
تداعيات انفصال سوريا عن مصر مستمرة دون توقف
28 – فبراير – 2020
كان إعلان قيام الوحدة المصرية السورية بمثابة دماء وحدوية غزيرة جرت في شرايين القوميين العرب، وكان ذلك في وضح النهار، أما في السر حدث العكس وجرت دماء معاكسة في أوردة عرب الرِّدَّة وجرحى ومصابي التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الكبرى، التي زلزلت عروش، وهزت قامات وسياسات؛ ظاهرها التأييد وباطنها التآمر والغدر، وارتبطت بمصالح قوى معادية محلية وإقليمية ودولية، وصب ذلك في مجرى المشروع الصهيوني، وكان الانفصال الذي وقع في 28 أيلول/سبتمبر 1961 بداية انتهت بهزيمة عسكرية في 1967، وجاء الرفض الشعبي الواسع لتلك الهزيمة، فحال دون تحولها لهزيمة سياسية، وذلك سمح بحرب استنزاف عظيمة لم تُمَكن العدو من الاستمتاع بنصره العسكري، ومَثَّل الاستنزاف الحرب الأطول في تاريخ الحروب العربية الصهيونية، وهيأ الجيوش العربية لخوض معركة تشرين الأول/كتوبر 1973، وقد أبلت فيها بلاء حسنا.
والنصر العسكري، إذا لم يتحول لنصر سياسي، يعتبر نصرا ناقصا؛ يتحول لهزيمة سياسية تنقذ العدو من مصيره المحتوم، وهي جريمة تغطت بترديد مقولة 99 في المئة من الأوراق في يد الولايات المتحدة، فتلاشى النصر الناقص، واستبدل باستسلام مجاني لواشنطن، وضاع الرفض الكاسح للهزيمة العسكرية، والتفريط فيما حققته حرب الاستنزاف التاريخية، والتفريط في عائدها المعنوي والتاريخي، بتواطؤ متعمد في التعامل مع نصر أكتوبر العسكري.
وأشارت دراسة للكاتب محمود سعد دياب منشورة في صحيفة «الأهرام» في الذكرى الستين للوحدة في 22/ 02/ 2018؛ أشارت لدور المخابرات الأمريكية في ضرب دولة الوحدة بالتعاون مع نظيرتها البريطانية والصهيونية، ويضاف إليها دور المخابرات السعودية، ورئيسها كمال أدهم، وكان لهما الدور الأكبر في التحريض والتمويل، وتقديم التسهيلات البرية والبحرية والجوية، فمنذ اليوم الأول لإعلان الوحدة بَنَت السياسة السعودية استراتيجيتها على إجهاض أي عمل وحدوي بين بلدين عربيين أو أكثر. وتعددت دوافع الدول الثلاث، إلا أنها اجتمعت على منع إمكانية وجود منافس غير غربي على مسارات النفط إلى أوروبا؛ سواء كان ذلك عبر قناة السويس، أو عن طريق الأنابيب المارة بسوريا، وإمكانية تأثير الدور الفاعل للجمهورية العربية المتحدة على المصالح الأمريكية والغربية، وتحول ذلك الاحتمال إلى كابوس ممثل في الدولة العربية الجديدة، وفي رئيسها جمال عبد الناصر. ولم يجد الكاتب تفسيرا لشرح الدوافع الحقيقية للانقلاب على الوحدة؛ كطموح مشروع لدول مستقلة ذات سيادة، وعزا ذلك لنشاط طابور خامس؛ ممثل في «الشركة الخماسية» السورية، التي أدارت دولاب الانفصال، ودعمت الانفصاليين، وكل من فزع من الوحدة، والشخصيات العشائرية والمالية والسياسية.
وهو ما أكد عليه الأكاديمي والباحث الأمريكي الفلسطيني دياب عيوش، الذي لم يجد تفسيرا منطقيا للدوافع الحقيقية للانفصال، فعاد لذاكرته ليكتب عبرها «ما لم يقله أحد عن دينامو الانفصال»؛ حسب تعبيره، وكان حافزه على ذلك عوامل ثلاثة:
العامل الأول: هو امتلاك معلومات خاصة وحاسمة عن أسباب الانفصال لم تأخذ حقها من التحليل والتفسير والبيان.
ما أعظم الغرس الوحدوي في عقول الأجيال الشابة الحالية، التي أعيتها الحيل الانفصالية، والأكاذيب الانعزالية، وذلك من أجل مستقبل أفضل تبنيه سواعد هذه الأجيال الشابة، وعلى الأجيال الأكبر الأخذ بيدها في هذه الظروف الصعبة، فهم في حاجة ماسة لسلامة الرؤية وصلابة الموقف
والعامل الثاني: أنه خريج جامعة دمشق؛ مطلع جيد على أحوال سوريا من أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، ويعرف كثيرا من الشخصيات التي تتردد أسماؤها في هذا السياق، ولم ينقطع عن سوريا سوى في السنوات الأخيرة، التي جرى فيها غزو سوريا وتدميرها بتخطيط جهات عربية وإقليمية ليست خافية على أحد.
والعامل الثالث: هو الرغبة في إنصاف الرئيس المرحوم جمال عبد الناصر، والسياسي العربي الراحل عبد الحميد السراج؛ مما اتهما به بالدكتاتورية والطغيان!!.
ورأى أن أقوى المزاعم لتبرير الانفصال كانت ما تردد عن «بروز دكتاتورية عسكرية مصرية مستبدة ومركزية»، وإدعاءات تمتّع الضباط المصريين بامتيازات لم تُعط للسوريين» و«أن أولئك الضباط كانوا يستكبرون على زملائهم السوريين ويحصلون على رتب أعلى وترقيات أكثر من القيادة العليا، مما أثار الحقد والضغينة في نفوسهم، وخلق لديهم شعورا بالإذلال وباضطهاد المصريين لهم، واتخذ ذلك سبيلا لتشجيع بعضهم على القيام بانقلاب ضد الجمهورية العربية المتحدة». يضاف الى هذا ما تردد عن «تأميم عبد الناصر البنوك الخاصة، والشركات الصناعية الكبيرة»، و«السياسات الاستبدادية» المزعومة لحكومة الوحدة فى الإقليم الجنوبي، و«غياب التواصل على الأرض بين الإقليمين»، و«وجود دوله عدوّة قوية بينهما»، وتلك المزاعم ساهمت في مضايقة السوريين الذين كانوا يفتخرون بالتعددية السياسية!!. ولم ينظروا إلى الوحدة كمصدر قوة وأمل للأغلبية العظمى من الشعب، وللمتعطشين إلى لم الشمل العربي كطريق مضمون للقوة والتطور والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، ولهذا واجهت الوحدة من بداياتها عام 1958 تحديات داخلية كثيرة ومؤامرات خارجية كبيرة.
فعلى الصعيد الداخلي، كانت الشركة الخُماسية أكبر مؤسسة خاصة في سوريا، وكذلك الأحزاب المناهضة للوحدة، وكانوا في مقدمة غير الراضين عنها، وتضافرت جهودهم، على ما بينهم من اختلاف الرؤى لهدمها، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبلها. وعلى الصعيد الخارجي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، والدولة الصهيونية، ودول أوروبية وعربية وإسلامية معادية للوحدة؛ كان لا يهدأ لهم بال قلقا من الدولة الموحدّة الوليدة. وكان دورهم الأساسي بث الفتن بين طرفيها، ومحاصرتها سياسيا وتهديدها عسكريا.
بدأ التآمر بإقناع ضباط سوريين كبار بالانفصال. وكان عبد الحميد السراج النائب الثاني للرئيس عبد الناصر، وحاكم سوريا في عهد الوحدة يواجهها واحدة تلو الأخرى، وقد روى عيوش عن لقاء خاص بأحد اللاجئين السياسيين العرب في دمشق عام 1962 وذكر إن السراج جمع كبار رجال الأمن في دمشق قبيل حدوث الانفصال وأبلغهم أنه يَشُم رائحة انقلاب عسكري على الوحدة وأنه يريد منهم ألا يناموا الليل، وأن يتحلوا بأقصى درجات اليقظة لتتبع الحركات الانفصالية وتواصلها معا، ولم تمض بضعة أيام حتى عَلِم بأن هناك اجتماعا سريا لضباط كبار في أحد أقبية منطقة «السبع بحرات» في دمشق للتخطيط للإطاحة بحكومة الوحدة. فما كان من السراج ألا أن داهم المبنى، وعندما دخل عليهم صُعقوا من حضوره ووقفوا يؤدون له التحية. عندئذ أخبرهم أنه على علم بتحركاتهم وأنه يلفت نظرهم لسوء عملهم، وحذرهم مما سيحصل إذا ما كرروا مثل هذا العمل ثانية، وغادر المكان (والكلام ما زال للاجئ السياسي)، فغادروه بعده مهرولين؛ متهمين بعضهم بعضا بإفشاء سر الاجتماع. وعلى الرغم من القبضة القوية للسراج على الداخل السوري ومتابعته الدقيقة لكل تحرّك، استمرت المؤامرات على الوحدة بطرق ملتوية ودهاء أكبر؛ مما يشير الى عوامل أخرى أقوى مما ذُكِر ونُشِر عن أسباب وقوع الانفصال.
وسقِط حكم الوحدة بانقلاب عسكرى في دمشق يوم 28 أيلول/سبتمبر 1961، وحملت سوريا اسم الجمهورية العربية السورية، واحتفظت مصر باسم الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971 عندما غيره أنور السادات وأطلق عليها اسمها الحالي جمهورية مصر العربية.
وأبناء «القارة العربية» وهم في أمس الحاجة الى استعادة الروح والمثل التي حركت الجموع وراء هدف الوحدة؛ في مرحلة مجيدة من مراحل الكفاح القومي، عليهم الاستفادة من دروسها واستخلاص العِبَر من نجاحها وإخفاقها والتآمر عليها. وما أعظم الغرس الوحدوي في عقول الأجيال الشابة الحالية، التي أعيتها الحيل الانفصالية، والأكاذيب الانعزالية، والتدليس القُطْري، وذلك من أجل مستقبل أفضل تبنيه سواعد هذه الأجيال الشابة، وعلى الأجيال الأكبر الأخذ بيدها في هذه الظروف الصعبة، فهم في حاجة ماسة لسلامة الرؤية وصلابة الموقف.
الأخ محمد عبد الحكم دياب ….كال خلافي معك حائلا ولفترة طويلة دون التواصل أو متابعة ما تكتبه…. ومرد هذا كان خلافـا ( جذريا بيننـا حيال الموقف من الوضع القائم في الاقليم العربي السوري. ؟؟ ولكي لا أخرج عن فحوى المقال أعلاه وما تعلق به .؛؛ أقو ل . سـررت لكل ما جئت أنت به كما مـا جاء بالتعلق المرفق …ولا بد لي من الاختصار قد المستطاع وأشير بأنه وقبل كل شيء ، فان ما ذكر كبعض من المبررات ( ولا مبر قطعا للخيانة وارتكاب جريمة كالانفصال؟؟) فهي مدحوضة ومردودة دون حاجة لاعطائها قدرا لا تستحقه من الجدل …والسبب هو (( كون القيادة الرسمية للاقليم حينها الشمالي ..كـانت منوطـة وبصورة مطلقة ..بنائب الرئيس ؛؛ والذي كان …أكرم الحوراني ؟؟؟)) فكان الحاكم الرسمي لاقليم كما أن المشير عبد الحكيم عامر كان متقطع التواجد في الاقليم وفي اطار تلك الفترة الزمنية التي لم تـزد لثلاثة سنوات ، ولم يحاول التدخل المباشر في شؤون الادارة للدولة ..وترك ..شعاب مكــة لمن كان أدرى بها ؟؟ ولا بد لي كمواطن عربي سوري ، كان لي شـرف ممارسة (( الاقتراع / الانتخاب ..ولأول مرة في حياتي ..فكان يوم قلنــا ..نعـــم لوحدة قطرينـا ..ونعم لعبد الناصر رئيسا وقائدا . ولا أبغي وصف مشاعري المتطابقة يومهـا مع مطلق مشاعر أبناء الاقليمين شمالا وجنوبا في ؛جمهوريتنا العربية المتحدة …ولم تـزل تجري في عروقى حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا…؛ ولا بد لي هنا من التطرق لأكـرم الحوراني ..وأعتفد جازمـا ؛؛ بأن القليلون جدا ممن هم لا زالوا على قيد الحياة…يمكنهم الحكم على أكرم الحوراني كمــا الحكـم على ( العلوويين وأسدهم ؟؟.كما أستطيع أنــا ؟؟؟؟..فلقد ولدت على ضفاف العاصي وعاصرت منذ الطفولة مسيرة ما بعد الاستقلال في مطلع الخمسينات وكافة التطورات والتداعيات السياسية التي سبقت وحدتنـا مع الشقيقة الكبرى.. مصر . ونتيجة مرافقتي لتلك الأحداث ؛؛؛ وجدت نفسي أتعامل معهـا وبالضرورة وطبيعة الارتباط بكافة الأحلام التي ولدنا عليهـا ..فمكنتني المحاكاة ولكي أحــكم ؛؛ وبطاهرة الانتماء ووفاء لما أقسمنا عليه وعشنا لأجله . عرفنـــا نحن أبناء الوطن العربي السوري ..أكرم الحوراني كحاقــد اجتماعي وبأشرس صور الحقد المبرر بعقد النفص المتعاظمة ؟؟؟ ولقد وجد في العامل النفسي المرافق للحياة الاجتماعية كتركة لسلبيات فترة الانتداب..وظروف الوضع الاقتصادي المرير وبعوامله المتعددة ..وجد الحوراني بهذا …ثـغــرة ..للعبور الغير مقدس ليحتكر مشاعر المستضعفين والباحثين عن فرص الحياة الكريمة من أبناء الوطن … فأشعل جذور فاجرة مقيتة أنتجت الفتــّن والصدام بين أبناء الوطن وليحقق من خلال ذلك أحلاما لدخوله قاعة المجلس النيابي حينها ؟؟ فلقد كان يتوجه وخاصة (( للعلوييــن؛؛ ) ويـعدهم بأن (( يحــوّل سـيدات الأسر السورية …الكريمة .؛؛ الى ..خــدم في بيوت النصيرية ..ان انتخبوه وساهموا لدخوله البرلمـان..؟؟؟ .لقد استغل الحوراني هذه العواطف الطاهرة الطيبية البريئة وسخرها وبأشنع صور الحقد المتردي على الوطن كلــه ؟؟؟ لقد ارتكب الحوراني جريمتـه الأكبر عندما (( غـشّ الرئيس عبد الناصر ..؛ وقدم لـه صورة غير صادقة معكوسة بالقطع عن طبيعة الحياة الاجتماعية الاقتصادية والتضامن والنبل الخلقي لمجتمعنا العربي السوري اصالة … فكان وبالبداهة أن يأخذ الرئيس بهـا ولطالما كان البعث ؟؟؟حينها يمتطي جواد العروبة مبايعا ؟؟ ومصفقا للرئيس ( دجلا وخداعا وتضليللا صهيورجعيا .؟؟) ..فلقد أدى نتـائج التطبيق التعسـفي؟؟؟ للقوانين الاشتراكية ..والاصلاح ( افساد ) الزراعي أثرا حقق للحوراني ومن تبعـه الحلم المتصهين لارتكاب جريمة ( التجربـة الفاشلة في تفجير الحقد الطبقي والاستياء الشعبي واثارة الاقليمية المقيتة ممهــدا لتقبل جريمة الانفصال لدى من سـلخ جلودهم بأيدي زبانيته الذين اختارهـم عمــدا وأنشأ الوزارات المختلفة وبقوانين فاجرة مجحفة ظالمة تــم تطبقها بلا وعي أو ضمير على أيدي الحاقدين بغير وعي والمنتقميـن يلا شرعية للانتقام ؟؟؟ لقد شعر .فعلا عبد الحميد السراج بخطر الجريمة ..؛؛ وهو أصلا من تلاميذ الحوراني الذين انتموا لحزبه الطائفي الحاقد ؛؛ لكن( نبل الأصالة القومية للسراج..؛؛ ) وصدق مشاعره انتماء عروبيا وحدويا واشتراكيا ..دفعت بالسراج لمحاولة القاء القبض ( عكس ما جاء بالمقال أعلاه .؛؛) على القيادات الأمنية ( المكتب الثاني ..) والعديد ممن تآمروا لطعن الجمهورية وفصلهـا وبتمويل سعودي معروف ودعـم صهيوأمريكي أضحى معروفا ؛؛ وفشـل السراج في محاولتـــه …فلقـد كانت خطوط المؤامرة قد اتخذت خطوطهـا الرئيسة نهايتها وجرت الأمور كما نعرفهـا جميعا من مهزلة البيان رقم (9 ) والتماتطل في التعامل مع القيادة في القاهرة ( تماما كما فعـل تلاميذه العلويين في آذار 63 ..مماطلة وكسب للوقت تمييع وفرض أمر واقع تحت نير القتـل وسفك الدماء وتطهير المؤسسات العسكرية من خير أركانهـا تمهيدا للاسأتيلاء على أركان الدولة وبكافة مؤسساتها والوصل بلاقليم السوري والأمـة الى ما نعانيه اليوم من هوان وانهيار وعــار . د/ طارق الخطيب ـ القوميون العرب