سعيد الشحات يكتب: 20 يوليو 1964.. نكروما يقاطع عبد الناصر مطالباً بوضع تمثال له فى أمريكا وعبدالناصر يستأذنه فى أن يستكمل كلامه عن مشاكل أفريقيا
السبت، 20 يوليه 2019 11:00 ص
جمال عبد الناصر ونكروما
استطاع عبدالناصر أن يعبر بالمؤتمر الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية إلى برالأمان، بكلمته فى الجلسة الصباحية يوم 19 يوليو 1964، كان المؤتمر يواصل جلساته فى القاهرة بحضور ملوك ورؤساء 24 دولة أفريقية منذ يوم 17 يوليو 1964.. «راجع، ذات يوم 18 و19 يوليو2019».
أدت كلمة عبدالناصر إلى إعادة لم الشمل، فواصل القادة مؤتمرهم يومى 20 يوليو، مثل هذا اليوم، 1964، و21 يوليو.. يذكر محمد حسنين هيكل فى كتابه «سنوات الغليان» ما قاله عبدالناصرنصا: «الحقيقة أننى فى حاجة إلى أن أذكركم بأننا نريد أن نجعل من هذا المؤتمر إطلالة على مستقبل أفريقيا، وليس مجرد نواح على أحزان ماضيها، فأنا أول من يعرف ثقل الميراث الاستعمارى ومصائبه، ولكننى أعرف أيضًا إذا تركنا مشاعرنا للغضب فسوف توجهنا إلى الانتقام، وهذا شىء سلبى لا يحقق لنا شيئا، وإنما يتركنا بكثير من المرارة فى حلوقنا.. أنا أجد نفسى حائرا بين نغمتين تترددان، نغمة المطالبين بأكثر مما تحملته الظروف مثل حكومة واحدة لكل أفريقيا، وجيش واحد لكل أفريقيا، ونغمة المطالبين بقبول الأمر الواقع والرضا بأحكامه، وظروف أفريقيا فى الحقيقة تسمح لها بتحقيق أشياء عملية كثيرة، ونقطة البداية الصحيحة فى رأيى أن تتمكن أفريقيا أولا من حل المشاكل الأفريقية -الأفريقية، وفى مقدمتها مشاكل النزاع على الحدود».
يكشف هيكل، أن نكروما قاطع عبدالناصرعند هذه النقطة قائلا: «إن هذه الاستكشافات التى قام بها الرحالة الأوربيون وأنهم وضعوها على خريطة العالم هى أيضًا إهانة، فأنا لا أعرف كيف استكشفوا ما كان موجودا قبل أن يوجدوا هم، وعندما يجئ رجل مثل «ليفينجستون»، ويقول إنه اكتشف الكونجو، فإننى أشعر بنار تشتعل فى رأسى، فالكونجوكان موجودا قبل أن يولد «ليفينجستون»، وكان سكانه يعيشون على ضفافه منذ أقدم عصور التاريخ، كان الأجدر بـ«ليفينجستون» أن يقول إنه أوروبى وصل إلى الكونغوو طاف بأرجائه، ولكن أن يقول إنه اكتشفه فهذه وقاحة، وإلا فمن حقى وأنا غانى زار أمريكا أن أقول أننى اكتشفتها، وأن أطالب بوضع تمثال لى أمام مبنى «الكابيتول»..وفقا لهيكل فإنه فور أن ذكر «نكروما ذلك، ضج الملوك والرؤساء الحاضرون بالضحك، واستأذن جمال عبدالناصر فى أن يكمل كلامه، واستطرد: «كنت أتحدث عن نزاعات الحدود، وأرى أن هذه النزاعات قد تسبب كوارث بيننا، ومع تسليمى بأنها هى الأخرى ميراث استعمارى ورثناه، فإننى لا أجد سبيلا إلى حلها غير وسيلة التفاوص والتوفيق، وهذا أسلوب يجب أن نتفق عليه».
يضيف عبدالناصر: «المشكلة الثانية التى أراها أمامنا هى مشكلة التخلف، فنحن من ناحية أمام موارد ومصادر للثروة منهوبة، ولاتزال كذلك، ويضاعف من هذه المشكلة أننا لا نملك الكودار الفنية والإدراية اللازمة لاستغلال ما لدينا، حتى وإن قمنا باسترداد مايسيطرون عليه الآن، وهذه مشكلة لاحل لها فى رأيى غير تعزيز إمكانيات التعاون بيننا، بحيث يستطيع الذين سبقوا منا أن يساعدوا اللاحقين، وهنا فإن الجمهورية العربية المتحدة «مصر»على استعداد لأن تضع ما لديها من إمكانيات وخبرة تحت تصرف قارتها، وفى كل الأحوال فنحن مقتنعون بأن الاستقلال هو مجرد «يافطة»، وأن الحقيقة الفعلية وراء هذه اليافطة هو «اقتصاد».. وقال: «المشكلة الثالثة وكان يحدثنى فيها وزير الاقتصاد عندنا الدكتور عبدالمنعم القيسونى هى مشكلة شروط التجارة الدولية، فشروطها تلحق بنا غبنا شديدا من حيث إنها تضع مواردنا من المواد الخام تحت رحمة أسواق وبورصات الغرب، ولانستطيع أن نواجهها إلا مجتمعين على سياسة واحدة، وطلبت من الدكتور القيسونى أن يعد تقريرا حول هذه القضية، وسنتقدم به إليكم قبل انتهاء المؤتمر».
واقترح عبدالناصر أن تكون أثيوبيا مقرا دائما لمقر منظمة الوحدة الأفريقية..يعلق هيكل:»كان هذا يصدر من اعتبار مصرى خالص، فاعتقاد عبدالناصر الدائم أن مصر يتحتم عليها رعاية مشاعر أديس أبابا فى إطار سياستها المائية».. تحدث عبدالناصر عن مشكلة إسرائيل قائلا: «هناك مسألة أعرف أنها حساسة، ومبعث الحساسية فيها أن هناك عددا من زملائنا وأصدقائنا يتصورون أننا نلح على خطر إسرائيل من تأثير صراعنا كعرب معها، وأننا نريد أن نورط أفريقيا فى مشاكلنا الإقليمية، ونحن نختلف مع أصحاب هذه النظرة، فحين نثير قضية إسرائيل أمام أفريقيا فنحن نفعل ذلك من يقيننا من أنها من نفس الطينة العنصرية التى وجدت منها جنوب أفريقيا، وأعددنا تقريرا مفصلا لكم فى مجالات التعاون بين إسرائيل وجنوب أفريقيا وهى مجالات تمتد إلى تجارة العبيد الآثمة، وحتى ميدان التعاون النووى المشبوه، ونحن لاننوى أن نطرح عليكم اتخاذ أى قررات فيما يتعلق بإسرائيل، ونؤثر أن تجئ أى اقتراحات بهذا الصدد من أفارقة غير عرب إذا هم اقتنعوا بمحض إرداتهم بأن إسرائيل خطر على أفريقيا بمقدار ما هى خطر على العرب».