الرئيسية / حوارات ناصرية / ذات يوم 16 نوفمبر 1969.. الانفجارات تهز «إيلات» والضابط نبيل عبدالوهاب يعود سابحًا 14 كم بزميله الشهيد «البرقوقى»

ذات يوم 16 نوفمبر 1969.. الانفجارات تهز «إيلات» والضابط نبيل عبدالوهاب يعود سابحًا 14 كم بزميله الشهيد «البرقوقى»

سعيد الشحات يكتب:

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 نوفمبر 1969.. الانفجارات تهز «إيلات» والضابط نبيل عبدالوهاب يعود سابحًا 14 كم بزميله الشهيد «البرقوقى» الانفجارات تهز «إيلات»
توجهت المجموعات الثلاث من الضفادع البشرية المصرية إلى ميناء إيلات لوضع الألغام فى ثلاث سفن بالميناء (راجع: ذات يوم 15 نوفمبر 2017)، وذلك بعد أن صدرت لها إشارة متفق عليها من إذاعة صوت العرب بالقاهرة وكانت أغنية «بين شطين وميه» للمطرب محمد قنديل، حسبما تؤكد إنجى محمد جنيدى فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967-1970» عن «دار الكتب والوثائق القومية- القاهرة»، وكانت هذه الأغنية تعنى أن الأهداف موجودة فى مكانها، أما أغنية «غاب القمر يا ابن عمى» لشادية، فتعنى أنها غير موجودة، حسبما يؤكد اللواء نبيل عبدالوهاب أحد أبطال هذه العملية، وكان برتبة «ملازم أول» فى حواره لجريدة «البوابة- يومية- مستقلة- القاهرة» يوم 5 أكتوبر 2014».
ويؤكد اللواء محمود فهمى قائد سلاح البحرية، وقتئذ، فى سرده لتفاصيل العملية للكاتب الصحفى عبده مباشر فى كتاب «البحرية المصرية» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة»، أن الخطة تضمنت أن ينتظر القارب المطاط الذى أقل أبطال العملية فى نفس المكان الذى نزلوا منه إلى المياه، لالتقاطهم بعد عودتهم، أى بين الساعة الثانية عشرة والنصف، والواحدة من صباح يوم 16 نوفمبر (مثل هذا اليوم) 1969، ويضيف فهمى، أن التعليمات كانت، أنه إذا ما حدث طارئ، كأن لا يهتدى أحد إلى مكان القارب أو التأخير فى الوصول، يتم التوجه إلى الشاطئ الأردنى والتسليم إلى السلطات الأردنية، وحسب فهمى: «كان الرائد إبراهيم الدخاخنى من مكتب الملحق العسكرى المصرى بعمان ينتظر بميناء العقبة لتغطية مثل هذه الظروف»، ويضيف: «تقدمت الجماعات الثلاث سباحة فى اتجاه أهدافها».
وفى الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق، وصلت الجماعة الأولى إلى الهدف المحدد لها، لكن «صف ضابط» الجماعة اضطر إلى الصعود للسطح لنفاذ الأوكسجين من جهازه، فأمره الملازم أول عمر عز الدين بالعودة إلى القارب المطاط، وتقدم هو لتلغيم السفينة بمفرده فى الساعة الحادية وخمس وعشرين دقيقة، ونزع تيل الأمان من اللغم، ثم بدأ رحلة العودة، وفى الساعة الواحدة والنصف وصل إلى المكان المتفق عليه، لكن تعذر عليه الوصول إلى القارب المطاط أو التعرف على مكانه، فاتجه سباحة إلى الشاطئ الأردنى وسلم نفسه إلى السلطات هناك، أما الجماعتان الثانية والثالثة، فظلتا تسبحان حتى وصلتا مسافة 150 مترا من الهدف وانفصلتا، وبدأت جماعة الملازم أول حسنين جاويش فى الغطس، وفى الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة أتمت تثبيت اللغمين فى الهدف، وعادت سباحة إلى نقطة الالتقاط، لكن الوقت كان متأخرا فلم تستطع العثور على القارب المطاط، فاتجهت إلى الشاطئ الأردنى، واختبأت فى مبنى مهجور حتى الصباح.
أما الجماعة الثالثة وتتكون من الضابط نبيل عبدالوهاب والرقيب فوزى البرقوقى، فشهدت دراما من نوع خاص، فبعد أن أنهت مهمتها فى حوالى الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة، استشهد «البرقوقى»، ويروى «عبدالوهاب» فى حواره لـ«البوابة» القصة، قائلا: «استشهد البرقوقى بما يسمى (تسمم الأوكسجين)، وهو وارد حدوثه فى أى وقت حتى فى التدريب، وحله بسيط جدا وهو، الصعود إلى السطح وأخذ نفس عادى، لكن البرقوقى رفض، وأصر على أن يكمل العملية إلى نهايتها»، يضيف «عبدالوهاب»: «بعد تركيب لغمه أشار لى تحت المياه أنه يحتاج الصعود إلى السطح لأنه يشعر بالتعب، وما إن فعل حتى لفظ أنفاسه، ورغم أن التعليمات كانت تنص على أن أترك جثته، إلا أننى خالفت هذه التعليمات، وعدت بالجثة سباحة 14 كم حتى وصلت إلى العقبة بالأردن»، ويؤكد عبدالوهاب: «كانت القيادة أوصتنا فى حالة الوصول إلى العقبة أن نعترف بأننا ضباط ضفادع بشرية مصرية، ألقتنا طائرة هيلوكبتر لتنفيذ عملية فى إيلات، ولم تعد لتأخذنا، وقيادتنا أوصتنا أن نسلم أنفسنا لكم».
تم نقل الجميع إلى مبنى الاستخبارات الأردنية فى عمان، وفيما يؤكد اللواء فهمى، أن ما فعله «عبدالوهاب» مع الشهيد البرقوقى لم يحدث فى تاريخ الحروب البحرية، يتذكر عبدالوهاب أنه وأثناء احتجازه فى العقبة أحضر الأردنيون لهم ملابس ليرتدوها بدلا من ملابس الغطس، واستمع إلى الانفجارات التى هزت إيلات والعقبة، وتؤكد «إنجى جنيدى»، أن أولها كان فى تمام الساعة الواحدة وثلاث عشرة دقيقة صباح 16 نوفمبر، أعقبه خمس انفجارات أخرى لا تقل قوة عن الأول، مما أسفر عن تدمير سفينتين إسرائيليتين مع إحداث أضرار جسيمة فى الثالثة، وفى مساء نفس اليوم أصدر المتحدث العسكرى المصرى بيانا بالعملية.

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 نوفمبر 1969.. الضفادع البشرية المصرية تصل ميناء إيلات لوضع الألغام فى ثلاث سفن إسرائيلية

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 نوفمبر 1969.. الضفادع البشرية المصرية تصل ميناء إيلات لوضع الألغام فى ثلاث سفن إسرائيلية الضفادع البشرية المصرية
استدعى قائد القوات البحرية المصرية اللواء محمود فهمى، الرائد رضا حلمى قائد لواء الوحدات الخاصة البحرية، وبعد مقدمة حماسية مختصرة منه، حسب روايته للكاتب الصحفى عبده مباشر فى كتابه «تاريخ البحرية المصرية» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة» قال للرائد حلمى: «أريد أن أكلفك بضرب وإغراق ثلاث سفن إسرائيلية بميناء إيلات على رأس خليج العقبة».
استقبل الرائد «حلمى» المهمة بحماس، وحسب فهمى فإن السفن الثلاث هى «بيت شيفع، بات يام، بات جاليم»، وبعد أن أفاق «حلمى» من حماسه جلس مع قائده أمام خريطة لدراسة كيفية التنفيذ، وتؤكد الباحثة «إنجى محمد جنيدى» فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل- 1967-1970» عن «دار الكتب والوثائق القومية – القاهرة»، أن المخابرات المصرية حصلت على معلومات خاصة بالميناء، عن طريق مهندسين سويسريين اشتركوا فى أعمال هندسية كإقامة وتوسيع الميناء، وبناء على هذه المعلومات تقرر القيام بإغارة أولى عليه، بما يعنى أن العملية تمت بالتنسيق بين المخابرات المصرية وسلاح البحرية، وكانت الأولى فى سلسلة ضرب القوات المصرية لميناء إيلات.
وفى كشفه لتفاصيل العملية إلى «مباشر» يذكر فهمى، أن قرار سفر الرائد رضا حلمى إلى العقبة تمت بموافقة الفريق محمد أحمد صادق رئيس أركان حرب القوات المسلحة على المهمة، وأنه سافر تحت ستار «ضابط إشارة»، سيقوم بالتفتيش على أجهزة نقطة المراقبة البحرية المصرية الموجودة بجوار ميناء العقبة منذ عام 1967، أما مهمته الأصلية فكانت استطلاع ودراسة المنطقة من جميع جوانبها، ويتعرف على الأحوال والظروف هناك، والشخصيات التى قد تساعده، ودبرت المخابرات الحربية عملية سفره إلى عمان، وهناك التقى بالرائد الدخاخنى الذى يعمل بمكتب الملحق العسكرى المصرى، كما تمكن من التعرف على بعض أفراد حركة فتح الفلسطينية، وعاد بمحصول وافر من المعلومات والصداقات، وبدأت عملية تدريب الأفراد على العملية وتجهيز المعدات الخاصة بها.
وتذكر «إنجى جنيدى»، أن ثلاثة من أفراد الضفادع البشرية حملوا المعدات والألغام والمهمات اللازمة على متن طائرة مصرية إلى العراق، وذلك على أنهم أفراد من حركة فتح، وأن الصناديق التى يحملونها تحتوى على معدات خاصة بالحركة، وعندما وصلوا إلى المطار وجدوا فى انتظارهم بعض أفراد من مجموعة «أبوهانى» الفلسطينية، وعلى الفور تم نقلهم جميعا بالسيارات إلى بلدة الطفلية بالأردن، كمنطقة تجمع انتظارا لوصول باقى أفراد الضفادع البشرية من القاهرة حيث كان معهم جوازات سفر مدنية لأغراض سياحية.
يكشف فهمى لـ«مباشر»، أنه بعد أن اكتملت المجموعة بدأت فى الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم 8 نوفمبر 1969 تحركت سيرا على الأقدام فى اتجاه البحر الذى يبعد خمسة كيلو مترات، ووصلت فى الساعة السادسة مساء، وكان الجو عاصفا والرياح شديدة، وحالة البحر سيئة، فتقرر تأجيل العملية والعودة إلى عمان، وفى يوم 14 نوفمبر 1969، وتحديدا فى الساعة الحادية عشرة والنصف مساء، تحركت المجموعة فى اتجاه العقبة، وفى الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 15 نوفمبر «مثل هذا اليوم» 1969 بدأ التحرك فى اتجاه إيلات، ويؤكد فهمى: «كان التوقيت مناسبا جدا، حيث كان الوقت رمضان، وكانت هذه الفترة هى موعد إفطار قوات الحدود الأردنية، وكانت حالة البحر سيئة، والرياح شديدة مثل المرة السابقة تماما، إلا أنهم قطعوا المسافة إلى ميناء إيلات فى ثلاث ساعات».
ويذكر فهمى، أن اليوم كان يوم سبت، ولأسباب دينية هو نقطة ضعف كبيرة عند اليهود حتى فى المجال العسكرى، ويؤكد: «أدركت هذا من بلاغات معظم الغواصات التى كنت أرسلها للاستطلاع أمام موانئ حيفا وأشدود وتل أبيب»، ويضيف: «انتظرت المجموعة قليلا فى القارب المطاط، حتى يقترب موعد غروب القمر الذى كان فى حوالى الساعة العاشرة مساء، وانقسمت المجموعة إلى ثلاثة جماعات، كل جماعة تتكون من ضابط وجندى، وتعرف مهمتها تخصيص الأهداف لكل جماعة على حدة، وبعد مراجعة جميع الخطوات التى يجب أن تتبع، وفى الساعة التاسعة والربع أشار الرائد رضا إلى قائد المجموعة الأولى، الملازم أول عمر عز الدين، بالنزول إلى الماء، ومعه الرقيب محمد العراقى، ثم أشار إلى قائد المجموعة الثانية الملازم أول حسين جاويش ومعه الرقيب عادل البطراوى، ثم أشار إلى قائد المجموعة الثالثة الملازم أول نبيل عبدالوهاب ومعه الرقيب محمد فوزى البرقوقى، وفى أقل من ثلاثة دقائق كانت الجماعات الثلاث فى الماء على بعد مسافة 2 كيلو متر من أرصفة ميناء إيلات.
وتواصلت العملية إلى اليوم الثانى.

عن admin

شاهد أيضاً

توماس سانكارا .. “الأصدقاء لا يخونون “.

  بقلم : عمرو صابح       كان توماس ايزيدور نويل سانكارا رائداً في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *