![]() |
|
شهادة سامي شرف في كتابه 'سنوات مع عبدالناصر'
المخابرات الأمريكية فشلت في شراء أو رشوة ناصر ہ صافي ما كان يتقاضاه عبدالناصر شهريا بعد الخصم 395 جنيها ہ كان رده علي قطع المعونة: علي الأمريكان أن يأخذوا معونتهم ويشربوا من البحر ہ رغم الدعم السوفيتي الكبير إلا أنهم لم يحققوا أي نفوذ في مصر ہ رئيس اتحاد المصارف السويسرية: أهلكتنا المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بحثا عن حساب سري لعبدالناصر لكننا لم نجد (الموضوع مش هو مسألة جلاء إسرائيل عن سيناء وحدها، لو كنا عايزين نسترد سيناء ممكن بتنازلات، بنقبل شروط أمريكا وشروط إسرائيل، ونتخلي عن الالتزام العربي ونترك لإسرائيل اليد الطولي في القدس والضفة الغربية وأي بلد عربي، ويحققوا حلمهم اللي اتكلموا عليه من النيل للفرات، ونتخلي عن كل التزاماتنا العربية، ونقول لهم: يعدوا في قناة السويس ويرفعوا علمهم في القناة، هيمشوا ويتركوا سيناء، الموضوع مش هو الجلاء عن سيناء لوحدها، الموضوع أكبر من كده بكتير، الموضوع نكون أو لا نكون، الموضوع هل سنبقي الدولة المستقلة التي حافظت علي استقلالها وعلي سيادتها ولم تدخل ضمن مناطق النفوذ، ولا حانتخلي عن هذا؟ احنا مجروحين، جزء من أرضنا محتل ولكن رغم هذا هل نتنازل عن كل التزاماتنا وكل المثل وكل الحقوق، ونقبل إن احنا نقعد مع إسرائيل لنتفاوض في الوصول إلي حل؟ إسرائيل بتقول كده وأمريكا بتقول كده.. المسألة مش مسألة حل أزمة الشرق الأوسط، المسألة هي نوعية الحل، شرف الحل، شرفنا ومستقبلنا ومصيرنا، ولما حاندخل معركة حاتكون هذه المعركة فاصلة). كان هذا جزءا من حديث القائد جمال عبدالناصر مع المثقفين في قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة، وذلك في 25 ابريل ..1968 وكانت حرب الاستنزاف الاختبار الرئيسي لقدرة مصر علي استعادة إرادتها إلي أن أعلنت جولدا مائير في 13 يناير 1970: أنها لا تري فرصة للسلام مادام عبدالناصر في الحكم، وبالتالي فإن سقوط عبدالناصر والنظام الذي يمثله يجب أن يسبق أي حديث عن السلم.. وكانت الاستراتيجية الأمريكية كما عبر عنها كيسنجر لا تختلف كثيرا عن التصور الإسرائيلي، فالعناصر الأربعة التي وضعتها أمريكا كانت كالتالي: 1 اسقاط جمال عبدالناصر وما يمثله. 2 انهاء الوجود السوفيتي في مصر والمنطقة. 3 عزل مصر عن أمتها العربية. 4 القضاء علي القوة العسكرية للفدائيين الفلسطينيين (المقاومة).. ونستطيع القول الآن: إن الاستراتيجية الأمريكية نجحت في تحقيق معظم عناصرها فقد رحل ناصر وتم تفكيك ما يمثله وتم إنهاء الوجود السوفيتي في المنطقة ثم انهاؤه في بلده، وتم عزل مصر عن أمتها العربية، لكن العنصر الذي كان ومايزال وسيظل يستعصي علي كل الاستراتيجيات هو العنصر المتعلق بالمقاومة الفلسطينية التي تدخل الآن مرحلة نوعية جديدة علي ضوء الحوارات بين الفصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن...
كان ذلك المدخل بمثابة طرقات استئذان قبل أن ندخل إلي مركز الوثائق والمعلومات المتنقل، والأمين علي الصلة والاتصال بين القائد وشعبه، الزعيم وأجهزته التنفيذية، إنه سامي عبدالعزيز محمد شرف الشهير ب'سامي شرف' الوزير الأسبق برئاسة الجمهورية ومدير مكتب الرئيس للمعلومات، أو تلك النافذة التي يطل منها ناصر علي العالم، والرجل صاحب شهادة لأنه صاحب أمانة ووفاء وشرف، أعطي عصارة شبابه متفانيا في خدمة بلده، وفي أوان الشيخوخة جاء ليعطينا خلاصة تجاربه ووثائقه ومعلوماته كشاهد علي عصر الكرامة العربية في كتاب بعنوان (سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر)، والذي يمثل الجزء الأول من شهادته الموثقة بالمعلومات والتواريخ والخطابات والتأشيرات التي حافظ عليها أو حفظها لنا وللقراء، مع أن الرجل معروف بذاكرته الكمبيوترية إلا أنه لم يأل جهدا في توثيق كل ما يكتب بالمصادر والمراجع، فهو رجل المعلومات الأول في النصف الثاني من القرن العشرين. كان السيد سامي شرف يتواري دائما منذ خرج من السجن حاملا صورة الرئيس الخالد منافحا في كل حملات الهجوم عن حبيب الشعب، لم يبتغ مكسبا وهو في قمة السلطة، فما بالنا بعد زوالها، فمازال سامي الشرف يعيش علي معاشه بعد أن خدم بلده قرابة عشرين عاما، وبعد رحلة في سجون السادات اختصرتها المرحومة والدته بقولها له في آخر زيارة للابن في معتقل المسجونين بقصر العيني: (يا بني القوالب نامت والانصاص قامت)!! وبرغم حرص السيد سامي طوال أكثر من عشرين عاما بعد السجن علي انكار ذاته، إلا أنه كان مطالبا بأن يïضمًٌن مذكراته الجديدة بعضا من سيرته الذاتية، وذلك ردا علي مقولة أهل الثقة وأهل الخبرة، وقد اضطر لذلك اضطرارا تحت إلحاح البعض وحسنا فعل، فلم يكن الناس يعرفون عنه سوي أنه أحد رموز ما اطلق عليه السادات مراكز القوي وطالب باعدامه بعد القبض عليه، لكن الناس طوال العقدين الماضيين عرفوا حقيقة المأساة التي وضع فيها السادات مصر من 14 مايو 1971 حتي سبتمبر 1981، ثم عرف الناس حجم الفساد الذي سدٌî عين الشمس بعدها، وهو الأمر الذي أعاد الاعتبار للصفحة النظيفة التي سجلها رجال عبدالناصر بمنتهي الشرف دون استغلال لنفوذ أو استثمار لسلطة.. فالناس الآن مثلما هي في شوق لمعرفة المزيد من وثائق ثورة يوليو وقائدها، إلا أنها في حاجة أيضا لمعرفة معادن رجاله، فلا توجد تجربة كبيرة في التاريخ يقودها صغار، والعكس صحيح أيضا. من هنا كانت الاشارة إلي السيرة الذاتية لسامي شرف ابن الدكتور عبدالعزيز شرف الحاصل علي الدكتوراه في الجراحة العامة من كلية طب ادنبرة في المملكة المتحدة ووكيل وزارة الصحة وحفيد محمد زكي صالح محافظ بني سويف والمولود في الفيلا رقم 12 شارع كومانوس بمصر الجديدة صباح يوم 21 ابريل 1929، وقد حاز سامي شرف قبل الثوة علي وسام محمد علي الكبير ووسام نجمة فلسطين ثم وسام التحرير بعد قيام الثورة، وبعد الثورة كان الرجل بمثابة الباب الشرعي الذي تدخل إليه أو تخرج منه كل الشخصيات والأحداث والمعلومات والوثائق المهمة طوال ما يقرب من عشرين عاما. وكطبيعته في التعفف والترفع لم يستغرق الجزء الذاتي في الكتاب سوي بضع صفحات محدودة، ثم دلف إلي فصله الثاني، والمعنون: (عبدالناصر الرجل والإنسان)، والذي يستهله بكلمة (يوجين جوستين) رجل المخابرات المركزية الأمريكية يقول فيها يوجين عن عبدالناصر: (إن مشكلتنا مع ناصر أنه رجل بلا رذيلة مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح، فلا نساء ولا خمر ولا مخدرات، ولا يمكن شراؤه أو رشوته أو حتي تهويشه، نحن نكرهه ككل، لكننا لا نستطيع أن نفعل تجاهه شيئا لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد). ثم يستعرض سامي شرف في هذا الفصل مجموعة من الومضات الإنسانية التي تلقي الضوء علي المعدن النادر للزعيم الراحل. ابن مين في مصر؟ وتحت هذا العنوان وثيقة الحوار الذي دار بين جمال عبدالناصر ورئيس لجنة اختبار كشف الهيئة للالتحاق بالكلية الحربية، وهو الحوار الذي تعرفه أجيال كثيرة لكن الجيل الجديد لم يعرفه بعد، ويبدأ الحوار بالشكل التالي: ![]()
اسمك إيه؟
اسمي جمال عبدالناصر حسين ![]()
أبوك بيشتغل إيه؟
موظف في مصلحة البريد.
![]() موظف كبير؟
لأ.. موظف صغير. ![]() بلدكم إيه؟
بني مر.. مديرية أسيوط ![]() يعني فلاحين؟
أيوه. ![]()
فيه حد من عيلتكم ضابط جيش؟
لأ. ![]()
أمال أنت عاوز تبقي ضابط ليه؟
علشان أبذل دمي فداء للوطن. ![]()
عندكم أملاك؟
احنا ناس كادحين. ![]()
فيه حد اتكلم علشانك (واسطة يعني)؟
أنا واسطتي ربنا. ![]()
أنت اشتركت في مظاهرات 1935؟
أيوه. ![]()
كده.. طيب اتفضل أنت.
وبعد هذا الحوار دخل جمال عبدالناصر كلية الحقوق في جامعة فؤاد الأول (القاهرة) لمدة عام وفي العام التالي تقدم للالتحاق مرة أخري للكلية الحربية. ممتلكات الزعيم الراحل:ولأن صاحب المذكرات معني بالأجيال الجديدة، ونحن معه، فقد أورد الوثيقة الخاصة بممتلكات الزعيم الخالد يوم رحيله في 28 سبتمبر .1970
![]()
المرتب الشهري 500 جنيه.
![]()
بدل التمثيل 125 جنيها.
![]()
الصافي الذي كان يتقاضاه هو مبلغ 395 جنيها وستون قرشا وسبعة مليمات (395.60.7) وذلك بعد استقطاع الخصومات من معاش وتأمين وايجار استراحة المعمورة.
![]()
![]() سيارة أوستين قديمة كان يملكها قبل قيام الثورة.
![]()
ثمانية أزواج أحذية.
![]()
ثلاث كاميرات تصوير.
![]() آلة تصوير سينمائي.
![]() عشر بدل ومجموعة من الكرافتات.
![]()
استبدل من معاشه 3500 جنيه لتجهيز زيجاتي ابنتيه.
![]()
كان في جيبه يوم رحيله مبلغ 84 جنيها.
أسرته لا تمتلك سكنا خاصا بعد تسليم بيت الدولة في منشية البكري. ![]()
وفي رواية للدكتور علي الجريتلي نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد أوردها في عموده الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، حكي الجريتلي أنه استقبل في السبعينيات رئيس اتحاد المصارف السويسري المشهورة بحساباتها السرية، وقال السويسري للجريتلي: 'لقد أهلكتنا المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بحثا وتنقيبا عن حساب سري لعبدالناصر في بنوك سويسرا فلم نجد، وكانت هذه الأجهزة لا تصدق أنه لا يملك أي حساب خاص في الخارج'.
شهادات: ومن بين عشرات الآراء والشهادات الأجنبية التي قيلت في ناصر وأوردها سامي شرف في مذكراته إلا أننا نختار جزءا من شهادة السفير الأمريكي جون بادو، يقول بادو: (إن الولايات المتحدة وجدت نفسها بعد حرب السويس حارسا للمركز الغربي العام في الشرق الأوسط، وأصبحت هي الأساس والسياسات الأوربية تابعة لها، فأيدت الأنظمة العربية المؤيدة للغرب، ولم تتردد في مقاومة الأنظمة غير الموالية لها، وكثيرا ما يذكر العرب أعمال المخابرات المركزية في سوريا ومصر وإيران كدليل واضح علي تدخل الامبريالية الأمريكية في شئونهم، واعتقدت الولايات المتحدة أن استقرارها في العالم العربي يفرض عليها مساندة الملكيات التقليدية التي يعتمد مركزها علي صفوة من الملاك والتجار أكثر منه علي الجماهير العريضة، ولو تخلت عنهم أي عن تلك الأنظمة فإنها سرعان ما تسقط، لقد استفزت كلمة (السيادة) التي فرضها ناصر الغرب كثيرا، وهذا أدي به لاتباع سياسة الانتحار، وحينما يخاطب ناصر الجماهير بوصفهم (مواطنون) فإن هذا يعني أن الرعية قد أضفي عليها حالة جديدة، هي حقهم في الاشتراك مباشرة في إدارة شئون بلادهم، وهي حالة جديدة علي المواطن المصري، فالجماهير تحمل مفتاح المستقبل، وهذا العنصر الذي فرض علي مخططي السياسة الأمريكية كان من الصعب علينا قبوله، لأن المسئول عن فرضه رجل لا نحبه اسمه جمال عبدالناصر، إن ناصر أول الرجال الجدد في المنطقة وهو يمثل الرجل العادي بصورة أكثر دقة من أولئك الزعماء القدامي الذين حل محلهم، لقد أدخل الرجل العادي في المشاركة السياسية والارتباط الوطني وعمق احساسه ببلاده، ورفع النمو السريع في التعليم مكانة الطبقة المتعلمة وخلق طبقة طلابية متبرمة ومتعطشة لمزايا المركز الاجتماعي والمكانة السياسية ولا جدال والحديث للسفير الأمريكي أن ناصر كان علي وعي كامل بخطر المعونات الأجنبية، ونجح في تحييدها، وفعل ذلك مع السوفيت ومعنا، ورغم أن سجل معونات السوفيت لمصر يوضح ويؤكد موقف التضامن سواء بالسلاح أو السد العالي وشحنات القمح، ومع ذلك لم يحقق السوفيت نجاحا أكثر من الأمريكيين حتي أنهم لم يستطيعوا الحصول علي تصريح بوجود حزب شيوعي في مصر، بل إنهم لم يستطيعوا حماية الشيوعيين المصريين في أغلب الأحيان، وأضاف السفير الأمريكي أن أكبر دليل علي عدم جدوي المعونة الاقتصادية منفردة أن الولايات المتحدة لم تتردد في قطعها عن مصر بسبب الخلافات الحادة بينهما، وقد خسرت الولايات المتحدة لأن المعونة كانت في شكل أغذية يدفع ثمنها بالعملة المحلية وتستخدم في تغطية نفقات البعثة الدبلوماسية، ولأن الغذاء شيء حيوي متصل بالاحتياجات الإنسانية الأساسية بدرجة تجعل ربط امداده بشروط وقيود يثير ردود فعل عنيفة، فقد قال جمال عبدالناصر ردا علي هذا التصرف: (إن علي الأمريكان أن يأخذوا معونتهم ويشربوا من البحر)، وكان حريصا علي ألا يكون ثمن المعونة التفريط في الاستقلال الوطني وعلي حد قول ناصر كان يخشي (أن تكسرنا أمريكا بهذه المعونة) وينهي السفير الأمريكي بقوله: (إن أهداف السياسة الأمريكية بقيت علي حالها، السيطرة علي منابع النفط، مواجهة السوفيت، دعم إسرائيل، سحب العرب إلي الغرب، وباختصار كانت الأساليب جديدة والمفاهيم قديمة وكل ما حدث هو تغليف السم بطبقة من السكر). انتهي كلام السفير الأمريكي ولا تعليق. الكتاب مليء بالوثائق والمعلومات التي تنتصر للحقيقة علي حساب الشائعات والكلام المغرض المرسل، لا انتصارا لعبدالناصر بقدر ما هي انتصار لصمود مصر ومقدرتها علي النفاذ من أي حصار ومقاومة أي تبعية ومواجهة أي عدوان تقدر مصر علي ذلك دون معونات ومساعدات تنتقص من سيادتها الوطنية، طالما كان رأسها نظاما وطنيا يحيا أفراده كمواطنين عاديين بلا امتيازات سلطوية وبلا فساد يزكم الأنوف، إن نظام ثورة يوليو كما يقول كتاب سامي شرف بلا رذائل، ربما كانت له أخطاء ككل التجارب الإنسانية، لكن تشفع له قناعاته وانحيازاته وقراراته التي ارتبطت بالأغلبية وحققت لها أغلي ما تملكه أمة وأعظم ما يمتلكه شعب وهو الكرامة. الكتاب جدير بالقراءة من الغلاف للغلاف رغم أنه يقع في 600 صفحة من القطع الكبير وهو من اصدارات دار الفرسان، ومن ثم لا يغني عرض الكتاب عن قراءته، وهي دعوة للقارئ، خاصة القارئ الشاب لأن يلتهم هذه الوجبة السياسية والإنسانية بنهم من يفتقد الاحساس بالانتماء لأمة عظيمة وبالذات في المرحلة الحالية التي تكاد تخرج فيها الأمة من التاريخ، ومن السهل علي القارئ الذكي أن يقرأ ويعقد المقارنات بين الأمس واليوم، وسوف يكتشف أن ما خلف السطور أكثر دلالة من السطور ذاتها. |
يحى الشاعر
![]()
Back to Index & proceed
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
You are my today's
Web guest
Thank you for your visit
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.
This web site is maintained by
ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US