الرئيسية / تقارير وملفات / د.يحيى القزاز .. يكتب: ماذا لو لم تُحل مشكلة سد النهضة الإثيوبى؟

د.يحيى القزاز .. يكتب: ماذا لو لم تُحل مشكلة سد النهضة الإثيوبى؟

saad

 

ماذا لو لم تُحل مشكلة سد النهضة الإثيوبى؟
السياسة هى فن إدارة فائض قوة الدولة بما يحقق مصالحها سلميا وإن لزم الأمر فالقوة بديلا. المجتمعات الدولية (كالأمم المتحدة وخلافه) فى حقيقتها تؤازر الدول العظمى لا الضعيفة، وتعطى حقا لمن لايستحق وتسوف فى حق من يستحق أو تعجز عن تمكين ضعيف فى الحصول على حق له مستحق، وعلى سبيل المثال ادعت أمريكا كذبا امتلاك العراق اسلحة دمار شامل لضربه للسيطرة على منابع البترول فى الخليج وإضعاف العرب (وهو هدف تخطط له منذ حرب السويس 1956.. راجع كتاب “هكذا يضيع الشرق الأوسط” للكاتب ألفريد ليلينتال 1957) فآزرتها الأمم المتحدة، وضربت العراق، وصارت أطلالا تقطنها أشباحا مازالت تتعارك. لا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن منعا الإسرائيلين عن انتهاك حقوق الفلسطينيين وقتلهم، ولا حتى تحقيق مانصت عليه اتفاقيات أوسلو وخلافه من تمكينهم من إقامة “قرية فلسطينية مستقلة” وليست دولة عرجاء. الاحتكام فى حالات الضعف مضيعة للوقت وخسارة لحقوق الشعب. العلاقات الدولية تعرف الندية والمصالح، والتشدد لا التفريط، والقوة لا العواطف. وهناك فرق بين الحل السياسى والتسول السياسى، فى الأول قوة تدعمه وتحسمه إن طالت المماطلة وفى الثانى ضعف يضيعه وانتظار ما لايتحقق.
نحن مع الشعب الإثيوبى فى حقه فى بناء سد على أراضه لخدمة أهدافه الوطنية. نحن نريد الحصول على حقوقنا التاريخية من المياه بالرغم من أنها غير كافية حاليا. نحن نريد إثيوبيا أن تنهض وتصير أفضل لكن ليس على حساب هلاك الشعب المصرى. والمطلوب باختصار عملية تنظيم لملأ الخزان فى عدد سنوات لاتؤثر على حصة مصر. ومن صبر قرونا يمكن أن ينظم نفسه ويستعيد قوته فى سنوات لاتتعدى سبع مقابل ألا تهلك دولة نظير عناد سلطة حكم إثيوبيا، وتلك الفترة يمكن تعويضها بما يتراءى لها، فالمطلوب ليس عدم بناء السد ولكن تنظيم ملأ السد حتى لايضار الشعب المصرى. هل إثيوبيا أقوى من مصر لتماطل؟ هى ضعيفة وقوية، ضعيفة فى الإمكانيات وقوية فى الإرادة.. والإرادة سلاح مهم. وإثيوبيا وراءها قوة تدعمها أهمها إسرائيل وعشاق إسرائيل كثر، ولإسرائيل مصالح. بالرغم من علاقة نظام السيسى القوية بإسرائيل. هذه هى قوة إثيوبيا وأوراق ضغطها.
مصر لديها قوى تتفوق على إثيوبيا، لكن ليس لديها فائض قوى يسمح لها باللعب على قاعدة تبادل المصالح بالترهيب والترغيب، بعد أن ألقى بها فى حضن أمريكا، ونسعى لحلها الذى لن يجيئ، وإن جاء سيكون منة الرى الذى لايروى ظمأ ولاينبت زرعا ليشبع شعب، سيسمح لنا بأن نغترف منه نظير حراستنا له وهو يمر فى أرضنا إلى العدو الإسرائيلى عبر سيناء. هذه هى النتيجة النهائية لمباراة اليأس على قاعدة الموت. فاليأس نتيجة المماطلة وطول الانتظار، والرضا بجرعة تبل الريق ولاتنبت زرعا بديلا عن الموت. ساعتها نطلق الرصاص فرحا ونملأ الإذاعات بأغانى الإنتصارعلى الموت.. بجرعة ماء.
هل الاستسلام هو الحل؟ من يرتضى ذلك لايستحق شرف المواطنة، فالحل ليس فى شن حرب عسكرية على اثيوبيا، وإن كان فيه حق الدفاع عن النفس فى حالة من يتربص بك ليقنلك عمدا مع سبق الإصرار والترصد، فعلتها دول كثيرة بحق وبغير حق. نعم.. لدينا جيش قوى فالظروف الحالية تعوق المطلوب من حيث الانقسام والإرهاب والفساد والاعتماد على الآخر.
أثيوبيا تعرف أن لنا حقوقا تاريخية فى نهر النيل باتفاقيات موثقة، حتى ولو بغير اتفاقيات فالعرف يؤكد حقنا فيه من خلال مجرى النهر فى بلادنا،وأنه شريان الحياة لنا. ما تصنعه أثيوبيا هو قتل عمدى مع سبق الإصرار والترصد. وماذا يفعل من يرى غريمه يقتله؟ هل يستسلم أم يدافع عن نفسه؟ والدفاع عن النفس مشروع للأفراد والدول، عرفناه فى بداية تشكيل العالم الحالى من خلال حربين عالميتين وحروب أخرى.. مثال حرب بريطانيا لاسترداد جزر فوكلاند وهى جزر أرجنتينية(حتى لايقال أنها ضاعت من التاج البريطانى خلال حكم المرأة الحديدية مارجريت تاتشر.. حرب تخوضها امراة ليست دفاعا عن حق بل حتى لاتتهم بالتفريط فى الجزر أثناء حكمها، هذا ماقالته ضد منتقديها)
البحث عن بدائل لحل الأزمة واجب وإن استغرق وقتا أطول، والبديل لايعنى التخلى عن حقوقنا التاريخية فى النهر. ومعلوم أن روافد نهر النيل هما النيل الأبيض والنيل الأزرق وروافد نيلية أخرى ومستنقعات فى السودان وأكثرها فى جنوبه، وعلى الدولة باستدعاء المتخصصين فى علوم الرى والزراعة والجغرافيا الطبيعية والهيدروجيولوجيا والجيولوجيا التصويرية (صور الأقمار الصناعية) والجيولوجيا التركيبية والهندسة المدنية وكل ماله علاقة بتأهيل أفرع الأنهار وتجفيف المستنقعات وشق مسارات قصيرة لأنهار جديدة وتوسيع مساحة وتعميق النيل الأبيض ليحمل كميات كبيرة من المياه، تعوض المنقوص من نهر النيل. يتم هذا من خلال اتفاقيات دولية لصالح كل الأطراف. حصتنا الحالية من اثيوبيا لاتفريط فيها كما أنها غير كافية أيضا، والبحث عن زيادة موارد المياه أمر ضرورى.
وعلى أثيوبيا ألا تماطل فى عملية تنظيم ملأ خزان سد النهضة على سبع سنوات، وإن بدأت فى حجز المياه لتخزينها خلف السد من الآن، فهذا يعنى الموت لمصر، ومادام الموت هو الوضع الطبيعى فلنمت مدافعين عن حقنا وإن كنا غير مستعدين.. هذا ليس انتحاراً إنه الدفاع عن النفس فى لحظة الغدر. وإعاقة ملأ السد دفعة واحدة بالرضا أو بالقوة هو فعل سياسى. السياسة التى لاتدافع عن حياة شعبها لالزوم لها. إن التصدى للإرهاب دفاعا عن الشعب يستلزمه التصدى لنظام إثيوبيا المتعنت. ما يمارسه نظام إثيوبيا أشد خطرا من البلطجة والإرهاب الذى نواجهه، ويجب مواجهته.
#المقاومة_هى_الحل
د.يحيى القزاز
17 يونيه 2020

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات هاتفية باحتلال العراق للكويت

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *