بقلم : عمرو صابح

- فى 7 نوفمبر 1973 التقى الرئيس السادات بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر فى قصر الطاهرة بالقاهرة ، وفى هذا اللقاء المنفرد تعهد السادات لكيسنجر بتصفية إرث عبد الناصر وتحطيم العلاقات المصرية السوفيتية والانتقال بمصر للمعسكر الغربي والتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية والسلام مع إسرائيل.
فى 18 يناير 1974 تم توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية كأول خطوة فى طريق السادات نحو التبعية لأمريكا والصلح مع إسرائيل. - تفاصيل لقاء السادات بكيسنجر ذكرها كيسنجر فى مذكراته الصادرة بعنوان “سنوات القلاقل” الجزء الثاني.
- فى 27 يناير 1974 قرر الرئيس السادات الإفراج صحياً عن الكاتب الصحفي مصطفى أمين المدان بتهمة الجاسوسية فى يوليو عام 1965 لحساب المخابرات المركزية الأمريكية والمحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ، كما قام السادات بتعيينه رئيساً لتحرير جريدة الأخبار كما استدعى السادات شقيقه على أمين والذي كان هارباً فى العاصمة البريطانية لندن بعد حبس أخيه وبعدما حامت حوله شبهات العمالة للمخابرات البريطانية، كما أمر السادات الكاتب الصحفي أحمد أبو الفتح والذي غادر مصر عام 1954 بالعودة كما قام برد جنسيته إليه ، كان الرئيس جمال عبد الناصر قد أسقط الجنسية المصرية عن أحمد أبو الفتح بعد تأسيسه لإذاعة مصر الحرة فى العاصمة الفرنسية باريس وهي إذاعة موجهة لمهاجمة نظام جمال عبد الناصر كانت السعودية تمولها والمخابرات الفرنسية نشرف عليها ،وعبر أثير إذاعة مصر الحرة كان أبو الفتح خلال حرب العدوان الثلاثي يدعو المصريين للترحيب بالغزاة وإسقاط جمال عبد الناصر.
- فى 2 فبراير 1974 قرر السادات طرد محمد حسنين هيكل من رئاسة مجلس إدارة الأهرام ، بعد 17 عاما قضاها هيكل على عرش الأهرام أطاح به السادات ، كما قام بتعيين على أمين مديراً لتحرير الأهرام وتم منع هيكل من الكتابة فى مصر.
- لم يكتف السادات بذلك بل قام بتعيين الكاتب ثروت أباظه رئيساً لتحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون ، وكان مصطفى محمود يكتب بمجلة روز اليوسف ، وصالح جودت -شاعر كل العصور الذى كتب بعد تنحي عبد الناصر أغنية ” قم واسمعها من أعماقي فأنا الشعب ” والتى شدت بها أم كلثوم وفيها يقول صالح جودت لعبد الناصر : أنت الخير وأنت النور .. أنت الصبر على المقدور .. أنت الناصر والمنصور- يتولى رئاسة تحرير مجلة المصور.
- بدءً من فبراير 1974 انطلقت مدفعية نظام السادات الإعلامية تجاه قبر جمال عبد الناصر ، وكانت البداية عبر كتاب “عودة الوعي” لتوفيق الحكيم الذي قال فيه أنه عاش فاقداً لوعيه طيلة عهد عبد الناصر ، وعاد له وعيه فى 23 يوليو 1972 فصاغ هذا الكتاب.
- ثم توالت المقالات والكتب التى تدين جمال عبد الناصر وعهده ، فالزعيم الميت منذ 4 سنوات الموصوف بالبطولة وخلود الذكر وعظمة الإنجازات ، رمز مصر الحديثة ، تحول إلى ابن يهودية وعميل أمريكي ومصاب بجنون العظمة وقاتل دموي وسبب للخراب وجلاب للهزيمة ، لم يسلم أحد من شره ، عاش حاقداً على الأغنياء ،مفتوناً بذاته ، كارهاً للجميع ، وكتب مصطفى أمين ان عبد الناصر سمم طبيبه الخاص أنور المفتي لاكتشافه جنون عبد الناصر بينما طالب صالح جودت بإخراج جثمان عبد الناصر من قبره وإطلاق الرصاص عليه ، وطالب على أمين ببيع القطاع العام لأنه دخل إحدى فروعه بوسط مدينة القاهرة فوجد موظفة به تضع ابنها على قصريته على مكتبها ليتبرز بها!! بينما كتب أبو الفتح إن عبد الناصر هو السبب فى كل مصائبنا لأنه تحدى القوى العظمى بالعالم ، بينما قام ثروت أباظه بجلب كتبة مجهولين بمجلة الإذاعة والتليفزيون للكتابة عن خيانة عبد الناصر ، وقام مصطفى محمود بالمطالبة بتحطيم البدلة الجبس التى ألبسها عبد الناصر للمصريين المتمثلة فى القطاع العام ومشروعات التصنيع ومجانية التعليم ، ولم يسلم مشروع السد العالي من حملة الهجوم على جمال عبد الناصر ، فتعالت المطالبات فى الإعلام الساداتي بعدم جدواه وضرورة البحث عن طرق لهدمه!!
- فى يناير 1976 بدأ الأستاذ هيكل نشر سلسلة مقالات بعنوان لمصر … لا لعبد الناصر ثم قام بجمعها فى كتاب صدر بنفس الاسم خارج مصر فى نفس العام ، وفي كتابه قدم هيكل دفاعاً موضوعياً عن عبد الناصر وسياساته ، كما أوضح هيكل من وراء حملة الهجوم العاتية على جمال عبد الناصر وسياساته ، وما أهداف تلك الحملة.
- ولكن ما يعنينا الأن بعد عقود من حملة تشويه عـبد الناصر ومن صدور كتاب “لمصر … لا لعبد الناصر” هو ما ذكره هيكل فى كتابه فى فصلين:
الأول بعنوان ” نيران الصراع الطبقي من أشعلها فى مصر؟”
والثاني بعنوان ” هل وزع الفقر وخلف وراءه تركة مثقلة؟”. - قام هيكل فى الفصل الأول بتحليل للصراع الطبقي فى مصر قبل ثورة 23 يوليو وبعدها كما قام بعرض رؤية جمال عبد الناصر لحل هذا الصراع ، وحذر هيكل من الطبقة الجديدة التى خلقها الانفتاح ومن أثار تغولها على بنية المجتمع المصري ، كما نبه لأثار التفاوت الطبقي الشاسع الذي سوف ينجم عن استمرار سياسات الانفتاح.
وفي الفصل الثاني تناول هيكل الاقتصاد المصري فى عهد جمال عبد الناصر بالأرقام الموثقة والاحصائيات الصادرة عن البنك الدولي وأثبت هيكل بها انه لا مناص لمصر من المسار الذي خطه عبد الناصر اقتصاديا ، وحذر من ان دعاوى الاستثمار والانفتاح وتفكيك القطاع العام والسير وراء روشتات صندوق النقد الدولي لن تؤدي إلا إلى تحطيم الصناعة الوطنية ، وزيادة الأغنياء ثراءً وزيادة الفقراء فقراً ،وقال ان المستثمرين كل هدفهم هو الصناعات الاستهلاكية سريعة الربح. - بعد 47 سنة من صدور كتاب ” لمصر .. لا لعبد الناصر ” أثبتت الأحداث عبر العقود صدق رؤية هيكل.
- الصورة لغلاف الطبعة اللبنانية الأولى للكتاب فى عام 1976.
- فى عام 1988 خلال عهد الرئيس الراحل حسني مبارك صدرت الطبعة المصرية الأولى لكتاب “لمصر … لا لعبد الناصر” عن مؤسسة الأهرام ،
تحميل كتاب لمصر لا لعبد الناصر .. تأليف : محمد حسنين هيكل
https://drive.google.com/file/d/1GLlWLnmzzj2uLF9zPAsI35u4Eq9gUi2B/view?usp=sharing