أخبار عاجلة
الرئيسية / كتب و دراسات / تحميل كتاب : مذكراتي في السياسة والثقافة – بقلم : ثروت عكاشة

تحميل كتاب : مذكراتي في السياسة والثقافة – بقلم : ثروت عكاشة

من مقال عماد غزالي – وجهات نظر
“يلخص الدكتور ثروت عكاشة في مذكراته ، تجربته الخاصة التي تشكلت عن المام بشتى المذاهب الادبية والفنية قارئا ، ثم دارسا على اساتذته بالجامعة ، وتعامله مع هذا كله برؤية انتقائية مستقلة ،

انتهى فيها كما يقول الى الاقتناع بأمرين . اولهما : ان تكون الدولة في جميع مرافقها دولة رعاية .وثانيهما: الالتزام بالجمع بين الاخلاق والسياسة . وفي السياسة ، كما في الثقافة ، يلزم صاحب المذكرات نفسه بالموضوعية التامة قدر استطاعته ، ويقدم رؤيته كشاهد عيان ومشارك بوصفه واحدا من الضباط الاحرار ، وان تميز عليهم بغلبة الميول العلمية والادبية والفنية ، وبالترفع عن السعي وراء المناصب والنفوذ ، وهو ما دفع الرئيس عبد الناصر الى الاستجابة لطلبه ان ياخذ اجازة لمدة شهر وكان وقتها وزيرا للثقافة ، كي يناقش رسالته للدكتوراه في جامعة السربون .يبدي صاحب المذكرات رايا لافتا في ثورة يوليو ، فيرى ان عهد الثورة انتهى في يونيو 1956 . حين صدر الدستور الذي منح الرئيس جمال عبد الناصر صلاحيات واسعة ، وجمع كل السلطات في يديه دون مساءلة دستورية ، حتى انه استغنى بصلاحياته عن مجلس قيادة الثورة ، ليبدأ نظام سياسي جديد قائم على مركزية السلطة ، يقول عكاشة ذلك عارفا فضل عبد الناصر ومقدرا نزاهته وعفة يده وانجازاته التي وضعته في مصاف كبار الزعماء . والحق ان قارئ المذكرات – بتوجيه من صاحبها – عليه ان يتعامل مع الشق الخاص بالثورة ، وبالادوار التي لعبها المؤلف طوال حياته عسكريا ودبلوماسيا” ووزيرا وعضوا بالمجلس التنفيذي لليونسكو باعتبارها حقائق لا خيال .
ولانه من العسير الالمام في هذا العرض الموجز بانجازات صاحب المذكرات ونهجه في وزارة الثقافة ، فلا سبيل الا الانتقاء ، واول ما نلحظه في نهجه هو سعيه الى ان يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين والمثقفين ذوي الكفاءات المعروفة ، وقد استعان بالراحل لويس عوض الذي كان يعمل آنذاك استاذا بجامعة دمشق ، وكان تطوير مشروع الالف كتاب احدى مهام الدكتور عكاشة العاجلة ، ثم وضع خطة للنشر ، هدفها اتاحة الكتاب بقروش قليلة ، وكان انشاء مبنى جديد لدار الكتب احدى المهام العاجلة كذلك ، بعد ان ارتفعت مقتنيات دار الكتب في عام 1959 الى 500 الف مجلد ، بما لم
يكن يسمح بصيانتها وعرضها للتلف ، وهو المشروع الذي لم يكتمل حتى اوائل السبعينات . هذه الانجازات وغيرها كثير يعود الفضل فيها الى صاحب المذكرات الذي وهب الابداع حياته ، فنانا يهيم على ضفاف الاخيلة ، ومسؤولا” يغرس في ارض الواقع.”انتهى الاقتباس

——————————————————————–

في حقبة العصر الذهبي للثقافة في هذا البلد، صفحات كثيرة للشؤون الثقافية ويتوقف مطولاً عند ذلك التعاون الثقافي الكبير والمثمر الذي جمع بين القاهرة وباريس في عصر الرئيسين جمال عبد الناصر وشارل ديغول. بيد أن الغريب في الأمر هو أن الراحل ثروت عكاشة الذي يبدو دائماً على صواب في معظم أحكامه السياسية وبالغ الدقة في رصده للأحداث والمعلومات، يكاد يبدو ظالماً بعض الشيء لدى حديثه عن إسهامات أندريه مالرو في بناء صرح ذلك التعاون، بخاصة حين يتعلق الأمر بحديثه عن ذلك المعرض الضخم والاستثنائي عن الفرعون الذي قضى شاباً توت عنخ آمون ومكتشفات متعلقة به كانت عثرت عليها بعثة إنكليزية في وادي الملوك وأدت يومها الى ولادة خرافة لعنة الفراعنة. وهو المعرض الذي شهدته باريس قبل غيرها من عواصم غربية، بدءاً من يوم السادس عشر من شباط (فبراير) 1967 مسجلاً نقطة الذروة والبداية في ما سوف يعتبر لاحقاً هوساً فرنسياً بكل ما يمت الى العصور الفرعونية المصرية بصلة، وانطلاقاً من هنا، بكل ما له علاقة بمصر ماضياً وحاضراً. صحيح أن عكاشة يذكر بعض مساهمات مالرو وبعض أياد بيضاء كانت له، لكن هذا الذكر يبدو في حقيقة أمره قاصراً عن الإحاطة بالدور الكبير الذي لعبه ذلك الذي كان وزير ثقافة الجنرال ديغول في ذلك الحين ناهيك بكونه أحد كبار الأدباء الفرنسيين والمهتمين بتاريخ الفنون الشرقية بصورة عامة.
> والحقيقة أن ثروت عكاشة يروي أن فكرة المعرض قد واتته فيما هو يفكر بالعثور على ما يكفي من المال لتمويل عمليات نقل معابد فيلة كي لا تُغمر بمياه السد العالي، مضيفاً أن الحكومة الفرنسية سرعان ما تحمست لـ «المشروع وسارعت بإعداد القصر الصغير لإقامة المعرض فيه، وأشرفت على إعداده وتنسيقه السيدة (عالمة المصريات) كريستيان نوبلكور». ويبدو أن عكاشة يتناسى هنا الدور الأساسي والتأسيسي الذي لعبه أندريه مالرو في تحقيق ذلك الحلم الذي كان يداعبه منذ زمن بعيد والذي حقق نجاحاً أسطورياً في العاصمة الفرنسية حيث إن عدد زوار المعرض حتى يوم إغلاقه في الرابع من سبتمبر من العام نفسه بلغ مليوناً ومئتين وستين ألف زائر، أي تماماً ضعفي عدد زوار معرض كان أقيم العام السابق لأعمال بيكاسو اعتبر يومها محققاً رقماً قياسياً في العدد الإجمالي لزوار معرض من المعارض. واليوم إذا أردنا أن نعيد الحق الى أصحابه يمكننا أن نذكر، مقابل ما يقوله الدكتور عكاشة من أنه قد فاتح الرئيس عبد الناصر بالمشروع فوافق عليه خلال ثوان، أن مالرو نفسه كان قد بحث في أمر المعرض مطولاً مع الرئيس المصري قبل ذلك بعام تقريباً حين قام بزيارة تاريخية الى مصر موفداً من جانب الجنرال ديغول. وكانت زيارة سياسية وثقافية في الوقت نفسه وكان من بين نتائجها الاتفاق على إقامة ذلك المعرض الذي كان الطرفان يدركان مبلغ ما يتسم به من أهمية، أولاً في ترسيخ العلاقة بين البلدين، ولكن ثانياً في تلميع صورة مصر في زمن كانت فيه هذه الأخيرة محاصرة غربياً بشكل لم يكن يريح الجنرال ديغول نفسه.
> إذاً، من ناحية مبدئية وأساسية، كان الهدف من الزيارة التي قام بها الكاتب الفرنسي أندريه مالرو إلى مصر خلال الأيام الأخيرة من شهر آذار (مارس) 1966، هدفاً فنياً ثقافياً. وهو سيتحقق في العام التالي كما نعرف: إقامة معرض توت عنخ آمون في باريس، ذلك المعرض الذي أثار هوس الفرنسيين جميعاً، وأقام الدنيا هناك ولم يقعدها، وأدى – بين أمور أخرى – كما أشرنا، إلى ولادة تلك النزعة الفرنسية الإيجابية في اتجاه مصر وتاريخها الفرعوني. والحقيقة أن أندريه مالرو، وبمعرفة ثروت عكاشة، كان هو الذي رتب ذلك المعرض، خصوصاً بعد أن نال في سبيل ذلك موافقة الرئيس جمال عبدالناصر، الذي كان في ذلك الحين في حاجة ماسة الى «عملية العلاقات العامة» تلك. إذ في ذلك الحين، كان التوتر بين القاهرة والولايات المتحدة الأميركية يتزايد، وكانت حرب اليمن قد عزلت عبدالناصر عربياً، كما أن الإصلاحات الاجتماعية والاشتراكية، أثارت العواصف من حوله في الداخل، وكل ذلك في وقت كان فيه الرئيس المصري قد بدأ يخامره اليأس من صدق الاتحاد السوفياتي في التعامل معه. فإذا أضفنا إلى هذا أن عبدالناصر كان يزيد، في ذلك الحين، من الاندفاع في طريق نوع من الصلح مع إسرائيل، وهو يراقب بعين الحذر ما يحدث في سورية حيث قام نظام بعثي يساري «أخذ يزايد عليه لفظياً» وفق تعبير صحافي فرنسي في ذلك الحين، ويحاول «أن يدفعه الى تصعيد الموقف العسكري مع إسرائيل»، يبدو لنا من الواضح أن عبدالناصر وجد الحل في التقارب مع فرنسا، وعبرها، في فتح علاقات جديدة مع أوروبا، فوجد في ذلك المشروع الثقافي الحضاري خير وسيلة لتحقيق ذلك كله ولا سيما من خلال فرنسا، البلد الغربي الذي كان الأقرب الى العرب في زمن الجنرال ديغول.
> وفرنسا في ذلك الحين كانت شارل ديغول، الرئيس القوي الذي كان قبل ذلك خطا خطوات كبيرة في اتجاه العالم العربي، وخصوصاً منذ ساهم في نيل الجزائر استقلالها، والزعيم الذي كان لا يتردد من دون التصدي للقوى العظمى، ويقف في خندق آخر، الآن، غير خندق الحلف الأطلسي. ومن هنا، لئن كان من الواضح أن أندريه مالرو، لم يقصد مصر لمجرد أن يرتب معرضاً في باريس، حتى ولو كان المعرض على ضخامة وأهمية معرض توت عنخ آمون. كان من الواضح أن الزيارة في جوهرها سياسية. فأندريه مالرو كان في ذلك الحين وزيراً للشؤون الثقافية في فرنسا، وكانت له كلمة مسموعة لدى الرئيس شارل ديغول، صديقه ورئيسه. وثروت عكاشة كان يعرف هذا، وكان يعرف أيضاً أن زيارة يقوم بها مالرو الى مصر، ولقاء يجمعه مع الرئيس المصري، سوف يكون لهما أثر كبير لدى ديغول وفرنسا في شكل عام. من هنا، حين اجتمع اندريه مالرو بالرئيس جمال عبدالناصر يوم 27 آذار (مارس) 1966 أي في أول أيام زيارته لمصر وفي حضور عكاشة طبعاً، كان من الطبيعي أن يمرا على ذكر معرض توت عنخ آمون. إذ وافق عبدالناصر على إقامة المعرض خلال ثوان، ثم انتقل الرجلان الى الحديث عن التعاون الاقتصادي والسياسي (والثقافي) بين بلديهما.
> أُجري الاجتماع يومذاك في منزل عبدالناصر في «منشية البكري» وسوف يخرج منه مالرو مبتسماً قائلاً لمن حوله إنه تأثر كثيراً بشخصية الرئيس المصري. بل سوف يقول لاحقاً إنه وجد روحاً واحدة تجمع بين الرواية التي كتبها الرئيس المصري في شبابه بعنوان «ثمن الحرية»، وبين بعض رواياته هو – أي مالرو – الرئيسية مثل «الشرط الإنساني» و «الأمل»، حيث إن «هناك قاسماً مشتركاً بيننا هو التفاؤل بمستقبل الإنسان وتأكيد مشروعية فعل المقاومة ضد الطغيان». وكان من نتيجة ذلك كله أن عاد أندريه مالرو إلى بلاده ليجتمع من فوره الى الرئيس شارل ديغول ناقلاً إليه انطباعات شديدة الإيجابية عن لقائه بجمال عبدالناصر، وناقلاً إليه كذلك دعوة الرئيس المصري له لزيارة مصر

رابط للتحميل
https://drive.google.com/file/d/10JZ0no8vqLDyOKwwzVzBs9p7cyrdBxCH/view?usp=sharing

عن admin

شاهد أيضاً

كتاب الدكتور عبدالخالق فاروق (حقيقة الدعم و أزمة الاقتصاد المصري)

  الدكتور عبدالخالق فاروق من أهم الباحثين الاقتصاديين في مصر وقدم العديد من الأبحاث والكتب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *