![]() |
سـنوات وأيام مع جمال عبدالناصر
ـ الكـتاب الـثانى ـ
ـ الباب الحادى عشر ـ
بقلم سامى شرف
![]() |
حكاية العمالة للسوفيت و العملاء الحقيقيون
ـ 11 ـ
أثار أنور السادات ومحمد حسنين هيكل وجمال حماد، وبعض من جماعة مصطفى أمين الذى سجن فى قضية جاسوسية - فى مدرسة أخبار اليوم ، وبعض من الصغار الذين حسبوا فى غفلة من الزمن على الصحافة المصرية ، موضوع ساذج يفتقر إلى أى دليل، وهو مقال نشر فى مجلة الريدرز دايجست " READERS DIGEST " الأمريكية فى عام 1974 عن كتاب بعنوان "ك .ج. ب . " " K.G.B " ، كتبه شخص قيل أنه يدعى "جون بارون" ، إدعى فيه أن سامى شرف يعمل لحساب المخابرات السوفيتية، كما سبق أن تردد هذا الإدعاء أيضا بصيغة أخرى للكاتب الإنجليزى " فريدريك فورسايت " فى كتاب بعنوان " البروتوكول الرابع " وملخصه إتهام سامى شرف بنفس الإدعاء . وبعيدا عن سذاجة هذا الاتهام وسطحيته وافتقاده للدليل المادى والعملى ، فقد تم نفى هذه الفرية من الأساس ، على لسان " فاديم كيربيتشنكو " والذى نسب إليه أنه كان يعمل لحساب المخابرات السوفيتية فى القاهرة، وأنه هو الذى جند سامى شرف ـ وقد دار معه حوار طويل نشرته مجلة " الوسط " السعودية، والتى تصدر فى لندن فى العددين ( 14 و19 بتاريخ 4مايو و8 يونيو1992) ، وكذا ردود أمين هويدى، وسامى شرف على ما ورد فى هذه المقالات .
وقد قال " كيربيتشينكو" ما نصه :
" يزعم بارون فى كتابه أننى - كيربيتشينكو - كنت خلال وجودى فى القاهرة أتحكم بالمعلومات الإستخبارية التى كانت تصل إلى الرئيس جمال عبدالناصر، واننى كنت مسيطرا على سامى شرف الذى شغل لفترة من الفترات منصب وزير شئون الرئاسة المصرية ، وتولى مسئولية التنسيق بين جميع أجهزة المخابرات المصرية . لكن ما يقوله بارون هو تضليل ذكى . لقد نشر كتاب بارون عام 1974 ، وجاء فيه أننى - كيربيتشينكو - جندت جميع وزراء عبدالناصر واستخدمتهم لأغراضى، وأهدافى الخاصة ضمن مسئولياتى فى المخابرات السوفياتية، وهذا ليس صحيحا ؛ فلم تكن لى علاقة مع سامى شرف على رغم أنى رأيته مرة فى حفل إستقبال ، لكننا لم نتحدث معا أبدا . وقد اعتقله السادات فى شهر آيار ( مايو ) عام1971 مع عدد من الآخرين الذين كانوا على صلة وثيقة بعبدالناصر ، والصحيح أننى كنت على إتصال مع المخابرات المصرية . وقد حصلوا على بعض الحقائق ثم بنوا عليها قصة ، لكننى لم ألتقى إطلاقا بسامى شرف " .
ثم يعلق بعد ذلك على كتاب " فورسايت " فيقول :
" يقول فورسايت أن "كيربيتشنكو" قتل فى حادث سيارة عام 1985 ، ويتطرق إلى علاقاته مع سامى شرف ويعلق على ذلك بقوله : حسب فورسايت فأنا ميت منذ سبع سنوات .. كتابه يتضمن معلومات خاطئة عنى لكنه كان مصيبا فى شىء واحد وهو أنه تمكن من تحديد رتبتى وموقعى فى جهاز المحابرات السوفيتية " .
(إنتهى نص كلام كيربيتشينكو ) ..
ولا يفوتنى أن أؤكد أن مثل هذه الإتهامات تمثل إهانة بالغة لزعامة جمال عبد الناصر الذى بدى من خلال هذه الكتابات وكأنه شخص يتحرك من خلال الآخرين ، وهو ما يتنافى مع حقيقة ما هو معروف عن زعامة عبد الناصر التى لا يختلف عليها أعداؤه قبل أصدقاؤه ومحبيه، كما أن الرئيس عبدالناصر كان يعرف كيف ينتقى رجاله ومعاونيه ، وكان الشرط الأول فى هذا الاختيار هو الولاء للوطن أولا وأخيرا .
لقد كان سامى شرف ولمدة عشر سنوات كاملة تحت قبضة أنور السادات داخل السجون والمعتقلات، وكان لدى أنور السادات كل الإمكانيات والنوايا لإدانتى وتشويه صورتى حتى بالتزوير ، ولكن لأن هذه الإتهامات كانت أبعد من أن يتصورها عاقل ، فلم يسعى أحد كائنا من كان لإتهامى حتى من خصومى السياسيين .
وأظن الكل يتذكر تلك الحملات الصحفية التى حاولت النيل من شخصى ومن عائلتى لاغتيالي معنويا والتى فشلت جميعها فى أن تنال من سمعتى وإنتمائى للوطن ، كما أنها عجزت عن أن تقدم دليلا واحدا يمس نزاهتى أو سلوكى الشخصى ، فلقد تكاتفت كل القوى المعادية لثورة يوليو فى الداخل والخارج عربية كانت أو غير عربية للنيل من عبد الناصر ورجاله ، ولكنهم فشلوا فى تحقيق هذا الهدف بدليل هذا الإحترام الشعبى الواسع الذى تكنه الجماهير لعبد الناصر ولما يمثله، ولمن عملوا إلى جانبه بشرف ونزاهة .
والآن وبعد سقوط الاتحاد السوفيتى ووقوع كل أجهزته ووثائقه تحت سيطرة من يحكمون العالم اليوم؛ وأعنى الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزتها ، فإن أحدا لم يستطع أن يخرج بشىء يدين الرئيس عبد الناصر أو من كانوا يعملون معه ، ولو وجدوا دليلا أو حتى شبهة دليل لاستغلوه أيّما استغلال فى مواجهة الرجل الذى قاد الأمة لسنوات طويلة ضد قوى الاستعمار وعملاؤه فى الداخل والخارج .
إن المقصود من وراء هذه الحملات الموسمية التى تطل علينا بين الحين والآخر هو الرئيس جمال عبد الناصر بالدرجة الأولى ، بعد أن عجزوا لأكثر من ثلاثين سنة منذ رحيله على أن ينالوا بنفوذهم أو ببترولهم أو بدولاراتهم من مبادئه أو القيم التى بثّها وآمن بها الملايين ولا تزال صالحة كبرنامج عمل تتبناه الأجيال الجديدة التى لم تر عبدالناصر أو تعايشه .
لقد شنت هذه القوى المعادية حملات عنيفة على الرئيس عبدالناصر واتهمته بأنه كافر وملحد، ثم راحت تتجنى عليه لتقول أن اليهود قد تولوا تربيته فى حارة اليهود وعدس بالسكاكينى ، كما قالوا أن "ايجال آلون" نجح فى إجراء عملية غسيل مخ لعبد الناصر أثناء حصار الفالوجة ، وأن الأمريكان استلموه من اليهود ليحكم مصر باسمهم . ولما فشلت هذه الإتهامات فى أن تحقق أغراضها اتهموه بأنه شيوعى ، مع أنه نص فى أول دستور بعد الثورة على أن الشريعة الإسلامية أساس للحكم، ثم طوّر بعد ذلك الأزهر الشريف، وسمح بانتساب البنت المصرية لهذا الصرح الإسلامى العظيم؛ لتنشأ من خلاله أم المستقبل المصرية التى تعرف دينها ، وأنشأ إذاعة القرآن الكريم، وأمر بتسجيل القرآن الكريم على أسطوانات لتباع للجمهور بثمن رمزى.
إن المخابرات المركزية الأمريكية تؤدب كل من ساهم مع الرئيس عبدالناصر فى كشف أعمالها القذرة والكشف عن جواسيسها فى مصر والعالم العربى، وأن غرضها الأساسى هو القضاء على عبد الناصر الشخص وعبد الناصر الرمز وعبد الناصر الفكرة والمبادئ والقيم، وعبد الناصر الثائر.. يريدون اقتلاع الرجل وما يمثله من جذوره . ولا يخفى على أحد أن الهجوم على أجهزة الأمن المصرية ومن يعمل بها والقائمين على أمرها له غرضين أساسيين:
الأول : تأديب هذه الأجهزة نتيجة نشاطها الناجح وضرباتها المؤثرة ضد عملاء القوى الأجنبية التى لم تكن تريد خيرا لمصر والأمة العربية ، وإحاطة هذه الأجهزة بجو من الكراهية الشعبية بحيث ينظر الناس إليها وكأنها شر ومصيبة ، وأنها ضد الأخلاق والضمير ، تلفق التهم وتعذب الناس، وما يترتب على هذه الحملة من تدمير للروح المعنوية لمن يعمل بهذه الأجهزة .
الثانى : تشجيع عمليات التجسس عن طريق تمجيد الجواسيس وتحويلهم إلى أبطال ، وفى نفس الوقت تحقير رجال الأمن وتحويلهم إلى متهمين وهكذا يتحطم حاجز الخوف لدى البعض، أى أن الغرض النهائى هو شل فاعلية أجهزة الأمن المصرية، وتسهيل اختراقها فى جميع المجالات لتجنيد أكبر عدد من العملاء وتوسيع قاعدة المتعاونين لصالح العدو.
لقد رحل عنا الرئيس عبد الناصر منذ سنوات طوال ، ولكن من هذا الذى يستطيع أن ينكر إنجازاته، وإشعال وتجسيد روح المقاومة، وثبت هذا بعد نكسة1967؛ فقد نجح فى أن يبنى جيشا خاض حربين فى خمسة سنوات.. حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 1973 .
ولو تأملنا واقع الأمة الآن أقول أين نحن ؟ وأين استقلالنا ؟ وأين ثرواتنا ؟ وأين استقرارنا ؟ بل وأين عصمتنا ؟ . . إننى أقول للعملاء الذين يخرجون علينا بين الحين والآخر.. موتوا بغيظكم .. فكما عجزتم عن تحطيم الرمز ، فحتما سوف تعجزون عن تحطيم الرجال الذين يمثلون هذا الرمز بعد رحيله .
ومن الحقائق المؤلمة فى كل هذه الحكاية أنه طوال خدمتى إلى جوار الرئيس عبد الناصر لم أقابل أى سوفيتى سوى السفراء المعتمدين فقط فى الفترة من 1956 حتى 1971 ، فى حين أننى تعاملت مباشرة مع جميع مندوبى المخابرات المركزية الأمريكية والسفراء الأمريكان المعتمدين فى القاهرة فى الفترة من 1953 حتى 1971 . وفى زياراتى للاتحاد السوفيتى أكثر من مرة لم أقابل سوى القادة سواء فى معية المشير عبد الحكيم عامر أو بحضور السفراء محمد عوض القونى ومراد غالب ووفاء حجازى ، هذا فى الوقت الذى قابلت فيه فى مدينة نيويورك عام 1958 وبحضور سفيرنا فى واشنطن فى ذلك الوقت مصطفى كامل قابلت آلن دالاس مدير المخابرات المركزية الأمريكية فى فندق " البلازا " ، وعلى هذا فإنى أتوقع أن يخرج علينا عميل جديد ليتهمنى هو الآخر بالعمالة للمخابرات المركزية الأمريكية .
إن سامى شرف ينأى بنفسه عن الرد على هذه الأكاذيب التى يعرف هدفها والغرض منها . لقد عشت حياتى وانفقت على أسرتى وربيت أولادى من مال حلال هو دخلى من عملى فقط ، وأعيش الآن بمعاشى ، وأنا الذى كانت تحت يدىّ ميزانية المصروفات السرية والتى تركتها فى مايو1971 وهى محملة بفائض قارب المليونين من الجنيهات، مليون وثمانمائة وخمسون ألف جنيه، علاوة على ستة آلاف من الجنيهات الذهبية أعيدت إلى القاهرة بعد رحلة الملك سعود المشهورة إلى اليمن، وقد كانت محفوظة فى كيس محرّز ومختوم بخاتمى الشخصى حتى يتم الأمر بالتصرف فيها . والذى أعلمه علم اليقين من الموظف الذى كنت أوكل إليه مسئولية إمساك دفاتر هذه المصروفات ، محمد فتحى أحمد سعد موافى ، رئيس السكرتارية بسكرتارية الرئيس للمعلومات والذى زارنى عقب خروجى من السجن سنة 1981، وأكد لى أن هذا الاعتماد والمبالغ الفائضة والأحراز قد سلمت كلها للسيد فوزى عبدالحافظ السكرتير الخاص للرئيس السادات فى الجيزة عقب القبض علىّ فى مايو 1971 .
ومن أسباب سعادتى وأنا أتأمل الحياة المصرية بعمق ، أن يتردد إسم عبد الناصر الآن على لسان العامة والبسطاء من الأجيال التى لم تعش فى زمانه على أنه مثال الطهارة والحزم ولم يسمح بأى فساد . ويكفى أن نقرأ صحف الصباح فى كل الأيام التى جاءت بعد الرئيس عبد الناصر لنرى مدى انهيار المبادئ والقيم ، وأطلت علينا عشرات الوجوه القبيحة التى تبيع مصر والأمة العربية فى العلن وفى السر ، ولمن يدفع . وللأسف فإن أعداء الرئيس عبدالناصر هم أصحاب الثروة والقوة والنفوذ الآن ، وبحكم معرفتى بالرئيس عبدالناصر فإنه لم يكن الرجل الخارق ، ولكنه كان يستمد قوته من قوة شعبه والجماهير العربية التى آمنت بمبادئه ، ولقد التف الناس حوله لا بالخداع ولكن بحب حقيقى سببه أن الرجل كان يعمل من أجلهم .
وأنظروا حولكم الآن وتأملوا ثروات من كانوا فى الأصل على باب الله مثلنا .. وأسألهم السؤال التقليدى .. من أين لكم هذا ؟! . . ومن سمح لكم بهذا ؟! . . وكيف تم هذا ؟! . .
وأستطيع والحمد لله و بضمير مستريح وعن قناعة تامة أن أعلن بوضوح أننى كنت أحد جنود هذا الوطن ، وطوال مدة خدمتى كان ولائى لخدمة مصالحه فى أشد الأوقات سخونة؛ عندما كانت مصر محاطة بالأعداء من كل جانب والمؤامرات تحاك من الجهات الأربع . . والحمد لله ، كنا على مستوى المسئولية .
أما نكرات هذا الزمان الردىء . . زمن الدولار والريال . . والذين يهدمون الماضى والحاضر ، فليس لدينا ما نقوله لهم سوى قليلا من الحياء أيها السفهاء . . أين زمانكم من زمن الرئيس عبد الناصر ، خير من كشف العملاء .. وخير من عاقبهم . . وأشد الناس كرها للمأجورين . . وما أكثر المأجورين ومدعى المعرفة من دون علم بها فى هذه الأيام .. ومن ينسبون لأنفسهم أدوارا لم تكن لهم يوما من الأيام .. عجبى ! .
وأرى أن كلامى حول هذا الموضوع لا يكتمل إلا بالتعرض للدور الذى لعبه أو رسم لجمال حماد ليقوم بأدائه فأقول :
"خاص للسيد جمال حماد ،
جمال حماد لم يكن مؤرخا فى يوم من الأيام ، حتى عندما كان يعمل مدرسا فى الكلية الحربية فى نهاية الأربعينات؛ كانت إقامته طوال اليوم فى مكتبة الكلية يؤلف أشعارا مادحا الملك فاروق -ورحلة سريعة لدار الكتب المصرية للإطلاع على أعداد " مجلة الجيش " فى السنوات 1947حتى 1949 تثبت ما أقول- وكان لا يحضر أغلب المحاضرات ، وأذكر أننى عندما كنت أقود فرقتى فى الكلية باعتباري أقدم طالب بها كنت كثيرا ما أتوجه إليه لتنبيهه لحضور محاضرته، وفى بعض الأحيان الأخرى كان القائمقام محمد إبراهيم كبير معلمى الكلية ( رئيس أركان حرب القوات المسلحة و الوزير فيما بعد ) ، يفتح الميكروفون ليسأل عن المحاضر، ولماذا لم يحضر، وينبه بالتوجه إليه حيثما كان ليحضر حصته . وأخيرا يحضر قبل نهاية الفرقة بدقائق لينتهى الوقت دون تحصيل، ويقول راجعوا الكلام فى الكتاب المقرر .
لم يكن له دور فاعل فى ثورة 23يوليو، ولولا أنه كان مدير مكتب محمد نجيب لما علم بشىء، وأرجو الرجوع إلى كتاب اللواء صلاح سعدة قائد الحرس الجمهورى فى بداية الثورة ـ ( من ملفات ثورة 23 يوليو1952 للحقيقة والتاريخ ـ الكتيبة 13 مشاة ـ كتيبة التحرير ـ بطل الثورة) ـ والذى يلقى الأضواء على أدوار الكثيرين فى ليلة 23 يوليو1952 ، وليس هنا مكان بحث هذه القضية .
فى بداية الخمسينات ضبطت مهربات على إحدى طائرات القوات الجوية التى كانت قادمة من دمشق، وكان يقودها سعد الدين الشريف ( كبير الياوران فيما بعد ) ، كان جمال حماد صاحبها ، لكن بعدما كشف الأمر تنصل من الموضوع وادعى أنه لا يعرف عنها شيئا، وتدخل عبدالحكيم عامر فى الموضوع لئلا يساء إلى سمعة الملحق العسكرى المصرى فى دمشق، وحفظ الموضوع عند هذا الحد أى تحت حجة أن صاحب المهربات مجهول .
كما أنه فى بداية إقرار نظام الحكم المحلى رشحه كل من المشير عبد الحكيم عامر والسيد صلاح سالم ليكون أحد المحافظين.. وقد كان ، حيث عين محافظا لكفر الشيخ . ولم يمضى عليه الكثير من الوقت حتى تقدم الدكتور سالم محمد شحاتة الأمين العام للإتحاد الاشتراكى فى المحافظة بمذكرة مستفيضة للرئيس جمال عبد الناصر ولكبار المسؤولين ، دعمها بوثائق صحيحة -(محاضر تكهين محتويات استراحة المحافظ ) - تضمنت قيام جمال حماد بتكهين وتبديد محتويات منزل محافظ كفر الشيخ ، فتقرر نقله محافظا للمنوفية بعد تدخل من جانب عبد الحكيم عامر وشمس بدران وكمال الدين حسين لإعطائه فرصة أخرى ، إلا أن نقطة مرور صغيرة على الطريق الزراعى بين شبين الكوم والقاهرة قد وضعت يدها على محتويات سيارة نقل تابعة لديوان عام محافظة المنوفية بعدما نقل إليها ، مليئة بمفروشات وعفش اتضح أنها تخص منزل محافظ المنوفية كانت فى طريقها لمنزله بالقاهرة بما فيها من منقولات . فتقرر إحالته للمعاش) .
كلمة أخيرة إلى جمال حماد عسى أن يفهم القصد منها:
"فى معركة بدر كان أخو مصعب مع الكفار وأسره أحد الصحابة ( أبا يوسف ) الذى نصحه مصعب بأن يكون حذرا جدا معه لئلا يهرب منه وقال له :" إياك وأن يهرب واشدد يدك عليه " . فسأله لماذا تقول لى هذه العبارة ؟ قال : " إن أمه غنيّة وستفديه بمال عظيم " . وهنا قال له أخوه: هل هذه هى الأخوة يا مصعب ؟ فرد عليه مصعب قائلا :" إن هذا هو أخى وليس أنت ـ مشيرا لأبا يوسف " .
أعود إلى الموضوع الأصلى فأقرر أن جمال حماد عندما يدعى التأريخ فهو لم يكن قريبا من الأحداث أو مشاركا فيها بشكل مباشر ، ومن ناحية أخرى فهو يتعرض لمواضيع كشفتها الأحداث وتجاوزتها بشكل لا يخلو من شبهة تصفية الحسابات الشخصية سواء بالنسبة للرئيس عبدالناصر أو للرجال الذين عاونوه وعايشوه عن قرب طوال ثمانية عشر عاما . ولأكن أكثر تحديدا سأتناول ما يخصنى فى نقطتين تناولهما؛ وهما قضية إنقلاب مايو1971 وفرية الاتهام بالعمالة للسوفيت .
فبالنسبة للإدعاء الأول أستشهد بما قاله وكتبه السيد محمود رياض وزير الخارجية الأسبق حيث صرح :
" أما فيما يتعلق بما حدث فى مايو1971 فلم يكن هناك ما يسمى بثورة التصحيح ولا مراكز القوى ، والذى حدث هو أن هناك مجموعة من الوزراء استقالت ، والرئيس السادات اختار أن يتهمهم بالخيانة العظمى والتآمر ، وكان موقفى من ذلك أننى رفضت هذا الكلام وقلت له يومها أنه من غير المنطقى: وليس من المعقول ولا يقنع أى إنسان القول أن هذه المجموعة متآمرة.. ليه ؟ الجواب إذا كان وزير الدفاع ضمن المجموعة المستقيلة . . يعنى بيقول أنا ذاهب أقعد فى بيتى . . لما يكون وزير الدفاع عاوز يعمل إنقلاب يقعد فى مكتبه مش يروح بيته .. مش يستقيل، وهو يعرف أن بيته سيحاصر فى اليوم التالى، وانه قد يعتقل -وفعلا هو أعتقل- يبقى فيه انقلاب؟! .
هناك أسباب أخرى ألخصها فى أن هذه المجموعة وجدت أنها لم تعد قادرة على التعاون مع السادات خصوصا الفريق فوزى الذى كان يسعى للحصول على توقيع السادات على أمر القتال، وكان الرجل بيتهرب من المسألة فتعب فوزى من المسألة، وبدأ يشعر بأن أى تأجيل للمعركة لم يعد له مبرر، وبالتالى شعر أن هناك اتجاها للتسوية فقرر الابتعاد ، نصل إذن أنه لم تكن هناك مؤامرة" .
(إنتهى كلام السيد محمود رياض )
كما أن هذه الكتابات التى" تفتش" فى سجل العلاقات المصرية السوفيتية، وتصور أنهم قد وصلوا ليكون لهم جاسوسا على الرئيس عبد الناصر ومن مكتبه، وأن الرئيس عبد الناصر كان فى غفلة عن ذلك إلى أن رحل عن عالمنا هذا ، حتى أنه آثر هذا المدعى بأنه جاسوس بثقته ، وقد تحدى جمال حماد فى مقالاته شخصى للرد، وأخذ علىّ سكوتى إزاء هذا الاتهام الخطير. وأنا لم أسكت بل قاضيته أمام محكمة الجنايات التى لم تبحث فى الموضوع بل نظرت فى القضية من ناحية الشكل فقط، وهل هى قذف أم لا .
والسؤال هو ما سر اهتمامه - وهو رئيس جمعية الصداقة المصرية الأمريكية- بهذا الأمر، مع أن الصحافة الأمريكية حسبما نقلته عنها الصحافة العربية وجهت اتهاما للسادات وفى وجوده بأنه كان على علاقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، وكان كمال أدهم مدير الاستخبارات السعودية وشقيق زوجة الملك فيصل يوفر مرتبا سخيا ومنتظما للسادات ، وقد ردد السيد محمد حسنين هيكل هذا الكلام أيضا فى كتبه . ورغم أن الملك حسين ملك الأردن رد على ما يخصه فيما كتب وقتها ، فإن السادات ووسائل إعلامه وكتابه قد التزموا الصمت، كما أن هذا الأمر لم يلفت نظر واهتمام السيد المؤرخ جمال حماد ولم يستثر حماسه ولم يحفزه للكتابة عنها رغم ان السادات كان رئيسا للجمهورية وليس سكرتيرا لرئيس الجمهورية !! .
وبقيت أمور هامة منها أن سياسات الرئيس جمال عبد الناصر واختياراته كانت لها أسبابها الموضوعية ، ولم تكن وليدة إيماءه من هنا أو توجيه من هناك ؛ فعلاقات مصر العربية والدولية فى عهد الرئيس عبد الناصر كانت صدى للسياسات الداخلية التى اتبعها، وكانت لها أسبابها ودوافعها الموضوعية .
لقد حرص جمال حماد كرئيس لجمعية الصداقة المصرية الأمريكية على تبرئة المخابرات المركزية الأمريكية من أن تكون وراء هذا التشويه والاتهام بالباطل . لقد كان سامى شرف سجينا وقت صدور الكتاب الذى ينقل عنه الإفك الذى أقام له بعض الزبانية وزناً سنة 1974 ، وفى ذلك تسطيح للأمور وتبسيط غير سليم ؛ ذلك أن الكتاب يهدف إلى ما هو أبعد من الإساءة الفردية لسامى شرف ، فهو يتعرض للنظام وللرئيس عبد الناصر شخصيا وسياساته؛ حيث أنه صدر فى ظل حملة فى مصر وفى بعض الدوائر الغربية للانقضاض على الرئيس عبد الناصر وثورته ومنجزاته فى أعقاب حرب 1973، وقيادة السادات حملة هدفها تصفية سياسات عبد الناصر والهجوم السافر عليه، وعاونه فى هذه الحملة الجاسوس مصطفى أمين ومدرسته ، أو هكذا تصوروا أن ذلك فى مقدورهم.. فامتلأت أسواق الكتابة بالأكاذيب؛ حملتها كتب ومذكرات ومقالات حتى شارك فيها أيضا العاهرات والراقصات كمؤرخات !! ، وإن إرتدّت هذه الحملة عليهم ؛ فالمخابرات المركزية الأمريكية والدوائر الصهيونية وعملائهم الذين كانوا يروا فى الرئيس عبد الناصر أعدى أعدائهم حيا وميتا بالقطع صاحبة مصلحة ولها دور أكيد وراء تشويه عبد الناصر . . عصره ومنجزاته وتجربته ، فليس الأمر فى بساطة تحطيم لنفوذ أو اغتيال لشخصية سامى شرف كما يقول جمال حماد؛ ولكنه ضمن إطار حملة استهدفت بالإضافة إلى ما تقدم ضرب وتشويه العلاقات المصرية السوفيتية، وتعميق القطيعة التى بلغت ذروتها سنـة 1974 ..عام صدور الكتاب الذى اتخذه جمال حماد مرجعا رئيسيا له .
وإن مما يقطع بكذب هذه الرواية أن لقاء بريجنيف بسامى شرف الذى أشار إليه السيد جمال حماد، وإدعى أنه كان لقاء منفردا ، كان هذا اللقاء بحضور السفير المصرى فى موسكو مراد غالب ، الذى سجل محضراللقاء بخط يده فى نوتة محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات ـ والسفير السوفيتى فى القاهرة فينوجرادوف وآخرين.. فلم يكن إذن لقاء سريا ومنفردا ، ولم يكن سامى شرف فى حاجة إثر عودته لأن يحكى للسفير السوفيتى ما جرى بينه وبين بريجنيف؛ لأنه ببساطة كان يعلمه بحكم حضوره هذا الاجتماع ، كما أن ما جرى فى هذه المقابلة قد طرحت تفاصيله على اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى فى إحدى جلساتها ).
ولقد تعرض الدكتور مراد غالب لهذه القضية فى كتابه " مع الرئيس عبد الناصر والسادات ـ سنوات الانتصار وأيام المحن : مذكرات مراد غالب " ، الصادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر ، الطبعة الأولى برقم إيداع 13519/2001 الطبعة الأولى 1422هـ ـ 2001 م، وقرر ما نصه فى ص 167 :
" أما الشائعات التى ترددت عن سامى شرف بأنه جاسوس سوفيتى ، فقد كانت بعيدة عن الحقيقة تماما؛ فقد كان الأستاذ سامى يتفانى فى خدمة الرئيس ويفضله على عائلته واخوته أنفسهم .
وكان سامى يعرف جيدا أن كل من يعمل مع عبد الناصر مراقب مراقبة دائمة ودقيقة ، فكان لا يمكن أن يقوم بأى اتصالات سرية أو خفية .. حقيقة كان يقابل السفير السوفيتى وغيره من الوفود السوفيتية ، ولكن كان هذا بعلم الرئيس وبتوجيهاته ، وكان يقدم تقريرا مفصلا لكل نشاطاته ومقابلاته ، وعلاوة على ذلك كان لسامى شرف أعداء يراقبونه وينتظرون منه هفوة .
لم يكن الأستاذ سامى شيوعيا فى يوم من الأيام ، وكان يعمل فى جهاز المخابرات المصرية فى أول الثورة، وليس له أى تاريخ يوضح انتماءه لأى حزب أو تجمع سياسى ، وكان يدير سكرتارية الرئيس للمعلومات بكل كفاءة وإخلاص ، وكانت لديه ذاكرة حديدية فكان يمثل أرشيفا حيا أو الإنسان الأرشيف . وكنت أسأله عن بعض الأشخاص الذين قابلتهم ووجدته يعرفهم، ويعرف تفاصيل مذهلة عنهم ، وكان حاضر الإجابة عن أى استفسارات للرئيس " .
ثم تعرض فى ص 176 من نفس الكتاب للمهمة التى قمت بها فى موسكو سنة 1971 بما لا يخرج عما ذكرته فى الأسطر السابقة .
ولقد تعرض السيد محمد عبد السلام الزيات ـ نائب رئيس الوزراء واللصيق الصلة وكاتم أسرار السيد أنور السادات ـ فى كتابه الذى صدر عن كتاب الأهالى رقم 18 فبراير1989 بعنوان "السادات القناع والحقيقة " برقم إيداع 1590/1989 ص248 ما نصه :
" فى يوم من الأيام الأولى من شهر أغسطس1971 وصلت شحنة من الأسلحة المتفق عليها مع السوفيت ، أو كانت فى طريقها للوصول ، وأبلغنى السفير السوفيتى بهذه الشحنة فى حديث له معى أثناء زيارته لى فى الاتحاد الإشتراكى ، ورفعت للسادات ـ كما هى العادة ـ تقريرا عن المقابلة، وعن شحنة الأسلحة هذه ، ثم قابلته وكان ثائرا ، وقال لقد قلت مرارا أن الموضوع ليس موضوع الأسلحة، ولكن الموضوع قرار سياسى، ولابد أن يعاد عرض الموضوع الذى تحدثت فيه مع بودجورنى عندما كان فى مصر فى شهر مايو ، ومع بوناماريوف فى شهر يوليو . وعندما سألته عن طبيعة هذا الموضوع قال " الإستراتيجية المشتركة بيننا وبين الروس، لابد أن تتحرك الأمور مع الروس فلم يعد أمامنا غيرهم .
وألح علىّ السادات فى السفر إلى موسكو كمستشار له لمحاولة جس النبض وتحريك الموضوع. ترددت كثيرا فقد أصبح يملؤنى الشك والحذر من تصرفات السادات ، وكيف أجيب على الأسئلة التى يمكن أن يوجهها إلىّ السوفيت والسادات لم يطلعنى على شىء فيما يتعلق باتصالاته مع (الأمريكان) . . كان الغموض يحيط بكل شىء ، وحتى وزارة الخارجية المصرية لم تكن تعلم شيئا . . سألت نفسى كيف وكيف ؟ عشرات الأسئلة توالت على فكرى ونحن نتحدث حول هذه الزيارة ، ولم تكن هذه فقط أسباب ترددى ، بل كانت هناك تجربة ماثلة أمامى، هى تجربة سامى شرف عندما حمّله السادات رسالة خاصة بوصفه مبعوثا شخصيا إلى الرئيس برجنيف ، ثم اتهمه بعد ذلك بالاتفاق مع السوفيت على الإطاحة به ، كانت أمامي هذه التجربة مع شعور عميق بالحذر والشك من السادات .
قلت إن الخلافات والموضوعات التى يريد أن يثيرها مع القيادة السوفيتية لا يمكن أن تجرى إلا على أعلى المستويات ، أى بينه وبين القيادة السوفيتية أو مع برجنيف على وجه خاص .
حاولت الإفلات من هذه المهمة ولكن السادات أصر على ذلك قائلا :
فلتكن زيارة لجس النبض تمهيدا لزيارة لى؛ إذ لا أستطيع أن أزور الاتحاد السوفيتى إلا بدعوة، وأخيرا قبلت على أن تكون زيارة غير رسمية، وعلى أن يكون حديثى مع أى من القادة السوفيت ـ إذا فرض وتم هذا اللقاء ـ على أساس من توجيهات مكتوبة من السادات شخصيا.
وكان هذا أقصى درجات الشك من مستشار لرئيس الجمهورية ، ولكن الظروف حولى والطعنات من الخلف والمزاج المتلون والمتقلب للسادات والذى تكشف لى بعد أن وصل إلى مركز رياسة الجمهورية ، والتنقل بسرعة ودون حرج بين موقف وموقف آخر متناقض له ، كل ذلك جعلنى أتحامل على نفسى وأطالب منه هذه التوجيهات المكتوبة .
قبل السادات هذا الطلب ، ولا أدرى كيف ارتضى لنفسه أن يقبله ، وجلس معى فى ليلة من ليالى شهر أغسطس، وكتب بخط يده هذه التوجيهات التى وجدتها، وأنا أقلب أوراقى القديمة، ورأيت أن أرفق صورتها فى خاتمة هذه القصة " .
ثم استرسل السيد محمد عبد السلام الزيات فى سرد باقى الأحداث ويقول فى ص 266 ما نصه:
" فى أكتوبر 1971 ، وفى طريق عودتنا للقاهرة طلبنى السادات للجلوس إلى جانبه فى الطائرة وقال:
أنه مستريح لهذه الزيارة ، وأنه كاشف برجنيف بشكوكه حول مهمة سامى شرف عند زيارته لموسكو ، ولكن برجنيف عرض الموضوع عرضا صريحا وصادقا بما أكد للسادات أن الموضوع مجرد إشاعات ليس لها أدنى قدر من الحقيقة .
وقال أنه يزداد إعجابا ببريجنيف فى كل مرة يجتمع معه فيها أنه صديق حقيقى لمصر، وأنه يمكن الاعتماد عليه ولابد لنا أن نحافظ على علاقتنا به طيبة . . . " .
هل يعقل أن تكون هذه علاقة رئيس دولة برجال دولته ومساعديه؟!! إن العلاقة بين السادات و رجاله كانت ولازالت موضع استفهام وغموض .
وربما يفسر المقال الذى نشرته مجلة " اليمامة " السعودية العدد 676 بتاريخ 20 نوفمبر1981 . الموافق 24 ـ 30 محرم 1402 هـ بعض هذه الجوانب؛ حيث جاء فى نص المقال ما يلى:
" غريبة قصة السادات مع رجاله؛ فقد كان يختارهم، ويمنحهم ثقة لا حدود لها وأمانا لا مثيل له ـ ثم فجأة ـ وبدون سابق إنذار وبدون مقدمات ودون سبب واضح مقبول أو معقول أو معروف ـ كان يتخلص منهم . فكانت المفاجأة كثيرا ما تذهل رجاله هؤلاء وتسقطهم .. أصيب بعضهم بالشلل، وانتحر بعضهم ، وهرب البعض الآخر إلى أعمال السمسرة، والأعمال التجارية كنوع من التعويض واستبدال سلطة المال بسلطة النفوذ، وفر بعض منهم إلى خارج البلاد ، وآثر القليلون " السلامة " والاعتكاف فى الظل ، عسى أن يأتى يوم يتذكرهم فيه الرئيس أو يعاود عطفه عليهم ، فيعيدهم إلى مناصبهم أو إلى مناصب أخرى جديدة ، سيما وأنه كان له سوابق مماثلة فى هذا الموضوع .
وهكذا فإنهم جميعا . . الذين فروا ، والذين اعتزلوا ، والذين ينتظرون على أمل العفو تنطبق عليهم الآية الكريمة ( منهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ) .
منذ اللحظة الأولى التى تولى فيها السادات مقاليد الأمور فى مصر باعتباره النائب الأول لعبد الناصر كان يخطط للإطاحة بالمجموعة الناصرية التى كانت تضم على صبرى وشعراوى جمعة، وسامى شرف، ومحمد فائق، وعبد المحسن أبو النور وغيرهم . وقد نجح السادات فى ذلك بالفعل ونجح فى التخلص من هذه المجموعة بعد سبعة شهور فقط من وفاة عبد الناصر ، تمكن خلالها السادات من ترتيب أموره رافعا فى الظاهر راية الناصرية زاعما احترامه لها ، حريصا على الانحناء أمام تمثال لعبد الناصر فى مجلس الشعب . وفى هذه الشهور السبعة كان السادات قد عثر على رجاله الذين قرر الاستعانة بهم أو البدء بهم على الأقل كجهاز لإدارته السياسية والتنفيذية . وأدوات لتنفيذ انقلابه الشهير فى 15 مايو الذى أطاح فيه بالناصريين واليساريين من كل مواقع الحكم والإعلام والسلطة فى مصر .
ثم اخذ السادات يبحث بنفسه عن رجاله . . ويتولى هو إعدادهم ، وصنع بعضهم على المستويين المدنى والعسكرى ، ثم يتخلص منهم بعد ذلك فى اللحظة المناسبة .
على صعيد الإدارة السياسية كان هناك من أبرز الجالسين على قمتها ممن اختارهم السادات كل من سيد مرعى وعثمان احمد عثمان وأشرف مروان . . ثم حسنى مبارك ، الذى اختاره السادات من بين القيادات العسكرية البارزة فى سلاح الطيران ليعينه نائبا له ، ثم يأتى بعد هؤلاء مباشرة عدد آخر من الذين كانوا يودون الصعود إلى درجة أعلى ، أى يتطلعون إلى أن يكونوا عند الرئيس فى موقع عثمان أو مبارك أو سيد مرعى . ومن هؤلاء كان منصور حسن والنبوى إسماعيل ، ثم غير هؤلاء عدد من الأسماء أدى مهمته دون طموح معين واضعا خبرته وإخلاصه فى خدمة الرئيس .. واضعين أنفسهم دائما رهن إشارته وسواء كانوا موجودين داخل جهاز الإدارة أم خارجه ، وكان من بين هؤلاء ممدوح سالم ومصطفى خليل وفؤاد محيى الدين.
وكل من هؤلاء ووفق هذا التسلسل الذى أوردناه كان لاختياره قصة، وكان للتخلص منه قصة وكلها قصص تدعو للدهشة فعلا .
ولا شك أن الهوة كانت واسعة كثيرا بين كل من عثمان أحمد عثمان وسيد مرعى قبل أن يضعهما السادات على مستوى واحد من الأهمية فى قمة إدارته؛ فبينما كان سيد مرعى سياسيا فى أحزاب ما قبل الثورة ، وكان كذلك شخصية هامة فى جهاز الإدارة الناصرى، وكان من أبرز الوزراء الذين تولوا وزارات الزراعة والإصلاح الزراعى ، وأحد الذين ساهموا فى الإشراف على تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى الذى أعلنته ثورة يوليو ، فإن عثمان أحمد عثمان كان على العكس من ذلك تماما ، فلم يكن فى ظل عبد الناصر شيئا مذكورا ، كان مجرد مقاول شارك فى بناء السد العالى مثله مثل أى مقاول مصرى آخر ، لكنه فى ذلك الوقت كان صديقا مقربا من السادات ، وكان ـ كما ذكر فى كتابه تجربتى ـ قد قام بعمل تحسينات وتعديلات فى بيت أنور السادات . وهو نفس الأسلوب الذى طوره بعد ذلك إلى بناء استراحات للرئيس فى المعمورة ومرسى مطروح وسانت كاترين والإسماعيلية وهو الباب الذى دخل منه إلى قلب الرئيس إلى جانب عظيم من الهدايا التى قدمها للهانم ، ثم المصاهرة التى كلفته مليون جنيه كمقدم لعقد قران ابنه على كريمة الرئيس ، وحفل عرس قدم فيه الطعام الذى نقل مباشرة من مطعم مكسيم بباريس إلى حيث المدعوين فى قصر الجيزة بالقاهرة ! !
وكان عثمان قد تمكن من السلطة إلى حد كبير ، فقد كان يهدد رؤساء الوزارات بأنه سوف يتخلص منهم ، وقد أثبت وعده فى ذلك للدكتور عبد العزيز حجازى، وأبعده عن رئاسة الوزراء بالفعل . وكذلك يعين الوزراء والمسئولين فى شتى المواقع ؛ فأحد تلاميذه المهندس حسب الله الكفراوى أصبح و لسنوات طويلة وزيراً للإسكان ، وكذلك وزير البترول المهندس هلال ، وكان أيضا عبد المنعم الصاوى الذى عين فى السنوات الماضية وزيرا للثقافة والإعلام لمجرد أنه صهر عثمان .
ولأن سيد مرعى يتمتع بطبيعة الحال بذكاء سياسى لا خبرة لعثمان بمثله ، فقد آثر أن يبتعد عن العمل السياسى من إدارة الرئيس مكتفيا بعلاقة المصاهرة بينهما ، متجنبا بذلك مغبة التعرض لمفاجآت الرئيس بالإطاحة أو العزل . فاعتذر للسادات عن إمكانية الاستمرار فى العمل السياسى لظروف صحية ، وترك رئاسة مجلس الشعب ليضعه الرئيس بعد ذلك فى منصب استشارى صورى هو " رئيس جهاز هيئة المستشارين للرئيس "، وهو جهاز صورى مثله مثل جهاز "المجالس القومية المتخصصة " الذى يشرف عليه عبد القادر حاتم، والذى أصبح مكانا ينفى إليه المطرودون والمبعدون والمغضوب عليهم.
بينما اتخذ سيد مرعى تلك الخطوة من جانبه ، فقد ظل عثمان فى قمة العمل السياسى متصورا أنه أقرب المقربين إلى الرئيس حتى تمت الإطاحة به فى فخ كتاب " تجربتى " الذى دبره السادات . . ووقع فيه عثمان. . ووجد عثمان نفسه فجأة مكروها من الشعب . مطرودا أو مضطرا للاستقالة من إدارة الرئيس ، مضطرا للاعتذار فى مجلس الشعب، وإعلان تراجعه عن كل ما جاء فى كتابه مؤكدا أنه لم يكن يقصد عبد الناصر بما جاء فى الكتاب من اتهامات وتلفيقات .
وبذلك . . أصبح حسنى مبارك وحده هو الرجل الثانى بعد السادات والرجل الأول فى إدارته ، وإذا كانت القصة الكاملة لاختيار السادات لحسنى مبارك ليكون نائبه الوحيد ، لا زالت مجهولة التفاصيل فى كثير من جوانبها ، إلا أن المؤكد أنه يتمتع برضاء الأمريكان وثقتهم أولا، ثم إنه يسيطر على سلاح الطيران فى الجيش ، وهو أهم الأسلحة التى كان السادات يعتمد عليها، ويضع ثقته فيها فى حالة قيام القوات البرية الأخرى بأية محاولة للانقلاب والإطاحة بنظامه ، ومن هنا كان لابد للسادات من أن يقربه منه ، فضلا عن أن مبارك من هؤلاء الأشخاص الذين لا يخشى منهم السادات على نفسه ، فقد كان شديد الطاعة للسادات، وبمثابة منفذ جيد لإشاراته وتعليماته وأوامره.. إلى جانب أنه لم يكن يتطلع أو يطمح فى الانقضاض على السادات للاستيلاء على الحكم .
وقد كان مبارك طوال السنوات الست الماضية التى عمل فيها إلى جوار السادات حريصا كل الحرص على أن يزيح من طريقه كل من حاول منافسته على الاقتراب من الرئيس أو الطموح فى منصب النائب ، مستغلا أخطاء هؤلاء " الطموحين " أو زلاتهم ، فكان أول هؤلاء حسن كامل الذى كان رئيسا للديوان الجمهورى للسادات ، والذى كان قريبا جدا من الرئيس ، وقد استغل مبارك أول معلومات وصلته عن حسن كامل بأنه يشارك فى عملية تهريب الذهب مستغلا فى ذلك سفره على الطائرة الخاصة للرئيس ، إلى جانب أنه شريك فى شركات إسرائيلية مصرية ، وأنه تدخل لصالح أحد اليهود للحصول على قصر من القصور التى كانت مملوكة لليهود فى مصر قبل الثورة . . استغل مبارك هذه المعلومات . . وأسقط حسن كامل .
ثم جاء الدور بعد ذلك على منصور حسن ؛ وقصة منصور واقترابه من قمة السلطة معروفة هى الأخرى . فهو أساسا يمت بصلة قرابة إلى أسرة الرئيس ، إذ أن زوجة منصور قريبة للسيدة الأولى – جيهان السادات - ومن ناحية أخرى فقد كان قد قدم للأسرة الكريمة هدية عظيمة " ثلاثة ملايين فقط " فى صورة تبرع للحزب الوطنى الديمقراطى . وقد كان منصور طموحا إلى درجة أنه كان يعد نفسه بالفعل للتسلق إلى رئاسة الوزراء، ومنها إلى منصب النائب . ولاشك أن السادات كان هو الذى نمى هذا الطموح فيه ؛ لأنه فى فترة قصيرة جدا " ثلاث سنوات فقط " صعد به من مجرد مسئول الإعلام فى الحزب الحاكم ، إلى وزير لأهم ثلاث وزارات؛ هى وزارة رئاسة الجمهورية ووزارة الإعلام ، ووزارة الثقافة ، فضلا عن مسئولياته فى الحزب ومجلس الشورى ، وقد كان مرشحا قبل التعديل الوزارى الأخير ليكون نائبا لرئيس الوزراء للشئون الخارجية ، لكنه وجد نفسه فجأة هو الشخص الوحيد الذى أبعده السادات من الوزارة ، ولم يشمل التعديل الوزارى غيره هو فقط . وعندما سأل منصور حسن السادات عن السبب فى إبعاده أجابه السادات بأن ذلك ليس إبعادا . . بل هو قسوة المحب على من يحب ؟ ! !
وبقى السبب الحقيقى معروفا فى كل مكان إلا عند منصور حسن نفسه ، فقد كان منصور قد تجاوز حجمه، وبدا كما لو كان خارجا عن طاعة الرئيس ، أو غير فاهم لسياسته ، إذ تجاسر على الاعتراض على الإجراءات التى اتخذها السادات بشأن نقابة المحامين ، وقال للسادات أنه -أى منصور- كان بوسعه أن يفعل ما فعله الرئيس تماما، ولكن بأسلوب آخر لا يبدو أنه ضرب للديمقراطية ، وهو نفس الأسلوب الذى نجح فيه منصور من قبل فى نقابة الصحفيين المصريين أثناء الانتخابات الأخيرة .
أما الشخص الوحيد الذى بقى حتى الآن محافظا على مكانه عند الرئيس . . فهو النبوى إسماعيل نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية . فمنذ أن تولى هذا المنصب خلفا لممدوح سالم ، وهو لا يزال يشغله حتى الآن . أما قصة اقترابه من السادات فقد بدأت من خلال ممدوح سالم أولا . فقد كان النبوى ضابطا فى مباحث القطارات ثم اختاره ممدوح سالم لسابق معرفته به ليكون مديرا لمكتبه ، فى هذه الأثناء استغل النبوى كافة الأخبار والمعلومات عن ممدوح سالم ، وأخذ يبعث بها إلى فوزى عبد الحافظ السكرتير الخاص للسادات . ومن هنا وضع السادات ثقته فيه واختاره خليفة لممدوح سالم فى وزارة الداخلية . ومع بداية كل تشكيل وزارى كانت تثور شائعات أن السادات سوف يتخلص من النبوى . إلا أن السادات طوال السنوات الماضية لم يكن فى وضع يمكنه من ذلك ، نظرا للنجاح الهائل الذى حققه النبوى فى تزييف نتائج الاستفتاءات والانتخابات التى طلبها السادات ، النجاح الهائل الذى حققه أيضا على مستوى السيطرة الأمنية فى الداخل ، وتلفيق القضايا والاتهامات للمعارضة .
كانت هناك مجموعة أخرى لها تأثيرها فى الإدارة الحاكمة ، وقد كان أبرز هؤلاء جميعا " الطفل المعجزة " كما يسمونه ، أشرف مروان، والذى كان قد اقترب من الرئيس السادات أولا عندما قام بسرقة بعض الأوراق والوثائق الهامة التى كان عبد الناصر قد دون فيها تاريخا سياسيا هاما، والتى كان قد أوصى فيها أيضا بأن يتولى زكريا محيى الدين الحكم فى مصر فى حالة اغتيال عبد الناصر أو موته فجأة .
سرق أشرف مروان هذه الوثائق من خزينة عبد الناصر بواسطة مفتاح هذه الخزينة، وقد استغل أشرف مروان هذا المنصب فى عقد صفقات تجارية، وأعمال سمسرة واسعة وإدارة شبكات للقمار، وملاهى ليلية فى عدد من العواصم الأوروبية ، وبلغت ثروته 35 مليون جنيه ، ثم شارك بعض رؤوس السلطة فى عدد من الأعمال والشركات ، وكذلك شارك فوزى عبد الحافظ سكرتير السادات الخاص فى بعض الأعمال التجارية، وحقق له بعض " الملايين " من عمولات بعض العمليات . وفجأة أبعده الرئيس بعد أن منحه وساما وكرمه علانية على شبكات التليفزيون .
وإلى جانب هؤلاء ظهرت بعض الوجوه فى السلطة الساداتية كانت نتاج هذا الحكم مباشرة، ومن هؤلاء عبد الحميد حسن وزير جهاز الشباب ، ثم مرسى سعد الدين الذى كان رئيسا للاستعلامات، ثم صوفى أبو طالب رئيس مجلس الشعب ، وصبحى عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى .
لماذا صعد كل هؤلاء ، ولماذا اختفوا . . هذا هو السؤال ؟
إن أحداث ظهور كل هؤلاء ، واختفائهم . . تصلح أن تكون قصة أخرى .
(انتهى نص المقال )
هذه المقالة قد تفسر جوانب قد تكون غامضة للبعض فى حقبة تولى الرئيس السادات الحكم .
ومن ناحية أخرى فإن بعض ما ورد من معلومات فى هذا المقال تحتاج لمزيد من البحث وصولا للحقيقة .
وختاما ولكى نغلق الباب على هذه الفرية السخيفة فقد يكون من المناسب أن أتعرض لواقعة هامة توليت إدارتها خلال عام 1969 ؛ فقد أبلغنى أحد العاملين بمكتبى السيد عبد الهادى عبد العال ، وكان يتولى مسئولية تلقى وإرسال ردود الرئيس على البرقيات التى ترد من رؤساء الدول وزعمائها والشخصيات العامة ، كما كان من طبيعة عمله التنسيق مع الدكتور عبد القادر حاتم فى هذا الشأن أن ابنه محمد هنائى الملحق الدبلوماسى بوزارة الخارجية فى ذلك الوقت قد اتصل به أحد أعضاء السفارة السوفيتية فى القاهرة فى محاولة لتجنيده بغرض إمدادهم بأخبار ومعلومات، وأن أول لقاء تم فى أحد فنادق القاهرة بعد إحدى حفلات الاستقبال ، وأن الدبلوماسى السوفيتى طلب من محمد هنائى أن يكون اللقاء القادم فى أحد شوارع حى شبرا ـ حدده له ـ فقمت بإبلاغ الرئيس جمال عبد الناصر فورا بهذا الأمر، وكان قراره أن يكلف محمد هنائى بالاستمرار فى هذا الاتصال حتى نعرف ماهية ونوعية المعلومات المطلوبة ، كما كلفنى الرئيس بأن أستدعى محمد هنائى لتلقينه بما يجب أن يبلغه للدبلوماسى السوفيتى، وقد تم فعلا تلقينه فى مكتبى . وبعد لقائين كانت حصيلة الاحتياجات التى طلبها الدبلوماسى السوفيتى تنحصر فى معلومات عن الرأى العام والإشاعات والحالة الاقتصادية للبلاد . وكان محمد هنائى يقدم تقريرا مكتوبا بخط يده بعد كل لقاء ويرفق به مبلغ عشرون جنيها حسبما أذكر ـ كان يمده به الدبلوماسى السوفيتى . عند هذا الحد قرر الرئيس جمال عبد الناصر أن تتولى المخابرات العامة متابعة الموضوع وقد تم ذلك فعلا حيث سلمت الأوراق والمبالغ وقدم محمد هنائى عبدالعال نفسه لها.
وبعد فترة قررت المخابرات العامة بالاتفاق مع وزارة الخارجية طلب إبعاد هذا الدبلوماسى بإعتباره شخص غير مرغوب فيه وتم إبعاده عن البلاد فعلا، واستمر محمد هنائى عبدالعال فى عمله بوزارة الخارجية، وتدرج فى وظائف السلك الدبلوماسى المصرى ووصل إلى درجة السفير حيث أحيل مؤخر للتقاعد لبلوغه السن القانونية .
لو كنا عملاء . . ما كنا بلّغنا ولا كنا تتبعنا . . والشهود الأحياء : الدكتور محمد عبدالقادر حاتم والسفير محمد هنائى عبدالعال وشخصى، وأرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى، وأرشيف المخابرات العامة وأرشيف المباحث العامة .
وهنا لابد أن أضع أمام القارئ الكريم شهادة هامة فى القضية التى نحن بصددها؛ شهادة الأستاذ كمال خالد ـ المحامى، وردت فى كتاب أصدره الأستاذ كمال خالد المحامى عام 1986 بعنوان "رجال عبد الناصر والسادات " برقم إيداع 5838/86 عن دار العدالة للطباعة والنشر بالقاهرة، والذى تعرض فيه بالتحليل والنقد لأحداث المحاكمة الاستثنائية فى قضية انقلاب مايو1971 . ورأيت أن أستشهد بما كتبه الأستاذ كمال خالد عنى فى الوقت الذى أقرر فيه أنه ليست بينى وبينه أى صلة أو علاقة سوى أنى شاهدته لأول مرة فى حياتى فى قاعة المحكمة فى مصر الجديدة ، ويقول ما نصه فى ص 296 /297 :
" كما تبين من هذه القضية وبمنتهى الوضوح الذى لا يقبل الشك أو الجدل ، كذب ما روجت له أجهزة متخصصة وأشاعته بين الناس، وزجت به للنشر فى الصحف والمجلات الأجنبية والمحلية من أن سامى شرف كان عميلا من عملاء الروس فى مصر ، والحق أقول ولوجه الله والتاريخ : أن هذا الادعاء هو محض افتراء لا سند له من الواقع أو الحقيقة، ويقطع بإفكه وكذبه أن سامى شرف ـ وعلى الرغم من منصبه الخطير المتميز الذى تبوأه لمدة طويلة ـ خرج فقيرا صفر اليدين ، ولم يجد المدعى العام الاشتراكى فى ذمته ما يستحق فرض الحراسة عليه .
لقد وضح أن معظم المتهمين كانوا يكنون كراهية شديدة لأمريكا باعتبارها العدو التقليدى للخط السياسى والاقتصادى الذى تعلموه ويسيرون عليه ، وباعتبارها أهم حليف لإسرائيل وأكبر عون لها ، ومن هذا المنطلق فإنهم قد ولوا وجوههم نحو الروس فى غير ما عمالة أو خيانة.
وأجد من واجب الأمانة أن أذكر أن السيد محمد فائق كان قد أرسل لى فى منتصف سنة 1976 رسولا يطلب منى الحصول على تصريح لزيارته فى سجن مزرعة ليمان طرة ، وفى هذه المقابلة أخبرنى أن سامى شرف يعانى حالة نفسية سيئة ، وأنه يريد توكيلى لرفع دعوى قضائية ضد مجلتى المصور وآخر ساعة لنشر مقالات تضمنت اتهامه بالعمالة للسوفيت نقلا عن كتاب من تأليف الكاتب الأمريكى " جون بارون " بتحريض من المخابرات المركزية ، وربما بتحريض من أنور السادات أيضا ، انتقاما منه وإمعانا فى الإساءة إليه وتشويه صورته وتحطيمه بطعنه فى شرفه ووطنيته ، فنصحت بعدم تعجل سامى شرف برفع دعوى قضائية وهو مقيد الحرية ؛ لأنه لن يجد القاضى الذى ينصفه فى ظل هذه الظروف إذا لم يتمكن من تهيئة أدلة ومستندات دفاع قوية ، ووجوده فى السجن سيحول بينه وبين ذلك ، فضلا عن أهمية حضوره بنفسه جلسات هذه الدعوى.. الأمر الذى لن يسمح به السادات بأى حال من الأحوال، واقتنع محمد فائق بوجهة نظرى" .
)صورة المحاضر موجودة لدى المؤلف ـ أنظر الملحق الوثائقى ) .
) مسجلة ومحفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات ) .
( ويلاحظ أن المجلة سعودية أى من المفروض أنها تؤيد هذه الحقبة ولا تعاديها ).
(أرجو الرجوع إلى أرشيف كل من سكرتارية الرئيس للمعلومات والمخابرات العامة للإطلاع على تفاصيل هذه القصة ).
-
رجوع الى بداية الصفحة
![]()
A Man ... A Nation ...
الـرجوع الى الفهـرس للمتابعة والمواصلة
شـكرا لزيارتكم للموقع
أنتم الضيف
رجوع الى بداية الصفحة
![]()
![]()
© 2007 جميع الحقوق محفوظة لكل من سامى شرف ويحى الشاعر. © 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved. This web site is maintained by ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US