![]() |
سـنوات وأيام مع جمال عبدالناصر
بين الوطنية المصرية والقومية العربية د.إبراهيم البحراوى
٢٩/٥/٢٠٠٧ بين الوطنية المصرية والقومية العربية هل تسمحون لجمال حمدان أن يتكلم؟ بقلم د.إبراهيم البحراوى ٢٩/٥/٢٠٠٧ طلباً لمعالجة ذات طابع علمي مؤسس علي مادة موضوعية جديرة بالنقاش. وفي إطار الجدل حول هوية مصر.. أستأذن القراء والكتاب المتحاورين في استدعاء الدكتور جمال حمدان الذي غاب عنا بجسده، ولكنه مازال حاضراً بيننا بكتابه ضخم الأهمية والحجم «شخصية مصر» والذي وضع فيه عمق خبرته كباحث شامل يرتكز إلي تخصصه في الجغرافيا، ليقدم معالجاته المستندة إلي جميع العلوم الاجتماعية والإنسانية. في الجزء الرابع من كتابه المذكور الصادر عن «عالم الكتب» عام ١٩٨٤ يفرد حمدان الفصل الثالث والأربعين البادي ص ٦٣٣ لعنوان «بين الوطنية المصرية والقومية العربية.. بين الاستمرارية والانقطاع». إن تقديمي لرؤية حمدان ستأتي دون تعليق مؤيد أو معارض أو متحفظ من جانبي.. فالعالم الكبير يستحق أن يتواجد اليوم بين الكتاب المتحاورين، يعرض وجهة نظره ليعلق عليه من يشاء فيما بعد بما في ذلك أنا المضيف له. يقول حمدان: «لاشيء يرمز إلي الجمع بين الاستمرارية والانقطاع كالقاهرة بجناحيها الفرعوني الحفري المحنط في الغرب والإسلامي الحي المضطرم في الشرق: الأول وإن كان ميتاً إلا أنه يشير إلي الاستمرارية، والثاني وإن كان قائماً يدل علي الانقطاع اللامادي». يستطرد حمدان تحت عنوان جانبي «فرعونية أم عربية؟» فيقول: «ومن البداية لابد أن ندرك أو نعترف أن إهمال هذه الحقيقة أو الاهتمام بها قد أصبح له مغزاه السياسي الخطير. فهناك من يحاول أن يبالغ في جانب الاستمرارية في كياننا لا ليبرز أصالة ما، ولكن ليقلل من جانب الانقطاع، وبالتالي ليضخم في البعد الفرعوني في تاريخنا فيبعدنا بذلك عن عروبتنا ويطمس معالمها. هم يفعلون ذلك حين يتساءلون في كلام له خبئ «فرعونية أم عربية؟». إنهم قد يخفون السؤال نفسه وراء قضية جديدة هي المقابلة بين الوحدة العربية والوحدة الأفريقية، فهم يرتبون علي المقدمات السابقة، إن مصر ليست عربية ولكنها مستعربة.. ليست عربية ولكنها متكلمة بالعربية.. ليست عرباً ولكن أشباه عرب. لقد اندثرت كلمة المستعرب في المغرب الأوروبي ومعه، ولكن هناك الآن من يبدو أنه يعمل لبعثها في المشرق العربي والهدف من كل هذه الدعاوي هو دائماً تخريجات سياسية واضحة ترمي إلي التشكيك في عروبة مصر وبالتالي إلي عزلها عن العالم العربي. ونبدأ فنقول إن مصر لم تكن الوحيدة التي أثير حولها هذا الجدل، فالسودان وصف بأنه أفريقي وليس عربياً والمغرب زعموا أنه بربري لا عربي، وقيل عن لبنان حيناً والشام حيناً آخر إنه فينيقي أو سوري، وليس عربياً، والعراق كذلك لم ينج من الاتهام. بمعني آخر إن كل أجزاء العالم العربي خارج الجزيرة العربية دمغت بصورة أو بأخري بأنها ليست عربية ولكنها مستعربة علي أساس أن السكان قبل التعريب لم يكونوا عرباً جنسياً. يواصل د.حمدان في ٦٣٤ قائلاً: «ولكن هذا الأساس ينهار من اللحظة التي يتطلب فيها «عروبة جنسية» فالعروبة مضمون ثقافي لا جنسي أولاً. ومع ذلك فكل الغطاء البشري الذي يغطي ما يعتبر الآن العالم العربي هو أساساً فرشة واحدة من جذر واحد، وعلي الأقل فإن الاختلاط والانصهار الدموي بين العرب الوافدين والسكان الأصليين حقيقة تاريخية بعيدة المدي. علي أن الذي يكشف خواء المناقشة من أساسها ويجعلها جوفاء حقاً أنها تمثل منطق مزايدة وهروب. ففي عقر دار العرب ستظل تجد العرب العاربة والعرب المستعربة». في ص ٦٣٥ ينتقل البروفيسور حمدان إلي طرح سؤال محدد تحت عنوان فرعي «الثقافة لا الجنس» يتساءل حمدان قائلاً: «أين الحقيقة إذن في عروبة مصر؟ أين هي من الفرعونية القديمة؟ هناك حقاً فارق بين نوع العروبة شرق السويس وغربها كما يزعم بعض الدعاة؟ ثمة عدة حقائق. فإذا بدأنا من البداية فإن أول ما يجابهنا هو أن الفرشة الجنسية الأساسية التي كانت تغطي نطاق الصحاري في العالم القديم من المحيط إلي الخليج كانت تنتمي إلي أصل واحد متوسطي. وفي العصر المطير حين كانت الصحراء سفانا يسودها صيد الحجري القديم، كانت كثافة السكان مخلخلة جداً، ولكنها كانت غطائية عالمية عميمة بصفة عامة. وفي هذا الإطار كانت الحركة والهجرة والترحل ظاهرة دائمة، ومن ثم كان الاختلاط الجنسي أساسياً ولا محل لعزلة أو نقاوة ما. وكل الذي حدث بعد ذلك مع عصر الجفاف أن تجمعت كل مجموعة من هؤلاء السكان في رقعة محدودة. وبذلك تحول الغطاء العالمي إلي الأرخبيل الجزري الذي نعرف الآن. ومعني هذا أنه حدث تقطع في الغطاء القديم المتجانس جنسياً إلي عدة رقع متباعدة جغرافياً ولكنها تظل متجانسة جنسياً، وهذا بالدقة مفتاح انثروبولوجية عالمنا العربي. فشعوب المنطقة -قبل العرب والإسلام- هم أساساً وأصلاً أقارب انفصلوا جغرافياً ابتداء من العراق إلي الشام إلي الجزيرة العربية ومن مصر إلي المغرب والسودان. والتوطن المحلي والمؤثرات الدخيلة الموضعية والتزاوج الداخلي الذي حدث بعد ذلك لا يمكن أن ينتج أكثر من ابتعادات محلية ضئيلة لا تغير من وحدة الأصل الدموي وتجانس العرق في كثير، وإن تطورت اللغات والألسن ما بين سامي وحامي. ويظل العالم العربي أو بيت العرب الجغرافي الكبير هو دوار العرب بمعني الأسرة الموسعة التي تضم عدة أسر نووية أو خلوية، هذه واحدة». بعد ذلك ينتقل البروفيسور جمال حمدان إلي تناول أصل العرب فيقول: «أما الثانية فحقيقة تاريخية تؤكد السابقة وإن كنا نغفل عنها دائماً. نحن نعرف دينياً وتاريخياً أن إسماعيل هو أبو العرب العدنانيين، لكننا نعرف أيضاً أنه ابن إبراهيم العراقي من هاجر المصرية. كما نعرف أن العرب العدنانيين هم أبناء إسماعيل من زوجة مصرية أيضاً، وإذا كان لهذا أي معني انثروبولوجي فهل يمكن أن يكون إلا شيئاً واحداً، وهو أن العرب أصلاً أنصاف عراقيين وأنصاف مصريين؟.. قد يبدو هذا للوهلة الأولي تخريجاً ثورياً ولكنه منطق أولي للغاية، ويكفي أن النبي نفسه الذي تزوج ماريا المصرية هو القائل عن مصر للعرب.. إن لكم فيها ذمة ورحماً.. كما أن عمرو هو القائل.. أهل مصر أكرم الأعاجم كلها وأقربهم رحماً بالعرب عامة وبقريش خاصة». ينتهي حمدان هنا إلي قوله صلة مصر بالعرب إذن صلة نسب ودم قبل أن تصبح صلة ديانة ولغة. مع انتهاء الحيز أشكر «المصري اليوم» التي أذنت لي باستضافة حمدان آملاً أخذ رؤيته من عكاشة وسلماوي في الاعتبار عند استئناف النقاش.
................"
يحى الشاعر
هل تسمحون لجمال حمدان أن يتكلم؟
بقلم
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة
You are my today's
Web guest
Thank you for your visit
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.
This web site is maintained by
ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US