سعيد الشحات يكتب:
السبت، 22 فبراير 2014 09:12 ص

كانت الحلم العربى يحلق فى الفضاء، وكان الإيمان قويا بأننا أمة تناطح السحاب، كانت معارك الاستقلال من الاحتلال الأجنبى تدور على قدم وساق فى كل البلاد العربية، وكانت مصر هى العون والملاذ، وفى هذا المناخ كان حلم الوحدة العربية يسكن الجميع، فجاءت قصة الوحدة بين مصر وسوريا التى تم الإعلان عنها رسميا فى مثل هذا اليوم ( 22 فبراير 1958)، فأحدثت زلزالا إقليميا ودوليا، وتحالفت قوى الشر من أجل إجهاضها.الطريق إلى “الوحدة “، مر بمحطات بدأت من أواخر عام 1956 حيث طرح الرئيس شكرى القوتلى مشروعا لاتحاد فيدرالى تحت اسم” الدول العربية المتحدة “، ويضم مصر وسوريا كنواة، وفى فبراير 1958 طرح صبرى العسيلى رئيس وزراء سوريا على جمال عبد الناصر إقامة الوحدة، وفى شهر يوليو 1957 طلب مجلس الوزراء السورى إقامة اتحاد فيدرالى مع مصر، وفى زيارة لوفد برلمانى برئاسة أنور السادات إلى سوريا فى نوفمبر 1957،أعلن البرلمان السورى إرادته فى الوحدة بين البلدين.
أخذ المطلب السورى تطورا لافتا وتصعيدا جديدا، ففى الساعة الثانية من ليل 11 يناير، فوجئت” القاهرة” بوصول طائرة قادمة من سوريا وعليها 14 ضابطا من أعضاء المجلس العسكرى السورى يمثلون الكتل السياسية السورية، والمعروف أن الجيش السورى وقتئذ كان بؤرة للتصارع السياسى والحزبى، أى لم يكن الجيش بعيدا عن السياسية بل كان فى قلبها.
حمل الضباط مذكرة بطلب الوحدة الفورية الشاملة، والتحق بهم صلاح البيطار وزير الخارجية ممثلا عن الحكومة السورية، وفى يوم 16 يناير أقام عبد اللطيف بغدادى رئيس مجلس الأمة احتفالا بذكرى إصدار دستور 16 يناير، وتم دعوة الضباط السوريين إليه، وحين دخل عبد الناصر لحضور الاحتفال تحول المبنى لمظاهرة تطالبه بالوحدة، وقال “البيطار”: “جئت ممثلا للحكومة السورية أحمل طلبا رسميا منها بإقامة الوحدة”.
طبقا لرواية الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه “سنوات الغليان”، أجهش الحاضرون احتفال مجلس الأمة بالبكاء وعلت هتافاتهم.
انتقل الوفد السورى إلى منزل عبد الناصر فى منشية البكرى للاجتماع، وأبلغهم جمال عبد الناصر بموافقته المبدئية، لكنه اشترط،إجراء استفتاء شعبى على الوحدة، ووقف النشاط الحزبى فى سوريا، توقف تدخل الجيش فى السياسة.
فى 30 يناير اجتمع مجلس الوزراء السورى بالقصر الجمهورى برئاسة الرئيس شكرى القوتلى الذى راح يردد آية:” قضى الأمر الذى فيه تستفيان”، ووافق الجميع على مطالب عبد الناصر، وأجرى الاستفتاء يوم 21 فبراير، وكانت النتيجة كاسحة فى الموافقة على الوحدة، وانتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية العربية المتحدة.