الرئيسية / تقارير وملفات / ملف دعوة اليهود للعودة إلى مصر ما زال مفتوحا- بقلم : محمد عبد الحكم دياب

ملف دعوة اليهود للعودة إلى مصر ما زال مفتوحا- بقلم : محمد عبد الحكم دياب

May 05, 2018

يبدو أن ما نشر الاسبوع الماضي على هذه الصفحة أثار اهتمام البعض؛ عرب وأجانب، ومنهم شخصية إنكليزية بعثت برسالة عبر مجلة ألكترونية تعيد نشر المقال عن «القدس العربي»؛ شَكَرتها على ما وصفته بالمساهمة الواعية، التي تفتح عيونا عمياء على حقيقة ما يجري.. واقْتَرَحَت الاطلاع على كتاب «القبيلة الثالثة عشرة» للكاتب أرثر كويسلر.. عن يهود جمهورية الخزر، الذين لا يمتون ليهود اليوم بصلة، وذلك لاحتوائه على وثائق ومعلومات هامة.. وبادلْتُها الشكر؛ منوها إلى اطلاعي على الكتاب من سنوات، ووعدتها بالبحث عنه وإعادة قراءته..

وأجدها فرصة لأشير إلى أن كتاب المفكر الراحل جمال حمدان، «اليهود انثروبولوجيا» الصادر في شباط/فبراير 1967 سبق كتاب كويسلر بتسع سنوات، وكان قد صدر في 1976 وذكر فيه أن يهود اليوم ينتمون لجمهورية الخزر التترية، الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود، واعتنقوا اليهودية في القرن الثامن الميلادي. واثبت أن يهود هذا الزمن لا علاقة لهم بفلسطين. وبالمنطق القبلي، فشيخ القبيلة اليهودية ومؤسسها الأول هو يعقوب (إسرائيل) بن اسحاق بن إبراهيم.. وله من الأولاد اثنى عشر وهم الأسباط.

وسبط بني إسرائيل حسب التَّفاسير الإسلامية يناظر القبيلة أو الحفيد عند العرب. والأسباط هم نسل يعقوب الإثنى عشر وأبنائهم؛ أي أحفاده الكُثر، ولا ينطبق ذلك على يعقوب، فهو الأصل وليس الفرع، وذلك لا يتوفر في حال «القبيلة الثالثة عشرة»؛ لكونها لا تمت لبني إسرائيل بصلة؛ ليست من بطونها ولا من عشائرها، وهي قبيلة غريبة ومختلفة تماما.

ونظرا لأن الموضوع قوبل باهتمام يجعلني أُورِد رأي عالم آثار صهيوني بجامعة تل أبيب، فبجانب إقراره بوجود يهود في فلسطين قبل 3000 سنة.. قال: «لكنهم لم يأتوا من مصر»؛ نافيا قصة الخروج؛ كما وردت في العهد القديم، مرجحا أنها لم تحدث، وهي مجرد أسطورة، وأشار إلى ما أسماه «سنوات السبي الطويلة للشعب اليهودي في مصر، والهروب الخارق بقيادة موسى عبر البحر الأحمر، ومكوثهم 40 عاما هي سنوات التيه في صحراء سيناء، والتصديق على وعد الرب للشعب اليهودي على جبل سيناء، وصولا إلى غزو أرض الميعاد»، وقال: هذه قصة مجرد أسطورة.

وذلك يؤكد ما أشرنا إليه عن تاريخ اليهود والآثار الصهيونية؛ «المتخمة والمليئة بالتناقضات والمحشوة بأساطير معاكسة لوقائع وأسانيد مؤكدة وموثقة لا حصر لها» ولا جدوى من نقضها، خاصة أنه منذ القرن التاسع عشر، والتنقيب لا يتوقف للعثور على أدلة ملموسة لتاريخ اليهود كما جاء في التوراة، ولم يتم العثور على ما يثبت ذلك، وأشارت إلى أن ما توصل إليه أغلب علماء المصريات؛ عن معظم ما ورد في التوراة ليس عليه دليل.

وذلك ما جعل عالم الآثار الصهيوني زئيف هرتزوغ يقول: «بأن البحث عن أشياء لا وجود لها ليس مجديا». وأن المصريين القدماء وقد حافظوا على تاريخهم بعناية؛ في نقوش ومخطوطات ومراسلات تاريخية لم يتطرقوا إلى دخول أكثر من مليوني يهودي ذكرتهم التوراة إلى مصر، ولم ترد إشارة لرحيلهم المفاجئ، ولا لهزيمة الجيش المصري. وصرح لصحيفة «يو إس توداي»: أن علماء الآثار لم يعثروا على أثر لبقاء اليهود تائهين 40 عاما في صحراء سيناء، والأمر نفسه ينطبق على أسطورة الغزو الدموي لـ«أرض الميعاد».

ويشكك أولئك العلماء في حدوث الخروج في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ويقولون بحدوثه في القرن السادس قبل الميلاد، ويرون إمكانية حدوث شيء كهذا في تاريخ سابق، أثناء مرور مجموعة صغيرة من اليهود بمصر؛ نفخ فيها البابليون، وتحولت لأسطورة. والأمر الأكثر إثارة هو ما ثبت عن عبادة اليهود لأكثر من إله. وذلك ما صرح به هرتزوغ لصحيفة «هآرتز» عام 1999: «يهوه، إله إسرائيل تزوج من إلَهَة تدعى أشِيرا (وقد تُنطق عَشِيرة)، ولم يعْرف بنو إسرائيل الإله الواحد إلا في القرن العاشر قبل الميلاد، «وليس على طور سيناء». وادعاء وجود يهود مصريين صعب، فمن يعتنق اليهودية لا يعد يهوديا حسب التوراة، إلا إذا وُلِد لأم يهودية، وليس لأب مصري..

واستمر الوضع حتى هجرة اليهود لمصر، التي كانت في عصر الخديوي اسماعيل؛ بإغراء الامتيازات الاجنبية والحماية الأوربية، فارتفع عددهم من تسعة آلاف أيام محمد علي إلى خمسة وعشرين ألفا ومئتي يهودي عام 1898، وزادوا إلى 55063 عام 1927، واصبحوا 65639 يهوديا سنة 1947. وترتب على ذلك هيمنة اليهود الوافدين على شركات ومؤسسات مالية وتجارية كبرى، وشغلوا عضوية مجالس اداراتها منذ نهايات القرن التاسع عشر. وصلت إلى ٪15.4 في مناصب الإدارة العليا.. زادت إلى ٪16.5 عام 1943. وأخذت النسب في الانخفاض ٪12.7 و٪12.6 عامي 1947 و1948، و٪8.9 و٪9.6 عام 1951، وزادت نسبتهم في مجالس ادارة الشركات المساهمة حتى وصلت ٪18 عام 1951، وهي نسبة مرتفعة للغاية مقارنة بنسبتهم لعدد السكان سنة 1950، وكانت نحو ٪0.4 فقط.

واستحوذ اليهود الوافدون على تلك الشركات والمؤسسات الكبرى في فترة الحرب العالمية الثانية؛ من 1940 إلى 1946. وتحولوا لاغنى جالية يهودية في المنطقة، ولم يتأثروا بالغاء الامتيازات الاجنبية عام 1937، أو زيادة معدل انخفاض الهجرة إلى مصر، او حتى صدور قانون رقم 138 فى يوليو 1947 لتنظيم الشركات المساهمة.

وكان لنكبة فلسطين وقيام الدولة الصهيونية عام 1948، واستمرارها على مدى سبعين عاما؛ كان لها الأثر في وقف نمو الجالية اليهودية فى مصر. ولم تُجْد محاولات بعضهم في تأكيد ولائهم نفعا، حتى تفاقم ذلك بسبب النشاط الجاري لتعميم التطبيع و«تهويد» مجالات المال والتجارة والسياسة، ونشر الفتن بين المواطنين، والعمل على إعادة رسم خرائط «القارة العربية» بجنون دونالد ترامب، واعتماده على تحالف رباعي من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، و«المشير السيسي» من مصر وإنجاز «صفقة القرن» ونفض اليد نهائيا من القضية الفلسطينية.

ويكرر نتنياهو منذ 2015 القول بأن «أموال اليهود في البلدان العربية تقدر بمئات مليارات الدولارات» وعلى العالم أن يعلم بها لتعود لأصحابها. في الوقت الذي زادت فيه تصريحات كبار مسؤولي تل أبيب عن«قضية اللاجئين اليهود وإخراجها إلى النور»!!. وعندما دعت الحاجة وصف اليهود أنفسهم بـ«اللاجئين»، في وقت يَدَّعون فيه ملكيتهم لأرض العرب الواقعة ما بين الفرات والنيل!!.. ويلومون الأمم المتحدة «التي صرفت عشرات المليارات من الدولارات طوال 65 عاما على اللاجئين الفلسطينيين، ولم تصرف سنتاً على «اللاجئين اليهود»؛ والسؤال أين هم؟! ونصف لاجئي العالم عرب، وأكثرهم فلسطينيون؟!.

وإثارة عودة اليهود لمصر ليست غير مقدمة لعودة اليهود لـ«القارة العربية» ونهب أموالها في شكل تعويضات على الطريقة الألمانية، أو بابتزاز طوعي من ترامب مقابل حماية العروش والكراسي العربية..

وما زال ملف عودة اليهود لمصر مفتوحا.

عن admin

شاهد أيضاً

أزمة «النهضة»: فشل انعقاد قمة مصرية - إثيوبية: مصر تستعدّ لـ«سيناريوات صعبة»

  الثلاثاء 11 شباط 2020 كاد السيسي يلغي مشاركته لولا الترتيبات المتصلة بتسليم رئاسة الاتحاد …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *