الرئيسية / أخــبار / ذات يوم.. 11 و 12 و 13 يوليو 1882 ..الخديو توفيق: «فلتحترق الإسكندرية على رأس عرابى ورؤوس أولاد الكلب الفلاحين»

ذات يوم.. 11 و 12 و 13 يوليو 1882 ..الخديو توفيق: «فلتحترق الإسكندرية على رأس عرابى ورؤوس أولاد الكلب الفلاحين»

صورة للإسكندرية بعد قصفها واحتراقها في 11-13 يوليو 1882.

بقلم : سعيد الشحات

الثلاثاء، 11 يوليه 2017 10:00 ص

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 يوليو 1882 ..الخديو توفيق: «فلتحترق الإسكندرية على رأس عرابى ورؤوس أولاد الكلب الفلاحين» الخديو توفيق
 

يكتبها سعيد الشحات

 
يروى الإمام محمد عبده فى مذكراته أن أحد الضباط الذين كانوا فى معية الخديو توفيق سأل الخديو: «ما مصير الإسكندرية لو ضربها الإنجليز؟»، فأجاب: «ستين سنة» وهز كتفيه، ويفسر طاهر الطناحى، محقق المذكرات الصادرة عن «دار الهلال، القاهرة»، إجابة الخديو قائلًا: «لعله يقصد ستين سنة احتلالًا إنجليزيًا لمصر».
 
يستكمل الإمام: قال الضابط: لكن السكان سيحرقونها، فأرجو أن تتوسط لدى الأميرال سيمور، القائد العام لأسطول البحر المتوسط البريطانى، والوقت لم يزل يسمح بذلك، استدع «ذو الفقار» وأمره أن يحافظ على المدينة فعنده من الرجال الكفاية، فرد الخديو: «فلتحترق المدينة جميعها ولا يبقى فيها طوبة على طوبة، حرب بحرب، كل ذلك يقع على رأس عرابى وعلى رؤوس أولاد الكلب الفلاحين، وسيذوق الأوربيون الملاعين عاقبة هروبهم مثل الأرانب».
 
دار هذا الحوار فى الإسكندرية يوم 11 يوليو «مثل هذا اليوم» عام 1882 وفقًا لمذكرات الإمام، وذلك قبل أمر «سيمور» بضرب المدينة فى صباح «11 يوليو». ويروى أحمد شفيق باشا دراما هذا اليوم كشاهد عيان، حيث كان من حاشية الخديو، مشيرًا فى مذكراته الصادرة عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة» إلى أن «سيمور» أنذر الجيش المصرى بإيقاف الأعمال فى «طوابى» الإسكندرية، والكف عن وضع المدافع فيها، وإنزال ما تم نصبه منها، وفى يوم 10 يوليو أرسل إنذارًا نهائيًا إلى طلبة عصمت باشا، قائد الجيش فى الإسكندرية، بتنفيذ مطالبه خلال أربع وعشرين ساعة، وإلا سيدمر هذه الطوابى، وأمام هذا التهديد دعا الخديو توفيق إلى عقد «مجلس فوق العادة» برئاسته فى سراى رأس التين حضره راغب باشا، رئيس الحكومة، وأحمد عرابى، ناظر الحربية، وباقى النظار، وسلطان باشا، رئيس مجلس النواب، وبعض الأعيان، وقادة عسكريون.
 
يؤكد شفيق باشا أن المجلس رفض طلبات «سيمور»، ويضيف: «تأكدنا عزمه على إطلاق مدافع المدرعات عند بزوغ الشمس، واضطر الخديو أن ينتقل ومن معه إلى مكان بعيد عن الأخطار»، وأشار إليه مستر «كارترايت»، نائب قنصل إنجلترا، أن ينزل وأسرته إلى إحدى البوارج الإنجليزية، لكن الخديو رفض، وانتقل هو ومن معه إلى سراى مصطفى باشا، بالقرب من سيدى جابر. ويؤكد «شفيق»: «هرعنا جميعًا إليها، رجالًا ونساء وأطفالًا، وكانت السراى خالية، مهجورة منذ مدة طويلة، فدخلناها على غير استعداد بها، واستوى كل منا فى محله كيفما كان، وبتنا ليلتنا الأولى بغير طعام، وقضيناها فى مساورة الهموم، وفى الحدس والتخمين بما ستؤول إليه حال البلاد، وقبيل طلوع الشمس كنا أمام المنافذ المطلة على البحر، وكان الأسطول يستعد للضرب، وفى الساعة السابعة أطلق الأسطول نيرانه على الطوابى فلم تجبه إلا بعد إطلاق عدة طلقات، ثم اشتبك الفريقان فى القتال، وتناثرت القنابل فى الجو، واشتد الترامى من الجانبين، ثم رأينا اللهب يرتفع فوق المدينة من جهات مختلفة، وانتشر بشكل مريع، وبعد ثلاث ساعات أخذت النار التى شبت فى الاستحكامات تتضاءل، حتى إذا جاء الظهر كان قد تم تدمير أغلبها».
 
يذكر «عرابى» فى مذكراته الصادرة عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة» أنه كان مع جميع النظار فى طابية «كوم الدماس» للإشراف على مواقع القتال، وأن البلاد صارت تحت الإدارة العرفية والأحكام العسكرية، ويؤكد أنه فى أثناء القتال تطوع كثير من الرجال والنساء فى خدمة المجاهدين ومساعدتهم فى تقديم الذخائر، وإعطائهم الماء، وحمل الجرحى منهم وتضميد جراحهم، ونقلهم إلى المستشفيات. ويذكر محمود فهمى باشا، مهندس الاستحكامات العسكرية، أحد قادة الثورة العرابية، فى كتابه «البحر الزاخر»: «رأيت فى ذلك الوقت بعينى ما حصل من غيرة الأهالى بجهة رأس التين وأم كبيية وطوابى باب العرب، وهمتهم فى مساعدة الطوبجية بجلبهم المهمات والذخائر وخراطيش البارود والمقذوفات، هم ونساؤهم وبناتهم، والبعض من الأهالى صار يعمر المدافع ويضربها على الأسطول».
 
ويؤكد «عرابى» أن مائة رجل استشهدوا فى ذلك اليوم من جميع الطوابى، وامرأتين من المتطوعات اللواتى كن يضمدن الجرحى، ويقول: «فى اليوم نفسه حضر محمود باشا سامى البارودى من القاهرة للاشتراك معنا فى الدفاع عن البلاد، وبعد الغروب توجهنا مع النظار «الوزراء» إلى سراى الرمل، وعرضنا على مسامع الخديو ودرويش باشا، المندوب العثمانى، ما حصل، وأن الاستحكامات تخربت، والمدافع تعطلت، فحصلت المداولة، وتقرر بأنه إذا عاودت المراكب الإنجليزية الضرب فى صباح 12 يوليو فلا تجاوبها القلاع بل ترفع الراية البيضاء»، فماذا حدث فى اليوم التالى؟

 

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 يوليو 1882 .. 150 ألفاً يهجرون الإسكندرية والحرائق تلتهمها والإنجليز يصممون على احتلالها

الأربعاء، 12 يوليه 2017 10:00 ص

https://www.marefa.org/w/images/5/59/%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A8%D8%B9%D8%AF_%D8%A3%D9%86_%D9%82%D8%B5%D9%81%D9%87_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A_1882.jpg

جانب من ميدان محمد علي بالإسكندرية بعد أن قصفه الأسطول الإنجليزي عام 1882.

 
 
كانت الساعة العاشرة والدقيقة الأربعين صباحا من يوم 12 يوليو «مثل هذا اليوم» عام 1882، حين استأنف الأسطول الإنجليزى ضرب مدينة الإسكندرية لليوم التالى «راجع ذات يوم 11 يوليو 1882»، وحسب عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» عن «دار المعارف – القاهرة»، تركزت الضربات على طابية «قايتباى» وطابية «الاسبتالية»، ورفعت الأعلام البيضاء على وزارة البحرية «الترسانة» وعلى حصون قايتباى والأطه ورأس التين طلبا للهدنة والكف عن القتال، وذهب طلبة باشا عصمت قومندان المدينة إلى الترسانة لمقابلة الأميرال سيمور قائد الأسطول.
 
يذكر «طلبة باشا» وقائع ما جرى حين ذهب لمقابلة «سيمور»، ففى محضر استجوابه أثناء التحقيقات معه بعد فشل الثورة العرابية والمنشور فى الجزء التاسع من «مصر للمصريين» لسليم خليل النقاش «الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة» يؤكد، أنه نزل إلى الميناء بصحبة أنيس بك باشمهندس اليخت الخديوى «المحروسة» بصفة مترجم وصعد إلى المحروسة، وهناك التقى بمندوب من طرف الأميرال سيمور، فسأله المندوب: ماذا يريدون من رفع الأعلام البيضاء؟، فأجابه، أن الخديو كلفه بإخبار الأميرال «أن الطوابى تخربت والمدافع التى كنتم ترغبون نزولها نزلت، ولم يحصل بيننا وبين دولة إنجلترا ما يخل بالعلاقة الودية، وعلى ذلك نريد التكلم فى إبطال الضرب»، فأجابه المندوب، أن الأميرال يطلب أن يرخص لجنوده من البحارة فى النزول إلى البر واحتلال ثلاث قلاع وهى: العجمى والدخيلة والمكس، وإلا استأنف الضرب فى الساعة الثانية بعد ظهر ذلك اليوم، ورفض سيمور طلب «طلبة» بمد المهلة لأن الوقت الذى يصل فيه إلى سراى الرمل لإبلاغ الخديو ثم يعود لا يكفى.
 
ذهب «طلبة باشا» إلى الرمل وأبلغ الخديو وعرابى وزير الحربية، وحسبما يذكر أحمد شفيق باشا فى الجزء الأول من مذكراته عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة»: «عقد رجال العسكرية فى الحال مجلساً تقرر فيه أنه لا يمكن إجابة الأميرال إلى ما طلب من احتلال الحصون، لأنه لا يحق للحكومة المصرية أن تتصرف فى شىء من أراضيها قبل موافقة الباب العالى، ولكن الأميرال لم ينتظر تبليغ هذا القرار إليه فمضى فى أهبته لاحتلال المدينة».
 
استأنف الأسطول الإنجليزى الضرب فى نحو الساعة الرابعة، وقبلها بساعتين، وبالتحديد فى الساعة الثانية وحسب الرافعى: «بدأ إضرام النار فى المدينة، وأخذ يمتد حتى صارت الإسكندرية شعلة من النار، واشترك فى الحريق بعض الأوروبيين، وبخاصة من الأورام والمالطيين الذين بقوا فى المدينة بعد هجرة معظمهم، وذلك للمطالبة بالتعويضات بعد انتهاء الحرب كما اشتركوا أيضا فى النهب، وساعد على شبوب الحرائق إهمال الحكومة والخديو الذى غادر المدينة، دون أن يتخذوا أى احتياطات لوقايتها، وكان هذا الحريق على غير رأى عرابى والوزراء، فانفرد بإحداثه سليمان داود قائد الآلاى السادس الذى كان مشهورا بالتهور والحمق، وكان يعتبر نفسه «عرابى» آخر بالإسكندرية، وصمم على ألا ينسحب الجيش من الإسكندرية إلا بعد أن يجعلها خرابا».
 
يلقى «داود بركات باشا» فى كتابه «الثورة العرابية بعد خمسين عاما» عن «دار الكتب والوثائق القومية – القاهرة» الضوء على ما فعله سليمان: «جمع رجاله فى الصباح وخطب فيهم قائلا: إن المدينة ستترك للإنجليز والنظام العسكرى يقضى بألا نتركها لهم وفيها شىء يستطيعون استخدامه أو الانتفاع به، فالواجب إذن أن ننهب هذه المدينة قبل أن نحرقها، فاعترض عليه بعض صغار الضباط اعتراضات ضئيلة فلم يصغ إليهم وأمرهم بالسكوت»، ويذكر «بركات» أن فرسان الجيش أرسلوا إلى جميع الحارات والأسواق يأمرون الأهالى بإخلاء المدينة والجلاء عنها، وأن عرابى هو الذى يأمرهم بذلك لأن المدينة سوف تحرق وتدمر فلينجوا بأنفسهم».
 
بدأت الهجرة من المدينة مساء 11 يوليو وبلغت ذروتها يوم 12 يوليو، وكانت مأساة إنسانية يذكرها الشيخ محمد عبده، فى مذكراته «الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة» قائلاً: «نحو مائة وخمسين ألفاً من السكان، مجردين من كل شىء أخذوا فى الحركة لغير قصد ولا مأوى، الموت والفزع ملء نفوسهم، على شطوط المحمودية إلى دمنهور وجسر السكة الحديد من دمنهور إلى القاهرة، كانت المهاجرة تكون خطوطاً سوداء تارة عريضة وأخرى رقيقة، متحركة فى كل جهة، أشبه بسلسلة إنسانية طويلة، هنا ينزلون، هناك يمشون ببطء، لا وقاية ولا عيش، على طرفى تضاد مع سماء صافية وأرض خضراء نضرة».
أين كان خديو البلاد «توفيق» من كل هذا؟

 

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 يوليو 1882..نقل الخديو توفيق وأنجاله وحاشيته إلى سراى رأس التين فى حراسة الإنجليز بعد احتلال الإسكندرية

الخميس، 13 يوليه 2017 10:00 ص

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 يوليو 1882..نقل الخديو توفيق وأنجاله وحاشيته إلى سراى رأس التين فى حراسة الإنجليز بعد احتلال الإسكندرية الخديو توفيق
 
 
«تحقق الأميرال سيمور قائد الأسطول الإنجليزى من أنه لم يبق أحد فى مدينة الإسكندرية فأنزل كتيبة من جنوده البحارة، واحتلوا سراى رأس التين وشبه جزيرة رأس التين صباح يوم 13 يوليو «مثل هذا اليوم» عام 1882»، حسبما يؤكد عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» «دار المعارف – القاهرة»، وجاءت هذه الخطوة بعد يومين من قصف الأسطول للمدينة «راجع ذات يوم 11 و12 يوليو 2017»، فكيف مضى هذا اليوم على الخديو توفيق كأول أيام الاحتلال الإنجليزى لمصر؟.
 
يذكر «عبدالرحمن الرافعى» فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» «دار المعارف – القاهرة»: «فى صباح ذلك اليوم «13 يوليو 1882» جمع الخديو من بقى إلى جانبه من الأمراء وكبار الموظفين والذوات واستشارهم فى أى موقف يقف إزاء احتلال الإنجليز للمدينة، وهل يقاومهم أو يسالمهم، وكان هو يميل إلى التسليم، وكان رأى درويش بك «مندوب السلطان العثمانى»، أن ينتقل إلى بنها ثم إلى السويس، وارتأى غيره أن يقصد العاصمة «القاهرة» ويمتنع فيها».
 
يقدم أحمد شفيق باشا أحد رجال الخديو، وكان معه طوال هذه الأيام تفاصيل تصرفات «توفيق» فى هذا اليوم، ويذكر فى الجزء الأول من مذكراته «الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة»: «فى يوم 13 يوليو علمنا أن كثيرا من العساكر التى كانت فى الإسكندرية تركوا فرقهم وانصرفوا إلى بلادهم، وخشى الخديو أن ينفذ العرابيون ما أضمروه له، فقرر العودة إلى سراى رأس التين، وكان درويش باشا «مندوب السلطان العثمانى» قد أرسل إشارة إلى اليخت العثمانى «عز الدين» الذى حضر عليه من الأستانة، بالدنو من سراى مصطفى باشا، حتى إذا هاجم الثائرون السراى أمكن نزوله فيه مع سمو الخديو، ولكن رؤى أن ذلك ربما يلفت أنظار الثائرين، فيغرقون اليخت ويقطعون خط الرجعة فعدل عن هذه الفكرة، وأوفد الخديو زهراب بك إلى الأميرال سيمور ليخبره بذلك».
 
يضيف شفيق باشا: «فى الساعات الأولى من بعد ظهر يوم 13 عاد فأخبره، بأن الأميرال أمر بإقامة الحرس الكافى فى سراى رأس التين جهة ديوان البحرية وجهة القباري، ثم استعدت المركبات والدواب لنقل الخديو وأنجاله ورجال الحاشية من سراى مصطفى باشا إلى سراى رأس التين، فمنهم من استقل العربات ومنهم من امتطى الدواب، ومنهم من سار على قدميه».
 
يسجل «شفيق» ما رآه من نهب وسرقة يرتكبها البدو الذين أرسلهم محمود أفندى مأمور مركز أبو حمص لحراسة الخديو: «وصلوا صباح 11 يوليو، فمدت لهم موائد الطعام، حيث أكلوا وشربوا، وشاهدناهم عند عودتنا إلى سراى رأس التين منتشرين فى شارع باب رشيد منصرفين إلى سلب المهاجرين من الإسكندرية، والنساء يصحن ويولولن وهم فى أثرهن، وقد أحاطوا بهن وسدوا عليهن منافذ النجاة، وأخذوا ينزعون الحلى من صدروهن وآذنهن قسرا، حتى جرجروها وأسالوا منها الدماء، ومازلنا نسير بين هذه المناظر المؤلمة حتى دخلنا المدينة، فى وسط لهب الحرائق التى كانت مشتعلة فى الأحياء المهمة، وكانت فظيعة ولاسيما فى شارع شريف باشا، وميدان محمد على «المنشية» الذى بدا لنا كأنه أتون من نار، وما كنا نتصور أننا سنجتاز هذا الميدان دون أن نصبح طعاما للنيران، وكان الجو مزيجا من دخان ولهيب ودرجة الحرارة تلفح وجوهنا وتكاد تشوى جلودنا وكأننا فى جهنم».
 
يواصل «شفيق باشا»: «وصلنا إلى سراى رأس التين فى الساعة الرابعة آمنين على حياتنا، فوجدنا عددا من البحارة الإنجليز واقفين للحراسة على مدخل السراى وفى داخلها، وكأن الأميرال سيمور واقفا على سلم السلاملك يترقب قدوم الخديو، وبعد أن أدى التحية لسموه رافقه إلى الدور الأعلى، وهناك أخبره بما لحق السراى من التخريب فى قسم الحريم، ولحق بنا إلى السراى كثيرون من الوطنيين والأجانب».
 
كان الوقت شهر رمضان، وحسب شفيق: «كان الجميع يعانى من الجوع، وفوجئوا بأن السراى لا يوجد فيها ما يؤكل خاصة الخبز، فأرسل الخديو عساكر إلى مخبز القبارى التابع للحربية، فأحضروا منه ما وجدوه من الخبز «الصومالى»، وتمكن وصفى بك من الذهاب إلى المدينة فعاد بعلبة كبيرة من «الغريبة» قام شفيق بتوزيعها على الجميع.

عن admin

شاهد أيضاً

ما بين المسيرى وجمال حمدان: معادلات الأمن القومى الـ ١٤

بقلم خالد أمين20 فبراير، 2025 من أهم وأبرز معادلات (الأمن القومي) المصرى والعربى .. تلك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *