
20/3/2018
أرجو أن يتسع صدر القارئ العزيز ويسمح لى بعرض بعض النقاط التى أراها لازمة لأختم بها هذا الفصل ، وأوجزها فيما يلى :
1- إن القوات المسلحة المصرية لم تذهب إلى اليمن غازية أو معتدية ولكنها ذهبت متطوعة لتقف إلى جوار إخوة ثاروا ليعدلوا عجلة التاريخ التى سارت عكس الزمن هناك، وكانت بوجودها على أرض اليمن سببا فى إنقاذ آلاف الأبرياء الذين كانوا سينكل بهم لو لم تنجح ثورتهم، وفى هذا فإن التاريخ كان سوف لا يرحم أو يغفر لها لولم تفعل ذلك . لذلك فإنه سيظل الشعب اليمنى يكن لمصر وثورتها وشعبها العظيم رغم اختلاف الحكام كل الحب والتقدير ؛ والسبب فى هذا يعود إلى أن مصر لم يكن لها مطامع فى اليمن، وكان هدفها الوحيد هو دعم الشعب اليمنى، وتأكيد رغبته فى القضاء على التخلف، وأن يعيش حياة حضارية كأى شعب آخر .
كما أن الحرب فى اليمن لم تكن – بأى حال من الأحوال – نزهة بل لقد حاربت القوات المسلحة المصرية حربا قاسية، وعلى بعد آلاف الكيلومترات وسط جبال وصحار ووديان لم تكن تدرى عنها شىء، وحاربت هذه القوات حربا نظامية وغير نظامية فى مقابل قوات مرتزقة ذات تدريب عال جدا ومسلحة بأرقى وأحدث أنواع الأسلحة، ولم يجبن أو يستسلم جندى مصرى واحد، ونجحت القوات المسلحة المصرية فى تنفيذ مهمتها، وقامت الجمهورية اليمنية وسقطت الإمامة وطردت الاستعمار البريطانى، وتوحد شطرى اليمن، وأصبح الأمن القومى العربى محقق بامتلاك مداخل البحر الأحمر جنوبا فى باب المندب؛ مما ترتب عليه تحييد كل القواعد والمشاريع الإستراتيجية الإسرائيلية فى المنطقة، وأصبح البحر الأحمر بحيرة عربية خالصة .
2- لم يتعدى مجموع القوات المسلحة فى اليمن أكثر من ستين ألف جندى أى أقل من عشر القوات المسلحة المصرية؛ علاوة على أن الأسلحة الأساسية والمعدات الثقيلة والقوات الجوية لم تشارك إلا بقدر محدود، وكانت المعارك الجوية تتم من القاهرة، وبالذات من قاعدة غرب القاهرة، ولم يكن يتواجد فى اليمن إلا عدد قليل من الطائرات الهيلوكبتر، وطائرة مواصلات إليوشن 14 كانت تتمركز فى مطار الحديدة، وبقيت كل القوات الرئيسية على أرض مصر .
3- ذهبت القوات المسلحة المصرية إلى اليمن وهى تحمل تناقضات المؤسسة العسكرية ، وبالرغم من ذلك فقد حملت الغالبية العظمى عبء الحرب ومسئولياتها، وهؤلاء لم يتقهقر أو يستسلم منهم واحد؛ بل روت أرض اليمن بدم طاهر، وسطروا ملاحم وبطولات سوف تظل مشرفة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى .
4- لم تكن حرب اليمن أو خسائرها مسئولة – بأى صورة من قريب أو بعيد – عن نكسة1967، فهذه القوات لم تحارب قط ، وانتهت المعركة قبل أن تبدأ ، ولقد كشفت الوثائق وما زالت حتى اليوم تكشف الكثير عن حقائق ما حدث فى1967 من أن مصر كانت ضحية مؤامرة وفخ شارك فيه قوى كثيرة ، وهذا موضوع تناولته تفصيلا فى فصلين آخرين من شهادتى .
5- لقد تميزت حرب اليمن بأنها لم يشبها حادث واحد مخل بالشرف العسكرى أو يتنافى مع التقاليد أو القيم العسكرية .
6- تنازل الاتحاد السوفيتى عن ثمن كل الأسلحة التى استخدمت فى حرب اليمن.
7- امتدت آثار حرب اليمن إلى كل دويلات شبه الجزيرة العربية بدرجات متفاوتة؛ وتم فعلا تغيير اانظام فى سلطنة عمان ، كما قامت دولة جديدة هى دولة الإمارات العربية المتحدة .
8- ومن المضحكات المبكيات أيضا اتهام آخر ظاهره برىء وباطنه خال من كل رحمة أو حسن النية؛ فقد قالوا بأن حرب اليمن قد عطلت مشاريع التنمية وبددت أموال مصر ! !
لقد استطاعت مصر وهى تحارب فى اليمن، وتساند الجزائر، وتقوم بكل مسئولياتها نحو جميع حركات التحرر العربية والإفريقية ، استطاعت مصر مع كل هذا أن تحقق بنجاح أول وأهم خطة خمسية فى تاريخها؛ تلك الخطة التى شهدت لها كل المنظمات الدولية وعلى رأسها البنك الدولى الذى أصدر تقريره رقم A870”” بتاريخ 5يناير1976 وجاء فيه أن :”
مصر حققت تنمية قدرها 6ر6% وأوصى التقرير باتخاذها نموذجا “. كما كان نجاح هذه الخطة مثار قلق الولايات المتحدة الأمريكية التى قررت تشديد الحصار الإقتصادى على مصر حتى لا تحقق الخطة الثانية نجاحا أكبر، وذلك بالرغم من التقرير الذى قدمه جون بادو سفير الولايات المتحدة فى القاهرة، والذى أشاد فيه بالخطوات التى تتبعها القاهرة من أجل التنمية فيها . لقد استطاعت مصر وهى تحارب فى اليمن أن تتم بناء السد العالى.
ولا ينفى كل ما قلته من أن الثورة مبرأة من الخطأ؛ لأن طبيعة الأشياء فى التجارب الإنسانية هى أنه عند هدم القديم وإقامة الجديد فلابد أن تكون هناك أخطاء وعثرات بل ضحايا وخطايا أيضا ، والمهم هو أن الحساب الختامى لثورتى مصر واليمن يصب فى خانة الإيجاب ولن تعود عقارب الزمن للوراء .
والسؤال الملحّ هو هل استنزفت ثورة اليمن الاقتصاد المصرى ؟
يتشدق من يدعون العلم ببواطن الأمور – وهم لا يعلمون منها شئ – بأن حرب اليمن استنزفت موارد مصر الاقتصادية، فهل يعقل أن يقدم نظام حاكم فى دولة تتطلع إلى النمو والبناء على إهدار مورادة الاقتصادية هكذا هباء !!
وهذا نص ما جاء فى محضر اجتماع الرئيس جمال عبد الناصر بمجلس الوزراء فى القصر الجمهورى بالقبة فى الساعة السابعة والربع من يوم الخميس المواقف 19أكتوبر سنة 1961
ـ وهو أول اجتماع ينعقد بعد عملية الانفصال بين مصر وسوريا ـ حيث جاء فى الصفحات 36 و37 من المحضر الرسمى ما يوضح السياسة التى كان ينتهجها الرئيس جمال عبد الناصر فى دعمه المادى لدول العربية والأفريقية، وما يؤكد أن تلك السياسة كان الغرض الأول منها هو فى المقام الأول المصلحة المصرية ، ونصه الآتى :
” د. عبد المنعم القيسونى :
بخصوص النقطة التى أشار إليها الأخ فتحى الشرقاوى وهى الخاصة بمدى التعاون مع الدول العربية ـ خصوصا فى هذه الظروف ـ أخشى أن الظروف التى نمر بها والمرارة التى فى نفوسنا قد تجعلنا نتراجع فى هذا الخط، وخاصة مع سوريا ، وأعتقد من الناحية الاقتصادية أننا إذا حققنا التعاون فى النواحى الاقتصادية فإن ذلك يشمل نواحى كثيرة . وهناك اتجاه فى سوريا بأن يعيدوا التعريفة الجمركية ، ويعاملوا البضائع المصرية على أنها بضائع أجنبية حتى لا تتمتع بالتعريفة الممنوحة للدول الصديقة ، ومن الجائز أن يكون لهم حجة قانونية فى هذا لعدم وجود اتفاقية جمارك بين البلدين ، ولكنى أرجو أن نقابل الموقف بشىء من المرونة لنحافظ على النجاح الذى تحقق فى فترة الوحدة من تنشيط التجارة بين الإقليمين، فنحتفظ بالإجراءات الجمركية وبالتيسيرات الجمركية المختلفة، وعندما تهدأ الأمور لا نواجه بأننا قمنا بهذا الإجراء . وأرجو أن يظل تخفيض الجمارك أو تعفى البضائع السورية من الرسوم الجمركية ، وذلك لتحقيق الهدف الذى نسعى إليه دائما فى الجامعة العربية، وهو إقامة سوق حرة بين الدول العربية لمواجهة التكتلات الاقتصادية الغربية .
الرئيس جمال عبد الناصر :
إن سوريا وحكومتها فى الوضع الحالى لن ترحب بأية خطوة من جانبنا ، كما أنها لن تقوم بأى خطوة للتقارب بين البلدين . من الممكن أن بعض الصناعات قد تأثرت عندنا خصوصا صناعة الحرير ، ومن الممكن أن نسير بما هو موجود عندنا ، ولكن لن نستورد .
كان المجال أمام التاجر السورى أكثر من مجال التاجر المصرى ؛ لأن التاجر السورى كان يعمل لإقليم تعداده 5ر4 مليون نسمة ، أما التاجر المصرى فكان يعمل لإقليم تعداده 26مليون نسمة .
هناك نقطة وهى ظن الناس الخاطئ فى أننا نصرف ملايين الجنيهات فى سبيل التعاون العربى والعمل العربى . . وهذا كلام غير حقيقى فإن ما كنا نعطيه لسوريا سنويا هو مبلغ 5ر2 مليون جنيه فقط .
د. عبد المنعم القيسونى :
سوريا مدينة لنا بمبلغ 9 مليون جنيه، وإذا أضفنا على هذا مبلغ الإعانة فتكون مدينة بمبلغ 13 مليون جنيه .
الرئيس جمال عبد الناصر :
العملية لم تكن تفريغ خزائن مصر فى سوريا ، كل ما أخذته سوريا هو مبلغ 13 مليون جنيه .
وبالنسبة للعلاقات الإفريقية لم نعط معونات أو ” بقشيش ” للدول الإفريقية، لقد أعطينا قروض لبعض هذه الدول مثل الصومال وغينيا ومالى ، وهذه القروض تعطى لهذه الدول لكى تستطيع أن ننافس أمريكا وإنجلترا وفرنسا فى أسواقها التجارية ، وتعتبر مجالا لفتح أسواق تجارية فى هذه البلاد، وأننا ننتج سلعا لابد من تصديرها . . وإذا أعطينا قروض لهذه الدول تسدد فى مدة خمسة أو ستة سنوات بفائدة بسيطة . . إذن العملية هى فتح أسواق لنا فى هذه الدول . . فلو قمنا بإعطاء مصنوعات مجانية عربية لبعض هذه الدول كمنحة فشأننا فى ذلك شأن أية شركة تمنح مصنوعات ها كعينة فتح سوق جديدة ، فماذا يضيرنا لو منحنا إحدى هذه الدول مثلا 2000 بندقية وثمن لبندقية الواحدة عشرة جنيهات فيكون ثمنها 20000 ألف جنيه . . إن شركة مثل شركة كروب تمنح هدايا من إنتاجها بهذا المبلغ ، فإذا منحنا بعض طائرات التدريب التى يبلغ ثمن الواحدة منها 2500 جنيه أو بعض الذخيرة كما حدث عندما طلب رئيس جمهورية الصومال أن نمده ببعض الطلقات النارية؛ لأن الموجود منها عندهم قد نفذ ، فأجبته إلى طلبه ؛ فنحن اليوم فى حاجة إلى تصدير سلعنا الصناعية وإلى فتح أسواق تجارية لنا ، وهذا يستدعى منح بعض إنتاجنا كهدايا أو عينات .
هناك إشاعة تقول بأن نصف أموالنا توزع على الدول العربية والنصف الآخر يوزع على البلاد الإفريقية . . . . هذا كلام لا أساس له من الصحة . إننا نعمل من أجل إقامة سوق عربية مشتركة؛ لأن صناعاتنا هى التى ستروج فى هذه السوق، حيث أننا الدولة الصناعية الوحيدة من بين الدول العربية . . وبالنسبة لإفريقيا فإننا نسعى أيضا إلى إقامة سوق مشترك؛ة لأننا الدولة الوحيدة التى تنتج كل شىء فى إفريقيا .
أما بالنسبة لما نعطيه للجزائر فهو مبلغ مليونى جنيه سنويا ، ولم نستطع تحويلها لهم بالدولار أو بالإسترلينى، وقلنا لهم نعطيها لكم أسلحة وبضائع ، وهذا المبلغ لم يأخذوه .
كل الكلام الذى يقال الغرض منه إشعار الناس أن أموالهم تضيع هباء . . وهذا غير حقيقى . “
( انتهى نص ما جاء فى المحضر )
إن التكلفة المالية لحرب اليمن من سنة 1962 حتى سنة 1967 لم تتعدى 500 مليون جنيه ، والمساعدات التى حصلت عليها مصر فى قمة الخرطوم كانت اكثر من ذلك، والمساعدات التى حصلت عليها مصر بعد حرب1973 تجاوزت الألف مليون جنيه .
وخلال الفترة من 62/67 التى كانت فيها حرب اليمن مشتعلة استطاعت مصر أن تحقق بنجاح غير عادى أهم خطة للبناء والتنمية فى العالم الثالث كله، وأشار البنك الدولى فى تقريره رقم “870 “ ِA” الصادر فى واشنطن بتاريخ 5يناير1976 الجزء الخاص بمصر أن نسبة النمو الإقتصادى كانت 2ر6% سنويا بالأسعار الثابتة الحقيقية ، ارتفعت فى الفترة من 1960 حتى1965 إلى معدل 6.6% فى حين كان أعلى معدل للنمو فى بلدان العالم الثالث قاطبة؛ ومن بينها الصين والهند لا يتعدى 5ر2% . وهذا يعنى أن مصر استطاعت خلال عشر سنوات أن تحقق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة عن عام 1952 .
