الرئيسية / حوارات ناصرية / يوليو.. الثورة.. والحالمون بعودة العبودية

يوليو.. الثورة.. والحالمون بعودة العبودية

 65154021_2421631181230864_197808056006868992_n

 
بعد أيام قليلة، يكون قد مر على ثورة يوليو 67 عاما، الثورة التى غيّرت وجه الحياة فى مصر. قد يرى البعض أنها غيرت وجه الحياة إلى الأسوأ.. ولكنى مُصر على أنها غيرت وجه الحياة إلى الأفضل، ويكفى أن أبناء مصر هم الذين يحكمونها الآن بغض النظر عن رأينا فى جمال عبدالناصر أو السادات أو مبارك.

10404180011500754996

يمر على وقوع الثورة هذا العام 67 عاما، وهى مدة زمنية كافية لتحليل ما جرى فيها وتقييم آثارها فى مختلف المجالات. وإذا أردنا التقييم، فعلينا أن نقيّم بما حدث من تغير كمى وكيفى فى لحظة تاريخية قصيرة. ولنعلم أن الثورات ظاهرة من أهم ظواهر التاريخ البشرى، فنقاط التحول الفاصلة فى التاريخ كانت بسبب الثورات، فكل الأديان مثلا كانت ثورات بهذا المعنى، لذلك فالثورات تعتبر فواصل تاريخية قاطعة فى التحول البشرى. ومن أهم سمات ثورة يوليو أنها غيرت مفهوم الثورة لدى المؤرخين، فقد كانوا يعتقدون أن الثورة إنما تقاس بمستوى العنف الذى يصاحبها وبغزارة الدم الذى تسفكه، ففى معظم الأحوال لم تكن الشعوب تستطيع أن تحقق ما تصبو إليه من تغيير جذرى فى حياتها إلا بالعنف وسفك الدماء.

107366031_3024439494344081_1829346707786824229_n

لقد جاءت ثورة يوليو استجابة طبيعية لوجود أزمة اجتماعية وسياسية حادة فى المجتمع المصرى خلال الحكم الملكى، وإذا كان الضباط الأحرار، الذين انتفضوا فى تلك الليلة المباركة، فى المقام الأول يعبّرون عن سخطهم على النظام القائم، فإنه لا ينقص من قيمة ما قاموا به أنهم لم يكونوا وقتها يدركون عظمة الحدث الذى صنعوه فى التاريخ بتكوينهم معادلة السخط واليأس والأمل المفجرة للثورة، فالأغلبية الساحقة من الشعب المصرى كانت تشترك فى كل تلك العناصر المفجرة للمشاعر الثورية.

لقد عزلت الثورة الملك، وأدخلت النظام الجمهورى الذى حقق جلاء الإنجليز، وأمم قناة السويس، وبنى قطاعا عاما قويا وضع به أساسا حقيقيا لثورة صناعية، وأطلق الفقراء والشرائح الدنيا فى المجتمع من عقالهم، وحقق لمصر درجة عالية من استقلال الإرادة فى رسم سياستها الخارجية وسياستها الاقتصادية، كما استطاع أن يعبئ الشعور العربى ضد الاستعمار الغربى وضد إسرائيل لصالح الوحدة العربية.

لقد كانت الثورة صاحبة خطوات إيجابية لصالح جموع الشعب، لكن بمرور الزمن بدأت وتنامت ظاهرة عكسية، فبينما كانت الفجوة تتضاءل فى الستينيات بين الثروات والدخول.. حدث تجمد فى نمط توزيع الدخل بدأ مع السبعينيات، وجاءت بعد ذلك موجة هجرات المصريين إلى دول الخليج لتحسن دخول فئات من أصحاب شرائح الدخل المنخفض..

  ;لكن بانحسار معدل الهجرة مع الثمانينيات واستمرار سياسة الانفتاح، زاد معدل التفاوت بين الدخول والثروات بعد أن سمح بتراكم الثروات فى أيدٍ قليلة من المشتغلين بالتجارة خاصة فى مجال الاستيراد، وقد صاحبت العودة للاستقطاب الحاد فى توزيع الثروة والدخل عودة مظاهر البذخ القديمة التى كانت تميز عصر ما قبل الثورة وتقترن بقلة حساسية واضحة لما يجاورها من صور الفقر.

لقد تعودنا أن تأتى مع يوليو موجة من الهجمات الشرسة ضد الثورة، بعد أن عاد أعداء الثورة للظهور مرة أخرى فى ظل تهميش أصحاب المصلحة الحقيقيين فى استمرار توجهاتها الاجتماعية، كما ينتهز المتحالفون الآخرون أصحاب المصلحة السياسية الفرصة للانقضاض عليها وعلى قادتها..

 وقد تابعنا محاولات ساذجة لإظهار إحدى أميرات الأسرة المالكة على شاشة الإعلام مرة أخرى، وكان ما نشر معها وعنها وعن أسرتها من السذاجة لدرجة أنها حاولت أن تشوه الثورة بأى كلام، لدرجة أنها قالت: لقد كانوا يريدون قتلنا، ولا أعرف ما الذى منعهم من ذلك، وقالت أشياء أخرى تعد نوعا من الهذيان فى هذا العمر.. وأتساءل: هل يحلم هؤلاء بالعودة للعبودية؟!

أقول لكل من يعتقد أن الزمن يمكن أن يعود إلى الوراء: إن الثورة ليست فعلا معنويا أو سطحيا.. لكنها قامت من داخل كل بيت.. ودخلت كل بيت.. ومن المستحيل اقتلاعها بعد كل ما قامت به لصالح الوطن.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *