واصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 12 مارس/آذار، والفضائيات تكثيف حملاتها لدعوة الناخبين للمشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية، التي ستتم أيام 27 ـ 28 ـ 29 من الشهر الجاري، وكذلك عقد مئات المؤتمرات يوميا في كل المحافظات لانتخاب الرئيس السيسي لفترة ثانية. وإحباط محاولات البعض إضعاف الإقبال على التصويت.
ومن الأخبار الواردة في الصحف التي أثارت قدرا من القلق، البيان الخامس عشر للقيادة العامة للقوات المسلحة، عن نتائج العملية الشاملة «سيناء 2018» في الأيام الأربعة الماضية، صحيح أنها حققت نتائج مبهرة بسبب تعاون القبائل مع أجهزة الأمن في الإبلاغ عن أماكن وجود الإرهابيين، بعد أن هددها الرئيس السيسي بطريقة غير مباشرة، عندما قال إنه أعطى أوامر للجيش والشرطة باستخدام القوة الغاشمة، واستخدام منتهى العنف. وتمت بالفعل معاقبة البعض.
وتعمد بيان الجيش الأخير الإشادة بما سماه التعاون المعلوماتي من أبناء سيناء الشرفاء، ما أدى إلى قتل أربعة من التكفيريين شديدي الخطورة، والقبض على ثلاثة من القيادات في عدد من المناطق الجبلية، وقتل ثلاثة عشر آخرين في تبادل لإطلاق النار، واستشهاد ضابط صف ومجند، وإصابة ضابط وأربعة مجندين، ومع ذلك فهناك قلق من حجم ونوعية الصواريخ المضبوطة في رفح، وعددها أربعة وثلاثون صاروخا من نوع كونيت وأهرام، والنوع الأول هو الذي استخدمه الإرهابيون من مدة في قصف مطار العريش، بعد هبوط طائرة الهليوكوبتر التي كانت تقل وزيري الدفاع والداخلية، وأصابت قائدها بعد أن غادر الوزيران.
كما كانت هناك دهشة من حجم المعدات الأخرى المضبوطة، وفي الوقت نفسه الذي يشدد فيه الجيش والشرطة العمليات، فانهما يقومان بتوزيع كميات كبيرة من السلع الغذائية مجانا على أهالي شمال ووسط سيناء، المتضررين من العمليات وحصار عدد من المناطق لمنع هروب الإرهابيين، بالإضافة إلى فتح منافذ للبيع بأسعار مخفضة.
واستمرت الشكوى من ارتفاع أسعار الأسماك والدواجن نتيجة لارتفاع أسعار العلف، وكذلك ارتفاع أسعار الإسمنت والحديد. وقررت محكمة جنايات القاهرة اعادة محاكمة ضابطين في الأمن الوطني في قسم شرطة المطرية، بتهمة تعذيب محام حتى لفظ أنفاسه، والحكم عليهما بخمسة أعوام. والقبض على داليا التهامي التي أدعت انها تعمل في مكتب شكاوى الرئاسة في عابدين. وقرار النائب العام بحبس أربعة من ألتراس النادي الأهلي خمسة عشر يوما. وإلى ما عندنا من أخبار أخرة متنوعة..
انتخابات الرئاسة
ونبدأ بأبرز ما نشر عن انتخابات الرئاسة وأوله في «الشروق» لعضو مجلس نقابة الصحافيين محمد سعد عبد الحفيظ وقوله في مقال له تحت عنوان «البحث عن صوت»: «قبل أيام أبدى الإعلامي عمرو أديب تعجبه من حالة الهدوء التي تسود الشارع مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية «باقي عشرة أيام على الانتخابات ومحدش حاسس. ماتش الأهلي كان له اهتمام أكبر». وتساءل أديب عن سبب عدم وجود جهود حزبية وشعبية ورسمية لتشجيع المواطنين على النزول للإدلاء بأصواتهم، مشيرا إلى أن تكلفة إجراء الانتخابات تبلغ مليار جنيه، وهو ما يستوجب ضرورة التوعية بشأن المشاركة.
وقال: «الوقت أزف لا أتحدث عن نتيجة ولكنني أعنى حضور الناس للتعبير عن أنفسهم. لا يوجد حوار داخل المجتمع في هذا الأمر، لا في الصحف ولا حتى في الإذاعة». مضيفا: «لا توجد دولة في العالم يتبقى لها هذا الوقت على انتخابات رئاستها وتكون بهذا الهدوء». الأستاذ عمرو محق فلا توجد دولة في العالم يتبقى لها هذا الوقت على انتخابات رئاستها وتكون بهذا الهدوء، لكن زميلنا يعلم أنه لا توجد دولة في العالم جرى فيها ما جرى في مصر، من منع للمرشحين الجادين من خوض السباق الانتخابي، واستدعاء لمرشح أعلن تأييده لمنافسه قبل أيام من إعلانه المشاركة في الانتخابات.
لا توجد دولة في العالم لا يخرج فيها الرئيس المرشح ليتحدث مع ناخبيه في مؤتمر عام، أو حتى من خلال شاشة التلفزيون، ليشرح مبررات قراراته في فترته الأولى وبرنامجه الانتخابي الجديد لتحسين أوضاعهم في الفترة التالية. لا توجد دولة في العالم تحاصر المجال العام وتغلق كل النوافذ وتتهم دعاة مقاطعة الانتخابات بالخيانة».
مؤتمر شعبي لحزب الوفد
لكن كانت هناك مفاجأة لمحمد سعد في اليوم التالي، فقد نظم حزب الوفد مؤتمرا شعبيا في دائرة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة نظمه نائبها الوفدي عمرو أبو اليزيد وحضره رئيس الحزب السيد البدوي وألقى كلمة قال فيها نقلا عن «وفد» أمس الاثنين: «إن الرئيس السيسي لا يحتاج مؤتمرات لدعمه، فهو فائز بنسبة كبيرة. والهدف من هذه المؤتمرات حشد الدعم للمشاركة في الانتخابات، في ظل مؤامرات تدبر ضد الدولة المصرية.
لافتًا إلى أن عبقرية المصريين كلمة السر في حضورهم إلى المؤتمرات، التي تدعم الرئيس السيسي والدولة المصرية، بدون دعوة بعد أن استشعروا نوايا أعداء مصر في الخارج والداخل، في التشكيك بمشروعية الانتخابات الرئاسية المقبلة، الذين ظهرت نواياهم قبل الانتخابات ببضعة أشهر، ومن هنا قال المصريون: «هيا بنا لنتصدى لمؤامرات الخارج وأعداء الداخل، ونذهب ونصطف أمام لجان الاقتراع من أجل أن تكتسب الانتخابات شرعية شعبية، وهذا ما يميز المصريين، الذين قال عنهم رسول الله «إنهم وأبناءهم في رباط إلى يوم القيامة». وأردف قائلاً: «ليس من المعقول أن يضحي أبناء الجيش والشرطة بأنفسهم، والشعب لا يضحي بوقت قليل للنزول في الانتخابات، التي وصفها بأنها «كلمة شكر» للسيسي لما قام به من الحفاظ على الدولة المصرية على كل المستويات».
سياسة النظام
وإلى «المصري اليوم» حيث خصص الدكتور عمرو هاشم ربيع مقاله الأسبوعي لتحذير النظام من استمرار سيره في معاداة جميع القوى، وهو على أعتاب فترة رئاسية ثانية وقال تحت عنوان «الاستعداد لـ 2022 تحديد العدو»: «يجب أن يحافظ نظام 30 يونيو/حزيران على ما بدأه. نقول ذلك لأنه في الأشهر القليلة الماضية بدأ النظام يتجه نحو سياسة تحديد الأصدقاء، بعبارة أخرى سعى النظام في تحركاته الداخلية على وجه الخصوص إلى زيادة عدد أعدائه بشكل مبالغ فيه، ولا شك في أن هذا الأمر تفاقم في العام الأخير وزادت وطأته مع مناخ انتخابات الرئاسة الحالية لذلك يأمل أن تعود المياه لمجاريها بعد عقد تلك الانتخابات، حيث تهدأ النفوس وتستريح الأعصاب المشدودة. حتى العام الماضي فقط كنا نجتمع على أن الإخوان المسلمين هم العدو وحدهم، والجميع أصدقاء بغض النظر عن الخلاف في وجهات النظر مع من هم من غير جماعة الإخوان.
اليوم أصبح المجتمع المدني عدوا وقطاع كبير من السلفيين أعداء، بعض الإعلاميين أعداء، حمدين صباحي والتيار الشعبي أعداء، عبدالمنعم أبوالفتوح وهشام جنينة ومن يؤيدونهما أعداء، عنان وحزبه أعداء، أحمد شفيق وحزبه أعداء، قطاع معتبر من القضاة خاصة المعارضين لقانون قيادات الهيئات القضائية أصبحوا في زمرة الأعداء، وهكذا من المهم أن يعيد الرئيس اللحمة مرة أخرى بين أبناء الشعب ويتبنى نهج مصالحة بين جميع فئاته فيتمسك بعدوه الأول والأوحد في هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر ويستعد بذلك لخوض مصر انتخابات 2022 بشكل تعددى وشفاف».
كاريكاتير
أما الرسام عمرو سليم في «المصري اليوم» فكان يرى أن الانتخابات لا لون لها ولا طعم ولا رائحة مثل الماء، ودلل على ذلك بثلاث صور، كوب ماء ووضع تحته علامة صح وزجاجة كازوزة وتحتها علامة خطأ، وصندوق انتخابات ومثله مثل الكازوزة».
مفاجآت ما بعد الانتخابات
وإلى «البديل ومقال الكاتب محمد عصمت عن مفاجآت ما بعد الانتخابات وقوله: «من وجهة نظر مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية منذ عدة أيام، تبدو الحياة السياسية في مصر على موعد مع تعديلات دستورية، تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي زيادة مدة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلا من 4 سنوات، مع إلغاء شرط المدتين، بحيث تكون بدون حد أقصى، عقب فوزه المؤكد بولاية ثانية في الانتخابات المقرر إجراؤها في 26 مارس/آذار الجاري، وعلى مدار ثلاثة أيام. وطبقا للصحيفة أيضا، فإن نظام الرئيس السيسي سوف يستمر في فرض حصار تام على الحياة السياسي، على اعتبار أن هامش الحريات المصاحب لها، كما كان الحال أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك هو الذي أدى إلى سقوطه عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وهو ما يفسر من وجهة نظر الصحيفة حرص النظام على إبعاد كل المنافسين الأقوياء للرئيس في الانتخابات، لأن النظام بشكل عام لا يريد أي معارضة حقيقية لتوجهاته، أو بمعنى أصح لن يسمح بتواجدها أصلا على الساحة. على المنوال نفسه سارت كل الصحف الغربية التي نددت بالإجراءات المصاحبة للانتخابات، لكنها لم تصل إلى الحد الذي وصلت إليه «واشنطن بوست» التي توقعت سيناريوهات كابوسية في مصر تصل إحداها إلى وقوع اضطرابات سياسية خطيرة ضد الرئيس السيسي، قد تبلغ درجة الانتفاضة الشعبية. في عز موسم الانتخابات الرئاسية الذي نعيشه الآن، كان من المفترض أن يتناقش الرأي العام حول هذه القضايا التي يثيرها الإعلام الأجنبي، وأن ترد الحكومة عليها وأن تفندها وتنفي ما يستحق النفي منها، بل وأن تتولى حملة الرئيس السيسي بنفسها ترجمة هذه المقالات، التي تندد بالانتخابات وتكشف أخطاءها من وجهة نظرها، لتثبت للعالم أن الرئيس يخوض انتخابات تستوفي الشروط والقواعد المتعارف عليها. لكن أيا من هذا لم يحدث، استمرت السلطات في حجب المواقع التي تنشر هذه المقالات، وتركت لبعض مؤيديها الحديث عن وجود مؤامرة غامضة ـ لا نعرف لها رأسا من رجلين ـ تستهدف تقويض أركان الدولة المصرية، وإيقاف مسيرة الإنجازات التي تحقق في عهد الرئيس! غياب السياسة ـ أو بالأحرى تغييبها ـ هو المشكلة الحقيقية التي تواجه النظام في مصر، خاصة أن العقلية الأمنية المهيمنة على السلطة لا تقدم أي مرجعية فكرية أو ثقافية تستند إليها في أسلوب وطبيعة حكمها، بل لا تبدي أي اهتمام يذكر بهذه الأمور، وحتى الدستور باعتباره أهم وثيقة سياسية تنظم علاقة السلطة بالشعب، فإن انتهاكات مواده التي تتعلق بالحريات السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية تجري على قدم وساق، بدون أن يثير ذلك اهتمام ـ ولا نقول غضب ـ البرلمان أو غيره من مؤسسات الدولة أو حتى الصحف وأجهزة الإعلام المحسوبة عليها . نحن أمام سنوات مراوغة، نظام لا يستطيع إدارة أزماته بكفاءة سياسية، وانحيازاته الطبقية تزيد من مساحة الجفاء بينه وبين الأغلبية الساحقة من شعبه، التي تكابد الفقر والغلاء، وتحركاته الإقليمية والدولية تثير عشرات الأسئلة الحائرة، وهي أمور تجعل هذه السنوات حبلى بمفاجآت قد لا تبدو حتى الآن في حسبان أحد سواء في السلطة أو المعارضة».
معارك وردود
وإلى المعارك والردود التي بدأها في «الأهرام» الدكتور عمرو عبد السميع بالهجوم على النخبة المصرية بقوله عنها وهو مستاء منها تحت عنوان «حكاية موت السياسة»: «هي نغمة جديدة ـ أراها ـ خطيرة ـ استشرت في السياق العام المصري، وتبناها ورددها بعض عناصر ما يُطلق عليه، «النخبة المصرية»، إشارة لما سموه مطاردة التيار المدني السلمي، بعد أن أعيتهم الحيل والوسائل في مواجهة التيار الشعبي الجارف لتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسي هي محاولة مستحدثة لإعادة إنتاج فيلم «هدم الدولة في مصر»، أو اختراع دور جديد لعناصر ما يُسمى «النخبة» لتسيير وقيادة كتلة الناس في البلاد، إلى حيث يريدون، أو إلى حيث تريد الدول أو أجهزة المخابرات ذات الصلة ببعضهم. لم يلتفت هؤلاء إلى أن ما قالوا عنه «مطاردة التيار المدني» كان عمليات لمنع التجاوز، ولإنفاذ القانون، وأن ما يشيعونه عن «موت السياسة» هو تغير مفهوم تلك السياسة، لتصبح تغليب «ما يريده الشعب» وليس سيادة ـ ما صار له طبقة صناع ومروجين ـ تحترف ألاعيب المثقفين والمستثقفين، التي انتظمها ـ في مشهد لن يتكرر ـ سيرك أغرق البلد والناس في لجاج عبثي، ولغط هائل كان عنوانه الكبير إسقاط الشرطة والإعلام القومي، وسترها الله معنا، فلم تتمكن تلك العملية من إسقاط الجيش أو القضاء. إن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن صاحب أي ضمير وطني حي هو، ما الذي يريده المنادون «بعدم موت السياسة» على حد تعبيرهم، هل هو خلق ـ من جديد ـ لمساحات وفضاءات تمكنهم من ممارساتهم التي يحتفظ بها الناس في ذاكرتهم، وأيضا في أفلام وأرشيفات صحف ومواقع إلكترونية، حين حاولوا قيادة كتلة الشعب إلى تغييب وجود الدولة أو القانون، مستغلين ـ في ذلك ـ عدم وجود مشروع يؤمن به الناس ويرتبطون؟ اليوم صار للدولة في مصر ذلك المشروع، وإذا كانت السياسية هي ما احترفته «النخبة» في السابق من ممارسات، فإننا نقولها بعلو الصوت: «ألا تباً لهذه السياسة» إننا ألقيناها ـ أثناء سعينا لإعادة بناء مصر ـ في صندوق القمامة، ومعها كل من يتباكى على ما سماه: «مطاردة التيار المدني السلمي» أو يحاول أن يخترع لنفسه حضورا في المشهد الجديد ليمارس الدور نفسه وينفذ ما تمليه عليه القوى التي تحركه في الداخل والخارج».
أزمة النخبة
لكن كان لعماد الدين أديب رأي آخر، في «الوطن» إذ أعتبر ما يحدث في حزب الوفد من استعدادات لإجراء الانتخابات على رئاسة الحزب وترشيح سكرتيره العام بهاء الدين أبو شقة للمنصب بداية طيبة لحل الأزمة باستعادة حزب الوفد مكانته وقال: «في أزمة النخبة السياسية المصرية، التي نعيشها الآن يأتي إحياء حزب الوفد المصري، كأحد أهم الحلول التي تحتاج إليها الحياة السياسية في البلاد. لماذا أقول ذلك الآن؟ من 104 أحزاب رسمية لها شرعية العمل السياسي في مصر، يأتي حزب الوفد الجديد «تأسس عام 1978» على أنه الحزب الوحيد الذي له أصل تاريخي وزخم شعبي غير مسبوق.
الرجوع إلى التاريخ يعطينا ـ بدون تعسف ـ هذا البرهان. هذا العام نحتفل بمئوية تأسيس حزب الوفد الذي أسسه سعد باشا زغلول عام 1918 ويتجدد الأمل اليوم في انتخابات رئاسة الوفد، في ظل طرح الأستاذ بهاء الدين أبوشقة السكرتير العام للحزب نفسه لمنصب الرئاسة. و«أبوشقة» هو رجل قانون خبير ومخضرم، وهو نائب حالي ونشيط في البرلمان المصري، وله دور بارز في صياغة العديد من التشريعات التي صدرت منذ ثورة 2013 حتى الآن. وبناءً على تصريحات الأستاذ بهاء أبوشقة فإنه يطمح إلى «تقوية حزب الوفد حتى يكون جديراً بقيادة الأحزاب السياسية في الفترة المقبلة».
شيخوخة الخطاب الإعلامي
وفي «الوطن» واصل مستشارها الإعلامي وأستاذ الإعلام في جامعة القاهرة هجومه على النخبة بقوله عنها في مجال الإعلام: «أكثر ما يميز الخطاب الإعلامي المتسكع عبر نوافذ الإعلام المصري حالياً هو «الشيخوخة». الخطاب يعاني من شيخوخة مفرطة، الكثير من العناوين والمانشيتات والمفردات والأوصاف والصياغات التي يستخدمها الخطاب الإعلامي الحالي تجد لها أصلاً في متاحف إعلام الخمسينيات والستينيات والسبعينيات. قد يقول قائل إن بلورة الخطاب الإعلامي على هذا النحو تعكس إرادة سياسية تريد أن تعبئ الرأي العام المصري لمواجهة المخاطر الداخلية والخارجية المحيطة بالدولة، وهو كلام صحيح، لكن من المؤكد أن كل عصر له أدوات. إعلاميو الستينيات والسبعينيات لعبوا أدوارهم في ظل سياق أحادي، لم يكن ثمة مصدر للمعلومات متاح أمام المواطن المصري، سوى الصحف الثلاث اليومية والقناتين الأولى والثانية في التلفزيون، بالإضافة إلى بضع محطات إذاعية. كان المشهد الإعلامي حينذاك قابلاً للسيطرة، لكن الوضع اختلف حالياً، فالمواطن يتمتع بمصادر لا حصر لها للحصول على المعلومات. نخبة الإعلام التقليدي توشك على الخروج من الصورة، فلا هي قادرة على إرضاء الجمهور، ولا هي قادرة على إقناع السلطة بجدوى ما تقوم به من أدوار، ولا هي قادرة على فهم الظرف والتكيف مع معطيات العصر، وإفهام المسيطرين على المشروع الإعلامي أن شيخوخة السياسة لا بد أن تؤدى إلى شيخوخة الإعلام ويبقى دائماً أن من يبدأ بالانبطاح لا بد أن تنتهى به الرحلة إلى الركل».
فلسطين وامريكا وزيدان
وإلى القضية الفلسطينية وتحركات أمريكا لإيجاد حل لها قالت عنه ساخرة سناء السعيد في «الاسبوع» أمس الاثنين: «تعمد ترامب في لقائه بنتنياهو تقزيم الملف الفلسطيني والحديث بدلا عن ذلك عما يسمي بصفقة القرن، التي يتوقع أن يتم إشهارها خلال ثلاثة أشهر، على أبعد تقدير، وتشمل موافقة إدارة ترامب على ضم الكتل الاستيطانية على أن تقوم أمريكا بعد ذلك بالإعلان عن مفهوم أمني مشترك لدولة إسرائيل ودولة فلسطين، كشركاء في السلام، على أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح، مع قوة بوليس قوية وتعاون أمني ثنائي وإقليمي ودولي، كما تنص الصفقة على احتفاظ إسرائيل بصلاحيات الأمن القصوى، كما تشمل الصفقة اعتراف دول العالم بدولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، مع تخصيص أجزاء من سيناء أسدود وميناء حيفا ومطار اللد للاستخدام الفلسطيني، على أن تكون الصلاحيات الأمنية القصوى بيد إسرائيل. وإيجاد حل لقضية اللاجئين، من خلال ما قد يطلق عليه دولة فلسطين، ولا شك أن الصفقة بهذه المعايير تعني تصفية القضية الفلسطينية ونفسها عبر دولة بنظامين تعمل جاهدة على تشريع الاستيطان بمعايير أمريكية من خلال حكم ذاتي أبدي».
«مناظرة على كورنيش الإسكندرية»
وفي «الأخبار» تناول الاستاذ في جامعة الإسكندرية الدكتور محمد السعدني في مقاله الأسبوعي قضية فلسطين وإسرائيل مهاجما الدكتور يوسف زيدان الاستاذ في الجامعة نفسها ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم قائلا تحت عنوان «مناظرة على كورنيش الإسكندرية»: «رغم برد الإسكندرية وشتائها الأبهى جمالاً، فقد جاءت جلستنا ساخنة هذه المرة مع بعض المثقفين والشبان وأساتذة الجامعة، تجاذبنا أطراف الحديث كيفما اتفق إلى أن وصلنا لمقارنة رأيتها ظالمة، طرفاها الكاتب فيلسوف المسرح توفيق الحكيم، وذلك الدعي المتطاول على تاريخ الوطن ورموزه، صلاح الدين الأيوبي وأحمد عرابي وعمرو بن العاص وجمال عبد الناصر وثورة يوليو/تموز، إذ قارن البعض بين موقف الدعي في مغازلة إسرائيل وموقف الحكيم باعتبار كليهما رأيا فيها طريقاً للعالمية والوصول لجائزة نوبل. وقادنا الحوار إلى علاقة الأدب بالسياسة وهي علاقة يصعب إنكارها وأيضاً يصعب القياس عليها بشكل عام، فليس كل الأدب سياسة، وإن استعرض بعض المتحدثين أن المنشق الروسي بوريس باسترناك ما كان يحصل على نوبل عن روايته «دكتور زيفاجو»، لولا انتقاده للاتحاد السوفييتي، ورغم وجاهة الطرح إلا أنني مازلت أجد فارقاً بين حسابات الإبداع والمبدعين، في ما يبدعون، ومواقفهم السياسية، إذ الإبداع عملية توهج موهبة لها خصوصيتها، التي كثيراً ما تختلف عن شخصية صاحبها السياسية ومعتقده، ولك أن تختلف لكنك حتماً يسوء حكمك على الكاتب أو الفنان أو الموسيقار لو حاسبته على الفن والأدب بمعايير السياسة، ولقد كان ذلك المبحث محط حوار دائم بيني وبين جمال الغيطاني، رحمه الله، في معرض دفاعه عن نجيب محفوظ ومواقفه من الإسرائيليين، وإصراره على عدم العـــمل يوم السبت واشتراكه مع الحكيم في مبادرة تبنتها لهما الأهرام للتـــبرع بإعادة بناء «مدينـــة الفيروز» التي كانت مستوطنة ياميت الإسرائيلية على أراضينا بين رفح والعريش، واضطروا لإخلائها في أبريل/نيسان 1982، بعد معاهدة السلام، لكنهم نسفوها ودمروها قبل تسليمها لمصر. وبينما كنا طلاباً مشغولين بتجهيز سفينتي المناصرة 1 و2 لإنقاذ المقاومة الفلسطينية في بيروت، كان الحكيم ومحفوظ يتبنيان مبادرة للتبرع لا للمقاومة، وإنما لإعادة بناء المستوطنة، وكأنهما يريدان غسل عار إسرائيل التاريخي وعدوانيتها».
مصر وتركيا
ومن فلسطين وإسرائيل ومفاجآت الدكتور السعدني إلى العلاقات التجارية بين مصر وتركيا وزيادة صادرات مصر إليها، رغم العلاقات المتوترة لأبعد الحدود سياسيا معها، وقد نشرت «الدستور» أمس الاثنين في باب «عالم البنوك» تقريرا قالت فيه: «أعلنت وزارة التجارة والصناعة، أن الصادرات المصرية لتركيا حققت نموا غير مسبوق خلال العام الماضي، حيث بلغت مليار و998 مليون دولار، مقارنة بمليار و443 مليون دولار خلال عام 2016، لافتا إلى أن الواردات المصرية من تركيا شهدت تراجعا ملحوظا خلال العام الماضي بنحو 137٪ لتبلغ 2 مليار و360 مليون دولار مقابل 2 مليار و733 مليون دولار خلال عام 2016. وقال قابيل إن النمو في حركة الصادرات وانخفاض معدل الواردات من السوق التركي ساهم في تراجع عجز الميزان التجاري بين مصر وتركيا، خلال العام الماضي، حيث انخفض ليصل إلى 360 مليون دولار بنسبة انخفاض 72٪ مقارنةً بعام 2016. وأوضح أحمد عنتر وكيل أول الوزارة ورئيس جهاز التمثيل التجاري، أن الزيادة في معدلات الصادرات المصرية إلى السوق التركي خلال العام الماضي تعزى إلى نمو الصادرات في 3 قطاعات صناعية رئيسية شكلت نحو 80٪ من إجمالي الصادرات المصرية إلى هذا السوق، وتتضمن الكيميائيات بنسبة 89٪ محققةً 651 مليون دولار مقابل 343 مليون دولار خلال عام 2016، والمنسوجات والملابس الجاهزة بنسبة 23٪ مسجلةً 504 ملايين دولار مقارنة بــ410 مليون دولار خلال عام 2016، فضلاً عن البلاستيك والمطاط بنسبة 31٪ محققةً 433 مليون دولار مقابل 330 مليون دولار خلال عام 2016. وأضاف عنتر أن جهود مكتب التمثيل التجاري في إسطنبول، الرامية إلى تعزيز نفاد السلع والمنتجات المصرية لهذا السوق الضخم وتعزيز التعاون مع الشركات التركية، أسفرت عن زيادة في الصادرات المصرية من سماد اليوريا محققاً نحو 3447 مليون دولار خلال عام 2017 مقارنةً بـ1575 مليون دولار خلال عام 2016 والملابس الجاهزة لتبلغ 139 مليون دولار مقابل 126 مليون دولار خلال عام 2016 بالإضافة إلى الغزول وخيوط الحياكة التي سجلت 104 ملايين دولار مقابل 90 مليون دولار خلال عام 2016، فضلاً عن المنتجات الزجاجية حيث بلغت 582 مليون دولار مقابل 445 مليون دولار خلال عام 2016».
محمد صلاح
وإلى لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح الذي يلعب حاليا في نادي ليفربول الإنكليزي وتملأ أخباره لا صفحات الرياضة فقط، وإنما الصفحات الأولى أيضا لدرجة أن يوسف سيدهم رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «وطني» القبطية كان مقاله بعنوان «إحذروا استنساخ محمد أبو تريكة في محمد صلاح» بإضفاء بعد ديني إسلامي عليه قال فيه: «ظاهرة محمد صلاح لاعب الكرة المصري والمحترف في نادي ليفربول الإنكليزي باتت تحتل مساحات شبه يومية في صحفنا، ومثلها في الصحافة الإنكليزية والإعلام الكروي العالمي بشكل عام، وهي بالقطع ظاهرة يفخر بها كل مصري لما تعكسه من موهبة فذة وإنجازات رائعة على المستطيل الأخضر، تنتسب إلى الهوية المصرية وتنتزع آهات المشجعين واللاعبين والمدربين، علاوة على عضوية اللاعب في الفريق القومي المصري، وتطلع المصريين بكل الأمل لمشاركته في منافسات كأس العالم لكرة القدم في روسيا، الصيف المقبل، مرتديا فانيلة مصر وحاملا رايتها. محمد صلاح لم يعرفه الكثيرون قبل انتقاله لنادي ليفربول الإنكليزي، والدوي الذي أحدثته إنجازاته وانتصاراته وأهدافه مع الفريق. وبجانب موهبة محمد صلاح الفذة لا يمكن إغفال ما يتمتع به من أخلاق رفيعة على المستطيل الأخضر، سواء مع زملائه في الفريق أو مع سائر اللاعبين في الفرق المنافسة، وهو لاعب من طراز رفيع يندر أن يلجأ للعنف أو يغضب أو يفقد أعصابه أو يشتبك مع الخصم.
كما أن أسلوبه في التعبير عن فرحته لدى إحرازه هدفا يتسم بالوقار واللياقة بشكل ينتزع التقدير والإعجاب، وهو ببساطة يجسد شخصية الكثير من اللاعبين المحترفين العالميين الذين يمتلكون الموهبة واللياقة مع الأخلاق الرفيعة والالتزام، والذين يترفعون عن القلة من اللاعبين التي تلجأ إلى العنف وتستسلم للانفعالات والغضب، وتثير المشاكل وتتعرض للجزاءات والعقوبات، سواء من ناديها أو من التحكيم أو من اللوائح الحاكمة في عالم كرة القدم، أي أن محمد صلاح ببساطة يعد نموذجا يحتذى للشباب، وعلى الأخص في إخلاصه للرياضة واعتزازه بمصريته وابتعاده عن الانجراف وراء كل أشكال التطرف أو التعصب، أو الفرز السياسي أو الديني، لذلك أشفقت عليه من بدء تسلل نعرة إعلامية تربط بين نجاحه ودينه الإسلامي، نعرة ترجع إنجازاته إليى الإسلام وترى في رفع يديه إلى السماء وسجوده على أرض الملعب عقب إحرازه هدفا ظاهرة إسلامية، وتصور أن ولع الجماهير به وتشجيعها الهستيري له بات لا ينفصل عن كونه الفتى المسلم الفريد الذي تتغني الجموع به، ويعتنق الكثيرون دين السلام بفضله، وكأن محمد صلاح هو ظاهرة غير مسبوقة في عالم كرة القدم وظاهرة لن تتكرر إلا لأنها مرتبطة بالإسلام، وكأن محمد صلاح يخلو أداؤه وكفاحه على المستطيل الأخضر من محاولات غير موفقة أو أهداف ضائعة، وكأن سائر اللاعبين المحترفين في جميع فرق كرة القدم العالمية لا يمتلكون مواهب فذة ولا يسجلون أهدافا ولا يرفعون أياديهم إلى السماء، ولا يسجدون على الأرض ولا يرسم بعضهم علامة الصليب ولا يتحلون بأخلاق رفيعة تفرضها القيم والمثل التي يتحلون بها علاوة على قيود اللوائح الصارمة التي تكبلهم وتكبح جماح انفلاتهم في عالم الاحتراف.
إنه أمر مرعب حقا أن ينزع الإعلام إلى ضخ صورة دينية عنصرية ويلصقها بمحمد صلاح في عقول محبيه ومشجعيه. أمر خطير أن يتخلى البعض عن الوسطية والاعتدال ليرسم صورة يعيشها تضفي مدلولات مقحمة على الرياضة ومصطفية الإسلام وحده بكل نجاح أو تميز أو إنجاز فذ».
مجلة الوعي العربي