الرئيسية / حوارات ناصرية / الديمقراطية في المنهج الناصري

الديمقراطية في المنهج الناصري

13895140_1413245582035710_7499127905813016416_n
=================
بقلم : سامي شرف
===================

[[ إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية ]]

جمال عبد الناصر
حرية الكلمة .. والحرية هي حرية مسؤولة ، لها حقوقها وعليها واجباتها .
إنها الحرية المقيدة بالحرية .
والكلمة .. هي كلمة مسؤولة ، كلمة الخير والنقد البنّاء والبِناء ،
بالمضمون والهدف .. ” قل خيرآ أو فلتصمت ” ..
وحرية الكلمة / حرية التعبير ، هي أولى مقدمات الديمقراطية . فهي التعبير
عن الآراء ، آراء كل أبناء الشعب و آراء كل القوى السياسية والمجتمعية
الوطنية . [ الحرية للشعب ولا حرية لأعداء الشعب ] .
حرية الرأي والتعبير إبتداءآ من : الفرد في الأسرة ، وفي المؤسسات ، وفي
السلطات والأنظمة ، والتي تهدف إلى توضيح ما يعتقده الفرد ويعمل بموجبه
بأنه الأصلح أصاب أو أخطأ ، ويكون لكل هذه الآراء والإعتقادات مكانتها في
إدارة حوار موضوعي مسموع بدون تعصب أو إلغاء أو إستبداد برأي بدون مسوغ
موضوعية واضحة . ويكون التراجع عن الرأي الخاطئ ، مكان تقدير في شجاعته
وإيجابيته ونكران ذاته في سبيل الأصوب ، وخدمة للهدف الأسمى / الوطن
الأسمى .
وحرية الكلمة والتعبير عن الرأي ، هو طريق هام لكشف مواطن الأخطاء
والقصور والسلبيات ، داخل الأسرة والمجتمع والسلطة .
حرية الكلمة وحرية التعبير هي مقدمة أولى للديمقراطية ، وبالتالي فإن
هناك : مقدمات أخرى ، وأفكار ، ومفاهيم ، وممارسات على طريق الديمقراطية
الذي لاينتهي ، والذي هو خطوات تراكمية وجدلية مستمرة تتضمن في محاورها
الأساسية :
• البعد العقدي والأخلاقي .
• درجة الوعي في المجتمع .
• ثقافة إجتماعية متصاعدة ، من الفرد وحتى السلطات .
• العدالة والمساواة ضمن ” المواطنية ” وفي الوطن .
• التنمية البشرية ، والتنمية الإقتصادية .
• طبيعة ” الأدوات ” المستخدمة للبناء الديمقراطي التراكمي والجدلي .
وعلى تعدد مضامين وصيغ وأدوات العملية الديمقراطية وتنوعاتها في
المجتمعات والدول ، نستطيع بصورة سريعة عامة أن نقرأ بعض الديمقراطيات
عبر التاريخ الحديث ، ونحاكمها إستنادآ إلى ماسبق :
1- ألمانيا .. الديمقراطية أوصلت / اودلف هتلر / وحزبه إلى السلطة
التشريعية ” البرلمان ” ، وإلى السلطة التنفيذية ” رئيس ألمانيا ” ، عبر
سنوات متعددة من محاولاته في صناديق الإقتراع – وهي نزيهة – حتى كسب
الأكثرية .
برنامجه : هو :
إحداث تغيير في الإقتصاد وتطويره ، وتحسين مستوى دخل ورفاهية الفرد
الألماني .. وقد تم إنجاز ذلك .
العمل على إسترداد الأراضي الألمانية المسلوبة والتي سلخت من ألمانيا بعد
الحرب العالمية الأولى – معاهدة فرساي – .. وإستعادة العزة والكرامة
وسيادة القرار الألماني . وقد نما وتعمق قولآ وفعلآ هذا الحس الوطني
القومي الألماني .
وفي ذلك .. وقع ( الإصطدام ) بين ” الديمقراطية الألمانية ” ، وبين ”
الديمقراطية الفرنسية والبريطانية ” .
2- الديمقراطيات الغربية .. وكان بعضآ من نتائجها الإيجابية : تطور ووعي
وعلم وفعل الإنسان الغربي ، وتطور وتقدم المجتمعات الغربية . ومن بعض
نتائجها السلبية : هيمنة الرأسمالية الجشعة المستغلة على المجتمعات ،
وتدني مستوى العدالة الإجتماعية ، وسيطرة ديكتاتور جديد ” ناعم / الإعلام
” على المجتمعات ، إستعمارات وإعتداءات وحروب لاأخلاقية على شعوب أخرى
لتحقيق وجلب ” المنفعة ” للدولة المستعمِرة وتزايد رفاهية شعوبها على
حساب الشعوب الأخرى .
3- الديمقراطية الأمريكية … وعدا عن الإيجابيات المتماثلة مع
الديمقراطيات الأوروبية .. إلا أن السلبيات فاقتها بكثير ..
المجمع الإنتخابي : # 522 شخصآ من إجمالي عدد السكان ، هو الذي يقرر ”
ديمقراطيآ ” من الرئيس وينتخبه ، وليس الشعب الأمريكي في مجموعه .
اللوبيات بكل أشكالها : هي صاحبة الكلمة الأولى ..
الديكتاتور الجديد ” الناعم / الإعلام ” الموجه والخادع والمؤثر في صنع
قرار الأفراد وفي الإختيار .
الإبادات : الشعب الأصلي للبلاد – مجازر الحرب العالميتين – القنبلة
الذرية – كوريا – فيتنام – الصومال – لبنان – العراق – السودان – والأذرع
الأخطبوطية الممتدة في العالم كله ، للهيمنة والضغط والإحتواء والنهب
والإستعمار والإستتباع ..
هذه أمثلة عن ” الديمقراطية ” لابد أن نعرضها للتأمل والمقارنة .. وإن
كان هذا لايعني وصولنا إلى طريق وحُكم برفض الديمقراطية .. بل انه يضعنا
تمامآ أمام ماسبق تحديده أعلاه ، حول ..
( مضمون الديمقراطية ) .. وهذا ما سننحو إليه هنا تحديدآ / المضمون
الديمقراطي في النهج الناصري ..
إن قراءاتي النقدية تنطلق من : إيمان وعرض وتنويه بأفكار / جمال عبد
الناصر / ومنهجه ، والإلتزام به ، ويستدعي منّي كما أزعم قراءة نقدية –
وإن كانت بملامح موجزة أساسية – للديمقراطية في المنهج الناصري ، وترجمته
على الأرض ..
وأبدأ بما لابد منه من توضيح وتحديد ووضوح ..
أن عبد الناصر كان مخلصآ ونقيآ ومدافعآ عن أمته العربية ، وليس عن منهجه
فقط . فمنهج التجربة والصواب والخطأ كان هدفه خدمة أمته بإخلاص وإيمان .
وأزعم أنني رغم كوني أنتمي تمامآ للمنهج الناصري ، إلا أنني أكثر إنتماءآ
وإخلاصآ لأمتي العربية .
ولقراءة الديمقراطية في المنهج الناصري ، أبدأ بقول أساس ومن مخلص ومنتمي
للمنهج الناصري ، كجزء أصيل منه ، وضمن موضوعيته وحكمته .. أن :
الملامح الذهنية لابد أن تستوعب الديمقراطية في المنهج الناصري ، ضمن
زمانها ومكانها والمعطيات المحيطة بها . وقد قيل الكثير الكثير فيها
هجومآ أو دفاعآ ، وقسم كبير منهما غير موضوعي ، بل تحيزي من كلا الطرفين
.. مع وجود دراسات موضوعية وجادة وعلمية في تناول الموضوع الديمقراطي في
المنهج الناصري .
ويجب أن لايغيب عن بالنا .. وخاصة عن بال الباحث والقارئ الجاد ، عدة
مرتكزات بدونها نفقد علمية البحث .
– ضرورة أخذ : الزمان ، والمكان ، والمعطيات المحيطة ، بالإعتبار العميق
والإستناد إليها ، وليس عزلها عن سياق البحث .
– ضرورة تحديد : الهدف الأساس المرجو . تحديد موضوعية أو عدم موضوعية ”
الفكرة ” وأبعادها : الأخلاقية والمجتمعية والسياسية .
– ضرورة الوصول إلى نتائج : إن كانت إيجابية أو سلبية ، في تعرضها
وحساباتها لما تم . ومنها الأسباب / الضرورة التي أحاقت بالنجاح أو
بالفشل .. وأين ؟ وماهي؟
وبما أن هكذا بحث .. واسع ومتسع ويحتاج إلى علماء وتخصصات متعددة ،
فسأكتفي بعرض وجهة نظري في ” بعض الأمور ” الأساسية المتعلقة
بالديمقراطية في المنهج الناصري .

• حرية الكلمة ، وحرية التعبير :
===================

طالما شن أعداء المنهج الناصري هجومآ شرسآ ومزورآ إلى حد كبير – ولا ننفي
الصحة الموضوعية لبعض حالات المنع والتقييد ضمن ظروفها وأسبابها
التاريخية والممارسة الإنسانية الخاطئة – . ولكن في الواقع فإن هناك :
بالفكر ، وبالممارسة ، مايكشف ويضحض هذا التزوير والتهجمات المقصودة في
كلياتها المعادية لمجمل التجربة الناصرية .
والديمقراطية في المنهج الناصري ، نتعرض لها هنا من خلال أساسيات لها كما
أي ديمقراطية أخرى . ولكل من هذه الأساسيات خصوصيته وإختلافه عن باقي
التجارب العالمية .. والأسس المبدئية لتناول هذه التجربة هي :
– الفكر / الفلسفة التي تحدد مضمون وتوجه التجربة .
– الممارسة لهذه الأفكار ، لتتحول إلى واقع على الأرض .
– الأدوات التي لابد أن تستخدم في الممارسة .

1- الفكر / الفلسفة :
——————-

ان مضمون الفكر الفلسفي الذي قامت بتحديده التجربة الديمقراطية الناصرية
، يتلخص في :
أنها ديمقراطية : لتحقيق الكرامة الإنسانية ، والعدالة الإجتماعية ،
وتكافؤ الفرص ، وتقريب الفوارق بين الطبقات ، وإزالة المسببات والآليات
اللاعادلة التي تسهم في تدعيم وتزايد الفوارق الطبقية ، والعمل الدؤوب
التراكمي على طريق التنمية البشرية والتنمية الإقتصادية .
وبوضوح .. هي الطريق لتوفير الغذاء والكساء والدواء والعلاج ومكافحة
الأمراض ، والسكن ، وتأمين فرص العمل للقوى العاملة فلاحين وعمال وخريجي
جامعات ومعاهد ومهن خدماتية ، والقضاء على البطالة ، ومحاربة الأمية .
وتوفير أدوات زيادة الوعي الشعبي وتبصير المواطنين بحقوقهم ودعمهم
للمطالبة بها ، وبتحرير قرارات إختياراتهم من : الجهل ، ومن تحكم المال ،
ومن الخوف على لقمة عيشهم وإستقرارهم المجتمعي .
وبها يستطيعون ومن خلال إشتراكهم وتأثيرهم في قرارات أماكن العمل
والنقابات والمجالس المحلية والمجالس النيابية ، تقرير مستقبلهم
وتطلعاتهم بأنفسهم ، متحررين من أن يكونوا مرتهنين للمستغِلين ومشتري
الضمائر والقرارات ، ويتحررون من كونهم دمى يحركها الرأس المال المستغِل
لتحقيق مصالحه على حسابهم ، ويساهمون من خلال تحررهم الإجتماعي
والإقتصادي والمعرفي في عملية التنمية البشرية ، لخلق أجيال أكثر وعيآ
وعلمآ وخبرة ، تدفعها طموحاتها وأحلامها ومعرفتها ، بإمتلاك ناصية
قراراتها لتحقيق مصالحها .. لتؤثر أكثر وبشكل أقوى فاعلية في عملية
التنمية الإقتصادية بكل وجوهها وتنوعاتها : الزراعية ، والصناعية ،
والتصنيعية ، والعمرانية ، والتجارية ، والخدماتية ، وتطوراتها العلمية
والتكنولوجية . ..
هذه هي ( الفلسفة الفكرية ) التي قام عليها المفهوم الديمقراطي في المنهج
الناصري ، كأساس أول وهدف بنّاء لكون الشعب مالكآ قراره ووطنه وخيراته ،
بعيدآ عن : التجهيل ، والإستغلال ، والنهب ، والتخلف ، وبكل عدالة وتكافؤ
فرص العطاء والأخذ
..
2- الممارسة لتطبيق الأفكار على الواقع :
—————————————-

وإنطلاقآ من وضوح التوجه الفكري والأهداف التي آمنت بها وتبنتها الرؤية
الناصرية لمسار التجربة الديمقراطية ، ألامس توجهات الممارسات لتطبيق هذه
الأفكار على أرض الواقع ..
قال / جمال عبد الناصر / يومآ : [ إننا نطبق الإشتراكية بدون إشتراكيين ] ..
وأكاد أعتقد .. بل أجزم بأنه أراد القول بعد هزيمة 1967 مما كان قد كابده
وعايشه نفسيآ وعمليآ خلال فترة حكمه : [ إننا نحاول ممارسة الديمقراطية
بدون ديمقراطيين ] .. عندما أعلن بعد الهزيمة : [ اليوم سقطت دولة
المخابرات ] ..
ان ( الدولة الناصرية ) ومنذ قيام ثورة 1952 كانت تتحوى ضمنها ” ثلاث
مراكز قوى ” فاعلة ومؤثرة وضرورية بكل إيجابياتها وسلبياتها ، و ” تعايشت
” مع بعضها البعض حتى هزيمة 1967 لضرورات المراحل ، ولما واجهته الثورة
والدولة من حروب وتآمر وإعتداءات مستمرة تهدد كيان الثورة / الدولة ،
بشكل متتابع قلما عاشته ” دولة ” في العالم ، وكانت في ذات الوقت منطلقة
بكل حيوية وتصميم لإنجاز حقوق الشعب بتحقيق التنمية البشرية والتنمية
الإقتصادية المستقلة والعادلة .
لقد واجهت الثورة / الدولة ، منذ قيامها :
• معارك الإستقلال والتخلص من الإحتلال البريطاني .
• معارك المؤامرات والتآمر الخارجي والداخلي .
• معارك تأميم قناة السويس ، وبناء السد العالي .
• معارك العدوان الثلاثي : الإسرائيلي – الفرنسي – البريطاني .
• معارك التحرر العربية ، وعلى رأسها ” معارك إستقلال الجزائر ” ..
• العملية الكبرى لتحقيق الوحدة المصرية – السورية والدفاع عن هذه الوحدة .
• معارك التآمر على الوحدة حتى وقوع الإنفصال .
• معارك نصرة الثورة اليمنية ، والإصطدام بالرجعية السعودية ، وتحالفها
مع بريطانيا وإسرائيل وأمريكا في هذه المواجهة .
• معارك دعم المقاومة الفلسطينية وإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية .
• حرب 1967 ..
وضمن هذه : الظروف والمعطيات المحيطة والتحديات الكبرى ، كانت ( الدولة
الناصرية ) تسير محافظة على كيانها وتقدمها وتنميتها ، وفي مواجهة كل تلك
المعارك وعمليات التآمر الداخلية والإقليمية والإمبريالية .
وكانت بحاجة وضرورة ماسة لمحاولة الحفاظ على ذلك ” التعايش ” بين مراكز
القوى الثلاث المشكلة للدولة الناصرية .
1- قيادة جمال عبد الناصر : ورفاقه الخلص والمؤمنين والمستوعبين للتوجه
والفكر والمنهج الناصري ، والممارسين للسياسة وللبناء بكل طهارة ونقاء
وعميق فهم وتقدير .
2- القوة العسكرية / الجيش : وهو العماد والحامي ” للدولة ” بكل إيمانه
بالمنهج والتوجه ، في ذات الوقت بسلبية ممارسات بعض قياداته العليا – عبد
الحكيم عامر وشلته – النابعة من الأخطاء والخطايا الإنسانية ، والمصلحية
الذاتية ، والهيمنة والسيطرة على العديد من محاور الجيش والدولة .
3- المخابرات : وبكل قوتها وكفاءتها وإخلاصها وإبداعاتها ، والتي لم تخلُ
من توجهات ذاتية فوقية شخصية ، بحيث وصلت في قناعاتها وبسبب نجاحاتها ،
أنها “فوق ” المؤسسات وفوق المجتمع ، وبالغت كثيرآ في إستعلائها على
الدولة وعلى المجتمع . بل وصلت في مبالغاتها الأمنية ، ومبالغاتها في
الحس والحرص الأمني ، وفي الطبيعة السرية والإستبدادية المنزرعة في ”
أعماقنا وتشكلنا الشخصي كبشر ” ونسبيته المختلفة ، إلى درجة سيئة وضارة
بالهيمنة على مؤسسات الدولة ، وعلى بعض أفراد المجتمع الحاملين ( للرأي
الآخر الوطني ) .. ولا أتكلم هنا عن ” أعداء الشعب ” ..
ضمن المعطيات والظروف المحيطة .. تقدمت الدولة الناصرية في معارك التحرر
والتصدي والبناء .. وكان لابد وبشكل حتمي من أن تقع أخطاء وخطايا ،
مقابلة للإنتصارات العظيمة و التقديمات الكبرى والناجزة للمجتمع والدولة
من كل النواحي : الإجتماعية ، والإقتصادية ، والسياسية .
أما عن شخصية الرئيس / جمال عبد الناصر / القائد .. وإيمانه العميق بأمته
وشعبه ، وقناعاته بتقبل الرأي الآخر الوطني حتى المخالف والمنتقد ،
ومراعاته الدؤوبة على نقل مضمون الديمقراطية كحرية إجتماعية ، وحرية
سياسية ، فإنني هنا لا أقف ” لأمجد ” بشخص عبد الناصر ، بقدر محاولتي
تبيان بعض المفاصل الرئيسية في ممارساته وقناعاته التي تشي بمضامين شخصية
، وتلازم فكرَه التحرري مع نهج ممارساته .. وإن لن أستطع الإسترسال هنا ،
فإني أعرض بعضآ من تلك الملامح ..
– كان دائم الدعم لكل آراء أو أفكار أو فن ، يصدر عن المثقفين والباحثين
والفنانين والكتاب المصريين ، في مقالاتهم بالصحف والمجلات ، وفي قصصهم
الروائية الإبداعية وحتى النقدية ، وفي فنهم المسرحي والسينمائي ، وكان
يلغي أي ” حظر ” يسمع به عنهم من الأجهزة الرقابية .
– كان دائم الإستماع إلى الآراء الأخرى وسماع وجهات نظرها وأفكارها
برحابة صدر ورؤية نابعة عن ” مشورة ” ، بعيدآ عن أن يملي رغباته على
الآخرين في القيادة . وكان قد توج ذلك مع باكورة الثورة في أزمته مع /
محمد نجيب / وسلاح الفرسان ، بإنسحابه إلى منزله على أساس أنه .. لا يريد
الإنفراد بإتخاذ قرار منفرد يمليه عليه وقع الأحداث ، أو على مجلس قيادة
الثورة ، بل تركهم ليقرروا ” كمجموعة ” مايمليه عليهم ضميرتهم ومسؤوليتهم
، غير ” متأثرين ” بوجوده على رأس الطاولة .
وفي جلسات ” مجلس الرئاسة ” عام 1962 التي كان يتم فيها بحث أمور حساسة
مثل : ” تقليل وإحتواء سلطات عبد الحكيم عامر ” .. لم يحضرها ، بل ترأسها
/ عبد اللطيف البغدادي / وذلك حتى لا يتأثر أعضاء مجلس الرئاسة ، برأيه
أو بوجوده على رأس الإجتماع .
ومن يقرأ محاضر إجتماعات ” الوحدة الثلاثية ” ، يلمس تمامآ وبكل
التفصيلات ، تلك المناقشات والإنفتاح وتقبل الرأي والرأي الآخر .
وكذلك في ” محاضر إجتماعات اللجنة التنفيذية العليا ” للإتحاد الإشتراكي
، يتلمس ويكتشف مدى توجه / عبد الناصر / للمشاورة وتقبل الآراء المخالفة
له ، والأخذ بالأصح منها حتى لو كان مغايرآ لوجهة نظره .
وفي قرار التنحي .. ذلك القرار المعبر عن ” إقراره ” بتحمل مسؤولية هزيمة
1967 ، وكان قرارآ صادقآ فيه ، وقرارآ ” لايتخذه ” قائد أو رئيس لايؤمن
بالديمقراطية ومبدأ تحمل المسؤوليات .
وفي ” جلستي اللجنة التنفيذية العليا ” للإتحاد الإشتراكي يومي : 4-5
أغسطس 1967 ، وما دار فيهما من مناقشات ، يرى تسجيل قمة ” النقد الذاتي
المرير ” لشخصه ، ثم إصراره على ضرورة ” التعددية ” وأن النظام يجب أن
لايستمر كما كان ..
– لقد قام / جمال عبد الناصر / بمراجعات عميقة وصادقة أكثر من مرة ،
وخاصة بعد الإنتكاسات الكبرى التي كانت تتعرض لها التجربة ، وخاصة بعد
الإنفصال ، ومع تعميق التحولات الإشتراكية وما لحقها من سلبيات في
الممارسة ، ثم المراجعة الكبرى والحاسمة بعد هزيمة 1967 . ولا يمكن لأي ”
ديكتاتوري متسلط ” أن يقدم على كل هذه المراجعات والنقد الذاتي وإحداث
التغيير .
كان الرجل .. بتكون شخصيته وبطابعه وبعمقه الفكري ، معاديآ لأعداء الأمة
.. معاديآ للإحتلال .. معاديآ للتحكم واللاعدالة . أي : كان معاديآ
لليبرالية المستَغِلة الظالمة .. وليس معاديآ للديمقراطية . معاديآ
لإحتكار القلة – بكل شكل – ، منحازآ ” لأغلبية ” الشعب الكادح ..

3- ( المرجعية الديمقراطية ) في المنهج الناصري :
————————————————–

من طبيعة المجتمعات البشرية أن يكون : للفرد – للمجتمع – للسلطة ، ”
مرجعية ” يمكن تبنيها والعمل من خلالها والعودة إليها وتحت سقفها دائمآ .
وهذا الأمر يشمل جميع النظم الإستبدادية ، والنظم الديمقراطية ، مع
إختلاف المرجعيات ضمن مروحة النظم الديمقراطية الشرقية والغربية .
والنظم الديمقراطية الغربية تعتمد على قرار ( الأكثرية ) في المجالس
النيابية المُمَثلة لجميع شرائح المجتمعات فيها . فتكون الأكثرية هي (
المرجعية ) فيما يُوافق عليه ويُعتمد من قوانين وتشريعات للدولة وللمجتمع
. وبالتالي فإن : الأخلاق أو التعاليم الدينية أو التقاليد ، لايكون لها
أي أثر ولا تشكل أي مرجعية ، إلا من خلال ما تقرره الأكثرية الديمقراطية
، حتى لو تخالف معها. فتشريعات تمس مشكلات إجتماعية مثلآ : كالشذوذ ،
تعاطي المخدرات ، العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج ، العدل ألإجتماعي
، طبيعة العلاقات السياسية والإقتصادية العالمية …. تقنن وتُسن قبولآ
أو رفضآ بناءآ على رأي ” الأكثرية النيابية الديمقراطية ” .
وفي المنهج الناصري .. فإن المرجعية “للديمقراطية السليمة ” لها محددين
أساسيين متواليين ومنسجمين في الأغلب النسبي ، إن لم نقل الكلي ، وهما :
1- المرجعية الدينية الإلهية .
2- مرجعية الأكثرية ضمن معتقداتها وأخلاقها وتقاليدها .
لقد طرح المنهج الناصري على لسان القائد / جمال عبد الناصر / قولآ
وإيمانآ وممارسة :
[ بالإيمان ” بجوهر ” رسالات السماء ] .
لقد نظر عبد الناصر وثورته في مسار بناء الدولة ، ومسارتها في كل
المجالات : الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ، وبكل المتغيرات التي أتى
بها المنهج الناصري ، إلى ضرورة :
( تطابق ” مقاصد ” هذه التغييرات والمسارات ، مع ” المقاصد ” التي تطلعت
إليها رسالات السماء ، وجوهر الدين الإسلامي ) .. وكان الإستدلال مستمرآ
بالقرآن والأحاديث الصحيحة ، وبسلوك الأنبياء والصحابة . الإستدلال ”
التوجهي ” ، وليس الإستدلال ” التشريعي ” .
أي : إستدلال لرؤية المنحى ، منحى التغيير وإتجاهه ، وليس إستدال يقصد
منه ” الوقوف عند حدوده ” . فالحديث عن ” شراكة ” الناس في الماء والنار
والكلأ ، كان مدخلآ ضروريآ لفهم ” ضرورة ” تأمين الدولة للإحتياجات
الرئيسية للمجتمع ، وحق الناس في هذه الإحتياجات .
وكان المنهج الناصري يرى أن ” الإسلام ” في مسألتي : النظام السياسي ،
والنظام الإجتماعي قد قدم ” خطوطآ عامة ” ، ولم يقدم نظامآ إجتماعيآ
وسياسيآ وإقتصاديآ ” متكاملآ ” ، كما قدم ذلك بالنسبة لقضايا : العقيدة ،
والعبادة ، والأسرة .. الخ . لقد قدم الإسلام اسسآ لبناء هذه النظم ،
وترك للإنسان وللمجتمع المؤمن : لعقله ، ولظروفه ، ولتطوره ، أن يكتشف
أفضل النظم ، وأكثرها فاعلية وقدرة على تحقيق تلك الأسس الدينية .
ولم يكن هذا عجزآ من “المشرع خالق الكون ” وما فيه ومن فيه ، وإنما لأنه
جل وعلا منح الإنسان العقل . وأراد له أن يستخدم هذا العقل في هذه
المجالات ، وأن يتفاضل البشر فيما بينهم فيما يطرحونه وفيما يصلون إليه
من حلول ورؤى ، وقد جاء وسبق ذلك ، تقديم ” الأسس ” كعلامات هادية
وإرشادية في هذا الطريق .
وكما مارس / جمال عبد الناصر / أمور دنيا دولته ومجتمعه ، كان يوجه
ويتبنى سياسة دينية واضحة ، جسدتها أكثر ماجسدتها ، ” فلسفته ” في (
تطوير الأزهر ) لتطوير الفكر الديني الإنساني والإبتعاد به عن سفاسف
الأمور والتخلف الفكري .
عن الدراسة العلمية لواقع الأزهر تلك القلعة الإسلامية في ذلك الحين ،
ولتطلعات أبنائه وخريجيه ، وللجهود التي كان يبذلها الكثيرون لتطوير هذا
الواقع ، تكشف بلا أية شبهة ، أن ” تطوير الأزهر ” كان هدفآ مرتجى ، وأن
ماقامت به الثورة بإصدارها القانون رقم / 103 / لعام 1961 الخاص بتطوير
الأزهر ، إنما جاء إستجابة لهذه الحاجة .
ولعل أهم وأوجز مايكشف عن هذه الرؤية ، هي ” المذكرة الإيضاحية ” التي
مهدت لهذا القانون ، وتعتبر جزءآ منه . ولقد جاء في هذه المذكرة
الإيضاحية ، ما يمكن أن نقتطف منه :
[ والإسلام في حقيقته لايفرق بين علم الدين وعلم الدنيا ، لأنه دين
إجتماعي ينظم سلوك الناس في الحياة ليحيوا حياتهم في حب الله عاملين
مؤثرين في المجتمع في ظل طاعة الله . ولأن ألإسلام يفرض على كل مسلم أن
يأخذ نصيبه من الدين والدنيا .. فكل مسلم يجب أن يكون رجل دين ورجل دنيا
في وقت واحد …..
وحين تلتمس من المواطنين خبراء يملكون مع الخبرة ، معارف دينية صحيحة ،
وعقيدة واعية لاتكاد تعرف أين توفدهم ليتعلموا ويستفيدوا : الخبرة ،
والمعرفة ، والعقيدة ، وهي عناصر ثلاثة ضرورية لتستكمل هذه اللاد نهضتها
وتمضي في وجهها على الطريق السوي …..
لكن الأزهر إذ يعد علماء في الدين ، وفي اللغة العربية ، لم ينهي بعد
لتأهيل العالم الديني المتخصص في عمل من : أعمال الخبرة والإنتاج ، التي
تحتاج إليها نهضة المسلمين في كل البلاد …..
وحين تنبهت بعض الدول الإسلامية إلى هذه الحقيقة المؤسفة ، حولت بعثاتها
كلها أو بعضها إلى الجامعات المدنية في الجمهورية العربية المتحدة أو في
غيرها من البلاد . فعاد إليها مبعوثوها بعد إتمام دراستهم ، وهم يملكون :
الخبرة ، ولا يكادون يعرفون عن الدين . في حين يعود المبعوثون منهم إلى
الأزهر وقد حصلوا من علوم الدين وعلوم القرآن حظآ كبيرآ ولكنهم لايحسنون
عملآ ، ولا يطيقون إنتاجآ ، ولا يقدرون على المشاركة في لون من ألوان
النهضة التي أشرنا إليها آنفآ ، وبهؤلاء وأولئك ، تعقدت الحياة
الإجتماعية في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، وتعثرت النهضة في هذه
البلدان ….
ولعلاج المشكلة من صميمها ، كان لابد من تقرير مبادئ لتكون أساسآ لكل
محاولة إصلاح ، وعلى أساس المبادئ التي إنتهينا إلى تقريرها ، كان مشروع
الإصلاح التي تضمنه هذا القانون].
أما عن : ” مرجعية الأكثرية ضمن معتقداتها وأخلاقها وتقاليدها … ”
فمن ” المفترض ” أن تكون هذه ” الأكثرية ” تحمل من العقيدة والأخلاق
والتقاليد ، ما يمنعها من سن قوانين أو الموافقة عليها ، متعارضة مع ما
تحمله وتؤمن به .. وبذلك تكون الديمقراطية هنا هو جاوزت بين : الإيمان
الإلهي ، وبين رأي الأكثرية التي قلما تشذ .
وطالما نتكلم عن ” بشر ” .. فعلينا أن نضع إحتمالآ مهما قلت نسبته
وتضاءلت .. إحتمالآ نسبيآ يقول بأنه ( من الممكن أن تشذ هذه الأكثرية –
وحسب المنابع التي أتت منها – عن الإيمان والإلتزام الأخلاقي والإجتماعي
) .. ولسنا هنا بمجال رفض أو تحييد هذا الإحتمال ، نقول :
أن ( الدولة الناصرية ) وبمرجعيتيها .. وضعت ” سقفآ حامي ” لأي خروج عن
المرجعية مهما كانت الأسباب ، أو تعددت ، ومهما كان نسبة إحتمالية حدوثها
ضئيلة ..
كان هناك : ( المجلس الأعلى الدستوري ) وهو أعلى مؤسسة مهيمنة ومراقبة
وباته ، لجميع القوانين التي يمكن أن تسن في المجالس النيابية ”
بالأكثرية ” ، وتمارس مهمتها لمراقبتها لمنع أي تعارض : عقيدي ، أو
قانوني ، أو إجتماعي .. مع ( المرجعية الكلية للدولة ) . ومن حقها :
إلغاء أو تعديل أو رد للمجلس النيابي ، أيآ من تلك القوانين المسنة
.
4- العدالة والمساواة والتنمية :
——————————

وأكاد أعتقد .. أن هذه ” الثلاثية ” متكاملة ، وترفد كل منها الأخريات
دعمآ وتراكمآ وتطورآ . وتتقوى كل واحدة كلما قويت وشائج هذا ألإرتباط ،
وتضعف ويتخلخل كل مضمون فيها ، بضعف وتخلخل المحورين الآخرين . وهذه
الثلاثية تعبر عن احد وأهم مضامين وغايات التوجه الديمقراطي في المنهج
الناصري ، والتي تتمثل بالتالي :
1- عدالة إجتماعية تقوم على توزيع ” عادل ” للثروة الوطنية ، بحسب العمل
الذهني أو اليدوي والجهد والمساهمة في عملية الإنتاج ، مع ألأخذ العميق
بالإعتبار المسالك المفتوحة أمام كل شخص ، وعدالة تقدير قيمة عائد العمل
المعطى متناسبآ مع الإمكانيات أو المعوقات : الجسدية ، والعقلية ،
والعلمية ، والتي ترفد وتصحح عند ألإعاقة : بالدورات التدريبية والعلمية
، وبالتأهيل الجسدي أو المهني ، وبالمساعدات والدعم الإجتماعي . وبما
يضمن ” توفير فرص متكافئة أمام جميع الأفراد ” .
ويحمي ذلك .. ويحمي المجتمع ضمن مبدأ التكافؤ والمساواة والعدالة ، مبدأ
سيادة القانون والقضاء العادل على الجميع بدون إستثناء ، وبدون ربط بأية
عوامل خارجة عن المساواة والتي تتعلق : بالمركز السياسي أو الإجتماعي أو
الإقتصادي ، او بالقرابة أو الواسطة .
2- السير وتصعيد وتعميق مبدأ : ” المساواة وتكافؤ الفرص ” .. إذ أن هذا
ألأمر أيضآ لايأتي بمجرد قرار ، وإن كانت البداية كذلك ، بل انه لابد
تاليآ من التأكيد عليه وتعميق ممارسته ومراقبته ودعمه تراكميآ ، وتخليصه
من الآثار المعيقة ، وإخراجه عما إستقر سابقآ في الذهن والممارسة والشك ،
والوقوف بحزم أمام أي إعاقة لهذا الأمر . وهو ما سيشكل تراكمات إيجابية
تترسخ في مسار وتفكير وممارسة الفرد والمجتمع وأجهزة الدولة .
3- تعميم وتشميل عملية ( التعليم) وإزالة الأمية الأبجدية ، والأمية
المعرفية ، ومن خلال مناهج علمية هادفة تخدم التوجه الرئيس والمخطط ، مع
تحديث وتطوير ” أسلوب ” التعليم من تلقين وحشو ولا فائدة ، إلى أسلوب
تمكين المتلقي من تعميق : وعيه ، وتطوير محاكماته العقلية ، وإستخدام
أكثر للعقل العلمي .. العقل النظري ، والعقل التطبيقي ، والحث والتوجيه
على ” المجموعة ” وتقديماتها خروجآ عن الفردية . مع التركيز على نشر
وتعميق القيم الأخلاقية والروحية ، وتخليص الفرد من مجمل الأحكام السابقة
القائمة على التلقي الجاهل ، والخرافات ، والتعصب الأعمى ، والتزمت ،
والإنغلاق ، وضرورة تنمية فكرة تقبل الآخر : الفردي والأسري والمجتمعي
والوطني والقومي والإنساني ، خروجآ ورفضآ لمبدأ الألغاء .
4- صياغة وتعميق ( عقد كتلوي مجتمعي ) ، كعقد إجتماعي يحدد القيم ،
والمرتكزات ، والتوجهات الأساسية ، التي تحدد الإطار العام لهذا المجتمع
. ويبين ويوضح طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض من جهة ..
ويبين ويوضح طبيعة العلاقات بين المجتمع ككل ، وبين المؤسسات والأجهزة
الحاكمة في الدولة . من حيث : الحقوق والواجبات القائمة على مبدأ ”
المواطنية ” . وبخطوطها العريضة من : وحدة وسلامة الوطن والحفاظ على
إستقلاله ، ووحدة الأمة العربية كوعاء إجتماعي وسياسي وإقتصادي ، تحقق
الوضع الطبيعي لها توجهآ نحو تحقيق الدولة / الأمة .
والتركيز على مبدأ : المواطنة ، والتعددية ، وحرية العمل الإجتماعي
والسياسي المسؤول ، وصيانة الحقوق الطبيعية والإنسانية والقانونية للفرد
المواطن وللمجتمع وقواه ، وحق تداول السلطة ، وضمان حقوق : الأقلية ، أو
حقوق الأكثرية ، ضمن مضامين ومفاهيم العقد الإجتماعي .
وهذه المرتكزات الأساسية ، تشكل السور الواقي الحمائي والطريق الصحيح نحو
: التنمية والتطوير والتقدم . وهي من ناحية ” المنهج الناصري ” تعتبر من
مرتكزاته ، وإن لابد لنا من الإعتراف بأن هناك سلبيات كثيرة وقعت وأعاقت
ومنعت إحداث الممارسة وتحقيق التراكم الإيجابي للمنهج
.
– التنمية البشرية :
——————–

تعتمد عملية ” التنمية البشرية ” في المنهج الناصري على كونها ( العامل
الأساس ) في تحقيق معدلات عالية من التنمية الإقتصادية ، وتحقيق عملية
التطوير والتقدم .
والتنمية البشرية بتوجهها ليست شعارآ او إمتيازآ أو عملية عامة بلا هدف
.. إنها : هدف وأداة في ذات الوقت .
ويرى المنهج الناصري – كما قد ترى غيره من المناهج ، مع إحتمالية
الإختلاف حول الهدف المقصود من ذلك – أن عملية التنمية البشرية أصعب
بكثير من التنمية الإقتصادية .. [ إن بناء الإنسان اصعب من بناء المصانع
] . ويرى أن التنمية البشرية لابد ان تقوم على :
الوعي – العلم – المعرفة – التجربة – التحديث – التأهيل . أدوات متكاملة
تدعم بعضها البعض وتنطلق اساسآ من : تطوير الثقافة الإجتماعية ، وضرورة
توفير الدولة للأدوات والممارسات والدعم لهذا التطوير . وإيمانآ بأن
إشكالية : النهضة والتنمية والثقافة والمعرفة والتربية ، هم في علاقات
جدلية مؤثرة ومتأثرة بينهم ، وبإعتبار إيمان الناصرية ” بالإنسان ” بكونه
” المورد الشري ” ، والعامل الحاسم في بناء المجتمع والدولة ونجاح جهود
التنمية والتقدم .
إذ ان مفهوم التنمية البشرية هي : [ عملية توسيع خيارات البشر ] . فللبشر
ولمجرد كونهم بشرآ ، حق أصيل في العيش الكريم : ماديآ ، ومعنويآ .. جسدآ
ونفسآ وروحآ . وبالتالي فإن التنمية البشرية ترفض تمامآ أي شكل من أشكال
التمييز من أي معيار كان: الجنس ، الأصل الإجتماعي ، المعتقد ، اللون .
وتعتمد في مضمونها ليس على تحقيق رفاهية البشر والتنعم المادي فحسب ، بل
يتسع المضمون ليشمل الجوانب المعنوية في الحياة مثل : الحرية ، وإكتساب
المعرفة ، والكرامة ، وتحقيق الذات ، والمشاركة في شؤون المجتمع الإنساني
. وهي تهدف إلى :
• بناء القدرات البشرية الممكنة للتوصل إلى مستوى راق من الرفاهية .
• التوظيف الكفء للقدرات البشرية في جميع مجالات النشاطات الإنسانية ..
والإنتاج وجميع فعاليات المجتمع الأهلي ، والمجتمع المدني ، والسياسة .
وكل هذا لقناعة المنهج الناصري بأن : ( المعرفة ) هي الفريضة الغائبة في
الأمة العربية . ولابد منها للوصول إلى ( تنمية إقتصادية مبنية على
المعرفة … ) .

– التنمية الإقتصادية : ( إقتصاد مبني على المعرفة ) .
—————————————————–

لقد آمن المنهج الناصري وعمل على ضرورة تلازم التنمية البشرية ، مع
التنمية الإقتصادية . التنمية الإقتصادية : الحرة ، والمستقلة ،
والمستديمة .
والإقتصاد بتعريف مبسط هو : الطريقة التي يستخدم الناس فيها الموارد
المتاحة لإشباع رغباتهم . وهذا التعريف يعطينا جميع الأدوات التي نحتاج
إليها لتحليل أي إقتصاد . ويتضمن هذا التعريف عناصر أساسية هي : الموارد
– الإشباع – الرغبات . وفي كل عنصر من هذه العناصر ، جانبان يسترعيان
الإهتمام . فالموردان الأساسيان في الإقتصاد هما : العمل ، والمال .. (
رأس المال البشري والمالي ) . أما الأدوات الأساسية ” للإشباع ” فهي :
معرفة ما تريد إنجازه – الإستراتيجية – ، وكيف تقوم بذلك – التنظيم – . و
” الرغبات ” الأساسية هي الركائز التوأم للأعمال الإقتصادية : العملاء ،
الأسواق ، المنتجات ، الخدمات التي تلبي تلك الرغبات .
وتأخذ السياسات الحكومية وخاصة تلك المتعلقة بالعلوم والصناعة والتعليم
والتخطيط ، إهتمامآ أكثر في الإقتصاديات المبنية على المعرفة . ويجب
الإنتباه والوعي للدور المركزي للنظم الإبتكارية القومية ، والحاجة إلى
البنى التحتية ، ونظم الحوافز التي تشجع على الإنتاج والإستثمار في
مجالات : البحوث ، والتطوير ، والتدريب .
ولا أريد هنا ترداد ماكتب وشرح ووضح بكل علمية وموضوعية ، عن الإنجازات
الإقتصادية للدولة الناصرية ، وهو كله حق ويجب أن يقال ويطرح بكل تفاصيله
، وبدءآ من عناوينه الرئيسية :
• تحرير قناة السويس كمصدر سيادي وإقتصادي للدولة ، وتنميتها وتطويرها .
• بناء السد العالي ، وبكل نتائجه الباهرة على الزراعة والماء والكهرباء
ومشاريع إصطلاح الأراضي وبناء الصناعة .
• تطوير الزراعة وتوسيع رقعة مساحتها وتنويع إنتاجياتها .
• تطوير التجارة وتحريرها ، وخاصة على مستوى التصدير .
• بناء المصانع وتطوير الصناعة لتشمل كافة المناحي : الخدمية ،
والإستهلاكية ، والتصديرية ، والعسكرية .
• دخول مرحلة التصنيع ، ومصانع الحديد والصلب .
وهناك الكثير من الإحصائيات العلمية لمراكز الإحصاء ومراكز البحوث
لتستخدم في ( منهج مقارن ) يربط بين :
نسبة زيادة السكان – مستوى الدخل – مستوى البطالة – نسبة الخريجين – نسب
النمو في مساحات الأراضي الزراعية وثرواتها – نسب النمو في مداخيل
المشاريع التنموية وفي الصناعة وفي التصنيع – نسب مقارنة للديون الخارجية
– نسب الجريمة ..
وكلها إحصائيات ودراسات واسعة وتفصيلية وموثقة وعلمية ، يمكن لأي مهتم
وراغب أن يصل إليها بالبحث السهل ، وكلها تصب في الخانات الإيجابية – مع
تعثر بعض خططها أحيانآ – والتي إنعكست تلك الإيجابيات على : الفرد
والمجتمع والدولة ، أبان فترة الحكم الناصري ، وخاصة في
” منهجها المقارن ” بين : ماقبل ، وما بعد ، وحتى الآن .
وأود ان أوضح بإختصار .. أنه وحتى بعد هزيمة 1967 ، كانت تجربة التنمية
تواصل تقدمها ، وكانت مصر تحقق معدلات تنمية هي ألأعلى في العالم الثالث
كله ، وأنه بين عامي : 1956 وحتى عام 1966 ، كانت التنمية قد واصلت
بمعدلاتها قدر 7 , 6 % سنويآ و ” بأرقام البنك الدولي ” المعادي لتجربة
عبد الناصر . وكانت التنمية قد وصلت في الستينات إلى حاجز 10% سنويآ .
وكان الناتج القومي الإجمالي لمصر ” يفوق ناتج كوريا الجنوبية ” وهما
البلدان الذان دخلا تجربة التنمية في ذات الوقت – وكل على طريقته – .
ورغم أعباء ثلاثة حروب لمصر مع إسرائيل ورغم كل المؤامرات والمعوقات .
ونجحت مصر / عبد الناصر في تكوين قاعدة ” إنتاجية تصنيعية هائلة ” ،
وبجملة ” ديون ” مدنية و عسكرية ، لاتزيد عن ” ملياري دولار ” عندما كان
سعر صرف الدولار حينها : 30 قرش مصري لاغير .
وكانت ( البطالة ) .. ” صفرآ ” .. وكانت عوائد العمل ، تساوي عوائد
التملك ، بينما بعد حرب 1973 وبعدها لم تكن هناك حروبآ بلغت جملة الأموال
” المهدرة ” و ” المنهوبة ” فقط : 300 مليار دولار !!! هذا إذا لم نتكلم
عن : البطالة والجوع والفقر والبنية التحتية والإنتاج ونسبة التنمية
المسفوحة ، وغيرها وما يتعلق بقطاع الخدمات والبنية التحتية وبيع بعض
ممتلكات الوطن وتخصيصها ..

5- الحرية السياسية ، وأدوات الممارسة الديمقراطية :
—————————————————–

تكلمنا عن ” الحرية والديمقراطية الإجتماعية ” بإعتبارها الرمزي المعبر ،
بأنها : توفير رغيف العيش وتحريره من أيدي المتحكمين ، وتحقيق المساواة
في فرص إمتلاكه ، وتوفير العدالة لإمتلاكه ، وتنمية عوامل إمتلاكه ..
ونصل هنا إلى ” الحرية والديمقراطية السياسية ” ، وبكل موضوعية ونقد ذاتي
بناء ، وبعيدآ عن المؤيدين والمدافعين والمبررين ، وبعيدآ أيضآ عن
الأعداء والتهجمات والإتهامات المبالغة والمزورة والخارجة من باب العداء
المطلق لكل التجربة الناصرية ..
أقول أنها كانت ” الحلقة الأضعف ” في الممارسة ، لتطبيق المنهج الناصري
ورؤاه فيها ، وأترك للباحثين والمفكرين – وقد قاموا – بالبحث في المقدمات
والأسباب والنتائج المترتبة على ذلك ، وبما هو متشابك بين : النفس
البشرية ، والأخطاء البشرية ، وطبيعة كل مرحلة ومحيطها ، وضعف أدوات
الممارسة والتطبيق للفكر الواضح حولها في ” المنهج الناصري ” ..
والحرية السياسية ، وكأي حرية أخرى ، لاتحجب ولا يجب أن تصادر . وهي
بكونها ( قيمة مسؤولة) في المجتمع ، يمكن أن يُساعد في بنائها وتطويرها ،
أن يُساعد على تَوسعِها وتَعميقها في المجتمع على أساس بنائي ، أن تُراقب
فقط – ضمن القانون – حتى لاتتحول إلى فوضى أو إساءة أو تدمير لبنية
المجتمع والدولة الوطنية .
وبعض آليات ممارسة الحرية السياسية : حرية التعبير بالكلمة والرأي ،
ممارسة النقد والتوجيه وكشف الأخطاء ، ممارسات الإبداع وتوجيه المجتمع
وتطويره ، وكل هذا .. على رأسه وجود أحزاب وقوى سياسية ومجتمعية تقود هذه
العملية السياسية . وهذا من الأساسيات الفكرية والسياسية والإقتصادية في
المنهج الناصري ..
إلا أن ( ممارسة الدولة الناصرية ) لتحويل هذا المنهج ، إلى واقع على
الأرض ، كان من أضعف الحلقات للنظام الحاكم ، الذي سعى بضعف لتحقيق ذلك
ولم يحاول تطوير هذا المفهوم ، وترك قوى المجتمع الحية لتمارسه من ” أدنى
لأعلى ” لتحقيق تراكمات مستمرة بعيدآ عن ( فرض ) ذلك بالأداة والأسلوب
بموجب قرارات من ” أعلى إلى أسفل ” . وكان يفضل قطع شوطآ في تحقيق الحرية
الإجتماعية وتحرير المجتمع ونشر الوعي ، بدون تلازم ذلك مع ممارسة الحرية
السياسية داخل المجتمع بشكلها المتوازي مع الحرية الإجتماعية .
وإن كنت أعتقد بهذا ” بشكله العام ” .. إلا أننا لايمكننا مقاربة ” العام
” دائمآ ، بمعزل عن “الخاص ” . وكما ذكرت دائمآ يجب : ( نقد ومحاكمة
التجربة ) ضمن الظروف الزمانية والمكانية والمعطيات المحيطة . ليس تهربآ
من نقد ، أو غض الطرف عن السلبيات ، بقدر ماهو (قراءة موضوعية ) لتجربة ”
إنسانية ” – ولكل تجربة إنسانية إيجابياتها وسلبياتها – نستقرؤها وندرسها
لإستخلاص العبر والنتائج .
في الآليات : كانت حرية التعبير بالكلمة والرأي الناقد البناء والهادف ،
موجوده بشكل كبير وتمارس في الواقع وعلى الأرض – كما ذكرت بداية – .
وكانت حساسية / جمال عبد الناصر / كبيرة لدعم حرية التفكير والتعبير
والإبداع . فلم يصادر في زمنه كتاب ولا رواية ، ولا منع فيلمآ ولا مسرحية
، وهذا لايمنعنا من أن نقر بأنه جرى التضييق بعض الشيئ على ” حرية
الصحافة ” وكان يُفهم ذلك في حدود الإستثناء بالتجاوزات الذي هو من طبع
الإنسان ، والثورات . وجرت إعتقالات وتجاوزات بسبب هذا ، ولن نبرر بأن
هذا من ” طبيعة الثورات التغييرية الجذرية ” .. مع أنه كذلك ..
وإذ نعود لنؤكد على سلبية يتشارك فيها : النخبة – والسلطة ، بعدم إعطاء
الأولوية للمباشرة والمساعدة بإحداث تغيير جذري في المجتمع ليفرز أحزابه
وقواه السياسية والإجتماعية ، حتى الناقدة والمخالفة للرأي ضمن حدود
الوطنية .
وفي ” إشكاليات ” الأحزاب وتشكلها ووظيفتها ودورها .. فلا بد من تقرير
أمر أساس وهو :
أن أي حزب أو تنظيم أو تجمع ، ما هو إلا ( أداة تنظيمية نخبوية ) تمثل
وتقود جماهيرها . التي هي الشرائح الجماهيرية الإجتماعية التي يجمعها ”
فكر وتوجه وهدف متجانس ” .
فعندما قامت ثورة يوليو 1952 متبنية : فكر وتوجه وهدف يحمل ” التغيير
الجذري ” في المجتمع وقوانينه ، يعمل على تحرير الوطن والمواطن من
الإحتلال ، والإستغلال ، والتهميش ، ويعمل على تحرير حياة وإرادة
المواطنين وتحقيق عدالة إجتماعية وتوزيع عادل للثروة ، والسير على طريق
التنمية الإنسانية والإقتصادية .. إصطدمت الثورة بالمعترضين طريق ذلك من
قوى سياسية وإقتصادية ليبرالية إقطاعية رأسمالية مُستَغِلة ، بسبب إنحياز
هذه القوى لمصالحها الخاصة . وبقوى سياسية تريد ” للفكر الديني السياسي
المتزمت ” أن يكون مهيمنآ ومسيطرآ ومقوقعآ لإنطلاق المجتمع ، ومرتبطآ
بشكل ما بتحالفات وتنسيقات خارجية مضادة للثورة . وبقوى سياسية محصورة
ومحاصرة في المجتمع ، تسعى إلى إضعاف معتقداته الإيمانية ، وتابعة أمينة
للمركز الشيوعي العالمي وتسير وفق توجهاته مهما كانت ، مع عدم إنكارنا
لوجود شخصيات فكرية وثقافية وإبداعية ووطنية في هذه القوى ، إستطاعت
ملائمة توجهاتها الفكرية والسياسية ، مع مضامين وأهداف وتوجهات ثورة 1952
.
وفي ظل هذا الواقع السياسي المتخلخل والجاذب للمجتمع والدولة في إتجاهات
شد متخالفة ومختلفة إلى هنا أو هناك .. أدى هذا التصادم عام 1953 و 1954
إلى : إلغاء الأحزاب ..
إذ كانت الأولوية .. هي لإحداث التغيير والثورة في إتجاه واحد محدد وواضح
، وضمن الأحكام السلبية على هذه الأحزاب والقوى السياسية في تجاربها قبل
الثورة .
ومع إرهاصات وإستمرارية طرح الفكرة المركزية حول ” الكتلة المجتمعية ”
التي قامت الثورة من أجلها ، والتي تتمثل ضمن : الصراع الإجتماعي ،
والصراع الطبقي والذي يجب معالجته بشكل سلمي لحل التناقضات وإزالة
الفوارق المصطنعة المسببة لذلك ، طرحت ( تحالف قوى الشعب العامل ) . وكان
لابد للثورة ، ولتحالف قوى الشعب العامل الذي تقوده ، من إيجاد أو توفير
” هيكل تنظيمي نخبوي ” . فطرحت أدوات كانت تتغير بتغيير الضرورات
والمراحل ومتطلبات كل مرحلة . من : هيئة التحرير – إلى الإتحاد القومي –
إلى الإتحاد الإشتراكي .
وكانت هذه الهياكل التنظيمية النخبوية ، ضرورية لتوجيه العمل والتنفيذ
والقيادة . وكانت ضرورية ” في حينها وفي مرحلتها ” . إلا أن القصور الذي
شاب هذه الهياكل كان ناجمآ وبالدرجة الأولى ، بأنها كانت آتية من أعلى
إلى أسفل .. من النظام ليشكل بها الحراك الجماهيري السياسي . وكان القصور
أيضآ ناجمآ عن إعتبار أعضائها لأنفسهم ” موظفين ” لدى الدولة ، أكثر
بكثير من إعتبار أنفسهم ” ممثلين ” عن الشعب والمجتمع . وكان القصور أيضآ
ناجمآ عن ” البيروقراطية ” التي وجدت هذه الهياكل نفسها فيها بإعتبارها ”
شبه مؤسسة حكومية ” أكثر بكثير عن أن تكون متحررة ونشطة وفعالة وحيوية
داخل المجتمع والحراك المجتمعي . وكان القصور أيضآ ناجمآ عن تحول عدد من
أفراد وقيادات هذه الهياكل إلى متنفذين ومهيمنين ووسطاء ومتسلطين على
الشعب . وكان القصور أيضآ في طبيعة التعامل من قبل الأجهزة الأمنية ، مع
من شذ عن هذه الهياكل وتوجهاتها .
ومن مجمل هذه التجارب لأدوات وهياكل العمل السياسي ، والتي كانت في
حصيلتها سلبية أكثر من إيجابياتها ، والتي كانت ( شيئآ من ضرورات المراحل
) ، شعر ولمس القائد / جمال عبد الناصر / بالبلبلة الحاصلة والإلتباس بين
كونها موجودة كأداة تنظيمية جماهيرية قائدة ، وبين واقعها الذي كانت
معاييره وظيفية وبيروقراطية ، مما أضعف فعاليتها ودورها ، رغم إرهاصات
بداية تشكل ” منظمة الشباب ” التي كان المراد منها إعطاء الدور للأجيال
الشابة بالقيادة والتوجيه .
لكن التغيير الأساسي والإيجابي ، والعودة للإمساك بأهمية وضرورة الحراك
المجتمعي السياسي ، والذي يجب أن ينبع من الشعب بشرائحه الإجتماعية
والسياسية .. من أسفل إلى أعلى هرم القيادة والتنظيم والمراقبة ، كان /
جمال عبد الناصر / وكعادته دائمآ ، ومن إدراكه الدائم لضرورة المراجعة
والإصلاح ، أول الدعاة ” لإعادة النظر بشكل جذري ” في حراكات الحياة
السياسية ، والممارسة الديمقراطية ، وضرورة العودة إلى فكرة : الحزبية ،
والتعددية ، والمعارضة الوطنية ، وتداول السلطة ، لتصحيح وتنمية وتعميق
الحراك السياسي في حياة المجتمع والدولة .
وقد طرح القائد / جمال عبد الناصر / في خطاباته وأحاديثه وفي محاضر
إجتمعات اللجنتين المركزية و التنفيذية للإتحاد الإشتراكي ، أفكارآ
وآراءآ حول ضرورة إحداث هذا التغيير والإصلاح ، وكيفية ممارسته ، وأهمها
:
• الإعتراف بوجود تيارات فكرية وسياسية متعددة داخل الإتحاد الإشتراكي .. المظلة .
• ضرورة إتاحة الفرص لبناء ” حزب إشتراكي ” يضم المؤمنين بالأهداف
الأساسية للثورة .
• ضرورة تقبل وجود ” قوى معارضة ” وضرورة تغيير طريقة التعامل معها ،
والسماح لها بالخروج للعلن .. ثم الإحتكام إلى الشعب في من يريده ممثلآ
له في الحكم .
• ضرورة تقبل ” تداول السلطة ” بين القوى السياسية في المجتمع ، حتى لو
أدى ذلك إلى تحول الحكام والسلطة الحالية ، إلى معارضة ..
ولم يمهله العمر ولا القدر .. لتنفيذ آرائه المعلنة والمصمم على تنفيذها
، ووضهعا على مسار التطبيق ..
وأخيرآ .. وبكل صدق وأمانة وإلتزامآ بمصالح أمتي ، وبمصالح الأجيال
الشابة .. لا بد أن أعبر عن اسفي وحزني على الأجيال ، وعلى الأمة ، أن
لاتستمر تلك التجربة الناصعة المطورة والمتطورة ، وتلك الدولة القوية
الصاعدة ، لتدعم وتُوَسع وتزيد وتراكم إيجابياتها ، ولتتخلص وتقلص وتصحح
سلبياتها .. وإن كانت آمالي وثقتي بالأجيال الحالية والقادمة كبيرة وموضع
ثقة
..
==============================

سامي شرف .

الجندي الناصري بإعتزاز .

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 6 أغسطس 1959.. ثورة فى قناة بنما ضد السيطرة الأمريكية.. والبحث عن فتحى الديب «جاسوس عبدالناصر الذى أشعل الحدث»

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 أغسطس 1959.. ثورة فى قناة بنما ضد السيطرة الأمريكية.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *