مجلة الهلال يونیو2001
الطریق إلى ھزیمة یونیو 1967
إن ما حدث فى5یونیو 1967من هزیمة مشینة للعرب أتاحت للكیان الصهیوني فرصة احتلال كامل التراب الفلسطینى إضافة إلى سیناء والجولان، كان نقطة تحول فى تاریخ أمتنا العربیة، تحولت بموجبه إسرائیل إلى قوة إقلیمیة كبرى وتكرس دورها كقاعدة لحمایة مصالح الغرب فى الشرق الأوسط. وطویت صفحة التیار القومي العربي.فانحسر على هامش المسرح السیاسى بعد أن كان یتصدره، أو قل إن شئت انحسر دور مصر الإقلیمى، فانكفأت على نفسها داخل حدودها تسعى للم شعث قواتها المسلحة، وإعادة بنائها لتحرر سیناء، وتبحث لنفسها عن دور جدید یتناسب مع عملیة “التحجیم ”التى فرضتها علیها هزیمة 1967 .ولا یعنى ذلك أن إسرائیل استطاعت وحدها أن تصفى الدور الإقلیمى لمصر لصالحها، ولكنها كانت رأس الحربة للغرب فى مشروع التصفیة الذى بدأ التخطیط له فى شتاء 1964فى اجتماع عقده حلف الأطلنطى خصیصا بناء على طلب تركیا لوضع حد للمتاعب التى یثیرها عبد الناصر فى منطقة الشرق الأوسط ضد مصالح الغرب ولذلك كانت ورقة العمل الرئیسیة المقدمة للاجتماع من إعداد وزیر الخارجیة التركى وتحمل عنوان “تصفیة عبد الناصر .”مصر وزعامة عبد الناصربعد مقدمة طویلة شرح فیها الجانب التركى الدور المشاكس لمصالح الغرب الذى لعبته مصر بزعامة عبد الناصر منذ قیام الثورة وخاصة تحریضها لشعوب المنطقة ضد السیطرة الغربیة ومقاومتها لسیاسة الأحلاف، ثم تبنیها لحركة القومیة العربیة التى اشتد عودها بعد كسب عبد الناصر سیاسیا من وراء حرب السویس1956، وما كان من قیام الوحدة بین مصر وسوریا التي قلبت الموازین الإستراتیجیة فى منطقة الشرق الأوسط، ورغم ضرب الوحدة، نجح عبد الناصر فى أن یمد نفوذه ووجوده الاستراتیجى إلى الیمن بمناصرته لثورتها وتدخله العسكرى هناك. وبذلك یضع عبد الناصر الغرب تحت رحمته، فهو یسیطر على قناة السویس وعلى البحر الأحمر، ومن ثم یتحكم فى الطریق البحرى الذى ینقل عبرهالبترول إلى الغرب، كما أن وجوده فى الیمن یجعله المتحكم الفعلى فى مناطق إنتاج البترول لو ترك له الحبل على غاربة، فهو یستطیع أن یلحق ضررا كبیرا بالمصالح الغربیة فى المنطقة وخاصة أن لمصر علاقات وثیقة مع الاتحاد السوفییتي.ومضت ورقة العمل التركیة تحدد الأطراف العربیة التى تخشى على وجودها من اتساع مساحة الدور الإقلیمى لمصر بز عامة عبد الناصر، فذكر الأردن والسعودیة ولیبیا، كما لفت النظر إلى توتر العلاقات العراقیة المصریة، والسوریة –المصریة، ومن ثم فإن الوقت ملائم لتوجیه ضربة بجلاء عبد الناصر تقابل بالتأیید من البلاد العربیة فى المنطقة.أما خطر عبد الناصر على المصالح الغربیة فى أفریقیا فلا حاجة لتأكیده فضلا عن تدخله غیر المعلن فى عدن وجنوب الجزیرة العربیة والخلیج.وانتهت ورقة العمل التركیة باقتراح خطة للتخلص من عبد الناصر عن طریق تحویل الوجود المصرى فى الیمن إلى مستنقع یصعب الخروج منه طوعا، واتخاذه سبیلا لاستنزاف قوة مصر العسكریة واقتصادها الوطنى، یلى ذلك مساعدة إسرائیل على القیام بعمل عسكرى كبیر موجه ضد مصر فى الوقت المناسب الذى یحدد على ضوء استنزاف القوة المصریة العسكریة والاقتصادیة فى الیمن.وثائق حلف الأطلنطىوقد عقد مجلس حلف الأطلنطى ثلاث جلسات لمناقشة ورقة العمل التركیة، أطلعت على محضر الجلسة الأولى منها فى النسخة البریطانیة من وثائق الاجتماع، أما الجلستین الأخریین فلن یسمح بالإطلاع علیهما ألا بعد مرور خمسین عاما “أى عام 2014.”وفى الجلسة الأولى “المتاح الإطلاع علیها ”عارضت كل من الیونان وإیطالیا ما ذهب إلیه الجانب التركى من أن عبد الناصر قد بلغ من الخطر حدا كبیرا على مصالح الشعوب یتطلب تصفیته بل ذهب الجانب الیونانى إلى حد استنكار اتهام عبد الناصر بالعمل فى الشرق الأوسط لصالح السوفییت، وأكد أن عبد الناصر حریص على استقلال بلاده وأنه ربما یكون قد تجاوز الخط الأحمر بتدخله فى الیمن، ولكن هذا التدخل مؤقت، بل إن زعامة عبد الناصر تشكل عنصر استقرار سیاسى فى المنطقة وأكد الجانب الإیطالى أن سیاسة عبد الناصر تجاه الغرب تتسم بالاعتدال، وأن سیاسة مصر الخارجیة متوازنة فیما یتصل بالعلاقة مع كل من الغرب والاتحاد السوفییتى، أما الجانب الفرنسى فطالب بعدم التسرع فى استخلاص النتائج قبل دراسة الوضع دراسة متأنیة لأنه یرى أن المخاوف التركیة لا تخلو من مبالغة لا مبرر لها.