صوت العرب من القاهرة : اين كنا وكيف اصبحنا !

كان لدينا زمان إذاعة اسمها صوت العرب افتتحت بأمر عبد الناصر في يوليو / تموز 1954 ورايت شخصيا تأثيرها بعد ذلك التاريخ ب 20 عاما حين وقف عضو مجلس قيادة الثورة الليبية مصطفى الخروبي ( استشهد لاحقا ) في أوائل السبعينات ليقول في حفل تكريم المرحومين محمد عروق مدير صوت العرب ومحمد ابو الفتوح المعد والمذيع بها أن الشباب الذين قاموا بالثورة الليبية في 1969 كانوا يستمعون يوميا لصوت العرب وخصوصا إبان الثورة الجزائرية والحرب في اليمن ومعارك تحرير عدن والجنوب اليمني ضد الإنجليز ..
كان عبد الناصر يكتب في أحيان كثيرة تعليقات لإذاعة صوت العرب ( النموذج المرفق ) وبين عامي 1963 و 1965 كان قد تم تنفيذ أوامره بشراء وتوزيع 100 الف جهاز راديو ترانزيستور ( صغير الحجم ) على اليمنيين في الوديان والجبال كي يستمعوا الى صوت العرب من القاهرة ، وروى لي اصدقاء يمنيون لاحقا كيف ان ذلك كان له التأثير الاكبر في تحول الشعور اليمني العام إلى الوعي القومي والانحياز الى الجمهورية في وجه الضخ السعودي للذهب والأموال لشراء بعض مشايخ القبائل ليقاتلوا الى جانب الملكية ، في ليبيا روى لي عدد من كبار السن ممن التقيتهم في العاصمة طرابلس كيف ان أي مواطن عربي ليبي يتوفر لديه المبلغ الكافي لشراء جهاز راديو في الخمسينات والستينات كان يذهب فورا الى المتجر ويشترط على البائع أن يكون الراديو ” فيه ” احمد سعيد ويلتقط صوت العرب ، وروى لي آخرون من سبها في أقصى الصحراء جنوب ليبيا انهم كانوا يجتمعون عند صديق لهم ميسور الحال ليستمعوا الى خطب عبد الناصر وتعليقات احمد سعيد ومقالات هيكل التي تذاع مساء كل يوم جمعة ، كان هذا هو الذي اوجد لدى الليبيين حالة الوعي القومي التي أدت إلى التحامهم بثورة الفاتح ..
كانت صوت العرب سلاحا عربيا مصريا اخاف فرنسا في الجزائر وبريطانيا في عدن والصهاينة في فلسطين إلى درجة انها كانت احدى اولى الاهداف التي قصفتها طائرات العدو فور بدء العدوان الثلاثي عام 1956 ..
اليوم ..لا تسمع في صوت العرب سوى اخبار ابو الغيط وبني زعيط ومعيط وال نطاط الحيط !