
إسماعيل فهمي (1922 – 17 نوفمبر 1997) كان سياسيا ودبلوماسيا مصريا. كان سفير مصر إلى النمسا من 1968 إلى 1971، ووزيرا للسياحة 1973، ووزيرًا للخارجية من 1973 – 1977، ونائبا لرئيس الوزراء 1975 – 1977. وقد منح درجة الأستاذية. استقال من الحكومة في العام 1977 اعتراضا على زيارة الرئيس محمد أنور السادات إلى إسرائيل، وقد كان شديد الانتقاد لسياسة السادات وقراراته.
اسماعيل فهمي مع كيسنجر و الرئيس الأمريكي نيكسون
وصف الكتاب
مذكرات وزير الخارجية المصري السابق إسماعيل فهمي الذي استقال احتجاجا على زيارة الرئيس أنور السادات إلى إسرائيل . والكتاب الذي يقع في 405 صفحات كبيرة القطع شهادة على أربع سنوات قضاها كاتبه وزيرا للخارجية بين عامي 1973 و1977 حتى استقال قبل يومين من ذهاب السادات إلى القدس وهي رحلة لا يراها “بداية محاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط بل على العكس من هذا لقد كانت تحركا غير رشيد في لعبة معقدة وطويلة للسلام… لم يكن غريبا أن تبدأ إسرائيل ولأول مرة بعد زيارة السادات للقدس وتحت راية السلام بالعربدة في الضفة والقطاع والقدس. وضد العراق. ثم تغزو لبنان غزوا كاملا”.
وفي رأيه أن السادات حقق لإسرائيل الحلم الصهيوني الذي بدأ بوعد وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور عام 1917 بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
ويضيف أن السادات بتوقيعه معاهدة السلام مع إسرائيل في مارس 1979 “حول الحلم الصهيوني ووعد بلفور إلى حقيقة”، مشيرا إلى أن إسرائيل نجحت عن طريق المعاهدة في تأمين جبهتها الجنوبية الملاصقة لمصر حيث أصبحت شبه جزيرة سيناء “منزوعة السلاح”.
وعلى عكس كثيرين لا ينطلق فهمي (1922 – 1997) في حكمه على السادات من الحماسة للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بل يتهم الأخير بإضعاف الجيش الذي “أصبح بحلول عام 1967 مؤسسة سياسية بدلا من أن يكون آلة حرب محترفة” كما يحمل عبد الناصر مسؤولية إعاقة الملاحة في خليج العقبة حيث ردت إسرائيل بهجوم مفاجئ في الخامس من يونيو 1967 واستولت على هضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية وشبه جزيرة سيناء المصرية التي استعادتها مصر بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل عام1979 وانسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة في سبتمبر 2005.
ويسجل أن السادات حينما أبلغه بفكرة الذهاب إلى القدس أثناء وجودهما في رومانيا ذكره بأن أمام مصر ورقتي ضغط هما الاعتراف بإسرائيل وإنهاء حالة الحرب وأن مجرد الذهاب إلى القدس سيصب في مصلحة إسرائيل التي ستملي شروطها في ظروف ستعزل فيها مصر عن محيطها العربي.
ويشير إلى أن مناقشته مع السادات في ذلك اللقاء استغرقت ثماني ساعات وذهب بعدها إلى استراحته حيث كان ينتظره مدير مكتبه أسامة الباز ومحمد البرادعي المستشار القانوني بوزارة الخارجية وبعد أن أبلغهما ما قاله السادات “انفجر أسامة الباز قائلا: هذا جنون. لا شك أن الرجل غير متزن. لا بد من منع ذهابه إلى القدس حتى لو استعملنا القوة.” ويعمل الباز مديرا لمكتب الرئيس مبارك للشؤون السياسية منذ أكثر من 25 عاما.
وينفي فهمي أن يكون السادات صاحب نظرية في مبادرته التي جعلته نجما عالميا بل يصفه بالمراوغ عندما “ادعى” أن بعض النظريات التي “اخترعها” الإعلام الأمريكي يبرر الرحلة.
فعلى سبيل المثال أشاع الإعلام أن السادات أراد كسر الحاجز النفسي الوهمي بين إسرائيل والعرب. ويقول فهمي إنه لم يسمع من السادات قبل الرحلة ما أطلق عليه نظرية الحاجز النفسي. ويعلق “لو وجد من يحتاج إلى العلاج النفسي فهم العرب الذين عانوا هزيمة تلو هزيمة على أيدي الإسرائيليين فمعنويات الإسرائيليين ارتفعت مرات أما معنويات العرب فهي التي تحتاج إلى بعض الإصلاح. فلو احتاج الحاجز النفسي أن يرفع فعلى القائد الإسرائيلي أن يرفعه ليظهر حقا أنهم يريدون السلام.”
كما يروي واقعة ذات دلالة وهي أن سناء حسن زوجة السفير المصري في كندا آنذاك تحسين بشير زارت إسرائيل مع المشرف على رسالة للدكتوراه كانت تعدها حول مسألة الشرق الأوسط وجمعت مواد علمية كما حاورت سياسيين وعندما علم السادات خير زوجها بين تطليقها أو ترك العمل في الخارجية فطلقها السفير. ويروي أن السادات لم يكفه طلاقها بل أمر بسحب الجنسية المصرية منها وحرمانها من جواز السفر وبعد شهرين كانت زيارته لإسرائيل.
يروي اسماعيل فهمي في مذكراته بانه على خلفية الحملة الدعائية لمزايا السلام من قبل السادات والحكومة المصرية بدأ التوتر ينمو في مصر ووجد التعبير عنه صورا مختلفة ، أهمها نمو جماعات دينية معارضة لسياسة السادات .. واتخذ حزبا المعارضة الصغيران موقفا قويا ضد تقارب السادات من إسرائيل والتنازلات المهمة التي قدمها تحت ستار التطبيع.
جانب من عيوب المعاهدة انتقاص من سيادة مصر على أرضها وشروط قاسية على الجيش في سيناء
ويروي اسماعيل فهمي عيوب المعاهدة السلام المعقودة بين مصر واسرائيل من وجهة نظره في نقاط أبرزها
أولا .. أن حالة الحرب بين مصر واسرائيل قد أنهيت وتم إحلال السلام بمجرد تبادل التصديقات على المعاهدة وذلك على الرغمن من أن إسرائيل سوف تستمر في إحتلال الجزء الأكبر من سيناء لفترة تصل الى ثلاثة سنوات «المادة 1» وكما أشرت من قبل فإن المنطق الطبيعي للأشياء كان ينبغي أن يكون اولا الانسحاب الكامل يعقبه إنهاء حالة الحرب كما نص عليه مشروع المعاهدتين المصرية والأمريكية.
ثانيا .. أن عملية تطبيع العلاقات بين البلدين بدأت بعد مضي ستة شهور على سريان المعاهدة «المادة 3» .. ومرة أخرى كان هذا معناه أن السادات كان يتصور أنه يمكن أن توجد علاقات طبيعية بين مصر وبلد مازال يحتل جزءا من أراضي بمصر.
ثالثا .. كل النصوص تتعلق بخلق مناطق منزوعة السلاح وتخفيض عدد القوات في المنطقة الواقعة بين البلدين اقتصر تنفيذها على أرض مصر فحسب تقريبا وهكذا تم تقسيم سيناء الى ثلاثة مناطق .. ولم يسمح لمصر بوضع أي قوة عسكرية كانت في المناطق الشرقية التي تمتد على طول الحدود، وسمح لها بوجود ما يصل الى 4000 رجل فقط وكميات وأنواع محدودة للغاية من الأسلحة في المنطقة الوسطى بل إن وجود الجيش المصري كان محدودا في أقرب منطقة الى قناة السويس.
رابعا .. نصت معاهدة السلام على أن قوات متعددة الأطراف ستقوم بدوريات في المنطقة منزوعة السلاح على الجانب المصري من الحدود وفي المنطقة التي لا يمكن لمصر أن تحتفظ فيها بأي قوات ، وفي الوقت الذي لا ترابط فيه أي قوات على الأراضي الاسرائيلية والأهم من ذلك انه ليس هناك مبرر لوجود هذه القوات على الأراضي المصرية.
خامسا .. يحدد الملحق 3 والمادة 5 أنه يجب على مصر واسرائيل أن تتعاونا بشكل وثيق للمحافظة على السلام والأمن في المنطقة .. وبادىء زي بدء فإن مثل هذا التعاون موجه فيما يبدوا ضد الدول العربية الأخرى .. كما ان اقل ما يقال عن إسرائيل التي تحتل أراض عربية كثيرة ولا تظهر استعدادا للتخلي عنها .. إنها آخر من يمكن أن يساهم في المحافظة على الأمن في المنطقة
اصرار اسرائيلي على عدم الانسحاب من سيناء قبل ثلاثة سنوات ليقينهم ان السادات متقلب المزاج
يروي وزير الخارجية الأسبق في مذكراته بأن الاسرائيليون يعون أن السادات رجل متقلب وابتكروا طريقة فعاله للتعامل معه .. وخلال المفاوضات على اتفاق فض الاشتباك الثاني ، ذكر رابين في كتابه أنه قد خلص في تعامله مع السادات الى نتيجة مؤداها أن «الطريق الى تأمين نجاح أي اتفاق معه هو إنشاء الحقائق على الأرض وبناء الصفقة بحيث يكون الوفاء بها مفيدا له او على الأقل يضار اذا لم يف بها.
وإنشاء الحقائق على الأرض هو بالضبط ما سعى إليه الاسرائيليون في كامب ديفيد خلال المفاوضات على معاهدة السلام .. فهم لم يمنحوا السادات أي شىء على الفور، لأنهم لم يكونوا واثقين به ، وكانوا يخشون أن يلغي الاتفاق حالما تعود سيناء .
ولذا أصروا على أنهم لا يستطيعون الانسحاب من سيناء قبل ثلاثة سنوات على الأقل رغم أنه في عام 1967 نجحوا في إحتلالها في خمسة أيام .. وكان السبب الحقيقي وراء هذا الإصرار هو أنهم أرادوا التحقق من أن السادات لن يكون بمقدوره النكوص عن الاتفاق لمدة ثلاثة سنوات دون التضحية بجزء من سيناء .. وبعد ثلاثة سنوات من الخضوع والإذلال من الاسرائيليين سيزداد عدم قبول السادات في العالم العربي ومن ثم لن يصبح بإمكانه أن يعكس سياسته او ينقصها
رابط تحميل الكتاب
https://drive.google.com/file/d/10a-yK4TYjaI_dqGdNEm6J3SBXsFHcque/view?usp=sharing