خلال الأيام القليلة الماضية احتفلت دولة الجزائر الشقيقة بعيد إستقلالها الــ 55 ، الذى يوافق يوم 5 يوليو 2691 ، وبهذه المناسبة فجر الرائد الإذاعي الكبير أحمد سعيد « 92»، مفاجأة من العيار الثقيل « للأهرام» حيث أكد أن الرئيس الجزائري الراحل «أحمد بن بيلا» قام بالتمثيل فى الإذاعة المصرية!، حيث شارك عام 4691 نخبة من النجوم المصريين منهم زيزي البدراوي وعماد حمدي ، كمال حسين، حسن فايق، بطولة المسلسل الإذاعي «رحلة الألفين فرنك»! .
…………………………………….وأضاف مؤسس «صوت العرب» أن المسلسل كان من تأليفي، وإخراج الرائد الإذاعي محمد علوان، وتدور أحداثه حول قصة الثورة الجزائرية، وكفاح «بن بيلا» منذ زار مصر لأول مرة وفي جيبه عشرون فرنكا فقط، حتى أصبح رئيس دولة الجزائر، وإذيع العمل أثناء إحتفالات الثورة الجزائرية بعيد إستقلالها الثاني أو الثالث على ما أذكر، وإذيع على محطتي صوت العرب والجزائر فى نفس الوقت.
وكشف شيخ الإعلاميين لأول مرة ظروف خروج هذا العمل النادر للنور فيقول: فى أحد الأيام كنت «أدردش» مع صديقي المخرج محمد علوان وحكيت له قصتي مع الثورة الجزائرية منذ تعرفت لأول مرة علي الرئيس « أحمد بن بيلا» فى بداية عام 1954 ، حيث زارني في مكتبي بـ «صوت العرب» وقد عرفني بنفسه بصفة لاجئ اسمه «مزياني مسعود»، وهو الاسم الحركي الذي دخل به مصر لأول مرة بجواز سفر فرنسي مزور، ويومها تحدثت معه قليلا، ثم طلب أن أرشده إلى طريق «جامعة الأزهر» التي كان يدرس بها العديد من الجزائريين، وعلى رأسهم «هواري بومدين»، وقد كان حريصا جدا على إخفاء هويته الحقيقة، ولم يتقدم بأي طلبات مباشرة ولكنه قال بالحرف الواحد: «إن لديه معلومات تفيد بأن هناك غضب في الجزائر سوف يتحول إلى كفاح مسلح» ورفض الإفصاح عن أي معلومات آخرى.
وأثناء الحكي ذكرت لعلوان: أن أهم حدثين مرتبطين بتاريخ الثورة الجزائرية عاشتهما هما إذاعة بيان الثورة بصوتي في أول نوفمبر 1954، حيث أن إذاعة «صوت العرب» قطعت إرسالها تلك الليلة، وبثت البيان ثم الأناشيد الوطنية الجزائرية، وإعادة بث البيان، ونقل أخبار العمليات الفدائية في الجزائر على مدى 24 ساعة متتالية.
اما الحدث الثانى فهو حضوري شحن أول دفعة أسلحة للثورة الجزائرية في صيف العام نفسه، فقد ذهبت لميدان العملية لتغطية الحدث الذي جرى في صيف 1954 من الساحل الشمالي لمصر في منطقة «رأس الحكمة» على البحر المتوسط، وقام بالعملية أفراد من القوات المصرية ومجموعة من الشباب الجزائريين الذين انخرطوا في سلك التدريب في مصر من بينهم الرئيس الراحل هواري بومدين.
فسرح علوان قليلا وقال لي : « أيه رأيك لو يحكي الرئيس «بن بيلا» قصته مع الثورة الجزائرية من خلال مسلسل إذاعي درامي مصري، يتم بثه فى وقت واحد بين إذاعتي صوت العرب والجزائر؟!» فسعدت جدا بالفكرة، واستبعدت تنفيذها نظرا لحساسية موقف الرئيس «بن بيلا»، وإنشغاله الشديد فى هذا الوقت، لكن العبقري محمد علوان طلب منى بحماس شديد وإصرار كتابة المسلسل على أن يستكمل باقي أحداثه من الرئيس الجزائري، وبعد إنتهائي من كتابة العمل سافر إلى الجزائر وعرضه على «بن بله» الذى سعد بالفكرة جدا، وسعد أكثر بتخليد الإذاعة المصرية للثورة الجزائرية من خلال عمل درامي، ووقع إختيارنا على مجموعة من الفنانيين المصريين والجزائريين للقيام بالبطولة، ونظرا لإنشغال « بن بيلا» الشديد سافر فريق عمل المسلسل للجزائر، وتم تسجيله فى الإذاعة الجزائرية، وجسد « بن بله» دور الراوي للأحداث.
من المعروف أن «أحمد سعيد» هو أول من استقبل «أحمد بن بله» فى مصر، وعن طريقه تم تقديمه إلى رئيس المخابرات المصرية فتحى الديب، لتبدأ قصة مساعدة مصر لثورة الجزائر.
وفور إندلاع الثورة الجزائرية فتحت «صوت العرب» أبوابها للفنانيين، واستجاب الكل، ولم يتخاذل أحد، وأشعل صمود وكفاح المناضلين والثوار الجزائرين فى وجه قوات الإحتلال الفرنسية، أهل الغناء بشحنة مضاعفة من الحماسة والوطنية، فكان من الطبيعي أن تترجم هذه الشحنة إلى أناشيد وأغنيات، وانطلقت الأغنيات الوطنية التى ألهبت حماس المصريين والعرب جميعا.
لهذا لم يكن مستغربا أن يقول الرئيس الجزائري «أحمد بن بيلا» فى أحد حوارته الأخيرة : « أتمنى أن أتحدث مع كل ما يقابلنى، أشرح له قصة مصر مع ثورة الجزائر، فمصر فى قلبى، وناصر فى قلبى، ولولا مصر لما كانت ثورة الجزائر، وثورات أخرى، مصر كانت كل شيئ، اليوم الذى جئت فيه القاهرة لم يكن معى شيء، ووقفت أمام «قدرة الفول»وأطعمتنى، وأخذنا السلاح والطعام والمال لنحرر بلادنا، أتمنى لو أتم أيامى فى هذا البلد، والله هذه أمنية أدعوالله أن يلبيها».