![]() |
رفع أسعار السلع كان قراراً لا بد منه رغم أنه يحمل الشعب بعض التضحيات
سنوات مع عبد الناصر - سامي شرف
ـ 18 ـ
الجزء الأول - البداية الأولى
الحلقة الثامنة عشر
..............."
إنتهى نقل هذا الجزء
يحى الشاعر
- يتبع -
أما عن رفع الاسعار فيجب ان نوضح:
1 ان رفع اسعار السلع الكمالية، رغم انه اجراء اشتراكي واجب، إلا انه لا يكفي وحده لتوفير الادخار المطلوب، ذلك ان مثل هذا الاجراء وقد فعلته الدولة لا يعطي إلا نحو 5 ملايين جنيه. ومع ملاحظة أن المبالغة في رفع اثمان السلع الكمالية يعني في النهاية انصراف المستهلك عنها واتجاهه إلى استهلاك سلع اخرى، وهو ما يعمق الهوة التضخمية السابقة الذكر، أي ما يزيد من الاختلال بين العرض والطلب في سوق السلع الضرورية ونصف الضرورية.
2 ان رفع اسعار السلع الضرورية والسلع نصف الضرورية هو وحده الذي يستطيع نظرا لاتساع استهلاك هذه السلع تحقيق الهدف المقصود، وهو خفض الاستهلاك المحلي بما يعالج العجز في ميزانية النقد الاجنبي والبالغ 60 مليونا من الجنيهات. لم يكن امام الحكومة إذن إلا ان تسلك هذا السبيل، وقد سلكته وهي تعلم سلفا انه سبيل شاق، وانه يحمل الشعب بعض التضحيات. ولكن هل كان هناك إذن سبيل آخر؟ ثم هل كانت التنمية في أي بلد عملية سهلة؟ ان المزيد من التنمية يعني المزيد من التضحيات، فالتنمية تعني المزيد من الاستثمارات، وتعني بالتالي المزيد من المدخرات أي المزيد من عدم الاستهلاك. ان للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ثمنا يجب أن نتقبله من اجل مزيد من استصلاح الاراضي، ومن اجل مزيد من المصانع، ومن اجل المزيد من العدالة الاجتماعية، وهذا الثمن هو ارتفاع الاسعار.. وهو ارتفاع مؤقت حتى نتمكن من دفع التنمية إلى مرحلة أبعد، ومن تحقيق وفرة الاستهلاك، فعدم استهلاك كسرة من خبز وقطعة من سكر ومتر من قماش، تعني قهر الصحراء، واقامة المصانع، وتعني تشغيل مزيد من العمال، ثم مزيد من الخبز ومن السكر ومن القماش.
حقيقة لم يقف الأمر عند حد ارتفاع الاسعار الذي قررته الحكومة، فقد لجأ الانتهازيون إلى رفع اسعار سلع لم تقرر الحكومة رفع اسعارها.
وهنا تبرز مسؤولية المكاتب التنفيذية للاتحاد الاشتراكي، وهي مسؤولية متعددة الجوانب:
1 فعلى المكاتب التنفيذية ان توضح للشعب حقيقة الموقف الاقتصادي الذي دفع الحكومة إلى رفع الاسعار، عليها ان توضح له انه لم يكن ممكنا ان نقترض لنستهلك، وانه لم يكن ممكنا ان نستهلك كل انتاجنا ولا ندخر ما يكفي لتمويل الاستثمارات، وانه لن يكون ممكنا ان نخفض الاجور وان نسرح العمال، وان تضعف الحوافز المادية في الانتاج، وانه لم يكن كافيا ان نعتمد على الضرائب، وان ارتفاع الاسعار تضحية ضرورية لا مفر منها، وانه أقل التضخيات عبئا. وعليها ايضا ان توضح للجمهور ان ما يسمح بزيادة طبيعية وسليمة في الاجور وفي الاستهلاك، هو زيادة الانتاج ولا شيء غيره. والمكاتب التنفيذية في توضيحها كل ذلك تقف بجانب التحليل العلمي.
نماذج رائدة
خلال الفترة الوجيزة، منذ حملت المكاتب التنفيذية للمحافظات مسؤولياتها، استطاعت ان تتلمس بعض مشاكل الجماهير وتدرس اهمها، وان تجد حلولا ذاتية اقتنع بها واقبل على تنفيذها ابناء الشعب في تعاون وثيق يؤكد ثقة الجماهير بالعمل البناء، والتحامها بالقيادات المخلصة، ويثبت قدرة شعبنا على تحمل مسؤولياته كاملة.
وتلك بعض الأمثلة الرائدة التي تمت في بعض المحافظات:
1 انشاء طريق طوله 11 كيلومترا في البحيرة:
طال الأمد على ابناء الشوكة والعمرية والبرنوجي وهم ينتظرون تنفيذ مشروع الطريق الذي يربط بلادهم بالعاصمة دمنهور، وكان هذا الموضوع من أولى المسائل التي درسها المكتب التنفيذي للبحيرة، ووجد انه لا داعي للمزيد من الانتظار. وحين التقى اعضاء المكتب بالأهالي وجدوا استجابة لفكرة تنفيذ المشروع من دون حاجة الى الاعتمادات الحكومية او الاجراءات الادارية، وتعهدت كل قرية بأن تقيم الطريق على طول زمامها، وبدأ العمل على الفور.. تطوع الشباب والشيوخ والنساء والرجال كل بقدر جهده، وقدم الاهالي مستلزمات العمل في انشاء الطريق من دواب وفؤوس وجرارات، كان متوسط الذين يعملون يوميا من كل قرية حوالي 500 فرد، واحتاج العمل في تعلية الطريق وتمهيده إلى كميات كبيرة من التراب، فتقدم اصحاب الاراضي الواقعة على يمين الطريق ويساره برغبتهم في ان يؤخذ ما يلزم الطريق من تراب من اراضيهم الملاصقة. ولم يستلزم هذا العمل الكبير سوى ماكينة التمهيد “جريدر” من الجهاز التنفيذي للمحافظة، وقد وصلت يوم السبت 18 ديسمبر/كانون الاول، وتم الجزء الاول من المشروع في اسبوع، وكان الفنيون قد قدروا لانتهائه شهرا قبيل بدء العمل. ويجري تنفيذ الجزء الثاني من المشروع، وهو نقل الرمل لتغطية الطريق وتثبيته، ويتم بالتطوع والتصميم وبنفس الروح التعاونية الرائدة.
2 علف جديد للمواشي بدلا من التبن في الغربية:
يواجه الفلاحون في الغربية في شتاء كل عام ارتفاعا شديدا في اسعار التبن حت بلغ هذا العام ثمانية جنيهات لكل “حمل” وتدارس المكتب التنفيذي للاتحاد الاشتراكي بالغربية هذه المشكلة المتجددة، ووجد ان بعض المحافظات التي تشتهر بزراعة الارز استطاعت ان تحصل على تبن من عيدان الارز بدلا من تبن القمح. ولاحت فكرة “دريس” عيدان الذرة الذي تشتهر بزراعته الغربية وبعض المحافظات الاخرى في الوجهين البحري والقبلي. وبدأت التجارب الأولية في صمت مع عيدان الذرة وآلات الدريس الميكانيكية، وكانت عينات التبن الجديد ترسل تباعا الى معامل الطب البيطري والزراعة.
وعرف الأهالي بنجاح التجربة التي تبناها الاتحاد الاشتراكي، واقبلوا على استخدام عيدان الذرة والاستفادة من قشه بعد ان تعودوا أجيالا عديدة على وضعه فوق اسطح لمنازل وحولها، مما كان يسبب الحرائق والتلفيات، الى جانب خطورته في نقل آفات الذرة والزراعات المختلفة عن طريق سكنى بويضات الآفات في هذه العيدان المكدسة طوال فصل الشتاء، حتى اذا جاء الربيع فقست البويضات وزحفت إلى زرع الفلاح لتهلكه. وابلغ المكتب التنفيذي لمحافظة الغربية ان سعر “الحمل” من تبن القمح قد هبط إلى اربعة جنيهات فقط، ويعرض بكثرة في السوق بعد انتشار التبن الجديد للذرة الاكثر فائدة في مادته الغذائية الرئيسية وأقل سعرا منه.
3 حل ازمة رغيف العيش في الدقهلية:
كانت محافظة الدقهلية تعاني من سوء حالة رغيف الخبز، وكان اصحاب المخابز من ناحية اخرى يدعون الخسارة المستمرة، ويطالبون بزيادة سعر الرغيف او انقاص وزنه، ويهددون بإغلاق مخابزهم، بينما عمال المخابز يطالبون بحقوهم المهضومة من قبل قبل اصحاب المخابز. وكانت مشكلة سوء حالة الرغيف وانتاجه من اولى المشكلات التي درسها المكتب التنفيذي وصمم على ان يجد لها حلا ذاتيا. وتبين أثناء الدراسة الميدانية للمشكلة ان هناك مخبز “القصفي” لإنتاج الخبز البلدي في قسم ثاني المنصورة مغلق بحجة خسارة صاحبه، وهناك 24 عاملا يعولون 24 اسرة اصيبوا بالبطالة. كذلك وجدت هيئة المكتب ان مخبز الخواجة “بنايوتي” لإنتاج الخبز الافرنجي بقسم اول المنصورة مغلق لوفاة صاحبه، بينما عماله الاحد عشر عاطلون. وعقدت اجتماعات عدة بين هيئة المكتب التنفيذي وعمال المخبزين، وتدارسوا في الوسائل الكفيلة بإعادة تشغيل هذين المخبزين، في كفاءة تامة وبواسطة العمال أنفسهم، ومن مساهمة عمال مخبز “القصيفي” تكونت حصيلة قدرها مائة جنيه لدفع ايجار المخبز المتوقف، وشكلت لجنة من العمال أنفسهم لتدير المخبز تحت اشراف ورقابة لجنة من الاتحاد الاشتراكي. وتمت نفس التجربة مع عمال مخبز “بنايوتي” ونجحت التجربتان وبدأ انتاج الرغيف الأبيض يغمر السوق في المنصورة وحصيلة الايام الماضية القليلة بعد دفع ايجار وتكاليف أجور العمال وتأميناتهم مجزية، بقيت هناك حصة مجزية هي صافي الربح المحقق. ودفع هذا اصحاب المخابز التقليديين إلى التوقف عن الشكاوى، واضطروا الى تحسين انتاج الرغيف، وبدأ العمال في هذه المخابز يطالبون بضرورة الالتزام بمواصفات الرغيف وبرفع اجورهم. وقرر الاتحاد الاشتراكي انه اذا ما حدث تلاعب أو شكوى من صاحب أي مخبز، فله ان يتقاضى ايجارا مجزيا عن مخبزه ويترك إدارته للعمال الذين سيحققون ولا شك الربح المجزي والانتاج الجيد المطلوب. وتلقى مكتب الدقهلية توجيها من السيد الأمين العام بالاستمرار في مراقبة حالة رغيف الخبز حتى لا يعود أحد إلى التلاعب أو الغش.
4 مشكلة السمك في الاسماعيلية:
ظلت مشكلة السمك الانجاز وتوزيعه وسعره هي ام المشاكل بالنسبة لسكان الاسماعيلية طوال السنوات الثلاث الماضية، الغالبية العظمى من الصيادين يعملون لحساب تجار ومتعهدين من خارج الاسماعيلية، ينقلون الحصيلة إلى القاهرة والمناطق الاخرى ولا يبقى لأهل الاسماعيلية أنفسهم إلا القليل وبأسعار مرتفعة. ولم تنجح تجربة اقامة جمعية استهلاكية تحاول شراء السمك بأسعار الجملة وتبيعه للمستهلك بسعر معقول، بسبب استحواذ تجار الجملة والمتعهدين على كل انتاج البحر، فاضطرت الجمعية ان تغلق ابوابها.
ودرس المكتب التنفيذي للاتحاد الاشتراكي فور تشكيله هذه المشكلة المستعصية، ووجد الحل الذاتي في برنامج ينظم عملية تجارة السمك، وتتلخص فيما يلي:
أ/ استلام حصيلة السمك من الصيادين مباشرة بوساطة لجنة تمثل فيها مندوب عن الاتحاد الاشتراكي، وآخر عن المحافظة وتفتح الجمعية الاستهلاكية.
ب/ حصة التجار من هذه الكميات هي 75%، وحصة الجمعية الاستهلاكية 25%.
ج/ حددت اسعار السمك بالنسبة للتاجر والمستهلك، ووضع الاتحاد الاشتراكي قائمة بالأسعار المتفق عليها، التزم كل تاجر ان يعلقها في مكان بارز وتنفيذها، وإلا حرم من الحصول على أي كمية من السمك بعد ذلك، وحققت هذه التسعيرة الفائدة لكل الاطراف.
د/ أي تاجر من خارج الاسماعيلية عليه ان يحصل على تصريح بالكمية المقررة له والمصرح بنقلها إلى البلد المحددة في التصريح.
ه/ تقرر ان يحصل كل من يكشف عمليات تهريب للسمك من دون تصريح على نسبة من ثمن الكمية المضبوطة، وكان هذا الحافز دافعا لنشاط رجال شرطة المرور، وضبطت بالفعل في الايام الاولى من تنفيذ التجربة الجديدة كميات يراد تهريبها، وتم صرف مكافآة للمستحقين على الفوز.
نتجية لهذا هبط سعر السمك من 45 قرشاً إلى 30 قرشاً للكيلو، وتوفر في أسواق الإسماعيلية، وتحقق نوع من العدل بين تجار السمك، وأصبح المواطن في الإسماعيلية يستطيع أن يحصل على السمك بسعر معتدل بعد أن كان في غير متناول المواطن العادي. ويحتاج استمرار النجاح في هذه التجربة إلى مداومة الرقابة والتوعية والتعاون بين الجهاز السياسي والجهاز التنفيذي.
ثانياً: تنظيم طليعة الاشتراكيين (التنظيم الطليعي)
جاءت الإشارة إلى التنظيم الطليعي في ميثاق العمل الوطني الذي أعلنه الرئيس جمال عبدالناصر في 21/5/1962 عندما نص على ضرورة وجود تنظيم يكون بالنسبة للاتحاد الاشتراكي بمثابة القلب من الجسم، أي هو الذي يتولى توليد قوة الدفع في الاتحاد الاشتراكي.
وكان تفكير الرئيس جمال عبدالناصر أن يكون التنظيم الطليعي نواة لحزب سياسي عندما تحين الظروف المناسبة للأخذ بصيغة تعدد الأحزاب وقد تعرض الرئيس عبدالناصر لهذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء في اكتوبر/ تشرين الأول 1961 السابق الإشارة اليها في هذا الفصل وكانت العقبة الوحيدة التي واجهت الرئيس جمال عبدالناصر في هذه النقطة هي كيفية تشكيل حزب أثناء وجوده هو في السلطة، ومن ثم فقد بدأ في اتخاذ خطوات تنفيذية لبناء هذا التنظيم، فعقد الاجتماع الأول يوم الثلاثاء 3 سبتمبر/ أيلول 1963 في الصالون الرئيسي الخاص في منزله بمنشية البكري، وضم هذا الاجتماع كلاً من علي صبري ومحمد حسنين هيكل وعباس رضوان وأحمد فؤاد رئيس مجلس ادارة بنك مصر وسامي شرف (1).
وعرض الرئيس عبدالناصر فكرته مرتكزاً على ما ورد في الميثاق وركز على مجموعة من النقاط الأساسية تتلخص في الآتي:
1 صعوبة تكوين تنظيم سياسي من قمة السلطة أو بواسطتها، وما قد يترتب على ذلك من مشاكل من بينها محاولات تسلل العناصر الانتهازية؛ ومن هنا فقد أكد ضرورة العمل على مراعاة الطبيعة البشرية ونوعية العناصر التي تساهم في هذا العمل، وعدم مفاتحة المرشح للعضوية إلا بعد وضعه تحت الاختبار فترة كافية تسمح للقيادة السياسية بدراسة مواقفه، مع مراعاة السرية سواء في الاتصال بالكوادر، أو في الاجتماعات، أو في تداول المناقشات التي تتم بين الأعضاء.
2 وضع مجموعة من الاعتبارات التي تراعى عند الترشيح لعضوية التنظيم؛ يأتي في مقدمتها الإيمان بثورة يوليو وبقوانينها وبالنظام الاشتراكي، والقدرة على الالتزام بالسرية، وأن يكون المرشح عنصراً حركياً يستطيع أن يناقش ويقنع الجماهير، وأن يقبل النقد ويمارس النقد الذاتي،وأن تتوافر فيه الطهارة الثورية.
وانتقل الرئيس عبدالناصر بعد ذلك إلى بحث تسمية التنظيم، وقد طرحت عدة اختيارات دارت مناقشات طويلة حولها، حتى استقر الرأي في النهاية على اختيار اسم “طليعة الاشتراكيين”.
بدأت بعد ذلك المناقشات حول شعار هذا التنظيم، وتم الاتفاق على أن يكون “حرية، اشتراكية، وحدة”.
بعد ذلك انتقل المجتمعون إلى تناول طعام الغداء في قاعة صغيرة ملحقة بمكتب الرئيس.
وقد استؤنف الاجتماع بعد ذلك حيث بدأ الرئيس بإثارة بعض النقاط الجوهرية منها:
1 أن يعتبر المجتمعون في هذا اللقاء هم اللجنة العليا للتنظيم الطليعي.
2 تكليف كل من علي صبري وعباس رضوان بالبدء في ترشيح عناصر للانضمام لعضوية التنظيم، وعرضها على اللجنة العليا في الاجتماع التالي.
3 تكليف باقي الحاضرين باقتراح أسماء تطرح للمناقشة في الاجتماع التالي، مع اقتراح خطوط استراتيجية العمل التنظيمي بشكل أكثر تحديداً؛ من حيث آليات الحركة ومناهج التدريب وحجم العضوية ونوعيتها في الأشهر الستة الأولى، على أن تسلم هذه الاقتراحات إلى سامي شرف قبل موعد الاجتماع التالي بوقت كاف؛ حتى يمكن دراستها وتحديد جدول الأعمال.
وانتهى الاجتماع في حوالي الرابعة والنصف من بعد ظهر ذلك اليوم، ولم يعلم بما دار فيه سوى المشير عبدالحكيم عامر فقط.
وفي الاجتماع التالي طلب الرئيس عبدالناصر بأن نتعمق في مشاكل البلد ونناقشها وركز على ضرورة التعرف إلى مشاكل الناس، وأن نتكلم بصراحة ووضوح في جميع الموضوعات دون أن نجامل أحداً، وأن نكون مستمعين جيدين لكل شيء. ونبه الرئيس إلى ضرورة قبول الاختلاف في الآراء، وفي وجهات النظر إلى أقصى مدى. وكان الرئيس واضحاً في تأكيده على السعي للتعرف إلى الوسائل الإيجابية التي تمكننا من التوصل إلى العمل السياسي السليم؛ بحيث يكون التنظيم موصلاً جيداً بين القيادة والقاعدة، وأن يكون كل عضو به مستعداً للكفاح والنضال من أجل تحقيق الأهداف التي أعلنتها ثورة يوليو 1952.
وقال الرئيس جمال عبدالناصر ما مضمونه أنه ينبغي فوراً أن نضع سياسة تنظيمية جديدة يكون أهم ما فيها هو العمل، وأكد أنه لا يريد أن نعمل بطريقة الوزارات بل يجب أن نبتعد عن مجرد الكلام فقط.
وكما أتذكر قال: الناس شبعت كلام وعاوزين مزيداً من العمل.. الناس عاوزين يعرفوا ماذا تم بالنسبة لأهدافنا بتحقيق المجتمع الاشتراكي، وهي أهداف واسعة، والعملية ليست مرسومة في تقارير؛ فليس هناك رسم معين للعملية، واللى في ذهني أن ننطلق جماهيرياً.. هذا هو الأساس، ومن خلال المناقشة سنصل إلى الأسلوب اللي حانمشي عليه. وأوضح الرئيس أن أمامنا عمليتين رئيسيتين:
* الأولى: عملية تنشيط العمل السياسي القائم، وممارسة الشرح والتفسير.
* والثانية: عملية التنظيم السياسي الداخلي؛ أي القيام بعملية استكشاف للناس والاستفادة بهم في دعم الاتحاد الاشتراكي على المدى البعيد، وخلق اتصالات مستمرة داخل التنظيم السياسي الأكبر الاتحاد الاشتراكي ذات اتجاهين؛ أي من القمة إلى القاعدة ثم من القاعدة إلى القمة، مع ضرورة التركيز على حيوية ومصداقية وإخلاص العناصر الوسيطة والموصلة من وإلى الطرفين.. القاعدة والقمة.
تأتي بعد ذلك عملية اختيار الذين يعملون في التنظيم السياسي؛ الحركيين القياديين الذين يعتمد عليهم في الدعوة والفكر وتحمل المهام السياسية. وهنا ركز الرئيس على ضرورة أن يتم ذلك بطريقة غير روتينية؛ فلا يكون عملنا مكتبياً، ولا بد أن نتحرك لأن أصعب عملية هي تنظيم الناس والتحدث معهم والتعامل معهم، ونبه إلى أنه ينبغي ألا نلقي العيب على الناس بينما نحن الذين لم نحركهم!
ومضى الرئيس موضحاً أنه إذا لم نجمّع القوى الاشتراكية فلن توجد فعالية سياسية قوية للاتحاد الاشتراكي. ثم استطرد الرئيس قائلاً إننا نقاسي من محاولة هدم الناس بعضهم لبعض؛ فكل شخص يحاول أن يلقي اللوم على الآخر، والحقيقة أنه توجد نغمة يحاول فيها كل إنسان أن يثبت أنه ملاك دون الآخرين، وأن الآخرين مخطئون وهو الذي لا يخطىء، وذلك نوع من الأنانية موجود ونحن مسؤولون عن ذلك.
وفوراً بدأ التحرك الفعلي لبناء هياكل التنظيم الطليعي بتكوين خلايا تتمدد تدريجياً لتشمل كل القطاعات النوعية والمناطق الجغرافية على مستوى الجمهورية. واعتبرت المجموعة التي شاركت في الاجتماعين الأول والثاني مع الرئيس جمال عبدالناصر بمثابة اللجنة العليا للتنظيم.
هوامش
(1) محضر الاجتماع في أرشيف سكرتارية المعلومات بمنشية البكري
الخليج الإمارتية
22.10.2003"
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
You are my today's
زيارتكم هى رقم
Web guest
Thank you for your visit
شـــكرا لزيارتكم الكريمة
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.
This web site is maintained by
ICCT,
International Computer Consulting & Training, Germany, US