الرئيسية / تقارير وملفات / أمبراطورية آل ساويرس .. كيف نشأت ومن تخدم(2) – بقلم: د. عبد الخالق فاروق

أمبراطورية آل ساويرس .. كيف نشأت ومن تخدم(2) – بقلم: د. عبد الخالق فاروق

 ساويرس والعائلة
من هو عقيل بشير ؟ رجل نجيب ساويرس ومحمد نصير
عقيل بشيرهو الرئيس السابق للشركة المصرية للاتصالات ( 1999-2013 ) ، وهو أيضا عضو مجلس إدارة شركة جهينة للصناعات الغذائية ممثلا لشركة فرعون إنفستمنت ليمتد ، وكان بصفته الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للاتصالات قد قام برفض إنشاء شبكة ثالثة للمحمول عام 2002 ، وتخلى عن الرخصة الثالثة لصالح الشركتين المحتكرتين للسوق المصرية للمحمول في ذلك الوقت – موبينيل وفوادفون – وبهذا أخرج المصرية للاتصالات وهى شركة حكومية من هذا السوق الضخم ، وترك السوق للمحتكرين موبينيل المملوكة لنجيب ساويرس وفوافون المملوك حصة كبيرة منها لشريكه السابق محمد نصير ، وأدعى وقتها أن سوق المحمول قد تشبع ( كان 4.5 مليون مشترك فقط ) وأن إستثمار المصرية للاتصالات في هذا السوق سوف يعود عليها بالخسارة ، وقد تبين كذب هذا الإدعاء ، كما تقدم الكاتب ببلاغ ضد عقيل بشير ووزير الاتصالات وقتئذ أحمد نظيف إلى النائب العام يتهمهما فيه بالرشوة وأهدار المال العام ، والكذب على الرأى العام وذلك عام 2007 ، كما كرر البلاغ بعد ثورة يناير عام 2011 ) .
فقرة من كتاب كيف نهبت مصر 1974-2020 الذى لم ينشر بعد
ويبدو أنه لا يهم أحدا فى العالم العربى الإجابة عن سؤال كيف تحولت مصر إلى الإستدانة بهذا الشكل الحزين والكارثى
وكيف تحولت سياسات مصر الخارجية إلى هذا المسار البائس
دور آل ساويرس فى الخصخصة وتدمير قدرات الدولة المصرية (3)
بقلم / عبد الخالق فاروق
على عكس بقية سماسرة الأراضى وشركات القطاع العام ، كان دور آل ساويرس ذو أبعاد إستراتيجية ، فهم من ناحية سماسرة بالمعنى المتعارف عليه للسماسرة ، يدخلون فى هذه الصفقات التى بدأتها عصابة تسلطت على مصر منذ عام 1991 ، لتنفيذ تعليمات وتوجيهات الولايات المتحدة ، ومؤسسات التمويل الدولية ( البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ) المسيطر عليهما أمريكيا ، لتفكيك قدرات وأمكانيات الدولة المصرية أقتصاديا ، عبر بيع مناط قدراتها وقوتها المتمثلة فى شركات القطاع العام (388 شركة وأكثر من ألف مصنع ) سواء لرأسماليين محليين أو عرب أو أجانب ، بينما على الجانب الأخر كان لدور آل ساويرس خصوصا الثلاثى ( ناصف – ونجيب وسميح ) مستوى استراتيجيى أبعد وأعمق من مجرد شراء وبيع شركات وتحقيق أرباح من مثل هذه الصفقات .
ويكشف هذه الدور الذى لم يتنبه إليه كثيرون ، مراجعة بعض الصفقات التى عمل عليها آل ساويرس ، والتى تتخذ أبعادا إستراتيجية ، وأبرزها المصانع والشركات التى كانت قوام وعناصر البرنامج النووى المصرى فى عهد جمال عبد الناصر ، وكذلك قطاع الاتصالات الإستراتيجيى ، وقطاع الأسمدة ، وقطاع الأسمنت ، كان هذا محور أساسى لحركة آل ساويرس ، وبالقطع كان هناك أخرون من المتنطعون المصريون والعرب ، لكن آل ساويرس كانوا الأكثر وعيا بما يفعلون ..
فلنتأمل معا بعض تلك الصفقات التى أضاعت الدولة المصرية وحولتها إلى أشلاء ، برغم كل الدعاوى والزيف حول مصر أم الدنيا وحتبقى قد الدنيا .. تعالوا معى وأقرأوا فى سطور أختراق مصر من الداخل
(1) شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط العالى :
كانت هذه الشركة هى باكورة الشركات التى جرى تطبيق برنامج الخصخصة وبيع الأصول العامة عام 1994 ، وتكشف الوثائق والمستندات الواردة فى الدعوى رقم (40510) لسنة 65 ق ، أمام القضاء الإدارى وحكم المحكمة عن فظائع فساد لا يمكن تصورها ، أو توقع حدوثها فى دولة تحترم الحد الأدنى من القوانين والمصالح الوطنية .
لقد أنشئت هذه الشركة بالقرار الجمهورى رقم (2460) لسنة 1962 ، على مساحة 32 فدانا ( أى حوالى 134.3 ألف متر مربع ) على الضفة الشرقية لنهر النيل فى منطقة منيل شيحة بالجيزة ، وتختص الشركة بإنتاج الغلايات ذات السعات والقدرات الكبيرة المستخدمة فى الصناعات الغذائية وصناعات الأسمدة ، والمنسوجات والورق والبتروكيماويات والمستشفيات والقوى المحركة للسفن ، وفى غلايات المحطات الحرارية لإنتاج الكهرباء ، وفى وحدات تنقية مياة الشرب وتحلية مياة البحر ، ثم أخيرا فى المفاعلات الذرية والنووية ، وهى بهذا المعنى كانت جزءا رئيسيا من مكونات المشروع النووى المصرى الذى بدأ عام 1958 بإقامة المفاعل الذرى فى منطقة ” إنشاص ” ، بالاضافة إلى مصنع سماد ” أبو طرطور ” .
وكانت الشركة تنتج أوعية الضغط من وزن طن إلى 12 طنا ، وبسعة تصل إلى 1300 طن بخار / ساعة ، لذا لم يكن مصادفة أن تكون الشركة هى المحطة الأولى لتطبيق برنامج الخصخصة ، لإعتبارات بعضها مالى واقتصادى ، وبعضها الأخر إستراتيجى . وقد بدأت العملية على النحو التالى :
1- بطلب من رجل نظام مبارك القوى (الدكتور عاطف عبيد ) وزير قطاع الأعمال العام ووزير شئون مجلس الوزراء ووزير البيئة ، عرضت الشركة القابضة للصناعات الهندسية – التى يتولى رئاسة مجلس إدارتها المهندس ” عبد الوهاب الحباك * الشركة بتاريخ 29/12/1992 الشركات العالمية المتخصصة لتقديم عروض مشاركة مع شركة النصر للمراجل البخارية ، خاصة وأن وزارة الكهرباء كانت بصدد خطة طموحة للتوسع فى إنشاء محطات حرارية لإنتاج الكهرباء ، مما يستدعى زيادة الطلب على منتجات شركة النصر وغلايات الضغط العالى .
_________________
* تولى هذا الرجل مجلس إدارة عدد من الشركات العامة ، ثم منذ عام 1992 تولى رئاسة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية وهى واحدة من أهم الشركات القابضة التى تشرف على اكثر من 30 شركة هامة تابعة للقطاع العام فى أهم الصناعات الحساسة ، ثم بعد سنوات طويلة فى منصبه أبلغت عنه زوجته الأجهزة الرقابية عن تلقيه رشاوى بالملايين ، وأرشدت الأجهزة الرقابية عن خزانته وحساباته ، وكان البلاغ بسبب تزوجه من شابة صغيرة السن ، قبض على الرجل وحوكم وسجن لمدة عشر سنوات وغرامة 24 مليون دولار ورد 4 مليون جنيه أخرى ، ثم مات أثناء تنفيذ الحكم دون أن يكشف عن كل أمواله وحساباته فى الخارج ، وما كشفه لم يزد على 75 مليون دولار فقط لا غير وهو رقم ضخم جدا فى هذا الوقت .
2- تم الاستعانة بأحد المكاتب الاستشارية الأمريكية COOPERS & LEBERANT للتقويم الفنى والإدارى للشركة .
3-أتبع المكتب الاستشارى الأمريكى مجموعة من الأساليب فى تقييم أصول الشركة ، سواء كان أسلوب القيمة الدفترية أو أسلوب القيمة الاستبدالية ، وقد أدى أسلوب التقييم إلى سعر للشركة 16.2 مليون دولار ، عبارة عن 11.0 مليون دولار لشراء الأصول الثابتة ، و 5.2 مليون دولار مقابل المخزون . وتحت طلب وزير قطاع الأعمال العام د. عاطف عبيد تم زيادة السعر إلى 17.0 مليون دولار ( أى ما يعادل 55.0 مليون جنيه مصرى بسعر الصرف السائد وقتئذ).
4-ووفقا لرأى خبراء المحاسبة الذين أستعانت بهم محكمة القضاء الإدارى ، فأن هذا المكتب الاستشارى الأمريكى قد أرتكب مجموعة من الأخطاء والمخالفات المحاسبية التى أدت فى النهاية إلى بخس تقييم أصول الشركة المصرية ومنها:
1/5 – أن الأسلوبين اللذين أخذ بهما المكتب الاستشارى الأمريكى ، لا يمثلان الأساليب الواقعية فى تقييم أصول الشركة .
2/5- أن تقييم المكتب للشركة على أساس قيمة التدفقات النقدية المخصومة Discount Cash Flows (D.C.F) قد تم بإحتساب القيمة على أساس 25 عاما ، أى من عام 1993 حتى عام 2017 ، ولكن المكتب فعليا بنى تقديراته حتى عام 2000 فقط ، ولم تبن على أساس التقديرات من عام 2001 حتى عام 2017 ، وأنما كرر ذات التقديرات لعام 2000 على باقى السنوات ، بما أثر سلبا على قيمة تقييم أصول الشركة .
3/5- قيام التقييم للقيمة الحقيقية لأصول الشركة على تقديرات لا أساس لها ، نتيجة لعدم وجود البيانات الأساسية للتقييم ، والمتمثلة فى بيانات مراجل محطات القوى والاستثمارات الأضافية وحجم الإيرادات (76) .
4/5- اقتصار حساب التقييم على أساس معدل خصم واحد وثابت هو 12% ، وهو معدل مرتفع بما يستوجب قيام التقييم على أساس بدائل لمعدلات خصم مختلفة وليس معدل خصم واحد وثابت .
5/5- تقييم المكتب الاستشارى الأجنبى للأصول على أساس القيمة السوقية Market Value ، تم على أساس ميزانية الشركة عام 1991 ، وإهمال ميزانية عام 1993 ، بما جعل التقييم غير معبر عن حقيقة القيمة الفعلية للشركة
6/5- أن تقييم المكتب الاستشارى أخذ فى الأعتبار تخفيض العمالة بنسبة 25% إلى 50% ، بينما الثابت أن عددا من العروض الأخرى للشراء إشتملت على تشغيل العمالة بالكامل (77) .
7/5- المعدات ووسائل النقل والأدوات والمكاتب والأثاث وبقية الأصول المتداولة تم تقييمها بقيم محددة دون عرض أسس ومعايير هذا التقويم .
8/5- كما قيم سعر متر الأراضى المملوكة للشركة على أساس سعر للفدان 225 ألف جنيه أى بمتوسط 53.5 جنيها للمتر المربع الواحد وهو تقدي كما يشير الخبراء متدنى للغاية .
9/5- بينما قيمت لجنة مراجعة تقييم المكتب الاستشارى الأصول ب 16 مليون دولار ، فأن لجنة مراجعة التقرير النهائى بحسب طريقة التدفقات النقدية المخصومة D.C.F قدرتها بحوالى 29 مليون دولار .
3-على أية حال تقدمت تسعة شركات للمزايدة – التى تحولت بالمخالفة للقانون إلى ممارسة محدودة – كما أدخل أخرين من غير المزايدين المتقدمين ، بعد إنتهاء مواعيد التقدم فى الممارسة المحدودة ، ورست المشاركة ( وليس البيع ) على الشركة الأمريكية الكندية ( بابكوك أند ولكوكس إنترناشونال أنفسمتمنت المحدودة ) BABCOCK & WILCOX INTERNATIONAL INVESTMENTS C. INK وهى شركة يملكها رأسماليان يهوديان صهيونيان بحصة 51% ، يشاركهم كل من خالد محمد عبد المحسن هلال شتا ، وشقيقه هشام محمد عبد المحسن هلال شتا بحصة (49% ) ، ووالدهما من خلف الستار ، نظرا لأنه أثناء ذلك كان عضوا بمجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسة التى تضع الشروط وتمارس عمليات البيع ، وتشرف عليها بما يمثل تعارضا فجا للمصالح والتلاعب خصوصا إذا عرفنا أن عبد الوهاب الحباك حاضرا فى الصفقة بشخصه وتاريخه الملوث بالرشاوى والعمولات .
2- تم البيع بسعر 16.3 مليون دولار ( أى ما يعادل 55.4 مليون جنيه مصرى ) ، سدد منها 39.8 مليون جنيه مديونيات للبنوك والالتزامات الأخرى ، ثم جرى صرف 10% من قيمة البيع فى صورة مكافآت للقيادات الإدارية للشركة والمعاش المبكر للعاملين فيها ، ولم يتبق سوى 9.0 مليون جنيه ذهبت إلى الخزينة العامة ..!!
وهنا تقول المحكمة فى حيثيات حكمها من فرط ما هالها من وقائع نهب وإهدار للمال العام والاصول الانتاجية ( ومما يؤكد إنعدام القرار المطعون فيه أن وزير قطاع الأعمال العام ، والجمعيات العمومية للشركات القابضة والمسئولين عن ملف الخصخصة ، تصرفوا فى شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، ليس بأعتبارها صرحا صناعيا عظيما ساهم على مدار تاريخه الطويل تلبية الحاجات الأساسية لقطاعات عريضة من الشعب فى عدد وفير من الصناعات المعتمدة على هذا المشروع العملاق ، وفى تلبية متطلبات التصدير للخارج ، وتحقيق الأكتفاء الذاتى من هذه الصناعة الاستراتيجية ، ولكن تصرفوا فيها بأعتبارها رجسا من عمل الشيطان ، يجب التطهر منه بأى ثمن ، أو بوصفها ذنبا يلقى على الشركة والدولة واجب تقديم القربان للاستغفار عن إرتكابه ) (78) .
3- وعلى الفور جرى تغيير أسم الشركة إلى ” شركة بابكوك وويلكوكس – مصر ” ، عام 1994 بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ( د. يوسف بطرس غالى ) رقم (649) لسنة 1994 ، وبتعديل مادتين فى النظام الساسى للشركة هما المادة الثانية والمادة( 25) بالقرار رقم (354) لسنة 2001
4- وخلال نفس الفترة – ولم تكن مصادفة – ما جرى من الترخيص ( لناصف ساويرس ) بتأسيس ( الشركة الوطنية للصناعات الحديدية ) بقرار هيئة الاستثمار رقم (528) لسنة 1995 ، الذى سيلعب دورا فى مرحلة لاحقة من تصفية شركة النصر للمراجل وفى غيرها من شركات القطاع العام الهندسية والمعدنية .
5- بعد أن أستحوذت شركة ” بابكوك أند وويلكوكس ” على شركة النصر للمراجل البخارية ، حصلت على عقد توريد غلايات من وزارة الكهرباء المصرية بقيمة 600 مليون جنيه مصرى – تماما كما جرى فى شركة التليفونات المصرية – استجابة لخطة وزارة الكهرباء فى التوسع لإنتاج الكهرباء بطاقة 6 آلاف ميجاوات خصوصا فى محطتى كهرباء عيون موسى وسيدى كرير ، بما يحتاج إلى 20 مرجلا بخاريا جديدا .
6- وبعد البيع مباشرة ، قامت وزارة الكهرباء بإسناد عملية إقامة محطة كهرباء الكريمات بقيمة 600 مليون دولار إلى الشركة الأمريكية الكندية المشترية لشركة المراجل البخارية (79) .
7- وبعد أن حققت الشركة الأمريكية الكندية الهدف من وجودها ، ونظرا لتكرار عدد من الحوادث فى إنتاج الشركة الجديدة التى أعتبرها بعض الفنيين مفتعلة وتمثل عيوب فى التشغيل وليس الصناعة عموما ، قام الشركاء الأجانب بالتخارج من شركة ( بابكوك وويلكوكس – مصر ) عام 2000 ، وتركت لشركائهم السادة :
– خالد محمد عبد المحسن هلال شتا .
– هشام محمد عبد المحسن هلال شتا
– ومن خلفهم الشريك من وراء الستار الوالد محمد عبد المحسن هلال شتا .
8- وعلى الفور قام خالد وهشام شتا ، بالتقدم إلى هيئة الاستثمار لتغيير أسم الشركة من شركة ” بابكوك وويلكوكس – مصر” ، إلى ” الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية ” ، ووافقت هيئة الاستثمار بالقرار رقم (354) لسنة 2001 ، وتملكوا أسهم الشركة كاملة ( وعددها 23579 سهما ) ، وهنا ظهر والدهم ليصبح الثلاثة شركاء فى الشركة الجديدة على جثة شركة النصر للمراجل البخارية .
9- وبعدها بدأت القفزة الكبرى ، والخطوة قبل الأخيرة فى هدف تصفية كل أثر لشركة النصر للمراجل البخارية ، فقد قرر الشركاء الثلاثة تقسيم الشركة إلى شركتين ( قرار رئيس هيئة الاستثمار ( رقم 1184/2 ) لسنة 2006 وهما :
– الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية برئاسة خالد محمد شتا .
– شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية برئاسة شقيقه هشام محمد شتا ، ووالدهم محمد عبد المحسن هلال شتا .
وأخذت الشركة الأخيرة معها مساحات الأراضى التى تزيد على 134 ألف متر مربع تقع على نهر النيل مباشرة ، والتى تزيد قيمتها كأرض فضاء عن 670 مليون جنيه بإحتساب المتر المربع بخمسة آلاف جنيه فقط لا غير .
10-وفى 1/6/2008 قام ” خالد شتا ” بالخطوة الأخيرة ، وذلك ببيع شركته ( الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية ) إلى شركة ناصف ساويرس المسمى ( الشركة الوطنية للصناعات الحديدية ) التى إنشئت عام 1995 لتكون المعبر والمحلل لعمليات الخصخصة وغسل أثار جرائمها ، تماما كما فعلوا فى شركات الأسمنت وغيرها . فقام ( ناصف ساويرس ) بنقل معدات وآلات وموجودات الشركة الأصلية ( النصر للمراجل البخارية ) من مقرها فى منيل شيحة إلى مخازن شركته فى مدينة السادس من أكتوبر تمهيدا لاستغلال الأراضى فى النشاط العقارى والسياحى .
11-وفى الأثناء ، وبعد إرتفاع صرخات العاملين بالشركة من ناحية ، وإلتفات بعض قوى المعارضة السياسية الوطنية من ناحي أخرى لما يجرى من فساد فى بيع الشركات العامة عموما ، وشركة المراجل البخارية خصوصا ، بدأت عمليات تنظيف الأثار والمخلفات كما يقول رجال الاستخبارات والإغتيالات ، فقام الدكتور عاطف عبيد وقد أصبح رئيسا للوزراء (1999-2003) بدمج الشركة القابضة للصناعات الهندسية فى الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ، تماما كما فعلوا بعد فضيحة بيع شركة عمر أفندى ، حينما نقلوا تبعية الشركة من الشركة القابضة للتجارة التى كان يترأسها هادى فهمى الشقيق التوائم لوزير البترول سامح فهمى ، والتى قامت بعملية بيع شركة عمر أفندى ، إلى الشركة القابضة للتشييد والبناء …!!
وكان الهدف من ذلك محو الآثار من ناحية ، والمماطلة فى نظر الدعوى القضائية أمام القضاء الإدارى ، بحجة الدفع بغياب المستندات ، وهو ما حدا بالمحكمة إلى القول بأنه ( قد شاب إجراءات البيع عيب الفساد والإنحراف بالسلطة وتعارض المصالح ، وإهدار قواعد عملية الإفصاح والشفافية ، وهى مخالفات تلقى بظلال كثيفة على إدارة عملية الخصخصة فى مصر ، وبخاصة فى بيع تلك الشركة ، ودور رأس المال المستغل فى نهب ثروات الشعب ، بمعاونة السلطات القائمة على الخصخصة ، وتجعل من قرار بيع كافة أصول شركة النصر للمراجل البخارية قرارا منعدما ولا يرتب أى أثر ) (80) .
12-وقد تبين وجود تعارض فى المصالح وقت البيع لم يفصح عنه وحتى تاريخ رفع الدعوى ، تمثل فى عضوية محمد عبد المحسن هلال شتا فى مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية التى تقوم بعملية البيع ، فى الوقت الذى يشارك نجليه ( خالد وهشام ) فى الشركتين المشتريتين لشركة النصر للمراجل البخارية ، علاوة عن كونه كما يتبين فيما بعد شريك خفى فى عملية الشراء .
13-وكذلك ما تبين من تعارض فى المصالح ما جرى فى البيع بسداد 25% فقط من القيمة الإجمالية ( أى حوالى 5.0 مليون دولار ) ، مع قرار من الجمعية العمومية بأن يكون البيع كاملا ، وتسليم باقى المبلغ فى حين استلام الشركة .
14-كما تبين تواطؤ القائمين على مأمورية الشهر العقارى بالهرم ، وذلك بتسجيل تنازل نهائى بدون مقابل بتاريخ 4/2/2007 عن ذات أرض الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية ، إلى شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية التى يشارك فيها ناصف ساويرس وهشام شتا ووالده محمد عبد المحسن شتا ، ولعل هذا ما حدا بالمحكمة إلى القول فى حيثيات حكمها ( أن هذه المحكمة وقد هالها ما أنطوت عليه الدعوى من معالم الفساد الذى عاث فى أملاك الدولة وأموالها ، فأستباحها وأهدرها ، لتنوه إلى فساد جد خطير صاحب تنفيذ صفقة بيع شركة النصر للمراجل البخارية ، إلا وهو تمويل الجهات الأجنبية لقرارات الخصخصة فى مصر ) وأستندت المحكمة فى حكمها ( بإلغاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول والمخزون السلعى لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ) ، إلى وضع ثلاثة شروط إستثنائية فى نص العقد غير مألوفة فى مجال القانون الخاص ، وهى الواردة فى البنود (7/4) و (7/5) و (7/2) و (7/3) من ضرورة الحفاظ على العمالة الموجودة بالشركة ، وعدم الاستغناء عنها ، وإستمرار نشاط الشركة والعمل على تطويره
وهكذا كان يجرى إهدار ونهب الثروة الوطنية والانتاجية المصرية لصالح جماعات من السماسرة المحليين ، والمغامرين الأجانب ، تنفيذا لتوجيهات ومصالح قوى خارجية ، سواء كانت الولايات المتحدة الأمريكية ، أو الشركات الدولية التى لعبت بدورها أدوارا متعددة ، فأحيانا تقوم بدور ” المحلل ” وتوفير الغطاء من الحماية الدولية للمستثمرين والسماسرة المصريين والعرب ، أو تنفيذا لأجندة سياسية وإستراتيجية لقوى معادية مثل إسرائيل ، وتفكيك مكونات البرنامج النووى المصرى ( سماد أبو طرطور – المراجل البخارية – البحث العلمى فى المجال النووى … الخ ) .
فإذا حاولنا تقدير حجم الخسائر فأنها تشمل :
أ‌- حجم إنتاج جرى تدميره وإدخاله فى خطوط إنتاج لشركات أجنبية بدلا من تطوير خطوط إنتاج هذه الشركة .
ب‌-العمالة الفنية التى دربت وتلقت تعليما وتدريبا فنيا لسنوات طويلة سواء أثناء العمل ، أو بالسفر إلى ألمانيا والاتحاد السوفيتى السابق ، فتحول معظمهم إلى رصيف البطالة ، بل أن بعضهم قد أصبح عاملا فى محلات كشرى وفى تقديم الأطعمة .
ت‌-الأراضى ، وهنا لن نتحدث عنها إلا من زاوية أنها قد أصبحت مصدرا للثروة لبعض سماسرة الأراضى ورجال المال والأعمال الجدد ( آل شتا – آل سويارس – أحمد هيكل وغيرهم ) التى تقدر على الأقل بحوالى 670 مليون جنيه ، دخلت جيوب هؤلاء ( بمتوسط سعر للمتر المربع فى هذا الموقع خمسة آلاف جنيه ) ، وكان من الممكن إستخدام الشركة لمبيعات الأراضى والانتقال إلى موقع جديد والاستفادة من هذا المبلغ فى تطوير خطوط إنتاج الشركة لتصبح من أحدث الشركات ، لتلبية متطلبات السوق المحلية أو العربية والأفريقية وغيرها .
               الشكل رقم (6)
الشبكة السرية التى قامت بتدمير والتربح من بيع وخصخصة شركة النصر للمراجل البخارية
فقرة من كتاب ( كيف نهبت مصر 1974-2020 ) الذى لم ينشر بعد
فليس هناك حركة وطنية عربية مهتمة بمعرفة ما جرى فى مصر
عبد الخالق فاروق
يتبع غدا

عن admin

شاهد أيضاً

مطارق الحنين الي فلسطين

مطارق الحنين!! د.شكري الهزَّيل لم يكن يدور بخلدي يوما ان تضرب الاسوار اطنابها حول قلمي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *