سعيد الشحات يكتب:
الأربعاء، 25 أبريل 2018 10:00 ص
اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى
«كان صدامًا هو الأول من نوعه فى تاريخ مصر الحديثة، فلم يكن متصورًا أن تقف سلطة سياسية فى اجتماع عام وعلنى فى مواجهة رئيس الدولة«السادات»، وتصوت على عكس ما يريده يوم 25 إبريل «مثل هذا اليوم عام 1971»، وفقًا لرأى شعراوى جمعة وزير الداخلية، فى «شهادة للتاريخ» إعداد محمد حماد، عن «مركز الأهرام للنشر-القاهرة».
حدث ذلك فى اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، وكان يناقش اتفاق «اتحاد الجمهوريات» بين مصر وسوريا وليبيا، الذى وقع عليه الرؤساء، السادات، والقذافى، وحافظ الأسد، فى بنغازى يوم 17 أبريل 1971، ووجد معارضة عنيفة من معارضى السادات لأنه يعطل معركة تحرير الأرض التى تم أخذ قرار بها، فى حين استخدم السادات الاتفاق كمناورة لتعطيل قرار الحرب حسب تأكيد محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73-السلاح والسياسة».
كان على صبرى نائبًا للسادات، وكان يقود المعسكر الرافض للاتفاق، وتحدث أمام الاجتماع، وحسب وصف شعراوى: «كانت أعين وآذان الحاضرين جميعًا معلقة على حديثه.. وبدأ يسرد وقائع ما جرى طوال المباحثات سواء فى القاهرة، أو فى بنغازى، وذكر كلام العقيد معمر القذافى «حول سبب استعجال السادات فى التوقيع على الاتفاق»، وتفاصيل الخلاف مع حزب البعث فى سوريا، وتخوفات القذافى من القيادة الجديدة للحزب «حافظ الأسد»، وإصرار «الأسد» على أن يكون الاتفاق مع الحزب، وإصرار القذافى على أن يكون الاتفاق مع الحكومة السورية».
يؤكد شعراوى، أن السادات أحس بأن الأمور بدأت تفلت من بين يديه، ولن يستطيع تحقيق هدفه من عقد الاجتماع وهو الموافقة على الاتفاق، فحاول أن يقاطع «صبرى» ويوقف تواصله، غير أن «صبرى» أصر على مواصلة الحديث، وازدادت حدة نبرة انتقاداته لما وصفه بـ«الأسلوب المهين الذى لجأ إليه السادات من أجل الحصول على اتفاقية اتحاد الجمهوريات»، ويذكر عبد المحسن أبو النور، أمين الاتحاد الاشتراكى فى مذكراته»، الحقيقة عن ثورة يوليو «عن» الهيئة المصرية العامة للكتاب-القاهرة»:«انبرى الدكتور أحمد السيد درويش وهو عضو فى اللجنة المركزية ووزير سابق للصحة طالبًا إيقاف على صبرى عن الاستمرار فى الحديث، حيث إنه خرج عن الموضوع»..يضيف «أبو النور» أنه تم بالفعل أخد التصويت على هذا الاقتراح، فوافق الأعضاء جميعًا «200» على استمرار صبرى فى الكلام عدا أربعة، كان من بينهم محمد حسنين هيكل ودرويش «صاحب الاقتراح».. فوجئ السادات بهذا التصويت وكان عكس ماتوقعه، فطبقًا لمحمد عبد السلام الزيات وزير الدولة، وكان فى صف السادات وقتئذٍ، فإن السادات دخل الاجتماع بتأكيد له بأن كتلة الصعيد فى اللجنة ستكون معه، ويقول الزيات فى مذكراته«السادات..القناع والحقيقة عن «كتاب الأهالى-القاهرة»: «أكد له محمد عثمان إسماعيل، وأحمد عبد الآخر، ويوسف مكاوى، ومحمد دكرورى، وأسماء أخرى لا أذكرها من أعضاء اللجنة المركزية فى صعيد مصر».
كانت نتيجة التصويت بمثابة ضربة قاسية له، حسب وصف شعراوى جمعة، موضحًا أن على صبرى عاد إلى الحديث من جديد، واستفاض بتفصيل أكثر، وأعقبه ضياء الدين داود رافضًا، وتلاه حسين الشافعى«نائب الرئيس»مؤيدًا، وتوالت الكلمات حتى انفضت الجلسة الأولى من الاجتماع، وصعد السادات إلى غرفة الأمين العام للاتحاد الاشتراكى عبد المحسن أبو النور وكان فيها حسين الشافعى وعلى صبرى وبقية أعضاء اللجنة التنفيذية، وسامى شرف ومحمد حسنين هيكل، ويذكر«أبو النور»، أن هيكل حاول أن يبرر الاتفاقية بأن قال، إنها كانت ستتم فى أيام عبد الناصر مع بعض الاختلافات فى الصياغة، ويؤكد أبو النور أنه عارض هذا الكلام لأنه سيوسع هوة الخلاف، ويقول:«اتفقنا بعد النقاش على تكوين لجنة لإعادة صياغة الاتفاقية برئاستى وعضوية الدكتور حافظ غانم وزير التربية والتعليم ومحمد عبد السلام الزيات وزير الدولة، والدكتور جابر جاد عميد كلية الحقوق، وأحمد الخواجة نقيب المحامين، ومصطفى أبو زيد أستاذ القانون بجامعة الإسكندرية ومحمود رياض وزير الخارجية».
يؤكد أبو النور: «تم الاجتماع فى نفس اليوم «25 أبريل»، واستمر إلى وقت متأخر من الليل، وحاولت فى هذا الاجتماع أن أجعل التعديلات فى أضيق الحدود، وفى الأمور المهمة وعلى رأسها أن يكون القرار بإجماع الآراء وليس بالأغلبية وحتى لايتسع الخرق، وعرض المشروع بعد التعديلات على اللجنة المركزية ووافقت عليه، بعد محاولات كبيرة مع الأعضاء».
يذكر شعراوى، أنه بعد الاجتماع ذهب ومعه سامى شرف لزيارة السادات» وجدناه يجلس مرتديًا عباءته، وبدا وكأنه يحاول أن يسيطر على أعصابه، وطلبت منه أن تعود المياه إلى مجاريها فى علاقته مع على صبرى، فقال: «هذا موقف بينى وبين على صبرى، ولن أنسى له هذا الموقف أبدًا».