الرئيسية / داعش و هيكلها التنظيمي – بقلم : عمرو صدقى سليمان

داعش و هيكلها التنظيمي – بقلم : عمرو صدقى سليمان

هيكلها يتكون من قيادة عليا خلقتها وترسم استراتيجيتها وتدبر تمويلها وهذه خفية تماما، ومن قيادة ميدانية تشرف على تدريبها وتحديد عملياتها وتوقيتاتها وهذه خفية، ثم من تكوين ينفذ العمليات يرأسه أشخاص مثل البغدادي أو بديله، وهذا يظهر بعضه للعيان من حين إلى آخر. خلقت داعش لتخدم أهدافا إسرائيلية استراتيجية، وذلك بدعم أمريكي رفيع المستوي دائرة العلم به ضيقة للغاية فيما هو ظاهر أمامنا خصوصا أخيرا.
الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية المدعمة أمريكيا في خطة معتمدة لدي كل من القيادة العليا للمخابرات الإسرائيلية والقيادة العليا للمخابرات الأمريكية هي: تفكيك وإضعاف الدول العربية في النطاق الإسرائيلي والنطاق الأوسع درجة المحيط به وذلك بإثارة الحروب الطائفية داخل الدولة الواحدة ثم بين الدولة والدولة كلما أمكن، وثانيا خلخلة السيادة المصرية على سيناء وزعزعتها. على أن الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي الأمريكي الأسمى هو إذكاء الحرب السنية الشيعية، ولا مانع في الطريق من إثارة الكراهية في العالم ضد الإسلام والمسلمين، فهذا يجعل الشعب الأمريكي أسلس قيادا وأكثر قابلية لأن يُسرق، ما داموا قد خلقوا له عدوا وهميا يرهبونه به من حين إلى آخر، خصوصا بعد أفول العدو السوفييتي، ولكن هذا حديث آخر.
القيادة العليا لداعش هي مجموعة من بضعة أفراد في أحد أجهزة المخابرات الأمريكية شديدة السرية (عدد أجهزة المخابرات الأمريكية المعلنة سبعة عشر جهازا، السي آي إيه أحدها)، تعلوها، نعم تعلوها -إما اختراقا وإما تواطؤا- مجموعة أصغر منها في المخابرات الإسرائيلية تقودها. التمويل يدبر بالأمر الأمريكي من قطر، وربما من عواصم عربية أخرى قد تكون لا تدري أنها تمول المخابرات الإسرائيلية. أما القيادة الميدانية لداعش فهم مرتزقة -أمريكيون في الغالب- من شركات مثل بلاك ووتر التي كانت، وأكاديمي التي حلت محلها ووسعت عملياتها، وغيرها (جندي المرتزقة فيها يقبض ستمائة دولارا عن اليوم الواحد، ورئيسه مرتبه يفوق الألف دولار يوميا، وهذا منشور.) عتادهم أمريكي، وسلاحهم أمريكي، يتولون التدريب وتخطيط العمليات وتحديد توقيتاتها لإحداث أكبر صدى سياسي ممكن، ولايظهرون، بل يبقون في الخفاء، وكثير من التدريب يتم في تركيا بأوامر أمريكية. ثم يأتي بعد ذلك المغرر بهم جميعا، وعلى رأسهم أمثال البغدادي، يتم تجنيده ومثله بإثارة نوازع زعامة دينية لديه، وتمويله، ومده بالسلاح والمعلومات، ويتركون له ولمساعديه تجنيد النسق التالي والذي يليه وهكذا من باقي المغرر بهم، بنوازع دينية استشهادية في الغالب، وبمكافآت سخية، ولا مانع من قيام قليل منهم بعمليات محدودة في الغرب من حين لآخر، ففي هذا أيضا فائدة كما سبق الإشارة إليها.
تلك كلها اجتهادات بالطبع. والآن فما هي فائدة هذه الاجتهادات؟ وماذا نفعل بها؟
أولا على مستوى مصر، علينا أن نفهم أن إسرائيل لديها خطة مدعمة أمريكيا ومعتمدة من كل من إسرائيل وأمريكا للاستيلاء على سيناء، وبدون حرب، وأن داعش وعملياتها الإرهابية في سيناء إنما هي تنفيذ لمرحلة من هذه الخطة. وأن المرحلة المقبلة هي مرحلة الضغط الأمريكي الإسرائيلي على مصر للتنازل عن شريط حدودي “ضيق” في سيناء “لضمه” إلى غزة -ربما تحت مسمى “منطقة اقتصادية حرة خاصة”- فيما قد يطلق عليه “صفقة القرن” كما أشرتم في مقالكم، مع وعود بجنات موعودات، وما هو في حقيقته إلا بداية لاحتلال سيناء بالكامل، فلنحذر. هذا “الحل” فيه كارثة أبدية لكل من مصر وفلسطين على السواء. لم؟
لأن ما سيبدأ بشريط حدودي ضيق في سيناء سيتسع بالقطع ليضم شريطا ثانيا، ثم منطقة، ومنطقة أوسع، وهكذا. إسرائيل ستبدأ بعد حين، سنتين أو ثلاث، في إجلاء فلسطينيي غزة إلى سيناء قسرا، وعليهم هم الفلسطينيون مقاتلة القوات المصرية لتوسيع الرقعة التي لم تلبث أن تضيق بهم في سيناء. وهكذا. وهذا على مدي سنوات لا استعجال فيه من الجانب الإسرائيلي، بل كلما طال كلما ازدادت دموية الصراع المسلح -والذي سوف تغذيه إسرائيل من جانبها طبعا- بين “الإرهابيين” الفلسطينيين، والقوات المسلحة المصرية، وكلما زاد التمزق المصري، وكلما زاد الإرهاب في باقي سيناء بالطبع، وكلما تزعزعت السلطة والسيادة في مصر، وكلما أنهكت مصر عسكريا ونفسيا واقتصاديا، وهكذا. وعند مرحلة معينة من عنف الصراع بين القوات المصرية واللاجئين المسلحين الفلسطينيين لا أستبعد أبدا ضغوطا دولية، قد تتطور إلى قرار لتقسيم سيناء على غرار قرار تقسيم فلسطين، وهكذا. وبعد الانتهاء من إجلاء جميع فلسطينيي غزة إلى وطنهم الجديد في سيناء ما الذي سيمنع إسرائيل من إجلاء فلسطينيي الضفة الغربية بعدهم؟ ثم عرب ٤٨ . ثم ما الذي سيمنع إسرائيل بعد ذلك كله من دفع الفلسطينيين جنوبا في سيناء لتحتل هي الجزء الشمالي منها حتى المضايق إن أرادت، ثم ما بعد المضايق، ما دامت قد سخرتهم ليكونوا لها “رأس البريمة” التي تخترق بها سيناء كلها؟ هذا اختصار له تفاصيل ليس هنا مكانها. أول ما نفعله إذن بالاجتهادات السابقة هو أن نرفض ويرفض معنا الفلسطينيون جميعا بإصرار مستميت أي فكرة عن تنازل مصري عن شريط حدودي في سيناء لما فيه من كارثة أبدية لا حل لها لكل من فلسطين ومصر.
ما ينبغي علينا فعله ثانيا بتلك الاجتهادات -وهو ليس بأقل أهمية- هو إجهاض الخطة، الجاري تنفيذها فعلا بنجاح حتى الآن للأسف، لإذكاء الحرب السنية الشيعية. فلنتبين أن العدو الأول لكل من السنة والشيعة هو بالقطع الحرب بينهما. الحرب بينكما هي عدوكم فاحذروه. واجتنبوها. بقدر ما هذا بديهي، بقدر ما هو يبدو غائبا عن الأذهان. الحرب بين المملكة العربية السعودية وإيران إذا قامت لا قدر الله، فقد تبدأ لأسباب سياسية. ولكنها ستدفع دفعا من أعدائنا جميعا، ومن المتحاربين أنفسهم، لتنقلب إلى حرب سنية شيعية، ولن يستطيع أحد أن يوقف اندفاعها ذاك عندئذ. إنما يمكننا إيقاف هذا الانجرار الأعمى لها الآن، على أن نبدأ فورا. ومن حسن التوفيق أن هناك رجالا دبلوماسيين عندنا وعندهم يستطيعون بإذن الله نزع هذا الفتيل المدمر. أكبرت تصريحين أدلى بهما السيد / جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني منذ بضعة أيام. الأول مفاده أن أمن المنطقة لا يمكن له أن يُضمن أو أن يُشترى من خارج المنطقة، وأن أهلها هم الأولى بحفظ أمنها والأقدر عليه، وهذا حق. والتصريح الثاني دعوة منه ليكوّن أصحاب المنطقة ما يشبه كما فهمت مجلسا أو لجنة تناقش شئون أمنها جميعا بما يراعي أمن الجميع ولا يجور فيه أحد على أمن أحد. أعتقد أن هذه حكمة بالغة من السيد / ظريف، وأعتقد أن دعوته لا بد لها أن تجاب لمصلحة الجميع. لنأخذ باليد الممدودة تريد المصافحة. لتقم مصر بالمبادرة في تقريب وجهات النظر. وعندي تصور أرجو أن تسمحوا لي بعرضه. ليبدأ مثلا دبلوماسي قدير لدينا، وليكن السيد / عمرو موسى مثلا، رحلات مكوكية بين طهران والرياض (الملك سلمان لا الأمير محمد)، مارا ذهابا إيابا بالكويت مثلا في طريقه استلهاما لحكمة شيوخها، رحلات هدفها تقريب وجهات النظر -حتى ولو كانت بمبادرة شخصية منه إن فضلت القيادة المصرية ذلك في البداية- وليبدأ كل طرف مثلا بإعداد قائمة تحتوي على كل البنود التي يود من الطرف الآخر أن يغيرها من سياساته مهما بدا البند صغيرا أو غير مهم، وليتم تبادل هاتين القائمتين بين الطرفين بعد أن يعمل عليهما السيد / عمرو موسى براعته الدبلوماسية في إعادة صياغتهما، بموافقة الطرفين كل على حدة طبعا، وليختر أحد الطرفين بندا وليكن الأصغر من قائمة الآخر فلينفذه كبادرة لحسن النية، فيكون على الطرف الآخر الرد بالمثل، وهكذا، وهذا كله تحت الرعاية والإدارة الحكيمة للسيد / عمرو موسى والسيد / جواد ظريف، مثلا. ويبدأ الحوار، وعساه ألا يتوقف أبدا بإذن الله.
هذا مما ينبغي فعله بهذه الاجتهادات. وهناك المزيد مما لا يتسع له المقام هنا. أما ما لا ينبغي فعله فهو بالقطع أن نترك عدونا الحقيقي يسوقنا لحروب بيننا تدمرنا ولن يحصد فيها نصرا إلا هو، أو أن يزين لنا حلولا كصفقات للقرن وهو يعلم، ونحن، أنما يدبر لنا جحيما مستعرا. أنستغرب منه ذلك؟ أم الأولى أن نستغرب أنفسنا إن سرنا حيث أراد لنا أن نسير – إلى الهاوية طبعا؟
لازم كلنا نفضل فاكرين ان #تيران_وصنافير_مصرية ..و #لن_نترك_سيناء

عن admin

شاهد أيضاً

“ذا إنترسبت”: ترامب يستهدف الطلاب المسلمين والأفارقة والآسيويين بالترحيل

في الولايات المتحدة، يتم إلغاء تأشيرات الطلاب من الدول ذات الأغلبية المسلمة وكذلك من آسيا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *