الرئيسية / النظام يعيش حالة حرب حقيقة مع شعبه ومبارك بريء بعد إجهاض الثورة ورموز الفساد تحتل مواقع السلطة

النظام يعيش حالة حرب حقيقة مع شعبه ومبارك بريء بعد إجهاض الثورة ورموز الفساد تحتل مواقع السلطة

 

حسام عبد البصير

 

Mar 17, 2017

 

 بينما ديكتاتور مصر الأشهر مبارك يحزم حقائبه بسلام داخل المستشفى الأنيق متجهاً إلى القصر الذي سيقيم فيه بعد حصوله على البراءة.. تشير الدلائل إلى أن عناصر القوى الثورية، وفي مقدمتها الإسلاميون، الذين تزدحم بهم السجون خارج نطاق رحمة السلطة التي تعرف جيداً كيف تحنو على من تشاء وتعذب من تشاء.
لذا فمن المرجح أن يمكث آلاف المعتقلين في زنازينهم حتى يقضي الله امراً كان مفعولا. مبارك الديكتاتور الذي اتهمته لجنة تحقيق رسمية، عقب خلعه بأنه وراء قتل المتظاهرين، غسل يديه من دم الشهداء، ويعتزم الحج إلى بيت الله، فيما دم الشهداء لم يجف بعد، وصرخات ذويهم الذين كانوا ينتظرون من السيسي الثأر لهم، تضاءلت أمنياتهم لحد السماح لهم بممارسة حياتهم في هدوء، بدون أن يزج بهم في قضايا من نوعية التخطيط لقلب نظام الحكم وغيرها من سلسلة التهم المعدة سلفاً، لكل من يحدّث نفسه بالخروج للميادين، أو التنديد بتردي الأوضاع وتكميم الأفواه، والخبز الذي بات صعب المنال، والفقر الذي يتجول في البيوت كافة، ويعزز من استمرار الوضع على ما هو عليه. قوائم العفو الرئاسي التي تخلو من أي رائحة للإسلاميين، أولئك الذين كتب عليهم أن يكونوا وقود كل الديكتاتوريات التي تعاقبت على حكم مصر.
وأمس الخميس 16 مارس/آذار شهدت الصحف المصرية معارك ضارية ضد وزير الصحة، لأنه انتقد مجانية التعليم التي كان هو احد المستفيدين منها. كما اشتد الهجوم على البرلمان ورئيسه، وظلت الأزمة الاقتصادية تنذر بثورة جياع وإلى التفاصيل:

مكافأة الصحافيين حذاء

بات البرلمان عرضة لهجوم عنيف من مختلف التيارات السياسية، ومن بين الذين يناصبونه العداء خالد داوود في «مصر العربية»: «المستشار الدكتور علي عبد العال الذي يلاحق الصحافيين ويهدد بسجنهم وضربهم بالجزمة القديمة، لم يلفت انتباهه كثيرا التقرير المطول الذي نشره أحد المواقع الإخبارية الأمريكية «بازفيد» يوم 4 مارس/آذار، والذي كشف أن المخابرات العامة المصرية، ولأول مرة، قامت بتوقيع اتفاقية مع شركتين أمريكتين للعلاقات العامة، بهدف تحسين صورة مصر في الولايات المتحدة، والتواصل مع المؤثرين في صناعة القرار الأمريكي لتحقيق هذا الغرض. تكلفة هذين العقدين 150 ألف دولار شهريا، من أموال دافعي الضرائب المصريين طبعا، ومن قوت يومنا وميزانيتنا المنهارة. وهناك عقود مماثلة بتكلفة 2 مليون دولار سنويا، أي نحو 40 مليون جنيه، مع شركتين آخريين للعلاقات العامة بناء على عقد سابق وقعته وزارة الخارجية المصرية، وفقا للموقع نفسه. لن أتحدث عن فارق السنوات الضوئية الذي يفصلنا بين ممارسات الكونغرس الأمريكي وبرلماننا الموقر، الذي نسي أن أحد أهم مهامه هي متابعة الإنفاق الحكومي للمال العام. فالمعلومات التي حصل عليها موقع «بازفيد» لم تأت من مصادر سرية، بل من موقع وزارة الخزانة الأمريكية على الإنترنت. كما يقوم الكونغرس الأمريكي بمراجعة هذه العقود وفقا للقانون الذي يحتم على شركات العلاقات العامة التي تتعامل مع جهات أجنبية الكشف عن تعاقداتها. يتساءل الكاتب: ما هي الفائدة التي عادت علينا في مصر من إنفاق كل هذه الأموال منذ زمن الرئيس المخلوع على شركات علاقات عامة أمريكية؟ وإذا كانت السعودية فشلت في وقف تمرير قانون جاستا، فإن هذه الشركات فشلت أيضا في الترويج لجمال مبارك رئيسا لمصر».

وصفة سحرية لأزمة الصحافة

وعن انتخابات نقابة الصحافيين المصرية يشير فهمي هويدي في «الشروق» إلى: «أن مرشح السلطة لمنصب النقيب ما برح يلح في دعايته على أن المهنة في خطر. حدث ذلك في الوقت الذي تتحدث فيه وكالات الأنباء عن العصر الذهبي الذي تعيش فيه الصحافة الأمريكية، إذ زاد التوزيع والاشتراكات وارتفعت نسبة الإعلانات، الأمر الذي يستحق الرصد والمقارنة. وكانت وكالة «رويترز» قد بثت قبل أيام قليلة تقريرا عن انتعاش كبريات الصحف الأمريكية التي ظلت ردحا من الزمن تعاني من الكساد النسبي. وهو ما تمثل في تراجع توزيع طبعاتها الورقية، بعدما أصبح التلفزيون منافسا شرسا لها. حتى أن صحيفة «واشنطن بوست» بجلالة قدرها كانت على وشك الإفلاس، لكن حساباتها تغيرت في ظل الانتعاش الأخير الذي أكدت فيه استقلالها ومارست في ظله درجة عالية من حرية التعبير. وهو ما أدى إلى زيادة عدد العاملين في مكتبها الرئيسي في واشنطن. وقد شمل الانتعاش صحفا أخرى مثل «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» و«فايننشيال تايمز» ومجلة «فانيتي فير،، وهي الصحف التي اشتبكت مع الرئيس دونالد ترامب وانضمت إلى معارضيه، ما أثار غضبه ودفعه إلى مهاجمتها، فوصف «نيويورك تايمز» بأنها «فاشلة»، ووصف ناشر «فانيتي فير» بأنه «بليد»، واستثمرت المجلة هجوم ترامب عليها في دعايتها فذكرت في إعلاناتها أن: «فانيتي فير» المجلة التي لا يريدك ترامب أن تقرأها. الشاهد بحسب الكاتب أنه حين استشاط غضب الرئيس ووصف الصحافيين بأنهم أعداء وكذابون وحثالة، فإن القراء ازداد إقبالهم على شراء الصحف ومتابعة ما تنشره.. الكلام الذي طرحه فهمي هويدي هل يوحي بدعوته الصحف الخاسرة للهجوم على السيسي لتعيد القراء الذين انفضوا عنها؟ من جانبه ينفي تلك التهم: ارجو ألا يساء الظن بي بحيث يفسر بعض الخبثاء كلامي بأنه تحريض على اشتباك صحفنا مع الرئيس لإنعاشها».

حتى لا تموت صاحبة الجلالة

اليوم يختار الصحافيون نقيبا جديدا ولدى النقيب الأسبق مكرم محمد أحمد في «الأهرام» نصائح يسعى من خلالها لدفع الأعضاء لإسقاط النقيب الحالي يحيى قلاش: «النقابة القوية ليست بالصوت العالي وافتعال الأزمات مع الحكم والدولة، وليست بالتحزب السياسي أو تحالفات المصالح، وهي باليقين ليست حزبا سياسيا معارضا، وإن كان من واجبها أن تعارض وتناهض أي عدوان على حرية الرأي والصحافة، كما علمتهم تجاربهم المريرة أنه كلما ضم مجلس نقابتهم صحافيين مهنيين جيدين أصبحت النقابة أكثر قدرة على الحفاظ على وحدة العمل النقابي، لأن الخلط بين الحزب والنقابة يؤدي بالضرورة إلى الانقسام والتشرذم. وهذا ما حدث في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين، عندما حولوا النقابات المهنية في مصر إلى أحزاب سياسية، وتكرر مع الأسف مرة أخرى مع آخرين أخفقوا في قراءة الدرس المستفاد. ويشهد تاريخ نقابة الصحافيين على مدى عقود طويلة أن أفضل مجالس إدارات النقابة كان أكثرها اهتماما بالمهنية، وأكثرها دفاعا عن حقوق الصحافيين في الكرامة وحرية الرأي والتعبير، وأكثرها إنجازا على جميع المستويات، والأكثر قبولا من الرأي العام المصري، واستثناء فترات جد محدودة كان مجلس نقابة الصحافيين يتشكل من مهنيين حقيقيين يعرفون قيمة المهنة، ولهذه الاسباب سوف أعطي صوتي للزميل عبدالمحسن سلامة صحافيا مهنيا نزيها، سلك دروب المهنة من أسفل السلم إلى أن أصبح مديرا لتحرير «الأهرام»، عمل معي وكيلا للنقابة لفترتين وكان دائما في صف مهنته ينتصر للتوافق ووحدة النقابة، كما كان موضع إجماع غالبية زملائه في صحيفة «الأهرام»، وأظن انه الأصلح لمنصب نقيب الصحافيين في هذا الفترة العصيبة».

ماذا لو فعلها السيسي؟

نتحول نحو اقتراح سيفتح على صاحبه عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» أبواب الجحيم: «أقترح على مؤسسة الرئاسة وكل الأجهزة ذات الصلة واللجنة، أن تدرس شمول القائمة الثالثة للعفو الرئاسي بعض مسجوني جماعة الإخوان. أعرف أن كثيرين، سيسارعون إلى انتقادي، وربما سبي وشتمي، سواء كانوا من غلاة معارضي الإخوان أو مؤيديهم، لكن جوهر اقتراحي هو المساهمة في تخفيف الاحتقان المجتمعي، مادام أنه لن يؤثر على الأمن العام، أو يخالف القانون. بعض أعضاء اللجنة الكرام كرروا أكثر من مرة، آخرها يوم الأحد الماضي، أن الإفراج عن مسجوني الإخوان مستبعد، وأظن أن هذا رأي بعض الأجهزة الأمنية في الأساس. لكن الاقتراح الذي أدعو من بيدهم الأمر لمراجعته، هو الإفراج عن أي شخص إخواني يثبت أنه بريء، لأن الانتماء إلى الإخوان فقط ــ لا اعتقد أنه جريمة ــ إلا إذا اقترن بمخالفة القانون. يمكن أن نبدأ بالإفراج عن مساجين إخوان بتهم بسيطة مثل التظاهر أو الاشتباه. لا أدعو ولن أدعو للإفراج عمن قتل أو موّل أو أحرق أو دمّر المنشآت العامة أو الخاصة، سواء كان إخوانيا أو ينتمي لأي تنظيم آخر. لكن السؤال الذي طرحته في هذا المكان هنا أكثر من مرة هو: لماذا لا يتم كبداية مثلا الإفراج عن كبار السن والمرضى من الإخوان وغيرهم، مثل محمد بديع ومهدي عاكف ومحمد علي بشر ومحمود الخضيري وأمثالهم ،وكذلك الزملاء الصحافيين ومنهم أحمد سبيع وهاني صلاح الدين وإبراهيم الدراوي ومجدي أحمد حسين ومحمود أبوزيد «شوكان» وحسن القباني وهشام جعفر وغيرهم. على أن يكون ذلك مثلا مشروطا بتدابير احترازية إذا كانت هناك خطورة من إطلاق سراحهم الكامل؟».

صلح لا مفر منه

«عند قطاعات عديدة داخل تنظيم الإخوان المسلمين، الآن، قناعات راسخة بأن المصالحة مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي مقبلة لا محالة، وأن المسألة تتعلق فقط بشروط هذه المصالحة، والتوقيت المناسب لإتمامها، وهذا بالضبط كما يشير محمد عصمت في «البديل» ما أعلنه صراحة الدكتور محمد الحديدي، القيادي الشاب في التنظيم، وصهر خيرت الشاطر، رجل الجماعة القوي، في حواره مع إحدى القنوات المحسوبة على الإخوان في تركيا منذ عدة أيام. الحديدي أطلق – بوضوح لا لبس فيه – مبادرة للمصالحة مع النظام، يتم بمقتضاها الإفراج عن 50 ألف معتقل – بحسب تقديره – من الإخوان والمتعاطفين معهم، وإطلاق سراح المحكوم عليهم من كبار قيادات الجماعة، وتفرغ التنظيم للعمل الدعوي والابتعاد عن السياسة، مقابل اعتراف الإخوان بشرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما أنه ـ حسب قوله ـ يستهدف أساسا من وراء مبادرته تخفيف الآلام الإنسانية الرهيبة التي يعاني منها المعتقلون وأهاليهم، ووضع حد لحالة الاستقطاب في المجتمع، وتهيئة المناخ لوقف نزيف الدم في سيناء، بما فيها دماء جنود الجيش والشرطة. قد يقول البعض إن هذا العرض الإخواني السخي جاء بسبب الأزمات العنيفة التي تعصف بالتنظيم، يؤكد عصمت على أن العلاقات الدافئة التي تربط بين الإدارة الأمريكية الجمهورية مع الرئيس السيسي، وتوجهات الرئيس دونالد ترامب اليمينية، التي أكد من خلالها عدم ممارسته أي ضغوط على حلفاء بلاده في ملف الديمقراطية والحريات السياسية، وإعلانه الحرب على تيارات الإسلام السياسي، بل وعزمه وضع الإخوان المسلمين على قائمة التنظيمات الإرهابية، وهو الأمر الذي سيكون له صداه في أوروبا، مع التوقعات بفوز الأحزاب اليمينية الشعبوية في الانتخابات المقبلة في عدد من دول القارة العجوز».

ما أشبهه بالكوري

ومن المعارك الصحافية ضد النظام تلك التي شنها سيد أمين في «الشعب»: «منذ عامين، بث التلفزيون الكوري الشمالي خبراً عن تأهل منتخب بلاده لكرة القدم للمنافسة في تصفيات كأس العالم، ومن أجل إتقان الحبكة الدرامية، راح التلفزيون يؤكد أن المنتخب سينافس البرتغال في مباراة مهمة، جاء ذلك رغم أن كوريا «الديمقراطية» – وليس لها من اسمها أدنى نصيب- لم تتأهل أساساً للمونديال.
هذا الإعلام «الفتاك» نفسه الذي تنطلي خدعه على بسطاء العقول من الناس للأسف، موجود أيضاً في مصر ومدعوم بالقوة العسكرية المميتة ذاتها، إعلام له صولات كثيرة جداً، يبدأ أهمها من الستمئة متسلل من حماس الذين قطعوا آلاف الأميال من الفيافي والقفار، واقتحموا عشرات السجون وآلاف أقسام الشرطة في مصر، مروراً بالرجل المنقذ الموحى إليه، وجهاز الكفتة الذي يعالج أي مرض، انتهاء بأسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، وإسرائيل التي ترتعد خوفاً من صواريخ السيسي، والحبل على الجرار، ورغم فاشية النظامين، فإن هناك فروقاً جوهرية بينهما، فالأول يناصب الولايات المتحدة وحلفاءها العداء، وينجح في أن يبتزها مادياً وعسكرياً بما لديه من أسلحة ردع نووي، دون أن يقدم لها «مخازي»، وغير مضطر أن يغازلها خفية أو علناً، لكن الثاني ما تمكن من البقاء شهراً واحداً لولا دعم أمريكا والقوى الغربية له، ولو قطعت إمدادات شرايين الدم عبر الخليج عنه شهراً واحداً فسيموت غير مأسوف عليه، كما أن الأول يعلنها صراحة أنه نظام عسكري غير تعددي، يعيش هدنة طويلة من حالة حرب مدمرة مع أمريكا واليابان، في حين أن الثاني يعيش حالة حرب حقيقية مع شعبه».

وثالثهما نتنياهو

على مدى 30 عاما تفصل بين اتفاق الهدنة عام 1949 واتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1979 كان المجتمع الدولي يبرر وفق ما يؤكده مرسي عطا الله في «الأهرام» إنحيازه لإسرائيل، بوجود فيتو عربي يتمثل في اللاءات الثلاثة الشهيرة «لا صلح.. لا تفاوض.. لا اعتراف». والآن فإن المجتمع الدولي ذاته، ورغم ما قدمته الأمة العربية من تنازلات، التزم صمتا أقرب إلى الخرس، وهو يشهد مجاهرة الإسرائيليين باللاءات العشرة التي تنسف حلم السلام من جذوره، خصوصا بعد نجاح نتنياهو في إقناع دونالد ترامب بمشروعية زرع عشرة ألغام تنسف حل الدولتين، ولا شك في أن قائمة اللاءات الإسرائيلية العشرة كانت وراء انزلاق ترامب إلى عدم الممانعة ـ مبدئيا ـ في استيعاد حل الدولتين مادام أن إسرائيل تقول: لا لقيام دولة فلسطينية تتمتع باستقلال كامل، وتملك مقومات الحياة بمفردها.. ولا للتنازل عن القدس كعاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل.. لا عودة لحدود 4 يونيو/حزيران 1967.. لا للقبول بالسيادة العربية على المسجد الأقصى.. لا عودة للاجئين ولا قبول بأي حل لمشكلتهم يتضمن اعترافا بحق العودة.. لا مساس بالمستوطنات.. لا لمنازعة إسرائيل في حق الحصول على احتياجاتها المائية من المخزون الجوفي والأنهار العربية.. لا لأي خلل في الميزان العسكري في المنطقة يمس تفوق إسرائيل المطلق على الدول العربية مجتمعة.. لا للسلام النووي لأي دولة في المنطقة، لتظل إسرائيل وحدها دولة نووية منفردة.. لا لأي تقارب عربي يؤدي لتحالف إستراتيجي، خصوصا بين مجموعة دول الجوار العربي المحيط بإسرائيل. وفي رأي الكاتب أن قمة القاهرة الأخيرة بين الرئيس السيسي والعاهل الأردني، وما صدر عنها من تمسك بحل الدولتين كان بمنزلة رسالة عاجلة قبل قمة السيسي وترامب الوشيكة».

مبارك هو المسؤول

الحرب على المخلوع مستمرة حتى بعد حصوله على البراءة وعبد الفتاح ماضي في «مصر العربية» لديه الكثير مما يقوله: «صار الديكتاتور ورأس النظام الفاسد الذي أسقطته ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 حرا طليقا في بيته، بعد أن أُجهضت الثورة واحتل رموز الفساد والقمع مواقع السلطة، وبعد أن تم قتل الآلاف واعتقال ونفي عشرات الآلاف من مناصري الثورة. نتحمل جميعا مسؤولية الفشل في محاسبة الديكتاتور وفي إجهاض الثورة، وإذا كانت أجهزة الدولة العميقة والثورة المضادة قد طمست أدلة قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير، فسيظل الإرث الأسود الذي تركه مبارك بعد ثلاثين سنة في الحكم محفورا في ذاكرة كل مصري حر، وفي كتب تاريخ مصر والمنطقة. مبارك (عبر النظام الذي أنشأه، وعبر من ساعده من أجهزة ومؤسسات، وعبر الدائرة الضيقة من المنتفعين وضيقي الأفق من حوله) هو المسؤول الأول عن الكثير من الجرائم، وعن العقبات والتحديات التي نواجهها حتى اليوم، وهو المسؤول عن الاستمرار في السياسات التي تبناها أنــــور السادات ضمن منظومة الانفتاح المنفلت. مبارك هو المسؤول عن إقامة منظــــومة استبدادية متكامـــــلة تقوم على قمع المعارضين، وتزوير الانتخابات، وتفريغ الدستور والقوانين من مضامينها، واختراق الأحزاب، وتســـييس مؤسسات الدولة الرسمية (غير السياسية) كالقضاء والأمن والإعلام، واستخدامها ضمن استراتيجيته للبقاء في السلطة، والزج ببعضها في خصومات مع الشعب. مبارك هو المسؤول عن تقنين الفساد، وتطبيع التسيب، وسرقة ثروات مصر، وتصدير الغاز مدعومًا للصهاينة، والفشل في التنمية والتعمير والتصنيع، وفي القضاء على العشوائيات، والفشل في محاربة تجارة المخدرات والحشيش والتهريب، فتح الباب لبعض جنرالات الجيش للتجارة والتدخل في الاقتصاد وباسم المؤسسة العسكرية ذاتها».

شكسبير في سجن الفيوم

«قال النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، إن نزلاء سجن الفيوم يدخل منهم من لا يعرف القراءة والكتابة ليخرج من السجن يقرأ شكسبير، ومن جانبها ترى كريمة كمال في «المصري اليوم» أنه ليس مهما أن نقول إن محو الأمية منذ اخترع في مصر لم يفلح في أن يجعل أحدا يقرأ حتى اسمه، ما بالك أن يقرأ شكسبير، ولكن المهم هنا هو أن كلمات النائب الذي اتهم يوما بالتعذيب، سواء كان خاضعا لقضية أو أن هذا ما روج عنه، قالها في معرض الدفاع عن السجون إلى حد «الأفورة». وهو ما يعنيه أن يتم وضع ضابط شرطة سابق على رأس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، التي من مهمتها الدفاع عن حقوق المواطنين في وجه من يغتال هذه الحقوق، وليس غائبا عن أحد أن في مقدمة هؤلاء وزارة الداخلية، ولنا في ما يحدث من حالات تعذيب في السجون والأقسام التي تنتهى بوفاة الضحية أسوة سيئة على حالة هذه الحقوق، فالمشكلة هنا ليست في كلمات النائب التي تثير السخرية ولا تقنع أحدا، ولكنها في هذه الحالة العبثية التي أصبحنا نعيش فيها، والتي جعلت هذا النائب يصل بالقول غير الحق إلى منتهاه، ولكنها ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقه النائب مرتضى منصور بقوله «اللي مش حيحترم نفسه حيضرب بالجزمة القديمة»، في معرض حديثه عن الصحافيين، فلم يعترض رئيس المجلس سوى على كلمة القديمة، في حين أنه بادر بعقد لجنة للقيم لتفصل العضو محمد أنور السادات لأنه تجرأ على الاعتراض، بتهمة تسريب مشروع قانون كان متاحا على النت لإحدى السفارات. كما أن رئيس المجلس الذي لم يجد خروجا في كلام النائب ضد الصحافيين اهتز إلى حد إغلاق الميكروفون أثناء حديث النائب أحمد طنطاوي لأن النائب جرؤ على ممارسة دوره كنائب في المعارضة».

جريمة ضد البراءة

«شيء خطير ومؤلم أن نسمع عن فساد «عبوات لبن أطفال» في مخازن الصحة، الذين فجروا هذا الحديث ليسوا مغرضين، وإنما هم، كما يعترف وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد» نواب داخل البرلمان، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار العبوة، ويعجز الآباء والأمهات عن شرائها للرضع، نجد كماً من العبوات الفاسدة داخل الشركات التابعة للوزارة، هذه جريمة مكتملة الأركان، لأن تخزين هذه الكمية دون طرحها في الأسواق، وفي ظل أزمة طاحنة مرت بها البلاد مؤخراً، يعد أول ركن في الجريمة، أما الثاني فهو تركها حتى تفسد ولا يستفيد منها رضيع واحد، أما الجرم الثالث فهو أن وزارة الصحة قد كذبت على الدولة وعلى المواطنين عندما لم تطرح هذه الكميات في الصيدليات والجرم الرابع هو إخفاء سلعة.
اضطرت الدولة إلى استيراد كميات من الخارج لسد العجز في ألبان الأطفال، وكلنا يعلم مدى الصعوبة البالغة في استيراد الألبان من الخارج، لعدم وجود الدولار الذي يتم الاستيراد به. المفروض أن هذه الواقعة لا تمر مرور الكرام لأن وزارة الصحة المعنية بتوفير هذه الألبان، هي التي تركت هذه العبوات تفسد ووقفت تتفرج على الأزمة الأخيرة في ألبان الأطفال، مما أوقع الدولة في حرج شديد، واضطرها لأن تبحث عن حلول عاجلة لتوفير الألبان، التي ارتفع سعر العبوة منها إلى أرقام خيالية، لا تقوى عليها الغالبية من الأمهات».

الصحة مش تمام

يتعرض وزير الصحة لنقد بالغ من قبل الناصريين بسبب هجومه على الزعيم جمال عبد الناصر، غير أن أكرم القصاص في «اليوم السابع» يرى: «الأزمة أعمق مما يتحدث عنه البعض: أحوال الصحة في مصر أكبر من أن تظل جدلاً على أرضية الماضي، ويخطئ البعض إن أدخلها في جدل أيديولوجي. تراجع وزير الصحة الدكتور أحمد عماد عن تصريحاته التي حمل فيها مسؤولية تدهور الصحة للمجانية، لكن تظل نظرته للنظام الطبي قاصرة، فكل دول العالم المتقدمة تمول العلاج والتأمين الصحي، ويختلف نظام ألمانيا عن أمريكا عن فرنسا، عن اليابان عن الصين، ويفترض أن يكون وزير الصحة على دراية بهذه الأنظمة وهو يتحدث عن النظام الصحي في مصر. ومن واقع تقييم نجاح نظام الصحة والعلاج في الستينيات فهو ناجح بواقع زمانه، ومن جاء بعد ذلك أوقف الصيانة والتطوير والتوسع، تجربة العلاج والتعليم في الفترة الناصرية كانت مناسبة لعصرها، وما قدمه الدكتور النبوي المهندس في إقامة مستشفيات ووحدات صحية كان مناسبا لدولة سكانها 16 مليونا، فضلا عن تأسيس الكوادر الطبية من أطباء وهيئات تمريض وغيرها من خدمات معاونة، ولم تكن فقط رغبة لوزير الصحة، لكنه كان اتجاها عاما في بناء اجتماعي متكامل مثل التعليم، وهو نظام كان سائدا في العالم كله وليس فقط في مصر. كان الطبيعي أن يقوم كل نظام في عهده بالتوسع والتطوير طبقا لأعداد السكان واحتياجاتهم. كان نظام التأمين الصحي يعالج 40٪ من السكان، والمستشفيات العامة والمركزية تعالج الباقي، لكن خلال 47 عاما لم يشهد النظام الصحي تطويرا يناسب العصر، والتعلم يتم من تجربة تمت من أسفل وليس من أعلى، وما تم وقتها وبقوانين العصر كان إنجازا».

المشكة ليست في عبد الناصر

نبقى مع أزمة وزير الصحة حسب سليمان جودة في «المصري اليوم»: «كالعادة تركنا جوهر الموضوع في حديث وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد، عن مجانية عبدالناصر، وتكلمنا في تفاصيل التفاصيل. جوهر الموضوع ليس في أن مجانية الزعيم الراحل كانت هي السبب، كما قال الوزير، في ما آلت إليه الأحوال الآن، في الصحة، أو في التعليم.. لا.. ليس هذا جوهر الموضوع، وإنما هو السؤال الآتي: هل هناك مجانية فعلاً، في هذه اللحظة، في أي مستشفى عام، أو في أي مدرسة حكومية؟ علينا قبل أن نتسرع في الإجابة عن السؤال أن نعتمد على مدرسة سقراط في تحديد معاني الكلمات التي نستخدمها مسبقاً، حتى لا نكتشف، في النهاية، أننا نقصد أشياء مختلفة، ونتحدث عنها، في الوقت ذاته، بكلمات واحدة. إنني أفهم أن المجانية التي دعا إليها طه حسين، في شعاره الشهير، هي أن يذهب الطفل، أي طفل، إلى مدرسته الحكومية، فيتلقى تعليماً يؤهله بجد، لأن يعمل، ولأن يكون له مكان في سوق العمل، بشكل حقيقي، لا أن ينال شهادة يعلقها على جدران بيته، ثم يندب حظه إلى جوارها. هل المجانية، بهذا المعنى تحديداً، موجودة، أو متاحة في مدارسنا وجامعاتنا؟ إذا كان هناك من سوف يقول إنها موجودة، ومتاحة، فأرجوه، أرجوه.. أن يسأل أي صاحب عمل عن الحال عنده، وسوف يسمع منه، كما سمعت أنا بأذني، من كثيرين منهم مباشرة، أن لديهم فرص عمل بلا عدد، وأن المشكلة هي في أن الخريج الموجود في السوق لا يصلح لأي عمل، لأن تعليمه «المجاني» لم يؤهله لشيء».

وجبة مسمومة

داهمنا خبر إصابة 2200 تلميذ بالتسمم نتيجة تناول وجبات فاسدة في مدارس سوهاج، وهو الأمر الذي جعل محمود خليل في «الوطن» يحذر من الأمر قائلا: «الواقع أداء وزارة التربية والتعليم مع موضوع تسمم تلاميذ المدارس يستحق أن نتوقف أمامه، فهو أداء يعتمد على فكرة «إدارة الأزمات بالبيانات». نحن أمام مؤسسة – شأنها شأن مؤسسات الدولة الأخرى- تكتفي أمام أي واقعة تتصل بأدائها بإصدار بيان نفي أو تبرير تدافع فيه عن نفسها، وهو أداء لا يقوم على التعامل مع المشكلات الصغيرة بالدرجة المطلوبة من الجدية حتى يتم تجنب المشكلات الكبرى. واقعة تسمم الثلاثاء الأول التي رافقها بيان الوزارة ضربت (35 طفلاً في مدرسة، و4 أطفال في أخرى) كما حدد البيان. أما واقعة الثلاثاء الثاني من مارس/آذار، فقد ضربت مئات آلاف التلاميذ. وهكذا أسس التعامل بأسلوب البيانات الدفاعية لمشكلة أكبر. لا أستطيع أن أدمغ وزارة التعليم وحدها بهذا النمط من الأداء، في وقت نجد له تطبيقات في الكثير من الوزارات والمؤسسات الأخرى. في كل الأحوال هناك عبارة في البيان تستحق التأمل، وتتعلق بالنص على أن الوزارة لا تتسلم الوجبات إلا بموجب إفراج من وزارة الصحة، هذه العبارة تحمل اتهاماً مباشراً لوزارة الصحة، وللوزير المسؤول عنها، بتعريض حياة الصغار للخطر. مطلوب من وزارة التعليم أن توضح الأمر فيما يتعلق بالجبنة والحلاوة التي أكلها الصغار بـ«السم»، وهل مرت بالإجراءات المتبعة، وتم توزيعها بموجب قرار إفراج من وزارة الصحة أم لا؟».

ليست مؤامرة

الموقف الأوروبي المناهض للتعديلات الدستورية التركية لفت أنظار الكثيرين منهم فراج إسماعيل في «المصريون»: «الموقف العدائي تجسد على أرض الواقع في التصدي للدعاية الجماهيرية لها في أكثر من دولة، أبرزها الأزمة الأخيرة بين هولندا وتركيا، من الاستسهال الشديد نعته بالمؤامرة. دعم الاتحاد الأوروبي للتجربة الاقتصادية والسياسية التركية الناجحة، منذ تولي حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان كان من أهم أسباب نجاحه، وتحقيقه قفزات كبيرة في النمو طوال العقد الماضي.
ليست هناك مؤامرة أوروبية ولا خوف من صعود أنقرة سياسيا واقتصاديا في ظل نظام رئاسي بعد التعديلات، ولكنه قلق فعلي من ردة إلى الخلف تسبب الفوضى والضعف، لاسيما أن الشعب التركي متنوع ومنقسم، وكانت الديمقراطية الجامع الأقوى له تحت سقف برلمان يملك الصلاحيات التي يدير بها الدولة. أكثر ما يخيف في النظام الذي تريد أن تنتقل تركيا إليه بعد تسعين عاما من النظام البرلماني، هو شخصية أردوغان نفسه. الزعيم هو ما يثير القلق في نظام رئاسي خالص يملك من خلاله الصلاحيات التي قد تحوله إلى ديكتاتور ومستبد، وهذا ليس بعيدا عن عالمنا في الشرق، ولدينا الكثير من ذكرياته السيئة والحزينة. الزعماء الأقوياء ليسوا ملائكة حتى لو كانوا أطهارا، والسلطات عندما تتمركز في أيديهم بلا مشاركة أو رقابة جدية تفسدهم وتحولهم إلى التسلط».

«القدس العربي»

عن admin

شاهد أيضاً

هل باع عبد الناصر ذهب مصر؟

بقلم: عادل حمودةالمجتمع المريض وحده هو الذي لا تشتبك فيه كرياته الحمراء والبيضاء في صراع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *