Gamal Abdel Nasser ..The Story and Myth by Samy Sharaf

صحيفة 26سبتمبر

 

 سامي شرف - مدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر ووزير شؤون الرئاسة الأسبق لـ«26 سبتمبر»:

«الجزيرة» زوّرت تسجيلي.. وهذا ما يثبت أنَّ المشير عامر مات منتحراً

صحيفة 26 سبتمبر

عبدالرؤوف سامي، اسم مركب لمدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر ووزير شؤون الرئاسة الأسبق، اما والده فهو الطبيب عبدالعزيز محمد شرف.

ولد سامي شرف في مصر الجديدة عام 1929م وتلقى تعليمه الابتدائي وحتى الثانوي فيها الى ان التحق بالكلية الحربية عام 1946م وتخرج منها في اول شهر فبراير عام 1949م وتم تعيينه في سلاح المدفعية برتبة الملازم، وبعد قيام ثورة 23يوليو بأيام التحق بالمخابرات الحربية.

ومنذ بداية عمله كضابط مخابرات بعد الثورة وهو يعمل مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان يكلفه بمهام خاصة حتى اواخر شهر مارس 1955م وكان عبدالناصر مسافراً للمشاركة في مؤتمر «باندونج» فاستدعاه وكلفه بإنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات وعينه سكرتيراً للرئيس للمعلومات.

استمر في هذا العمل وحصل على درجة مدير عام ثم وكيل ثم نائب وزير فوزير، وبعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر تم تعيينه وزيراً للدولة ثم وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية وذلك في شهر ابريل عام 1970م.

ويقول عبدالرؤوف سامي انه طلب من الرئيس السادات بعد رحيل عبدالناصر ان يتقاعد ثلاث مرات لكنه رفض وظل حتى احداث 13مايو 1971م التي تم فيها اعتقاله وسجنه، وبقى في السجن حتى شهر يونيو 1980م ثم تم نقله الى سجن القصر العيني حتى 15مايو 1981م حيث افرج عنه هو وزملاؤه بدون اوامر كما يقول «وجدنا باب السجن مفتوحاً وقد اختفى الضباط والجنود، فرحنا نتشاور فيما بيننا واخيراً قررنا الخروج، ووضعنا احتمالين، اما ان نتعرض للاغتيال او نذهب الى بيوتنا»، وكان الاحتمال الثاني هو الصحيح، فذهبنا الى بيوتنا».

ويصف سامي شرف فترة السجن بانها كانت تجربة قاسية عانى فيها هو وزملاؤه من عذاب معنوي شديد، ويقول انه بعد خروجه من السجن قرر ان يستمر في التعليم، فأنتسب الى الجامعة الامريكية بالقاهرة للحصول على الماجستير في الادارة العامة، لكنه تفاجأ هناك بأن احد اساتذة الجامعة كان من عناصر المخابرات الامريكية كان يضايقه في محاولة للحصول منه على معلومات عن جمال عبدالناصر، فترك الجامعة، وقرر ان يعلم نفسه بنفسه وان يطور ثقافته ليواكب عصر الكمبيوتر والانترنت، وهو ما حدث.

سامي شرف، الذي كان من اقرب الناس الى الزعيم جمال عبدالناصر شارك ضمن وفد مجلس التضامن المصري في الجولة العاشرة لندوة العلاقات اليمنية - المصرية التي انعقدت بصنعاء يومي 17 و18يونيو الجاري.. وتحدث في هذا الحوار الذي استمر لأكثر من ساعتين لـ«26سبتمبر» عن علاقته بالرئيس جمال عبدالناصر متى بدأت وكيف؟ وكيف كان عبدالناصر يدير شؤون الدولة، وعن اسباب النكسة وملابسات وفاة المشير عبدالحكيم عامر وما قالته قناة «الجزيرة» الفضائية عن هذا الموضوع.

وتطرق الحوار الى استراتيجية عبدالناصر في التعامل مع اسرائيل، ثم الى الثورة اليمنية ودعم عبدالناصر لها، ودور البيضاني في الثورة وعلاقته بعبدالناصر والسادات، وحرب اكتوبر 1973م وغير ذلك.

*التقاه: أحمد الجبلي

> أثارت قناة الجزيرة الفضائية مؤخراً قضية النكسة ووفاة المشير عبدالحكيم عامر، وتضمن البرنامج الذي قدمته اتهامات للرئيس جمال عبدالناصر ولك شخصياً بتصفية المشير.. باعتقادك، لماذا إثارة هذه القضية الان وقد مرت نحو 35 سنة؟

>> الحقيقة، قبل التسجيل مع قناة الجزيرة دائماً كنت اطرح على هذه القناة علامة استفهام ، لانه حدث قبل ذلك انها زّورت في تسجيل كنت قد عملته في شهر فبراير عام 1984م بالشارقة فأدّعوا انه تسجيل حديث واذاعوه السنة الماضية، وعندما طالبتهم بتوضيح موقفهم لم يردّوا علي او تهرّبوا من الاجابة.

والذي جعلني اشترك معهم في قضية وفاة المشير عبدالحكيم عامر - رحمة الله عليه- تدَّخل احد الاصدقاء الصحفيين في مصر اعتز به وقد اعطاني ضمانات بأنهم سيلتزمون بالامانة ، وبناءً عليه وافقت على التسجيل معهم، وللاسف ندمت على قبولي بالتسجيل، وانا اعتبر ان هذه المحطة، محطة مشبوهة واعلن هذا، لان الاعلامي النظيف الشريف يجب الا ينحاز وان يتمسك بذكر الحقيقة ولا ينحاز لاي من المتحاورين معه، ويجب ان يكون محايداً، والا يصبح ليس اعلامياً.

المشير مات منتحراً

> هذا ما حدث مع الجزيرة، لكن ما الذي يمكن ان تقوله عن وفاة المشير عبدالحكيم عامر؟

>> المشير عبدالحكيم عامر مات منتحراً، وهناك تحقيق تم في هذه القضية تولاه، المستشار عصام الدين حسونة وزير العدل حينها، ولمن لايعلم، فان المستشار حسونة تم ترشيحه لوزارة العدل بواسطة المشير عبدالحكيم عامر، بمعنى اننا لا يمكن ان نقول انه من رجال جمال عبدالناصر، وقد عمل مع شقيق المشير عبدالحكيم عامر المرحوم المستشار عبدالجواد عامر لفترة طويلة جداً في قطاع غزة، والمستشار عبدالجواد هو الذي رشحه للمشير عامر ليتولى وزارة العدل، والمشير بدوره رشحه لذلك المنصب.

الشيء الثاني، فان النائب العام الذي شارك وزير العدل في التحقيق هو المستشار محمد عبدالسلام، وهو ايضاً لم يكن من رجال القضاء المؤيدين لثورة 23 يوليو، بل يمكن ان نصفه بضمير مستريح انه لم يكن من الموالين للثورة.

الامر الثالث، الاطباء الذين قاموا بالكشف على جثة المشير عبدالحكيم عامر ، واشرفوا على عملية التشريح عددهم اربعة، وهم كبير الاطباء الشرعيين بوزارة العدل، مساعد كبير الاطباء الشرعيين بوزارة العدل، واكبر اثنين اساتذة طب شرعي في جامعتي القاهرة وعين شمس، ونحن جميعاً نعلم ان هناك ما يسمى بقسم ابقراط الذي يقسم به الطبيب، علاوة على هذا فالطب الشرعي يعتبر نوعاً من انواع القضاء، اذا فالطبيب الشرعي قاض قبل ان يكون طبيباً، ثم طبيباً قبل ان يكون قاضياً، ولذلك فهو امامه قسم القضاء وقسم ابقراط.

فهذه التركيبة للمجموعة التي قامت بالتحقيق والوصول الى نتيجة حول وفاة المرحوم المشير عبدالحكيم عامر اجمعت بلا استثناء وبلا تحفظ من اي واحد منهم ان وفاة المشير كانت انتحاراً، وهذه هي الحقيقة.

ثم، دعني اسأل: من الذي لديه مصلحة في موت المشير عبدالحكيم عامر؟ فقد كان انساناً محبوباً وشريفاً، ويمتلك وفاءً لا يجاريه فيه احد، وكان لصيق الصلة بعبدالناصر الى درجة اننا كنا نعتبرهما توأم على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد العام.

فلم يكن لعبدالناصر مصلحة في قتله، وليس لمن كان يعمل مع عبدالناصر مصلحة في ذلك، وليس في مصلحة اي مصري او اي عنصر شريف القيام بعملية قتله.

والاهم من ذلك، فان سياسة عبدالناصر لم تقم على الاغتيالات وكانت ثورته بيضاء، فهل يقتل اقرب الناس اليه، او يأمر بقتله؟ حقيقة هذا وضع غير مقبول واذا اخذناه من ناحية سياسية، فهو تحليل عاجز، ومن الناحية العاطفية ، فاذا كنت انا محل ابناء المشير قد تغلبني العاطفة واقول ما قد يفهم منه بأن هناك شكاً.

وارى شخصياً انه اشرف لعبدالحكيم عامر ان يكون مات منتحراً، وعليك ان ترى ما يحدث في اليابان اوفي المانيا بالنسبة للقيادات العسكرية الكبرى عندما كانت تفشل في معركة عسكرية، فالمشير عامر كان سوف يواجه مشكلتين كبيرتين ، الاولى هي الهزيمة العسكرية وما ستسفر عنه نتيجة المحاكمات، والثانية كانت تتمثل في مسائل شخصية كانت ستجرحه وتؤذيه وتشوه صورته امام المجتمع وامام اسرته.

وهذا تحليلي الشخصي، وربما ذلك هو الذي دفعه الى الانتحار.

ولعلمك، فالمشير كان قد حاول الانتحار لثلاث مرات في خلال عشرة او خمس عشرة يوماً السابقة.

بين عبدالناصر وعامر

> ما رأيك فيمن يرون انه رغم قوة عبدالناصر، ولكنه في فترة من الفترات كان بعيداً عن المؤسسة العسكرية والقيادات مما اتاح الفرصة لسامي شرف وصلاح نصر وشمس بدران الذين كانوا هم يديرون الدولة؟

>> سؤالك يحتوي على تداخلات بعيدة عن الحقيقة مما يشير ان لديك تصوراً خاطئاً، فلابد ان تفصل بين صلاح نصر وسامي شرف وشمس بدران.. فصلاح نصر كان رئيس المخابرات، وشمس بدران كان مدير مكتب عبدالحكيم عامر وزير الحربية ثم وزيراً للحربية، اما سامي شرف فكان مدير مكتب عبدالناصر ووزير شؤون رئاسة الجمهورية فيما بعد، ولم نكن نشكل« شلة» بل العكس فقد كان هناك تناقض ، فالعلاقة التي كانت قائمة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية لم تكن طيبة في مرحلة من المراحل وبالذات في بداية الستينات، وبالتحديد بعد الانفصال بين مصر وسوريا، فقد بدأ يشوبها نوع من التباعد، ففي تلك الفترة اخذت المؤسسة العسكرية وضعاً ليس لها، وهذا ربما احد اسبابه الرئيسية ثقة الرئيس جمال عبدالناصر في المشير عبدالحكيم عامر، فقد كان يثق فيه ثقة مطلقة ولم يكن يقبل اي كلام حولها ولا مناقشة، ثم ان التعيينات التي اجراها عبدالناصر في مؤسسة الرئاسة غير التعيينات التي اجراها المشير عبدالحكيم عامر في المؤسسة العسكرية، فعبدالناصر كان اسلوبه في العمل يعتمد على مبدأ الثواب والعقاب، والادارة الحازمة هي التي تثيب وتعاقب، اما ادارة عبدالحكيم عامر فلم يكن فيها ثواب وعقاب، ويتغلب عليها العنصر الامني في القيادات العسكرية، فطالما غلبت العنصر الامني في القيادات العسكرية فمع مرور الزمن ستجد نفسك خاضعاً لهذه القيادات ، وخصوصاً اذا كانت هذه القيادات العسكرية اثبتت جدارة في قيادتها الامنية، وهذا على حساب التدريب وعلى حساب احتمالات مجابهة العدو.

ولو لاحظت للذين تعينوا في مؤسسة الرئاسة، تجد ان هناك واحداً فقط هو الذي بدأ مع عبدالناصر الى ان مات وهو انا، اما البقية فقد تغيروا.

اما في اسلوب المشير عبدالحكيم عامر بالنسبة للتعيينات فقد ظلت بعض القيادات لفترة طويلة من 1956م الى 1967م تقريباً في نفس المنصب ومثالاً على ذلك :الفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية الذي ظل في منصبه من 56 الى 1967م، قد تسألني اين عبدالناصر من ذلك؟ هنا سندخل فيما يسمى بحسابات التوازن في السلطة العليا، وكما تعلم فاننا في العالم الثالث وبالذات في العالم العربي فإن العمود الفقري لكل الانظمة هو القوات المسلحة، ولا نستطيع ان ننكر هذا. والذي كان يتولى القوات المسلحة في مصر هو المشير عبدالحكيم عامر، وهو موضع ثقة الرئيس جمال عبدالناصر، واذا بدأت ثقتك تهتز فيمن تثق فيه، سوف تشك في كل الناس وتضيَّع الدنيا.. وستفقد توازن النظام وتجده قد اهتز.

ومن هنا تبقى الثقة متغلبة على احتمالات الشك، وهذا الموضوع ربما يصعب الكلام حوله او التعبير عنه بالالفاظ، لكنني عايشته واستوعبته تماماً..فانا مثلاً كمواطن عادي او كمدير لمكتب الرئيس كنت احياناً اسأل نفسي: « ليه الريس يعمل كده» وفي بعض المرات كنت اسأله فعلاً، واضرب لك مثلاً بذلك، ففي عام 1956م تم الاتفاق بين الرئيس عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر على ان تجنب القيادات العسكرية بعد مناقشات طويلة، فطلب المشير عامر من عبدالناصر فرصة 48 ساعة، وجاء بعدها ليقول له بأنه لايوافق على ذلك، وعندما سأله عبدالناصر لماذا؟ رد عليه« بأنه لو وافقت على ذلك فمعناه انا فاشل» واقنع جمال عبدالناصر بذلك، لان فشل عبدالحكيم عامر يعني فشل ثورة يوليو.

وارجو هنا ان يفهمني القارئ صح، فأنا لا ادافع ولا ابرر، لكن هناك ما يسمى بحسابات القوى وموازين القوى في المستوى الرئاسي للدولة، وهذا الامر صعب جداً تفسيره وصعب جداً ان اقنع به انسان لم يعش هذه التجربة في المطبخ الداخلي بتاعها، ولكن رجاءً فلنسلم بان كل حكم له ميزان قوي، وارجو ان يفهم حديثي بهذا المنطق ولا يفهم بمنطق المكابرة وانني فقط اردت الدفاع عن عبدالناصر او ابرر، فليس هناك ما يساوي التبرير، فعلينا اليوم ان نتعلم من التجربة ومن الاخطاء التي حدثت ونستفيد منها، وان كنت انا خارج السلطة اليوم، فانني اقول ذلك ليستفيد منه الاخرون، ولكي تستفيد الاجيال القادمة من هذه الاخطاء.

فحسابات موازين القوى بالنسبة للرئيس جمال عبدالناصر في المرحلة من 56 الى 67 كانت في جانب، منها عدم التفريط في المشير عبدالحكيم عامر، بالرغم من انه قد يكون جمال عبدالناصر في قرارة نفسه مقتنعاً انه من المصلحة ان يبعده ، لكن في حاجة اسمها النظام والدولة، وتأثير ذلك على الخارج فمصر بالذات بالنسبة للخارج موضوعه تحت المايكروسكوب، واي اهتزاز للنظام في مصر كانت قوى متكالبة تنتظر الفرصة للانقضاض عليها، ولو لاحظت ان العمليات العسكرية التي تمت ضد ثورة 23 يوليو كانت في لحظة النظام فيها ضعيف، ولذلك هناك من ينتظرون حدوث نوع من انواع فقدان التوازن في السلطة لكي يتكالبوا عليها.

نقد الذات

اعود بك ثانية الى الموضوع الذي نحن بصدده، فاقول بعد 1967م اقتنع جمال عبدالناصر بأنه يستطيع ان يتخذ اجراءً،أو ان الظروف والاوضاع التي اصبحت فيها مصر حتمت عليه ان يتخذ اجراء بالنسبة للمؤسسة العسكرية، ومن هنا بدأت عملية المحاكمات، واصر عبدالناصر على المجتمع المفتوح وقال نبدأ هذا المجتمع المفتوح في طريقين متوازيين الاول، ان تكون المحاكمات علنية بالنسبة للقيادات العسكرية، والطريق الثاني ان يكون هناك حزبين، وبعد فترة زمنية اخرى من التجربة قد تصبح العملية مفتوحة وتكون هناك تعددية حزبية على نطاق اوسع.

واذكر انه يوم 3و4 اغسطس عام 1967م ترأس عبدالناصر جلستين للجنة التنفيذية العليا، نقد فيهما نفسه نقداً ذاتياً مريراً، ونقد التجرية نقداً لا يدانيه نقد، وتوصل الى نتيجة مفادها بأنه لابد ان يتغير الاسلوب ولابد من خلق نظام جديد لحكم مصر، يقوم على ما ذكرته لك وهو ان يكون هناك مجتمع مفتوح، وان يطلع الشعب على كل شيء وان لا تكون هناك سرية.. وهذا ما حدث وعملنا به ومن ذلك بيان 30 مارس والتغييرات التي حدثت بعد ذلك، وفي نفس الوقت الاعداد للمعركة، بمعنى ان الخطوات التي اتبعها عبدالناصر كانت ثلاثية الابعاد، البعد الاول تمثل في اعادة بناء القوات المسلحة، والبعد الثاني الاستمرار في التنمية وتم في هذه المرحلة استكمال بناء السد العالي، واستكمال مصنع الالمنيوم ومصنع الحديد والصلب.

ثم بدأت حرب الاستنزاف التي رأى فيها القادة الاسرائيليين بداية النهاية بالنسبة لاسرائيل والمحور الاخر الذي كان يهدف اليه عبدالناصر هو خلق المجتمع المفتوح والتغيير، وقد كان مصراً ليس فقط على تغيير نمط الحكم، انما تغيير الاشخاص ايضاً، على ان تعطى الفرصة للاجيال المتعاقبة للتأهيل وتولي القيادة، وحتى تكون هناك تركيبة هرمية من اجيال متعاقبة تشكل هرم الحكم في مصر على اساس المجتمع المفتوح، ولكن القدر لم يتح له ان يكمل مشواره، ومات عبدالناصر وعمره لم يتجاوز 52 عاماً لكنها ارادة الله التي نخضع لها ونسلم بها، ولكن عزاؤنا ان عبدالناصر ترك لنا اشياء مادية كما ترك لنا قيماً لا نستطيع ان ننكرها، وهي قيم الارادة والتحرر والاستقلالية وعدم التبعية وعدم الاستسلام ، وان صراعنا مع العدو هو صراع وجود وليس صراع حدود، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وكمجتمع داخلي، يد تبني ويد تحمل السلاح، لا نتقاعس.

وعلى الصعيد المادي ، ترك لنا السد العالي، اصلاح زراعي، وترك لنا 50 بالمائة عمال وفلاحين ، ومرأة تشارك وهي نصف المجتمع، وقد مكنت ثورة يوليو المرأة المصرية ان تنال حقها الانتخابي في سنة 1956م في الوقت الذي لم تكن فيه سويسرا تمنح المرأة حقها الانتخابي، ثم اخذت المرأة المصرية حقها في الوظائف العامة حتى وصلت الى درجة الوزير، وليس هناك تفرقة في المعاملة المالية بين المرأة والرجل في مصر كما يحدث في امريكا اليوم من تمييز بين الرجل والمرأة في حقوق الوظيفة المالية.

كل هذه الاشياء المادية والمعنوية والقيم تركها عبدالناصر، وعلينا ان نعض عليها بنواجذنا، وعلينا ان نفعلها ونستفيد من الاخطاء والسلبيات ، ونسعى الى تفعيل الايجابيات وتطورها، لان من تعاليم جمال عبدالناصر لنا انه كان يناقشنا في كل قرار نتخذه او اي رأي ندلي به، فالحياة ليست ثابتة وهي دائماً متحركة وكما يقول المثل «الحركة بركة» ولذلك فقد كان عبدالناصر يؤمن بارادة التغيير وتفعيل ارادة التغيير من منطلق ضرورة التحرك وعدم الجمود على اوضاع نعتبرها بقرة مقدسة.

خطة الحرب

> كيف كانت استراتيجية عبدالناصر في التعامل مع الكيان الصهيوني، وهل فكر يوماً في السلام؟

>> لا ابداً، وقد كانت رؤية عبدالناصر للكيان الصهيوني هي ان الصراع العربي- الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود.

وبعد نكسة 1967م لو كان يريد السلام بالطريقة التي حدثت للاسف الشديد فيما بعد كان وافق على عروض الامر يكان وغيرهم لإكثر من مرة، ووفر على نفسه «وجع الدماغ» واعادة بناء المؤسسة العسكرية وغير ذلك، لكنه اصر على بناء جيش، وجيش حارب وانتصر، والجيش الذي انتصر في 1973م هو جيش جمال عبدالناصر.

فمن الذي اعاد بناء الجيش؟ اليس جمال عبدالناصر، فعندما مات عبدالناصر عام 1970م كان هناك خطة وافق عليها في القطار من مرسى مطروح الى القاهرة مع الفريق فوزي وقد وقع عليها وتنص على ان تقوم الحرب اما في شهر اكتوبر 1970م او في شهر ابريل 1971 ايهما يقره القادة العسكريين؟ وكانت القوات جاهزة ومكتملة بكل شيء، ولعلمك ان خراطيم المياه والسد الترابي كلها كانت جاهزة من ايام عبد الناصر ، حتى تجارب حفر خط بارليف كانت قد حدثت ايام عبدالناصر، اثناء حرب الاستنزاف، ومقابلة العدو والمواجهة بين الجندي المصري والجندي الاسرائيلي تمت ايضاً في حرب الاستنزاف، ومعارك المدفعية والقوت الجوية ومعارك العبور واصطياد اسرى اسرائيليين كلها تمت في حرب الاستنزاف.

اذاً الاعداد كان جاداً بنية تحرير الارض، ويأتي احد ليقول اليوم ان عبدالناصر كان يسعى الى سلام، كما يردد ذلك بعض الاخوان الماركسيين للاسف الشديد وبصراحة بعض هؤلاء الماركسيين هم الذين يدعون هذا الادعاء وهو ادعاء باطل وغير حقيقي، ولا يعني هذا ان عبدالناصر هو صاحب مقولة «نرمي اسرائيل في البحر»، هذا لم يحدث ولم يقل في حياته هذه المقولة، ولكنه كان يسعى الى حرب طويلة الامد، وقال قبل ان يموت: الجولان قبل سيناء، والضفه قبل سيناء، وليس كما حصل بعد ذلك للاسف الشديد ان تم استرداد سيناء ومنقوصة كمان.

ولعلمك ان سيناء عرضت على جمال عبدالناصر «بدل المرة الف» لدرجة انه امرنا نحن كمعاونين في يوم من الايام وقال لنا: اي سفير اجنبي يطلب مقابلتكم او اتصالات خارجية تتم معكم حول موضوع تفاوض وغيره ارفضوا المقابلة واطردوه وقد حصل ذلك مع السفير الروماني في مصر وكان شاوشيسكو متبنياً هذه العملية فاصدر الرئيس جمال عبدالناصر اوامره لمحمود رياض بعدم مقابلة السفير الروماني خالص.

وما اريد ان أؤكد عليه هنا هو ان عبدالناصر لم يكن داعية حرب، او داعي للعدوان، لكنه لم يكن يقبل ان يعتدى عليه وحتى في القضايا العربية- العربية طوال حياته لم يبدأ اية معركة واتحدى ان يقول لي اي واحد ان عبدالناصر بدأ معركة او مشكلة ضد اي بلد او زعيم عربي، فقد كان دائما ًهو المتلقي ثم يرد، لكنه كان اقوى لانه كان صاحب حق، ولذلك حجته كانت اقوى من حجة المهاجم، ولا اريد ان اذكر امثلة لكي لا تحرجني او احرجك

..............."

إنتهى نقل هذا الجزء

يحى الشاعر


Graphic by Martin

Back to Index & proceed
الــــرجوع الى الفهـــرس للمتابعة والمواصلة

You are my today's
زيارتكم هى رقم

Web guest

Thank you for your visit
شـــكرا لزيارتكم الكريمة






© 2007 Yahia Al Shaer. All rights reserved.

This web site is maintained by

ICCT, International Computer Consulting & Training, Germany, US