الرئيسية / حوارات ناصرية / ذات يوم 2 فبراير 1963.. معارضة إيرانية تطلب مساعدات من جمال عبدالناصر فى مقابلة سرية بسويسرا

ذات يوم 2 فبراير 1963.. معارضة إيرانية تطلب مساعدات من جمال عبدالناصر فى مقابلة سرية بسويسرا

سعيد الشحات يكتب:

الجمعة، 02 فبراير 2018 10:00 ص

سعيد الشحات
 
 
 
كان فتحى الديب فى مقر السفارة المصرية حين حضر للقائه ضيف إيرانى يعيش فى خارج إيران هو وإخوته، بعد أن طردهم شاه إيران.
 
كان «الديب» يشغل وقتئذ منصب سفير مصر فى سويسرا، وهو من مؤسسى جهاز المخابرات المصرية، تحت رئاسة زكريا محيى الدين عام 1953، وأسند إليه جمال عبدالناصر مسؤولية حركات التحرر العربية، وكان مهندس الاتصال بين مصر والثورة الجزائرية، التى بدأ كفاحها المسلح ضد الاحتلال الفرنسى أول نوفمبر 1954 بمساعدة مصر، ويؤكد فى كتابه «عبدالناصر وثورة إيران» عن «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية- الأهرام»، أن «عبدالناصر» كلفه بشغل منصب سفير مصر فى سويسرا، وطالبه بالعمل على تحويل موقعه بالسفارة ليكون مركز اتصال متقدمًا لثورة 23 يوليو، منفتحًا على العالم الخارجى، مستفيدًا من الموقع الاستراتيجى المتوسط لسويسرا.
 
كانت العلاقات بين القاهرة وطهران سيئة وقتئذ، بسبب علاقة شاه إيران، محمد رضا بهلوى، الحميمة مع إسرائيل، والتى وصلت إلى حد اعتراف الشاه لمحمد حسنين هيكل فى كتاب «مدافع آيات الله»، «دار الشروق- القاهرة»: «تعاوننا مع إسرائيل لا يقتصر على المخابرات فقط، بل إنه أوسع من هذا بكثير، فلقد أرسلت مجموعات من كل أسلحة الجيش وفروع الإدارة المدنية للتدريب فى إسرائيل».
 
فى هذا السياق التاريخى جاءت زيارة الإيرانى محمد ناصر قاشقاى إلى السفارة المصرية فى سويسرا، لمقابلة «الديب» يوم 2 فبراير «مثل هذا اليوم» عام 1962، وقدّم نفسه كرئيس لقبائل «قاشقاى» التى تقيم بالجبال الممتدة جنوب غرب إيران، وقال لـ«الديب» إنه وإخوته، عبدالله وحسين وخسرو، اضطروا إلى مغادرة الأراضى الإيرانية بعد أن تمكن الشاه من القضاء على انتفاضتهم العسكرية، التى قاموا بها فى محاولة للسيطرة على المنطقة التى تقوم عليها قبائل «قاشقاى»، ويبلغ تعدادها أكثر من مليون نسمة، وذلك لتخليصهم من استبداد الشاه.
 
أوضح «قاشقاى» أنهم نجحوا فى البداية فى إعداد ما لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل مزودين بالبنادق، وما أمكنهم من الحصول عليه من معدات عسكرية وأسلحة، وباشروا قتال الجيش الإيرانى على أرض قبائلهم، وتمكنوا من تكبيده العديد من الخسائر، ثم سيطروا تمامًا على منطقتهم، إلا أن قوات الجيش استخدمت كل وسائل الحرب الحديثة للقضاء على انتفاضتهم المسلحة.
 
ويضيف «الديب» أن «قاشقاى» كشف له أن طلاب جامعة طهران قاموا بإضرابات، احتجاجًا على إرهاب الأجهزة الأمنية، ويؤكد «الديب» أن «قاشقاى» أخبره بأن أحد رجال الدين، الإمام الخومينى، ذا التأثير الكبير على رجال الدين والشعب الإيرانى، أفتى بأن الشاه كافر وخارج على الدين، الأمر الذى كانت له آثاره البعيدة فى نفوس الجماهير، وأشعل نيران الغضب فى صدورها، مما دفع الشاه إلى إبعاد الخومينى عن إيران، وأكد «قاشقاى» أنه على علاقة وطيدة بالقيادات الدينية والزعامات السياسية، وهناك تفاهم معها لمعاودة النضال المسلح ضد الشاه، بالتعاون مع رؤساء القبائل المعادية له.
 
يؤكد «الديب» أن «قاشقاى» أخرج من جيبه أوراق خريطة لإيران، موضحًا عليها مواقع القبائل التى تم الاتفاق مع رؤسائها على القيام بثورة مسلحة، هى قبائل «باختيارى وجافان روت الكردية»، وتابع شرحه بأنه على اتصال وثيق بالتجمعات الطلابية المقيمة فى أوروبا وأمريكا والمعادية للشاه، وقدم إحصائية دقيقة عن عددهم، ونشرة يوزعها الطلبة فى أوروبا باسم «الجبهة الوطنية الإيرانية»، وبعد أن أنهى «قاشقاى» استعراضه للأوضاع، طرح مطالبه قائلًا: «القيادات الوطنية والدينية الإيرانية أملهم فى مساندة جمال عبدالناصر، ودعمه لحركتهم الثورية ضد الشاه»، وطلب بعض الأسلحة الأتوماتيكية المفيدة فى حرب العصابات، وقنابل يدوية وألغام، وتدريب بعض الأفراد على أساليب حرب العصابات فى القاهرة، وإمدادهم بمبلغ مالية تبلغ مليونى ومائتى ألف دولار للصرف منها على القبائل، ويؤكد «الديب» أنه أبلغ «قاشقاى» بنقل الصورة إلى الرئيس جمال عبدالناصر فور عودته إلى القاهرة، وأنه سيبلغه بما سيستقر عليه الأمر.
 
ويؤكد «الديب» أنه قام بجمع المعلومات عن أسرة «قاشقاى»، والجبهة الوطنية الإيرانية، والهيئات الإدارية، والاتحادات الطلابية الموجودة فى أوروبا، خاصة فى ألمانيا وسويسرا، وجاء إلى القاهرة لمقابلة «عبدالناصر» وإطلاعه على جميع التفاصيل، وفى هذه المقابلة طلب «عبدالناصر» من «الديب» إبلاغ «قاشقاى» عدم إيمانه بأسلوب شراء القبائل الذى طرحه، وأن أى تحرك لا ينبع من ضمير المشاركين فيه، ويعتمد على الإمكانيات المحلية، لن يكتب له النجاح، وطلب من «الديب» الإبقاء على هذه الاتصالات، والمساهمة فى دعم «قاشقاى» فى الحركة، والتركيز على التجمع الطلابى الإيرانى فى أوروبا، والتريث فى الإقدام على أى خطوة داخل إيران وخارجها، وتعددت اللقاءات فيما بعد لكنها شملت أطيافًا أوسع فى المعارضة الإيرانية.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *