مصانع السكر فإن حجم الإنتاج قد تضاعف عدة مرات عما كان عليه عند التأميم ، وتم هذا نتيجة لتنفيذ برامج الصناعة المتوالية و التى تولت الدولة توفير الاستثمارات اللازمة لها . إذن الدولة هى التى مولت هذه المشروعات ولذلك فهى صاحبة الحق فى إدارتها لا لحساب فرد أو أفراد بل لمصلحة الشعب ! كله .
لقد كانت القضية الأساسية التى تواجهنا هى بناء الصناعة ، فى الوقت الذى لم يأت فيه رأس المال الأجنبى للمشاركة فى هذا المجال ، وفى نفس الوقت عجز القطاع الخاص عن الوفاء بمتطلبات التنمية فى وقت تتزايد فيه نسبة السكان بمعدل 5ر2 % سنويا ويرد إلى الحياة طفلان كل دقيقة يمثلون أفواها جديدة تحتاج إلى الغذاء وتحتاج إلى الخدمات لسنوات طويلة قبل أن تصبح قادرة على الإنتاج ، فضلا عن ضرورة تحسين مستوى الناس الذين عانوا طويلا .
واجهت مصر الثورة مأزق ضرورة التنمية ، فبعد تدليل رأس المال الأجنبى ، وبعد أن أوقدت مصر أصابعها العشرة شموعا للقطاعين الخاص والأجنبى لكى يشتركا فى التنمية الجادة صناعية أو زراعية كانت المحصلة النهائية لا شىء يذكر .
ومن هنا فقد رأينا وجلسات اللجنة التنفيذية العليا ومجلس الوزراء تشهد أن العمل من أجل زيادة قاعدة الثروة الوطنية لا يمكن أن يترك لعفوية رأس المال الخاص المستغل ونزعاته ، كذلك فإن إعادة توزيع فائض العمل الوطنى على أساس من العدل لا يمكن أن يتم بالتطوع القائم على حسن النية مهما صدقت . وبدأت عمليات التأميم ، وتوسيع قاعدة القطاع العام .
كان رأيى أن التأميم ليس عقوبة لرأس المال الخاص حين ينحرف ، فنقل أدوات الإنتاج من الملكية الفردية إلى الملكية العامة أكبر من معنى العقوبة وأهمّ وأن الأهمية الكبرى المعلقة على دور القطاع العام لا يمكن أن تلغى وجود القطاع الخاص ، فالقطاع الخاص له دوره الفعال فى خطة التنمية من أجل التقدم ، ولابد له من الحماية التى تكفل له دوره وهو مطالب فى نفس الوقت بتجديد و تطوير نفسه ، وبأن يشق طريقا من الجهد الخلاق لا يعتمد كما كان فى الماضى على الاستغلال الطفيلى .
كان من رأينا أيضا أن سيطرة الشعب على أدوات الإنتاج لا تستلزم تأميم كل وسائل الإنتاج ولا تلغى الملكية الخاصة ولا تمس حق الإرث الشرعى المترتب عليها وإنما يمكن الوصول إليها عن طريقين :
أولهما : خلق قطاع عام قوى وقادر يقود التقدم فى جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية .
ثانيهما : وجود قطاع خاص يشارك فى التنمية فى إطار الخطة الشاملة لها من غير استغلال على أن تكون رقابة الشعب شاملة القطاعين معا ، مسيطرة عليهما معا . وكان من رأيى أيضا ، أن الهياكل الرئيسية لعملية الإنتاج كالسكك الحديدية والطرق والمطارات وغيرها من المرافق تكون فى إطار الملكية العامة للشعب ، والصناعات الثقيلة والتعدينية والمتوسطة تكون فى غالبيتها للقطاع العام ، وأنه يجب أن يحتفظ القطاع العام بدور فى الصناعات الخفيفة ، بمعنى أن يكون الباب فى الصناعة مفتوح أمام القطاع الخاص .
وأن يكون الاستيراد كله للقطاع العام الذى يتحمل أيضا ثلاثة أرباع الصادرات ، وأن يكون له ربع التجارة الخارجية بينما يكون للقطاع الخاص ثلاثة أرباعها ، والأرض الزراعية والمبانى والعقارات تظل فى إطار الملكية الخاصة . وبنظرة بسيطة وموضوعية نجد أن الثورة قد وسعت قاعدة الملكية عندما زاد عدد الذين يملكون . والعمود الفقرى للاقتصاد وهو الزراعة كان فى يد الأفراد أى القطاع الخاص . وقد زاد عدد الملاّك بعد توزيع الأرض الزراعية على المعدمين .
كان للقطاع الخاص إذن دور كبير فى مجالات كثيرة ومتعددة ، وإذا لم نغفل الملكية الخاصة فى مجال الزراعة فإن القطاع الخاص يكون له نصيب الأسد فى السيطرة على أدوات الإنتاج إذ تقترب نسبة ما يملكه من 80 % عموما ، وتصل إلى 25 % فى الصناعة وحدها .
وكانت لمصر تجربة سابقة فى الملكية العامة لأدوات الإنتاج ، بما فيها الأرض الزراعية خلال القرن الماضى فى عهد محمد على عندما كانت كل وحدات الإنتاج مملوكة للدولة ، ولكن هذه التجربة سرعان ما تفككت بفعل الضغوط الاستعمارية التى لم تكن تريد لمصر أن تقوى اقتصاديا وعادت وحدات الإنتاج إلى الملكية الخاصة وزحف رأس المال الأجنبى ليستثمر فى مجال الأرض الزراعية والعقارات والمضاربات .
واضطرت مصر فيما بعد محمد على إلى أن تغلق المصانع أو تعيد وحدات الإنتاج إلى الملكية الخاصة وزحف رأس المال وبنوك الرهونات وغيرها من البنوك التى ظلت تنهب اقتصاد مصر حتى تولت ثورة يوليو52 ليحدث تغيرا جذريا بالتمصير والتصنيع والتأميم .
بلغت القيمة السوقية للشركات المؤممة عام 1961 مبلغ 258 مليون جنيه بينما بلغ تقدير رأس المال الثابت لوحدات القطاع العام الصناعية فقط عام 1972 مبلغ 2050 مليون جنيه .
يا سامى عايزك تعيد نشر نوعية من الاحصائيات التى نشرت فى الصحف القومية المصرية عن بعض الأوضاع الحالية . .
أستأذن القارىء فى قطع السياق لنشر بعض هذه الاحصائيات :
احصائيات منشورة فى الصحف القومية المصرية الأهرام 27مايو2004 :
7ر17 مليون شخص يعيشون فى 1109 منطقة عشوائية فى عشرين محافظة فى مصر
الأهرام 19مارس2005 :
تقرير الأمم المتحدة الذى استعرضه وزير التخطيط مع أنطونيو فيجلانتى الممثل المقيم للأمم المتحدة فى القاهرة :
34% من سكان مصر يعيش تحت خط الفقر منهم 68% يعيشون فى صعيد مصر
7ر16 % يعيشون بأقل من دولار واحد يوميا
10 ملايين مواطن لا يحصلون على الغذاء الكافى
52% الأمية بين الفقراء
46% الأمية بين غير الفقراء
7-9% من سكان مصر مصابون بالتهاب الكبد الوبائى سى بنسبة تزيد عن 50% فى الشرقية وقنا والأقصر
الأهرام 17مارس2005 :
27% من الشعب المصرى يعيش تحت خط الفقر بدخل يومى أقل من اثنين دولار
52% فقراء يعانون من الغلاء
أكثر من 20% بطالة
13 مليون شاب وفتاة وصلوا سن 35 سنة دون زواج
6مليون حالة زواج عرفى
20ألف حالة إثبات نسب من الزواج العرفى
59% من الشباب يؤمن بالزواج العرفى وشرعيته
18% من شباب الجامعات متزوج زواج سرى
37% منهم لايعتبرونه حرام
000ر458ر2 مليون عدد المطلقات والأرامل ( 25% من إجمالى من هم فى سن الزواج )
عجز الموازنة العامة 2005 2006 يقدر ب 70 مليار جنيه
تقرير المم المتحة 2004 يذكر مصر لأول مرة متهما إياها بانها تتاجر فى البشر فى الاعمال الشاقة والقذرة والبغاء .
أنتقل بعد ذلك إلى الشق السياسى من مرحلة حرّفت عن عمد وبإصرار حقائق موثقة ومنشورة ولعل أهم ما أريد تشويه صورة الثورة وأعنى مسألة الحرب بمعنى مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض المحتلة ، وليس الحرب للحرب ، وكذلك السلام بمعنى الاتصال بالعدو الصهيونى لتغطية عملية استسلامية ما كان أحد منا أبدا حتى يفكر فيها على سبيل المناورة أو بما يسمى بالعمل السياسى أو خيار السلام كما يقولون زورا يريدون أن يحشر فى دماغ المتلقى ما يفيد أن السادات حقق ما كنا نسعى إلى تحقيقه !
وهذه هى الحقائق التى تدحض هذه الخرافات ، لمن لا يعرف الحقائق :
لقد قلت فى عيد العمال ـ أول مايو سنة 1969 " . . . ويجب أن تعلم الدنيا كلها أنهم إذا لم ينسحبوا فإننا سوف نقاتلهم إلى آخر رجل عندهم و إلى آخر رجل عندنا .
لن نقبل بهذا الأمر الواقع . . لن نقبل بهذا الأمر الواقع ، ولن نسكت أيها الاخوة ، ولن نلين ، فإما انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة وإما القتال المستمر . . ليس فى هذا الموضوع سياسة ، ولا يمكن أن نتكلم فى الموضوع كلام سياسى فيه مداورة . . إنه موضوع أرض . . موضوع وطن . . موضوع شرف . . موضوع حياة . . ليست أرضنا وحدها ولكنها الأرض العربية . . وليس وطننا وحده ولكنه الوطن العربى الكبير ، وشرفنا ، وحياتنا جزء لا يتجزأ من حياة أمتنا العربية . . .
أقول من هذا المكان أن أوان للأمة العربية كلها أن تحشد قواها . . الكلام مافيهش فائدة . . الخطب لن تحارب . . نريد أن نحشد الأمة العربية كلها لتكون هناك جبهة شرقية من جميع الدول العربية فى الشرق ، وجبهة غربية من جميع الدول العربية الموجودة فى الغرب . . . .
الأمة لم تحشد قواها ، ولا نصف قواها ، ولا ربع قواها حتى الآن
. . ولقد أرادوا لنا أن نخرج وحدنا من المعركة ، أراد العدو وأراد أصدقاء العدو أن نخرج وحدنا من المعركة ، وقالوا أننا إذا حصرنا المشكلة فى مشكلة بين مصر وإسرائيل ، فإن إسرائيل على استعداد للانسحاب من سيناء وبهذا نخرج من المشكلة وليس لنا دخل بما يحدث فى الأردن أو ما يحدث فى سوريا أيها اخوة لقد عرض علينا هذا الكلام فى العام الماضى ، وتكلمت معنا أمريكا فى هذا الموضوع أن تكون المشكلة مشكلة مصرية إسرائيلية . . مشكلة أردنية إسرائيلية ، ولكننا نفهم أن معنى هذا الكلام أننا إذا خرجنا وحدنا من المعركة ، وإذا وصلنا إلى حل من أجل أرضنا المحتلة فى سيناء فإن معنى هذا أيها الاخوة أننا نضحى بالضفة الغربية . . نضحى بالقدس ، ونحن قد عاهدنا أنفسنا وعاهدنا الله أننا لن نضحى بالضفة الغربية ، ولن نضحى بالقدس ، ولكننا نريد أن ننهى آثار العدوان من كل الأراضى العربية المحتلة سواء كانت فى مصر فى سيناء أو فى الأردن فى الضفة الغربية أو فى القدس أو فى سوريا فى الجولان .
وقلت فى الجلسة الافتتاحية للدورة 13 للمؤتمر القومى للاتحاد الاشتراكى العربى يوم 23يوليو1969
" . . . فيه ناس بيقولوا إن إحنا ليه ما بنصلّحشى علاقتنا مع أمريكا . . ما بنحسنشى علاقتنا الدبلوماسية مع أمريكا . . ما بنعيدشى علاقاتنا مع أمريكا . . فيه ناس هنا ، وأنا عارف . . مين هما ، وعارف بعض الناس اللى اتكلموا ويمكن ده هو اللى مزعّل الأمريكان ومخلّيهم يعنى واخدين هذا الموقف . . الحقيقة إحنا عندنا مثل فى هذا . . الملك حسين عنده علاقات سياسية مع أمريكا ، وراح زار أمريكا وقابل رؤساء أمريكا ثلاث مرات ، واتكلم معاهم . . عملوا له إيه ؟ ! عملوا إيه للأردن ؟ والضفة الغربية كلها محتلة ! بالعكس مافيش أى حاجة .
إذن العملية ماهيّاش علاقات سياسية . . العملية ماهياش وجود سفير . . العملية ماهياش زيارة أو استقبال وأحاديث . . أبدا . . العملية أن هناك سياسة أمريكية مخططة لتأييد إسرائيل وتحقيق مطالب إسرائيل فى التوسع على حساب الأمة العربية . وبأقول ثانى دليل على هذا أن أمريكا بتدّى إسرائيل الأسلحة ، وأنها تعهدت لها بأنها تدّيها طيارات فانتوم رغم أنه عرف أن إحنا فقدنا طياراتنا فى الحرب وان القوات الإسرائيلية الجوية كانت محتفظة بطياراتها .
بعد كدة تنكلم على موقف بريطانيا . . لا نستطيع الحقيقة إن إحنا نقول على موقف بريطانيا غير أنه الموقف المراوغ . . مراوغ سياسيا ودعائيا . الحقيقة لازم نتكلم بوضوح ، لازم نعرف المواقف بصراحة . . أمريكا بتستخدم بريطانيا فى العمل . أمريكا وبريطانيا يد واحدة من أجل مصلحة إسرائيل . . . .
الحقيقة نحن ننتهز هذه الفرصة لنوجه الشكر إلى الشعب الفرنسى لتصميمه على أن يسير فى طريق المبادىء . وقلت فى المدينة الرياضية بالخرطوم يوم 28مايو1970 بمناسبة احتفالات السودان بالعيد الأول لثورة مايو 1969 :
" . . . أيها الاخوة ما هو موقفنا اليوم . . سنحاول بكل وسيلة من الوسائل أن نستخلص حقنا . . نعمل سياسيا ، ولكن حينما نعمل سياسيا نعمل بشرطين أساسيين : الشرط الأول هو ضرورة انسحاب قوات العدو من كل الأراضى المحتلة بعد يونيو 1967 وليس من سيناء وحدها . .
وأنا آخر مرة التقيت معكم هنا فى يناير الماضى فى عيد استقلال السودان قلت إن إحنا نطالب بانسحاب إسرائيل من القدس قبل سيناء ومن المرتفعات السورية ومرتفعات الجولان قبل سيناء ومن غزة قبل سيناء ومن الضفة الغربية للأردن قبل سيناء ومن كل شبر من الأرض العربية استولت عليه قوى المؤامرة الكبرى التى وجهت عواصفها المجنونة ضد أمتنا يوم 5يونيو1967 والشرط الثانى وهذا أيضا يدخل ضمن قرار مجلس الأمن : هو ضرورة حل قضية شعب فلسطين ورد كل الحقوق المشروعة لشعب فلسطين الآن وليس كما كان يطالب باعتباره شعبا من اللاجئين .
. . . . إن النضال يجب أن يكون على جميع الجبهات بغير تحفظ ، هكذا يجب على كل الثوار الحقيقيين الذين يعرفون النضال فى صمود وكفاح من اجل المبدأ والعقيدة . لا يجب أن تنسوا الحقيقة العظمى وهى أن كل شىء يتحرك بإرادتنا الحرة التى تعتبر من إرادة الله . كل شىء يتقرر بمقدرتنا الذاتية التى هى على مستوى أقوالنا فى ميدان القتال فى معركة تحقيق النصر. "
وقلت فى احتفالات ليبيا بجلاء القوات الأمريكية عن قاعدة عقبة بن نافع ـ طرابلس ـ 22يونيو1970
" أيها الاخوة إن الجمهورية العربية المتحدة فى سنة 1967 كانت ميزانيتها للقوات المسلحة 167 مليون جنيه ، وهذا العام ميزانية القوات المسلحة فى الجمهورية العربية المتحدة 550 مليون جنيه , لقد قبل اخوتكم فى الجمهورية العربية المتحدة أن يتقبلوا كل هذا ، وأن يدفعوا كل هذا من أجل المعركة . . معركة الأمة العربية . . لقد قالوا أنهم على استعدادا .
قالت أمريكا أن إسرائيل على استعداد أن تجلو عن سيناء وكل الأرض المصرية على أن نتجاهل كلية القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان فقلنا لهم إن الانسحاب من القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان يجب أن يكون قبل الانسحاب من سيناء لأن هذه المعركة هى معركة قومية عربية .
إننى سأترككم غدا وأنا أشعر بقوة جديدة ودم جديد وأشعر أن الأمة العربية فيكم ، وقد عبرت عن ثورتها ، وعبرت عن عزيمتها ، وقد عبرت عن تصميمها . . أترككم وأنا أشعر أن أخى معمر القذافى هو الأمين على القومية العربية وعلى الثورة الليبية وعلى الوحدة العربية ".
وقلت بالمدينة الرياضية ببنى غازى ـ ليبيا ـ يوم 25يونيو1970 " . . . وأقول أيضا أنه فيما قبل اليوم عرضت اتفاقيات عن الجلاء من الأراضى العربية المحتلة ما عدا الجولان . . أقول باسم مصر أن الجولان قبل سيناء . . وأنا حينما أقول هذا لا أعبر عن نفسى ، وإنما أعبر عن اخوتكم فى مصر . . عن الشعب المصرى الذى آمن بالوحدة العربية ، والذى نادى بالقومية العربية ، والذى قاد القومية العربية ، والذى حمى القومية العربية فى أى مكان تعرضت فيه للعدوان .
أقول لكم هذا ، إن شعبكم فى مصر لا يرضى أبدا بأى مساومة فى الانسحاب . . إن سوريا قبل مصر . . إن الجولان قبل سيناء . . إننا أعلناها ونقولها مرة أخرى إننا إذا كنا نريد الانسحاب من سيناء كنا اتفقنا مع أمريكا منذ سنتين ، ولكننا رفضنا وقلنا أن الانسحاب من سيناء ليس هو هدفنا ، ولكن القدس والضفة الغربية والجولان قبل سيناء " .
وقلت فى الجلسة الختامية للمؤتمر القومى للاتحاد الاشتراكى العربى يوم 26يوليو1970 . قاعة الاحتفالات الكبرى جامعة القاهرة :
" . . . نحن نريد السلام ولكن السلام بعيد . ونحن لا نريد الحرب ولكن الحرب من حولنا ، وسوف نخوض المخاطر مهما كانت دفاعا عن الحق والعدل . حق وعدل لا سبيل لتحقيقهما غير طرد قوى العدوان من كل شبر من الأرض العربية المحتلة سنة 1967 . . من القدس . . من القدس . . من الجولان . . من الضفة الغربية . . من غزة . . من سيناء . حق وعدل لا سبيل لتحقيقهما غير استعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه الشرعية وخروجه من خيام اللاجئين ليدخل مدن وقراه ومزارعه وبيوته مرة أخرى إلى قلب الحياة بعد أن أرغمته الظروف أن يبقى أكثر من عشرين سنة على هامش الحياة .
ذلك هو الهدف والطريق انتصار السلام ، وسلام الانتصار . . هذه هى رسالة هذا المؤتمر ، وهذه هى قضية شعبنا ، وقضية أمتنا العربية . . .
لن نتنازل عن أرض بأى شكل من الأشكال . . أنا لا أستطيع ، وليس من حقى ، ولا يمكن أن أتنازل عن أى قطعة من الأرض العربية سواء فى مصر أو فى الأردن أو فى سوريا " .
يا سامى . . انشر للناس محضر اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى يوم 18يوليو1970 حتى تتضح الأمور :
( استأذن فى نشر موجز المحضر )
ملخص لمحضر اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى المنعقدة بقاعة الاجتماعات فى قصر القبة سعت 1930 يوم 18يوليو 1970 الحاضرون :
الرئيس جمال عبد الناصر
السيد أنور السادات
السيد حسين الشافعى
على صبرى
الدكتور محمود فوزى
السيد كمال رمزى استينو
السيد عبد المحسن أبو النور
الدكتور محمد لبيب شقير
السيد ضياء الدين داود
وقد حضر هذا الاجتماع من غير أعضاء اللجنة التنفيذية العليا كل من السيدين شعراوى جمعة وزير الداخلية وأمين التنظيم وسعد زايد وزير الإسكان والمشرف على الإدارة العامة للاتحاد الاشتراكى .
الرئيس جمال عبد الناصر :
السوفيت وافقوا على 95% من طلباتنا من الطائرات والصواريخ من أنواع جديدة والطائرات الهيليكوبتر وسيارات النقل الثقيلة على أن نسدد ثمن بعضها مثل سيارات النقل بالعملة الصعبة . . أما باقى الأنواع فسيسدد ثمنها كالمعتاد بالأسلوب المريح بفترة سماح خمس سنين وعلى عشرين سنة بفائدة 2% زى ما انتوا عارفين .
وتمكنت من الحصول على موافقتهم الجزئية على اشتراك الطيارين الروس مع طيارينا المصريين فى الطلعات الجوية . كذلك بالنسبة للصواريخ ارض/جو وافقوا أيضا قبل ما أسافر بيوم واحد فقط ودى حاتتحرك مع مجموعات صواريخنا فى منطقة القناة ولو أنهم كانوا غير مرتاحين فى أول الأمر كثيرا لهذا الموضوع وده كان واضح من الجلسة الأولى للمباحثات ..
ووافقوا أيضا على إرسال معدات وأجهزة الكترونية حديثة للغاية تخص التشويش على رادارات اليهود الأرضية أو الموجودة فى طائرات الفانتوم . . وسيصل فى خلال أيام قليلة مجموعة من العلماء السوفيت لدراسة الجوانب العلمية الناتجة عن استخدام الأجهزة الجديدة على الطبيعة . . . هذا الكلام يعنى أنهم وافقوا تقريبا على 95% من طلباتنا وأكثرها حايصلنا السنة دى 1970 . إحنا كدة فى تعاملنا مع الروس وأنا عارفهم بيحبوا يتحركوا ببطء ويقدمون المطلوب قطعة قطعة حتى يوكلّوها للأمريكان بالتدريج دون أن يشعروا ودون أن يتفجر الموقف . . ده بالنسبة للناحية العسكرية .
أما بالنسبة للناحية السياسية فأنا تحدثت معهم بكل صراحة وقلت لهم أنه من الأفضل سياسيا أن نوافق على المبادأة الأمريكية مبادرة روجرز ، الآن لأنها فى الحقيقة لا تتضمن شروطا جديدة كما أننا وأنتم معنا نتعرض فى الوقت الحاضر لضغط دولى كبير مبنى على أننا ناس عايزين الحرب فقط وأن اليهود عايزين الحل السلمى . . ولذلك فإننا عندما نوافق على المبادأة فكأننا نرد على كل هذه الحملة المخططة بالإضافة إلى أن نص إيقاف القتال لمدة ثلاثة شهور فقط يعنى إلغاء قرار إيقاف القتال بتاع1967 الذى ينص على إيقاف النيران إلى ما لا نهاية . .
وبالتالى بعد ثلاثة شهور يصبح استئناف القتال عملية مشروعة .
كذلك فترة إيقاف إطلاق النار ستساعدنا على بناء المواقع الجديدة للصواريخ اللى بنحاول من شهر ديسمبر الماضى 1969 ان نبنيها تحت وطأة الغارات الجوية المستمرة دون جدوى مما جعل صواريخنا فى المناطق المتقدمة موجودة تقريبا فى العراء وليست داخل دشم أسمنت لتحميها من الغارات الجوية . والحقيقة أنا لما عرضت المشروع على الروس فى أول جلسة اعترضوا وقالوا . . . ليه إنتم توافقوا على مشروع أمريكى بينما احنا سبق أن قدمنا لكم مشروع سلام ولم توافقوا عليه ؟
ثم قالوا أيضا أن هذا معناه ان العالم كله حايقول إن أمريكا هى إللى بتعمل من أجل السلام وبالتالى إحنا بندى أمريكا بهذه الموافقة مكانة دولية كبيرة . . بعد هذا الكلام دار حوار طويل بينى وبينهم وانتهى بأنى قلت لهم : إن الأمر الواقع فى الوقت الحاضر هو إما أن نوافق أو لا نوافق . . وليس هناك حل وسط . . كما يجب ألا يغفل عن بالنا أنه إذا رفضنا المبادأة الآن نعطى أمريكا المبرر المناسب ليمدوا إسرائيل بأعداد من الطائرات والأسلحة الحديثة . . كما أنى اعتقد أن موضوع الموافقة أو عدم الموافقة سيستوى فى نهاية الأمر من الناحية العملية وإنما موافقتنا على المبادأة أمام العالم ستضيق الخناق على أمريكا وعلى إسرائيل كمان .
وبعد ساعات طويلة من المناقشات وافق الروس ولكنهم طلبوا منى أن لا أعلن موافقتى على مشروع أمريكى ولكن على مشروع للحل السلمى . . ولم أوافق على هذا الرأى وشرحت لهم ليه أنا مش موافق لأنى سأقف يوم 23يوليو أمام أعضاء المؤتمر القومى وأمام الناس جميعا لأعلن الأسباب اللى من أجلها نوافق على المبادأة الأمريكية وده يستلزم منى شرحا وافيا للموضوع بالتفصيل حتى يمكن إقناعهم .
وتحدثت مع الروس بعد ذلك عن الحملة الأمريكية الموجهة ضدنا والتى تزداد يوما بعد يوم . . نيكسون وبعده روجرز وبعده كيسينجر وبعده سيسكو وبعده فولبرايت وبعده مانسفيلد . . ثم التصريحات اليومية من إسرائيل بأنهم فى خطر حقيقى من التسليح الروسى فى مصر . . الخ ، كل الحاجات دى تحتاج لتحرك سياسى عاجل من جانبنا لمواجهته .
المسئول عن رعاية المصالح الأمريكية فى القاهرة بيرجيس طلب مقابلتى ليلة سفرى إلى موسكو يوم 28 يونيو لإبلاغى برسالة وردت من واشنطن ولكننى لم أقابله فاجتمع مع محمود رياض وزير الخارجية وأبلغه أن الوقت الآن مناسب جدا للبحث عن حل سلمى حقيقى ، وأن أمريكا هى الدولة الوحيدة اللى يمكنها أن تمارس ضغطا على إسرائيل ويرجو منا أن نترك لهم حرية اختيار الأسلوب المناسب . .
كما قال أنه إذا ضاعت الفرصة المرة دى فستكون هناك مضاعفات على علاقاتهم بالمنطقة كلها . . وكذلك على علاقاتهم مع الاتحاد السوفيتى . . ثم أضاف أن خططهم لا تستبعد سوريا إذ يكفى أن تعلن سوريا قبولها لقرار مجلس الأمن وعندئذ يمكن إدخالها فى موضوع التسوية ، أما عن ما تثيره دائما بشأن حقوق الفلسطينيين فليس صعبا الوصول لمشروع ما يدخل الفلسطينيين فى إجراءات الحل بأى شكل .
أما عن موضوع الانسحاب من الأراضى المحتلة فان رأى الولايات المتحدة فى هذا الموضوع يستند أساسا إلى مبدأ عدم اكتساب أراض عن طريق الحرب كما نص بذلك قرار مجلس الأمن ولهذا يبحثون مع إسرائيل عن صيغة مناسبة لتحقيق هذا المبدأ بشكل ما مع عدم استبعاد إسرائيل عن تسوية الأوضاع فى غزة والقدس وقد سبق أن اقترحوا بشأن القدس أن تظل غير مقسمة على أن يكون لكل من إسرائيل والأردن نصيب فى إدارتها . . أما بالنسبة للضفة الغربية فإنهم يرون إجراء تعديلات طفيفة على حدودها .
وعلى ضوء كل هذه المعلومات أنا شايف أن أقف أمام الناس يوم 23يوليو أحلل لهم وللعرب جميعا الموقف السياسى بالكامل . . موضحا لهم أن قرار مجلس الأمن الذى وافقنا عليه سنة1967 يطلب الأمريكان النهاردة تنفيذه وأن الأمريكان يعلنون عدم موافقتهم على اغتصاب الأراضى عن طريق الحرب والعدوان وأن المبادأة لا تتضمن اقتراحات جديدة عن قرار مجلس الأمن الذى ينص على إقامة سلام عادل ودائم . . ثم أشير فى خطابى إلى أن ميثاقنا ينص أيضا على إ قامة سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط .
لهذا اقترح الموافقة على المبادأة مع عدم إغفال حقوق الشعب الفلسطينى بشرط أن يتضمن تطبيق المبادأة ما يلى :
انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضى التى احتلتها فى الصراع الأخير . إنهاء كل دعاوى وحالات الحرب مع الاعتراف بسيادة كل دولة فى المنطقة ووحدة أراضيها واستقلالها .
الدكتور محمود فوزى :
أنا شايف إن المشروع مقدم فى شكل دعاية وليس بشكل موضوعى . . أما عن إيقاف إطلاق النار فلماذا نخاف من الموافقة عليه طالما أننا سنستغله لصالحنا .
الرئيس جمال عبد الناصر :
موضوع إيقاف إطلاق النار عايز مراقبين وده يستدعى وجود مراقبين ، مافيش مانع . . ولكن بعد أن تكون صواريخنا تحركت للأمام .
الدكتور محمود فوزى :
فى هذه الحالة سيادة الرئيس حايكون دفاعنا الجوى وصل إلى شاطىء القناة وبالتالى فى اليوم اللى يتوفر فيه لدينا العدد الكافى من الصواريخ والقدر الكافى من الأفراد المدربين عليها يصبح عبور القناة أمر ممكن .
الرئيس جمال عبد الناصر :
إحنا حايصلنا خلال فترة المبادأة وبالذات خلال شهر أغسطس اللى جاى صواريخ " سام 3 " الجديدة بمعداتها الكاملة . . ومعها أيضا الأطقم التى تم تدريبها فى الاتحاد السوفيتى .
الدكتور محمود فوزى :
إذن فمن الناحية العسكرية سنستفيد ونزيد من قدراتنا 000 نقطة أخرى سيادة الرئيس أود أن ألفت النظر إليها وهى أنه يجب أن لا يفهم من كلامنا اللى حانعلنه عن المبادأة أننا نوافق ونقول نعم . . وفى الوقت نفسه نقول : لا ! مثل هذا الأسلوب من الكلام يستغله هؤلاء الذين يرغبون فى أننا نرفض المبادأة ولاسيما أن هناك شعورا دوليا وفى أمريكا بوجه خاص أن الرئيس عبد الناصر ضد المبادأة الأمريكية .
الرئيس جمال عبد الناصر :
فى الحقيقة أنا شايف إن المشروع رموه أصلا فى المنطقة لكسب دعائى . . ولكننا سنفاجئهم ونوافق عليه . . وحا أوضح للناس وللعرب ليه إحنا وافقنا عليه . . خاصة أن هناك دول عربية حاتقول عنه : حلول تصفوية وحلول استسلامية . .
وأنا فى رأيى إن كل هذا الكلام لن يوصلنا لأى نتيجة وإنما اللى حيرغمهم على حل إيجابى هو موضوع آخر وهو مدى اشتراك الروس مع قواتنا العسكرية فى مصر . . أى أن احتمال الوصول إلى حل سلمى عادل يتناسب دائما مع قدراتنا على إقحام الروس بالجبهة المصرية على مدى THEIR COMMITMENTS" " والآن أصبح الروس موجودين معانا وأصبحت صواريخهم مع صواريخنا وطيارينهم مع طياريننا . . وطبعا الروس مش حايقبلوا عسكريا أن يهزموا . .
لهذا أنا بأشوف إن نجاحنا فى إشراك الجنود السوفيت معانا يعتبر أكبر من أى عملية ردع عسكرية لأن الأمريكان يخافون جدا من الوجود الروسى فى المنطقة بهذا الشكل ولهذا السبب فقط سيضطرون أن يفكروا جديا فى إيجاد حل سلمى صحيح دون أن يقدموا لإسرائيل تنازلات أو مكاسب رئيسية.
السيد عبد المحسن أبو النور:
فيه فعلا مزايا دولية كثيرة عند الموافقة على المبادأة ولكننى أعتقد انه بتواجهنا صعوبات كثيرة على المستوى العربى وعلى المستوى الداخلى .
الرئيس جمال عبد الناصر :
يجب أن لا ننسى أن فترة الثلاثة شهور اللى حايقف خلالها القتال ستساعدنا كثيرا على السيطرة العسكرية على منطقة القناة . . وذلك بفضل الأعداد الكبيرة من كتائب الصواريخ الجديدة مع استمرار بقاء وحدات الدفاع الجوى الروسية فى عمق البلاد ورغم أنه كان مقررا أن تعود الوحدات الروسية إلى بلادها فى آخر هذا الشهر بمجرد وصول الأطقم المصرية التى تم تدريبها هناك إلا أنى طلبت منهم إبقاء الوحدات الروسية فى مواقعها على أن تستلم الأطقم المصرية صواريخ أخرى العملى على موقفنا بأن نقبل مبادأة السلام كما سبق أن قبلنا قرار مجلس الأمن . إضافية لتتحرك بها سرا إلى ضفة القناة . . وقد وافق الروس على طلبى . ..
وحا يكون عندنا ضعف عدد الكتائب الصاروخية الموجودة وحاتفضل الوحدات الروسية معانا لمدة ستة شهور أخرى . . وحيث أنه ليس من المتوقع الوصول إلى حل خلال هذه السنة فسيمكننا أيضا تبديل موتورات الطيارات الميج بموتورات جديدة اقوى .
وفى الوقت نفسه سنوضح للعالم أننا نريد السلام . . وأن إسرائيل تريد التوسع . . وسنقدم الدليل
السيد سعد زايد :
أنا بأسأل. . الموقف حا يكون إيه لو إسرائيل ترفض المبادرة الأمريكية يا سيادة الريس ؟
الرئيس جمال عبد الناصر :
فى هذه الحالة حا يكون من السهل الضغط على أمريكا سياسيا . . وأعتقد حينئذ أنه يمكن تحريك الدول العربية المنتجة للبترول لممارسة هذا الضغط . . وأذكر جيدا تصريح أخير لموسى ديان عندما قال : " أنا مستعد أن أقوم بأى عمل عسكرى ضد الدول العربية إلا فى حالتين فقط . . الأولى وجود قوات روسية فى مصر . . والثانية فى حال ضغط أمريكى حقيقى علينا "
السيد على صبرى :
أخشى يا سيادة الرئيس أن يتسلل للناس فى مصر بعد الموافقة على المبادأة شعور داخلى بالتقاعس عن المعركة . . وهنا يبرز دور الإعلام وعليه فلابد من مراجعة دقيقة لأسلوب النشر الداخلى وخاصة عن المبادأة .
الرئيس جمال عبد الناصر :
أولا سأوضح للناس أنه ليس هناك حل جديد . . وليس هناك مبادرة سلام وإنما المقدم إلينا هو مشروع إجراءات . . كما سأوضح لهم أنه إذا رفضناه سنواجه بمساعدات عسكرية ضخمة لإسرائيل . . عامة موافقتنا على المبادأة ستكون مفاجأة إعلامية كبرى . . وسيظهر فى جريدة الأهرام تحليل تفصيلى عن تحركنا السياسى موضحا أن المشروع المقدم ليس فيه جديد . ومن رأيى أيضا بشأن النشر فى الصحف أنه ليس من المناسب نشر تفاصيل ما حصلنا عليه من الاتحاد السوفيتى، ويكفى أن نوضح بشكل عام أن كل ما طلبناه قد حصلنا عليه . . علما بأن هناك حداشر سفينة سوفيتية ستصلنا الشهر المقبل محملة بالجنود المصريين المدربين على الصواريخ الجديدة ومعهم كافة الصواريخ ومعداتها وقد طلب الروس إنزالهم من السفن أثناء الليل ولكنى أعتقد أنه من الأنسب لنا أن يتم إنزالهم أثناء النهار بحيث يراهم الناس.
الدكتور لبيب شقير :
ماذا سيكون الموقف بالنسبة للفلسطينيين يا سيادة الريس ؟
الرئيس جمال عبد الناصر :
قبولنا لهذا المشروع لا يعنى إطلاقا أية تنازلات عن الأرض المحتلة أو أى مساس بحقوق شعب فلسطين بحيث لا يكون هناك أى تراجع عن موقفنا ومبادئنا السابقة . . وكل ما هناك أنه طالما توجد محاولة للسلام فنحن مسالمون وانتهى الاجتماع سعت 2130 يوم 18يوليو1970
يا سامى عايزك تجيب محضر اللجنة المركزية يوم 22 يوليو1970 . . الجزء السرى وانشره حتى يعرف الشباب كيف كانت هناك ديموقراطية فى اتخاذ القرار وكيف كانت تناقش أدق المسائل وأكثرها حساسية مع المؤسسات السياسية الشعبية . .
( أستأذن القارىء الكريم فى قطع السياق لنشر المحضر الذى أشار غليه الرئيس جمال عبد الناصر . . )
بسم الله الرحمن الرحيم
الاتحاد الاشتراكى العربى
اللجنة المركزية
محضر الجلسة الرابعة والعشرون
اجتمعت اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، برئاسة السيد الرئيس جمـال عبد الناصر رئيس الجمهورية، وحضور السادة أعضاء اللجنة التنفيذية العليا، فى الساعة السابعة والدقيقة الأربعين من مساء الأربعاء 19 من جمادى الأولى سنة 1390 هـ ، الموافق 22 من يولية سنة1970.
وقد حضر جميع السادة الأعضاء عدا :
من السادة الأعضاء الأصليين :
1 - أحمـــد الخواجــــة
2 - أمـين حـامـد هويـدى
3 - سعـد أحمــد عيـــد
4 - عبـد السلام سليمان إسماعيل
5 - عبد العزيز أحمد عبد الرحيم
6 - د. محمـد حلمــى مـراد
7 - محيى الدين عبد الوهاب متولى
8 - نصر الدين أحمـد مصطفـى
ومن السادة الأعضاء الاحتياطيين :
1 - أبو الخير سيد أحمد عبد الحميد
2 - أحمـد فـؤاد محمـود عمر
3 - م . أمـين حلمــى كامـل
4 - د. محمـد زكـى شافعـى
5 - محمـود فهمـى النقراشـى
السيد / الرئيس :
جـدول الأعمال .. إفتتاح الجلسة .. ثم بحث المـوقف السياسى والعسكرى . الحقيقة أود أن أشكركم على البرقية التى استلمتها منكم فى موسكو ، ونرجو الله أن يوفقنا بحيث نحقق كل الأمانى . . بأقول أنا جت لى برقية من اللجنة المركزية وانا فى موسكو . . أود فى أول لقاء معكم أن أشكركم على هذه البرقية ، وأرجو الله أن يوفقنا على تحقيق الأمانى كلها . . اللى عبرتم عنها بالنسبة لبلدنا . . وبالنسبة لشعبنا . .
الحقيقـة السبب فى طلب هذا الاجتماع - أو عقد هذا الاجتماع قبل المؤتمر بيوم - هو أن نكون على بينة من كل الأمـور وكل التفصيلات لغاية الآخر. والحقيقة السبب الأساسى الذى دعانى إلى طلب عقد هـذا الاجتماع .. هـو ما عُبِّر عنه بالمبادرة الأمريكية .. وموقفنا من هذه المبادرة . هُوَّ احنا من سنة 1967 سرنا على أساس أن يكون هناك عمل سياسى .. وفى نفس الوقت نبنى قواتنا المسلحة، حتى نستطيع أن نحرر الأرض اللى فقدناها فى سنة 1967 .
وكان من الواضح لنا أن العمل السياسى مُكَمِّل - بل ضرورى ولازم - أثناء بناء القوات المسلحة. ثم حينما عرض قرار مجلس الأمن فى نوفمبر سنة 1967 .. احنا وافقنا على هذا القرار، وأنا أعلنت هذا فى اجتماع فى مجلس الأمة فى اليوم التالى، ولكنى قلت - برضه فى الآخر - إن احنا سنسير على مبدأ ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة .
واحنا كنا متوقعين من سنة 1967 ان الموضوع حَيْطَوِّل، وكان تقديرنا ان يارنج حيقعد سنة ونصف بدون رد، على أساس أن هناك قرار بوقف إطلاق النار وغير مرتبط بالانسحاب، وهذا يلائم إسرائيل .. وعلى أساس أن إسرائيل تشعر بأن عندها تفوق، وطالما عندها تفوق لماذا تترك الأراضى المحتلة؟.. وعلى أساس نوايا إسرائيل التوسعية .. وعلى أساس أعمال أمريكا فى القضاء علـى أوضاعنا .. إن لم يكن عسكرياً، فسياسياً أو اقتصادياً .
احنا النهارده فى السنة الرابعة .. كلكم بتعرفوا جميع التفصيلات اللى حصلت من سنة 1967 لغاية دلوقتِ بالنسبة للمشاريع .. بالنسبة للمشاريع الأمريكية احنا ماردِّيناش عليها، مثلاً مشـروع روجرز له بتاع سنة .. كان بتاريخ ديسمبر فى العام الماضى .
وكنا دائماً - الحقيقة - بنقول إن احنا مش عايزين ندخل فى حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأننا لا نثق فى الولايات المتحدة الأمريكية، ونعتقد أن الولايات المتحدة موقفها غير متوازن .. وغير متعادل .
لَمَّا جَهْ سيسكو أخيراً هنا .. قال إن هُمّ عايزين يتكلموا معنا مباشرة .. مش عايزين يتكلموا معنا من خلال دوبرنين .. أو من خلال الاتحاد السوفييتى ، وأنا كان ردى - له كده بكل بساطة وصراحة - ان احنا لا نستطيع أن نثق فيكم، لأن هدفكم هو الوقيعة بيننا وبين الاتحاد السوفييتى .. واحنا دولة صغيرة .. وانتم دولة كبيرة جداً، واحنا مش حنقدر عليكم بالنسبة لكل الأساليب اللى عندكم، ويمكن اللى يقدر عليكم - فى كل هذه النواحى - هو بس الاتحاد السوفييتى . الحقيقة دى كانت استراتيجيتنا السياسية، واحنا هنا عارفين هذا الخطر ، هو كان رده إن جَرَّبُونَا مرة .. وحاولوا معنا .. واحنا مخلصين فى هذه الأمور .
طبيعى هذه الزيارة فى المرحلة الجديدة اللى احنا فيها النهارده .. فيه مرحلة جديدة بنقدر نقول إننا بِنْمُرّ بها فى الشرق الأوسط، تبدأ من أول أبريل سنة 1970.. اللى هى المرحلة اللى وصل فيها الطيارين الروس، على أساس انهم يأخذوا واجب مساعدتنا فى الدفاع عن البلد ضد غارات العمق .. على أساس وصول جنود سوفييت يشتغلوا على الصواريخ .
فى يناير اللى فات أنا ذهبت لموسكو .. وبعد أن ابتدأ الضرب فى العمق .. الحقيقة طلبت منهم مساعدة .. بعد نقاش طويل هُمّ وافقوا يِدُّونا المساعدات، ولكن بنحتاج مدة طويلة علشان نتدرب عليها .
إذاً معنى هذا ان احنا ممكن نأخذ صواريخ سام 3، ولكن حنقعد 7 أو 8 أشهر بننضرب لغاية ما يتدرب أولادنا على استعمالها. وكان هناك إلحاح أيضاً على أساس ان احنا عندنا طيارات أكثر من الطيارين.. وعلى أساس ان الاتحاد السوفييتى يشترك معنا بطيارات - بعلامات مصرية - فى الدفاع عن العمق . وافق الاتحاد السوفييتى على هذا الموضوع .. هذا الموضوع - الحقيقة - من الناحية الاستراتيجية يعتبر نقطة تحول كبيرة
احنا قلنا لهم : احنا مش عايزين تحاربوا لنا، احنا اللى حنقوم بالتحرير، والعمل السوفييتى كلـه هو عمل غرب قناة السويس، على أساس ان أول أولادنا ما يتموا التدريب يأخذوا الصواريخ من الجنود السوفييت ونقوم احنا بالدفاع كله .
هنا فيه عامل جديد ظهر فى أزمة الشرق الأوسط، وأظن بتتبعكم لِماَ يُنْشَرْ .. سيتبين لكم أن هناك أبعاداً جديدة ظهرت فى الموقف. هناك أيضاً قلق فى أوروبا الغربية .. وهناك قلق فى أمريكا.. وهناك أيضاً قلـق فى إسرائيـل لسبب بسيط جداً هو أن الاتحاد السوفييتى طالما تحرك بهـذا الشكل لا يمكن إنه حيسلم أو يقبل أن يُهْزَم أمام إسرائيل .. ومساعدات أمريكا لإسرائيل، حتى ولو حصلت مواجهة مع أمريكا .
طبعاً فيه ناس حاولوا يمثلوا هذا بكوبا، ولكن فيه فرق كبير بين كوبا والعملية دى .. فى كوبا كان موجود صواريخ ذرية تهدد أمريكا، أما كل الأسلحة الموجودة عندنا عادية .. هو كل الاتفاق اللى تم مع الاتحاد السوفييتى كان على أساس عملية دفاعية، ومن هنا ظهر العامل الجديد .
النهارده رَدِّى - لَمَّا قالوا الأسلحة الروسية اللى عندنا - ان كل الاتفاق اللى تم مع الاتحاد السوفييتى على أساس عملية دفاعية .
فى مايو اللى فات انكشف موضوع الطيارين الروس، لأن طبعاً الطيارين الروس لَمَّا بيطلعوا فى الجو بيتكلموا مع بعضهم روسى، وسهل قوى عند إسرائيل انهم يسجلوا الأصوات .. ويعرفوا من اختلاف الأصوات فيه كام طيار موجودين فى مصر . وحصلت الحملة الدعائية الكبيرة اللى كانت قبل أول مايو، وعلى هذا الأساس فى أول مايو كان الخطاب اللى أنا قلته كان مُوَجَّه للتهدئة .. وماكانش فيه تهديدات، لكن كان الخطاب ان احنا مستعدين ننفذ قرار مجلس الأمن، فهل إسرائيل مستعدة تنفذ قرار مجلس الأمـن ؟ .. والرسالة كانت موجهة لمستر نيكسون، وانتم عارفين كل هذا الموضوع .
حصلت اتصالات بعد هذا الخطاب وقالوا إنهم بيدرسوا، وبعد كده بعتوا الرد اللى هو موجود اليوم .. ونشر اليوم فى جريدة الأهرام .
الحقيقة كان لازم نأخذ موقف فى المواجهة ، هل نرد على أمريكا.. أو مانردش زى الدور اللى فات ؟ كان من الواضح أنه لابد أن نرد فى هذا .. لأن العملية النهارده بتنقلب عالمياً على أساس ان احنا عايزين الحرب، بدل ما كانوا بيقولوا: إن إسرائيل هِىَّ اللى انتصرت الانتصار الكبير فى حرب الأيام الستة ..
بدل ماكانوا بيقولوا : إن الحرب اللى أنهت جميع الحروب فى سنة 1967، أخيرا
بيقولوا : إن إسرائيل مهددة .. رَمْى إسرائيل إلى البحر.. نيكسون طلع بنفسه اتكلم على ان العرب بيهددوا إسرائيل وبيرموها إلى البحر . وعلى هذا الأساس كان من الواضح أن نرد على روجرز رد موضوعى . إيه اللى جد فى جواب روجرز ؟ .. هو مقترح عدة اقتراحات :
الاقتراح الأول: هـو وقف إطلاق النار بين مصـر وإسرائيل لمـدة 3 أشهر .. بين مصر بس وإسرائيل، لأن الأردن لم تلغ وقف إطلاق النار..وسوريا لم تلغ وقف إطلاق النار.
احنا اللى أعلنّا فى مايو اللى قبل اللى فات بدء حرب الاستنـزاف .. وإنهاء وقف إطلاق النار، إلاَّ إذا كان هناك نص على الانسحاب الكلام اللى فى النقطة الثانية : تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه .
النقطة الثالثة : عودة يارنج للاتصال بالأطراف كما كان فى الماضى .. اللى هو إقـرار الأطراف بسلامة، واستقلال، ووحدة الأراضى الموجودة .
النقطة الرابعة : هى أن تعلن إسرائيل الانسحاب وفقاً لقرار مجلس الأمن من الأراضى المحتلة.
ترجمتنا احنا بتقول من الأراضى المحتلة، الكلام الانجليزى بيقـول from occupied territories يعنى بيقولوا: "من أراضٍ محتلة"، لكن المقدمة بتاعة قرار مجلس الأمـن هـى :"عـدم الموافقة على احتلال أى أرض بالقوة " .
بعد دراسة هذا الموضوع وجدنا ان موقف إسرائيل .. والتزاماتها .. وموقفها الداخلى اللى هو يمثل وحدة وطنية بين جميع الأحزاب .. والخلافات الموجودة فى داخل مجلس الوزراء الإسرائيلى.. موضوع يستحق أن نضعه فى الحسبان . فيه ست وزراء - داخل مجلس الوزراء الإسرائيلى - ضد أى كلام عن الانسحاب، اللى يمثـلوا حزب يمينى ، وحزب جاحال .. فيه أيضاً الحزب الدينى .. فيه منهـم اثنين ، أعتقد أيضاً انهم بيرفضوا أى شىء عن الانسحاب .
الحكومة الإسرائيلية نفسها حتى الآن لم تتفق على طريقة تنفيذ قرار مجلس الأمن، لأن للاتفاق على طريقة تنفيذ قرار مجلس الأمن لابد ان الحكومة تنفك، ويبقى فيه ناس فى المعارضة وناس فى الحكم .
فإذا أعلنت إسرائيل أنها توافق على الانسحاب من الأراضى المحتلة وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 242 لسنة 1967، معنى هذا أن فيه تحرك جديد من جانب إسـرائيل، لأن إسـرائيل رفضت دائماً أن تفسر قرار مجلس الأمن ، وقالت : قرار مجلس الأمن ليس إلاَّ نوع من جدول أعمال بنحطّه.. ونتفاوض مفاوضات مباشرة . حينما يقبل العرب التفاوض مفاوضات مباشرة مع إسرائيل يبقى الوضع مختلف ، المعلومات اللى عندنا انهم مايقدروش يعملوا خطة، لأن لا يمكن للحكومة انها تتفق .. ولا يمكن للأحزاب انها تتفق .
إذاً أسهل حاجة بالنسبة لإسرائيل هو رفض الاقتراحات، ولكـن كان فى رأينا ان الأمـريكان حيستنّوا .. على أساس ان احنا مش مستعدين نعمل حوار معاهم، ويعلنوا ان مصر هى اللى رفضت المقترحات .. وده أصلح لإسرائيل، ويبقى لهم مبرر قدام الرأى العام العالمى .
الحقيقـة لَمَّا بحثنا هـذه المبادرة بالنسبة لنا .. لقينا ان مافيهاش أى جديد بالنسبة لنا، فهو ، أى روجرز، يطالب بتنفيذ قـرار مجلس الأمن، وان يارنج يستأنف مهمته، ووقف إطلاق النار لمدة محددة . واحنا فى الحقيقة سبق أن وافقنا على تنفيذ قـرار مجلس الأمـن، ووافقنا على يارنج، ونرحب به على الدوام . بالنسبة لوقف إطلاق النار، قلنا: إن قرار وقف إطلاق النار مرهون بقبول إسرائيل قرار مجلس الأمن، اللى يتلخص فى الانسحاب .
أما وقف إطلاق النار لـ 3 شهور بالنسبة لإسرائيل .. ففى الحقيقة يبقى قرار صعب، لأن إسرائيل عندها قرار مجلس الأمن كان بينص على وقف إطلاق النار إلى مدى غير محدد، ده اللى إسرائيل بتطالب به النهارده . لو نوافق على وقف إطلاق النار لمدة 3 شهور وفقاً لهذا الكلام، يبقى معناه أن إعادة استئناف القتال بعد انتهاء الثلاثة شهور ليس انتهاكاً لقرار مجلس الأمن ، زى ما كانوا أيضاً بيقولوا على القرار اللى فات .
طبعاً هذا القرار علشان يُنفذ لازم نوافق عليه .. ولازم إسرائيل أيضاً توافق عليه . إذا إسرائيل وافقت .. معنى هذا أنها تتراجع فى بعض نقط معينة - وخصوصاً إعلانها للانسحاب - وهذا يعتبر مكسب سياسى لنا .. ويعتبر تحرك فى الموقف من أجل الحل السياسى، ويكون بداية تراجع لإسرائيل، لأن لغاية دلوقتِ مافيش أى تراجع .
فإسرائيل من سنة 1967 لغاية دلوقتِ .. معروف من تصريحات قادة إسرائيل .. وتصريحات الوزراء ورئيسة الوزراء انهم لا يمكن يتكلموا فى موضوع الانسحاب بأى شكل من الأشكال، ولكن هُمّ لَمَّا كانوا بيتكلموا مع يارنج كانوا لا يشيروا إلى موضوع الانسحاب، وكنا نقول له : ما رأى إسرائيل بالنسبة للانسحـاب ؟ .. يـرد ويقول انهم بيقولوا: إن إعادة وضع القوات هو تعبير إنجليزى .. حنحطّه ونطرحه حينما نجلس للتفاوض المباشر .
نيكسون لغاية امبارح بيقول إنـه مِأَخّر تزويد إسرائيل بالطيارات فى انتظار رَدِّنا ، وقال لأن إذا مارديناش عليهم .. زى ما عملنا فى روجـرز.. ليس أمامهم إلاَّ انهم يدوا إسرائيل الطيارات، وده معناه ان احنا مش عايزين حل سلمى أو سياسى، وإقامة سلام فى المنطقة، وحق كل دولة فى الحياة داخل حـدود آمنـة معترف بهـا، وقالوا: إن هناك صعوبة أن تقبل - أو تستجيب - إسرائيل لكل ما يُطلب منها. وأضاف [ روجرز ] إن المشروعات التى قُـدِّمت لا تستبعد سوريا .. وهـذا تعليق على خُطبتى فى بنغـازى، ويكفـى أن تعلـن سوريـا قبولهـا للقـرار، عندئذ يمكـن إدخـالها فى موضوع التسوية . أشار بعد هذا إلى [ ما ذكرته ] عن حقوق الفلسطينيين ، وقال: إنهم فى الواقع أقوى مما كانوا عليه فى الماضى، وقد ترون التشاور معهم فى شأن حل المشكلة، أو أن يدخل الفلسطينيون فى إجراءات الحل بأى وسيلة، وأضاف إنهم مستعدون لسماع أى رأى لهم .
وأشار إلى أنه يريد أن يغطى موضوعاً يتعلق بالمباحثات الرباعية [بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى وبريطانيا وفرنسا ] بأنه إذا قُبِلَتْ هذه المبادأة فسوف يدعم ذلك المباحثات الرباعية الجارية، وقد تصل بها إلى تحقيق الأهداف المرجـوة. وفى حالة رفض المبادأة الأمريكية، فإن ذلك قد يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر فى موقفها من المحادثات الرباعية، وذكر بأنه لا يمكن تحقيق اتفاق دون أن تمارس الولايات المتحدة ضغطاً على إسرائيل .. وهى تفعل ذلك الآن .
تحدث بعد ذلك عن رأى الولايات المتحدة فى الانسحاب .. فى أنه يستند أساساً إلى مبدأ عدم اكتساب أراضٍ عن طريق الحرب . دى أول مرة هُمّ الحقيقة بيتكلموا كلام بهذا الشكل - كما جاء فى القرار - وهم يبحثون عن صيغة تحقق تنفيذ هذا المبدأ، وقَدَّموا عدة مشاريع لحل المشكلة التى لازال يشملها التعقيد . وأضاف أنه لا يمكن استبعاد إسرائيل عن تسوية الأوضاع فى غزة والقدس، لأن موضوع السيادة عليهما لم يُحَلّ بعد، وسبق أن أعلنوا آراءهم - فى المستندات التى قَدَّموها - بأن تظل غير مقسمة - هذا فى مشروع روجرز - على أن يكون لكل من إسرائيل والأردن دور فى إدارتها، وأن يكون هناك تعديلات طفيفة . وتفسيرهم لهذه التعديلات أنها تمس النواحى الإدارية ، فمثلاً إذا كان فيه طريق .. وطلع منه حتة فى البلد دى .. أو حتة فى البلد الأخرى، يمكن يحصل تعديل، على أساس أن تكون هذه التعديلات تعديلات متبادلة .
أما سوريا، فإنهم يرون النظر فى شأنها بعد إعلان قبولها لقرار مجلس الأمن . قـرار مجلس الأمن بتاع سنة 1967 بيقول : إن مجلس الأمن وهو يعرب عن الاهتمام المستمر بالموقف الخطير فى الشرق الأوسط، ويؤكد عدم إمكانية الحصول على أراضٍ بواسطة الحرب، وضرورة العمل من أجل إقامة سلام عادل ودائم ، يمكن لكل دولة فى المنطقة أن تعيش فى ظله فى أمان، ويؤكد أيضا أن جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة قد أخذت على عاتقها .. وفقاً للمادة الثانية من الميثاق : أولاً : يؤكد أن تنفيذ مبادئ الميثاق يتطلب إيجاد سلام دائم وعادل فى الشرق الأوسط ، على أساس انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضى التى احتلتها فى الصراع الأخير (1).
ثانياً : إنهاء كل … الحرب … (2) وحدة أراضيها .. وحقها فى أن تعيش فى سلام داخل حدود معترف بها. وكمان حرية الملاحة، وتحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين، وضمان عدم انتهاك أراضـى أى دولة، ويطلب من السكرتير العام أن يعين ممثل . إذاً كل - الحقيقة - الكلام الموجود فى هذه المبادرة الأمريكية وافقنا عليه قبل كده ، ولكن كان حيبقى الموضوع موضوع مبدأ، هل سنرد على أمريكا .. أم لا نرد على أمريكا ؟ .. احنا عملنا الرد.. وردِّينا على أمريكا بالنسبة للموضوع، على أساس اننا لا نعطى فرصة بأى شكل من الأشكال للولايات المتحدة علشان تعطى سلاح لإسرائيل .
الرد أننا نقبل وقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر .. وأننا نقبل تنفيذ قرار الأمم المتحدة .. وأننا نقبل أن يارنج ييجى المنطقة ونتكلم معاه ، أو فى نيويورك يمكن مندوبنا هناك يتكلم معاه . والنقطتين الأخيرتين اللى هما الإقرار والاعتراف بحق كل دولة فى الحياة … إلى آخر هذا الموضوع .. أيضاً نقبله، وهذا موجود فى قرار مجلس الأمن، وأيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية .
إيـه رد الفعل اللى حيبقى بعد كده؟.. فى تقديرنا أن الموقف يكون صعب جداً لإسرائيل .. فى تقديرنا أن إسرائيل لا تستطيع أن تقبل وقف إطلاق النار لمدة ثلاث أشهر .. فى تقديرنا انهم كانوا مستنيين ان احنا اللى نرفض . بعدين فى تقديرنا أنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تعلن مسبقاً عن الانسحاب، وإذا أعلنت عن الانسحاب .. فستحاول أن تشوه فكرة الانسحاب .
____________________
الترجمة العربية تختلف عن الترجمة الإنجليزية .
فى تقديرنا أيضاً - يمكن بنرجع دلوقت للمشكلة من الأول، لأن هذا الكلام كله ابتدأناه سنة 1967.. ودلوقت احنا سنة 1970- هل يارنج حيقدر يصل إلى نتيجة سريعة .. ولاّ لأ؟ .. فى رأينا أن العملية ستكون فى منتهى الصعوبة . كان ردنا على وزير الخارجية الأمريكى هو :
" عزيزى السيد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، لقد تلقيت رسالتكم المؤرخة 19 يونيو، والتى أشرتم فيها إلى خطورة الوضع، وإلى أن مصلحتنا المشتركة تقضى بأن تحتفظ الولايات المتحدة وتنمّى علاقات الصداقة مع كل شعوب ودول المنطقة، وأبديتم استعدادكم للقيام بدوركم فى هذا الشأن، كما طالبتم الآخرين بضرورة التحرك معكم واغتنام هذه الفرصة .
وقد أشرتم كذلك فى رسالتكم إلى الوسيلة الأكثر فعالية للتوصل إلى تسوية، وهى أن تبدأ الأطراف العمل تحت إشراف السفير يارنج، للتوصل إلى الخطوات التفصيلية اللازمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242، الصادر فى 22 نوفمبر سنة 1967. وجدير بالذكر أننا كنا نطالب دائماً - كما كان يطالـب جميـع أصدقاؤنا، وفى مقدمتهم الاتحاد السوفييتى - بضرورة العمل على إنجاح مهمة السفير يارنج فى تنفيذ قرار مجلس الأمن، وكنا.. وكان جميع أصدقاؤنا معنا نبذل - ولازلنا نبذل - كل الجهود من أجل تحقيق ذلك، وأن خطورة الوضع فى منطقة الشرق الأوسط ترجع إلى قيام إسرائيل بعدوانها واحتلالها الأراضى العربية، وأن استمرار احتلال إسرائيل للأراضى العربية، وإصرارها على اعتداءاتها على الشعوب العربية ، أمر يدفع الموقف إلى مزيد من التدهور .
وأن انسحاب إسرائيل من كافة الأراضى العربية التى احتلتها - نتيجة لعدوانها على الدول العربية فى 5 يونيو سنة 1967 - أمر أساسى لتحقيق السلام فى المنطقة . وأن تحرير الأراضى العربية ليس فقط حق طبيعى .. بل هو واجب وطنى، وقد أكد هذا الحق ميثاق الأمم المتحدة الذى ارتبطنا به جميعاً، كما عززه قرار مجلس الأمن الذى أكد عدم شرعية ضم الأراضى عن طريق الحرب، والذى أشار كذلك إلى وجوب احترام السيادة والسلام لجميع دول المنطقة . وأن شعب الجمهورية العربية المتحدة الذى يعمل من أجل التنمية والبناء لرفع مستوى معيشته، يهمه فى الدرجة الأولى تحقيق السلام، إذ أن الحرب تعرقل خطوات البناء والتعمير .
هـذا وإننى أود أن أؤكد لكم أن الجمهورية العربية المتحدة لا يوجد لديها أى أهداف توسعية، وذلك على عكس إسرائيل التى تسعى للتوسع وضم الأراضى العربية، وقد أعلن قادتها أنهم جميعا فى حربهم من أجل التوسع، ولازالوا يعلنون حتى اليوم فى تصريحاتهم المتتالية عن نيتهم لضم الأراضى العربية لإسرائيل . كما أنه ولاشك من المهم أن يتحقق ما ذكرتموه عن رغبة الولايات المتحدة فى تنمية علاقات الصداقة مع كل شعوب ودول المنطقة، ونحن نعتقد أن ذلك يساعد على توطيد السلام فى المنطقة، وكان من الممكن أن يتحقق ذلك لو أن الولايات المتحدة الأمريكية اتبعت سياسة متوازنة تماماً .
وإننى لعلى يقين من أنكم تدركون أن استمرار تجاهلكم لحقوق شعب فلسطين - الذى شردته إسرائيل من وطنه ودياره - لا يمكن أن يساعد على إقرار السلام فى المنطقة، وإنه من الضرورى الاعتراف بحقوق شعب فلسطين العادلة المشروعة وفق قرارات الأمم المتحدة ، حتى يمكن أن يسـود السلام فى منطقة الشرق الأوسط . وعندما أصدر مجلس الأمن بالإجماع قراره فى 22 نوفمبر سنة 1967 ، أتاح للمجتمع الدولى بذلك فرصة لإحلال السلام فى المنطقة، إلاَّ أن إسرائيل رفضت هذا القرار، وحالت بذلك دون تحقيق السلام فى ذلك الحين، الأمر الذى نتج عنه استمرار الحرب حتى وقتنا هذا . ولذا فقد كان موضع اهتمامنا قولكم : ضرورة اغتنام الفرصة المتاحة الآن، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن، وهو ما كنا ننادى به منذ نوفمبر عام 1967، وكنا نأمل أن يتم إقرار السلام منذ ذلك الحين.
وإننى أود أن أؤكد لكم أننا مازلنا نؤمن بأن السلام يمكن أن يتحقق بتطبيق الحل الذى أقره مجلس الأمن فى 22 نوفمبر سنة 1967. وقد حرصنا دائماً - منذ بدأ السفير يارنج مهمته فى ديسمبر سنة 1967 - أن نوضح أهمية إعلان أطراف النـزاع - بادئ ذى بدء - قبولهم لقرار مجلس الأمن، واستعدادهم لتنفيذه بكافة بنوده .
..............."
إنتهى نقل هذا الجزء
يحى الشاعر
- يتبع -
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
You are my today's
Web guest
Thank you for your visit
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.
This web site is maintained by
ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US