الرئيسية / كتاب الوعي العربي / المعادلة الصعبة في جمع الفصائل الفلسطينية – بقلم : محمد عبد الحكم دياب

المعادلة الصعبة في جمع الفصائل الفلسطينية – بقلم : محمد عبد الحكم دياب

رأي-دياب-730قثشx438

11 – يونيو – 2021

بدأت وفود الفصائل والشخصيات الفلسطينية العامة والسياسية والإعلامية؛ بدأت تتقاطر على القاهرة مع بدايات الأسبوع الماضي؛ وضمت الأمناء العامّين للفصائل الكبيرة؛ أبرزها حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«حركة الجهاد الإسلامي» وحسب تصريحات مسؤولين من هذه الفصائل أمكننا حصر أهم الملفات المرشحة للعرض على الاجتماعات؛ على رأسها إنهاء الانقسام الفلسطيني، الذي نجم في الأساس عن سيطرة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على قطاع غزة.
وقطاع غزة بعد وقوعه تحت سيطرة «حماس» لمدة طالت.. وتسبب طول المدة في تعميق الانقسام، على مستويات عدة؛ سياسية، وجغرافية، ودينية؛ إلخ، وهو خلاف؛ عمره عقود، وأساسه تناقض المنطلقات العقائدية (الأيديولوجية)؛ بين نهجين على طرفي نقيض، فمنظمة التحرير الفلسطينية، والفصيل الرئيسي فيها «حركة فتح» ملتزمة بالمقاومة الشعبية السلمية، وعبر عن ذلك رئيسها، محمود عباس (أبومازن) وأكد على ذلك في آخر تصريحاته، أثناء لقائه بوزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن برام الله في 25 مايو الماضي قائلا بـ«التزام الجانب الفلسطيني بالمقاومة الشعبية السلمية ونبذ العنف بكافة أشكاله».
وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» تُحسب راديكالية (جذرية) وتحرير فلسطين لديها يتم بقوة الحشد والكفاح المسلح، وتطبيق الشريعة، وهذا تناقض أساسي بين الفصيلين ويحتاج معجزة للالتئام ورأب الصدع، ورغم إن زمن المعجزات قد ولى، جمعت «جبهة التحرير الجزائرية» قوى وجماعات وطنية وقومية وإسلامية واشتراكية، وكان لجمعية علماء المسلمين دور كبير في حرب التحرير الجزائرية، وفي تخليصها من الاستيطان الفرنسي، وتم ذلك تحت ضغط العمل الفدائي والجهادي والالتزام الوطني.
ونعود إلى ما انتهى إليه وصول الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة، وقد قبلت الدعوة المصرية للحضور والمشاركة في الاجتماعات، وكانت مقررة وحضر المدعوون، والتقوا على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء (8 و9/06/2021) ويبدو أنها كانت أشبه باجتماعات حرة ومفتوحة وتمهيدية؛ لتبادل الرأي ثم تتحول إلى جلسات لاجتماعات عملية وفعلية؛ اليوم (السبت 12/06/2021) وهذا لم يحدث.
وكانت أبرز الملفات: ملف إنهاء الانقسام، وملف «إصلاح» منظمة التحرير الفلسطينية، وملف تداعيات العدوان الصهيوني، وينقسم لملفات فرعية؛ هي 1) ملف إعادة إعمار غزة، 2) ملف تثبيت وقف إطلاق النار، 3) ملف عن مواقف الفصائل، 4) ملف عن الفجوة بين لقوى الفلسطينية بتوجهاتها وتنوعها.
ورغم كل ذلك لا تجد من يجادل في الآثار الإيجابية الشاملة، التي نتجت عن عمل المقاومة الفلسطينية، وتصديها الحاسم للهمجية الصهيونية، وضربت المثل في الثبات والإقدام والتضحية؛ دون خوف من قوة الآلة العسكرية الصهيونية المفرطة، ووحشيتها أثناء العدوان على غزة، وفي التهجير القسري لأهالي ضاحيتي الشيخ جراح وسلوان في القدس، وتولت التصدي لانتهاك المقدسات، وارتكبت كافة أنواع المحرمات، وشل قدرتها على مواصلة العدوان، وقد ارتد إليه غرور القوة بأكثر من القدرة على المواجهة، وبشكل أقوى مما كان متوقعا، وقد استمرت دورات عدوانه؛ على مدى أكثر من قرن، ومن قبل قيام دولته على الاستيطان، وعلى الاغتصاب، وزرع أفواج مسْتجلَبة من شتى بقاع الأرض من قبل عام 1948 بقرار الشرعية الدولية، التي صوبت أول بنادقها لصدور العرب، وكانوا تحت الاحتلال، وما زال العرب يراهنون عليها، حتى وهي تتمدد وتتسع بداية من سنة 1967 وما بعدها.

كانت أبرز ملفات اجتماع الفصائل في القاهرة: ملف إنهاء الانقسام، وملف «إصلاح» منظمة التحرير الفلسطينية، وملف تداعيات العدوان الصهيوني

وفي صد الهجمة الأخيرة، حدث تغير جذري مطلوب وغير مسبوق، وكان بطله بلا منازع المقاوم الفلسطيني في الداخل وفي القدس ورام الله وغزة وحيفا ويافا، وفي المخيمات وفي الشتات وداخل ما يعرف بالخط الأخضر، (عرب 1948)؛ وانحازت الأرض إلى أصحابها الأصليين، عملا بمثل شعبي مصري يقول «الأرض تحارب مع أصحابها» وقد وقفوا جميعا صفا واحدا؛ على قلب رجل واحد وتحت راية واحدة؛ راية القدس، الجامعة؛ مسلمين ومسيحيين وشركاء من ملل ونحل جاءت من كل فج؛ أندمجت بأهلها وصارت منهم، وعاشت معهم في السراء والضراء. ولقنوا العدو الصهيوني درسا لا ينسى، وقد جاء انتصار المقاومة الفلسطينية في وقت كانت الحاجة ماسة إليه، ليعتدل الميزان، ويميز الطيب من الخبيث. وجاءت لغة صواريخ القسام التي لا يفهم العدو غيرها ففتحت بابا كان موصدا بعبثية مفاوضات طالت شرعنت لكل المصائب التي حلت بفلسطين وامتدت عدواها إلى باقي العرب.
وهذه اللغة، ومداها ووصولها إلى المستوى الذي جعل العالم يعيد حساباته، ويلملم كيانه المبعثر، وليمنع حدوث ما حدث، وجاء الاهتمام المفاجئ بقطاع غزة؛ متناسيا إغماض العين عن الحصار القاتل لسنوات طويلة.
وجهت القاهرة الدعوة لفصائل المقاومة، والسلطة المستقرة في رام الله فيما بعد أوسلو لحضور اجتماع كان المفترض أن يبدأ الثلاثاء الماضي (08/06/2021) على أن تبدأ جلسته الأولى، بعرض قضايا إنهاء الانقسام، وإعادة ترتيب البيت الوطني من الداخل، وإتمام إجراءات الانتخابات العامة المؤجلة من مايو الماضي. على أن يكون البدء بقضايا ومهام؛ ليست محل خلاف، على الأقل في المستوى النظري، وتناول القضايا المتعلقة بالانتخابات المؤجلة من 22 مايو الماضي، وتوفير شروط نجاحها؛ بالنزاهة وضمان الحريات العامة، وتهيئة البيئة القانونية والسياسية، المصاحبة لها، وتبدأ المرحلة الأولى بالانتخابات التشريعية، وتذليل عقباتها، وترحيل الانتخابات الأخرى لأوقات لاحقة.
وأهمية مشاركة يحيى السنوار، الذي انضم لوفد حماس في اللحظات لأخيرة قبل السفر، ولم تكن مشاركته مقررة اسمه الكامل يحيى إبراهيم حسن السنوار من مواليد 1962 قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ورئيس مكتبها السياسي في قطاع غزة من فبراير 2017 ومن رجال حماس الأقوياء؛ حيث أسندت إليه مهمة متابعة ملف جواسيس الاحتلال الصهيوني، واعْتُقل عدة مرات، وحكم عليه بعدة أحكام بالسجن المؤبد. وأفرج عنه وتحريره في صفقة تبادل الأسرى عام 2011؛ في صفقة معروفة بـ«صفقة شاليط» ووصفته صحيفة يديعوت أحرونوت بوزير دفاع حماس.
وجاء اشتراك السنوار بعد إكتمال وضع مجمل التصورات واللمسات الأخيرة على الملفات، التي كان مقررا طرحها في اجتمعات القاهرة المؤجلة دون معرفة الأسباب حتى كتابة هذه السطور، ومن بينها مسائل تسمح بهامش من التفاعل والحركة والعمل المشترك، بما لا يتعارض مع «خطوط حمراء» لا يجب تجاوزها، وقد راهنت أطراف على ما يمكن أن ينجم عن وجود السنوار في القاهرة وتحريك ملف الأسرى، وكان من المقرر أن تمتد إقامة وفد حماس بالقاهرة عدة أيام، ووفقا لعدد من المصادر إن حركة حماس بالتنسيق مع باقي الفصائل، قدمت طلبا إلى الجانب المصري، أشارت فيه إلى وحدة الموقف الفلسطيني، الذي برز وتأكد في ميادين المعركة وخلال الاشتباك مع العدو، ويبدو إن علاقة «المشير السيسي» الواسعة بالأوساط الصهيونية في الولايات المتحدة والغرب، وعلاقته بصناع القرار في الدولة الصهيونية، وهي علاقة قوية ومستقرة، هل يمكن أن تكون سبب تأجيل اجتماع الفصائل في القاهرة؟

عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *