انتصار أكتوبر فى الوثائق الإسرائيلية
الوزراء فى إجازة وجولدا مائير تجتمع بـ3 فقط يوم 6 أكتوبر
وزير الدفاع ديان: المصريون لديهم أقوى منظومة صواريخ فى العالم..وسلاح المشاة الأهم فى المعركة
عندما أيقظوا جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل فجر السادس من أكتوبر ليخبروها أنه أصبح فى حكم المؤكد وقوع هجوم مصرى سورى فى الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، دعت على الفور لاجتماع مجلس الوزراء،رئيسة الوزراء تسافر سراً إلى واشنطن لطلب النجدة من نيكسون
أشرف مروان يستدعى رئيس الموساد إلى لندن طبقا لخطة الخداع الاستراتيجية
لكنها لم تجد سوى ثلاثة وزراء فقط من مجموع ثمانية عشر وزيرا، فمعظم الوزراء انصرفوا مساء يوم الخامس من أكتوبر إلى مزارعهم ومدن إقامتهم لقضاء إجازة عيد الغفران مع عائلاتهم بعد أن اطمأنوا إلى استبعاد احتمال هجوم مؤكد على تل أبيب.
هذا ما تقوله الوثائق الإسرائيلية التى تم الإفراج عنها بعد مرور 40 عاما على حرب أكتوبر، والتى قام بترجمتها عشرة من الباحثين المصريين تحت إشراف الدكتور إبراهيم البحراوى.
…………………………………………………..
وأثناء الاجتماع الذى دعت إليه مائير كان المسئولون الإسرائيليون حيرى لا يعرفون ما الذى يحدث بالضبط، حيث قال وزير الدفاع موشى ديان ان الولايات المتحدة أعلنت أنها لا ترى أن هناك تأهب للحرب، بل إنهم لا يعرفون تفسيرا لترحيل عائلات الروس من مصر وسوريا، بينما قال رئيس المخابرات كما ذكرت الوثائق التى أصدرها المركز القومى للترجمة أنهم جاهزون تكتيكيا وعمليا للحرب، وفقا للخطة التى نعلمها، كل شىء جاهز، ولكن هم يعلمون أنهم سيخسرون الحرب والسادات فى وضع لا يضطره لذلك، كما أنه يعلم أن ميزان القوى لم يتحسن.
وسألت مائير: لقد سبق له أن صدر تواريخ وأصدر تصريحات، هل الأمر مختلف هذه المرة؟
ورد رئيس المخابرات: الأمر لم يصدر بعد، وربما يتراجع فى اللحظات الأخيرة، وفى مقدورنا أن نؤثر فيما ينوى الإقدام عليه.
وسأل جاليلى وزير الدولة للإعلام: كيف يمكن التأثير فيه؟
رد رئيس المخابرات: أولا بإعلان التعبئة، ثانيا: لو استعنا بالأمريكيين، وأبلغناه عن طريقهم أننا نعلم أنك تنوى الهجوم، ونحن نحذرك من ذلك، نحن فى الانتظار، فلم تعد تملك عنصر المفاجأة، ومن الآن وحتى المساء، قد يؤتى التحذير ثماره.
رئيس الأركان دافيد إلعازار أشار إلى برقية عميل تسفى زامير رئيس الموساد «يقصد أشرف مروان» قائلا: البرقية محل ثقة، بالنسبة إلينا هذا تحذير مقتضب جدا، لو هاجموا خلال عشر ساعات فنحن متأهبون لأقصى درجة فى الجيش النظامى، ونحن فى حاجة إلى 24 ساعة على الأقل لاستدعاء الاحتياط.
وقال الوزير جاليلى: يقول عميل الموساد إنه يمكن إجهاض الحرب عن طريق تسريب معلومات عنها، وطالب وزير الدفاع بإعلان تعبئة الاحتياط.
وردت مائير: إننى أفكر فى الأمر وتأثيره على الوضع الاقتصادى غدا، لو نشبت الحرب بالفعل.
وفى الساعة 9.20 اختتم وزير الدفاع المناقشة بتكليف رئيس الأركان بإعلان التعبئة العامة.
وبعد أن تم استدعاء الوزراء من إجازاتهم، اجتمع مجلس الوزراء مكتملا فى الساعة الثانية عشرة ظهرا، وبينما كانوا يناقشون احتمال وقوع الحرب فى المساء، تم إبلاغهم أن الحرب قامت بالفعل.
وتكشف الوثائق أنه فى جلسة مشاورات اليوم الثانى للحرب بمكتب رئيسة الوزراء، قالت مائير: يجب أن نبلغ كيسنجر أن الأوضاع سيئة.
وقال إسحاق رابين: لقد عبر المصريون، وأصبحوا يسيطرون بقوات المشاة وأسلحتهم المضادة للدبابات على طول خط القناة بنقاطه الحصينة.
وفى جلسة مشاورات مساء نفس اليوم حضر وزير الدفاع وقال: إننى لم أقدر جيدا قوة العدو، ولا قدرته القتالية، بينما بالغت فى تمجيد قواتنا وقدرتها على الصمود، إنهم يقاتلون بشكل أفضل ويصيبون دباباتنا بأسلحة خاصة، وتكبدنا مئات الخسائر فى الأرواح، و1000 ماسورة مدفع مكنت الدبابات من العبور، وحالوا دون اقترابنا.
الفكرة المجنونة
فى اليوم الثالث للحرب 8 أكتوبر قال تسفى زامير ـ ونحن مازلنا ننقل من اجتماعات مجلس الوزراء ـ المصريون يجلسون على خط حصون بارليف، ويطلقون النار.. وإذا ظللنا مصرين على الاقتتال من أجل الوصول إلى القناة سيصبح الوضع صعبا.
وفى اجتماع 9 أكتوبر قال موشى ديان: ليست لدينا فرصة جيدة للعبور، ومن الأفضل ليس فقط ألا نعبر، بل أيضا ألا نقترب لنطيح بالمصريين، سوف نزهق الارواح ولن نغير من الأمر شيئا، كل النقاط الحصينة واقعة تحت الحصار، لم يتبق حصن واحد غير محاصر، يستحيل الانتقال بالدبابات إلى النقاط الحصينة، لقد حاول بيرن مرتين الوصول للقناة، ولم يحالفه التوفيق، وفقد 50 دبابة بكل أطقمها، ولا يوجد حل لتغيير الوضع بشكل جذرى، وأشار إلى اقتراح إريال شارون بأن يعبر بنفسه القناة باستخدام كوبرى، وقال هذا الاقتراح يحتاج إحضار كوبرى خاص بنا وهذا أمر بطىء وثقيل ومحل شك.
وسألت مائير: أين يريد أن يعبر؟
ورد وزير الدفاع: بالقرب من القنطرة ولن يتغير الوضع بشكل جذرى، مشيرا فى وضع آخر إلى أن سلاح المشاة يؤدى الدور الأهم فى الحرب المصرية.
وقالت مائير: عندما يكون شارون فى الجانب الآخر، ألن يكون فى مأزق؟
أجاب الجنرال دافيد العازار: فى ظروف معينة يلى، وفى ظروف أخرى لا، الوضع اليوم غير مناسبا، من الممكن أن يكون مناسب الخميس أو الجمعة، كان هذا الاجتماع الاثنين.
وخلال هذا الاجتماع طرحت مائير ما وصفته بالفكرة المجنونة، قالت: ما رأيكم لو بشكل سرى أسافر أنا ورجل عسكرى مناسب إلى واشنطن لمدة 24 ساعة لإطلاع الرئيس نيكسون على خطورة الأوضاع، وليعلم أن الروس أعطوهم أكثر مما عندنا، إن حياة الناس صارت مهدرة بسبب الأسلحة السوفييتية.
سأقول له: يجب أن تستمر معنا وتعمل من أجلنا.
وقال الوزير جاليلى: إنهم لا يرون الوضع.
وقالت مائير: يجب أن توضح الموقف لا داعى منطقى لأن يدمرونا.
ورد وزير الدفاع ديان: جولدا! لن يدمرونا.
ردت مائير: فلنقل لن يدمرونا، ولكن هذا سيجلب الكوارث.
ديان: الروس يغدقون عليهم العتاد.
مائير: هذا ما أود أن أطلعه عليه، أريد أن أسأل إن كان هذا جنونا مطلقا؟
ديان: نعم، لكن ينبغى فعل ذلك.
مائير: سأسافر متنكرة تماما بشكل سرى، ولن يعلموا، وليأت معى شخص عسكرى: الجنود مصريون، ولكن الروس جهزوهم لمدة ست سنوات.
ديان: المصريون لديهم أقوى منظومة صواريخ فى العالم، ولا مثيل لها حتى فى موسكو.
مائير: سأسافر دون علم الحكومة، فالسرية هنا مصيرية، كيف سنفعل ذلك؟ هذا ما سنبحثه.
وانتهى الاجتماع، ووزير الدفاع يريد مصارحة الشعب بالوضع الصعب، ويفكر فى استدعاء الكنيست، بينما رئيس الأركان يقول لا أعرف ما الذى ينبغى أن يقال لليهود فى الحرب، فى الحوادث يقولون الحقيقة، أما فى الحروب فلا ينبغى أن نقول كل الحقيقة.
وقالت مائير: فيما يخص الاقتراح الجنونى، أستحلفكم بالله أن يظل الأمر سرا بيننا.
هذا تقريبا أبرز ما جاء فى محاضر اجتماعات المجموعة الوزارية لإدار ة الحرب بين يومى 6 و9 أكتوبر 1973.. وهى المجموعة الأولى من الوثائق التى أفرجت عنها الحكومة الإسرائيلية عام 2013 فى الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر.
أما المجموعة الثانية للوثائق فتضم شهادات المسئولين والسياسيين والعسكريين والقادة الميدانيين أمام لجنة «أجرانات» التى تشكلت بعد الحرب للتحقيق فى أسباب التقصير الذى أدى إلى الهزيمة وتحديد المسئولين عنه.
وكان التحقيق الذى جاء فى 292 من الوثائق مع موشى ديان وزير الدفاع مثلا يدور حول سئؤالين يتم طرحهما على الجميع.. الأول: المعلومات التى توافرت لديك منذ يوم 13/9/1973 عندما أسقطنا الطائرة السورية، حول مساعى العدو ونواياه لشن الحرب، وكذلك تقديرات الموقف، والقرارات التى اتخذت فى هذا الشأن.. الثانى: هو استعداد الجيش الإسرائيلى والخطوات التى اتخذت فى هذا الشأن منذ يوم 13/9/1973 حتى يوم 6/10/1973 بشكل عام، خلافا لتقديرات الموقف طبقا للخطط العامة التى كانت لدى الجيش الإسرائيلى.
وكان من إجابة ديان: أنه يأخذ معلوماته من الاستخبارات العسكرية والمخابرات، وقد اعتقدت الاستخبارات العسكرية والموساد على حد سواء أنه لن تقع حرب، وأن المصريين حتى اليومين الآخرين والسوريين لا يتجهون لشن حرب، واعتقد الأمريكيون فى فترة معينة أن المصريين يتأهبون لحرب، لكنهم تراجعوا عن ذلك وقالوا أن ما يحدث فى مصر تدريبا عسكريا وليس استعدادا لحرب حقيقية.
كما يدور حديث طويل حول العميل الهام الذى التقاه رئيس الموساد مساء الجمعة فى لندن وحذر من وقوع الحرب، ، ولكن تم حذف اسمه، فرغم مرور أربعين عاما على الحرب لحظة الإفراج عن هذه الوثائق لم تأت، إلا أن لدى إسرائيل ما تخفيه من أسرار وتخشى أن يؤثر على أمنها القومى حتى هذه اللحظة.
وسأل المحقق ديان: منذ شهر يوليو كانت هناك إنذارات بالحرب؟
أجاب: أعتقد أنه بشكل أساسى بدءا من أبريل شعرت أنهم ذاهبون للحرب، فى مثل هذا التاريخ أو تاريخ آخر، التواريخ كانت غير مستقرة، ومن حين لآخر حددوا تواريخ لم تحدث، وحتى صباح يوم الحرب لم أكن متأكدا أنه هو اليوم المقصود بالحرب حقا.
وفى موضع آخر يقول ديان إن رئيس المخابرات العسكرية عنده معضلة فى فهم رسالة العميل يوم 5 أكتوبر، وفهم نوعية هذه المناورة، هل هذه مناورة أم لا؟، هل هى مناورة قيادة أم مناورة فنية أم مناورة من هذا النوع أم ذاك؟، وقد قال مرتين أن لديه تساؤلات حول نوعية هذه المناورة وليس هل هذه مناورة أم لا، وعدد المناورات المختلفة التى لا يمكنه التعرف عليها لكى يقرر أى نوع تلك التى جرت يوم 5 أكتوبر.
خداع أشرف مروان
وتكشف الوثائق أن أشرف مروان خدع الإسرائيليين بمواعيد عديدة للحرب فى إبريل ومايو وأول أكتوبر، وكانت ضربته الكبيرة عندما استدعى رئيس الموساد ليلة السادس من أكتوبر للقاء فى لندن ليقول له إن ميعاد الحرب هو مساء الغد وليس ظهرا كما هو معروف.
ويؤكد الدكتور إبراهيم البحراوى أن مروان كان طعما مخابرتيا مصريا حركه الرئيس السادات لتنويم القيادات الإسرائيلية وشل حركتها، استطاع إقناع تل أبيب بأن مصر لن تتخذ قرارا بالحرب إلى أن تحصل على طائرات تهدد العمق الإسرائيلى.
ويضيف ـ البحراوى ـ طبقا لمذكرات الجنرال إلياهو زعيرا رئيس شعبة المخابرات العسكرية، أن مروان الذى كان سكرتيرا للرئيس أبلغ الموساد فى يونيو 1973 أن السادات قرر تأجيل الهجوم إلى نهاية العام، وأنه تعمد التأخير في ابلاغهم ميعاد الحرب حتى آخر وقت ليلة الهجوم بعد فوات الأوان.
الأشياء غير منطقية
وتذكر الوثائق ان جولدا مائير رئيس الوزراء قالت أمام لجنة أجرنات: إن المخابرات العسكرية فسرت رفع الاستعداد فى الجيش المصرى بأنه نتيجة تخوف من شن عملية إسرائيلية، وعندما زاد التأهب فى الأيام الأخيرة فإن ذلك كان بهدف امتصاص الهجوم المتوقع، وذكرت ذلك نشرة المخابرات العسكرية عندما كنت متوجهة إلى ستراسبورج يوم 30 سبتمبر.
وعندما عدت مساء الثلاثاء الثانى من أكتوبر قابلنى وزير الدفاع فى ركن ما بالمطار، وطلب عقد لقاء لأنه يريد أن يبلغ عن تطورات على الجبهات، فحددنا اليوم التالى الأربعاء.
نلاحظ أن المحقق كان يخرج أحيانا عن النص قائلا لمائير كل الاسئلة، اليوم «شطارة» بعد فوات الأوان أكثر من كونها أسئلة.
وفى تبريرها لما حدث تقول جولدا : السادات أقل من ناصر فى كل شىء، ورغم ذلك أصبح يتخذ كل القرارات وحده، وكل شىء مركز فى يده الآن، فهو قرر طرد الروس من مصر، ولم يكن هذا منطقيا جدا، لكن ذات صباح يوم صاف، قام ولم يسأل أحد، وقال للمستشارين الروس: عودوا إلى بلدكم؟، يخيل إلىّ أننا مضطرون إلى أن نكون مستعدين لأشياء غير منطقية، ولكن دون أن نصاب بذعر، نحن لا نعيش من أمس فى هذه البيئة، والجيران هم أيضا هكذا لا يفعلون دائما أشياء منطقية، هم ليسوا دائما منطقيين، لكن هل هذا مهم أن حربا تندلع لكونها منطقية أو غير منطقية، لكنها تكون حربا بعد أن تندلع، ثم يكون لها بعد ذلك منطقها الخاص بها.
سألها القاضى جرانات: نحن لا نعرف لماذا لم تحدث الحرب فى مايو؟
أجابت مائير: منذ مبادرة روجرز ووقف إطلاق النار كانت للسادات تواريخ مختلفة، نهاية السنة، هذه سنة الحسم، بعد ذلك قال سيحدث فى مارس ، كنا معتادين طوال الوقت على أن السادات رجل غير جاد، يلقى بتواريخ ولا يخجل، وبعد ذلك لا يفى، وكان كثيرون يتندرون عليه ويسخرون منه، ويتساءلون كيف يستمر أصلا؟، كيف يمكن للشعب أن يحتمله؟
والمخابرات العسكرية قالت إن ما يحدث تشكيل دفاعى، لكن طبقا للمدرسة السوفييتية فإن ذلك التشكيل يمكن أن يتحول على الفور للهجوم، وبما أننى لم أكن رئيس أركان قط، فإننى لم أعرف ما التشكيل الدفاعى وغير الدفاعى، وذات يوم صاف، جاء الناس، وقالوا أنهم غيروا التشكيل، وأنه هجومى، هم لم يقولوا إنهم ليست لديهم القدرة، فكل شىء معد، وهم قادرون على فعل ذلك، لكن ليس من المنطقى أن يفعلوا.
فى اجتماع يوم الأربعاء 3 أكتوبر لم يكن هناك شىء غير الضغط على الأمريكان ليرسلوا لنا ما هو ضرورى، لكن السبت 6 أكتوبر حضر وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس شعبة المخابرات العسكرية الذى قال إن هناك متغيرا مقلقا وهو مغادرة الأسر الروسية.
ـ هل أبلغكم أيضا بأن رئيس الموساد تلقى معلومة تحذيرية؟
ـ صحيح.. لم أعرف أنه غادر، لكنه تلقى استدعاء عاجلا، وعرفنا أنه غادر لمقابلة مصدر ـ الاسم محذوف ـ
ـ رئيس الموساد سافر فجرا بعد أن استدعاه صديقه على عجل فى شأن تحذيرى.. أريد أن أسألك: هل هو خاضع لك مباشرة، هو تلقى هذه المعلومة ـ بحسب ما تعرف الآن ـ فى منتصف الليل، وتشاور هاتفيا مع رئيس شعبة المخابرات العسكرية، وأجريا كل أنواع الترتيبات، ثم غادر، هل هذا على مايرام أنه لم يبلغك؟
مائير: الحق فى تلك اللحظة غضبت قليلا، لكن الغضب سرعان ما تلاشى، لأن هذا لا يحدث دائما، ومنذ اجتماع الأربعاء لم أكن مطمئنة، لكن لم أعتقد أن فى وسعى أن أتجادل مع مسئول شعبة المخابرات ومع رئيس الأركان.
وفى موضع آخر، تقول مائير: أريد أن أعترف بجرم اقترفته، فى حق هذا المصدر طوال كل السنوات، غير مرة قلت لرئيس الموساد: هل تثق به؟، وبما أننى لست محترفة، فقد كنت أفكر طوال الوقت ربما هذه معلومات مضللة فى كثير من الحالات، لكن مع هذا أخذنا هذه المصادر على محمل الجد.
وتقول عدت إلى البيت يوم الجمعة، عشية يوم الغفران، مطمئنة تماما، كان لدى ضيوف معزمون على وجبة الإفطار، كان أحدهم رئيسا سابقا لشعبة المخابرات العسكرية، وقلت له إن الفارق بينى وبينك، أننى عدت للبيت غير مطمئنة، ولم أستعد الطمأنينة حتى الآن، أنا لا أستطيع منذ الحرب، ولم أستطع إن كانت لدى تقديرات ـ القول أن هذا مذنب، وأنا لاـ من الصعب بالنسبة لى أن أمشى فى هذا الطريق السهل.
وتقول: لقد استثمرنا أموالا طائلة من عام 1967 لضمان أن يكون هناك إنذار مسبق بالحرب، أنشأنا أشياء خرافية لنضمن لأنفسنا إنذار بأقصى قدر ممكن، وطوال الوقت، عندما تحدثنا خلال تلك السنوات، قيل لنا دائما: سيكون لنا إنذار، وهو لم يحدث باستثناء موضوع خروج الروس.
أنا سعيدة بأمر واحد على الأقل، بأننى اتخذت قرارا بشأن التعبئة فى صباح يوم السبت، الخوف دائما أننا إذا أعلنا التعبئة فإنهم يعتقدون أننا ننوى المهاجمة، وعندئذ سيهاجمون، وأنا ربما بعدم الخبرة وعدم المعرفة قلت نعلن التعبئة!.