
يهودا بلنجا – إسرائيل اليوم / 20/2/2025
كثرت في الأسابيع الأخيرة تقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تعزيز القوات المصرية في سيناء، وعن خرق مصري فظ لاتفاق السلام، بل وعن احتمالات الحرب. برزت في الشبكات الاجتماعية أشرطة فيها شهادات مصورة لدبابات ومجنزرات، ووسائل لوجستية وجنود مصريين يدخلون إلى سيناء. أضيفوا إلى هذا أن المصريين بنوا منذ العام 2004 نحو 60 معبراً (جسور وأنفاق) في قناة السويس، وأقاموا عشرات مخازن الذخيرة ومواقع تخزين تحت أرضية في سيناء، ومراكز لوجستية ومخازن وقود، وستحصلون على صورة وضع مقلقة.
في العقود الأخيرة، اجتاز الجيش المصري رفعاً جدياً لمستواه. تعاظمت منظومته العسكرية منذ صعد السيسي إلى الحكم؛ فقد وسع دور الجيش في الاقتصاد والسياسة المحلية، ومن العام 2014 يسرع مسيرة تحديث القوات المسلحة المصرية. والسبب المعلن هو الحاجة إلى مكافحة الإرهاب من الداخل الذي يمثله “داعش” والإخوان المسلمون؛ لاستعراض القوة أمام إثيوبيا التي بنت سد النهضة، الذي يهدد -حسب الرواية المصرية- بتجفيف النيل؛ وأيضاً لمنع الإرهاب في الحدود الغربية مع ليبيا من التسلل إلى مصر… لكن “داعش” وإثيوبيا وليبيا مجرد ذريعة. عملياً، منذ الأزل ورغم اتفاق السلام مع إسرائيل، تعاملت مصر معنا كعدو. جهاز التعليم والثقافة ووسائل الإعلام، تظهر أننا العنصر القامع، والاحتلال المجرم الأجنبي، والإمبريالية المهددة لسلام المنطقة. التطبيع ليس على جدول الأعمال. عندما ثار الجمهور المصري في أثناء الحملة الإسرائيلية في غزة، أو الأعمال في لبنان، يكون هذا واضحاً. حتى بعد أن هدد أوباما بتجميد المساعدات العسكرية عن مصر، بعد انقلاب السيسي في 2013، كان الشارع، بحركاته السياسية المختلفة، دعا لإلغاء اتفاق كامب ديفيد، ثم قطع العلاقات مع الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، تنبع صورة “العدو الخالد” من حاجز نفسي أيضاً: إسرائيل أمة صغيرة وحديثة، نجحت في تحويل القفر الصحراوي إلى مناطق مزدهرة؛ وهي مجتمع متراص الصفوف رغم الخلافات؛ وهي نموذج لديمقراطية مزدهرة رغم التحديات والتهديدات (بعضها وجودية) – حيثما فشلت الدكتاتورية المصرية. وعليه، وفي صالح الجواب على التهديد الإسرائيلي، تحوز مصر الجيش الـ 21 في حجمه في العالم، الذي يتضمن سلاح جو هائلاً، وفيه نحو 600 طائرة (منها 350 طائرة قتالية)، وسلاح مدرعات وفيه نحو 5.300 دبابة، وحجم قوات بنحو 460 ألف جندي في النظامي و480 ألف في الاحتياط.
لكن مراجعة لعمق المعطيات، تبين أن الحديث يدور عن جيش قديم، يحاول أن يبث قوة وعزة قوية تجاه الداخل، ويبث صورة عظمى إقليمية تجاه الخارج وفي الساحة العربية الداخلية. ربع الدبابات من العصر السوفياتي. أما سلاح الجو الفاخر -وإن كان فيه نحو 168 طائرة إف 16- لكن الباقي طائرات ميراج وميغ 29.
إن انهيار السلام وحرب مصرية – إسرائيلية يعدان خطاً أحمر للأمريكيين، وخطوة تؤدي إلى أزمة هدامة في العلاقات مع واشنطن. فهل يمكن للمصريين خوض حرب طويلة إذا ما قررت الولايات المتحدة إغلاق صنبور الذخيرة أو قطع الغيار للجيش المصري؟ هل الكمية المصرية، التي كانت دوماً تفوقاً للجانب العربي، تستطيع الوقوف الآن أمام الكيفية الإسرائيلية؟
مصر لم تخض حرباً منذ 1973. وعليه، فبخلاف الميول الشعبية، فإن الأنظمة المصرية المختلفة، من حسني مبارك مروراً بمحمد مرسي إلى السيسي – فضلت السلام. السلام بالنسبة لمصر هو أساس لاستقرار داخلي، وأرضية للتعاون والمساعدة من الغرب، والقدرة على تفريغ الميزانيات للتنمية المحلية أيضاً (بناء القاهرة الجديدة مثلاً!!). هذا لا يجعل الجيش المصري أقل تهديداً، خصوصاً بناء بنى تحتية عسكرية مصرية في سيناء. لكن لا حاجة لتصعيب الخطاب، ولا لخلق تهديد مواز تجاه مصر.
إسرائيل قد تحتج وتطالب بالتفسير، لكن يجب حل الخلافات بقنوات الاتصال القائمة بين “القدس” والقاهرة. في النهاية، السلام هو مصلحة إسرائيلية – مصرية متبادلة.
تحقيقات إسرائيلية: الضيف كان على وشك إلغاء “طوفان الأقصى”
يدّعي تقرير إسرائيلي يستند إلى التحقيقات الداخلية التي يجريها الجيش ومصادر أخرى أنّ قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، فكّر في اللحظة الأخيرة قبل إطلاق عملية “طوفان