
الدبابات تحاصر قصر عابدين يوم 4 فبراير 1942
سعيد الشحات يكتب:
الثلاثاء، 04 فبراير 2014 10:38 ص الملك فاروق
تأخر الملك فاروق ثلاث ساعات في استدعاء مصطفي النحاس لتكليفه بتشكيل وزارة جديدة ، تنفيذا لإنذار السفير البريطاني السير ” مايلز لامبسون ” فغطت دبابات الاحتلال البريطاني وعرباته المصفحة ساحة قصر عابدين .
كانت مهلة الإنذار تنتهي في ” السادسة” مساء مثل هذا اليوم 4 فبراير 1942 ،وعندما تلقاه الملك فاروق في الصباح ،دعا سياسيون الي القصر ، وعرض عليهم الأمر ، واتفقوا علي رفض الإنذار ، وتم إبلاغ “لامبسون ” برسالة تحمل هذا الرفض .
في التاسعة مساء وصل ” لامبسون ” الي قصر عابدين ، وتقدمت الدبابات لحصاره، توجه الي مكتب “الملك” بالدور الثاني قائلا له بازدراء شديد :” توقعت منك ردا بلا أو نعم في الساعة السادسة علي الرسالة التي بعثت بها صباح اليوم ، وبمقتضي السلطات المخولة لي أطلب منك توقيع وثيقة بالتنازل عن العرش ، وليس أمامك غير أن توقع عليها فورا ، وإلا فإنني سوف اتخذ إجراءات أخري للتصرف معك قد لا تكون مرضية لك “.
كان نص التنازل :” نحن فاروق الأول ملك مصر ، تقديرا منا لمصالح بلدنا فإننا هنا نتنازل عن العرش ونتخلي عن أي حق فيه لأنفسنا ولذريتنا ، ونتنازل أيضا عن كل الحقوق والامتيازات والصلاحيات التي كانت عندنا بحكم الجلوس علي العرش ،ونحن هنا أيضا نحل رعايانا من يمين الولاء لشخصنا “.. “
نظر “فاروق “الي الوثيقة ،كاد أن يمسك القلم للتوقيع ، همس له” أحمد حسنين باشا” بكلمات باللغة العربية لم يفهمها ” لامبسون ” ، لكنها أصابت ” الملك ” بالهلع ، نظر الي ” لامبسون منكسرا :” هل يمكن أن تعطيني فرصة أخري وأخيرة ؟ ” فرد ” لامبسون بصلف :” لابد أن أعرف فورا وبدون مراوغة ما الذي تنوي عمله ؟ فأجاب فاروق :”سوف استدعي النحاس علي الفور ، وإذا أردت استدعيه في وجودك وأكلفه علي مسمع منك بتشكيل الوزارة الجديدة” .
زاد “لامبسون ” من صلفه :” هل تفهم بوضوح أنها يجب أن تكون وزارة من اختيار النحاس وحده ؟”، فرد فاروق :” أفهم “، وعند هذه الكلمة بدا ” لامبسون ” أنه لا يعط فرصة ل” الملك ” المذعور ،بقدر ما يقوم بإذلاله .قال ل” الملك “:” أنا علي استعداد لأن أعطيك فرصة أخيرة لأني أريد أن أجنب بلادك تعقيدات قد لا تكون سهلة في هذه الظروف ، وعليك أن تدرك أن تصرفك لابد أن يكون فوريا ” .
خرج ” لامبسون ” مارا بالبهو الطويل ، ويصف الحالة التي كان عليها طريق خروجه :” كان البهو مزدحما علي الآخر بعدد من الضباط البريطانيين ومن تشريفات القصر ، وعند آخر الممر من الناحية الأخري كان هناك عدد من السيدات ظهرن لي وكأنهن قطعان من الدجاج المذعور” .
بعد نصف ساعة ، وكما يؤكد ” لامبسون ” في مذكراته ، كان مصطفي النحاس في السفارة البريطانية لإبلاغ “السفير” بأن الملك استدعاه وكلفه بتشكيل الوزارة، فأبلغه لامبسون :” سوف أتراجع من الآن الي خلفية المسرح ، وأترك لك أن تقف في الواجهة وتتصرف وتؤلف الوزارة “.
هكذا مر اليوم بحدثه الكبير الذي يكفي للرد علي من يتباكون علي ديمقراطية هذه المرحلة ، ومازال في الحدث تفاصيل أخري