 |
تعليق هام من السفير صلاح السعدنى
على محتويات فى كتابى
" سنوات وأبام مع عبدالناصر"
فـبـرايـر 2005
السيد
بعد قراءة تعليقاتك على شهادة سامى شرف التى صدرت فى كتاب بعنوان " سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر " أود أن أوضح لك بعض الحقائق التى لا تعرفها ، وقد لا يعرفها آخرين ، وبحكم عملى السابق كمعلم فى الكلية الحربية وأحد ضباط الأركانحرب وواحد من الذين خدموا فى هيئة العمليات الحربية كما كنت احد ضباط الاتصال بين قيادة الثورة الليبية والقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية منذ الساعات الأولى لقيام هذه الثورة ، كما أنى عملت بعد ذلك ملحقا عسكريا ثم سفيرا لبلدى فى ليبيا ، أعتقد أنه بحكم هذه الصفات يحق لى أن أقول لك يا سيد رشاد أنت مفتر ولست محايدا فى ما كتبت حتى الآن ، بل أعتقد أنك تمارس دور جنرالات المقاهى . . لماذا ؟
أولا :
عندما يكتب أى إنسان ما شاهده وعايشه فهو يكتب بما رأته عينيه ووفق الزمن الذى تمت فيه الأحداث وعندما يكتب شخص آخر نفس الحدث فقد يختلفا فى بعض التفاصيل والرؤية لكن يظل جوهر الحدث قائما . ولكون سامى شرف كان فى المطبخ الداخلى للأحداث فأنا وغيرى قد نرى أنه هو الأصح فى التعبير خصوصا أننا عايشناه منذ أكثر من خمسين عاما وهو لم يتغير ولم يتكسب ولم يستفد كغيره بل دفع ضريبة عالية جدا ، سنوات عشرة من عمره ، فى السجون لا لشىء إلا أنه قال لرئيس الدولة كلمة : لأ . .
ولم يتآمر بالقطع لسبب بسيط أن كل الأصراع كانت ملك يديه وكان غير محتاج للتآمر بل كان سيصدر أمر فينفذ على الفور . . وليس أصدق من المرحوم ممدوح سالم الذى قال فى التحقيقات :
لو أن سامى شرف كان اتصل بى و قال لى استقيل لاستقلت دون مناقشة . .
فلا داعى لأن تقول أو تلمح أو توحى بأن ما كتبه سواء عن الأستاذ هيكل أو أبناء الرئيس جمال عبد الناصر أنه غير صادق وتشكك فى ما كتب من قنابل . . قنابل إيه يارجل ! .
والحقيقة أن إنطباعى ـ ويشاركنى كثيرين ـ أنك تسعى للإيقاع بين الناس وبعضها ليس إلا ، لأنك لم تضع يدك على وقائع بذاتها تتناقض مع الحقائق التاريخية أو مع جوهر الأمور .
ثانيا :
ليس سامى شرف الشخص الذى يبحث عن دور ـ كما جاء فى رسالة مجهولة نشرتهاـ لسبب بسيط ، فهو أدّى دوره وانتهى الأمر من زمان ، وقد أدى هذا الدور بجدارة وبأمانة ونزاهة وشرف ووفاء الرجل وانتماؤه للثورة مضرب الأمثال لدى العامة والخاصة ، وهو الآن تعدى الخامسة والسبعين من عمره وحالته الصحية ليست كما ينبغى ، علاوة على أنه ـ وهو شىء مهم ـ قد استقال من منصب نائب رئيس الحزب العربى الديمقراطى الناصرى وكان قد حاز على كل أصوات الحضور فى إنتخابات الحزب . . فأين هذا من مقولة أنه يبحث عن دور .
أفبعد أن عمل إلى جوار الرئيس عبد الناصر ثمانية عشر عاما وكان بمثابة عينيه وأذنيه ولسانه وكاتم أسراره ، يبحث عن دور ؟ مع من ؟ ولماذا ؟
قل لى مثلا ما هو الدور الذى تتخيل أنت أنه يبحث عنه ؟
ثالثا :
أما ما كتبته عن النواح العسكرية فأنا لا أكتمك سرا بأن أقول لك أنت أحد ماريشالات المقاهى .
يا سيدى الفاضل أنت لا تفهم فى العسكرية كما لا أفهم أنا فى الطبيخ . والعسكرية كما نعرفها نحن وباختصار شديد هى أن الخطط توضع بناء على التوجيه الاستراتيجى والسياسى أى من القائد الأعلى للقوات المسلحة وهى فى أغلب الأحيان تكون قرارا شفويا وإذا كتب فيكون مكتوبا من ورقة واحدة تصدر عن القائد الأعلى ويحفظها القائد العام أو وزير الحربية فى خزينة مكتبه وعلى ضوء هذا التوجيه الاستراتيجى والسياسى توضع الخطط التفصيلية ويشارك فيها هيئة الأركان ومؤسسات عسكرية أخرى قد تبدأ بشكل دفاعى وتتطور حسب الأحداث والظروف المحيطة بمسرح العمليات .
ولقد تحدد الهدف والتوجيه الاستراتيجى بوضوح عقب عدوان يونيو 1967 وكان :
" العمل على تحرير الأرض العربية المحتلة "
ولتنفيذ هذا الهدف وضعت ونفذت خطط كثيرة بدءا من الصمود والتصدى ومعارك المدفعية مرورا بالمقاومة خلف خطوط العدو وعمليات تدمير وسائل العدو إلى حرب الاستنزاف حتى العبور العظيم فى اكتوبر 1973 .
وحتى مايو 1971 كان كل من الفريق الجمسى والفريق سعد الدين الشاذلى فى وضع لا يمكنهما من معرفة أكثر مما كانا يكلفا به من مهام فكان الأول نائب مدير المخابرات الحربية للاستطلاع وكان لا يحضر اجتماعات لجنة الأمن القومى بل كان يحضرها اللواء محرز مصطقى عبد الرحمن ـ أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة ، أما الثانى فكان قائدا للمظلات ثم لمنطقة البحر الأحمر ، ولم يكونا يعرفا الكثير عن النوايا وما تخططه القيادة العليا .
أما الفريق محمد صادق الذى استشهدت بكلام مرسل له نشر فى جريد الشعب فإن دوره فى مؤامرة 13 مايو يجعله غير محايد بالنسبة للفريق أول محمد فوزى .
وأخيرا أحب أن أقول لك أن كل الخطط التى وضعت أو فكر فيها بالنسبة لعبور قناة السويس كانت تعتمد بالدرجة الأولى على الوصول للمضايق عقب العبور مباشرة وليس التمسك بعشرة امتار شرق القناة ، الشىء الذى يتنافى مع العلوم العسكرية ويتعارض مع نظريات الأمن القومى ، وترتب عليه ما نحن فيه الآن من أننا لا نسيطر عسكريا على سيناء بل نأخذ موافقة العدو على تمركز بعض أفراد من حرس الحدود داخل أراضى مصرية .
أرجوك ألا تتكلم أو تكتب عن نواح عسكرية لأنها ليست مهمتك ولا اختصاصك ، وإذا نقلت وجهة نظر عسكريين فلتنقل وجهة النظر كلها ولا تنحاز لموقف بعينه يتمشى مع ما تريد ان تصل إليه .
هذا ما أردت باختصار أن أنبه له . وأنصحك نصيحة مخلصة يا أخ رشاد ، شوف لك حاجة تانية علّق عليها غير أنك تحاول أن تشوه عمل شريف وصادق يضىء الأنوار لشباب ضاع نتيجة تدخلات أمثالك لخدمة أغراض بعينها ليست خافية عنا وهى بالقطع ليس لتبيان الحقيقة أو الصالح العام .
والسلام
السفير صلاح السعدنى
فبراير 2005
............."
Back to Index & proceed
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