وأخيرا وبمناسبة الحديث عن ما تحملته مصر الثورة ـ وهو من وجهة نظرى ليس تحمّل بل واجب يفرضه التزامها بمساندة أى حركة تحرر ـ أن أتعرض لما قيل ويقال من أن مصر تلاعبت برصيد الذهب أو بعثرت أموال الشعب فى سبيل مغامرات ! .
وهى قضية مثيرة للجدل وأخذت حيز من الإثارة دون ما سند من الحقيقة ، وأجد نفسى مطالب بإلقاء مزيد من الضوء والتوضيح إظهارا للحق ولوضع القضية فى حجمها الصحيح دون ما زيادة أو نقصان .
وفى هذا الصدد فإننى لا أجد أيضا أبلغ مما قرره السيد حسن عباس زكى وزير الخزانة والاقتصاد السابق الذى أكد فى محاضرة ألقاها بعنوان “الإسلام والعقل ” ونشرت عنها جريدة الأهرام بتاريخ 16/11/1998 جاء فيها :
” أكد حسن عباس زكى أن احتياطى الذهب فى مصر قبل الثورة لم يمس ، وأنه مازال موجودا حتى الآن فى البنك المركزى ، وان الثورة لم تستخدم هذا الرصيد فى تمويل صفقات السلاح أو مساعدة الثورات فى اليمن أو الدول الإفريقية وبرهن على صحة ذلك بقوله :
” إن الدولة فى عهد عبد الناصر كانت تعتمد على سياسة إحلال الصادرات محل الواردات، كما كان يتم استيراد السلاح والمعدات الصناعية مقابل الصادرات المصرية من القطن والمنسوجات والبترول عبر نظام “الصفقات المتكافئة ” مع دول الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتى السابق . وهذا الأمر ساعد الدولة فى الاعتماد على مواردها الذاتية دون الاضطرار إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجى إلا فى أضيق الحدود ، فلم يتجاوز حجم ديون مصر الخارجية فى تلك الحقبة مبلغ أربعمائة مليون دولار فقط . كذلك ساعدت هذه السياسة على عدم وجود عجز فى الموازنة .
وبفضل هذا الاحتياطى من الذهب كان سعر الجنيه المصرى وقتئذ يعادل أكثر من ثلاثة دولارات أمريكية ، ووصل معدل النمو الإقتصادى خلال فترة الستينات إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى حيث بلغ أكثر من 6% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو معدل لم تشهده البلاد سواء قبل الثورة أو حتى خلال الفترات اللاحقة لها .
وقال إنه من السذاجة أن يعتقد البعض أو يدعى أن الثورة استخدمت هذا الرصيد فى تمويل الثورات فى اليمن أو الدول الإفريقية ، وأن أى مزايد عليه أن يذهب بنفسه إلى البنك المركزى ليسأل ويتأكد . “
إن الذين أذلوا الشعب ونهبوا أمواله فى بطونهم ، والذين كانوا يبرطعون فى عشرات الألوف من الأفدنة والعزب والقصور والضياع ، وتركوا الشعب يعانى من الفقر والجهل والمرض ، تحولوا فجأة إلى حماة للشعب مدافعين عن حقوقه !
ولا بأس فنحن فى عالم جديد ، كل شىء فيه مباح ، حتى أن يتحدث الإقطاعيون باسم الفلاحين وعتاة المستغلين باسم العمال والفقراء .
والذين أثاروا شكوكا حول قضية الذهب ، إنما يهدفون من ورائها إلى اتهام ثورة 23 يوليو1952 التى قضت على نفوذهم وسطوتهم وجردتهم من سلطانهم ، بأن الثورة كانت تسير على شاكلتهم فى نهب أموال الشعب .
ورغم أن وزراء الاقتصاد والمالية فى عهد الثورة قد كذبوهم ، إلا أنهم ما زالوا يصرون على أن يصروا على نفس الإدعاء بالمنهج ذاته الذى هاجموا فيه السد العالى ، وجعلوه سببا قى الخراب والزلازل ، وفى نقص الإنتاج ، وأنه آيل للسقوط ! . . وبنفس المنهج الذى هاجموا به تأميم شركة قناة السويس واستردادها من سيطرة الأجانب لتصبح مصرية خالصة تسهم فى الاقتصاد القومى المصرى والعربى، وتفتح بنكا استثماريا يتزايد دخله سنويا وعلى مر الزمن ، وذلك بعد أن حكموا سنوات فى ظل وحماية الاحتلال وبمباركته، وتحت ظل دباباته حتى تفجرت ثورة يوليو، وطردت المحتل وأجلته عن أرض الكنانة بعدما كانوا يتحكمون فى صناديق الانتخاب يسوقون إليها الفلاحين لينتخبوا جلاديهم ويزورونها ليكون البرلمان ممثلا للإقطاع ولرأس المال المدعوم والمتعاون مع رأس المال الأجنبى .
عندما قامت ثورة يوليو52 كان العجز فى الميزان التجارى عام 1951 أكثر من 39مليون جنيه ـ بقيمة الجنيه فى ذلك الوقت، وكان أكثر من جنيه إسترلينى ويتعدى الأربعة دولارات أمريكية ـ وكان العجز فى ميزانية آخر حكومة سنة 1951 / 1952 أكثر من 25 مليون جنيه .
وشهود العيان لتلك القضية هم وزراء الاقتصاد والمالية وكبار المسئولين فى البنك المركزى فى تلك الفترة.
فالسيد على نجم محافظ البنك المركزى السابق يقول :
” إن أحدا لا يجرؤ أن يشكك فى ذمم الحكومات المتعاقبة فى عهد الثورة أو الرئيس جمال عبد الناصر وبخاصة فى موضوع الإحتياطيات القومية للذهب .
جاء عام 1964 ولم يكن بخزانة الدولة أى نقد أجنبى . . وكانت البلاد تعتمد فى وارداتها الخارجية من القمح والسلع الغذائية الضرورية الأخرى على الاتحاد السوفيتى الذى كان يوردها بالكامل مقابل صادرات مصرية من القطن والمواد الخام الأولية ، ولكن فى عام 1964 شهد محصول القمح الروسى اضطرابا شديدا نتيجة سوء الأحوال المناخية هناك، ومن ثم لم يستطع الاتحاد السوفيتى أن يورد الكميات المتفق عليها من القمح لمصر فى هذا العام بل إن إنتاجه كاد يكفيه . وقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الموقف لتجويع الشعب المصرى من أجل إسقاط نظام جمال عبد الناصر عدوها اللدود فى منطقة الشرق الأوسط، وزعيم حركة التحرير من الاستعمار داخل دول العالم الثالث ، فمنعت توريد القمح عبر المنح التى كانت تصرفها لمصر فى صورة هذا المحصول الإستراتيجى .
وكان أن اجتمع مجلس الوزراء لمناقشة كيفية تدبير المبالغ اللازمة لشراء القمح فورا قبل وقوع الكارثة ، وفى سخونة المناقشة جاء اقتراح من جانب الدكتور عبد المنعم القيسونى ببيع جزء من الذهب قيمته 10ملايين دولار تدفع كعربون لشركات القمح العالمية لتحويل شحنات من القمح تحملها سفن كانت فى عرض البحر إلى ميناء الإسكندرية . واتخذ مجلس الوزراء برئاسة السيد على صبرى القرار وصدق عليه الرئيس جمال عبدالناصرالذى قال :
إن كنوز الدنيا لا تساوى أى شىء أمام تجويع مواطن واحد من هذا الشعب ” .
وفى خريف عام 1964 رافق على نجم سبائك الذهب، وقد حملتها أربعة طائرات نقل خاصة إلى ” بنك التسويات الدولية ” فى بازل بسويسرا ، وكانت هذه السبائك تزن حوالى خمسة عشر طنا، وتمثل أقل من 10% من مخزون الذهب المصرى المخزون منذ عام 1952، وكان وزنه يقدر بنحو 154 طنا، وهو وزن يزيد كثيرا على تقديرات أحد وزراء المالية قبل الثورة .
كل الشهود قبل عام 1970 يقولون إن التصرف فى رصيد الذهب المحفوظ فى خزائن البنك المركزى على هيئة قوالب فى صناديق مغلقة عليها أرقام مسجلة تسجيلا دقيقا فى الداخل والخارج، ولم يزد على الكميات التى بيعت فى عام 1964 لإنقاذ مصر من حرب التجويع الأمريكية ، وقد بيعت هذه الكميات بالأوقية – الأوقية حوالى 7ر31 جراما من الذهب عيار 24 – وكان سعر الأوقية فى ذلك الوقت 35 دولارا .
ويضيف السيد على نجم:
أن العالم لم يعد منذ أكثر من نصف قرن يتعامل بقاعدة الذهب ، وأصبحت قوة العملة فى أى دولة تقاس بقوة الإنتاج وأصول الدولة، وعلى التكنولوجيا التى تمتلكها، والأذون التى بحوزتها، والدائنة للدول الأخرى نظرا لأنه بعد أزمة عام 1929 وفى أعقاب الحرب العالمية الأولى تراجعت غطاءات الذهب من نسبة 100% مقابل الإصدار النقدى من العملة إلى نسب متواضعة تتراوح فى الدول الكبرى ما بين 10% و15% فقط، والباقى أذون خزانة ثم تلاشت واختفت تماما قاعدة الذهب، وبدأ صندوق النقد الدولى يجبر الدول النامية بربط عملاتها الوطنية بعملات الدول الكبرى مثل الإسترلينى فى النصف الأول من القرن الحالى وبالدولار بدءا من النصف الثانى؛ حيث أجبرت مصر للتوقيع على اتفاقية الصندوق عام 1944 لربط عملاتها الوطنية بالدولار باعتباره عملى عالمية .
ويستطرد على نجم قائلا :
أن البنوك التجارية فى مصر لا تفضل التعامل مع الذهب لتخوفها من الخسارة الفادحة حالة انخفاض سعره العالمى كما حدث خلال عام 1997 ، وقد ترتب على هذا الانخفاض الذى وصفه البعض بالانهيار أن خسر تجار الذهب فى مـصـر 40% من قيمة ما يملكون ، وفضلا عن أن البنك المركزى يرى أن البنوك التجارية المصرية ليست لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الذهب عالميا ، حيث توجد فروق فى أسعار الذهب الخام عالميا ما بين 600 و700 دولار فى الكيلو الواحد الذى يقترب سعره من 30ألف جنيه فى العادة ، لقد تراجع سعر أوقية الذهب عالميا إلى 299 دولار فى خريف 1997 مقابل 380 دولار خلال الفترة نفسها فى عام 1996 ، وكان سبب هذا الهبوط الحاد أن سويسرا التى تعيش على الذهب وبنت سمعتها عليه طرحت 54% من إحتياطيها من الذهب فى الأسواق وسارعت روسيا إلى بيع 250 طن من مخزونها للطفو فوق سطح الأزمة الاقتصادية الحادة التى تعرضت لها.
وتقدر أوزان السبائك الذهبية المتداولة فى الأسواق المصرية بحوالى 107 أطنان، وكان الرقم فى عام 1995 لا يزيد على 11 طنا وهو ما يعنى قفزة هائلة فىالاستيراد صاحبتها زيادة أخرى فى التصنيع من 2ر69 طن عام 1996 إلى 2ر122 طن رغم أن الضرائب المفروضة على المشغولات تصل إلى 40% وهى مصدر شكوى لتجار الذهب الذين يعملون فى 20 ألف ورشة ومحل ” .
كما أكد السيد حسن عباس زكى وزير الخزانة والاقتصاد الأسبق مرة أخرى ، فى محاضرة ألقاها فى جمعية الشبان المسلمين ، تمسكه بما سبق وأعلنه من قبل مرارا وهو “أن احتياطى الذهب فى مصر لم يمس إلا فى حدود عشرة ملايين دولار فقط صرفت لشراء القمح حتى لا يجوع الشعب المصرى ، وذلك فى عهد الحكومات المتعاقبة فى حكم الرئيس جمال عبد الناصر ” .
والدكتور سلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق أكد من جانبه ” أن قوة أى عملة وطنية لأى دولة فى العالم حاليا يقاس بمدى قوة اقتصادها ، فقد انتهى عصر ربط غطاء الذهب بالعملة الوطنية وأصبح مجرد نظريات عفى عليها الزمن” .
ويقول الدكتور سلطان أبو على أيضا:
أن احتياطى الذهب حاليا الموجود لدى البنك المركزى 76 طنا فقط ، وقد انخفض عن بداية الثورة والذى كان يقدر ب 155 طن، وهو ما قيمته مليار و350 مليون جنيه ، ومن ثم فإن الفارق 78 طنا يسأل عنها النائب العام باعتباره سلطة التحقيق فى البلاد ، مؤكدا أن الإحتياطيات القومية من عملات النقد الأجنبى والتى تبلغ الآن أكثر من 20 مليارا هى أكثر نفعا للبلاد عن احتياطى الذهب؛ نظرا لأن احتياجاتنا الإستراتيجية من غذاء وسلاح تتطلب عملة أجنبية متوفرة بكثرة وفى أى وقت ” .
أما الدكتور فؤاد هاشم الرئيس السابق لبنك الاستثمار العربى فيؤكد :
” أن نظام الغطاء الذهب انهار منذ الحرب العالمية الأولى ومع أزمة سنة 1929 وحل محله وقتئذ نظام الصرف بالذهب ، بمعنى أن الدولة تحتفظ بغطاء عملتها لدى دولة أخرى تمتلك الذهب بكثرة من خلال أذون وسندات الخزانة ، وكانت بريطانيا العظمى فى ذلك الوقت أكبر الدول امتلاكا للذهب ، لذلك كانت مصر تحتفظ بسندات خزانيه على الحكومة البريطانية، فضلا عن ارتباط العملة الوطنية المصرية بالجنيه الإسترلينى باعتباره عملة عالمية قوية فى ذلك الوقت . ولكن مع تزايد الإصدار النقدى و تدهور قيمة الجنيه الإسترلينى مع أفول الإمبراطورية البريطانية فأصبح لا يوجد فى العالم ذهب يكفى الإصدارات الضخمة والهائلة من العملات المختلفة، ومن ثم اختفى العمل بنظام قاعدة الغطاء الذهب، وأصبحت قوة النقد فى أى دولة تقاس بقدرتها على الإنتاج وحجم الناتج القومى ومن الأصول التى تمتلكها الدولة فى أذون خزانة على الحكومات الأخرى وسندات وأصول إنتاجية وتكنولوجيا ” .
وكما يقولون بأن الحكم على الأفعال يكون من خلال النتائج، تعالوا ننظر ونعدد أهم النتائج التى ترتبت على اتخاذ هذا قرار مناصرة ثورة اليمن :
أولا : خرج الاستعمار من شبه الجزيرة العربية، واستقل الجنوب العربى والخليج العربى كله .
ثانيا : أرخت السيطرة الأجنبية قبضتها على الموارد العربية فى شبه الجزيرة العربية، واتخذت موقف أكثر مرونة مع الأنظمة الوطنية بل سمحت لها بدور متزايد فى توجيه أمور ثرواتها الذاتية .
ثالثا : اضطرت الأنظمة العربية إلى الأخذ بنظم التحديث والتحول إلى دول بما تحمله هذه الكلمة من معنى علمى .
رابعا : تمدينت الخلافات العربية نابذة أسلوب القبائل والعشائر والطوائف، فأصبح هناك الآن حركة جماهير وقضايا مستقبل ومصير واستقلال سياسى، وتحرر اجتماعى، ونضال وحدوى، وموارد تعود إلى أصحابها ، وسيطرة الشعوب على وسائل الإنتاج والتأمينات الاجتماعية والتصنيع وزراعة الصحارى وبناء السدود .
ويحضرنى فى هذا المجال ما قاله الزعيم الخالد جمال عبد الناصر فى 23يوليو64 فى ذكرى ثورة 23يوليو1952 :
” إن كفاح الشعوب لا يتوقف عند غاية ولا يستقر عند نهاية ، إنه طريق بعيد المدى ،مداه الحياة نفسها لابد من جبهة عربية واحدة نجابه بها أعداءنا . إن الشعوب الحية لا تتهاون بعد النصر ، ولا تتراخى .
لسنا من أنصار إنشاء محاور عربية ، ولا نتدخل فى الشئون الداخلية لأى بلد عربى . ونحن مع أى تغيير يزيد من القوى العربية المحتشدة من أجل المعركة ، وضد أى صراع شخصى أو طائفى أو فكرى لا يكون من شأنه أن يضيف إلى المعركة دائما ولا يأخذ منها . إن القوى المعادية للتقدم فى العالم العربى كلها تعادى الوحدة خصوصا بعد أن منحها النضال الثورى والجماهير مضمونا اجتماعيا .
هذه المنجزات الضخمة التاريخية ، وهذا التغيير الجذرى لا يمكن ونحن نقوّم ما يقال عنه التدخل المصرى فى اليمن أو المغامرة المصرية فى اليمن ـ وأنا أختلف مع من ينادى بمثل هذه المقولات وأسمّى التدخل المصرى فى اليمن بعبارة ” الواجب المصرى الوطنى و القومى نحو أمتها العربية ” ـ إلا أن نضع هذه المنجزات فى الحسبان بصرف النظر عن الثمن الذى دفعته مصر ، وأن هؤلاء الذين يقولون ويتقولون على الزعيم جمال عبد الناصر بادعائهم أنه أضاع ثروة مصر فى مغامرات خارجية ، أقول أنها لم تكن أبدا مغامرات .. لم تكن أبدا إلا واجب قومى والتزام قومى ، وأن معدل التنمية فى مصر فى السنوات من 1955 حتى 1965 كان 7ر6% سنويا من واقع إحصائيات وتقارير البنك الدولى، وأن دور مصر يجب أن يكون موجودا فى العالم العربى ، ولقد استطاع الرئيس عبد الناصر أن يمارس هذا الدور بدون التدخل فى شئون الآخرين .
ويحضرنى فى هذا المجال ما قاله الزعيم الخالد جمال عبد الناصر فى 23يوليو64 فى ذكرى ثورة 23يوليو1952 :
” إن كفاح الشعوب لا يتوقف عند غاية ولا يستقر عند نهاية ، إنه طريق بعيد المدى ،مداه الحياة نفسها لابد من جبهة عربية واحدة نجابه بها أعداءنا . إن الشعوب الحية لا تتهاون بعد النصر ، ولا تتراخى .
لسنا من أنصار إنشاء محاور عربية ، ولا نتدخل فى الشئون الداخلية لأى بلد عربى . ونحن مع أى تغيير يزيد من القوى العربية المحتشدة من أجل المعركة ، وضد أى صراع شخصى أو طائفى أو فكرى لا يكون من شأنه أن يضيف إلى المعركة دائما ولا يأخذ منها .
إن القوى المعادية للتقدم فى العالم العربى كلها تعادى الوحدة خصوصا بعد أن منحها النضال الثورى والجماهير مضمونا اجتماعيا .
لقد كانت إسهامات عبد الناصر الجوهرية هى أنه أعاد بعث القومية العربية وواجه الاستعمار . ولابد أن ننظر إلى خريطة العالم العربى قبل جمال عبد الناصر حيث كانت الغالبية العظمى من أقطاره بما فيها مصر ، مستعمرات ، وعندما رحل الرئيس عبد الناصر عن عالمنا هذا كان الاستعمار قد حمل عصاه على كتفيه ورحل .
فبمساندة مصر الثورة المادية والمعنوية تحررت معظم الدول العربية وقامت ثورات تحرير فى العراق وليبيا والسودان واليمن . وعاش الرئيس عبد الناصر تحريرها أعياد وساهم فى الاحتفال ببعضها . والحقيقة أنه لم يشهد التاريخ الحديث فترة تقارب بين الشعب العربى فى جميع أقطاره مثل سنوات عبد الناصر؛ حيث عاشت الوحدة فى وجدانه وكان عبد الناصر يرى أن الخلافات بين الحكومات العربية هى نتيجة الصراع الاجتماعى فى الواقع العربى، وأن وحدة الهدف قائمة عند الشعوب ، كما أن الوحدة لا يمكن أن تتم فرضا، وأن أى حكومة وطنية فى العالم العربى تمثل إرادة شعبها ونضاله فى إطار الإستقلال الوطنى هو خطوة نحو الوحدة لأنها ترفع كل سبب للتناقض بينها وبين الآمال النهائية فى الوحدة ، وأن أى وحدة جزئية تمثل إرادة شعبين عربيين أو أكثر هى خطوة وحدوية متقدمة تقرب من يوم الوحدة الشاملة .
ومن المفارقات الغريبة أن الذين لا يملون من مهاجمة العرب لعدم مساعدتهم مصر، ولا يمدون لها فى أزماتها يد العون هم أنفسهم الذين لا يملون من مهاجمة الرئيس جمال عبد الناصر لأنه دعم العرب، ومد لهم يد المعاونة فى أزماتهم ، وهذا منتهى التناقض فهم يدعون بأن جمال عبد الناصر ورط نفسه فى حرب اليمن ، وهى فى رأيهم حربا لا ناقة لمصر فيها ولا جمل، وفى نفس الوقت يلومون على العرب فى عدم مد العون من قبلهم إلى مصر ..
فكيف تستحلون لمصر العربية ما تنكروه أنتم على باقى الدول العربية، أفهم أن يقول هؤلاء أن على مصر والدول العربية أن يتكاملوا وظيفيا من أجل اكتمال منظومة العمل العربية، كل يعطى للآخر ليكمله من أجل تحقيق الهدف الأكبر؛ وهو تحرير الشعوب والارادات، أما من يقول ما لنا نحن بهموم العرب ومشاكلهم، فهو فى ظنى كمن يسير وهو ينظر تحت قدميه، ولا ينظر أمامه ولابد له أن يقع ، فوجود العرب كجزر منفصلة هو ما سبب وسيسبب لهم مزيد من الضعف والخنوع، ولن يعود ذلك بالسلب على دولة أو عدة دول بالسلب – كما يتوهم البعض – لا .. بل سيعود على الجميع بالسلب، وتأكيدا لقولى هذا ، وللنظرة الإستراتيجية الشاملة بعيدة المدى للمشروع القومى للرئيس جمال عبد الناصر نشهد منذ السنوات الأخيرة للقرن العشرين حركات متعددة فى مختلف مناطق العالم نحو التكتل والوحدة؛ فقيام الإتحاد الأوروبى مثل واضح ؛ حيث تحملت الدول الكبرى مثل فرنسا وألمانيا عبء قيام الاتحاد، وتحملت معها الدول الأوروبية الغنية عبء النهوض باقتصاديات الدول الأوروبية الأقل نموا، والسؤال هنا لماذا تحملت هذه الدول الغنية عبء النهوض باقتصاديات الدول الأقل نموا ؟!! أوجه سؤالى لمن يرى أن الرئيس جمال عبد الناصر أخطأ خطأ جسيما بمساعدته ثورة اليمن. أترك لهم الاجابة فهى واضحة لكل من يعرف أ – ب سياسة .
وباختصار فإن وقوف مصر بجانب الثورة فى اليمن كان من أجل انتصار لحق الشعوب فى تحديد مصيرها، وهى معركة من معارك الصراع المتصل والمستمر، والذى لن ينتهى بين الحركة الوطنية العربية وبين قوى السيطرة العالمية، ولولا مواقف مصر الثورة ومساعداتها لكافة حركات التحرر ما كانت مصر هى الشقيقة الكبرى ولا رمز العزة والتحرر، فمكانة مصر على المستوى الدولى والعربى والأفريقى سطرها دم شهدائها فى فلسطين، والجزائر ، واليمن ، وسيناء ، كما أن دور مصر العربى لم يوجده جمال عبد الناصر من عدم ؛ فدور مصر العربى معروف ومشهود به من قبل ذلك بكثير جدا، ومن ينكر ذلك الدور على مصر فهو لايدرك مكانتها والدور المقدر عليها لكونها مصر .