الرئيسية / كتاب الوعي العربي / زواج الاستثمار بالنشاط الصهيوني… صلاح دياب نموذجا!

زواج الاستثمار بالنشاط الصهيوني… صلاح دياب نموذجا!

رأي-عبد-الحكم-730x438.jpgxb

4 – سبتمبر – 2020

محمد عبد الحكم دياب

اسم صلاح دياب مالك صحيفة «المصري اليوم»؛ «له شَنَّة ورَنَّة» كما نقول في مصر؛ لكنها في اتجاه معاكس، ودياب اسم معروف في أوساط المال والأعمال والصحافة والإعلام، وهو من أهم رموز التطبيع، ومدمن التعامل مع الشركات والاستثمارات والأوساط الصهيو أمريكية في مصر، وفي خارجها، وهو يستحق لقب «عميد الصهاينة المصريين» ومن المتوقع تنصيبه مستقبلا «كبير» الصهاينة العرب، فعلاقاته وشركاته وشركات أسرته متشعبة في مصر وخارجها، وهي الأكبر في مجال الاعتماد على الخبرات والمهارات الصهيونية؛ في الزراعة والصناعات الغذائية والتصدير والاستيراد، والإدارة والتقانة، ويعمل على توطينها وتمصيرها وتعريبها، ويبدو أنه تفوق على أقرانه، وظن مراقبون ومهتمون أن فتح ملف صلاح دياب في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 كان بداية لفتح مغاليق زواج المال والاستثمار بالصهينة؛ لكن سرعان ما عاد الملف إلى مكانه السابق على الرف، وبدت هناك حاجة لإعادة فتحه من جديد.
في المرة الأولى نشرت الصحف وبث الإعلام المرئي والمسموع والألكتروني أخبارا وتقارير عن التحفظ على أموال 17 من رجال الأعمال وزوجاتهم وأبنائهم، ووجهت النيابة إليهم تهم الكسب غير المشروع، والإخلال بأرض «نيوجيزة» وهي أرض أضحت مضرب المثل في فساد الاستثمار العقاري، ومنذ ما يزيد عن ربع قرن وأنا أمر على المنطقة، التي أطلق عليها «المقاولون الجدد» مسمى «نيوجيزة»؛ الواقعة على طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي؛ أمر عليها وأنا في طريقي من وإلى مسكني بضاحية من ضواحي الجيزة، وشد انتباهي لافتة مكتوب عليها «محمية طبيعية».
وعادة ما تشير هذه اللافتات إلى أرض «على المشاع»؛ لها طبيعة خاصة، وتحتاج المحافظة على خصائصها، والإبقاء على طبيعتها الأولى، والاستفادة منها في إجراء البحوث المتعلقة بنوع الحياة البرية؛ النباتية والحيوانية فوقها، ووضع مثل هذه اللافتات يمثل حرصا من الدولة عليها والعناية بها، وإبقائها على سيرتها الأولى في مناطقها الغنية بكثير من صور الحياة البرية الطبيعية، وضمان استمرارها ومنع تلاشيها أو انقراضها.
وفكرة «المحميات الطبيعية» ظهرت في العصور الوسطى، وتختلف القوانين المنَظِّمة لها باختلاف البلدان والبيئات والمناخ، وتخضع للحماية القانونية الصارمة؛ المانعة للعبث بها، والمتَجنِّبة للاستخدامات الضارة، ولاحظت قبيل ثورة يناير 2011 اختفاء لافتة «المحمية الطبيعية» ومع مرور الوقت، وبعد أن وضعت الثورة أوزارها، ظهرت لافته أخرى؛ أكبر وأضخم؛ مضيئة ومبهرة، واتخذت مكانها فوق قمة الربوة الأعلى في هذه الأرض. ودفع حب الاستطلاع إلى الاستفسار عن سبب إزاحة اللافتة الأولى البسيطة، واستبدالها بأخرى مكلفة ومضيئة وشاهقة الارتفاع، فقيل لي هذه أرض لأصحاب سطوة ومستثمرين عرب (مصريين وغير مصريين)، ومن كبار موظفي الدولة، وجنرالات الأمن، وأبناء وأصهار ومساعدي الرئيس المخلوع حسني مبارك، واختفت لافتة «المحمية الطبيعية» من مكانها.
هذا وكانت لافتة «نيوجيزة» تستفزني وتُخرِج لي لسانها، وإذا ما سألت أحدا عن اللافتة التي اختفت لا أجد جوابا شافيا؛ حتى نشرت صحيفة «الشروق» المصرية على موقعها الألكتروني في 09 تموز/يوليو 2017 موضوعا عنوانه: «جهات سيادية تبحث تقنين أوضاع 600 فدان ضمن مشروع «نيوجيزة» لكاتبته عفاف عمار، وذكرت الكاتبة ان جهات سيادية ورقابية تقوم بالتحقيق في أراضي مشروع «نيوجيزة» كأحد الاستثمارات الخليجية في مصر؛ بمشاركة رجال أعمال مصريين، وذلك بدعوى ازالة التعديات على أراضي الدولة.

عمليات اختلط فيها الفساد؛ المستمر من عصر مبارك حتى اليوم، وكل ذلك لا يهم أصحاب القرار؛ ما داموا ممسكين بناصية الفساد ومفاتيحه، كي لا يفلت مفاتيحه من أيديهم

وبقدرة قادر تغير توصيف «المحمية الطبيعية» التي وصلت مساحتها إلى 1500 فدان (مساحة الفدان 4200 متر مربع)؛ تغير توصيفها وأضحت «أرض محاجر مُتَعدَّى عليها من اشخاص، باعوها لصالح شركة «صن ست» التي تأسست بغرض شراء «أراضي المحاجر» التي جعلوها تحل محل «المحميات الطبيعية» وبيعت بعقود ابتدائية بسعر تراوح بين 50 ــ 70 جنيها للمتر، واشترت شركة «صن ست» أرضا ملاصقة لها بمساحة 900 فدان من محافظة الجيزة، ويبدو أن محافظة الجيزة هي التي غيرت صفة الأرض من «محمية طبيعية» إلى محاجر؛ تم بيعها بالمزاد بـ450 جنيها للمتر عام 2007» وضاعت «المحمية الطبيعية» وشُطِبت من الخريطة ومن المنطقة!!.
وكان وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي قد وافق في 2009 على ضم قطعتي الأرض بموجب عقد موحد ليصل اجمالي مساحة المشروع 1500 فدان، وقامت جهة سيادية بدراسة تقنين اوضاع الــ600 فدان (وضع يد) وإلزام الشركة المالكة بدفع الفرق بين سعر أرض «المحمية الطبيعية» الملغاة، ولم تكن قابلة أو معروضة للبيع، والموانع سقطت بعد تسعير الأرض كمحاجر، وتقنينها لتباع بالمزاد العلني.
وتقع مدينة «نيو جيزة» على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، داخل زمام مدينة 6 اكتوبر، وتغيرت لمدينة حديثة؛ تشتمل على 15 مشروعا منها: 10 مناطق سكنية، ومدينة طبية مساحتها 50 فدانا، وفنادق، ونادي نيو جيزة الرياضي ومساحته 24 فدانا، وملعب غولف مساحته 200 فدان، وجامعة نيو جيزة؛ تضم 6 كليات ومدرسة الْسُن بريطانية دولية، ومجمعات تجارية (مولات)، ومكاتب إدارية بتكلفة استثمارية تتجاوز 25 مليار جنيه.
وتبلغ مستحقات الدولة؛ تمثلها محافظة الجيزة لدى الشركة حوالى 4 مليارات جنيه، تصل إلى 6 مليارات جنيه بالفوائد، وتسدد الشركة قسطا سنويا بقيمة 200 مليون جنيه، بداية من عام 2007، وكان من المقرر الانتهاء في 2019، واستثناء عام 2011، بسبب ظروف مصر أثناء ثورة يناير، ويبلغ رأسمال الشركة المدفوع نحو 4 مليارات جنيه، والمرخص 10 مليارات جنيه، وتستحوذ شركة خليجية على الحصة الاكبر من رأسمال الشركة بنسبة 40٪، وحصة باقية لصندوق استثمار ليبيا، ويظهر اسم صلاح دياب وحصته 30٪ هو ورجل الأعمال محمود الجمال (والد زوجة جمال مبارك)، وسبق رَفْض المساهم الليبي لعرض تقدمت به الشركة الخليجية، لشراء حصته، عقب اندلاع الثورة الليبية.
ويضم هيكل مساهمي «شركة الجيزة الجديدة للتنمية والتطوير العقاري» المشرفة على مشروع «نيو جيزة» شركة «المها للاستثمار العقاري» بنسبة 40٪ وهى مملوكة لجهاز دولة خليجية للاستثمار، ومعها شركة خليجية أخرى أُسِّست وفقا لقانون «جزر الكايمان»؛ الملاذ الضريبي والمركز السياحي والمصرفي العالمي، وتقع في غرب البحر الكاريبي، وتخضع للتاج البريطاني، و«شركة الوطن للاستثمار العقاري» بنسبة 20٪، وهي بدورها شركة مملوكة بنسبة 51٪ لجهاز ليبيا للاستثمار، والنسبة الباقية يبرز فيها اسم صلاح دياب بصفته مالك «شركة بيكو» و«شركة الوطن للاستثمار العقاري» بنسبة 20٪، وهي بدورها مملوكة بنسبة 49٪ لجهاز ليبيا للاستثمار، والباقي لشركة بيكو، بينما تساهم شركة بيكو للاستثمار العقاري بنسبة 5٪، والنسبة المتبقية توزعت على حصص متفاوتة بين مساهمين آخرين؛ منهم محمود الجمال، وتوفيق دياب؛ إبن صلاح دياب!!
هذا وكانت نيابة الأموال العامة العليا قد قررت في مارس 2016 حفظ التحقيقات في قضية «أراضي نيوجيزة»؛ عقب سداد مسؤولي الشركة مستحقات الدولة البالغة 238 مليونا و722 ألفا و109 جنيهات، وكانت نيابة الأموال العامة العليا قد انتهت في تحقيقاتها إلى وجود مخالفات شابت إجراءات تخصيص الأراضي لـ«شركة الجيزة الجديدة للتنمية والتطوير العقاري» بالمنطقة الاستثمارية بمحافظة الجيزة، تمثلت في عدم استيفاء مستحقات الدولة مقابل بيع الأرض وكذا رسوم التنازل. وتجاوز حجم الإنفاق في المشروع حتى الآن حوالى 9 مليارات جنيه، وتصل مديونياته المستحقة للمصارف 750 مليون جنيه، حصلت عليها الشركة من البنك التجاري الدولي، وفي العام الماضي تفاوضت «شركة نيوجيزة للمشروعات التعليمية» مع عدة مصارف لاقتراض 350 مليون جنيه لتمويل مشروع جامعي باستثمارات مليار جنيه.
ومن الواضح أنها عمليات اختلط فيها الفساد؛ المستمر من عصر مبارك حتى اليوم، وكل ذلك لا يهم أصحاب القرار؛ ما داموا ممسكين بناصية الفساد ومفاتيحه، كي لا يفلت مفاتيحه من أيديهم، بجانب أن ما يتم بدا ترجمة لرغبة جامحة من الرئاسة للاستحواذ على صحيفة «المصري اليوم» التي كان صاحبها يكتب باسم مستعار هو «نيوتن» وأجْبِر على الإفصاح عن الاسم فلبّى، وظهر عمود «نيوتن» بتوقيع صلاح دياب في 21 نيسان/إبريل 2020، وتوارى اسم عالم الطبيعة الانكليزي. وما زال ملف زواج المال والاستثمار بالصهيونية مفتوحا.

عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *