سعيد الشحات يكتب:
الإثنين، 27 أبريل 2020 10:00 ص

بدأت صحف عربية فى نشر كتاب «خريف الغضب» للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وكتاب «البحث عن السادات» للدكتور يوسف إدريس فى إبريل 1983، فهبت عواصف غضب فى مصر ضد الكاتبين للانتقادهما العنيف للسادات، وقادها رؤساء تحرير الصحف الرسمية وبعض الكتاب، وفى المقابل وقفت جريدة «الأهالى» الأسبوعية ولسان حزب التجمع اليسارى المعارض، حيث نشرت حلقة من «خريف الغضب» نقلا عن الصحف العربية، غير أنها لم تستمر لقرار وزير الداخلية بوقف النشر، كما أجرت حوارا طويلا مع «هيكل» نشرته على حلقات.
جاء الكتابان بعد اغتيال السادات بأقل من عامين يوم 6 أكتوبر 1981، وبعد خروج هيكل من السجن الذى دخله بقرار اعتقال من السادات، وذلك ضمن حملة اعتقالات شملت آلاف من الرموز السياسية من مختلف الاتجاهات، واكتملت يوم 5 سبتمبر 1981.. يكشف هيكل: «أعترف أننى بدأت أفكر فى كتابة هذا الكتاب منذ اللحظة الأولى لاعتقالى فى 3 سبتمبر 1981، حين التفت ورأيت حولى فى السجن كل هؤلاء الذين يمثلون الرموز الحية لأهم التيارات السياسية والفكرية المؤثرة فى مصر، كنت مقتنعا- بشكل شبه وجدانى- أننى أعيش فى دراما سوف نصل إلى نهايتها فى يوم من الأيام، وبشكل من الأشكال، وأننى كصحفى قد أكون مطالبا بأن أروى قصتها قبل غيرى».
بدأت صحيفتا «الوطن الكويتية والخليج الإمارتية» بالإضافة إلى صحف عربية أخرى فى نشر «خريف الغضب»، وتوقفت جريدة «الشرق الأوسط السعودية» التى تصدر من لندن عن النشر بعد نشرها حلقتين، فى نفس الوقت كانت «القبس» الكويتية و«الخليج» تنشران حلقات «البحث عن السادات» ليوسف إدريس.
فى 22 إبريل 1983، كتب موسى صبرى رئيس تحرير«الأخبار» مقاله «لقطات» وصف فيه ما كتبه هيكل بـ«القاذورات».. فى نفس اليوم كتب إبراهيم نافع، رئيس تحرير الأهرام، يهاجم الكتاب، أما يوسف إدريس، فيتذكر فى مقدمة كتابه «البحث عن السادات» الصادر عن «المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان– طرابلس- ليبيا -1984»، أنه كان فى أثينا باليونان فى الأسبوع الثانى من إبريل 1983 بدعوة من لجنة التضامن الإفريقية الآسيوية المصرية لحضور مؤتمر لمناصرة القضية الفلسطينية، وعاد بعد أسبوع ثم فوجئ بمربع ضخم فى جريدة الأهرام تحت عنوان «من بريد القراء» يحتل نصف صفحة، وبطريقة تحريضية مباشرة يحتوى على إعلانين، أحدهما عن سلسلة مقالاته «البحث عن السادات» والآخرعن كتاب «خريف الغضب» لهيكل.. يؤكد: «الإعلانان كانا نشرا فى جريدة «الخليج» التى تصدر فى «الإمارات العربية المتحدة» والتى أخذت على عاتقها أن تنشر مقالاتى، وفصول كتاب هيكل، نقلا عن جريدة القبس والوطن الكويتيين».
يضيف إدريس، أن التعليق الذى نشرته الأهرام على الإعلان كان واضح الادعاء والتزوير، فقد زعم المحرر، الذى لم يكن المحرر الأصلى لباب بريد القراء فى الأهرام، ولكنه مدير التحرير الذى كان مسؤولا بعد سفر رئيس التحرير إلى الخارج.. يؤكد: «زعم المحرر أنه تلقى مئات الخطابات تستنكر المقالات التى لم تكن نشرت فى القبس أوالخليج، وأن مرسلى بعض الخطابات قد قصوا الإعلان المذكور من جريدة الخليج وأرسلوه إلى الأهرام».. يقول إدريس: «ذكر قارئ كان واضحا أنه ليس سوى مدير تحرير الأهرام متنكرا خلف قارئ مجهول، ذكر أننى وصفت حرب أكتوبر بأنها تمثيلية متفق عليها بين السادات وإسرائيل وأمريكا، وهو ادعاء كاذب فليس فى المقالات كلها تمثيلية، وليس فيها أى طعن فى أداء الجيش المصرى البطولى فى أكتوبر».
يذكر «إدريس»: «اتضح فى الأيام التالية لهذا الإعلان أنه ليس سوى الخطوة الأولى والتمهيد المبدئى لعملية مخططة تماما وموزعة الأدوار، ففى اليوم التالى فوجئت بانعقاد المجلس الأعلى للصحافة، وما دار فيه من مناقشات كلها اتهامات صارخة بأنى قلت إن حرب أكتوبر (تمثيلية)».
كان اجتماع المجلس الأعلى للصحافة يوم 27 إبريل، مثل هذا اليوم، 1983، وفى نفس اليوم نشرت جريدة الأهالى أول جزء من حوارها مع هيكل، ووفقا للكاتب الصحفى رجب البنا فى كتابه «هيكل بين الصحافة والسياسة»، فإن الاجتماع استمر 4 ساعات برئاسة الدكتور صبحى عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى الذى يتبعه «الأعلى للصحافة»، وناقش الاجتماع كتاب «خريف الغضب»، واعترض عضو واحد على المناقشة أصلا وهو حسين عبدالرازق رئيس تحرير الأهالى.. يؤكد «البنا» أن الجلسة كانت مباراة فى الهجوم على هيكل بأمس ما يمكن من ألفاظ، ونشرتها الصحف فى اليوم التالى، فماذا دار فى الاجتماع؟
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 إبريل 1983.. هجوم بأقسى الألفاظ ضد «هيكل» فى «الأعلى للصحافة» بسبب «خريف الغضب».. وحسين عبدالرازق يكشف قرار منع نشر الكتاب
الثلاثاء، 28 أبريل 2020 10:00 ص

محمد حسنين هيكل و حسين عبدالرازق
تحولت جلسة المجلس الأعلى للصحافة التى انعقدت يوم 27 إبريل 1983 برئاسة الدكتور صبحى عبدالحكيم رئيس مجلس الشورى، لمناقشة كتاب «خريف الغضب» للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، إلى مباراة فى الهجوم على «هيكل» ووصفه بألفاظ مسيئة، وحصل الدكتور يوسف إدريس أيضا على نصيبه من الهجوم بسبب كتابه «البحث عن السادات»، وذلك للنقد العنيف الذى حمله الكتابان للرئيس السادات، ونشرهما فى صحف عربية خلال شهر إبريل 1983، ووفقا لكتاب «هيكل بين الصحافة والسياسة» للكاتب الصحفى رجب البنا، فإن الاجتماع استمر أربع ساعات، وقرر المجلس بناء على طلب الأعضاء نشر النص الكامل لما دار فيه وفقا لما سجلته المضبطة، وهو ماحدث فى اليوم التالى «28 إبريل، مثل هذا اليوم، 1983».. «راجع، ذات يوم، 27 إبريل 1983».
كان الاجتماع أحد محطات الهجوم «الرسمية» ضد «هيكل» وطال النقد جريدة الأهالى الأسبوعية «لسان حال حزب التجمع اليسارى» التى وقفت فى صف «هيكل» ونشرت أول حلقة من الكتاب لكنها توقفت بعد قرار وزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا بمنع نشره.
كان الدكتور عبدالمنعم النمر (وزير الأوقاف 1979) أول المتحدثين فى اجتماع «الأعلى للصحافة» وقال عن هيكل: «إنسانا يمثل الحطيئة والمتنبى حين كان يسلط لسانه على من لا يمده بعطاء».. وأضاف: «لابد أن يكون للمجلس الأعلى للصحافة كلمة بصدد هذه الحالة السيئة التى انحدرت إليها لغة الصحافة، ولابد أن يقول شيئا بالنسبة لمسلك هذين الكاتبين «هيكل وإدريس» اللذين أساءا إلى تاريخنا وإلى زعمائنا، وإلى الزعيم الذى التفت الأمة كلها حوله».
وتساءل سمير رجب رئيس تحرير«المساء» عن «أين تطبيق ميثاق الشرف الصحفى على الكاتبين «هيكل وإدريس»؟.. وقال عبدالرحمن الشرقاوى: «إن ما ورد فى خريف الغضب مسرف وغير مفيد وضار، ونحن نناقش ظاهرة سيئة جدا فى الحياة الصحفية وهى ظاهرة التراشق بالاتهام، واستعمال ألفاظ لا تليق بمستوى المنافسة الصحفية، وفى رأيى أنها تسقطنا وتسقط سمعة المصريين وتسقط هيبتهم وقيمة كلمتهم أمام القراء..مع الأسف أصبحت هناك موضة وهى الهجوم على أنور السادات، أنور السادات فى ذمة الله وله إنجازات عظيمة، وله أخطاؤه العظيمة أيضا، لكن عندما يتساءل صحفى وعندما تنشر صحيفة مصرية، سواء نقلا عن كتاب أو جريدة أخرى نقدا للسادات ينبغى أن تتحفظ وتقدم موقفها هى».
كان موقف حسين عبدالرازق رئيس تحرير الأهالى ضد التيار العام فى الاجتماع، وقدم وجهة نظر شاملة.. قال: «صحيفة القبس الكويتية التى نشرت مقالات يوسف إدريس لم أطلع على أى نسخة منها، وصحيفة الوطن الكويتية منذ أن نشرت الحلقة الثانية من «خريف الغضب» منعت من دخول مصر ولم أطلع عليها، فأزعم أنه لا يوجد وغير متاح أمامنا موضوع «خريف الغضب» كاملا، أو مقالات يوسف إدريس كاملة، حتى يمكن أن نناقشها، ولكنى أعتقد أن المطروح علينا ثلاث قضايا أسياسية.. الأولى، أسلوب الحوار، القضية الثانية، حرية الصحافة، القضية الثالثة، ما أثاره الكتاب من نقد سياسى».
أضاف عبد الرازق: «بالنسبة لأسلوب الحوار، أنا أقول إن كثيرين من الزملاء الذين ناقشوا ما وصل إلى علمهم من كتاب خريف الغضب خرجوا على أدنى حقوق القيم والأخلاق والقانون فى المناقشة، ووصل الكلام إلى حد الاتهام، واستخدمت كلمات مثل، الانحطاط، والسفالة، والخيانة».. وكشف «عبدالرازق» أسرار ما جرى من اتصالات مع وزير الداخلية حول قرار منعه لنشر الكتاب بعد أن نشرت الأهالى الحلقة الأولى.. قال: «اتصل وزير الداخلية بأمين عام الحزب(خالد محيى الدين) واستقبله يوم السبت الساعة الثانية عشرة والثلث مساء، لكى يبلغه بمنع نشر هذا الكتاب، وأن الجرائد العربية التى نشرت فصول الكتاب صدر قرار بمصادرتها ومنع دخولها إلى مصر».
قال عبد الرازق: «ظل الحوار متصلا بيننا وبين وزير الداخلية حتى يوم الثلاثاء الساعة الحادية عشرة صباحا، لأننا كنا نريد قرارا مكتوبا، والدكتور يحيى الجمل كان موجودا، وهو يعلم قانونا أن القرار الإدارى يمكن صدروه شفهيا أو كتابة، ونستطيع أن نذهب إلى المحكمة بقرار إدارى وشفهى، وبالتالى فأنا لست كاذبا حين أقول إن الكتاب ممنوع من النشر».. كان عبد الرازق يرد بذلك على قول صبحى عبد الحكيم بأنه ليس هناك قرار بمنع نشر «خريف الغضب».
استمر عبدالرازق فى طرح وجهة نظره، وتحدث بعده آخرون، ورد هيكل فى جريدة «الأهالى».
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..29إبريل 1983الصحف المصرية تنشر مناقشات «الأعلى للصحافة» حول «خريف الغضب» و«البحث عن السادات» وهجوم الأعضاء لهيكل ويوسف إدريس
الأربعاء، 29 أبريل 2020 10:00 ص

واصلت الصحف المصرية الرسمية، هجومها على الكاتبين محمد حسنين هيكل بسبب كتابه «خريف الغضب»، والدكتور يوسف إدريس بسبب كتابه «البحث عن السادات»، وفى يوم 29 أبريل، مثل هذا اليوم، 1983، نشرت «الأهرام»، مناقشات المجلس الأعلى للصحافة فى الجلسة التى انعقدت يوم 27 أبريل لمناقشة الكتابين، وكان هجوم الأعضاء كاسحا بشكل خاص ضد هيكل، باستثناء الكاتب الصحفى حسين عبد الرازق، رئيس تحرير الأهالى.. «راجع، ذات يوم، 27 و28 أبريل 1983».
كشف عبد الرازق، فى كلمته ما دار بين وزير الداخلية اللواء حسن أبو باشا، والأمين العام للحزب خالد محيى الدين، حول قرار منع نشر «خريف الغضب»، بعد أن نشرت «الأهالى» حلقة واحدة منه، ثم أضاف: «المقرر فى محكمة النقض أن الطعن فى الخصوم السياسيين بنوع عام يجوز قبوله بشكل عام، وأوسع من الطعن فى موظف معين بالذات، وأن الشخص الذى يرشح نفسه نيابة عن البلاد يتعرض عن علم بأن يرى كل أعماله هدفا للطعن والانتقاد، وأن المناقشات العمومية مهما بلغت من الشدة فى نقد أعمال وآراء الأحزاب السياسية يكون فى مصلحة الأمة، وأكثر من هذا فإن الدكتور محمد حسين هيكل باشا كتب مقالا يتهم سعد زغلول بالخيانة وموالاته للإنجليز والاتفاق سرا على التنازل عن كثير من حقوق مصر، وسعد زغلول لم يكن مجرد رئيس وزراء، بل كان زعيم الأمة كلها، وجاء القضاء وقال: «لا ترى المحكمة فى تلك العبارة ما يمكن اعتباره ماسا بكرامة رئيس الحكومة باعتباره من رجال السياسة، وأعمالهم معرضة بحكم طبيعتهم ووظيفتهم للنقد السياسى».
وطالب عبد الرازق زملاءه بمعرفة الفرق بين نقد رئيس دولة وكتابة تاريخه من وجهة نظر الكاتب، وقال: «القضية المعروضة علينا الآن، ليست ما كتبه الأستاذ هيكل فى خريف الغضب، وما نشرته الأهالى، ولا يملك أحد أن يضع وصاية على الشعب المصرى، لذلك ينشر كتاب هيكل والذى يريد أن يرد عليه يرد، ويقول ما يريد ليعرف الناس الحقيقة».
لفت عبد الرازق النظر إلى أن الذى يحتاج إلى نقاش هو الطريقة التى عولج بها «خريف الغضب»، والألفاظ البذيئة التى نشرت فى الهجوم على هيكل وعلى جريدة الأهالى وعلى حزب التجمع وعلى، خالد محيى الدين، وقال: «هذا هو ما يحتاج اليوم إلى نقاش وليس كتاب هيكل».. وأضاف: «أخشى ما أخشاه أن يقيم مجلس الصحافة من نفسه حكما فى قضية سياسية، والمعركة ليست أسلوب الصحافة ولا الحوار، وإنما هى قضية سياسية، والبعض يريد أن يتحول مجلس الصحافة إلى محكمة تفتيش تدين وتصدر أحكاما بالبراءة».
أما موسى صبرى رئيس تحرير الأخبار، فبدا من كلمته أنه يرد على «عبد الرازق»، قائلا: «حرية الرأى ليست حرية السب وحرية التشهير وحرية امتهان الكرامات والحرمات، الأمر ليس تفسيرا قانونيا ولا انتزاع كلمات من حكم قضائى.. إننا لا نأتى هنا كل مرة ونقول القانون العام، هل كل واحد يكتب عنه سطر يلجأ إلى المحاكم؟.. وتساءل صبرى أبوالمجد: «هل ما نشر فى الأهالى، والأهرام بالأمس مما كتبه يوسف إدريس يرضى أحد؟
يذكر الكاتب الصحفى رجب البنا فى كتابه «هيكل بين الصحافة والسياسة»، أن الكلمات توالت من حسين مؤنس، ويحيى أبوبكر، وممدوح رضا، وأحمد سلامة، وصلاح منتصر، وصلاح جلال، وثروت أباظة، ولم تخرج كلها عن الهجوم، وأصدر المجلس بيانا قال فيه: «إن المجلس يدين الأسلوب الذى لجأ إليه الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور يوسف إدريس، كما يدين كل من نهج هذا النهج».
يكشف «عبد الرازق»، فى مقال «هيكل وأنا» على موقع «المدى.. 1 ديسمبر 2016» أن رئيس المجلس الأعلى للصحافة وهيئة مكتبه قرروا إدراج موضوع «خريف الغضب» فى جدول أعمال المجلس قبل انعقاده بدقائق بناء على طلب من عبدالمنعم النمر وسمير رجب وعبدالرحمن الشرقاوى.. وأضاف: «تحول المجلس إلى ما يشبه محكمة التفتيش لمحاكمة هيكل، واعترضت وحيدا على إدراج الموضوع ثم تصديت وحيدا للرد، وهالنى أن بعض تلاميذ الأستاذ هيكل وحوارييه شاركوا فى الحملة ضدى، وقاطعنى رئيس المجلس دكتور صبحى عبدالحكم ثمانى مرات خلال مرافعتى الطويلة والتى تناولت فيها تدنى أسلوب الحوار، وحرية الصحافة، وحق النقد، يؤكد عبد الرازق: «وقع المجلس فى «خطأ» غير مقصود بنشره مضبطة الجلسة كاملة فى الصحف، ليعرف القاصى والدانى مواقف الجميع، وبعضهم كان قد اتصل بهيكل بعد الجلسة ليخبره كذبا بتصديه للحملة ضده».
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..30 إبريل 1983.. هيكل لمهاجميه بسبب «خريف الغضب»: نحن أمام مسرحية هزلية عبثية.. والأخبار: «هيكل صفحة سوداء فى تاريخ مصر»
الخميس، 30 أبريل 2020 10:00 ص

كانت صحيفة «الأخبار»، برئاسة الكاتب الصحفى موسى صبرى، هى أكثر الصحف المصرية هجوما على الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، بسبب كتابه «خريف الغضب» فور أن بدأت صحف عربية فى نشر حلقاته، وبعد أن نشرت صحيفة «الأهالى» لسان حال حزب التجميع اليسارى أول حلقاته يوم 13 إبريل 1983.
كان الهجوم سبا وقذفا وشتما واتهامات بالعمالة والخيانة، كما جاء فى«الأخبار» يوم 30 إبريل مثل هذا اليوم 1983 لمحمد أبوطالب الذى كتب مقالا بعنوان«إنى أتهم»، قال فيه:«إن تاريخ الأستاذ محمد حسنين هيكل صفحة سوداء فى تاريخ مصر»، وكان ذلك بعد ثلاثة أيام من اجتماع المجلس الأعلى للصحافة لمناقشة «خريف الغضب» وكتاب «البحث عن السادات» ليوسف إدريس وانتقادهما العنيف للرئيس السادات..«راجع، ذات يوم، 27 و28 و29 إبريل 2020».
لم يترك هيكل خصومه فى هذه المعركة، وكذلك لم تترك جريدة الأهالى الهجوم عليها، ويتذكر رئيس تحريرها الكاتب الصحفى حسين عبدالرازق فى مقاله «هيكل والأهالى وأنا» على موقع «المدى ،1 ديسمبر 2016»:«نجحنا فى الحصول على مقدمة الكتاب والفصل الأول من هيكل نفسه، وتم نشرهما فى عدد الأربعاء 13 إبريل 1983، وتلقت«الأهالى» تهديدا من وزير الداخلية «اللواء حسن أبوباشا» بالمصادرة إذا استمرت فى النشر، ثم صدر قرار بمصادرة الكتاب ومنع دخول الصحف العربية التى تنشر فصول الكتاب، وقررنا التحايل على قرار عدم النشر، واتفقنا مع الأستاذ هيكل على إجراء صلاح عيسى «مدير تحرير الأهالى» حوار معه حول الحملة ضده وضد الكتاب، يتم خلاله نشر أهم ما ورد فى «خريف الغضب»، وتم نشر الحوار فى 27 إبريل 1983 بمانشيت أحمر يقول: «محمد حسنين هيكل يواجه زوابع التحريض على خريف الغضب»، وكتب مقالا افتتاحيا تحت عنوان «خريف الغضب والوصاية على الشعب».
قال هيكل فى حواره:«إننا فى الحقيقة أمام مسرحية هزلية عبثية من الطراز الأول، فأمامك ناس غاضبون متشنجون يحرضون الناس ضدى، وضد الكتاب ويستنطقونهم، ويبتزونهم، ويحرجونهم، ويزورون أقوالهم، ويسوقونهم سوقا للهجوم على كتاب لم يقرأه كاملا أحد من الذين يهاجمون، ولا يكاد أحد من الذين يقرأون الهجوم اطلع عليه».
وأضاف هيكل:«الهجوم على خريف الغضب، هجوما على شبح، فالطبعات الأجنبية السبع من الكتاب التى صدرت فى 24 إبريل 1983 الحالى، والطبعة العربية لن تصدر قبل منتصف مايو، وما نشر من الكتاب فى العالم العربى لم يتجاوز ربعه، فعلى أى شىء يعلق المعلقون؟ وأى كتاب يهاجمون.. أليس هذا عبثا؟ هل أنا الذى خنت أمانة القلم، أو أن الذين يطالبون بمصادرة حقى فى أن أكتب هم الذى يخونون تلك الأمانة؟ هل أنا الذى خرجت على ميثاق الشرف الصحفى؟ أو الذين فعلوا ذلك ويفعلونه هم الذين يهاجمون مالم يقرأوه، ويحرضون على مصادرة الكتب والأفكار.. أليس هذا عبثا؟
وقال هيكل:«كنت أعرف أن الحملة على وعلى الكتاب سوف تكون بدعوى الوفاء والحرص على ما فات، بما فيه من حرمة الأموات، وهو ادعاء حق يراد به باطل، والحقيقة أن هناك مصالح وأقدارا ومقادير تريد أن تحافظ على نفسها وليس على أنور السادات.. أمس فقط رأنى مواطن مصرى بسيط وأقبل على مشجعا يقول لى: لا تخف من أحد، الحقيقة كلها ظاهرة أمام الناس..الحقيقة فى القفص ونراها فى عصمت السادات «شقيق الرئيس أنور السادات، وتم التحقيق معه فى قضايا كسب غير مشروع»، إن حيثيات الحكم ضده حسمت فى منطق عصر بأكمله، لكن بقايا القوى والجماعات المستفيدة من ذلك العهد لا تزال تحارب معركة بقائها، وأظن أن ما قلته فى خريف الغضب يمس كثيرا من النقط الحساسة بالنسبة لهذه القوى والجماعات.
وأضاف هيكل: «هناك أيضا الذين انتهزوا الفرصة من الكتاب المحترفين لتصفية ما يعتبرونه حسابات معى، وهؤلاء يقولون إننى كنت الكاتب الأوحد، وإننى غاضب لأنى فقدت هذه المكانة، وأنا لم أكن كاتبا أوحد، فقد كانوا جميعا يكتبون وينشرون..ليس فى «خريف الغضب» شىء لم أقله عن السادات فى حياته، نعم توسعت، وهذا طبيعى، لأن ظاهرة السادات السياسية اكتملت فصولها بحادث المنصة «6 أكتوبر1981» فكان طبيعيا أن ترد إلى أصولها وأن يفهمها الناس».