Gamal Abdel Nasser ..The Story and Myth by Samy Sharaf

سـنوات وأيام مع جمال عبدالناصر

 وثائق ثورة يوليو 

وثائق جديدة تنسف أكاذيب أعداء ثورة يوليو

وضع أسس دولة جديدة تقبل بالتعددية والفصل بين السلطات

بقلم

دكتورة ‏ هدي عبد الناصر

1 - 7


http://samy-sharaf.bravehost.com//Houda-Nasser/
http://samy-sharaf.bravehost.com//Houda-Nasser/











http://samy-sharaf.bravehost.com//Houda-Nasser/

............. 

وثائق ثورة يوليو 1 -

إشراف هدى جمال عبد الناصر
  on 23-10-1389 هـ 
  وثائق ثورة يوليو - هدى عبد الناصر

وثائق جديدة تنسف أكاذيب أعداء ثورة يوليو 1 ـ 7،

وضع أسس دولة جديدة تقبل بالتعددية والفصل بين السلطات

قامت ثورة 23 يوليو 1952 لتحقيق أهداف ستة نبعت من مطالب الحركة الوطنية المصرية باتجاهاتها المختلفة منذ ثورة 1919، وهى :

1-القضاء على الاستعمار .

2-القضاء على الإقطاع .

3 - القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .

4- إقامة عدالة اجتماعية .

5-إقامة جيش وطنى قوى .

6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .

وقد كان تحقيق هذه الأهداف الستة فى واقع الأمر مرتبطاً ببعضه، وكان يعنى - فى نفس الوقت- تغييراً جذريا فى النظام السياسى الفاسد والنظام الاجتماعى الظالم الذى كان سائداً فى ذلك الوقت .

وقد تولى مجلس قيادة الثورة السلطة لفترة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام أُلغى فيها دستور 1923، وأُلغيت الأحزاب السياسية ، وأُجبر الملك فاروق على توقيع وثيقة التنازل عن العرش لابنه، ثم أُلغى النظام الملكى الذى بدأ منذ 1805 برمته، وأُعلنت الجمهورية .

وقد واجهت مجلس قيادة الثورة إشكالية فى ترتيب أهدافه وأوراقه، فبأيها يبدأ؟ فهى متداخلة، كما أن كلا منها يحتاج إلى وقت حتى تبدأ نتائج الإجراءات الثورية فى الظهور؛ ولذلك كان القرار بالمضى فى تحقيق أكثر من هدف فى نفس الوقت .

وكانت البداية بخطوة أساسية فى طريق القضاء على الإقطاع وإقامة العدالة الاجتماعية؛ فصدر قانون الإصلاح الزراعى الأول فى 9 سبتمبر 1952 بتحديد الملكية الزراعية ب200 فدان للفرد، و300 فدان للأسرة، وتم توزيع أراضى الإصلاح الزراعى على الفلاحين المعدمين .

وكذلك مضت الثورة بعمل خطة اقتصادية للإنتاج والخدمات؛ لتحقيق زيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع .

وبادرت الثورة - فى نفس الوقت - بالاتصال بالبريطانيين من أجل التفاوض حول السودان وحول الجلاء، وانتهى الأمر باستقلال السودان فى 1953، وتوقيع اتفاقية الجلاء عن مصر فى 1954 . ثم عادت بعد ذلك قوات المستعمر تحتل بورسعيد بعد تأميم قناة السويس فى 1956، وتم القضاء على الاستعمار فى مصر إلى الأبد فى 23 ديسمبر 1956 بجلاء القوات المعتدية من بورسعيد.

وقد تبع ذلك حركة لتمصير المؤسسات الاقتصادية الأجنبية؛ حتى يكون لمصر السيطرة على اقتصادها، بعد أن اتضح الدور المعادى الذى لعبته تلك المؤسسات أثناء الأزمة التى نشأت بعد تأميم قناة السويس، وقادت إلى العدوان الثلاثى على مصر. وذلك ضمن إطار هدف القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .

وقد ظل هدف الثورة السادس - وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة - مؤجلاً حتى إصدار دستور 1956 الذى كان أول دستور يستفتى عليه الشعب المصرى، وبمقتضاه كان جمال عبد الناصر هو أول رئيس جمهورية ينتخبه الشعب .

فبعد قيام الثورة بإلغاء الأحزاب السياسية، بادرت بتكوين هيئة التحرير التى كان الهدف منها هو تجميع الشعب المصرى فى جبهة واحدة خلال فترة الانتقال؛ حتى يتم القضاء على الفرقة والانقسام الذى سببته التعددية الحزبية قبل الثورة، والتى استخدمها كل من الاستعمار والقصر لإحداث تداول مصطنع فى السلطة، كان سبباً أساسياً فى تمكين الاحتلال والفساد، وفى تفشى ظاهرة اللامبالاة السياسية التى سادت بين الشعب بعد أن فقد الثقة تماماً فى القيادات السياسية فى ذلك الوقت .

وقد اعتبر إنشاء الاتحاد القومى بعد إصدار دستور 1956 خطوة أساسية فى سبيل تحقيق الديمقراطية السليمة؛ حيث اعتمد نظام العضوية فيه على الانتخابات العامة المباشرة كما حصلت المرأة - وهى نصف المجتمع - على جميع حقوقها السياسية وباشرت ذلك عملياً من خلال مجلس الشعب والتنظيم السياسى، والنقابات. إلا أنه ومع بدء التحولات الاجتماعية التى أفرزتها القوانين الاشتراكية فى 1961، وفى ظل الظروف السياسية التى مرت بها مصر فى ذلك الوقت، وأهمها تجربة الوحدة مع سوريا، عجز الاتحاد القومى عن تمثيل القوى الجديدة فى المجتمع، وتسللت إليه العناصر الرجعية والمضادة للثورة .

ومع مرحلة التحول الاشتراكى التى بدأت فى 1960 بدأ حوار قومى حول التنظيم السياسى والممارسة الديمقراطية بهدف توسيع المشاركة السياسية لجميع الفئات الشعبية، أسفر عن إعلان الرئيس جمال عبد الناصر الميثاق الوطنى فى 21 مايو 1962، وتلاه إنشاء الاتحاد الاشتراكى العربى معبراً عن تحالف قوى الشعب العامل؛ العمال والفلاحين والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية.

وفى إطار المستويات المختلفة للاتحاد الاشتراكى - المؤتمر القومى، واللجنة المركزية، واللجنة التنفيذية العليا، والأمانة العامة، والوحدات الأساسية - جرت مناقشات حية شارك فيها ممثلو الشعب فى مختلف هذه المستويات؛ لوضع أسس العمل السياسى فى مصر الذى قام على مبدأ القيادة الجماعية ، وإنشاء المجالس الشعبية المنتخبة، ودعم العمل النقابى والتعاونى، مع ضمان تمثيل العمال والفلاحين- الذين يمثلون أغلبية الشعب المصرى - بنسبة 50% داخل التنظيمات السياسية المختلفة للاتحاد الاشتراكى العربى. وقد تناولت هذه المناقشات أهم الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما ساهم ممثلو الشعب بإيجابية فى العمل السياسى على المستويات الإقليمية والمحلية.

وإن كانت تجربة الاتحاد الاشتراكى قد واجهت مصاعب وانتقادات كثيرة، إلا أنها تجربة جديرة بالدراسة والبحث، مع الأخذ فى الاعتبار القاعدة السياسية التى تعترف بالمشاكل والصعوبات التى تواجه التنظيم السياسى الذى يتم إنشائه من أعلى؛ أى برئاسة القائد السياسى وهو فى السلطة.

وفى محاولة لإتاحة الوثائق الأصلية لثورة 23 يوليو 1952 أمام الشباب الذين لم يعاصروا أحداثها، والذين تعرضوا لحملة إعلامية ضاريه هدفت إلى تشويه كل ما يتعلق بهذه الثورة وزعيمها جمال عبد الناصر، قامت «وحدة دراسات الثورة المصرية» بنشر محاضر جلسات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الفترة من 3 أكتوبر 1968 وحتى 5 أكتوبر 1970، وترجع هذه الأولوية فى الاختيار إلى عدة أسباب : أولاً : أن تلك المحاضر لم تنشر حرفياً من قبل، وبالتالى فهى إضافة هامة للباحثين فى التاريخ السياسى المعاصر لمصر، كما أنها - فى نفس الوقت - مادة هامة مشوقة للمهتمين بصفة عامة باستجلاء الحقائق فى فترة ما بعد ثورة يوليو التى دار حولها جدل صاخب، كانت عين أصحابه على المستقبل لا على الماضى.

ثانياً : أن الفترة التى تمت فيها هذه الاجتماعات فى السنتين الأخيرتين لحكم عبد الناصر، هى فترة من أخطر وأخصب فترات حكمه؛ حيث كان الصراع العربى - الإسرائيلى على أشده بعد أن شنت مصر أطول الحروب جميعاً ضد إسرائيل، وهى حرب الاستنزاف؛ من أجل استعادة الأرض العربية المحتلة، وفرض حل عادل للمشكلة الفلسطينية، وذلك بعد أن رفضت مصر السلام الإسرائيلى المبنى على القهر والعدوان.

كذلك فهى فترة - برغم تحدياتها الخارجية والداخلية - تشهد الإصرار على المضى فى خطة التنمية الاقتصادية، وإن أعطيت الأولوية للمجهود الحربى، كما حرص فيها جمال عبد الناصر على المضى فى تحقيق خطوة هامة فى سبيل المزيد من العدالة الاجتماعية بإعلانه فى 23 يوليو 1969 التحديد الأخير للملكيه الزراعية ب50 فدان للفرد، 100 فدان للأسرة، والذى نبه إليه مسبقاً فى الميثاق الوطنى فى 1962 .

وأخيراً ففى وسط كل هذه التحديات، أنجز الشعب المصرى مشروع السد العالى قبل الوقت المحدد له، كما أعلن جمال عبد الناصر فى 23 يوليو 1970. ثالثاً : أن المناقشات التى دارت فى جلسات اللجنة المركزية تعكس تصور جمال عبد الناصر بالنسبة للتنظيم السياسى، وتوسيع المشاركة السياسية، وتصحيح الممارسة الديمقراطية. وهى أيضاً مثل من الواقع الحى على مدى المشاركة السياسية من جانب الشعب بجميع طبقاته وفئاته، وتوضح النتائج الإيجابية التى تمخضت عن ذلك سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً. وهى مؤشر - فى الوقت نفسه - على التفاعل الحى بين القائد والشعب من أجل مصلحة الوطن، وهو الذى تجلى فى إقبال الشعب المصرى وتجاوبه واستعداده للتضحية إلى آخر مدى، وإثباته أنه قادر على الإنجاز السياسى والاقتصادى فى أحلك الظروف .

تكتسب محاضر اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى خلال الفترة من عام 1968 وحتى عام 1970، اهمية خاصة، من كونها جاءت فى اطار مواجهة متطلبات ازالة آثار عدوان 1967 .وكان سبقها، من جهة، اعادة بناء المؤسسة العسكرية. ثم اعادة بناء التنظيم السياسى (الاتحاد الاشتراكى) بالانتخابات، من جهة أخرى. وذلك فى اعقاب اعلان «بيان 30 مارس» الذى تضمن الخطوط الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعمل الوطنى. تجاوبا مع مطالب حركة شباب الجامعات بالتغيير وإعادة بناء الجبهة الداخلية. القارئ لتلك المحاضر بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على بدء أول اجتماعاتها فى 3 أكتوبر عام 1968 ـ يسترعي انتباهه حجم القضايا الداخلية والخارجية التى نوقشت وتداولها الحوار داخل صفوف القيادة، منذ ذلك التاريخ وحتى سبتمبر 1970، فعلى مدار عامين فقط نوقشت عدة قضايا لعبت دوراً هاماً فى تلك الفترة داخلياً وخارجياً، وهى فترة تعتبر من أخصب فترات التاريخ السياسى لثورة يوليو 1952، لقد شهدت هذه الفترة نمواً فى أطوار التنظيم السياسى فى ظل الثورة فى محاولة لتلاشى أخطاء التنظيمات السياسية الأولى ـ هيئة التحرير والاتحاد القومى ـ واستيعاب مرحلة الإعداد الوطنى لجماهير الشعب لمعركة التحرير وإزالة آثار العدوان؛ لاسترداد الأراضى العربية المغتصبة منذ يونيو 1967. وفرض حل عادل للقضية الفلسطينية ورفض السلام المبنى على القهر والعدوان. ورغم أعباء التعبئة الشاملة لكل موارد الدولة للإعداد لمعركة التحرير، ورغم اشتداد الصراع العربى الإسرائيلى وخوض مصر أطول الحروب ضد إسرائيل وهى حرب الاستنزاف، إلا أن الاقتصاد المصرى قد شهد نمواً ملحوظاً فى معدل التنمية فى كافة القطاعات الاقتصادية، حيث يتضح من تقارير اللجان المنبثقة عن اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى ـ ونصها موجود بالمحاضر ـ أن معدل الإنتاج والدخل القومى قد ازداد بمعدل 5% وهو أمر يدعونا للتساؤل.. كيف استطاع عبد الناصر بعد عدوان يونيو 1967، وبعد عام واحد من الانكسار العسكرى واحتلال الأراضى العربية، أن يرفع معدل النمو الاقتصادى للاقتصاد المصرى رغم أعباء تلك المرحلة؟ وبإلقاء نظرة سريعة على المناقشات التى تضمنتها تلك المحاضر، نجد حرصاً شديداً من أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى على تحليل وتفصيل كافة القضايا الداخلية والإقليمية والدولية بدءاً من قضايا الحراسة والتحفظ، ومروراً بقضايا الغزل والنسيج وأحداث الطلبة فى عام 1968، وقضايا المهجرين من منطقة المواجهة حول قناة السويس، ورعاية أسر المجندين، وتطوير نظام الإدارة المحلية، والتسويق التعاونى والعلاقة بين المالك والمستأجر فى مجالى الإسكان والزراعة ومشاكل الصناعة والنهوض بها، والقطاع العام، ومشروعات النقل والمواصلات والضرائب والأسعار، وعلاقة مصر بالمنظمات الدولية والإقليمية والعربية، وانتهاءً بقضية فلسطين والصراع العربى الإسرائيلى والعلاقات بين مصر وكل من الاتحاد السوفييتى والولايات المتحدة الأميركية.

اختصاصات عُقدت الجلسة الأولى للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم الأربعاء الثالث من أكتوبر سنة 1968، برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر. بدأ الرئيس جمال عبد الناصر فعاليات الاجتماع بتساؤل وجهه للأعضاء الحاضرين حول كيفية عمل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى من حيث تعريفها، ودورها ودورية انعقادها، وكيفية تكوينها من بين أعضاء المؤتمر القومى العام، ووفقاً للقرارات التنظيمية التى تصدرها اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى، والانتخابات التى تجرى كل ست سنوات، ثم تناول اختصاصات اللجنة، والتى أجملها فى مباشرة تنفيذ توصيات وقرارات المؤتمر القومى العام، ومراقبة تنفيذ البرنامج الذى أقره المؤتمر، ودراسة الموضوعات الرئيسية فى السياسية الداخلية والخارجية، ومناقشة خطة التنمية الاقتصادية، وإقرار الموضوعات التى تتعلق بتنظيمات الاتحاد الاشتراكى، ومناقشة تقارير لجان الاتحاد الاشتراكى العربى بالمحافظات المختلفة، وبحث طبيعة العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية، ثم موضوع انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى واللجان المنبثقة عنها فيقول: «هذا الاجتماع ليس له جدول أعمال، والحقيقة أنا فكرت فى هذا الموضوع، ولكن وجدت أنه لابد من طرح سؤال معين.. وهو: كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ وأيضاً فكرت فى أن أجيب عن هذا الموضوع.. وأجهز الاجابة، ولكنى آثرت أن أترك هذه الإجابة للجنة المركزية نفسها، حيث يمكن للاجتهاد أن يأخذ مجالاً أوسع. فإذاً الموضوع الأول هو كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ أو طريقة عمل اللجنة المركزية، أو كيف ستنظم اللجنة المركزية؟ كل دى تدخل تحت عنوان: كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ حنعمل بلجان.. وحنعمل بأمانات.. وحنعمل بأى وسيلة من الوسائل. يدخل أيضاً ضمن هذا الموضوع، العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية.. اللى هى الحكومة. وفى هذا طبعاً هناك شئ معروف، وهو أنه لايمكن للجنة المركزية أن تكون سلطة تنفيذية.. لايمكن لها بأى حال أن تكون سلطة تنفيذية.. هى سلطة سياسية، وهناك السلطة التنفيذية التى تتمثل فى الحكومة».

وبعد أن عرض الرئيس جمال عبد الناصر لمجمل اختصاصات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، وقبل أن يفتح باب الحوار والمناقشات بينه وبين أعضاء اللجنة المركزية حول ما سبق ذكره، أكد على أن اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى هى تمثل الجمهورية العربية المتحدة كلها، ولذلك كان يفضل أن يجلس أعضاء اللجنة وفقاً للترتيب بالحروف الأبجدية وليس بترتيب المحافظات، مستهدفاً بذلك التخلص من مفهوم «الإقليمية» ـ على حد تعبيره فى المناقشات ـ لأن مصر تتميز بعدم التعصب الإقليمى منذ قديم الأزل. وتعليقاً على ذلك قال: «الحقيقة هى اللجنة المركزية تعبير عن البلد كلها.. عن مصر كلها.. ولهذا كان من رأيى أن القعاد بيكون بالحروف الأبجدية.. مش المحافظات، وبهذا نتخلص الحقيقة من الإقليمية. واحنا بالذات بلدنا طول عمرها ماكانش فيها إقليمية، وهذه ميزة تمتاز بيها بلدنا يمكن عن كل البلاد العربية، لأن مافيهاش إقليمية، ولا تعصب إقليمى.. فباستمرار نعمل فى اللجنة المركزية، ونضع تقليد ان مافيش إقليمية».

وبدأت المناقشات والتعقيبات من قِبل الأعضاء على حديث الرئيس ودارت معظمها حول الجوانب الهيكلية والتنظيمية للجنة المركزية من خلال استعراض التنظيمات السياسية المماثلة لها فى العالم، مع التأكيد على أن عمل اللجنة سيكون عملاً سياسياً بالدرجة الأولى يستهدف دراسة القطاعات المختلفة للدولة من الناحية السياسية. كما أشار بعض الأعضاء إلى أهمية العمل من خلال الأسس التى أقرها بيان 30 مارس الذى ينص على أن تظل اللجنة المركزية ـ المنتخبة من المؤتمر القومى ـ فى حالة انعقاد دائم فى ظل الظروف السياسية الخارجية التى واجهتها البلاد آنذاك، وأن تقوم لجانها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية برسم سياسات العمل فى جميع المجالات بهدف إعادة بناء الجبهة الداخلية بعد عدوان يونيو 1967، وكذلك دعم الصمود العسكرى فى خطوط المواجهة. وعلق الرئيس على ذلك قائلاً: «إذن احنا كلجنة مركزية حنبنى نفسنا واحدة بواحدة، وحنكون وضعنا واحدة بواحدة.. وعلى قَد نتائج تصرفنا.. على قد ما حتكون قيمتنا كلجنة مركزية. دى الأساسيات الحقيقة اللى الواحد بيقولها بمنتهى الصراحة.. بعدين فيه ناس مثلاً متصورة ان اللجنة المركزية من أول جلسة حتتولى.. وانتم لازم تقولوا للناس ان ده لسه، تتولى كل السلطة فى الدولة، باعتبارها ـ زى أنا ما قلت فى المؤتمر ـ أعلى سلطة سياسية.. الحقيقة هذا الموضوع لا يمكن انه بيجى كده فى ثانية.. هذا الموضوع بيجى بالتدريج، وبالنسبة للجنة المركزية دى بالذات ـ على وجه الخصوص ـ عندها فرصة كبيرة، لأنها فى دورة انعقاد كامل.. مش بتجتمع مرتين كل سنة، كما نص على هذا القانون الأساسى للاتحاد الاشتراكى».

العمل السياسى فى الريف ثم تطرق الحوار ـ بعد مناقشة الموضوعات التنظيمية ـ لموضوع سبل تنمية العمل السياسى فى الريف على مستوى الجمهورية، على أساس أن الجبهة الداخلية هى هدف العدو، وبالتالى لابد من تحقيق معدلات تنمية بشرية وسياسية فى الريف تتواكب مع مرحلة الإعداد لمعركة التحرير. ويلاحظ على جميع مناقشات الجلسة الأولى حرص الرئيس جمال عبد الناصر على توضيح مبدأ القيادة الجماعية جنبا الى جنب مبدأ المسئولية الفردية لدفع العمل السياسى داخل تنظيمات الاتحاد الاشتراكى العربى، كخطوة أولى يتم عليها بناء جميع خطوات العمل السياسى فى تلك المرحلة. واتضح ذلك فى قوله «يجب أن يكون هناك نوع من التفاعل بين القيادة والأعضاء، مش ممكن نصل إلى تصادمات.. أنا بآخذ أقصى ما يمكن أخذه. بعد كده.. الحقيقة فيه حاجة اسمها القيادة الجماعية.. يعنى إيه القيادة الجماعية؟ مانقدرش نجيب مركب ونخلى عشرة يقودوها، ونقول دى قيادة جماعية. لأ.. فيه القيادة الجماعية.. وفيه المسئولية الفردية.. دى جنب دى. القيادة الجماعية بنقعد فى هذا الاجتماع.. ونناقش موضوع الحرب أو السلام، ثم نأخد الأصوات.. اتقال مثلا ان فيه حرب أو سلام. عند هذا الحد من ناحية المناقشات الجماعية ـ تنتهى مسئولية اللجنة المركزية، وتبدأ عملية المسئولية الفردية.. اللى هى مسئولية رئيس السلطة التنفيذية اللى حينفذ الموضوع.. مسئولية وزير الحربية الفردية.. مسئولية رئيس أركان حرب القوات المسلحة.. مسئولية قائد الجيش.. مسئولية قائد الفرقة.. مسئولية قائد اللواء، كل واحد من دول بقى عنده الحقيقة مسئولية فردية، مابقتش مسئولية جماعية».

وانتهت فعاليات الجلسة باتخاذ قرارات بتشكيل اللجنة التنظيمية لأعمال اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، ولجنة متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر القومى العام.

تعبئة سياسية وعسكرية عُقدت الجلسة الثانية للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم الأربعاء التاسع من أكتوبر سنة 1968، برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.

وبدأ الرئيس جمال عبد الناصر باستعراض جدول أعمال اللجنة، بمناقشة تقرير اللجنة الفرعية للشئون التنظيمية مع أعضاء اللجنة المركزية، خاصة ما يتعلق بالنظام الداخلى وتحديد نظام سير العمل، والعلاقة بين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى وباقى منظمات الاتحاد الاشتراكى، وقد تم استعراض كافة بنود تقرير اللجنة الفرعية للشئون التنظيمية ومواده المختلفة، مع توضيح دور اللجنة فى التعبئة العسكرية والسياسية من خلال تشكيل لجان الدفاع الشعبى والمدنى ولجان دعم العمل الفدائى الفلسطينى، ووضع خطط للتحرك السياسى فى المجال الدولى، وخطط للإعلام الخارجى بوضع دراسة تفصيلية تشترك فيها وزارة الخارجية والإرشاد القومى، مستهدفة خلق بيئة إعلامية دولية مؤيدة للحق العربى فى صراعه مع التوسع الصهيونى على حساب أراضيه مستفيدة من طبيعة العلاقات الدولية السائدة آنذاك، مع العمل على ربط المبعوثين والمغتربين فى الخارج بالوطن وتنظيم نشاطهم. كما ناقش الرئيس طبيعة العلاقة بين الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة.

كما تناولت المناقشات دور اللجنة المركزية فى مجال التعبئة الاقتصادية وفقاً لآليات محددة أهمها؛ تشكيل مجلس قومى للتخطيط يعمل على وضع خطط شاملة تعتمد على أسس اقتصاديات الحرب مع إعطاء الأولوية لاحتياجات القوات المسلحة، مع الحرص على الاستمرار فى خطط التنمية والارتفاع بمعدلاتها من خلال إقامة مشروعات تستهدف تحقيق زيادة فى الإنتاج، ورفع الكفاية الإنتاجية، وخفض للإنفاق، والحد من الاستهلاك مع وضع سياسة سعرية متكاملة تحقق أهداف ومصالح المجتمع وصالح المنتج فى آن واحد.

ثم تطرق النقاش إلى بحث دور اللجنة المركزية فى وضع برامج إعادة انتخاب المؤسسات التعاونية بمستوياتها المختلفة على مستوى المحافظات ككل، مع تفعيل دور المجلس الأعلى للتعاون، وتقويمه، وتحديد العلاقة بينه وبين الاتحاد التعاونى العام، والأخذ فى الاعتبار ضرورة تفعيل التسويق التعاونى باعتباره أحد ركائز العمل الاشتراكى، ومعالجة مشاكل الجماهير.

واحتلت قضايا الشباب نصيباً كبيراً من مناقشات الأعضاء خلال تلك الجلسة، حيث اشتمل تقرير لجنة التنظيم على عدة بنود تتضمن كيفية النهوض بالشباب ومعالجة مشاكلهم من خلال تقويم دور منظمة الشباب فى الفترة السابقة، مع وضع تخطيط يشتمل على علاج السلبيات وتدعيم الإيجابيات وتحديد وضع الشباب بالنسبة لمستويات التنظيم السياسى، مع العمل على تنسيق جهود كلٍ من اللجنة المركزية، ومنظمة : الشباب، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى فى وضع برنامج زمنى يستهدف استيعاب نشاط الشباب وتنظيماته المختلفة.

أما فيما يتعلق بدور المرأة فى العمل السياسى، والمشاكل اليومية للجماهير، ومشاكل المواطنين الموجودين فى منطقة القناة ـ خطوط المواجهة مع العدو ـ وتهجيرهم، والتعليم ومحو الأمية، والصحافة، والثقافة والأعلام فقد تناولت حوارات الأعضاء كيفية تفعيل أدوار كل منها بصورة تتلاءم ومرحلة الإعداد لمعركة التحرير وازالة آثار العدوان.

وبفتح باب المناقشة حول البنود والأهداف السابقة اختلف الأعضاء حول دور اللجنة المركزية فى القيادة والمتابعة والإرشاد ومراقبة الأجهزة التنفيذية، فمؤدى مفهوم أن اللجنة المركزية يجب أن تحكم لأنها تحكم فعلاعن طريق المشاركة ـ وفقاً لرؤية الرئيس جمال عبد الناصر ـ قد انقسم بشأنه الأعضاء بين مؤيد ومعارض حول ذلك الدور. فعزل اللجنة المركزية عن القيادة والمتابعة يمثل عزل اللجنة عن الحكم، وبالتالى عزل الشعب عن المشاركة السياسية على اعتبار أن أكبر قاعدة لتمثيل الجماهير فى تلك الفترة هى اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى. فقد دار الحوار التالى بين الرئيس جمال عبد الناصر والدكتور جابر جاد عبد الرحمن عضو اللجنة المركزية:

دكتور جابر جاد عبد الرحمن «سيادة الرئيس.. تفضلتم فقلتم إن اللجنة المركزية تحكم، ويبدو لى أن هذا القول يأتى من أن أعضاء الحكومة أعضاء فى هذه اللجنة، وحتى بالرغم من هذا، فإن رقابة اللجنة المركزية على الحكومة يجب أن تبقى.. ومع أن الوزراء أعضاء فى هذه اللجنة وفى الاتحاد الاشتراكى، إلا أن رقابة اللجنة المركزية على الحكومة فى تنفيذ القرارات التى اتخذها المؤتمر القومى يجب أن تبقى. ومن ناحية أخرى فإن رقابة اللجنة المركزية على السلطة التشريعية يجب أيضاً أن تبقى. لأنه من المؤكد أن المؤتمر القومى قد يتخذ قرارات تقع مسئولية تنفيذها على عاتق السلطة التشريعية، ولنا فى القرارات الخاصة بإصدار تشريع للتعاون الزراعى دليل، إذ مَنْ المسئول عن وضع قانون التعاون الزراعى ؟ هى الحكومة، أى السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية، وعلى ذلك فإن الرقابة ومتابعة الرقابة من جانب اللجنة المركزية على الحكومة وعلى الأجهزة التنفيذية والتشريعية يجب أن تبقى قائمة. وحتى لو أخذنا بالرأى الذى قاله الزميل خالد محيى الدين، من أن الرقابة نجحت لأن الوزراء وأعضاء مجلس الأمة أعضاء فى الاتحاد الاشتراكى، فإن هذا يتطلب ـ كما قال السيد الرئيس ـ أن يكون كل أعضاء مجلس الأمة أعضاء فى الاتحاد الاشتراكى، وأن يتصدى الاتحاد الاشتراكى لعملية تحديد قائمة بالمرشحين للدخول فى الانتخابات الخاصة بمجلس الأمة.. الأمر الذى لم يحدث حتى الآن. فإذا كانت اللجنة المركزية تمارس رقابتها على أعضائها العاملين فى السلطة التنفيذية وفى السلطة التشريعية جميعاً، بوصفهم أعضاء فى هذا التنظيم، فإن هذا يتطلب أن يكون الوزراء جميعاً أعضاء فى التنظيم، وأن يكون لِلجنة المركزية دورها فى اختيار هؤلاء الأعضاء.. وكذلك أن يكون أعضاء مجلس الأمة فى هذا التنظيم، وأن يكون لهذه اللجنة ـ قائدة العمل الوطنى فى جميع المجالات ـ القول والرأى فى المرشحين الذين يتقدمون للانتخابات، لكى يجلسوا فى كراسى مجلس الأمة.

ـ السيد/ الرئيس: «لى تعليق بالنسبة لموضوعات اتْكلم فيهم الدكتور جابر فى الأول.. الرقابة على السلطة التنفيذية.. والرقابة على السلطة التشريعية.. وتعيين أفراد السلطة التنفيذية.. وتعيين أفراد السلطة التشريعية، الحقيقة برضه بنبص للعالم، وبناخد الدول الشرقية إيه؟ والنظام الليبرالى إيه؟ الدول الشرقية فيها حزب مش من ستة ملايين، ولكن فيها الحزب الشيوعى اللى ليه قيادة، وهذه القيادة مهيمنة كاملاً على الحزب، وفيه ناس متفرغون. هذا هو النظام اللى موجود فى البلاد الشيوعية، وفيه سيطرة كاملة على كل الأمور فى اللجنة التنفيذية، أو رئاسة اللجنة المركزية، فبيكون فيه نوع من الهارمونى والتوافق فى اختيار الأعضاء. بالنسبة للدول الغربية بيختاروا زعامة للحزب، وزعامة الحزب تختار الوزراء، سواء بالنسبة للحزب الحاكم، أو بالنسبة لحزب المعارضة.. وأيضاً زعامة الحزب تستطيع أن تغير فى الوزراء بدون الرجوع إلى الحزب.. هذا أيضاً موجود فى أميركا.. وموجود فى بريطانيا.. وموجود فى كندا. لكن بالنسبة لينا احنا هنا مانقدرش نقول إن اللجنة المركزية تعين الوزراء، ولكن باقول إن اللجنة المركزية تختار رئيس للجمهورية ـ فى وقت انتخابات رئيس الجمهورية ـ وبعد هذا هُو لازم يختار الناس اللى يقدر يشتغل معاهم.. على أساس انه مايكونش فيه شللية أو انقسامات فى داخل مجلس الوزراء، ولا نقدرش نشتغل أبداً شغل تنفيذى».

اعداد وحدة دراسات الثورة المصرية بـ «الأهرام» اشراف الدكتورة هدى جمال عبدالناصر ينشر بترتيب خاص مع وكالة الأهرام للصحافة


"..................

 

"  


http://samy-sharaf.bravehost.com//Houda-Nasser/

رجوع الى بداية الصفحة  


 
Graphic by Martin
A Man ... A Nation ...


الـرجوع الى الفهـرس للمتابعة والمواصلة


شـكرا لزيارتكم للموقع

أنتم الضيف

 

رجوع الى بداية الصفحة
 



© 2007  جميع الحقوق محفوظة لكل من سامى شرف ويحى الشاعر.

© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.

This web site is maintained by

ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US